غريزة الرجل الطلب والحاجة وغريزة المرأة التمنّع والدلال
الشهيد مرتضى مطهري
من غريب الصدف أن يكون هذا الأمر موضع خطأ فاحش. فهذا الخطأ هو نفسه الذي جرّ إلى اقتراح إلغاء المهر والنفقة، وهذا ما سنفصله في بحث المهر والنفقة.
ان الذي كان يجري منذ قديم الزمان - وهو ان يذهب الرجال طالبين أيدي النساء ومظهرين الرغبة في الزواج منهن - هو من أكبر عوامل حفظ مكانة المرأة واحترامها فالطبيعة قد جعلت الرجل ممثّلاً للطالب والمحب، والمرأة ممثّلة للمطلوب والمحبوب. إنّها جعلت المرأة وردةً والرجل بلبلاً.. المرأة شمعة والرجل فراشة، وأنّه لمن حكمة التدبير وآيات الخلقة أن جعلت في غريزة الرجل الحاجة والطلب وفي غريزة المرأة الدلال والتمنّع. فهي بذلك تداري ضعفها مقابل قوّة الرجل.
ليس من كرامة المرأة واحترامها أن تجري خلف الرجل؛ إذ إنّ الرجل يطيق أن يخطب المرأة وتردّه وعندها يخطب أُخرى وتردّه حتى يفوز أخيراً برضا إحدى النساء للاقتران به. أمّا بالنسبة للمرأة حيث تريد أن تكون محبوبة الرجل ومعشوقة ومحلّ عنايته، وتنوي الاستيلاء على قلبه كي تحكم كل وجوده، فأكبر من طاقتها وخلاف غريزتها أن تدعو رجلاً للزواج منها فيردّها ثم تذهب لخطبة آخر.
وفي نظر (وليام جيمس) الفيلسوف الأمريكي المعروف: إنّ حياء وتمنّع المرأة الظريف ليس غريزة، فإنّ بنات حوّاء على مرّ التاريخ أدركن أنّ عزّتهن واحترامهن في أن لا يجرين وراء الرجل، ولا يظهرن الابتذال ولا يكنّ قريبات من متناول الرجل، إنّ النساء أدركن هذه الدروس طول التاريخ وعلمنها لبناتهن.
وهذا لا يختص بالنوع الإنساني فحسب، فباقي الحيوانات أيضاً
كذلك فإنّه قد عهد لجنس الذكور أن يقوموا بعرض حبّهم وحاجتهم لجنس الإناث. أمّا ما عهد به إلى جنس الإناث فهو أن يعتنين بجمالهن ورقتهن ويصطدن قلب الجنس الخشن بالتمنّع الظريف وإظهار استغنائهن عنه، فيسخّرنه لخدمتهن بالطريقة التي تستهوي قلبه وتتهيج بها مشاعره وأحاسيسه فينجرف نحوهن بإرادته ومحض اختياره.