فضل طالب العلم

فضل طالب العلم ..
منتظر الاعرجي

كثير من العلوم تندرج على تقدير في قسم من الأقسام الثلاثة التي ذكرها رسول الله و على تقدير آخر في قسم آخر .
مثلاً : ان علم الطب و التشريح و النجوم و الأفلاك و ما يضاهيها اذا جعلناها اية و علامة و كذلك علم التاريخ و امثاله اذا القينا عليه نظرة اعتبار و اتعاظ اندرج جميعها في ( الآية المحكمة ) لانه يحصل بواسطتها العلم بالله او بالمعاد او يتأكد العلم بالله و بالمعاد و قد يندرج تحصيلها في ( الفريضة العادلة ) و قد يندرج تحت ( السنة القائمة )

و يدخل طلب هذه العلوم تحت المستحب .
و اما اذا كانت دراسة هذا العلوم لأجل ذاتها او لأجل أهداف اخرى فلو شغلتنا عن علوم الاخرة لاصبحت مذمومة بالعرض لانها صرفت الناس عن الاخرة و ان لم تشغلنا عن علوم الاخرة فليس فيها ضرر او نفع .
كما قال رسول الله - ص - فالعلوم بصورة كلية تنقسم الى ثلاث أقسام :

الاول : ما كان نافعاً للإنسان حسب احواله في النشآت الاخرى التي يعتبر الوصول اليها غاية التكوين و الكائنات و هذا القسم هو الذي جعلة رسول الله - ص - علماً و قسمة الى الأقسام الثلاثة التي وردت في الحديث الشريف .

الثاني : ما يضر بالانسان و يصرفه عن وظائفه اللازمة و يكون هذا القسم من العلوم المذمومة التي يجب على الانسان ان لا يقترب منها مثل علم السحر و الشعوذة و امثالها .

الثالث : ما لا يوجد فيها ضرر و لا نفع فيهدر الانسان وقته عليها للتسلي و التلهي مثل علم الموسيقى و علوم الفنون و الأفلاك و أمثال ذلك .
 و لو استطاع الانسان ان يدخل هذا النوع من العلم تحت واحد من العلوم الثلاثة لكان أفضل و ان لم يتمكن فعدم الاشتغال يكون حسناً لان الانسان العاقل عندما عرف بانه مع هذا العمر القصير و الوقت القليل و الحوادث الكثيرة لا يستطيع ان يكون جامعاً لكل العلوم و حائزاً على جميع الفضائل فلا بد له من التفكير و التامل في العلوم و اختيار ما يكون له أنفع و الانصراف اليه و تكملته .
و من المعلوم ان ما هو أنفع من كل العلوم و أهمها بالنسبة الى حياته الابدية الخالدة هو العلم الذي أمر به الأنبياء - ع - و الاولياء و حثوا الناس على تعلمه و هو هذه العلوم الثلاثة التي ذكرها النبي - ص -
و بهاذه العلوم يكون الانسان إنساناً و له الفضل و الشرف على سائر الخلق ممن لم يتعلم و بين المتعلمين الفضل و الشرف لمن ادرك و عمل الأفضل فالافضل .

و قد قال الله - تعالى - عن فضل المتعلمين (( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَ رَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ ))
هذه الآيات الشريفة اول ما نزل على النبي - ص - حيث افتتح كلامه المجيد بذكر نعمة الإيجاد و اتبعه بذكر نعمة العلم فَلَو كان بعد نعمة الإيجاد نعمة اعلى من العلم لكانت أجدر بالذكر .
و قد قيل في وجه التناسب بين الآية المذكورة في صدر هذه السورة - المشتمل بعضها على خلق الانسان من علق و بعضها على تعليمه ما لم يعلم - انه تعالى ذكر اول حال الانسان و هو علقة و هي بمكان من الخساسة و اخر حالة و هو صيرورته عالماً و ذلك كمال الرفعة و الجلالة فكأنه سبحانه قال كنت في اول امرك في تلك المنزلة الدنية الخسيسة ثم صرت في اخرى الى هذه الدرجة الشريفة النفيسة .

و قوله تعالى (( اللَّـهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ وَ أَنَّ اللَّـهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عِلْماً ))
فانه تعالى في هذا النص جعل العلم علة لخلق العالم العلوي و السفلي طرا
و كفى بذلك جلالة و فخراً لحامل العلم الذي خلقت العوالم لاجله .

و قال تعالى (( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ ))
و هنا فضل الله الذين يعلمون على الذين لا يعلمون لعلو مكانتهم و شرفهم على الذين لا يعلمون .

و قد ذكر الفقهاء تفضيل طالب العلم في المعاملات منها
التفريق في البيع بين طالب العلم و غيره
و تقديم طالب العلم في السلوك على غيره
و تفضيل طالب العلم في التزويج على غيره
و تفضيل طالب العلم في تغسيل الميت حتى ورد في الدعاء ( يغسلني صالح جيرتي )
و تفضيل طالب العلم في التحكيم بين المتخاصمين

جعلنا الله واياكم ممن طلب العلم و عمله به 
تعليقات