🔰 رؤية الإنسان يفضح رغباته الكامنة وأمراضه القلبية!
🔻حين ترى الدولار عظيما تعجز عن التفكير بـ"اقتصاد لا يعتمد على الدولار"
🔻تدلّ زاوية رؤية المرء ووجهة نظره على ميوله الكامنة!
🔻الله سبحانه أحيانا يوقع الإنسان في الخطأ عن عمد كي لا يعتمد على فهمه كثيرا!
🌀#زاوية_الرؤية (المحاضرة7)2
🔹كان الإمام الخميني(ره) قد أمر برمي البارجة الأمريكية متى ما دخلت مياه الخليج الفارسي! وبعد فترة طويلة، صرّح أحد قواد الجيش الأمريكي قائلا إننا كنا سنُخرج جميع بارجاتنا من الخليج الفارسي من دون رجعة لو كان الإيرانييون قد رموا إحدى بارجاتنا بصاروخ واحد، لكنهم لم يرموا لحسن الحظ! حسنا، لماذا لم يرموا؟ لأن أمريكا عظُمتْ في أعينهم. وهذه "رؤية" وليست حقيقة.
🔹وفي القضايا الاقتصادية أيضا لا يمكن لمسؤولينا أن يتصوّروا اقتصادا لا يعتمد على الدولار ولا يستطيعون التفكير فيه لأن الدولار بات عظيما جدا في نظرهم، وهذا هو تأثير "الرؤية" وليس تأثير العلم أو الحقيقة. فالله سبحانه وتعالى قد وضع لنا حلولا للقضايا الاقتصادية حتى في خضم الأزمات، لكن الذي ينبغي أن يرى هذه الحلول لا يراها ولا تخطر له ببال لأن نظرته للأمور مختلفة. فمن كانت رؤيته غير صحيحة لا يكون مبدعا وبالنتيجة لا يتوصل إلى الحلول، ويرى البعوضة بحجم الفيل، ويهرب منها، ويظن أن هروبه من البعوضة أمر منطقي! وهذه الرؤية ناجمة عن توجهاته وميوله، ناجمة عن المخاوف التي يعيشها في قلبه.
🔹ليست رؤية الإنسان وحدها، بل "بصيرته" أيضا هي حصيلة توجهاته وميوله. كان أبو الفضل العباس(ع) يتمتع بالبصيرة وهذه البصيرة بالتأكيد هي التي رفعت شأنه بين الشهداء إلى تلك الدرجة الرفيعة. وبصيرته كانت تُفصح عن ميوله الكامنة، تُخبر عن صفاء سريرته ومروءته وعرفانه بالجميل! فلا توجد أي نقطة سوداء في قلب العباس(ع).
🔹لا يستطيع المرء أن يعرف توجهاته إلا بصعوبة بالغة لأن قلب الإنسان معقد جدا. فماذا تفعل بميولك وتوجهاتك الكامنة؟ بصيرتك، ورؤيتك، ووجهة نظرك، وزاوية رؤيتك كلها تُظهر ميولك الخفية وتفضحها. والرؤية هي موقع لمحاسبة النفس. على سبيل المثال حين تسوّف التوبة ولا تهيئ الظروف المناسبة للتقرّب إلى الله تعالى فهذا مؤشر على أن رؤيتك "للزمن" رؤية خاطئة وتظن أن سبعين عاماً من العمر يعني الكثير! يمكن تحديد رؤية الإنسان من خلال أعماله وسلوكه، ومن خلال رؤية الإنسان يمكن تبيُّن ميوله وتوجهاته.
🔹عن أمير المؤمنين(ع) قوله: «مَنْ یَأْمُلُ أَنْ یَعِیشَ غَداً فَإِنَّهُ یَأْمُلُ أَنْ یَعِیشَ أَبَدا» (الجعفریات/ ص240). وأمير المؤمنين(ع) خبير بالنفس وبالإنسان ولا يتكلم سُدى! فإن كنت ترغب في أن تعيش إلى الأبد فستؤَثّر هذه الرغبة على عملك، وبالنتيجة لن تكون قادرا على خلق أثر ملحمي. فلا يظهر أثر حب الدنيا وحب الخلود فيها على الإنسان في عجزه عن التضحية بنفسه فحسب، بل قد يكون من آثارها أن يأبى الإنسان العدول عن رأيه ووجهة نظره الخاطئة!
🔹أحيانا يوقع الله الإنسانَ عن عمد في الخطأ ليعترف قائلا: "الويل لي، ما أعظم زلّتي!" في الحقيقة ينبغي على الإنسان أن يقول: "أخطأتُ مرة أخرى، أنا خطّاء..." (وأن يعترف بجهله) كما يقول الإمام السجاد(ع) في دعاء أبي حمزة الثمالي(ره) : «إرحَم عَبدَكَ الجاهِل»، هذا التعبير يعني أن الإنسان ينبغي أن لا يعتمد كثيرا على إدراكه وفهمه. لأمير المؤمنين(ع) أيضا تعبير آخر في المناجات الشعبانية حيث يقول: «أبلَیتُ شَبابِي في سَکرَةِ التَّباعُدِ مِنك»، أي إن رؤيتي مشوّهة إلى درجة أبدو فيها كالسُكارى!
👤سماحة الشيخ بناهيان