تفسير سورة الإسراء

تفسير سورة الإسراء 


💦 س / كيف تكشف هذه الآية عن مواصفات هذا السفر الليلي " الإسراء " الإعجازي ؟

🍁 ج / تكشف ذلك من خلال ما ترسمه له من أفق عام يمكن تفصيله بالشكل الآتي :

1⃣ ـ إن تعبير " أسرى " في الآية يشير إلى وقوع السفر ليلا ، لأن " الإسراء " في لغة العرب يستخدم للدلالة على السفر الليلي ، فيما يطلق على السفر النهاري كلمة " سير " .

2⃣ ـ بالرغم من أن كلمة " ليلا " جاءت في الآية تأكيدا لكلمة " أسرى " إلا أنها تريد أن تبين أن سفر الرسول (صلى الله عليه وآله) قد تم في ليلة واحدة فقط على الرغم من أن المسافة بين المسجد الحرام وبيت المقدس تقدر بأكثر من مائة فرسخ ، وبشروط مواصلات ذلك الزمان ، كان إنجاز هذا السفر يتطلب أياما بل وأسابيع ، لا أن يقع في ليلة واحدة فقط !

3⃣ ـ إذا كان مقام العبودية هو أسمى مقام يبلغه الإنسان في حياته ، فإن الآية قد كرمت رسول الله (صلى الله عليه وآله) بإطلاق وصف العبودية عليه ، فقالت " عبده " للدلالة على مراقي الطاعة والعبودية التي قطعها الرسول (صلى الله عليه وآله) لله تبارك وتعالى حتى استحق شرف " الإسراء " حيث لم يسجد جبين رسول الله (صلى الله عليه وآله) لشيء سوى الله تعالى ، ولم يطع (صلى الله عليه وآله) ما عداه ، وقد بذل كل وسعه ، وخطا كل خطوة في سبيل مرضاته تعالى .

4⃣ ـ تفيد كلمة " عبد " في الآية ، أن سفر الإسراء قد وقع في اليقظة ، وأن رسول الله سافر بجسمه وروحه معا ، وأن الإسراء لم يكن سفرا روحانيا معنويا وحسب ، لأن الإسراء إذا كان بالروح - وحسب - فهو لا يعدو أن يكون رؤيا في المنام ، أو أي وضع شبيه بهذه الحالة ، ولكن كلمة " عبد " في الآية تدلل على أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد سافر بجسمه وروحه ، لأن " عبد " معنى يطلق على الروح والجسد معا .

أما الأشخاص الذين لا يستطيعون استيعاب معجزة الإسراء والمعراج ، ولم تستطع عقولهم أن تتعامل مع هذه المعجزة كما هي ، فقد عمدوا إلى توجيهها بعنوان الإسراء الروحي في حين أنه لو قال شخص لآخر : إني نقلتك إلى المكان الفلاني فإن المفهوم الصريح للمعنى لا يمكن تأويله باحتمال أن هذا الأمر قد تم في حالة النوم ، أو أنه تعبير عن حالة معنوية تمتزج بأبعاد من الوهم والتخيل .

5⃣ ـ لقد كان مبتدأ هذا السفر هو المسجد الحرام في مكة المكرمة ، ومنتهاه المسجد الأقصى في القدس الشريف .

6⃣ ـ لقد كان الهدف من هذا السفر الإعجازي أن يشاهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) آيات العظمة الإلهية ، وقد استمر سفر الإسراء إلى المعراج صعودا في السماوات لتحقيق هذا الغرض ، وهو أن تمتلئ روح رسول الله (صلى الله عليه وآله) أكثر بدلائل العظمة الربانية ، وآيات الله في السماوات ، ولتجد روحه السامية في هذه الآيات زخما إضافيا يوظفه (صلى الله عليه وآله) في هداية الناس إلى رب السماوات والأرض !
وبذلك فإن سفر رسول الله (صلى الله عليه وآله) في رحلة الإسراء والمعراج لم يكن - كما يتصور البعض ذلك - بهدف رؤية الله تعالى ظنا منهم أنه تعالى يشغل مكانا في السماوات!!!
وبالرغم من أن الرسول (صلى الله عليه وآله) كان عارفا بعظمة الله سبحانه ، وكان عارفا أيضا بعظمة خلقه ، ولكن " متى كان السماع كالرؤية ؟! " .

ونقرأ في سورة (النجم) التي تلت سورة الإسراء وتحدثت عن المعراج قوله تعالى : ( لقد رأى من آيات ربه الكبرى ) .

7⃣ ـ إن تعبير الآية باركنا حوله تفيد بأنه علاوة على قدسية المسجد الأقصى ، فإن أطرافه أيضا تمتاز بالبركة والأفضلية على ما سواها . ويمكن أن يكون مراد الآية البركة الظاهرية المتمثلة بما تهبه هذه الأرض الخصبة الخضراء من مزايا العمران والأنهار والزراعة .

ويمكن أن تحمل البركة على قواعد الفهم المعنوي فتشير حين ذاك إلى ما تمثله هذه الأرض في طول التأريخ ، من كونها مركزا للنبوات الإلهية ، ومنطلقا لنور التوحيد ، وأرضا خصبة للدعوة إلى عبودية الله .

8⃣ ـ إن تعبير إنه هو السميع البصير إشارة إلى أن إكرام الله لرسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) بمعجزة الإسراء والمعراج لم يكن أمرا عفويا عابرا ، بل هو بسبب استعدادات رسول الهدى (صلى الله عليه وآله) وقابلياته العظيمة التي تجلت في أقواله وأفعاله ، هذه الأقوال والأفعال التي يعرفها الله ويحيط بها .

9⃣ ـ إن كلمة " سبحان " إشارة إلى أن سفر رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الإسراء والمعراج دليل آخر على تنزيه الله تبارك وتعالى من كل عيب ونقص .

🔟 ـ كلمة " من " في قوله تعالى : من آياتنا إشارة إلى عظمة آيات الله بحيث أن رسول الله (صلى الله عليه وآله ك) - على علو مقامه واستعداده الكبير - لم يرَ من هذه الآيات خلال سفره الإعجازي سوى جزء معين منها 
تعليقات