السؤال :
من اسس التقليد ؟ ومتى ظهر و بدأ ؟ وكيف نشأ ؟
الجواب :
بدا التقليد الشرعي في عهد رسول اللّه (
صلى الله عليه و آله ) ، وبتخطيط منه ( صلى الله عليه و آله ) ثم بتطبيقه
من قبل المسلمين بمرأى ومسمع منه ( صلى الله عليه و آله ) وتحت إشرافه و
بإرشاده .
وتمثل هذا في الأشخاص الذين كان ينتدبهم ( صلى الله عليه و آله ) للقيام
بمهمة تعليم الأحكام الشرعية في البلدان و الأماكن التي اسلم أهلها في عصره
.
ومن هذا بَعْثِه ( صلى الله عليه و آله ) مصعب بن عمير إلى المدينة المنورة ، و معاذ بن جبل إلى اليمن .
فقد كان المسلمون ، في هذه ألاماكن النائية عن مقر النبي ( صلى الله عليه و
آله ) ، يتعلمون الأحكام من هؤلاء الصحابة المنتدبين لهم و المبعوثين
إليهم ، ويعملون وفق ما يتعلمون منهم .
وكانوا ( اعني المسلمين ) عندما يحتاجون إلى معرفة حكم شرعي للعمل به يسالون هؤلاء و يجيبونهم و يعملون وفق ما يفتونهم به .
و هذا هو عين التقليد المقصود هنا .
قال السيد الخوئي :
" التقليد كان موجودا في زمان الرسول ( صلى
الله عليه و آله ) وزمان الأئمة لان معنى التقليد هو اخذ الجاهل بفهم
العالم ، ومن الواضح أن كل احد في ذلك الزمان لم يتمكن من الوصول إلى
الرسول الأكرم أو احد الأئمة و اخذ معالم دينه منه مباشرة " .
كانت هذه هي البداية الأولى لنشوء ظاهرة التقليد الشرعي ، والمظهر الأول
لانبثاق سيرة المتشرعة في هذا المجال من أحضان سيرة العقلاء .
يقول الشيخ الطوسي في كتابه " عدة الأصول " :
" اني وجدت عامة الطائفة ( يعني الإمامية ) من عهد أمير المؤمنين إلى
زماننا هذا ( القرن الخامس الهجري ) يرجعون إلى علمائها و يستفتونهم في
الأحكام و العبادات ، و يفتيهم العلماء فيها ، و يسوغون لهم العمل بما
يفتون به " .
و ما سمعنا أحدا منهم قال لمستفتٍ : لا يجوز لك الاستفتاء ، و لا العمل به ، بل ينبغي أن تنظر كما نظرت ، و تعلم كما علمت ، و لا
أنكر عليه العمل بما يفتونهم .
وقد كان منهم الخلق العظيم عاصروا الأئمة ، و لم يحك عن واحد من الأئمة النكير على هؤلاء ، و لا إيجاب القول بخلافه ، بل كانوا يصوبونهم في ذلك ، فمن خالف في ذلك كان مخالفا لما هو المعلوم خلافه .
الشيخ صالح الكرباسي