الفرق بين الفقهاء ورواة الحديث

الفرق بين الفقهاء ورواة الحديث :

قال صاحب الجواهر: " كما ان المراد بما في التوقيع من رواة حديثنا الاشارة الى الفقيه المزبور لا مطلق الراوي لحديثنا وان لم يكن فقيها ذا بصيرة فيها عارفا عامها وخاصها ومطلقها ومقيدها وناسخها ومنسوخها وغير ذلك مما اشاروا (عليهم السلام) اليه" .
فإن المقصود من رواة الحديث في الرواية هم الفقهاء الذين فهموا الحديث وأدركوا معناه وصاروا حجة في بيان الأحكام واستنباطها من أدلتها المقررة مما يحتاج ذلك إلى إعمال النظر والفكر والدقة ، وليس المقصود هو الاقتصار على ناقل الحديث الذي لم يفهم معناه ومراده ليكون ارجاع الإمام اليه عبثاً لإنه قد يكون كما قال تعالى : [كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا]  ، أي مجرد ناقل للحديث من دون أن يفهم مراده ، أو كما في الرواية عن الرسول (صلى الله عليه وآله) : [رُبَّ حامل فقه ليس بفقيه] ، فيكون ارجاع الإمام (عليه السلام) شيعته إلى رواة الحديث لا يراد منهم الرواة بالمعنى اللغوي أو المعنى المصطلح عليه في علم الحديث حصراً وهم نقلة الحديث الذين ماتوا منذ قرون عديدة بل المراد كما ذكرنا ما يكون حجة في بيان الأحكام الذين يعيشون مع الناس في كل عصر ويواكبون كل جيل ومرحلة ويُدركون ما تحتاجه الأمة من أحكام لموضوعاتها المستحدثة ، ولذا لا يستغني عنهم الناس بأيِّ حال وخصوصاً أنَّ الأحكام الشرعية ليست جميعها من الأحكام القطعية الضرورية التي يعرفها الناس ، كما أنَّ العصور المتأخرة عن عصر الرواة قد شهدت الكثير من المسائل المستحدثة في مختلف المجالات التي لم يُذكر لها نص بعينه لتجدد الموضوعات بل تحتاج إلى فقيه يعمل نظره وفكره في الأدلة من جهة الصدور وجهتها ودلالتها حتى يصل إلى استنباط الحكم الشرعي لها ، وعليه فوجود الفقهاء ورجوع الأمة إليهم في معرفة أحكامهم من القضايا الضرورية الثابتة بالأدلة العقلية والنقلية ،كما أنَّ الفقهاء يصدق عليهم رواة لكونهم ممن يقعوا في سلسلة أسانيد الرواة اتصالاً بأسانيد الكتب الروائية الأربعة وغيرها إلى المعصومين (عليهم السلام) بعد أن أجيز كل واحد منهم بالرواية عن شيخه إلى آخر الأسانيد ، وبذلك لا تؤثر أراجيف المرجفين وأباطيل المُضلِّين عن حرف مسار الأمة عن طريقها الشرعي ومسلكها العقلي . وللتفصيل في هذا المقام يُمكنك مراجعة كتاب حاكمية الفقيه وحدود ولايته على الأمة ص68 لسماحة السيد أبو الحسن حميد المقدّس الغريفي .  
 
السيد محمدباقر المقدس الغريفي
الحوزة العلمية في النجف الأشرف
 
تعليقات