هل يعتبر قول يا علي يا حسين يا مهدي ادركني وما شاكل ذلك شركاً أو عيادة لغير الله تعالى ؟

 س : هل يعتبر قول يا علي يا حسين يا مهدي ادركني وما شاكل ذلك شركاً أو عيادة لغير الله تعالى ؟


ج : ١ . الشرك هو أن يعبد الإنسان غير الله تعالى بمعنى أن يأتي بالعبادة وهي الخضوع التام لمن يعتقد أنه رب وإله أو ان يعتقد انّ هناك مؤثر وخالق غير الله تعالى .


٢ . أن ذلك المعنى للشرك لا ينطبق طلب الحاجة والنداء من غير الله مع الإعتقاد بأنّ الله تعالى هو المؤثّر بالذات وبيده كل شيء وهو نافع الضار فلا يعتبر شركاً وإلّا كان إستعمال الدواء للعلاج شركاً لأنّ من يستعمل الدواء يطلب الشفاء باستعماله ، والذي أخرجه من الشرك هو الإعتقاد بأنّ الله تعالى أعطى للدواء خاصية العلاج فالمؤثّر في الحقيقة هو الله تعالى الذي جعل الشفاء في الدواء ، فيكون إستعمال الدواء باعتقاد انّ الله تعالى جعله شفاء عين التوحيد وليس شركاً .


٣ . وعليه فمن يقول : « يا محمّد ، يا علي ، يا حسين ، يا مهدي ادركني ، اشفع لي » ، يدور أمره بين أمرين :


الأوّل : أن يتوسّل بهؤلاء لكي يشفعوا له عند الله ليطلبوا من الله تعالى أن يقضي حوائجهم ، فهو في الحقيقه طلب من الله تعالى لكن مع التوسّل بأوليائه المقربين فيكون إمتثالاً لأمره تعالى ، حيث يقول في القرآن الكريم : ( وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ )المائدة : ۳٥ ، وهذا كما نقول لصديقنا ادع الله تعالى لنا ليقضي حوائجنا ، فهل طلب الدعاء من الصديق يكون شركاً وعبادة لغير الله تعالى ؟!


وقد صرّح القرآن الكريم بانّ أولاد يعقوب جاؤوا إلى أبيهم وطلبوا منه أن يستغفر الله لهم ، ولم يعترض عليهم أبوهم يعقوب النبي لماذا تطلبون منّي ان استغفر الله لكم بل استغفروا الله بأنفسكم ؟ ولم يقل لهم هذا شرك ، بل وعدهم واستغفر لهم الله تعالى ، قال تعالى : (( قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (٩٧) قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٩٨) )) يوسف .


وهكذا القرآن الكريم يقول : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّـهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّـهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ) النساء : ٦٤ ، فذكر انّ من شروط قبول توبتهم أن يأتوا إلى النبي (صلى الله عليه وآله) ويطلبوا من الإستغفار لهم فهل القرآن الكريم يدعوا إلى الشرك ؟!


الثاني : ان يطلبوا من النبي (صلّى الله عليه وآله) أو علي عليه السلام مثلاً أن يقضي حوائجهم بإذن الله تعالى مع الإعتقاد بأنّ الله تعالى هو القادر بالذات لكنّه أعطى لأوليائه القدرة على قضاء بعض الحوائج كما أعطى خاصية العلاج للدواء وكما أعطى القدرة لعيسى بن مريم على شفاء المرضى وإحياء الأموات حيث قال : ( وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِي ) المائدة : ۱۱۰ ، ولم يقل ( وابرء الأكمه والأبرص بدعائك يا عيسى بن مريم ). وانّما نسبة الابراء والاحياء إلى نفس عيسى بن مريم ، لكن من المعلوم انّ عيسى بن مريم ليس له قوّة له إلّا بالله العلي العظيم .


وبناء على ذلك فطلب الحوائج من النبيّ والأئمّة وأولياء الله الصالحين مع الإعتقاد بأنّ الله تعالى هو الذي أعطاهم القدرة على ذلك نظير إعطاه خاصية العلاج للدواء فهو عين الطلب من الله تعالى وعين التوحيد ، حيث انّه يتضمّن الاعتقاد بأنّه لا مؤثّر في الوجود إلّا الله تعالى ولا يقدر أحد على شيء من دون إفاضة القدرة عليه من الله تعالى ، وهذا هو معنى قولنا لا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم .


٤ . وهكذا يتضح ان قول : يا علي أويا فاطمة أغيثيني ، ليس عبادة لغير الله تعالى ، ولو كان قول هذا عبادة لكان قول الرجل لصاحبه : « يا سعيد ساعدني ، وقول الولد لأبيه : يا أبي أعطني مالاً ، وقول المرأة لزوجها : يا فلان أحضر لي دواء ، ونحو ذلك عبادة أيضاً ، مع أن جميع المسلمين بل جميع العقلاء أطبقوا على أن هذا ليس بعبادة ، وأن قائل هذه الأمور ونحوها ليس بآثم ، مع أنها لو كانت عبادة لكان آثماً قطعاً .


ودعاء شخص في النوائب والملمات لا يكون عبادة له ، ولو كان عبادة لما جاز لأحد أن يستعين بأحد في شيء ، ولما جاز لمن وقع في حفرة مثلاً أن يطلب من الناس مساعدته في الخروج منها ، ولا لمن أصيب بمرض أن يذهب إلى الطبيب ويطلب منه مساعدته في الشفاء من مرضه ، وهذا لا يقوله عاقل .

تعليقات