العدل وغائية حركة الإنسان - السيد فاضل الموسوي الجابري

 (العدل وغائية حركة الإنسان)

السيد فاضل الموسوي الجابري

بسمه تعالى

قال تعالى : (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْـمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَـمَ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ).سورة الحديد- آية (25)) .

في منطق القران ان من بين أهم الغايات لإرسال الرسل وإنزال الكتب والشرائع الإلهية هو قيام الناس بالعدل والقسط. قال تعالى : ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْـمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) سورة النحل- آية (90) . 

والميزان هو ما يوزن به  الشيء. ولكل شيء ميزان يختلف عن ميزان الشيء الآخر. الميزان يختلف باختلاف الموزون . فميزان البيع والشراء قد يكون الكيلوغرام او الرطل او المساحة او الحجم او غير ذلك .وهناك اوزان الشعر و أوزان الكلام نحويا وصرفيا  .   والقانون يعتبر كذلك أحد الموازين حيث يقاس به سلوك الأفراد من جهة المواطنة الصالحة من غيرها . وكذا ميزان الأخلاق والأدب.  وكذلك فان التعاليم الدينية تعتبر ميزانا يوزن به التزام الإنسان بالشريعة المقدسة من عدمها ،بل هو أشرف الموازين  حيث توزن به أ عمال الإنسان  يوم القيامة، كما قال تعالى: ( اللهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْـمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ )سورة الشورى- آية (17) .وقال : ( وَنَضَعُ الْـمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَـمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ )سورة الأنبياء- آية (47).

إن قيام الناس بالقسط _أي بالعدل_ من أشرف الغايات في حركة الإنسان التكاملية في حياته الدنيوية. فلابد لكل إنسان أن يكون سعيه في هذا الإتجاه، وأن يكون العدل هو الأساس في كل برنامج سياسي أو اجتماعي او اقتصادي يقوم به . فالقرارات السياسية إذا كانت لا تتضمن او تراعي هذا المبدأ فسوف تكون  قرارات  ظالمة فيها من الحيف والجور على المواطنين. 

ان الشعب العراقي  الكريم قادم على انتخابات تشريعية  تتمخض عنها حكومة وسلطات تنفيذية، فالواجب على  الجهات السياسية مراعاة مبدأ  القسط والعدل والإنصاف في برامجها الانتخابية. فلا تخدع مواطنيها بوعود وشعارات غير قادرة على تنفيذها أو الإلتزام بها .  وأن تقدم البرامج والمشاريع المنصفة لهذا الشعب المسكين ، الذي تحمل من الألم والحرمان الشيء الكثير .  وبالمقابل يجب على الشعب الكريم الإنتباه  الى كل ما يطرح من برامج المرشحين والكتل والاحزاب، بعيدا عن العاطفة والاتباع الأعمى والولاء على أساس الإنتماء القومي أو المذهبي أو المرجعي أو العشائري او غيرها . لأن الناس اذا لم تراعي مبدأ القسط والعدل وتتحرك اليه فلا معنى  من  انتظار الفرج من السماء أو توقع أن  الفرج القريب ، لأن الله أمرنا  بالقيام بالقسط ، وجعله من الغايات الاجتماعية الأساسية. فلابد أن لا نتنازل عن هذا المبدء بأي باي حال من الأحوال حتى في أمور الدين فضلا عن الدنيا. 


السيد فاضل الموسوي الجابري

النجف الاشرف ٤ صفر الخير ١٤٤٣ هج

تعليقات