المسألة :
إذا ثبت أنَّ شخصاً قتل آخر عن طريق السحر أو تحضير الجن هل يُطبق عليه نفس أحكام القتل الاعتيادي؟
الجواب :
لم يثبت أنَّ للسحر حقيقةً وواقعاً، فلا يبعُد أنَّه مجرَّد تخيُّل يُحدِثُه الساحرُ في نفس المسحور فيتوهَّم المسحورُ أنَّ غيرَ الواقع واقعٌ وحقيقة، إلا أنَّه ورغم ذلك لو فعل الساحرُ ما يُوجب تخيُّل المسحور لأمرٍ فأدَّى إلى قتله وكان ما فعلَه يقتلُ غالباً ، وكان الساحرُ يقصدُ من فعلِه وسحرِه القتلَ للمسحور فإذا اتَّفق وقوعُ كلِّ ذلك واستندَ موتُ المسحور بنظرِ العرفِ إلى فعلِ الساحر فحينئذٍ يكون ذلك مِن القتل العمدي المُوجب للقصاص.
ومثاله: ما لو أوهمَ الساحرُ أحداً أنَّه يسقط من شاهقٍ أو أوهمَه أنَّه يغرقُ في البحر أو أنَّ سبعاً يفترسُه فأدَّى ذلك إلى موتِه وكان الموتُ مسستنداً عرفاً لفعل الساحر فإنَّ على الساحر القصاص.
وذلك لأنَّ المناط فيما يُوجب القصاص هو إيجاد فعلٍ يُوجبُ القتل غالباً مع قصد القتل وترتُّب القتل عليه فعلاً، وهذا المناطُ متحقِّق في السحر في الفرض المذكور حتى مع القول بعد واقعيَّة السحر.
وأمَّا القتلُ بواسطة الجنِّ فلو كان له واقعٌ ، وكان القتلُ بهم قد تمَّ بواسطة التسليط المُوجبِ لسلبِ الاختيار عن الجان المسلَّط فالقتلُ في مثل هذا الفرض- لو كان له واقع- يكون من القتل بالتسبيب الذي لا يتوسَّطُه اختيار ، فالجانُ في مثل هذا الفرض أشبهُ شيءٍ بآلة القتل، لذلك يكون القتلُ مُستنداً إلى من سَلَّط الجان فيكون مُستحقَّاً للقصاص، إلا أنَّ في ثبوتِه أو ثبوت التسلُّط السالب للإختيار إشكالا كما أنَّه لا يصحُّ إثبات ذلك بواسطة البيِّنة، لانَّه لا حجيَّة للبيِّنة إلا في الأمور الحسِّية وأمَّا الأمور الحدسية فلا تثبتْ بالبيِّنة.
والحمد لله ربِّ العالمين
الشيخ محمد صنقور