الرد على كلام ابن كثير وابن تيمية في مكان قبر الامام علي بن ابي طالب

 س : يقول البعض أن القبر الموجود في النجف الآن ليس قبر أمير المؤمنين عليه السلام ، بل أنه دفن في الكوفة و يستدلون على ذلك بأن الإمام طعن في الكوفة فلأي سبب يذهب ليدفن في النجف ؟!

ومن الذين قالوا بهذا القول :

ابن كثير في ((البداية والنهاية)) (7/342-343) عند ذكرِ الأقوالِ في مكانِ دفنِ علي بن أبي طالب : (والمقصودُ أن علياً رضي اللهُ عنه ، لما مات صلى عليه ابنُهُ الحسنُ ، فكبر عليه تسعَ تكبيراتٍ ، ودفن بدارِ الإمارةِ بالكوفةِ ؛ خوفاً عليه من الخوارجِ أن ينبشوا عن جثتهِ ، هذا هو المشهورُ ) ويقالُ : إنما ذاك قبرُ المغيرةَ بنِ شعبةََ حكاه الخطيبُ البغداديُ عن أبي نعيم الحافظ ، عن أبي بكر الطلحي ، عن محمد بن عبد الله الحضرمي الحافظ ، هو مطين ، أنه قال: ( لو علمت الشيعةُ قبرَ هذا الذي يعظمونه بالنجفِ لرجموهُ بالحجارةِ ، هذا قبرُ المغيرةَ بنِ شعبةَ ) .

ويقول ابن تيمية في كتابه الفتاوى (27/493-494) : وَمِنهَا قَبرُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ الَّذِي بِبَاطِنِ النَّجَفِ ؛ فَإِنَّ المَعرُوفَ عِندَ أَهلِ العِلمِ أَنَّ عَلِيًّا دُفِنَ بِقَصرِ الإِمَارَةِ بِالكُوفَةِ كَمَا دُفِنَ مُعَاوِيَةُ بِقَصرِ الإِمَارَةِ مِن الشَّامِ وَدُفِنَ عَمرٌو بِقَصرِ الإِمَارَةِ خَوفًا عَلَيهِم مِن الخَوَارِجِ أَن يَنبُشُوا قُبُورَهُم ؛ وَلَكِن قِيلَ إنَّ الَّذِي بِالنَّجَفِ قَبرُ المُغِيرَةِ بنِ شُعبَةَ وَلَم يَكُن أَحَدٌ يَذكُرُ أَنَّهُ قَبرُ عَلِيٍّ وَلَا يَقصِدُهُ أَحَدٌ أَكثَرَ مِن ثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ .ا.هـ.


ج : الكلام الذي تقرأه عند ابن كثير أو الخطيب أو ابن تيمية حول الاختلاف في تعيين قبر علي (عليه السلام) وانه قبر المغيرة بن شعبة مرده إلى السرية التي لجأ إليها أهل البيت (عليهم السلام) في دفن أمير المؤمنين (عليه السلام) وإخفاء قبره خشية أن يقوم الخوراج أو الأمويون بنبشه، ومن هنا تعددت الأقوال، وكثر القيل والقال في هذه المسألة، وذلك لأهمية الشخص ومكانته، فأمير المؤمنين الامام علي (عليه السلام) شخص غير عادي، بل هو قطب الإسلام وعليه تدور الرحى بعد الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم).

إلا أننا يمكن أن نثبت أن القبر الموجود الآن، والذي يزار في النجف الاشرف هو قبر أمير المؤمنين (عليه السلام) دون غيره، وذلك ضمن نقاط:

النقطة الأولى: من المعلوم أن أعرف الناس بقبر شخص ما هو أهله ودافنيه، فهم الذين يهمهم أمره، وهم الذين يتعاهدون زيارته وتجديد العهد به بين فترة وأخرى ، وهذا الأمر محسوس معلوم يمارسه البشر جميعاً على اختلاف طبقاتهم ومشاربهم، ومنذ القدم إلى يومنا هذا.. فإذا عرفنا ذلك وعرفنا أن أهل البيت (عليهم السلام) ابتدءاً من الإمام الحسن والإمام الحسين (عليهما السلام) ـ وهما اللذان دفناه ـ مروراً بالإمام السجاد والإمام الباقر والامام الصادق وبقية أئمة العترة الطاهرة (عليهم السلام) صرّحوا بان القبر الموجود في النجف الآشرف الآن هو قبر الامام علي (عليه السلام)، وقد وردت في ذلك عنهم (عليه السلام) نصوص في زيارته وإن البعض منهم قد زاره في المكان المذكور فلا يخامرنا بعد هذا شكّ في أن هذا القبر الموجود في النجف الأشرف هو قبره (عليه السلام) وقد تصدى السيد ابن طاووس لذكر هذه الروايات، وأفاد بأنها تفيد التواتر في الاستدلال على أن قبر أمير المؤمنين علي (عليه السلام) هو هذا نفسه المعلوم المشهور الموجود في النجف الأشرف المسمى بـ(ظهر الكوفة)، فراجع كتابه (فرحة الغري في تعيين قبر أمير المؤمنين علي (عليه السلام)) لتطالع هذه الروايات الصحيحة الواردة عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في هذا الشأن.

ومن هذه الروايات نذكر لكم ما ذكره عن الحسين الخلال عن جده قال: قلنا للحسن بن علي (صلوات الله عليه)، أين دفنتم أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)؟ فقال: خرجنا به ليلاً حتى مررنا على مسجد الاشعث، حتى خرجنا إلى ظهر ناحية الغري. (انتهى).

في رواية أخرى عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: كان أبي علي بن الحسين (عليه السلام) قد أتخذ منزله من بعد قتل أبيه الحسين بن علي (عليه السلام) بيتاً من الشعر، وأقام بالبادية، فلبث بها عدة سنين كراهية الناس وملابستهم، وكان يصير من البادية بمقامه بها إلى العراق زائراً لأبيه وجده )عليهم السلام) ولا يشعر بذلك من فعله. قال محمد بن علي (الباقر): فخرج (عليه السلام) متوجهاً إلى العراق لزيارة أمير المؤمنين (عليه السلام) وأنا معه وليس معنا ذو روح إلى الناقتين، فلما انتهى إلىالنجف من بلاد الكوفة وصار إلى مكان منه فبكى حتّى أخضلت لحيته من دموعه ثم قال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا أمين الله في أرضه... (الرواية).

وهكذا تجد في المصدر المشار إليه غير هاتين الروايتين العشرات من الروايات الواردة في الشأن نفسه.

تعليقات