محمد بن علي ابن أبي جمهور صاحب العوالي

 ابن أبي جمهور صاحب العوالي

محمد بن علي بن ابراهيم بن أبي جمهور الأحسائي (ت: 930 هـ)

أشرنا عند الحديث عن الشيخ ابراهيم بن سليمان القطيفي إلى حقيقة أن تاريخ العلماء والفقهاء في منطقة يكشف عن تجذر الفكر الديني في تلك المنطقة، ويبين أن وجود أتباع ذلك الفكر أو المذهب الديني في تلك المنطقة ليس طارئا ولا نتيجة ظرف سياسي، فإن بروز عالم في مستوى الاجتهاد والاستنباط الفقهي يشير إلى بيئة علمية تفاعل معها هذا العالم حتى وصل إلى هذه المرتبة، وتلك البيئة لا ريب أنها تحتاج إلى محضن اجتماعي يرعاها، وهو ما يشير إلى تاريخ الفكر أو المذهب في هذه المنطقة.

وهذا الأمر كما هو صادق في منطقة القطيف التي عرفت تاريخيا باسم (الخُط) أو حتى (البحرين) فإنه أيضا يصدق في مثل الأحساء[1] التي حمل عالمنا الفقيه المحدث والفيلسوف ابن أبي جمهور ـ وهذا ما اشتهر به ـ النسبة إليها.

وتشكل الفترة التي عاش فيها، فترة متميزة من حيث التطور العلمي في مناهج الاستدلال، بعد فترة المحقق والعلامة الحليين، فقد شهدت هذه الفترة بروز علماء كبار صنفوا وألفوا الكثير من الكتب التي بقيت إلى مراحل متأخرة محل التعليق والمناقشة والبحث..

فقد برز فيها الشهيد الثاني، ووالد البهائي وابنه، والمحقق الكركي، والمحقق الأردبيلي، وغيرهم.. ولا ريب أن بروز شخص بين هؤلاء الفحول يحتاج إلى قدرات استثنائية.. وقد حصل ابن أبي جمهور على تلك القدرات فأصبح علَما يشار إليه، ونجما يهتدى به.

ذلك أنه بعدما طوى دراساته الأولية في بلده على يد والده سافر بعدها بمدة إلى العراق ليحضر درس الشيخ حسن الفتال ـ الذي وإن لم يؤثر عنه كتب تُعرّف به إلا أن أخذ الأعاظم عنه خير معرف ـ، ولا نعلم الفترة التي قضاها في العراق إلا أنه في سنة 877 هـ عزم على الحج عن طريق الشام، وفي طريقه قصد الشيخ علي بن هلال الجزائري (في بلدة كرك نوح في لبنان) الذي يذكر بالإعظام ضمن أساتذة المحقق الكركي، والفاضل القطيفي، وبقي معه مدة قليلة استفاد منها كما قال مترجموه شيئا كثيرا.

بعد أن قضى حجه سافر إلى العراق من جديد ومنها إلى خراسان قاصدا زيارة الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام، حيث نزل فيها عند السيد محسن الرضوي وفي هذا المنزل حصل بين الشيخ الأحسائي وبين الفاضل الهروي مناظرة عقدية سوف نشير إليها فيما بعد.

رؤية في النقاش العقدي والمناظرات :

المناظرات بين العلماء والاحتجاج من قبل كل فريق لرأيه والاستدلال عليه، وتفنيد رأي الخصم ليس شيئا جديدا، ولا يقتصر على جانب دون آخر، بل يشمل الأصول كما يشمل الفروع الفقهية، غير أن الذي يكتسب إثارة خاصة، وأهمية هو المناظرات في الأصول الاعتقادية نظرا لأنه يترتب عليها مع ثبوت أحد الجانبين وتفنيد الجانب الآخر أن يكتشف صاحب هذا الجانب أن طريقه كان طريق مزلة، وعلى غير الجادة.

ونحن نشاهد في هذه الأيام انتشار البرامج الحوارية العقدية، والمناظرات بين أتباع المذاهب الإسلامية، وأصبحت القنوات الفضائية لتكتسب مشاهدين جددا تطعم برامجها بمثل هذه الحوارات، حتى تستفيد من متابعة أنصار كل مذهب ليرى نتيجة (المباراة) !

ومن الواضح للناظر الأضرار الكثيرة المترتبة على مثل هذه المناظرات، في أنها :

1/ تشحن نفوس المسلمين : البعض منهم ضد البعض الآخر، فبينما هم يعيشون في تسالم اجتماعي وأحيانا انصهار اجتماعي، فإذا بهذه البرامج توقفهم على خط المواجهة، فهذا سني وذاك شيعي وعلى كل منهما أن يقف في وجه الآخر، وينتصر لمن يمثله على القناة. فلا يمكن والحال حال مواجهة قوية أن يبقى ذلك الصفاء والسلم في مكانه.

وقد لاحظنا بعض هذه البرامج كيف أن الناس يتركون ما بيدهم لكي يشاهدوا تلك البرامج طامعين أن ينكسر خصمهم وأن يمرغ أنفه في التراب، بما يذكر بصورة المراهقين الذين يشاهدون مباراة كرة القدم بين فريقهم المفضل والفريق المنافس له !

إن كثيرا مما يقوم به دعاة الوحدة بين المسلمين، والتقارب، أو التعايش الاجتماعي، ليذبح على منحر هذه البرامج.. وإن أفضل هدية تقدم للمتطرفين في الأمة هي هذه البرامج.

2/ تشوه صورة المذاهب : فتخرج هذه المذاهب لدى الجميع بصورة مشوهة مما ينتج أثرا عكسيا في التمسك بالدين ككل.. وذلك أن كلا المتناظرين لا يأتي بأفضل ما لدى خصمه، ولا بالحسن مما لديه، وإنما يركز على أسوأ ما لديه من عقائد وأحكام، مما يستنكره الطبع العام، ويستفز السامع.. ويقوم الثاني بنفس الدور.

وهكذا يتلقى السامعون والمشاهدون أسوء ما في المذهبين ـ أو المذاهي ـ من أمور. وهي التي تبقى في الذاكرة أما الصور الجميلة التي قد يحملها كل من المذهبين فلا يكون لها محل من الالتفات.

3/ لا تنتهي إلى الحق : وذلك أن كلا الطرفين ما دام على الملأ وتحسب عليه كلماته من قبل مناصريه ومخالفيه، يسعى إلى أن لا يقر بما يستفيد منه الطرف الآخر حتى لو كان التسليم به حقا. وإنما يكابر في ذلك ويسعى لكي يحرج مناظره ومخالفه. فكل منهما يريد إسقاط حجة مناظره ولذلك لا يستطيعان الوصول إلى الحق. بل إن معدي هذه البرامج عادة ما لا يريدون الوصول إلى نتيجة فإن ذلك يفسد حماس البرنامج وإثارته.. فيبقون حريصين على أن يكون البرنامج صاخبا !

4/ ولا تصل إلى الاتفاق : بل يخرج كل منهما من البرنامج وهو أبعد عن الطرف الآخر من وقت دخوله فيه. ولهذا رأينا مع كثرة هذه المناظرات والحوارات فإنها ليس فقط لم تقرب بين الأطراف، وإنما زادت الخرق شقا جديدا.

والصحيح من الحوار فيما نراه يكون في النقاط التالية :

ـ بعد التسليم بأنه لا يمكن إلغاء المناظرات أو النقاشات العقدية، فإنه ينبغي أن تحصر بين العلماء المتخصصين في هذا الجانب ولا يصح أن يُشغل الناس بها فإن الأكثر ليس لديهم أدوات هذه المناظرات ولا معلوماتها، وأيضا حتى يتجنب تحول هذه النقاشات العقائدية إلى انفصال اجتماعي في وقت يعيش فيه أبناء المذاهب في مجتمعات مختلطة، في المدرسة والعمل والحي السكني..

وربما يكون لهذا الغرض نهى الامام جعفر الصادق عليه السلام عن الكلام في أيامه إلا للمختصين فقد أثر عنه كثيرا (كفّوا عن الكلام..) وقد استثنى عددا من أصحابه من هذا النهي [2]..

ـ والابتعاد بهذه المناظرات عن الاعلام كفيل بالوصول إلى نتائج، فإن سطوة الأنصار والمشجعين مما لا ينكر أثرها في تصلب كل طرف على مواقفه، وعدم قبوله بالحق من الطرف الآخر.. كما أن الابتعاد هذا يجعل الطرف (المنهزم) أقرب إلى تقبل نتيجة انتصار خصمه عليه على الأقل في هذه الجولة ! بخلاف ما لو كان على الملأ وأمام أنصاره.

ـ كما ينبغي أيضا تحديد أهداف النقاش والحوار فالإنسان لا يملك غير مدة محدودة من العمر لا تفي بأن يتحاور في كل شيء ولأجل كل شيء، فلا بد أن ينتخب من الحوارات ما يحقق أغراضا صحيحة.. ومطلوبة. وفي الحوار المذهبي، والديني نعتقد أن هناك ثلاثة أهداف أساسية :

ـ الحوار للتعارف : فإن الناس أعداء ما جهلوا عادة، ويوفر الحوار الهادف إمكانية في التعرف على ما يقوله الطرف الآخر، فبغض النظر عن أننا نقبل ما يقول أو لا نقبل، ينبغي أن نعرفه كما يصف نفسه.. إن مرحلة المعرفة للشخص أو الفكر هي قبل مرحلة القبول أو الرفض.

(فكم من عائب قولا صحيحا وآفته من الفهم السقيم).

إن من المشاكل القائمة بين المسلمين أنفسهم، وبينهم وبين غيرهم.. ما يكون منشؤه عدم المعرفة، وفائدة الحوار أنه يمهد الطريق للتعارف.

ـ الحوار للتعايش الاجتماعي : تتجاور المذاهب في بلاد المسلمين، والأديان في العالم، ولا سبيل أمام هؤلاء، لتنمية البلدان وعمرانها، ولا للعيش الرغيد في هذه الدنيا، بل (لمطلق العيش) غير التعايش، فإن البديل عنه هو الاحتراب، وفيه هلاك الدارين.

الحوار يعرف كل طرف الطرف الثاني، فيجعله أقدر على صناعة علاقة متوازنة معه.

ـ الحوار للوصول إلى نقاط الاشتراك : نقاط الاختلاف بين الأفراد، وبين المذاهب وبين الأديان لا تنتهي.. فلو أراد شخص أن يحصر ما بينه وبين زيد من نقاط الاختلاف لانتهى عمره قبل أن ينتهي من الحصر، لكن نقاط الاشتراك بين الأفراد وبين المذاهب والأديان محصورة ويمكن البناء عليها.. لقد وجدنا القرآن الكريم يبني العلاقة بين المسلمين وبين أهل الكتاب على (كلمة سواء) {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}[3].

إن التركيز على نقاط الخلاف، وإبراز أوجه الفرق والتمايز، عمل لا ينتهي إلى نتيجة غير مزيد من الانفصال الذي هو واقع أصلا.

بعد هذه المقدمة، نشير إلى أن المناظرة التي حصلت بين ابن أبي جمهور الأحسائي وبين الفاضل الهروي، كانت في هذه الأطر السابقة من محاولة التعرف على رأي الطرف المقابل والوصول إلى تحديد نقاط الاختلاف والاشتراك..

وقد نقل الميرزا الخوانساري في روضات الجنات ـ عن رسالة المناظرة التي دونها ابن أبي جمهور ذاكرا فيها ما وقع بينه وبين الفاضل الهروي في مجالس ثلاثة ـ المجلس الأول للمناظرة

وكان في منزل السيد يوم الضيافة بحضرة الطلبة والأشراف، فكان أول ما تكلم به بعد التهنئة أن قال : يا شيخ ما اسمك ؟

قلت : محمد.

فقال : من أي بلاد العرب ؟

فقلت : من بلاد الهجر المشهور بالأحساء أهل العلم والدين.

فقال : أي شيء مذهبك ؟

فقلت : سألتني عن الأصول أو الفروع ؟

فقال : عن كليهما !

فقلت : أما مذهبي في الأصول فما قام لي الدليل عليه، وأما في الفروع فلي فقه منسوب إلى أهل البيت عليهم السلام.

فقال : أراك إمامي المذهب ؟

فقلت : نعم، أنا إمامي المذهب فما تقول ؟

فقال : إن الإمامي يقول : إن علي بن أبي طالب عليه السلام إمام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله بلا فصل.

فقلت : نعم، وأنا أقول ذلك.

فقال : أقم الدليل على دعواك.

فقلت : لا أحتاج إلى إقامة الدليل على هذا المدعى.

فقال : لم ؟

قلت : لأنك لا تنكر إمامة علي بن أبي طالب أصلا، بل أنا وأنت متفقان على أنه إمام بعد رسول الله، ولكن أنت تدعي الواسطة بينه وبين الرسول، وأنا أنفي الواسطة، فأنا وأنت مثبت فإقامة الدليل عليك، اللهم إلا أن تنكر إمامة علي أصلا وتقول إنه ليس بإمام أصلا ورأسا فتخرق الاجماع، فيلزمني حينئذ إقامة الدليل عليك.

فقال : أعوذ بالله ما أنكر إمامته ولكن أقول إنه الرابع بعد الثلاثة.

فقلت : إذا أنت تحتاج إلى إقامة الدليل على دعواك لأني لا أوافقك على إثبات هذه الوسائط. فضحك الحاضرون من الأشراف والطلبة، وقالوا : إن العربي لمصيب والحق أحق بالاتباع، إنك مدعي وهو منكر، والمنكر لا يحتاج في إثبات دعواه إلى البينة.

فلما ألزمته قال : الدلائل على مدعاي كثيرة.

فقلت : أريد واحدة منها لا غير.

فقال : الاجماع من الأمة على إمامة أبي بكر بعد الرسول بلا فصل، وأنت لا تنكر حجية الاجماع.

فقلت : نعم أنا لا أنكر حجية الاجماع، ولكن أقول : ما تريد فيه، لأن بالإجماع الاجماع من كثرة القائل بذلك في هذا الوقت، أو الاجماع الحاصل من أهل الحل والعقد يوم موت الرسول ؟ إن أردت الأول فلا حجية فيه، لأن المخالف موجود، والكثرة لا حجة فيه بنص القرآن، لأنه يقول : (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) ولم تزل الكثرة مذمومة من كل الأمور حتى في القتال قال الله تعالى : (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)[4].

وإن أردت الثاني فلإثباته طريقان : طريق على مذهبي ولا يلزمك، وهي أن الاجماع عندنا إنما يكون حجة مع دخول المعصوم… إلى أن قال : وطريق على مذهبك وهي أن الاجماع هو اتفاق أهل الحل والعقد من أمة محمد صلى الله عليه وآله على أمر من الأمور. وهذا المعنى لم يحصل لأبي بكر يوم السقيفة، بل كان فضلاء الأصحاب وزهادهم وعلماؤهم وذو الأقدار منهم وأهل الحل والعقد غيبا لم يحضروا معهم السقيفة بالاتفاق، كعلي وابنيه، والعباس وابنه عبد الله، والزبير، والمقداد، وعمار، وأبو ذر، وسلمان، وجماعة من بني هاشم وغيرهم من الصحابة كانوا مشتغلين بتجهيز النبي صلى الله عليه وآله، فرأى الأنصار فرصة باشتغال بني هاشم فاجتمعوا إلى سقيفة بني ساعدة لإصابة الرأي[5].. إلى آخر تلك المناظرة.

وكان هذا الذي أوردناه نموذجا للمناظرة الهادفة إلى التعريف بما عليه المناظر، وبيان أدلته ما يتفق معه وما يختلف وتحريه للحق بحسب ما يرى.

تأسيس بنية الاتفاق الفقهي :

من الخطوات المهمة جدا والتي قام بها الشيخ ابن أبي جمهور الأحسائي رحمه الله، هي تقريب التراث الفقهي النبوي إلى ساحة الاستدلال في الفقه الامامي، فهو رحمه الله قد ألف كتاب (عوالي اللئالي العزيزية)، وهو قد حقق بهذا عدة أهداف :

الأول ـ اجتماعي وهو ما أشار إليه رحمه الله في مقدمة العوالي، من أن البعض يتصور أن علماء الطائفة ومحدثيها فقراء في روايتهم الأحاديث عن رسول الله مباشرة، وأنه ليس لديهم إلا ما هو عن الأئمة المعصومين، وقد عد مخالفوهم أن اهتمامهم بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله ميزة لهم على علماء الطائفة، و”صار عوام أهل هذه الطائفة وأبناء هذه الحجة الأنيقة، كالأيتام الذين لا كافل لهم ولا موصل يوصلهم إلى حقايق أسلافهم، حتى ظن كثير منهم، أنه ليس لأصحابنا من الأحاديث مثل ما لخصومهم، وانهم قطعوا التعلق والعلاقة بينهم وبين الأحاديث الواردة عن سيد البشر، وامام المحشر، النبي المطهر، وليس الامر كما ظن اخوان الجهل والغرور. فحداني ذلك، وحثني على وضع هذا الكتاب : تذكرة لأولي البصائر من الاخوان، وانقاذ الأيتام، عوام الطائفة من عماية الجهل الحاصل لهم بمخالطة أهل الزيغ والبهتان.”[6].

والثاني : جدلي إلزامي؛ فإنه لاحظ أن لدى علماء الطائفة مسائل كثيرة ـ عقدية وفقهية ـ انفردوا بها واستدلوا عليها بأقوال الأئمة الطاهرين، مع أن لهم سندا فيها من أقوال الرسول المصطفى صلى الله عليه وآله، وهو لا ريب أبلغ في إلزام الخصوم من أقوال الأئمة الأطهار عليهم السلام، مثل أن ترك الصيام في السفر هو على نحو العزيمة لا الرخصة، وأن الغسل يجب على الرجل والمرأة بمجرد المواقعة والادخال حتى لو لم يحصل إنزال خلافا لمن قال من الصحابة أن الغسل مشروط بإنزال المني لأن الماء من الماء ! بينما صريح الحديث النبوي : إذا التقى ختانه وختانها وجب الغسل أنزل أو لم ينزل ! وأن النبي قد جمع بين الصلاتين من غير عذر ولا في سفر.

والثالث : فقهي استدلالي؛ وذلك أن كثيرا من المسائل الفقهية تبتني على دليل ينحصر بالمأثور عن رسول الله صلى الله عليه وآله، ومن أمثلة ذلك : (الإسلام يجب ما قبله)، و(الناس مسلطون على أموالهم) و(لا تبع ما ليس عندك) و في الخيار (البيعان لكل واحد منهما على صاحبه الخيار ما لم يفترقا) و (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) وأن (الطلاق بيد من أخذ بالساق) و(اقرار العقلاء على أنفسهم جائز) وفي الوقف (حبس الأصل وسبل الثمرة).و(من أحيا أرضا ميتة في غير حق مسلم فهو أحق بها) وأن (ذكاة الجنين ذكاة أمه) وفي القضاء (البينة على المدعي واليمين على من أنكر) وفي العقوبات (ادرؤوا الحدود بالشبهات)، وفي الضمانات (على اليد ما أخذت حتى تؤدي) وأنه (لا ضرر ولا ضرار في الإسلام) و(الصلح جائز بين المسلمين الا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما). و(المسلمون على شروطهم الا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما)..

ويكاد يكون المصدر الأساس في اعتماد الفقهاء لهذه الأحاديث النبوية الشريفة، هو كتاب ابن أبي جمهور عوالي اللئالي [7].

وسهولة تناول هذه القواعد والأصول الفقهية بعد أن نقلها ابن أبي جمهور في كتابه وتم تناقلها من بعده، لا ريب أنه صنع ثراء في الفقه الامامي..

وأما باقي كتبه فهي وإن كانت لا تتمتع بنفس الشهرة التي حصلت لكتاب العوالي، إلا أنها مهمة ومفيدة، ولا سيما كتابه (الأقطاب الفقهية) الذي يجري على نهج القواعد والفوائد للشهيد الأول، أو نضد القواعد للمقداد السيوري، فهو يشتمل على عدد كبير من القواعد الفقهية والأصولية التي تنفع الفقيه والباحث، ويمكن له الاعتماد عليها في الاستنباط.

وقد جمع الشيخ الحسون في مقدمته لكتاب الأقطاب الفقهية أسماء كتبه على النحو التالي :

1- أسرار الحج..

2ـ الأقطاب الفقهية.

3 – شرح معين الفكر في شرح الباب الحادي عشر

4 – قبس الاقتداء أو الاهتداء في شرائط الإفتاء والاستفتاء

5 – كاشف الحال عن أحوال الاستدلال : وهو في بيان طريق الاستدلال على التكاليف الشرعية وكيفية أخذها من الأصول الدينية.

6 – كشف البراهين في شرح زاد المسافرين : في أصول الدين

7 – رسالة في لزوم العمل بأخبار الأصحاب في هذا الزمان

8 – المجلي لمرآة المنجي : وهو شرح لكتابه مسالك الأفهام في علم الكلام

9 – مسالك الأفهام في علم الكلام

10 – المسالك الجامعية في شرح الرسالة الألفية الشهيدية

11 – معين الفكر في شرح الباب الحادي عشر

12 – مناظرة ابن أبي جمهور مع الفاضل الهروي العامي في المشهد الرضوي في مجالس ثلاثة في مسألة الإمامة 6

13 – عوالي اللآلئ العزيزية في الأحاديث الدينية

14 – درر اللآلئ العمادية في الأحاديث الفقهية..

تعليقات