زواج الإمام الحسن من جعدة ..
الشيخ نهاد الفياض
بسم الله الرحمن الرحيم
▪️إنَّ من أهم الأسباب التي تُضعف إيمان البعض هو إثارة الشكوك والشبهات، ولذلك ورد في بعض الأخبار المدح الكبير لمن يتصدَّى لدفعها وإبطالها، فعن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام قال: من قوَّى مسكيناً في دينه ضعيفاً في معرفته على ناصبٍ مخالفٍ فأفحمه، لقَّنه الله تعالى ... فوجبتْ لكَ أعالي درجات الجنة (1).
▪️من تلك الشبهات: هي لماذا تزوَّج مولانا الحسن المجتبى صلوات الله عليه من جعدة بن الأشعث؟!
▪️وللجواب عن هذه الشبهة نقول:
▪️أوَّلاً : نحن ـ معاشر الإمامية ـ نعتقدُ بعصمة الإمام المجتبى عليه السلام، ومقتضى الاعتقاد هذا هو التسليم الكامل لكلِّ أقواله وأفعاله وإنْ لم نعرف الوجه والسبب من ورائها. وعليه، فزواج مولانا الحسن عليه السلام من جعدة لعنها الله نابعٌ من مصلحةٍ قطعاً وإنْ كنَّا نجهلُ تلك المصلحة.
▪️ثانياً : لو أردنا أنْ نعرف « الحكمة » من وراء ذلك ـ مع تسليمنا لفعله عليه السلام ـ يُمكننا أنْ نُرجع ذلك إلى سببين:
▪️السبب الأوَّل: وهو ما أشار إليه جملة من الكتَّاب والباحثين وهو من باب دفع الشر الناتج من أبيها الأشعث لعنه الله، باعتبار أنَّ الزواج من بنته جعدة يخفف وطأة العداء، وبالتالي استتباب الأوضاع وحفظ الشيعة في تلك العصور، وغيرها من فوائد تترتب على تلك المصاهرة بحسب الظاهر.
▪️السبب الثاني: علمه صلوات الله عليه بأنها هي من تقتله في حال كونها زوجة له، وذلك لتمضي مقادير الله عزَّ وجلَّ. ونظيره ما روي عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام مع قاتله عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله تعالى.
1ـ ففي الكافي للكليني طاب ثراه عن الحسن بن الجهم قال: قلتُ للرضا عليه السلام: إنَّ أمير المؤمنين عليه السلام قد عرف قاتله والليلة التي يُقتل فيها والموضع الذي قُتل فيه ... فقال عليه السلام: ذلك كان، ولكنه خُيِّر في تلك الليلة، لتمضي مقادير الله عزَّ وجلَّ (2).
2ـ وروي في مناقب الخوارزمي بالإسناد عن حفص بن خالد، عن أبيه، عن جدِّه جابر قال: إني لشاهد لعلي عليه السلام وأتاه المرادي يستحمله، فحمله ثمَّ قال...هذا والله قاتلي، قالوا: يا أمير المؤمنين أفلا تقتله؟ قال: لا، فمن يقتلني إذاً (3).
▪️إذن: لعلَّ الحكمة من وراء زواجه صلوات الله عليه منها لعنها الله هو لتمضي مقادير الله، وأنها ـ باختيارها ـ تكون القاتلة لهذا الإمام العظيم، وبذلك تنال الخزي الأبدي واللعنة السرمدية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الاحتجاج ج1 ص10.
(2) أصول الكافي ج1 ص 260.
(3) المناقب ص392 مؤسسة النشر الإسلامي.