العلامة الحجة الشيخ فرج العمران (قد)

في مبادرة مباركة تستوجب الشكر والعرفان تبنت لجنة النور القيام بمهمة إحياء ذكرى إنسان لم يبخل بجهده وبوقته وبما ملكت يداه إذ لم يدخر وسعاً في القيام بكل ما من شأنه رفعة وسموّ وطنه وبني وطنه في عالم الفكر والمعرفة على صعيد الثقافة الإسلامية، درسا وتدريساً وتأليفاً. مفصحة عن هذا التوجه في تبنيها للمشروع في مقدمتها للكتاب بقولها: «بمناسبة مرور ثلاث وعشرون سنة على وفاة العلامة الحجة الشيخ فرج العمران «قدس سره»، رأت لجنة النور القيام بجمع ما قيل فيه نثراً، وشعراً، واختيار الأجود منه لتقديمه للنشر، تخليداً لذكره، وشكراً على خدماته العلمية، ولاجتماعية، والأدبية لأهل العلم، ورجالات الفكر والأدب في الخليج وغيره، وتكريماً للقطيف التي أنجبت أمثاله من العلماء العاملين» ص(5) من الكتاب.

وقد جاءت هذه الذكرى على محورين:

المحور الأول: وتضمن دراسة بعنوان (البحاثة المؤرخ الشيخ فرج العمران)، بقلم سبطه سماحة العلامة السيد منير الخباز.

المحور الثاني: وجاء معنوناً بـ(المراثي) ضاماً بين دفتيه ما تم اختياره من قبل اللجنة من تلك القصائد التي قيلت في مراسم التأبين، وأربعينيته الراحل، باستثناء قصيدة للأستاذ: حسين الجامع نظمت كما هو واضح من التوقيع في يوم الأحد الموافق 5-4-1420 هـ.

المحور الأول: البحاثة المؤرخ الشيخ فرج العمران

بقلم سبطه سماحة العلامة السيد منير الخباز القطيفي، ويقع في 58 صفحة من الكتاب، كتبت عام 1417 هـ، كما أشير إلى ذلك في هامش الصفحة (7) ولم يضف إليها أي زيادة أو تغيير.

وقد تضمنت هذه الدراسة العناوين التالية:

1- شخصيته العلمية.

2- شخصيته الأدبية.

• شاعريته: أ- المدح والرثاء. ب- الحكمة. ج- التأريخ. د- الارجوزة.

• قلمه: – البعد التاريخي. – البعد العلمي. – البعد الأدبي. – البعد الروائي.

• شخصيته الروحية: -الجهة الأولى: صفاء النفس. -الجهة الثانية: الصبر. -الجهة الثالثة: الورع والعبادة.

عمد سماحة العلامة السيد منير الخباز قبل الشروع في عناصر الدراسة إلى الحديث من باب المقدمة التمهيدية ليطلع القارئ ويعرفه على موقعية الراحل سماحة العلامة الشيخ فرج العمران من الحركة العلمية في القطيف، وما هو دوره فيها؟، وماذا كان يمثل؟.

فاعتبره «من الرواد الأوائل للحركة العلمية والأدبية في القطيف في نصف قرن مضى، وأستاذ مجموعة من شعراء الوطن وأدبائه، ومفكريه، كشاعر القطيف العلامة الشيخ عبد الحميد الخطي (1331 هـ – 14/1/1422 هـ)، والعلامة الشيخ منصور البيات ( 1325 هـ- 29-8-1420 هـ)، والخطيب الكبير الشيخ ميرزا البريكي (1326 هـ – 1395 هـ)، والأستاذ المؤرخ محمد سعيد المسلم (1341 هـ – 20-11-1414 هـ)، والشاعر الملهم الشيخ محمد سعيد الخنيزي ».

ونستدرك مضيفين إلى من ذكر من تلامذته قدس سره سماحة التقي العلامة الشيخ علي الشيخ منصور المرهون حفظه الله تعالى المتولد سنة 1334 هـ، وقد تتلمذ على يديه على حاشية ملا عبد الله على تهذيب المنطق، وكان زميله في هذا الدرس سماحة العلامة الخطي رحمه الله، كما قرأ عنده أيضاً مع الشيخ محمد صالح البريكي ( 1314 هـ 1374 هـ) ، والشيخ عبد الحي المرهون (1302 هـ، 1366 هـ)، كتاب كفاية الأصول.

ثم استعرض تاريخ ميلاده الشريف و المصادف 2-10-1321 هـ، كما وذكر سريعا جانباًً من الظروف الأسرية التي مر بها في صغره من يتم وفقر، وتولي والدته مهام تربيته وتنشئته، وأشار كذلك إلى تعلمه للقرآن الكريم عند المعلم الحاج محمد بن أحمد الجني ، والكتابة عند الملا عبد الله الخباز المتوفى عام 1362 هـ، وأنه قد تفتحت مواهبه وطاقاته حينما تجاوز العاشرة من عمره حيث كان يعرض شعره على الشيخ عبد الله آل نصرالله المتوفى عام 1341 هـ، الذي أشار إليه بالدراسة وطلب العلم والمعرفة. والتي بدأت عام 1337 هـ، حيث أنهى المقدمات من النحو والصرف والمعاني والبديع والمنطق، ثم قرأ السطوح في الفقه والأصول والحكمة وعلم الكلام على علماء بلاده كالشيخ باقر الجشي، والشيخ محمد حسين عب الجبار، والشيخ أحمد السنان، والشيخ أحمد آل عطية، والشيخ محمد صالح المبارك، ثم رحل للنجف الاشرف ودرس على يد فطاحلها من قبيل الشيخ عبد الكريم الجزائري، والشيخ محمد علي الكاظمي، والشيخ علي الجشي، والسيد محسن الحكيم، والشيخ ضياء الدين العراقي، وقد استغرقت لمدة عامين عاد بعدهما للقطيف مناراً متألقاً بالعلم والتقوى. وبعد هذه المقدمة التي أوردها (الخباز) في مطلع الدراسة شرع في تسليط الضوء على تلك الأبعاد التي تحتويها شخصية الراحل قدس الله نفسه الزكية من خلال عناصر الدراسة المشار إليها سابقاً.

أولاً: شخصيته العلمية

أرجع (الخباز) سرّ النبوغ في شخصية الراحل العلمية إلى التقائها مع مكتسباته الذاتية من قبيل «الذكاء، والحافظة، والنشاط »، واستدل على هذه المواهب من خلال ما سطرته يراعه في مختلف الموضوعات والأبواب التي طرقها بقلمه الشريف، وذلك من خلال قراءة منثوره، ومنظومه، فالتحليل الدقيق للنظريات الفلسفية والأصولية في كتابيه «سقط الغوالي»، و«الأزهار الأرجية» يكشف عن حدة الذهن.

ورد الفروع إلى الأصول وتطبيق الكبريات الكلية على صغرياتها الجزئية في المجال الفقهي (…) يرشدنا لاستقامة السليقة وحُسن الذوق العلمي، وروعة إجابته للمسائل (الكويتية)، يدلنا على سرعة البديهة وهذه كلها ملامح ذكاء. أما قوة الحافظة عنده فأرجعها لحديث معاصريه، وأما نشاطه فتشهد به كثرة كتبه وأبحاثه التي تجاوزت الثلاثين ص 12، أما عن السر في هذا التوهج والنبوغ فقد أرجعه (الخباز) إلى عشق العلم والأدب وهدوء البال. ثم يعلق (الخباز) على هذا المربع قائلاً « وحيث اجتمعت هذه الروافد في شخصية المترجم مع تزويدها بمنابع الفكر والثقافة أدباً، وفقهاً، وأصولاً، وحكمة مدة ثلاثين عاماً درساً، وتدريساً، تمخضت هذه السنون عن شخصية جديرة بلقب (العلامة) لما لديها من تضلع وتمكن من العلوم العقلية، ولما لها من ضبط واستيعاب للعلوم النقلية، وخبرة ودراية بالتاريخ ص 14».

ثانياً: شخصيته الأدبية

تفتحت شخصية الراحل الأدبية وهو في العقد الثاني من عمره الشريف. وتمت مناقشتها في نقطتين:

• الأولى: شاعريته:

لقد جرى الشعر في روحه مجرى الدم في جسده، فهو يقوله الشعر بأدنى مناسبة، وينظمه بأقصر وقت في كل حين ولو بين النوم واليقظة ص 19، وعلل (الخباز) فقدان بعض شعره الحُسن والجودة إلى عامل الكثرة والسرعة(غير أنك واجدٌ) بين شتات الأبيات التي قالها قصائد رائعة جذابة، وحكماً بليغة، وتواريخ فريدة، تنطق عن شاعرية فذة، ونفس رقيقة ص 20 ثم تناول (الخباز) أربعة فقط من أغراض وفنون الشعر التي تفتقت عنها قريحة الراحل قدس سره الشريف، و التي شملت في: المدح والرثاء، الحكمة، التاريخ، الأرجوزة. مورداً في كل غرض منها ما يناسب المقام من أبيات.

أ- المدح والرثاء:

أرجع (الخباز) غلبة شعر الراحل على هذا النوع من أغراض الشعر (المدح والرثاء)، بدافع العقيدة والولاء، وروحه الاجتماعية، والتقديس لتاريخ الوطن وحفظ تراثه، فهو يصدح في هذا الحقل، خصوصاً مدائح آل الرسول ، ومراثيهم التي صدر فيها ديوانان: «الروض الأنيق»، و «وسيلة المشتاق» ص 20. وسماحة العلامة الراحل في هذا الجانب شأنه شأن العديد من بني وطنه القطيف حيث غلب عليهم هذا التوجه في مدح ورثاء الرسول الأعظم وأهل بيته ، والمتتبع للشعر القطيفي يجد هذا التوجه واضحاً وجلياً وقد ألف تلميذه العلامة الشيخ علي المرهون كتاباً تحت عنوان (شعراء القطيف في قسمين) جعله خاصاً بمراثي أهل البيت خاصة دون تعديه إلى سواهم في المدح أو الرثاء، كما ويمكننا أن نعتبر سماحة آية الله الجشي صاحب مدرسة في هذا الجانب العقدي من نظم القصيد.

وقد أورد (الخباز) نصا مكوناً من ثلاثة عشر بيتاً قالها سماحة الراحل في الترحيب بالعلامة آية الله الجشي عندما قدم من النجف للقطيف متوشحاً برد الزعامة فقيهاً مجتهداً وتولى منصب القضاء، نورد منها أربعة أبيات:

شعّت بساطع نورك الأوطانُ * وزهت بغرة وجهك الأزمانُ

واستبشر الشرع المقدس والتجا * بحمى علاك العلم والعرفانُ

وتوشحت أيتام آل محمدٍ * برد الجلال الشيب والشبانُ

قسماً بجاهك أنت روح جسومنا * ولعين دين محمدٍ إنسانُ

و علقّ (الخباز) على هذه الأبيات الرائعة بقوله «ما أروع هذا الخيال، وما أعذب هذا التركيب حتى كأن الكلمات تلاقت بنفسها وائتلفت في رصانة من الأسلوب، وسلامة من اللفظ، ص 21»، كما أورد كذلك نصاً آخر يستشهد به على شاعريته معبراً عنه «بالرقيق العذب»، وقد وجاء هذا النص بمناسبة زفاف الشيخ زكي عبدالكريم الخنيزي على كريمة العلامة الخطي منها:

رشاً تعالى عن يد القناصٍ * وأبى عن الغرفات والأقفاصِ

بالوصل يوعدني ويخلف وعده * عاص يرجّي الوصل أو معتاصِ

لي عنده حق الوصال محتمٌ * فلئن أبى فعليه حق قصاصِ

يا سعد دع هذا الغزيّل جانباً * فلربما بالصد تاب العاصي

واعطف بنا نحو الزكي أخي الصفا * رب الوفا والصدق والإخلاص

أعني فتى عبد الكريم أخي العلا * من خيرة الأفذاذ والأشخاصِ

وأشار (الخباز) معلقاً «إن هذا الإيقاع الموسيقي المطرب وإن كان في قافية عاصية، وهذا التشبيب اللطيف يذكرنا بذلك النمط الكلاسيكي المترف الذي اختفى في عصرنا الحاضر إلا أن الشيخ الزاهد المقدس يعود للأجواء الروحية التي ألفها، ويعرض عن هذا التصوير الغزلي على الطريقة التقليدية في العدول من التشبيب للغرض الأصلي ص 23 ص 24». ثم استعرض مراسلاته الأدبية فيما يختص بالميدان الاجتماعي نثراً وشعراً مع الشاعر الكبير الكويتي خالد الفرج المتوفى عام 1371 هـ. كما وأشار إلى مراسلاته الأدبية فيما بينه وبين الشاعر الكويتي الكبير خالد الفرج من خلال نصين لكل منهما تجاه الآخر.

ب- الحكمة.

قي خصوص هذا الغرض الشعري العظيم أحال (الخباز) تعلق العلامة الراحل إلى هذا الركن العظيم والسامي من عالم الحرف والكلمة إلى مصدر الأعجاز البلاغي والبياني القرآن الكريم فـ”شاعرتا الشيخ فرج الذي أكثر من شعر الحكمة وأبدع فيه، كان كذلك لأنه الإنسان الذي عاش طوال عمره مع القرآن يستلهم العظة ويستوحي العبرة ويتغذى بمعارف الأحاديث النبوية ويتنور بألق العبادة والدعاء (…) وهو الشخص الذي جرب قسوة الحياة، وهو الفرد الذي خالط طبقات المجتمع بمختلف مستوياته الذهنية والمادية والاجتماعية، وحيث اجتمعت هذه العناصر صدح يقول والشيب يكسوه وقاراً وبهاءً ص 29″، ثم يورد نصوصاً تفصح عن هذا البعد الحكمي من شعره نقتطف منها:

بنو آدم ما وفوا بالعهود * ولن يخلف الله لو أنهم

ولو أنهم آمنوا واتقوا * فتحنا عليهم ولكنهم

ومما قاله أيضاً:


حمامة حيك لا تطرب * وبلبل حقلك لا يعجب

تغّرب تكن مطرباً معجباً * فذو الغربة المطرب المعجب

ج- التأريخ.

و تعني فن التأريخ لميلاد شخص أو وفاته أو لحادثة معينة، ويتركز هذا الفن على الحروف الأبجدية التي يرمز كل حرف منها لعدد معين. وهذه الكلمات هي: (أبجد هوّز حطي كلمن سعفص قرشت ثخذ ضظغ)، والمؤرخ هو الذي يصوغ جملة تامة مناسبة للحدث المطلوب تاريخه، وموافقة في مجموع حروفها لعام الحدث.

وعن هذه المهارة بالنسبة للشيخ فرج يضيف العلامة الخباز وقد كان المؤرخ الشيخ فرج ربّ هذا الفن في القطيف فهو الذي قد ينظم مادة التأريخ في أقل من خمس دقائق مع روعة النظم ولطفه فبيده زمام هذه الصناعة بمختلف مظاهر الإبداع والحُسن فيها. ويرى الخباز بأن مظاهر الإبداع في التأريخ الذي نظمه الراحل حسب مناسباتها تأتي في ثلاث مظاهر هي:

الأول: إيجاز التأريخ وتعني أن مادة التأريخ قليلة الكلمات لسهولة الحفظ وهي من الخصائص المتوفرة لدى الشيخ فرج في نظمه للتأريخ.

الثاني: جعل أسم الشخص تأريخاً لميلاده أو وفاته أو اسم الحادثة تأريخاً لعام وقوعها.

الثالث: حسن مادة التأريخ نفسها في سلاسة كلماتها وعذوبة وقعها ومناسبتها للحدث المؤرخ.

وفي كل هذه المظاهر الإبداعية من فن التأريخ كان الشيخ فرج فارس ميدانها، ومنها على سبيل المثال:

ما قاله في ميلاد نجله العلامة الشيخ حسين حفظه الله:

 

ولدي حسين مذ بدا * ورحيق ريقته مضغ

هتف الزمان مبشراً * ومؤرخاً « قمري بزغ»

وقال أيضاً مؤرخاً لوفاة الحجة المقدس آية الله الشيخ علي أبي الحسن الخنيزي عام1363 هـ :

علي أبو حسن قد مضى * وفي قبره والهدى ألحدا

فأصبح أفق الهدى مظلماً * يؤرخ قد غاب «بدر الهدى»

د- الأرجوزة

أشير في موضعه من الدراسة إلى أن الشيخ فرج “من الأدباء الذين مارسوا هذا الفن بكثرة، حتى عُدّ في نظر كثير من نقاد الأدب وأربابه من شعراء الأراجيز، كما ذكر ذلك الأديب الشاعر عبد الرسول الجشي في دراسة له للحركة الأدبية في الخليج المنشورة في جريدة البحرين، وقد أبدع شاعر الأراجيز الشيخ فرج العمران في صياغتها ونظمها واستخدامها ترجماناً لأفكاره واتخاذها عقداً نظم فيه ثقافته وضمنه ثروة من المعلومات القيمة… ص40”.

وأشار كذلك بأن للعلامة الشيخ فرج العمران أراجيز علمية جديرة بأن تشرح شرحاً دقيقا وافياً منها (مرشد العقول في نظم علم الأصول) التي تبلغ 500 بيت تقريباً. ومنها منظومته الفقهية الاستدلالية (الدرر الغرر)، ومنها (الدرر الثمينة)، واعتبر الخباز خير أراجيزه (الكلم الوجيز) في العقائد، تحدث في بعض فصولها عن التوحيد وإثبات وجود الله عز وجل مستعرضاً البرهان الذي عرضه المتكلمون على ذلك.وقد أورد مجموعة من أراجيزه نأتي ببعض مما ورد في أرجوزته الكلم الوجيز.

معقولنا إما لذات ممتنع * أو ممكن لذاته لم يمتنع

أواجب لذاته فذاته * وجوده وهكذا صفاته

فأول عن بحثنا ننفيه * إذ ليس للوجود حظ فيه

والثاني للثالث عقلاً مفتقر * إذ قبل أن يوجد كيف يقتدر

والشيء لا يوجد نفسه كما * قضت به آراء كل العلما

وغيره لو كان مصنوعاً إلى * سواه أيضاً دار أو تسلسلا

فلا مناص عن وجود صانع * ليس بمصنوع بلا تنازع

ذاك هو الواجب وهو الثالث * وغيره الممكن وهو الحادث

قلمه:


أفرد الخباز مساحة طيبة لهذه الفقرة والتي يمكن اعتبارها الثمرة الطبيعية لكل ما تقدمها من فقرات الدراسة، لأنها جميعا تعتبر بمثابة الابن الشرعي لهذا اليراع الشريف، كما وأفصح الخباز في هذه الفقرة بالذات عما يمكن أن يفعل على صعيد الإحياء الحقيقي لتراث هذا الرجل وذلك بتسليطه الضوء على موسوعته الرائعة والموسومة بالأزهار الأرجية قال: “وفي رأيي أن هذه الموسوعة تحتاج لدراسة خاصة بها نقداً وتحليلاً كسائر الموسوعات التاريخية المهمة ص 55″، نعم لقد بدأت تتضح قيمتها المعرفية شيئاً فشيئاً فيما يتصل بدراسة حركة الإنسان القطيفي في ميدان الحياة في أبعادها المختلفة والتي أتستطاع سماحته من إقنتاصها وتدوينها فحفظ من خلال هذا التدوين والتسجيل موروث أمة لولاه لضاع وعلى حد تعبير تلميذه سماحة العلامة الشيخ علي المرهون في مقدمته للجزء الثاني من هذه الموسوعة (… لذا كان أزهاراً أرجية تحفها ثمار يانعة قطوفها دانية من أدب رفيع، وتاريخ مجيد ونادرة مبتكرة وتراجم رجال عاملين من القطيف وغيره لولاه لجر عليهم الخمول ذيله وذهب حديثهم كأمس الدابر فشعرت (والحق يقال) بالإدانة أمام هذا المشروع الكبير كمواطن لزمه الاعتراف بالحق لأهله والشكر لمن قام به، ج 2 ص 2)، وقد أشار إلى مجموعة من كتبه في موضوعات مختلفة من قبيل: (الخمس على المذاهب الخمسة، غوالي اللئالي، في الحكمة والفلسفة، تحفة أهل الأيمان في تراجم آل عمران، ومستدرك التحفة، النفحات الأرجية في المراسلات النجفية…. الخ).

أما من حيث موسوعة الأزهار فقد تناولاها الخباز من جهتين.

الأولى: تصنيفها. وتناول فيها أربعة أبعاد:

البعد التاريخي: وتعني تسجيل الأحداث التي عاشها المترجم وعاصرها منذ عام 1330 هـ تقريباً، وحتى وفاته عام 1398 هـ.

البعد العلمي: ويعني تحرير كثير من البحوث الفقهية والحكمية والأصولية والثقافية سواء كان التحقيق منه أو من غيره.

البعد الأدبي: ويعني ما قيل من الشعر والنثر في مدح أو رثاء عَلَم من الأعلام سواء كان نتاجه أو نتاج غيره.

البعد الروائي: ويعني سرد الحوادث والأسفار التي قام بها المترجم بجميع تفاصيلها الجزئية.

الجهة الثانية: صياغتها

أبان الخباز في هذه الجهة موقف المطلعين على موسوعة الأسفار والتي عرضها في موقفين الأول: و يتمثل في ترجيح الأسلوب الذي سار عليه المؤلف من حيث عدم النظم في تصنيفه للموضوعات التي تناولها، فجاء أشبه شيء بالكشاكيل التي تنقل القارئ في رياضها من زهرة لوردة إلى أقحوانة. رفعاً للملل، الثاني: يدعوا إلى ترتيب المعلومات وتنظيمها بوضع المادة التاريخية في شعبة والمادة الأدبية في شعبة أخر وهكذا بقية الموضوعات. تسهيلاً للباحث المتتبع وبذلك تبرز قيمة الكتاب وأهميته كمرجع تاريخي موسع. كما وأشار للدوافع التي حملت المصنف على كتابة موسوعته الأزهار بهذه الكيفية من حيث الشكل والأسلوب.

و في معرض حديثه حول الدعوة القائلة بالتصنيف أشار إلى إمكانية ذك بوضع فهرست يجمع شتاتها ويحافظ على محتوياتها مع المحافظة على الأسلوب القصصي الممتع الذي أنتهجه المصنف. وفي خصوص هذا المقترح نشرت مجلة الموسم في العدد ( 9 -10 ) 1991 م – 1411 هـ ص 365)، فهرساً أعده فضيلة الأستاذ: الشيخ حسين أل مصطفى القطيفي لموسوعة الأزهار صنفه على الشكل التالي (فهرس الترجم والسير، أسئلة + إشكالات + استفتاءات، فقه: أصول، الفقه وأصوله، الإجازات والوكالات، التواريخ الشعرية، وفيات الأعلام وتأبينهم، الأدعية والأحراز وفك الألغاز، حكايات وأفكار اجتماعية، العلوم العربية، العلوم العقلية،علوم الحديث، فوائد ونظرات عقلية ونقلية وأدبية، تاريخ – جغرافيا – فلك، الطرائف – العجائب – الرؤى، في رثاء الأئمة عليهم السلام، مدح الأئمة وأتباعهم، المكاتبات). وعن دوافع الراحل قدس سره لاقتفاء هذا الأسلوب فكانت كما بدت للخباز في ثلاث نقاط.

الأولى: استذواق المؤلف لهذا البيان القصصي أكثر من العرض الجاف.

الثانية: مناسبة هذا الأسلوب في سرده للأسفار التي قام بها مفصلاً، مع ذكر الشخوص التي يلتقيها على اختلاف طبقاتهم ومستوياتهم، كما يتيح هذا العرض وبهذا الأسلوب بعد عشرات السنين سيكون ثروة تاريخية ثمينة، للباحث التاريخي، والاجتماعي.

الثالثة: أن هناك كثيراً من المعلومات الأدبية والاجتماعية قد لا تسمح الظروف الموضوعية لإثارتها وطرحها بشكل مباشر صريح مع أن ذكرها ضروري لانتظام المسيرة التاريخية فلا بد من الاحتيال لذكرها بين شتات التراجم وحكايات الأسفار.

شخصيته الروحية وضمت ثلاث لقطات:

الأولى: صفاء النفس. وفيها المح الخباز لعلو هذه النفس التي لم تعرف الحقد والشحناء حتى على أعدائها، ولم تفه يوماً بكلمة سوء على المتعرضين لها بالجرح والتوهين.

الثانية: الصبر. وقد تجسدت لديه هذه الملكة على صعيد الإرشاد والإصلاح الديني والقيام بالمسؤولية الدينية كل عام مرشداً لحجاج بيت الله الحرام، والتنقل خلال شهور السنة بين القرى والأرياف لتوعية المجتمع وهدايته. كما وفُجع برحيل ولديه حسناً، وعلياً في ريعان شبابهما ونضارة عمرهما ولم يثنه ذلك عن مواصلة درب البذل والعطاء.

الثالثة: الورع والعبادة. و تمثل في عشقه للعبادة ولزوم درب الطاعة، وكذلك في بعده عن بهارج وبريق المادة وزخارفها فخرج من الدنيا ولم يترك غير سبعة ريالات ودار سكنه ومكتبته.

القسم الثاني: المراثي

وضم هذا القسم مجموع المراثي التي قيلت في حقه رضوان الله تعالى عليه والتي بلغت ثلاثون قصيدة والمشاركين هم بحسب ما ورد في الكتاب. وهم كما يلي:

(1) المرحوم الشاعر: محمد سعيد الجشي، و شارك بقصيدتين.

(2) العلامة الحجة العلم الشيخ حسين الشيخ فرج العمران.

(3) المرحوم الشاعر: الحاج أحمد الكوفي، وشارك بقصيدتين.

(4) صاحب الفضيلة المرحوم الشيخ حسن الجزيري الاحسائي.

(5) العالم التقي الفاضل الشيخ علي المرهون.

(6) العلامة الفاضل الشيخ محسن المعلم.

(7) الخطيب الكبير الفاضل الشيخ عبد الحميد المرهون، وشارك بقصيدتين.

(8) الخطيب الأديب الشيخ راضي المرهون.

(9) الخطيب الشيخ محمد حسن المرهون.

(10) المرحوم الشاعر محمد الشيخ فرج العمران، وشارك بثلاث قصائد.

(11) المرحوم الحاج أحمد المصطفى.

(12) المرحوم الشاعر علي الشيخ حسين القديحي.

(13) الخطيب السيد عبد الرسول الكفائي الكاظمي.

(14) الخطيب الكبير الباحث الفاضل الشيخ حسن الصفار.

(15) المرحوم الأستاذ الشاعر عبد الوهاب المجمّر.

(16) المرحوم الشاعر وجدي محروس المحروس.

(17) الشاعر الأديب عبد الجليل الماء التاروتي.

(18) الخطيب الشاعر الشيخ محمد علي الناصر، وشارك بثلاث قصائد.

(19) المرحوم الملا حسن الجامع.

(20) الشاعر الاستاذ حسين الجامع.


تعليقات