ماجد بن السيد هاشم الصادقي

 آية الله العظمى

السيد ماجد بن السيد هاشم الصادقي

قدس سره

هو السيد أبو علي ماجد بن السيد هاشم بن علي بن مرتضى بن ماجد الصادقي البحراني كان أوحد زمانه في العلوم ، وأحفظ أهل عصره ، نادرة في الذكاء والفطنة وهو أول من نشر علم الحديث في شيراز “دار العلم” .

ترجم له صاحب سلافة العصر ومحاسن الدهر ، ومما ذكر في إطرائه (( هو أكبر من أن يفي بوصفه قول، وأعظم من أن يقاس بفضله طول، نسب يؤول إلى النبي(ص) وحسب يذل له الأبي، وشرف ينطح النجوم وكرم يفضح الغيث السجوم )).

وترجم له صاحب أمل الآمل فقال عنه “فاضل، شاعر، جليل القدر في العلم والعمل ولديه ديوان شعر كبير جيد رأيته، اجتمع مع الشيخ البهائي العاملي وكان بينهما مودة، وكان الشيخ يثني عليه” ، حتى اجتمع معه في سنة من السنين في إصفهان فأعجب به الشيخ البهائي لماّ سأل السيد أحد الحاضرين فأوجز السيد الجواب تأدباً مع الشيخ فأنشد البهائي (قدس سره):

حمامة جرعا حومة الجندل اسجعي********فأنت بمرأى من سعـاد ومسمع

فأطال السيد الكلام في جواب المسألة فاستحسنه الشيخ.

كما ترجم له صاحب الحدائق والفقيه المتبحر في علوم أهل البيت الشيخ يوسف العصفور (قدس سره) وبالغ في إطرائه في كتابه لؤلؤة البحرين، وعدّه أحد فقهاء البحرين الكبار في القرن العاشر الهجري ومما قاله عنه (( كان هذا السيد محققاً مدققاً شاعراً أديباً ليس له نظير في جودة التصنيف وبلاغة التحبير، وفصاحة التعبير، ودقة النظر، وشعره فائق في البلاغة وخطبته في الجمعة لبلاغتها وحسن تعبيرها تأخذ بمجامع القلوب وتفت لسماعها وتذوب)).

والجدير بالذكر أن هذا العالم الجليل عاش في البحرين وتتلمذ فيها وخرج منها أستاذاً فقيهاً إلى دار هجرته شيراز والتي كانت في ذلك العصر (تسمى دار العلم) حيث كان له مع علمائها مناظرات علمية ومقامات مشهورة ومجالس عديدة مفيدة، وأقبل أهلها عليه إقبالاً منقطع النظير، ويكفيه فخراً أنه أحد أساتذة المولى العلامة الكاشاني المشهور (بالفيض الكاشاني) صاحب تفسير الصافي والكتب القيمة مثل الحقائق في علم الأخلاق، وأحد أساطين الإسلام قاطبة في مختلف العلوم، حيث هاجر إليه من كاشان إلى شيراز لتلقي العلم على يديه لمّا سمع بمقدم السيد ماجد إلى شيراز، (( ولما أراد الارتحال إليه لأخذ العلوم عنه، تردد والده في الرخصة إليه ثم بنوا الرخصة وعدمها على الاستخارة، فلما فتح القرآن جاءت الآية ” فلولا نفر من كل فرقة طائفة منهم ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم ” ولا آية أصرح وأدل وأنص على هذا المطلب مثلها، ثم بعد ذلك تفأل بالديوان المنسوب إلى أمير المؤمنين(ع) فجاءت الأبيات:

تغرب عن الأوطان في طلب العلى********وسافر ففي الأسفار خمس فوائد

تفريج همٍ واكتساب معيشــــة********وعلمٌ وآدابٌ وصحبة (مـاجـد)


وهذا أيضاً أنسب للمطلوب ولا سيما قوله (وصحبة ماجد)، فسافر إلى شيراز فأخذ العلوم الشرعية عن السيد ماجد، وقرأ العلوم العقلية عند الفليسوف صدر الدين الشيرازي )) .

وقال عنه صاحب أنوار البدرين الشيخ علي البلادي (قدس سره)”وهذا السيد الجليل من نوادر الزمان علماً وأدباً وعملاً وكمالاً ويكفيه أنه تلمذ مثل الكاشاني وأضرابه من فحول العلماء عليه وذكره السيد الأديب السيد علي خان وبالغ في الثناء والتقريظ عليه وذكره كل من تأخر عنه من علماء الرجال والإجازات وكتابه (اليوسفية) التي ذكرها شيخنا مع حواشيه الكثيرة موجودة عندنا في أولها أصول الدين وإجمالاً مفيداً في الطهارة والصلاة، وله الشعر البليغ الذي لم يوجد في الهاشميين بعد السيد الرضي أحسن منه، وشعره في غاية القوة والجزالة ولا سيما الأبيات التي أرتجلها بعد خطبتي الجمعة التي أشار إليها شيخنا السيد النجيب في السلافة ولا بأس بذكرها مع بعض من كل من شعره المشتمل على التفكر والآداب والإتعاظ لأولي الألباب فمنها الأبيات التي ختم بها الخطبتين قوله رحمه الله:


ناشدتك الله إلا ما نظـرت إلـى********صنيع ما ابتدأ الباري وما ابتدعا

تجد صفيح سماء من زمــردة********خضراً وفيها فريد الدر قد رصعا

ترى الدراري يدانين الجنوح فما********يجدن غب السرى عيا ولا ضلعا

والأرض طاشت ولم تسكن فوقرها********بالراسيات التي من فوقها وضعا

فقر ساحتها مـن بعـدما امتنعـا********وانحط شامخها من بعد ما ارتفعا

و أرسـل العاديـات المعصـرات********فقهقهت ملء فيها و اكتست خلعـا

ومن شعره في الموعظة:


طلعت عليك المنذرات البيــض********وابيض منــك الفاحم الممحوض

صرحن عندك بالنذارة عندمــا********لم يقفها الإعـيـاء والتعريـض

ست مضين وأربعون نصحن لي********ولمثلهن على التقـى تحضيض

وافى المشيب مطـالباً بحقوقــه********وعليّ من قبــل الشباب فروض

ومن شعره رحمه الله يحن إلى إلفه ووطنه يقول:

يا ساكنـي جدحفص لا تخطفكم********ريـب المنـون ولا نالتكم المحن

ولا عدت زهرات الخصب واديكم********ولا أغب ثراه العارض الهتــن

ما الدار عندي وإن ألفيتها سكـناً******** يرضاه قلبي لولا الالف والسكـن

مالي بكل بـلاد جئتهــا سكـن********ولي بكل بلاد جئتهـا وطــن

الدهر شاطر ما بينـي و بينكــم********ظلمــاً فكان لكم روح ولي بـدن

ومن شعره البديع قوله:

لشيب رأسي بكت عيني و لا عجب تبكي العيـون لوقع الثلج في القلل”

ومن شعره المشهور في رثاء الإمام الحسين (ع) قال:

بكى وليس على صبرٍ بمعـذور********من قد أطل عليـه شهر عاشور

و إن يوماً رسول الله ساء بـه********فأبعـد الله عنه قلـب مسرور

ألية بالهجان القـود حاملــة******** نعشاً تهادى على الأقتاب والكور

من كـل منخـرق السربال مبتهل********يكـاد يملك تصـريف المقـادير

إلى أن قال:

يا حسرة قد أطالت في الحشى كبدي وقصـرت في العزا عنه معاذيري

وشجو قلـب على الأحزان محتبـس ونعس طرف على التسهيد مقصور

وبعد أن وصف حادثة الطف الحزينة بأسلوبه البلاغي المرهف ختم القصيدة بهذين البيتين:

بني أمية قد ضلـت حلومكــم********ضلال منغمس في الغـي مغمور

أدوحة قد تفيئتـــم أظلتهــا********نلتم بواسـق أعلاها بتكسيـر

مصنفاته وآثاره العلمية :

1.الرسالة اليوسفية في الفقه والأصول.

2.حواشي على الشرائع والاستبصار والتهذيب.

3.حاشية على المعالم وخلاصة الرجال .

4.سلاسل الحديد في تقييد أهل التقليد .

5.سلاسل الحديد في تقييد ابن أبي الحديد .

6.رسالة في مقدمة الواجب .

7.مقالة في العام المخصص(مبحث أصولي) .

8.قصيدة طويلة في رثاء الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) .

9.ديوان شعر باسم ديوان السيد ماجد الصادقي .


ومن رسائله العلمية باللغة الفارسية :

1. التحفة السليمانية

2. خاتم سليماني

3. وقف نامه

تلاميذه:

تتلمذ عليه عدد من العلماء الأعلام في البحرين وخارجها ومنهم :

1-العلامة المولى محسن المشهور بالفيض الكاشاني .

2-الشيخ محمد بن حسن بن رجب البحراني .

3-الشيخ زين الدين على بن سليمان القدمي البحراني .

4-الشيخ أحمد بن عبد السلام الجدحفصي .

5-السيد عبد الرؤوف الصادقي .

6-السيد عبد الرضا الحسيني .

ومن آثاره:

مدرسته المسماة بمدرسة آل الصادقي في فريق(حي) الشاري بجدحفص والتي تحولت إلى مسجد ومأتم ( حسينية ) في عصرنا الحاضر.

وفاته:

كانت وفاته (قدس سره) في شيراز في السنة الثامنة والعشرين بعد الألف من الهجرة 1028هـ الموافق لسنة 1618 ميلادية ودفن في مشهد السيد أحمد بن مولانا الإمام الكاظم (عليه السلام) .

كاتب البحث/ السيد هاشم السيد سلمان

تعليقات