قصة قصيرة بعنوان (الرسالة المباركة)

{الرسالة المباركة}
في إحدى ليالي الشتاء الباردة ، حيث ان السماء اعربت عن حبها للإرض فأرسلت حبات المطر ليعانقن الارض اليابسة لتزهر عليها ازهار النرجس والياسمين وتشرق عليها شمس الصباح فيتجدد الامل، ولدت فتاة صغيرة وجميلة جدا...إختار لها والدها اسما يليق بجمالها كان إسمها ملاك فقد كانت حقا كالملاك ناصعة البياض.

لكن بعد ولادة ملاك بسنتين أكتشفت والدتها ان صغيرتها الجميلة تختلف عن سائر قريناتها من الصغيرات حيث إن فاطمة ابنة خال ملاك اصغر منها سنا لكنها تمشي على قدميها دون ان تقع أما ملاك فلم تتمكن من القيام حتى!
كان كل يوم تقضيه ملاك يكبر فيه هم والديها،،ياترى ماهو السبب الذي أدى بتأخر المشي عند صغيرتنا؟!
هذا السؤال الذي لم يفارق ذهن والد ملاك ووالدتها
جاء اليوم الذي لابد فيه ان تشخص حالة ملاك الصغيرة الجميلة ذات العيون المدهامتان والشعر الاشقر
دخل والد ملاك حاملا بيده تلك الصغيرة وحينما اجلسها الطبيب على المكان المخصص لأخذ الاشعة قامت ملاك بالبكاء خوفا من أدوات التشخيص التي كانت تراها لأول مرة..فبادرها الطبيب وأعطاها قطعة حلوى لإسكاتها وتطمينها..
هنا كانت الصدمة عندما قال الطبيب المختص: ان ابنتكم معاقة بشلل الأطراف السفلى "ولاديا"
والدة ملاك لم تستوعب ماقاله الطبيب ولم تتحمل سماع هذا الكلام فخرت مغمى عليها وبعد نصف ساعة افاقت وهي تبكي وحولها زوجها وصغيرتها تمسح دموعها وتبكي لبكاء والدتها
أول كلمة قالتها والدة ملاك عند الافاقة::محمد ارجوك لاتقل لي ان الطبيب كان صادقا فيما قال ارجوك قل لي إنه حلم ليس له واقعية ارجوك...
فما كان جواب محمد سوى قطرات من الدموع اغرقت عيناه ونشيج ملئ صدره..
قامت زوجته ممسكة بثيابه وهي تبكي وتصرخ وتقول: قطعت قلبي ارجوك اجبني..
اجابها: عزيزتي اصبري و ارضي بما قدر الله وقضى وهذا الامر راجع الى حكمة الله ونحن له مسلمون.
وانا لله وإنا إليه راجعون
هدأت مريم من روعها وبدأت تمسح دموعها مرددة الحمد لله على كل حال
ثم قالت بصوت أجش :صبرا جميل والله المستعان.
كان ذلك اليوم من أصعب ايام محمد ومريم..
،،مرت السنين وبدأت والدتها تعتاد على هذا الأمر الذي ابكاها كثيرا وابكى والد الصغيرة التي كبرت فدخلت عامها السابع وكانت ليلة ذكرى ميلادها ليلة سعيدة لكن...تحولت إلى ليلة مؤلمة ومبكية حين دنت ملاك بعربتها لتطفئ شمعتها السابعة وتنطق بأمنيتها التي ابكت الحاضرين فاقتربت من الشمعة ونظرت بعينيها المغرورقتين بالدموع إلى السماء فقالت بصوت ضعيفٍ مليئا بالحسرات :: ياربي أنا صغيرة وأريد ان اركض وألعب مع صديقاتي وليس لي القدرة على ذلك... إلهي قد أخبرتني أمي ان صاحب الزمان عج يأتي كل ليلة عند رأسي فيغطيني ويمسح بيده على رأسي واذا كان الغطاء بعيدا عني ولا استطيع القيام لإحضاره هو يقربه مني لكن ياربي لم أره ولم ارى كيف كان شكله؟! امي تقول انه جميل جدا وله وجه نوراني فيا ربي امنيتي في هذه الليلة ان ارى المهدي عج وأريده ان يكون صديقي وابي كما قالت امي إنه أبٌ لكلِ موالٍ له واريد ان اتحدث إليه عندما تنتقص مني فتيات مدرستي بعوقي وحين يُناديَنّي ياصاحبة العربة..ادهشت الحضور بكلامها العفوي النابع من قلبٍ سليم تربى على حب صاحب الزمان عج والأمل بوجوده ...
بكت والدتها ثم قالت لها: جميلتي اطفئي شمعتك فأن الله لن يهمل طلبكِ وسيستجيب لكِ ولو بعد حين....اطفئت ملاك شمعتها وهي متأملة رؤية أميرها الذي تحلم به كل ليلة..
إهتمت مريم اهتماما كبيرا بتربية ملاك تربية مهدوية وذلك بتكريس فكرة المهدي في ذهن صغيرتها فقد غذتها بحبه وعلمتها التوكل على الله وتفويض الامر إليه والتوسل بأل البيت عند الشدة وشكر الله واهل البيت (عليهم السلام) عند الرخاء..وعندما بلغت ملاك سن التكليف صنعت لها والدتها كعكة كتبت عليها اليوم اصبحت ملاكي أميرة بحجابها ثم زينتها بالورود واشترت الهدايا التي كانت عبارة عن سجادة صلاة ولباسا خاص بالصلاة ودفتر للذكريات وقرآن كان لون غلافه زهري منقوش عليه "ألا بذكر الله تطمئن القلوب"
بعد ذلك تقدمت والدتها تحمل بيدها ظرفا مزينا بالورد الاحمر..وضعته بيد ملاك ثم قالت لها: صغيرتي أفتحيه
قامت ملاك بفتحه وهي تنظر تارة لعينَي والدها وتارة اخرى لعينَي والدتها متسائلة ماهذا يا أمي؟
فتحته فوجدت بداخله رسالة بدأت تقرأ محتواها بتلكئ وتتهجئ الكلمات رويدا رويدا..
فقد كُتِبَ فيها
{ ابنتي ملاك انا ابوك المهدي اقول لك انا سعيد جدا لأنك اصبحت مكلفة وكما إني سعيد لأنك كل ليلة تقرأين دعاء الفرج لتعجيل فرجي فقد كنت اجيبك بالمثل وأدعو لك وكنتِ عندما تندبيني اسمعك وحين تذكريني اذكرك وكنتِ عندما تفعلين امورا خاطئة وتغيضيني بها احيانا ابكي وإذا تكلمتِ على أحد بسوء ايضا اشعر بالحزن..

لكن افرح حين تأتين لي وتخبريني بإنك نادمة وتعتذرين من الله ومني فأنا اسامحك ويزول حزني واليوم اريد ان اعطيك شروط لكي تدوم علاقتك بي واكون معك دوما ولكي تنالين رضا الله ولكي تتحقق امنيتك التي طلبتيها ففي ذلك اليوم وصلتني امنيتك لكنك الآن لست مؤهلة لرؤيتي ما زال الوقت امامك اعملي بما اقول ستكون رؤيتي قريبة منك...:
لاتتركي حجابك واعتني به جيدا بكل قوانينه فعمتي زينب لم تترك حجابها مع ما حصل معها من مصائب والتزمي بصلاتك في وقتها ولا تتركي صوم شهر رمضان وكذلك افعلي مايرضي الله ساعدي امك ومن هم بحاجة إلى المساعدة وكوني ابنة بارة بوالديها فأنا لا ارضى على من يغضب والديه ولا تتكلمي على احد بسوء واجتهدي في دراستك وكوني قدوة للفتيات في مدرستك بأخلاقك الحسنة واسعي لكل مايرضي الله ويصلح به شأنك ويفيد مجتمعك ولاتتركي قراءة القرآن الكريم
ولا تشاهدي بعينك حراما فإنه من يرى الحرام بعينه لن يتمكن من رؤيتي مادامت عينه قد تلوثت بالمعاصي..
وآخر ما اقوله كوني مهدوية بأفعالك تكوني من أنصاري فأجعلي من يراك يقول هذه هي التربية المهدوية..حقا هذه ابنة المهدي بأفعالها الحسنة..
فأنا انتظركِ...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..}

عندما قرأت ملاك الرسالة لم تتوقف عيناها عن البكاء كانت دموع الفرح تملئ عيناها
والداها ينظران لإبنتهم المهدوية الصغيرة.
وهما يحمدان الله على نعمة المهدي الذي أدبها بحبه فأحسن تأديبها ..
قالت ملاك: امي اقتربي مني انت وابي اريد ان احتضنكما إقتربت والدتها وكذلك والدها فقبلتهما على رأسيهما
وقالت: امي اريد ان اعرف من جلب هذه الرسالة؟! ومن هذا الذي حضي برؤيته ؟!
قالت والدتها: لا اعلم لكنني وجدتها هنا على الطاولة لعل المهدي هو من وضعها ..إبتسمت ملاك وقامت بتقبيل الرسالة..
ثم قالت لها والدتها: احتفظي بها عزيزتي.
قالت ملاك :من المؤكد سأحتفظ بها في صندوق رسائلي للإمام عج ..
ثم قالت : امي اريد ان اذهب إلى غرفتي اتمعن في قراءة الرسالة جيدا...
قام والدها بحملها فوضعها على سريرها ثم عاد إلى زوجته مستفهما منها كيف وصلت رسالة المهدي إلى ابنتهما ...فقال: مريم كيف يكون ذلك الإمام يبعث رسالة لإبنتنا ايكون هذا حقا؟!
ضحكت مريم بصوت عالٍ ثم قالت بصوت منخفض : لاتقل لي كيف فهذه الأمور ليست مستحيلة كما ان ابنتنا تربت على حسن الظن بالله وتعلقت بالإمام جدا ومادامت صغيرة وقلبها ابيض وفطرتها سليمة فلابد ان نبنيهما بناءا صحيحا ونملئهما بحب ومعرفة الامام الموعود لكي تكون ابنة بارة بنا وصالحة و مناصرة لقضية الإمام (عليه السلام) أما سؤالك عن تلك الرسالة فقد كتبتها بيدي كتبت فيها ما اريده من ابنتي وكتبت مايجب عليها ولكن عن لسان صاحب الزمان الاب الروحي لها لكي تعتز بها وتحتضن ماكُتب فيها وكما ترى انها قد احتفظت بها كدستور لحياتها ولأنها تحب المهدي وتريد رؤيته كتبت هذه الرسالة لكي يزداد تعلقها به اكثر فعندما تكبر وتعرف من الذي كتب الرسالة ستفرح لأنها تربت على هذا المنهج الصحيح لاتقلق سوف تعلم حينها اننا كنا سببا في تعلقها بإمامها فتدعوا لنا ان كنا احياءا وتترحم لنا ان كنا تحت التراب..
_محمد والدهشة اخذت عقله قائلا : عجبا عجبا ماهذه الفكرة العظيمة بارك الله فيك حبيبتي فعلا انت الزوجة الصالحة والام المربية والمهدوية رزقك الله نصرة صاحب الزمان عج أنا فخورٌ بكما جدا..
الشكر لله..الشكر لله دائما
قالت: عزيزي وانت كذلك كنت عونا لي في امور كثيرة
جعلك الله من انصار الحجة وأعوانه ..
قال: امين يارب العالمين...
مرت السنين وبدأ عود ملاك يشتد ويقوى فقد اصبحت معتمدة على نفسها في أمور كثيرة
وقد اصبح لديها أخ وأخت تؤمان وكبُرا بعطفها وحنان والديهم وتربيتهم الصالحة والمهدوية...

فاصبحت ملاك صبية يافعة وطموحة رغم ماواجهته من صعوبات ومن كلام جارحٍ لكنها تحدت نفسها وتحدت من قلل من شأنها وقالت كلمتها التي اصبحت منهجا تسير على خطاه
::انا استطيع أنا قوية وسأصل لحلمي واحققه بإذن الله ولأجل سيدي ومولاي صاحب الزمان عج وفعلا ماكان من ملاك هو أنها كانت مجدة ومثابرة حتى تخرجت من الثانوية

ولكن عندما دخلت الجامعة حز في داخلها شيئا من الحزن والاسى على حالها حيث إنها وحيدة مختلفة عن صديقاتها لايمكنها الوقوف عند إلتقاط صور التجمعات التي يصورها طلاب الجامعة للتذكار ..

فقد كانت عربتها بمثابة أقدامها تسير بها اينما تشاء لكنها أحيانا تبكي بخفاءٍ وغالبا ما تزجر نفسها وتقول في نفسها
::: لا يا ملاك ماهذا الكلام لاتضجري وابقِي قوية كما علمتك والدتك والتزمي بعهدك مع الإمام عج..
لابأس ان حرمك الله من المشي لكن لن يحرمك من الوصول إلى الحلم الجميل الذي تحلمين به وان كنت بلا اقدام فالاحلام لانذهب إليها بالاقدام بل بالمثابرة والعلم والاجتهاد والتفكير السليم..فقد كانت هذه الكلمات تسكن الألم الذي ينغص على ملاك يومها..
بدأت ملاك بقراءة الكثير من الكتب الدينية والثقافية والأخلاقية لكي تكون امرأة مثقفة وواعية
فكلما كانت ملاك تقرأ كتابا كلما كان يزداد علمها وتفوقت اكثر حتى صارت لها الاستطاعة ان تؤلف كتابا
فبدأت تكتب شيئا فشيئا..
فقد ساعدها الانشغال بهذا الكتاب على تطور ذاتها فتكون سليمة الفكر مع إعاقة الجسد..فليس للجسد معنى من دون روح نقية فجوهر الانسان هو العقل ..
ولامعنى للإنسان اذا كان خاليا من عقلٍ واعٍ ..
فبدأت تتوسع وتنشأ المساعدات
والبحوث العلمية والتنمية البشرية....
وهذا ما داومت عليه ملاك حتى جاء ذلك اليوم الذي كانت تحلم به فقد نجحت ملاك بكل المواد في الجامعة وحصلت على شهادة تقديرية لتأليفها كتابا عن تطوير الذات وتقوية الإرادة من أجل تحقيق الاحلام وان كان لدى الإنسان عوقا جسديا فهذا لايعيقه عن الوصول
إلى الحلم الذي يتمنى تحقيقه فكل معوق يترائى له أنه غير مفيد للمجتمع وانه كل ماعليه هو الجلوس على كرسي المعاقين دون نفع فهو خاطئ وبائس وقد استوطنه اليأس والخمول.
فقد كان كتابها محفزاً ومليئا بالطاقة الإيجابية ومعززا بالآيات والأحاديث الشريفة فقد لاقى استحسان القراء وساعدت في تغيير نظرة المعاقين لحالهم فقد بينت بأفعالها قبل لسانها وقلمها
ان المعاقين حقا هم من عقولهم معاقة عن العلم والمعرفة...وليس هؤلاء الجالسين على كرسي المعاقين ولهم عقول يقف متحيرا عندها كل ذو عقل..
أكملت بقية المراحل في الجامعة وحصلت على شهادة البكالوريوس وتخرجت لكنها تركت بصمة أمل في نفوس الطلبة الذين كانوا يعانون من تشوه او عوق وحتى من كان سليم الجسد ومعاق العقل أعطت بأفعالها وتصرفاتها المحترمة والمثقفة دروسا وافهمتهم معنى الاعاقة الحقيقي.. ففي اخر يوم من أيام الجامعة عادت ملاك متعبة لأنها بذلت مجهودا كبيرا من أجل ترويض ابطال اخرين يساعدون بعضهم البعض.. فانزلها اخاها الاصغر من السيارة وادخلها إلى المنزل فأستقبلها أهلها بالتصفيق ووالدتها تذرف الدموع وبيدها كيسا من الحلوى قد فرقته في احضان ملاك والورود تتناثر على رأسها فرحا وتهللا بتخرجها من الجامعة بتفوق... فبعد التبريكات والتهاني
قامت ملاك بدفع عربتها نحو غرفتها ثم تقدمت حتى وصلت إلى خزانتها ففتحت الباب واخرجت صندوقا متوسط الحجم قبلته وشمته
ثم قالت: يا صديقي وحبيبي ونور عيني ومعيني في كل حياتي جئتك اليوم لأخبرك ماحصل معي كعادتي فمنذ طفولتي وانا اخبرك بلحظات فرحي وحزني وانا جئتك الان لأخبرك إنني اصبحت بصمة امل عند الكثير وايضا تخرجت من الجامعة .
ثم فتحت أول رسالة احتضنها هذا الصندوق المبارك بإسم المنتظر عج فقرأتها واغرورقت عيناها بالدموع لاتعلم أهو دمع فرح أم هو دمع حزنا؟! لأنها إلى الان لم ترى ذلك النور العظيم الذي كان عونا لها في كل حياتها...ثم فتحت كُتيبا صغيرا قد وضعته مسبقا في صندوق رسائلها للإمام فكتبت فيه ما يجول في خاطرها وماحصل معها ثم ختمت ماكتبته بدعاء للإمام عج وارجعت الصندوق إلى مكانه.. ثم شعرت كإن فراشات النعاس قد حطت على عينيها المدهامتين فدنت من سريرها وسهدت عيناها واذا بها في عالم الرؤيا واقفة على تل لم يكن عاليا تتلفت وكأنها تبحث عن ضالتها فرأت نورا من مكان بعيد مليئ بالأشجار والآزهار مختلفة الألوان والعصافير تزقزق بصوت عجيب ومنظم كان ذلك المكان كأنه لوحة فنية قد خطت بألوانٍ جذابة..
نظرت إلى مصدر ذلك النور فرأت شخصا واقفا فاتحا ذراعيه قد شغفها شوقها للذهاب إليه لكن اوقفها تفكيرها بأنها مشلولة لاتستطيع الركض نحوه بينما هي كذلك واذا بها ترى بإنها واقفة على قدميها دون ان تشعر فقد خطف انتباهها ذلك النوراني..فركضت مسرعة نحوه وهي تصرخ إنه هو اقسم إنه هو المهدي انا قادمة سيدي انتظرني لاتذهب اريد ان أراك ياحبيب قلبي..وصلت وهي تتنفس الصعداء إنحنت برأسها مسلمة عليه السلام التام ثم قالت له: شكرا سيدي شكرا لأنك لم تتركني شكرا لأنك كنت نعم الصديق والمعين...فكان جواب الامام إبتسامة ليس له مثيل تبعث الأمل في النفس وترد الروح في الجسد..ثم قال عليه السلام:{إنّا إنّا يُحيطُ عِلمُنا بأنبائِكُم، ولا يعزُبُ عنّا شيئٌ من أخبارِكُم.}
} ثم قال:{إنّا غير مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين لذكركم، ولو لا ذلك لنزل بكم اللأواء واصطلمكم الأعداء، فاتّقوا الله جلّ جلاله،} فسارعت ملاك قائلة: ماتأمرنا ياسيدي فأنا أريد ان اكون كما تريد؟
فقال عليه السلام:{فليعمل كلّ امرئ منكم ما يقرب به من محبّتنا وليتجنّب ما يدنيه من كراهيتنا، وسخطنا، فإنّ امرءاً يبغته فجأة حين لا تنفعه توبة، ولا ينجيه من عقابنا ندم على حوبة}
ثم غاب عن عينيها..فأفاقت ملاك وهي مسرورة بأشد السرور لِما رأته من تلك الرؤيا المباركة..فصرخت ملاك امي.. ابي تعاليا... جاءت والدتها تركض وهي تقول:مابك يابنيتي فزعتُ لصراخكِ ؟!
قالت ملاك: رأيته يا أمي والله قد رأيته بأم عيني لكنني لم أرَ وجهه ..
اسرعت والدتها مستفهمة: من هو؟
قالت ملاك: إنه صاحب العصر والزمان عج المهدي. يا أمي قد رأيته لا اصدق نفسي..وفي هذه الأثناء دخل والدها فقال : هل انتِ محقة؟!
هنيئا لك يا جميلتي .
ثم قامت ملاك بسرد الرؤيا وعيناها تهمل الدموع فما كان من والدة ملاك إلا إنها ادهشت بالبكاء..عندما أكملت ملاك سرد الرؤيا دنت من رأس والدتها وقبلتها في جبينها وقالت : شكرا لك يا امي ادبتيني على حب المهدي واحسنتِ تأديبي..
ثم أشارت إلى والدها ان يقترب لتقبله ايضا فشكرته فقال والدها وهو ينظر لزوجته لا اعلم كيف أصف حبي وامتناني لك يا زوجتي الحبيبة انت السبب الاول الذي جعل ملاكنا تنعم بحب المهدي عج منذ تلك الرسالة وإلى يومنا هذا.. إلتفتت ملاك الى إمها مستفهمة عن أمر الرسالة
فقالت: أي رسالة يا أمي ما كان يقصد والدي؟!
اجابتها والدتها ممازحة إياها: إن اخبرتك الان هل ستتركين المهدي ام تبقين على حبه؟!
قالت: ماذا تقولين يا امي إنه كالدم يجري في عروقي.
ثم قالت والدتها :عزيزتي اتذكرين تلك الرسالة التي اهديتك إياها يوم تتويجك بالحجاب يوم بلوغك سن التكليف..
قالت: نعم يا امي اذكر ذلك وكيف لي ان أنساها.
اكملت والدتها قائلة: نعم. عزيزتي كانت تلك الرسالة مني لكنني كتبتها عن لسان الإمام الحجة روحي له الفداء وكتبت بها واجبات الشريعة ومحرماتها بشكل محبب لك ولكي تتعلقي بمحيي الشريعة فلنقل انني ضربت برسالتي تلك عصفورين بحجر واحد فقد إلتزمتي بواجباتك وتعلقتي بإمام زمانك وتغيرت أفكارك بشكل افضل.... وها انت ذا كاتبة ومثقفة وسيأتي اليوم الذي أراك فيه زوجة صالحة لرجل يشتري اخلاقك قبل جسدك وأماً مهدوية مربية لأجيال صالحة وممهدة للظهور.. فلا يوجد شيئا مستحيل عند الله الأمل بالله وحسن الظن به مفتاح لكل الصعاب وبه سعادة الدارين..
قالت ملاك وهي تمسح دموعها : أشكرك جدا يا امي لا اعلم كيف أرد جميل مافعلتيه معي فلن انساه مادامت بي الأنفاس فأنا لولا تربيتك وتلك الرسالة المباركة بذكر الحبيب ولولا تقبُلي لما اوصلتموه لي من محبة للغائب الحبيب لما وصلتُ إلى ما انا عليه الآن.
فشكرا لله ولصاحب الزمان وشكرا لكما ياوالداي العزيزين....أنا احبكما جدا...
ثم رددت ملاك هذه الكلمات ختاما لتلك الجلسة المباركة
فقالت""مات التصبرُ بإنتظارك أيها المحيي الشريعة
فانهض فما ابقى التحمل غير احشاءٍ جزوعة""

#النهاية
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وال محمد الطيبين الطاهرين...


بقلمي
الكاتبة :زهراء الطائي
أسالكم الدعاء
تعليقات