معنى ( انا جنب الله )

السؤال :
ما معنى وصف بعض المعصومين عليهم السلام بأنه جنب الله وما معنى كونه يد الله ووجهه؟

الجواب :
مقدمة : أولاً : لا ريب في أن الله تعالى ليس جسماً ليكون له وجه ويدٌ وعين وجنب ونحو ذلك، فالمراد من هذه التعابير والتي جاء بعضها في القرآن الكريم {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْديهِم‏} {فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّه} هي المعاني الكنائية. ثانياً : يظهر من الروايات ان اطلاق هذه التعابير ليس مقتصرا على امير المؤمنين (عليه السلام) فقط، بل الائمة (عليه السلام) كلهم كذلك . فعن علي السائي قال : سئلت ابا الحسن الرضا (عليه السلام) عن قول الله عز وجل : (ان تقول نفس ياحسرتا على ما فرطت في جنب الله، وان كنت لمن الخاسرين، قال : جنب الله هو امير المؤمنين، وكذلك من كان من بعده من الاوصياء بالمكان المرفوع الى ان ينتهي الامر الى آخرهم، والله اعلم بما هو كائن بعده . وعن خيثمة عن ابي جعفر(عليه السلام) قال : سمعته يقول : نحن جنب الله، ونحن صفوته ونحن خيرته ونحن مستودع مواريث الانبياء ونحن امناء الله ونحن حجة الله ونحن اركان الايمان ونحن دعائم الاسلام ونحن من رحمة الله على خلقه ونحن الذين بنا يفتح الله وبنا يختم . وبعد اتضاح هذه المقدمة نقول : المراد من كونه (عليه السلام) (جنب الله ) ذكر الأعلام جملة من المعاني في تفسيرها : منها : لذكر الله عز وجل له (عليه السلام ) مع نفسه في كثير من الآيات منها قوله تعالى : ( أَطِيعُوا الله وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الأَمْرِمِنْكُمْ ) ( ) وفي قوله : « إِنَّما وَلِيُّكُمُ الله » ( ) - وفي قوله : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) ( ) إلى غير ذلك . منها : كناية عن قرب منزلته (عليه السلام) لله تعالى ، وهذا ما يظهر من الفراء حيث ذهب إلى أنّ معنى جنب الله قربه وجواره ، ولأنهم اقرب الناس الى الله تعالى ، أو هو كناية عن أن قرب الله تعالى لا يحصل إلا بالتقرب بهم، كما أن من أراد أن يقرب من الملك يجلس بجنبه، و قد ورد هذا المعنى عن الباقر عليه السلام. قال الكفعمي: قوله: جنب الله، قال الباقر عليه السلام: معناه أنه ليس شي ء أقرب إلى الله تعالى من رسوله، و لا أقرب إلى رسوله من وصيه، فهو في القرب كالجنب، و قد بين الله تعالى ذلك في كتابه في قوله:" أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ" يعني في ولاية أوليائه. منها : أنّ المراد من جنب الله تعالى طاعته كما عن الصدوق، فهم جنب الله لأنّ طاعتهم طاعة الله تعالى ، قال الصدوق : الجنب : الطاعة في لغة العرب ، يقال : هذا صغير في جنب الله أي في طاعة الله عز وجل ، فمعنى قول أمير المؤمنين عليه السلام : أنا جنب الله أي أنا الذي ولايتي طاعة الله . منها : أنّ المراد من جنب الله أمره كما عن ابن عرفه ، فهم جنب الله لأنّ أمرهم أمر الله تعالى ، ولان امر الله تعالى يصل الينا من جهتهم . منها : أنّ المراد من الجنب ، الجانب والناحية ، فهم عليهم السلام الناحية التي أمر الله الخلق بالتوجه إليها ، ذكره العلامة المجلسي في مرآة العقول . منها : أنّ الجنب يستعمل بمعنى الأمير ، فهم أمراء الله على خلقه . منها : قال السيد الرضي (وقال بعضهم : معنى " في جنب الله " أي في سبيل الله أو في الجانب الأقرب إلى مرضاته بالأوصل إلى طاعاته ، ولما كان الامر كله يتشعب إلى طريقين : إحداهما هدى ورشاد ، والأخرى غي وضلال ، وكل واحد منهما مجانب لصاحبه ، أي هو في جانب والاخر في جانب ، وكان الجنب والجانب بمعنى واحد حسنت العبارة ههنا عن سبيل الله بجنب الله على النحو الذي ذكرناه ) . وأما المراد من ( يد الله ) فاليد تستعمل كنائياً بمعنيين بمعنى القدرة والسلطة ، وبمعنى النعمة ، وكلا المعنيين يصدق عليهم صلوات الله عليهم فهم مظهر قدرة الله في خلقه ، وهم النعمة التي جعلها الله بين خلقه ، قال العلامة المجلسي في مرآة العقول (و إطلاق اليد على النعمة و الرحمة و القدرة شائع، فهم نعم الله التامة و رحمته المبسوطة و مظاهر قدرته الكاملة ) . وأما المراد من ( وجه الله ) ، الوجه ما يقابله الإنسان حيثما يتوجه الى شيء، ففي مجمع البحرين : قوله {فثم وجه الله} أي جهته التي أمر الله بها. وقال الصدوق رحمه الله : وجه الله انبياؤه وحججه. وتصديق ذلك ما روي عن ابي الصلت عن الرضا عليه السلام قال : قلت : يا بن رسول الله، ما معنى الخبر الذي رووه ان ثواب لا اله الا الله ثواب النظر الى وجه الله ؟ فقال عليه السلام : من وصف الله بوجه كالوجوه فقد كفر، ولكن وجه الله انبياء الله ورسله وحججه عليهم السلام الذين بهم يتوجه الى الله تعالى والى دينه، والنظر الى انبياء الله ورسله وحججه في درجاتهم ثواب عظيم للمؤمنين يوم القيامة. ودمتم بخير
تعليقات