الشيخ أحمد الخطي المقابي

حفلت منطقة الساحل الشرقي من شبه الجزيرة العربية بالكثير من العلماء الأعلام الذين أعطوا ثقافة المنطقة وعلومها لونها المميز وعطرها المعروف، وفي هذا العدد تواصل مجلة «الساحل» تعريف قرائها بأحد هؤلاء العلماء الذين تركوا ذكراً عطراً رغم تتالي السنين وعصف الدهور.

هو الشيخ أحمد بن الشيخ محمد بن يوسف بن صالح الخطي المقابي البحراني، أصله من (الخط) وهي (القطيف)، ولكنه ولد ونشأ وتلقى علومه في قرية (مقابا) الواقعة في الجنوب الغربي من البحرين مما يدعى حاليا بـ(شارع البديع)، أبوه (الشيخ محمد)، وأخواه (الشيخ يوسف)، و(الشيخ حسين)، عالمان جليلان توفيا معه وجملة من الناس بالطاعون في الكاظمية في العراق، ودفنوا بجوار الكاظمين (عليهما السلام) سنة (1102ه/1690م) كما ذكرت أكثر مصادر ترجمته، أما الشيخ سليمان الماحوزي فقد ذكر في (جواهر البحرين) أنه توفي سنة (1100ه/1688م). وتوفي أبوهم بعدهم بعام واحد وذلك في سنة (1103ه/1691م) في قرية مقابا. والمترجم له من معاصري الشيخ الحر العاملي.

أساتذته وشيوخه وتلامذته

تتلمذ على يد أبيه، والسيد محمد مؤمن بن دوست صاحب كتاب (الرجعة)، وأجازه العلامة المجلسي، ونقل قطعة من الإجازة في (الفيض القدسي)، وقد وصفه السيد محسن الأمين في (أعيان الشيعة) بأنه تلميذ المجلسي، ونقل عنه ذلك صاحب (ريحانة الأدب) باللغة الفارسية.

كما يروي عن والده عن الشيخ علي بن سليمان البحراني.

وهو أستاذ العلامة الشيخ سليمان الماحوزي (1075-1121ه)، وقد أجاز المولى أبا الحسن الشريف العاملي(1) ، كما أجاز تلميذه الشيخ سليمان الماحوزي .(2)

وذكر بعض تلامذته أنه في سفره إلى أصفهان كان المولى محمد باقر السبزواري الخراساني صاحب (الكفاية والذخيرة) يخلو معه في الأسبوع يومين للمذاكرة معه والاستفادة منه (3)، كما كان هذا دأبه مع المحقق آغا حسين الخونساري شارح (الدروس) أيضاً في أغلب الليالي أيام إقامته عنده ونزوله عليه في داره بأصفهان .(4)

مؤلفاته:

رياض الدلائل وحياض المسائل في الفقه: قال عنه الشيخ يوسف في (لؤلؤة البحرين): «لم نجد منه إلا قطعة في الطهارة.»

وقال السيد الخونساري في (روضات الجنات): «وكان صاحب (رياض المسائل في شرح النافع) اقتبس منه ذلك الاسم .(5)

وقال الحر العاملي: «أنه لم يتم.» (6)

وذكر الكتاب تلميذه الشيخ سليمان الماحوزي في رسالته (فهرست علماء البحرين) .(7)

الخمائل: في الفقه أيضاً، وهو كتاب استدلال لم يتم. قال الشيخ عبدالله بن صالح السماهيجي في إجازته المشهورة: «خرج منه بعض كتاب الطهارة وهو كتاب استدلال نفيس.» (8)

وقال تلميذه الشيخ سليمان الماحوزي في (فهرست علماء البحرين): «له كتاب (الخمائل) في الفقه، مبسوط خرج منه مجلد واحد في الطهارة، مليح الوضع، جيد العبارة.»

أما في رسالته الثانية (جواهر البحرين في علماء البحرين)(9) فقد خلط الشيخ سليمان الماحوزي بين اسمي الكتابين السابقين، فقال: «له كتاب (رياض الخمائل وحياض الدلائل) في الاستدلال لم يعمل مثله في بابه، وخرج منه مجلد ومات قبل إكماله.»

المشكاة المضية في العلوم المنطقية: رسالة في المنطق.

رسالة (الرموز الخفية في المسائل المنطقية).

رسالة في (عينية صلاة الجمعة): رداً على رسالة الشيخ سليمان بن علي الشاخوري (ت 1101ه) في تحريم الجمعة.

رسالة في (استقلال الأب بولاية البكر الرشيدة البالغة).

رسالة في (البداء).

رسالة في (مسألة الحسن والقبح): في علم الكلام، رداً على الأشاعرة.

رسالة في (أصول الفقه): ذكرها صاحب (رياض العلماء) في ترجمته، واحتمل أن تكون مقدمة لكتابه (رياض الدلائل).

أقوال العلماء في حقه

قال عنه تلميذه الشيخ سليمان الماحوزي في ترجمته في رسالة (جواهر البحرين):

«الإمام الذي لم تسمع بمثله الأدوار، والهمام الذي زنده في كل كمال وار، بيت قصيدة أرباب الكمال، وصدر جريدة ذوي العلوم والأعمال. كان أعجوبة زمانه ذكاء وفضلاً، ونادرة عصره كمالاً ونبلاً، بلغ من الكمالات قاصيتها وملك من التحقيقات ناصيتها، حضرت درسه الفاخر، فصادفته كالبحر الزاخر، تتلاطم أمواجه، ويتدفق عذبه لا أجاجه. ولي معه مناظرات شريفة ومحاضرات لطيفة ذكرت شطراً منها في كتاب (الأزهار)، وكان أعبد من رأيناه في عصرنا، وأشرفهم في الأخلاق، بل والله حسنة من حسنات الدهر وفريدة من قلادة العصر.» (10)

وقال أيضاً في ترجمته في كتابه (علماء البحرين):

«العالم الزاهد الناسك المحقق المدقق الأسعد الأوحد الشيخ أحمد، له مصنفات حسنة، كان فقيهاً محدثاً عظيم الشأن، كثير العبادة والعمل…»

وقال العلامة المجلسي صاحب (البحار) في إجازته له:

«إنه كان من غرائب الزمان، وغلط الدهر الخوان، بل من فضل الله عليّ، ونعمه البالغة لديّ، اتفاق صحبة المولى الأولى، الفاضل الكامل، الورع البارع، التقي الزكي، جامع فنون الفضل والكمالات، حائز قصب السبق في مضامير السعادات، ذي الأخلاق الرضية، والأعراق الطيبة البهية، علم التحقيق، وطور التدقيق، العالم النحرير والفائق في التحرير والتقدير، كشاف دقائق المعاني، الشيخ أحمد البحراني، أدام الله تعالى أيامه، وقرن بالسعود شهوره وأعوامه، فوجدته بحراً زاخراً في العلم لا يساجل، وألفيته صابراً ماهراً في الفضل لا يناضل.»(11)

وقال الشيخ يوسف البحراني في (لؤلؤته):

«كان هذا الشيخ علامة فهامة، زاهداً عابداً، ورعاً كريماً تقياً، وتصانيفه التي وقفت عليها تشهد بعلو كعبه في المعقول والمنقول، والفروع والأصول، ودقة النظر، وحدة الخاطر، مع مزيد من البلاغة والفصاحة في التعبير، والتحبير والتحرير، وعندي أنه أفضل علماء بلادنا البحرين ممن عاصره وتأخر عنه بل وغيرهم.» (12)

وقال عنه المحدث الشيخ عبدالله بن صالح السماهيجي:

«كان أعجوبة في العبادة والسخاء، وحسن المنطق واللهجة والخشوع، والرقة والصلابة في الدين، والشجاعة على المعتدين، وقد جمع بين درجتي العلم والعمل، اللذين بهما غاية الأمل وبالجملة فضله لا ينكر إلا مكابر، وكان عدلاً ثقة محدثاً عظيماً.» (13)

أما الحر العاملي فقد وصفه في (أمل الأمل) بقوله:

«عالم فاضل محقق معاصر شاعر أديب، وله شعر جيد.» (14)

ونقل الميرزا عبدالله أفندي صاحب (رياض العلماء) نص عبارة (أمل الآمل) السابقة، وأضاف:

«وله رسالة في أصول الفقه، ولعلها مقدمة لكتابه (رياض الدلائل) المذكور…»

أدبه وشعره

أشار العديد من مترجميه إلى ملكته الأدبية، كالشيخ يوسف البحراني حيث قال في لؤلؤته:

«وشعره في غاية الجودة والجزالة.» (15)

وفي (أمل الآمل) وُصِف بأنه:

«عالم فاضل معاصر أديب شاعر له شعر جيد.» (16)

ولكن لم نعثر على شيء من شعره إلا أربعة أبيات أجاب بها بيتين للسيد عبد الرؤوف بن السيد حسين البحراني، والبيتان هما:

لا يخدعنك عابد في ليلته

يبكي وكن من شره متحذرا

لم يسهر الليل البعوض ولم يصح

في جنحه إلا لشرب دم الورى

فأجابه مترجمنا:

عجباً لمن فقدت به أفكاره

عن فهم سر مليكه فيما يرى

حقر الذين تهجدوا وهم هم

قوم لوجه الله قد هجروا الكرى

ما أسهر الليل البعوض لقصده

ظلماً ولا طلباً لشرب دم الورى

لكنما حيث الدماء تنجست

بالنص أرسل للدماء مطهرا (17)

مترجموه:

الشيخ سليمان الماحوزي في رسالتيه (فهرست آل بابويه وعلماء البحرين): (ص77)، و(جواهر البحرين): (ص96).

الشيخ يوسف البحراني في (لؤلؤة البحرين): (ص36-39)، وفي (كشكوله): (ج1 ص305، ج3 ص10)، لكنه ذكر أن سنة وفاته كانت (1152ه) وهو اشتباه من النساخ، أو الطبع.

الشيخ آغا بزرك الطهراني في (طبقات أعلام الشيعة: الكواكب المنتشرة في القرن الحادي بعد العشرة -مخطوط-).

المولى محمد باقر الخونساري في (روضات الجنات): (ج1 ص87-88).

السيد محسن الأمين في (أعيان الشيعة): (ج3 ص172).

الشيخ فرج العمران في (الأزهار الأرجية): (ج4 ص179-185)، وقد نقل نص ترجمة (أعيان الشيعة).

الشيخ علي البلادي القديحي في (أنوار البدرين): (ص140)، وقد نقل نص ما جاء في (لؤلؤة البحرين).

الشيخ محمد علي العصفور في (تاريخ البحرين -مخطوط-)، وهو أيضاً نقل نص ترجمة (لؤلؤة البحرين).

الشيخ محمد علي مدرسي في (ريحانة الأديب -باللغة الفارسية-) (ج2 ص141).

الحر العاملي في (أمل الأمل): (ج2 ص28).

الزركلي في (الأعلام): (م1 ص239).

عمر رضا كحالة في (معجم المؤلفين): (ج1 ص166، وج2 ص169).

الميرزا عبدالله أفندي في (رياض العلماء): (ج1 ص68).

الشيخ محمد علي العصفور في كتابه (بعض فقهاء البحرين): (ص39).

السيد حسن الأمين في موسوعته (مستدركات أعيان الشيعة): (ج2 ص43).

والده

هو الشيخ محمد بن يوسف الخطي: كان عالماً رياضياً، وفقيهاً محدثاً، ذكره صاحب (اللؤلؤة)، و(خاتمة المستدركات)، و(تتمة أمل الأمل). ووصفه الشيخ يوسف البحراني في كتابه (اللؤلؤة) بأنه: «كان ماهراً في العلوم العقلية والفلكية والرياضية والهندسية والهيئة والحساب.»(18)

وقال العلامة الماحوزي في (علماء البحرين) ما لفظه:

«ومنهم الشيخ المتقن الحفظة الأحد الشيخ محمد بن يوسف الخطي المقابي… فقيه متفنن في العلوم، سريع الاحتضار…»

وقال عنه السيد حسن الصدر في (تتمة أمل الأمل):

«فاضل ماهر في أكثر العلوم من الفقه والكلام الرياضي، أديب شاعر، له حواشٍ كثيرة وتحقيقات لطيفة، وله رسائل في النحو من المعاصرين». (19)

ومن تلامذته الشيخ أحمد بن إبراهيم والد الشيخ يوسف المحدث صاحب (الحدائق)، و(لؤلؤة البحرين) حيث درس على يديه معظم علوم العربية والرياضيات.

توفي الشيخ محمد بن يوسف الخطي سنة (1103ه/1691م) في (مقابا) وقبره معروف، أما صاحب (الأعيان) السيد محسن الأمين فقد ذكر في ترجمته أنه توفي سنة (1130ه) ولعله سهو قلم أو خطأ مطبعي.

—————–

مصادر الترجمة

(1)-لؤلؤة البحرين: ص37.

(2)-روضات الجنات: ج1 ص87.

(3)-الذريعة: ج1 ص149-252، وج3 ص53، وج7 ص252، وج11 ص252، وج21 ص62، وج23 ص48.

(4)-طبقات أعلام الشيعة: الكواكب المنتشرة (مخطوط).

(5)-فهرست آل بابويه وعلماء البحرين: ص96.

(6)-تتمة أمل الآمل: ج2 ص313.

(7)-أمل الآمل: ج2 ص28، رقم 76.

(8)-هداية العارفين: ج1 ص166.

(9)-ذيل كشف الظنون (إيضاح المكنون): ج1 ص601.

(10)-بحار الأنوار: ج1 ص105، ج102 ص91.

(11)-مستدركات الوسائل للعلامة النوري: ج3 ص388، 403.

تعليقات