السيد أبو القاسم الخوئي (قدس سره)

(1317 هـ – 1413 هـ)

ولادته و هجرته الى النجف:

ولد الامام الخوئي في ليلة النصف من شهر رجب سنة 1317 هـ الموافق 19/11/1899 م، في مدينة خوي من إقليم آذربيجان، و قد التحق بوالده العلامة المغفور له آية الله السيد علي اكبر الموسوي الخوئي الذي كان قد هاجر قبله إلي النجف الأشرف، و حيث كانت المعاهد العلمية في النجف الأشرف هي الجامعة الدينية الكبرى التي تغذي العالم الإسلامي كله و ترفده بالآلآف من رواد العلم والفضيلة على المذهب الامامي، فقد انضم سماحته و هو ابن الثالثة عشرة إلى تلك المعاهد، و بدأ بدراسة علوم العربية و المنطق و الأصول و الفقه و التفسير و الحديث.

 منهجه العلمي:

يمتاز سماحة الإمام الخوئي (قده) بمنهج علمي متميز و أسلوب خاص به في البحث و التدريس، ذلك انه كان يطرح في أبحاثه الفقهية و الأصولية العليا موضوعا، و يجمع كل ما قيل من الأدلة حوله، ثم يناقشها دليلا دليلا، و ما أن يوشك الطالب على الوصول إلى قناعة خاصة، حتى يعود الإمام فيقيم الأدلة القطعية المتقنة على قوة بعض من تلك الأدلة و قدرتها على الاستنباط، فيخرج بالنتيجة التي يرتضيها، و قد سلك معه الطالب مسالك بعيدة الغور في الاستدلال و البحث، كما هو شأنه في تأليفاته القيمة، بما يجد المطالع فيها من تسلسل للأفكار و بيان جميل مع الدقة في التحقيق و البحث، و لذا فقد عرف بعلم الأصول و المجدّد.

 و لا تقتصر أبحاثه و تحقيقاته على هذين الحقلين في الأصول و الفقه، فهو الفارس المجلّي في علم الرجال أو (الجرح و التعديل) و قد شيّد صرحا علميا قويما لهذا العلم و مدخليته في استنباط المسائل الإسلامية، جمعها في كتابه الشهير ‘‘ معجم رجال الحديث و تفصيل طبيقات الرواة ‘‘ ، كما بذل جهدا كبيرا في التفسير و علوم القرآن و ضعها في مقدمة تفسيره ‘‘ البيان في تفسير القرآن ‘‘، و غيرها من الحقول العلمية.

 و لهذا فقد جمع من حوله طيلة فترة تدريسه إعدادا كبيرة من طلبة العلوم الدينية و الأساتذة اللامعين، ينتمون الى بلدان العالم المختلفة ، فكان هناك طلاب من سوريا و لبنان و الإحساء و القطيف و البحرين و الكويت و إيران و الباكستان و الهند و أفغانستان و دول شرق آسيا و افريقيا مضافا الي الطلبة العراقيين، و لم يكتف سماحة الإمام بتغذيتهم علميا و ثقافيا، و رعايتهم روحيا، بل امتد ذلك ليشمل تغطية نفقاتهم المعيشية من الحقوق الشرعية التي كانت تصل إليه، و هكذا فقد أسس سماحته مدرسة فكرية خاصة به ذات معالم واضحة في علوم الفقه و التفسير و الفلسفة الاسلامية و البلاغة و أصول الفقه و الحديث.

 مشايخه:

تتلمذ الإمام الخوئي (قده) على كوكبة من أكابر علماء الفقه و الأصول، و مراجع الدين العظام في بحوث الخارج، و من أشهر أساتذته البارزين:

آية الله الشيخ فتح الله المعروف بشيخ الشريعة، المتوفى سنة 1339 هـ.

آية الله الشيخ مهدي المازندراني، المتوفى سنفة 1342 هـ.

آية الله الشيخ ضياء الدين العراقي، 1278-1361 هـ.

آية الله الشيخ محمد حسين الغروي، 1296-1361هـ.

آية الله الشيخ محمد حسين النائيني، 1273 – 1355 هـ، الذي كان آخر أساتذته.

 كما حضر قدس سره، و لفترات محددة عند كل من:

آية الله السيد حسين البادكوبه أي، 1293 – 1358 هـ ، في الحكمة و الفلسفة.

آية الله الشيخ محمد جواد البلاغي، 1282 – 1352 هـ ، في علم الكلام و التفسير.

آية الله السيد ميرزا علي آقا القاضي، 1285 – 1366 هـ ، في الأخلاق و السير و السولك و العرفان.

 و قد نال درجة الاجتهاد في فترة مبكرة من عمره الشريف، و شغل منبر الدرس لفترة تمتد إلى أكثر من سبعين عاما، و لذا لقب بـ ‘‘ أستاذ العلماء و المجتهدين ‘‘.

 و له أجازة في الحديث يرويها عن شيخه النائيني عن طريق خاتمة المحديثين النوري، المذكور في آخر كتاب ‘‘ مستدرك الوسائل ‘‘ لكتب الامامية، و أهمها الكافي، و من لا يحضره الفقيه، و التهذيب، و الاستبصار، و وسائل الشيعة، و بحار الأنوار، و الوافي، كما و له إجازة بالرواية عن طرق العامة، عن العلامة الشهير السيد عبد الحسين شرف الدين العاملي قدس سره، المتوفي سنة 1377.

 تلامذته:

لقد تتلمذ بين يدي سماحته عدد كبير من أفاضل العلماء المنتشرين في المراكز و الحوزات العلمية المدينيية الشيعية في أنحاء العالم، و الذين يعدون من أبرز المجتهدين من بعده، و منهم:

1- آية الله السيد علي البهشتي – العراق.

2- آية الله السيد علي السيستاني – العراق.

3- آية الله الشيخ محمد إسحاق الفياض – العراق.

4- آية الله الشيخ ميرزا علي الفلسفي – إيران .

5- آية الله الشيخ ميرزا جواد التبريزي – إيران.

6- آية الله السيد محمد رضا الخلخالي – العراق.

7- آية الله الشيخ محمد آصف المحسني – أفغانستان.

8- آية الله السيد علي السيد حسين مكي – سوريا.

9- آية الله السيد تقي السيد حسين القمي – ايران.

10- آية الله الشيخ حسين وحيد الخراساني – ايران.

11- آية الله السيد علاء الدين بحر العلوم – العراق.

12- آية الله المرحوم الشيخ ميرزا علي الغروي – العراق.

13- آية الله المرحوم السيد محمد الروحاني – إيران.

14- آية الله المرحوم الشيخ ميرزا يوسف الايرواني – إيران.

15- آية الله المرحوم السيد محي الدين الغريفي – البحرين.

16- آية الله الشهيد السيد عبد الصاحب الحكيم – العراق.

17- آية الله الشهيد السيد محمد باقر الصدر – العراق.

18- و غيرهم كثير من السادة العلماء و المشايخ كبار و أفاضل الأستاتذة، ممن تتلمذ على الإمام مباشرة أو على تلامذته في جميع الحوزات العلمية الدينية المعروفة.

 مرجعيته:

تدرج سماحته في نبوغه طالبا للعلم، فأستاذا، ثم مجتهدا و محققا يعد المجتهدين، فما أن التحق في عنفوان شبابه بدورس الخارج و تقرير بحوث أساتذته على زملائه، سرعان ما عقب شيوخه في أروقة العلم، بالتصدي لتدريس بحث الخارج، فانهالت عليه هجرة طالبي العلم من كل مكان، و قلدته المرجعية العليا جميع مسؤولياتها و شؤونها ، حتى أصبح زعيمها دون منازع، و مرجعا أعلى للمسلمين الشيعة، يقلده ملايين المؤمنين من أتباع مذهب الامامية في مختلف بقاع العالم، و طبعت رسائله العملية لبيان الأحكام الشرعية لمقلديه و بعدة لغات، و تلك بفضل نبوغه و تضلعه في مختلف العلوم الإسلامية ، و بلوغه الغاية من التقوى، و ألمعيته في إدارة الحوزات، و اهتمامه البالغ برفع مستوى العلماء، علميا و معيشيا، و في رعايته للمسلمين عموما . فكان (قده) منذ أيامه الأولى يعدّ بحق، زعيمها الواعد، حتى أصبح رمزا بارزا من رموز المرجعية الرشيدة، و علما من أعلام الإسلام، يخفق علي قمة الحوزات العلمية في كل مكان.

 وفاته:

توفّي السيّد الخوئي (قدس سره) في الثامن من صفر 1413 هـ بمدينة النجف الأشرف، ودفن سرّاً بعد منتصف الليل بمسجد الخضراء بجوار حرم الإمام علي (عليه السلام)، حسب أوامر قوّات نظام صدام المجرم.

تعليقات