صلاة الجماعة الممتدة، رسالة سلام وإيمان |
مسيرة الأربعين، هي مسيرة اندمجت فيها عناصر كثيرة، رسمت منها لوحة رائعة ينعدم نظيرها، فمن كرم الخدم وتواضعهم، إلى صبر الزائرين وعزمهم، ومن الاكتفاء المادي الذاتي، إلى العروج إلى الكمال بخطوات يملؤها الوفاء ويحدوها الولاء.
إنّ من مظاهر هذه المسيرة الملفتة للنظر، هي أن السائرين فيها يذوبون تحت حب رجل واحد، جمعهم من مختلف جنسياتهم وانتماءاتهم وأعمارهم ومراكزهم الاجتماعية،
ومن أهم مفردات التبليغ الحوزوي في هذه الزيارة هي إقامة الصلاة جماعة يومياً في أماكن تواجد المبلغين الأكارم ، ليقفوا صفاً واحداً يتوجهون لرب العزة والجلال،
حتى إذا كان يوم السابع عشر من صفر الخير، تآلفوا في صلاة جماعة ممتدة هي الأعظم من حيث العدد والكيف، وعلى طول خط الزيارة، وللعام الخامس على التوالي، تُقام صلاة الجماعة بوقت واحد، حيث يصطف عشرات الآلاف من المصلين خلف أئمة جماعة يزيد عددهم على ٧٥٠ إماماً (لهذا العام)، وعلى مسافة تمتد إلى حوالي الأربعين كيلو متراً على طريق (يا حسين) بين النجف وكربلاء، ليُجسدوا موقف الإمام الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء، يوم لم يأبه بالسيوف والرماح، ليتوجه بكيانه إلى رب العالمين.
ابتدأت الصلاة الموحّدة هذا العام من عمود ٩٦ حيث موكب العتبة العلوية المقدسة واستمرت إلى مسافة طويلة الى عمود ٩٥٠
بالإضافة إلى إقامة صلاة الجماعة للنساء من عمود ٢٠٨ موكب العتبتين المقدستين حيث يؤم الجماعة رجالا ونساءً سماحة السيد أحمد الأشكوري المشرف العام على التبليغ الحوزوي وتستمر الى عمود ٢٢٨.
وقد أخذت العديد من الجهات الإعلامية تغطية هذا الحدث العالمي، لينقلوا الصورة واضحة شفافة إلى العالم، ليرى الناس أجمع أننا موحدون، وأننا لا نركع إلا لرب العالمين.
وأنّ طريق الحسين (عليه السلام) هو طريق التوحيد الخالص.
وأنّ الشيعة لا يحيدون عن الحق قيد أنملة.
وأن الزائرين مهما اشتد بهم التعب، ومهما كانوا يسارعون في الوصول إلى مقصدهم في كربلاء، إلا أنّ ذلك لا يمنعهم من إقامة ما فرضه الله تعالى عليهم، وبأعلى مستويات الإطاعة والتسليم.
هذه الصلاة تمثل رسالة للعالم أجمع، بأن شيعة أهل البيت (عليهم السلام) كانوا وما زالوا يحملون رسالة السلام إلى الجميع، وأنهم قد وضعوا نصب أعينهم قول إمامهم: الناس إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق.