الالفاظ الاعجمية في القران الكريم

ان القول بوجود الفاظ اعجمية، اي غير عربية، في القرآن من جهة، والتصريح بان القران «عربي » و «عربي مبين » في عدد من الآيات من جهة اخرى اديا الى ظهور شبهات على القرآن . فابتداءاً من الايام الاولى لنزول القرآن و ظهور المعاندين حتى ظهور المستشرقين بالامس واليوم، كان القول بوجود هذه الالفاظ حجة يتذرعون بها لالقاء هذه الشبهات . فمرة يقولون ان هناك تناقضا صريحا في القرآن، و مرة اخرى يستندون على وجود هذه الالفاظ للزعم بتحريف القرآن، و بانزاله الى مستوى الاناجيل التي كتبها اناس ملهمون ، و ذلك لكي يمهدوا الطريق لطرح شبهات اخرى، بل سعوا احيانا الى جرح اعجاز القرآن . 

اللغة الحية كالمخلوق الحي يأخذ ويعطي . ولما اتصل العرب بالحضارات الأخرى قبل الاسلام اخذوا عنها كلمات كثيرة تتعلق بالأدوات والأطعمة والألبسة والمعادن والصناعة والحرب وغيرها, وبكلمة مختصرة تتعلق بالحضارة وادواتها ووسائلها فقد كانت هذه الأشياء جديدة بالنسبة لحياة العرب البدوية ,فلما احتكوا بتلك الحضارات اضطروا أن يخذوا منها .ونقصد من الألفاظ الأعجمية هي غير اللغة العربية الاصيلة او اللغة التي يتعملها العرب وهي مستعارة .

ومن خلال ما تقدم اود ان اذكر ملاحظة مهمة ان نزول الوحي كان في مكة المكرمة وان مكة كانت محطة للمسافرين والتجار من جميع الدول فقد كانو التجار والرحالة هي محطة رحالهم وفي هذة الحالة كان تبادل اللغات مطلوب للتفهم بين الافراد وفي هذه الحالة اشتركت بعض المصطلحات وفي الحقيقة لو انك ذهبت الى الهند لرئيت عجائب اللغات والديانات والمصطلحات اللغويه المتشابهة والسبب في الهند ان الهند تعتبر من الدول المتبادلة في التجارة والاعشاب والطب وكثير من هذه الاشياء فكذلك يكون الامتزاج وتصبح لغة الغير لغة المتكلم .

فيأتي سائل ويقول : ان الله تعالى قال في كتابه :  (( إنا أنزلناه قرآنا عربيا )) فكيف يكون عربياً وهو يحوي على كلمات اعجمية ؟

الجواب : لا توجد أي كلمة اجنبية في القرآن الكريم، كما يشهد بذلك القرآن نفسه، ولكن توجد فيه بعض الأسماء او الكلمات العربية ذات النظائر أو الأصول الأجنبية، ولكن الله تعالى قد عربها فأصبحت عربية، منها على سبيل المثال: مشكاة فلها أصل أو نظير في الهندية، واستبرق وسجيل ولهما أصل أو نظير في الفارسية، وقسطاس ولها أصل أو نظير في الرومية وغيرها. واعلم أن بعض العلماء والمتكلمين قد اختلفوا فيما يتعلق بهذه الكلمات بين ناف لأعجميتها وبين مثبت، ولكن لا ثمرة من هذا البحث؛ لأننا لو سلمنا بأعجمية تلك الكلمات فذكرها في القرآن الكريم دليل على صيرورتها عربية، فقوله تعالى (( إنا أنزلناه قرآنا عربيا )) ينبغي أن يكون قاطعا لأي نزاع في هذا الصدد.
تعليقات