التمييز بين العقل والدهاء والشيطنة .
منتظر الاعرجي
احد اصحاب الامام الصادق - ع - قال : قلت له ما العقل . قال : ( ما عبد به الرحمن واكتسب به الجنان ) ، قلت : فالذي كان في معاوية ؟ فقال تلك النكراء تلك الشيطنة وهي شبيهة بالعقل و ليست العقل .
الشيطنة / هي من فعل فعل الشيطان او صار مثله بأعمال الشغب .
والشيطان / هو كل ذي صفة ذميمة من إنسان او جني او حيوان او هو كل متمرد مفسد .
النكراء / هي اسم تفضيل من نَكُرَ ، اكثر بشاعة وأشد قبحاً من أنكر ويستقبحها الشرع و العقل وتكرهها النفس ومعناها الدهاء وضده الذكاء
وهناك فرق بين الدهاء و الذكاء ؟
الدهاء و الذكاء كلاهما قدرة عقلية من مقدرات العقل ويختص الذكاء / في فهم الامور التي يستقبلها الانسان مثل فهم السؤال يستخرج منه الاجابة او فهم ما يقرأه او يراه او يسمعه و الاستجابة تدور في محور معرفة التصرف وحسن استخدام القدرات ووعي الوسائل ومعرفة كيفية استخدامها كالذي يفهم العمليات الحسابية.
و الدهاء / قدرة أعمق من الذكاء تختص في المبادرة و الانتاج كالتخطيط او المكر او الاحتيال او التقمص او التمثيل لغاية ما .
وبتعبير اخر يكون الذكاء من مختصات العقل النظري و الدهاء من مختصات العقل العملي .
و بالعودة الى حديث الامام يستشف من تعريف الامام ان العقل - هو ما يدعو الانسان الى الله و معرفته و عبادته التي توصل في النهاية الى السعادة الدنيوية و الأخروية .
والعقل - هو نوراني شريف الذات نقي الجوهر يدعو الى ملازمة العلم و العمل و اكتساب المنافع الأخروية وما تقتضيه الحاجة الدنيوية الموجبة الى السعادة الابدية وكلما زاد العلم و العمل زادت نورانيته و صفاؤه حتى يصير نوراً محضاً و ضوئاً صرفاً يضيء به سماء القلوب وأرض النفوس .
و الشيطنة / في حديث الامام هي التعبير عن الجانب المظلم لما تدعو له اهواء النفس من الأفعال التي تنافي الإخلاص و العبودية لله تعالى او النفس الامارة بالسوء وهي حاله للنفس وقوة محركة لها .
و الشيطنة قوة ظلمانية تدعو الى ملازمة الشرور واكتساب المنافع الدنيوية الموجبة للشقاوة السرمدية واقتراف زهراتها الزائلة الفانية بالمكر و الحيل و الوساوس الشيطانية وكلما زادت تلك الشرور و المنافع زادت ظلمات النفس وكثرت كدورتها حتى تصير ظلمة صرفة وشيطنة محضة .
والخلاصة - ان سيطرة النفس وقواها على العقل وتسخيره للتخطيط لها حتى تكون مخططات العقل بامرتها هي الشيطنة و هي النكراء .
وملازمة النفس وقواها للعقل و القوة العاقلة و السير بأمره ونهيه هو العقل الموصل للمرء الى معرفة الله تعالى و السير على الدين الحنيف و الصراط المستقيم .
حيث قال الامام الصادق - ع -
( من كان عاقلاً كان له دين ومن كان له دين دخل الجنة ) .
جعلنا الله واياكم من العقلاء المتعلمين
وابعد عنا وعنكم الشيطنة و النكراء
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين .