✍🏼يَقُوْلُ المُلْحِدُوْنَ: لَقَدْ رَأَيْنَا حُرُوْبَاً كَثِيْرَةً وَقَعَتْ بِسَبَبِ الدِّيْنِ، وَلَكِنْ لَا نَذْكُرُ أَيَّ حَرْبٍ حَصَلَتْ تَحْتَ اسْمِ الإِلْحَادِ.
🔍الجواب :
السَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الأَدْيَانَ حَقِيْقَةٌ مُتَأَصِّلَةٌ فِي الإِنْسَانِ، وَالأَصْلُ فِي البَشَرِ أَنَّهُمْ مُؤْمِنُوْنَ بِاللهِ، أَمَّا الإِلْحَادُ فَهُوَ فِكْرٌ عَارِضٌ يَتَحَرَّكُ بَيْنَ أَفْرَادٍ لَا يَجْمَعُهُمْ كَيَانٌ وَلَا يَنْتَظِمُوْنَ فِي إِطَارٍ اِجْتِمَاعِيٍّ خَاصٍ، فَمِنْ أَيْنَ نَأْتِي بِحَضَارَاتٍ وَأُمَمٍ وَشُعُوْبٍ مُلْحِدَةٍ لِكَيْ نَخْتَبِرَ إِمْكَانِيَّةَ الحُرُوْبِ بَيْنَهَا؟، فَالأَمْرُ الطَّبِيْعِيُ أَنْ تَكُوْنَ الحُرُوْبُ الَّتِي حَدَثَتْ فِي التَّارِيْخِ الإِنْسَانِيِّ قَدْ حَدَثَتْ بَيْنَ أَصْحَابِ الأَدْيَانِ.
وَبِمَا أَنَّ الإِلْحَادَ يَقُوْمُ عَلَى رُؤْيَةٍ عَدَمِيَّةٍ لَا تُشَكِّلُ أَيَّ قِيْمَةٍ وِجْدَانِيَّةٍ لِلْإِنْسَانِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُصْبِحَ الإِلْحَادُ هُوَ الشِّعَارَ الَّذِي تَمُوْتُ تَحْتَهُ النَّاسُ، فَالْحَيَاْةُ غَيْرُ المَفْهُوْمَةِ لِلْمُلْحِدِ وَالمَصِيْرُ العَدَمِيُّ الَّذِي يَنْتَظِرُهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُوْنَ إِطَارَاً جَامِعَاً لِإِنْجَازِ أَيِّ شَيِءٍ.
وَالحُرُوْبُ كَظَاهِرَةٍ مَرْصُوْدَةٍ فِي تَارِيْخِ الإِنْسَانِ وَحَاضِرِهِ لَيْسَتْ لَهَا عَلَاقَةٌ بِالأَدْيَانِ سَوَاءٌ كَانَتْ أَدْيَاناً سَمَاوِيَّةً أَوْ أَرْضِيَّةً، وَإِنَّمَا لَهَا عَلَاقَةٌ بِالإِنْسَانِ الَّذِي يُسَخِّرُ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ أَجْلِ مَطَامِعِهِ الشَّخْصِيَّةِ، حَتَّى الدِّيْنُ قَدْ يَكُوْنُ مَطِيَّةً لِمَطَامِعِ الإِنْسَانِ، وَهَذِهِ المَطَامِعُ مُتَأَصِّلَةٌ فِي الإِنْسَانِ بِمَا هُوَ إِنْسَانٌ سَوَاءٌ كَانَ مُؤْمِنَاً أَوْ مُلْحِدَاً، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ نَتَصَوَّرَ الإِلْحَادَ بِأَنَّهُ العِلَاجُ الَّذِي يَقْتَلِعُ كُلَّ العَوَامِلِ الشِّرِيْرَةِ مِنْ نَفْسِيَّةِ الإِنْسَانِ، فَإِذَا كَانَ هُنَاكَ مُسْلِمٌ تُحَرِكُهُ نَفْسِيَّةٌ تُحِبُّ السَّيْطَرَةَ وَبَسْطَ النُّفُوْذِ وَقَهْرَ الآَخَرِيْنَ ثُمَّ تُحَوَّلُ هَذَا المُسْلِمُ إِلَى مُلْحِدٍ وَكَفَرَ بِاللهِ، لَنْ يَكُوْنَ إِلَّا مُلْحِدَاً تُحَرِّكُهُ نَفْسِيَّةٌ تُحِبُّ السَّيْطَرَةَ وَبَسْطَ النُّفُوْذِ وَقَهْرَ الآَخِرِيْنَ، وَعَلَيْهِ إِذَا إنْطَلَقْنَا مِنْ وَاقِعِ الإِنْسَانِ المُعَاصِرِ بِمَا فِيْهِ مِنْ تَنَافُسٍ غَيْرِ أَخْلَاقِيٍّ فِي السَّاحَةِ السِّيَاسِيَّةِ ثُمَّ إفْتَرَضْنَا كُفْرَ جَمِيْعِ البَشَرِ فَلَنْ يَكُوْنَ هَذَا سَبَبَاً لِلْقَضَاءِ عَلَى الحُرُوْبِ وَبَسْطِ الأَمْنِ وَالسَّلَامِ، فَالتَّفْكِيْرُ الَّذِي يُحَمِّلُ الأَدْيَانَ المَسْؤُوْلِيَّةَ يُعَدُّ تَفْكِيْرَاً طُفُوْلِيَّاً لَا يَرْتَكِزُ عَلَى رُؤْيَةٍ نَاضِجَةٍ، فَلَيْسَتِ الإِشْكَالِيَّةُ فِي الأَدْيَانِ وَإِنَّمَا فِي تِلْكَ النَّفْسِيَّاتِ الَّتِي تُحَرِّكُهَا كَوَامِنٌ شَيْطَانِيَّةٌ وَنَفْسِيَّاتٌ خَبِيْثَةٌ، وَفَلْسَفَةُ الأَدْيَانِ بِالأَسَاسِ قَائِمَةٌ عَلَى مُحَاوَلَةِ السَّيْطَرَةِ عَلَى هَذِهِ النَّفْسِيَّاتِ وَتَزْكِيَتِهَا وَتَهْذِيْبِهَا.