فيروس كورونا، والنجم المذنب، وعلاقتهما بعلامات ظهور الإمام المهدي (عج)

فيروس كورونا، والنجم المذنب، وعلاقتهما بعلامات ظهور الإمام المهدي (عج)
المصدر: واحة وكالة انباء الحوزة العلمية
بقلم :الشيخ عمار آل نصر الله

بسمه تعالى   تحت وطأة تصاعد أخبار العالم السياسية والاجتماعية وحتى الصحية ، يتساءل الكثير من الناس حول صلة هذا الحدث أو ذاك بعلائم ظهور الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف، وهذه حالة فيها من الايجابية بكل تأكيد وتدل على مدى ارتباط الناس بإمامهم الموعود، ويكثر السؤال أكثر وأكثر كلما لاحت آية كونية في الأفق، أو بلاء، أو وباء، أو حروب ونحوها، وفي كل حين يحاول بعض المتطفّلين على القضية المهدوية ليَّ عنقها وجرها الى هذا الطريق (علامات الظهور) طوعا أو كرها بدعوى علم الجفر أحيانا، وبتوسط رواية في هذا الكتاب، أو ذاك احيانا أخرى  وحيثما انفتح الكلام عن علامات الظهور برز بعض المنجمين والدجّالين،
ومن لا نصيب له من العلم، ليسطّروا الأكاذيب والأراجيف التي تجعل تلك العلامات فاقدة للأغراض التي وجدت من أجلها، حيث أن علامات الظهور بشكل عام تجعل العلاقة بين الناس وإمام الزمان علاقة دافئة متقدة وذات ارتباط دائم ومستمر، ممّا يؤدّي الى خلق حالة إيجابية في روحية الانتظار والاستعداد النفسي للظهور، إضافة الى تحصين الأمة من الرايات الضالة والمنحرفة وعدم السير في ركابها  وهذا كله يتطلب من المؤمنين التحلّي بمزيد من الوعي الثقافي والفكري ليساعدهم على فهم واستيعاب الروايات الشريفة الخاصة بعلائم الظهور المبارك، وأن تؤخذ حصرا من العلماء الاعلام الذين لهم باع في هذا المضمار، فعلامات الظهور تعني تلك الأخبار التي تتحدث عن وقائع وحوادث ستقع في المستقبل، وتكون منبهة على الظهور، وقد أخبر بها الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وأهل بيته (عليهم السلام).  إذاً نحن نتعامل مع روايات صادرة عن المعصومين عليهم السلام، فلابد ان يكون التعامل معها واجدا للمقاييس الشرعية والعلمية، ومبتعدا عن الهوى والمزاجية والسطحية، كما حدث في الآونة الأخيرة، حيث كثر الكلام عن قرب ظهور الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف عبر تحقّق بعض العلامات و الآيات الكونية، كالنجم المذنب المرتبط بحدوث الفيضانات، والأوبئة (فيروس كورونا المستجد) والقحط ...الخ، وكون هذه العلامات قد وردت على لسان الائمة المعصومين عليهم السلام ممّا لا يدع مجالا للشك بقرب الظهور المبارك بعد تحققها، وقد غفل المتحدثون بوقوع تلك العلامات عن عدة أمور مهمة تخص علامات الظهور بشكل عام، منها:   1- بعض العلامات حتمية وبعضها ليس كذلك: حيث أن العلامات غير الحتمية قد تتكرر في أكثر من زمان ومكان دون ان يترتب عليها الظهور المبارك، ومنها علامة الوباء الذي سيموت بسببه الكثير من الناس، حيث يحدثنا التاريخ عن عدة أوبئة قد ضربت الناس في فترات زمنية مختلفة.  أمّا ما يخص علامة النجم المذنب، فأن الكواكب المذنبة تعتبر من ظواهر الفيزياء الكونية الطبيعية، وهي تشاهد ما بين مدة وأخرى في مناطق مختلفة من العالم، ومنها من يقترب ويراه الناس ومنها من لا يقترب ولكن يراه المختصون ي ابحاث الفضاء، وفي النهاية تخضع تلك المذنبات ومنها (نيبيرو الطارق) الى الفرضيات ولا تستند الى قاعدة علمية محكمة كما صرح بذلك علماء الفلك انفسهم . 2- بعض العلامات قريبة من الظهور كالصيحة في السماء، وبعضها بعيدة عنه، بل ربما قد لا تحتوي على توقيت زمني بهذا الشأن مطلقا ومنها علامة النجم المذنب.  3- القراءة الشاملة لعلامات الظهور: حيث إن دراسة علامات الظهور جميعها والاطلاع على روايات أهل البيت عليهم السلام كلها في هذا الخصوص، تعتبر مقدمة ضرورية لرؤية شاملة عن إرهاصات عصر الظهور، فبتحليل منطقي جيد ونظرة كلية مستمدة من بصيرة نافذة ووجدان عميق وبمعونة العلماء العالمين بروايات اهل البيت عليهم السلام سيتسنى لنا تحديد القرائن القوية لكل علامة، وبضم القرائن مع بعضها البعض نستطيع الإلمام بالصورة الشاملة لوقائع وأحداث وملامح اليوم الموعود.   4- تطبيق العلامات على الوقائع الخارجية يدعوا الى التوقيت المنهي عنه:  فمن جزم وقال أنَّ هذه العلامة سيتبعها الظهور حتما وقطعا، فلا شك انه سيقع في التوقيت الذي نهى عنه أهل البيت (عليهم السلام)، فقد وردت روايات عديدة عنهم في النهي عن توقيت ظهور الإمام المهدي عليه السّلام، وفي تكذيب من يُوقِّت له وقتاً وأمَداً معيّناً: روى النعماني عن محمّد بن مسلم، قال: قال أبو عبدالله الصادق (عليه السّلام): (يا محمّد، مَن أخبركَ عنّا توقيتاً، فلا تهابَنَّ أن تُكذّبه، فإنّا لا نُوَقِّت لأحدٍ وقتاً) . وروى الطوسي عن الفُضَيل، قال: سألتُ أبا جعفر الباقر (عليه السّلام): هل لهذا الأمر وقت؟ فقال: (كذب الوقّاتون، كذب الوقّاتون، كذب الوقّاتون) . وروى عن منذر الجواز، عن أبي عبدالله الصادق (عليه السّلام)، قال: (كذب الموقّتون، ما وَقَّتْنا فيما مضى، ولا نُوقِّت فيما يُستقبَل) .   وفي النهاية لابد من القول إن قراءة العلامات يجب أنْ لا تشغلنا عن معرفة الأبعاد الأخرى للقضية المهدوية مثل: الجوانب العقائدية، وشرائط الظهور، وواجبات الانتظار، وتهيئة النفس، والابتعاد عن التوقيت المنهي عنه، وعدم تصديق من يحدد سنة الظهور، وكذلك من الضروري جدا اجتناب إسقاط الروايات الشريفة، أو تطبيق شخصيات عصر الظهور على واقعنا الحالي، أو على أشخاص بعينهم وعدم الجزم عند تحديد القرائن للعلامات. وفي هذا السياق نؤكد على أن يكون الحديث عن ملامح يوم الظهور مقدمة لتقوية وزيادة ارتباط المؤمنين العاطفي بإمام زمانهم (عليه السلام)، حيث أن من واجبنا في عصر الغيبة أن نعد أنفسنا لنكون من جنده لاحتمال إدراك زمن خروجه عجّل الله فرجه، نسأل الله أن يوفقنا لذلك، فكم نحن توَّاقون لرؤية الإمام روحي فداه، وحريصون على الانضمام إلى حركة الفتح التاريخية الفريدة. الشيخ عمار آل نصر الله قسم الدراسات المهدوية  مركز الامام الصادق (عليه السلام)


تعليقات