طبقاً لفتاوى السيد السيستاني "دام ظله"
بقلم: أم علي مشكور
1
ـ الحيض : دم تعتاده النساء كلّ شهر في
الغالب ، ويعتبر فيه الاستمرار ـ ولو في فضاء الفرج ـ في الثلاثة الاُولى ، وكذا
فيما يتوسطها من الليالي ، فلو لم يستمر الدم لم تجر عليه أحكام الحيض ، نعم فترات
الانقطاع اليسيرة المتعارفة ـ ولو في بعض النساء ـ لا تخلّ بالاستمرار المعتبر فيه
، كما يعتبر التوالي في الأيام الثلاثة المذكورة وأن يكون بعد البلوغ (أي بعد بلوغ تسع سنين قمريّة كاملة)
وقبل سنّ الستّين.
ويجتمع الحيض مع الحمل قبل ظهوره وبعد
ظهوره ، نعم الأحوط وجوباً أن تجمع الحامل ذات العادة الوقتية بين تروك الحائض
وأفعال المستحاضة في صورة واحدة ، وهي ما إذا رأت الدم بعد مضيّ عشرين يوماً من
أوّل عادتها وكان الدم بصفات الحيض ، وفي غير هذه الصورة حكم الحامل وغير الحامل
على حدّ سواء.
2
ـ إذا كانت المرأة ممّن لها عادة وقتية
فتتحيّض بمجرّد رؤية الدم في أيام عادتها وإن لم يكن بصفات الحيض ، وكذا إذا رأت
الدم قبل العادة بيوم أو يومين أو أزيد ما دام يصدق عليه تعجيل الوقت والعادة بحسب
عرف النساء.
وأمّا إذا رأت الدم قبل العادة بزمان
أكثر ممّا تقدّم أو رأته بعدها ولو قليلاً فترجع إلى الصفات ، فإن كان واجداً
للصفات ـ من الحمرة والحرارة ـ تحيّضت به ، وأمّا مع عدم الصفات فلا تتحيّض إلاّ
من حين العلم باستمراره ثلاثة أيام وإن كان ذلك قبل إكمال الثلاثة. ولو كانت تحتمل
بقاءه ثلاثة أيام فالأحوط وجوباً لها الجمع بين تروك الحائض
وأفعال المستحاضة ، كترك مسّ لفظ الجلالة والآيات ودخول المساجد والمشاهد المشرّفة
للمعصومين :
وغير ذلك ، وتأتي بالصلاة طبق وضعها من الاستحاضة.
ثمّ إنّه إن زاد الدم على الثلاثة ولم
يتجاوز عن العشرة جعلت الزائد حيضاً أيضاً وإن كان أزيد من عادتها ، وأمّا إذا
تجاوز العشرة فعليها أن ترجع في العدد إلى عادتها ، وأمّا في الوقت فإن كان لها
تمييز (إذا استطاعت المرأة أنّ تشخّص أن هذا الدّم دم حيض أو دم استحاضه من خلال الصفات فإنّها تسمّى ذات تمييز) بالصفات يوافق عدد
العادة رجعت إليه ، وإن كان مخالفاً له رجعت إليه أيضاً ، لكن تزيد عليه مع نقصانه
عن عدد العادة حتى تبلغ العدد وتنقص عنه مع زيادته على عدد العادة حتى تبلغه ،
فالنتيجة إنّ الصفات تحدّد الوقت فقط دون العدد ، ومع عدم التمييز بالصفات تجعل
العدد في أوّل أيام الدم.
3
ـ إذا انقطع دم الحيض قبل انقضاء أيام
العادة وجب عليها الغسل والصلاة حتى إذا ظنّت عود الدم بعد ذلك ، فإذا عاد قبل
انقضائها أو عاد بعده ثمّ انقطع في اليوم العاشر أو دونه من أوّل زمان رؤية الدم
فهو حيض ، وإذا تجاوز العشرة فما رأته في أيام العادة ـ ولو بعد النقاء المذكور ـ حيض
والباقي استحاضة ، وأمّا النقاء المتخلّل بين الدمين (كما إذا رأت الدم وانقطع ثمّ رأته مرّة اُخرى فتسمّى المدّة الفاصلة بين الدمين بالنقاء المتخلّل بينهما)
من حيض واحد فالأحوط وجوباً فيه الجمع بين أحكام الطاهرة والحائض.
4
ـ من كانت عادتها دون العشرة وتجاوز الدم
أيامها ، فإن علمت بانقطاع الدم قبل تجاوز العشرة
حُكم بكونه حيضاً ، وإن علمت بالتجاوز عنها وجب عليها بعد مضيّ أيام العادة أن
تغتسل وتعمل عمل المستحاضة ، وإن لم تعلم شيئاً من الأمرين بأن احتملت الانقطاع في
اليوم العاشر أو قبله فالأحوط الأولى (الاحتياط هنا استحبابي يجوز تركه)
أتستظهر بيوم ثمّ تغتسل من الحيض وتعمل عمل المستحاضة ، ولها أن تستظهر أزيد منه
إلى تمام العشرة من أوّل رؤية الدم. ( والاستظهار : هو الاحتياط بترك العبادة ).
وجواز الاستظهار إنّما ثبت في الحائض
التي تمادى (تمادى أي استمر)
بها الدم كما هو محلّ الكلام ، ولم يثبت في المستحاضة التي اشتبه عليها أيام حيضها
، فإنّ عليها أن تعمل عمل المستحاضة بعد انقضاء أيام العادة.
5
ـ إذا شكّت المرأة في انقطاع دم الحيض
وجب عليها الفحص ، ولم يجز لها ترك العبادة بدونه ، وكيفيّة الفحص أن تُدخل قطنة
وتتركها في موضع الدم ، وتصبر أزيد من الفترة اليسيرة التي يتعارف انقطاع الدم
فيها مع بقاء الحيض ثمّ تخرجها ، فإن كانت نقية فقد انقطع حيضها فيجب عليها
الاغتسال والإتيان بالعبادة ، وإلاّ فلا. وإذا اغتسلت من دون فحص حُكم ببطلان
غسلها ، إلاّ إذا انكشف أنّ الغسل كان بعد النقاء وقد اغتسلت برجاء أن تكون نقية.
6
ـ إذا رأت الدم قبل أيام العادة واستمر
إليها (أي واستمر إلى أن أتى وقت عادتها) وزاد المجموع على
العشرة ، فإن كان في أيام العادة فهو حيض وإن كان بصفات الاستحاضة ، وما كان قبلها
استحاضة وإن كان بصفات الحيض ، وإذا رأته أيام العادة وما بعدها وتجاوز المجموع العشرة كان ما بعد
العادة (أي ما بعد أيام العادة)
استحاضة حتى فيما كان منه في العشرة بصفات الحيض ولم يتجاوزها بهذه الصفة.
7
ـ ما تراه المبتدئة (المبتدئة : هي التي ترى الدم لأوّل مرّة)
أو المضطربة (المضطربة : هي التي لم تستقر لها عادة لا من ناحية الوقت ولا العدد)
من الدم إذا تجاوز العشرة ، فإمّا أن يكون واجداً للتمييز بأن يكون الدم المستمر
بعضه بصفة الحيض وبعضه بصفة الاستحاضة ، وإمّا أن يكون فاقداً له بأن يكون ذا لون
واحد وإن اختلفت مراتبه كما إذا كان الكلّ بصفة دم الحيض وإن كان بعضه أسود وبعضه
أحمر ، أو كان الجميع بصفة دم الاستحاضة ـ أي أصفر ـ وإن كان مع اختلاف درجات
الصفرة :
ففي القسم الأول تجعل الدم الفاقد لصفة
الحيض استحاضة ، كما تجعل الدم الواجد لها حيضاً مطلقاً عشرة أيام إذا لم يلزم من
ذلك محذور عدم فصل أقلّ الطهر ـ أي عشرة أيام ـ بين حيضتين مستقلّتين ، وإلاّ
فعليها جعل الثاني استحاضة أيضاً ، هذا إذا لم يكن الواجد أقلّ من ثلاثة أيام ولا
أكثر من العشرة ، وأمّا مع كونه أقلّ أو أكثر فلا بدّ في تعيين عدد أيام الحيض من
الرجوع إلى أحد الطريقين الآتيين في القسم الثاني بتكميل العدد إذا كان أقلّ من
ثلاثة ، بضمّ بعض أيام الدم الفاقد لصفة الحيض وتنقيصه إذا كان أكثر من العشرة
بحذف بعض أيام الدم الواجد لصفة الحيض ولا يحكم بحيضيّة الزائد على العدد.
وأمّا في القسم
الثاني فالمبتدئة تقتدي ببعض نسائها (أي النساء من أقربائها كالأُمّ والاُخت والخالة والعمّة ، وهكذا)
في العدد ، ويعتبر في من تقتدي بها أمران :
الأوّل : عدم العلم بمخالفتها معها في
مقدار الحيض ، فلا تقتدي المبتدئة بمن كانت قريبة من سنّ اليأس مثلاً.
الثاني : عدم العلم بمخالفة عادة من
تريد الاقتداء بها مع عادة من يماثلها من سائر نسائها (أي يجب أن لا تعلم بمخالفة عادة من تريد الاقتداء بها من قريباتها).
وإذا لم يمكن الاقتداء ببعض نسائها
فالظاهر أنّها مخيّرة في كلّ شهر في التحيّض فيما بين الثلاثة إلى العشرة.
ولكن ليس لها أن تختار عدداً تطمئن
بأنّه لا يناسبها ، والأحوط استحباباً اختيار السبع إذا لم يكن غير مناسب لها.
وأمّا المضطربة فالأحوط وجوباً أن ترجع
أوّلاً إلى بعض نسائها ، فإن لم يمكن رجعت إلى العدد على النحو المتقدّم فيهما ،
هذا كلّه فيما إذا لم تكن المضطربة ذات عادة أصلاً ، وأمّا إذا كانت ذات عادة
ناقصة بأن كان لأيام دمها عدد ( فوق الثلاثة ) لا ينقص عنه ـ كأن لم تكن ترى الدم
أقلّ من خمسة أيام ـ أو كان لها عدد ( دون العشرة ) لا تزيد عليه ـ كأن لم تكن ترى
الدم أكثر من ثمانية أيام ـ ، أو كان لها عدد من كلا الجانبين ( قلّة وكثرة ) كأن
لم تكن ترى الدم أقلّ من خمسة ولا أكثر من ثمانية فليس لها أن تأخذ بأحد الضوابط
الثلاثة في مورد منافاتها مع تلك العادة الناقصة.
8
ـ إذا لم تر الدم في أيام العادة أصلاً ورأت
الدم قبلها ثلاثة أيام أو أكثر وانقطع يحكم بكونه حيضاً ، وكذا إذا رأت بعدها
ثلاثة أيام أو أزيد ، وإذا رأت الدم قبلها وبعدها فكل من الدمين حيض إذا كان النقاء
بينهما لا يقلّ عن عشرة أيام.
9
ـ ذات العادة : هي المرأة التي ترى الدم
مرّتين متماثلتين من حيث الوقت والعدد من غير فصل بينهما بحيضة مخالفة ، كأن ترى
الدم في شهر من أوّله إلى اليوم السابع ، وترى في الشهر الثاني مثل الأوّل.
10
ـ لا تصح من الحائض الصلاة الواجبة
والمستحبة ، ولا قضاء لما يفوتها من الصلوات حال الحيض ، حتى الآيات (أي حتى صلاة الآيات)
والمنذورة في وقت معيّن. ولا يصح منها الصوم أيضاً ، لكن يجب عليها أن تقضي ما
يفوتها من الصوم في شهر رمضان ، والأحوط وجوباً قضاء المنذور في وقت معيّن. ولا
يصح منها أيضاً الاعتكاف ، ولا الطواف الواجب ، وهكذا الطواف المندوب على الأحوط
وجوباً.
ويحرم عليها كلّ ما يحرم على الجنب من
مسّ لفظ الجلالة ، وكذا سائر أسمائه تعالى وصفاته المختصّة به على الأحوط وجوباً ،
ويلحق به مسّ أسماء المعصومين :
على الأحوط الأولى (الاحتياط هنا استحبابي)
، وكذا يحرم عليها مسّ كتابة القرآن ، والدخول في المساجد وإن كان لأخذ شيء منها ،
ويلحق بها المشاهد المشرّفة على الأحوط وجوباً (أي مشاهد المعصومين)
، وكذا يحرم المكث في المساجد ووضع شيء فيها على الأحوط وجوباً وإن كان في حال
الاجتياز أو من الخارج ، وكذا دخول المسجد الحرام ومسجد النبيّ 9 وإن كان على نحو الاجتياز ، ويحرم
أيضاً قراءة إحدى آيات العزائم الأربع (وهي آيات السجدة الواجبة في سورة حم السجدة ، والم السجدة ، والنجم ، والعلق).
11
ـ يحرم وطء الحائض في قبلها أيام الدم ،
ويكره الاستمتاع بما تحت المئزر ممّا بين السرّة والركبة. وإذا نقيت المرأة من
الدم جاز وطؤها وإن لم تغتسل ، والأحوط وجوباً ان
يكون ذلك بعد غسل الفرج.
12
ـ لا يصح طلاق الحائض ، إلاّ إذا استبان
حملها فلا بأس به حينئذ. ولو طلّقت على أنّها حائض فتبيّن أنّها طاهرة صح طلاقها ،
ولو كان العكس بطل.
13
ـ لا يجوز وطء الحائض وغيرها في الدبر
على الأحوط وجوباً إذا لم تكن راضية به ، ويكره كراهة شديدة مع رضاها.
14
ـ غسل الحيض كغسل الجنابة من حيث الترتيب
والارتماس ، والظاهر إغناؤه عن الوضوء وإن كان الأحوط الأفضل الوضوء قبله.
15
ـ لو كانت المرأة حائضاً وكان عليها غسل
جنابة ، واغتسلت للجنابة حينها ، صح غسلها وتصح منها الأغسال المستحبة والوضوء ،
وفي صحة غسل الجمعة منها قبل النقاء إشكال.