السيد عبد الحسين اللاري (قدس سره)
(1264 هـ – 1342 هـ)
اسمه ونسبه:
السيّد عبد الحسين اللاري، وينتهي نسبه إلى السيّد حمزة، من أحفاد الإمام موسى الكاظم (عليه السلام).
ولادته:
ولد السيّد اللاري في الثالث من صفر 1264 هـ بمدينة النجف الأشرف.
دراسته:
منذ بلوغه سن السابعة تعلّم القراءة والكتابة التقليدية، التي كانت سائدة آنذاك، ثمّ اتجه نحو دراسة العلوم الدينية في الحوزة العلمية في مدينة النجف الأشرف، حتّى نال درجة الاجتهاد، وبعدها بدأ بالتدريس والتأليف والتصنيف، وأصبح من الأساتذة المرموقين في النجف الأشرف، وبناء على طلب أهل مدينة لار من السيّد الشيرازي الكبير، بإرسال السيّد اللاري إليهم، ولحاجة المدينة الملحّة إلى عالم ديني، وافق السيّد الشيرازي على إرساله، فشدَّ الرحال إلى مدينة لار عام 1309 هـ، واعتبر هذه المهمّة تكليفًا شرعيًا عليه من قبل السيّد الشيرازي.
أساتذته: نذكر منهم ما يلي:
1- السيّد محمّد حسن الشيرازي، المعروف بالشيرازي الكبير.
2- الشيخ محمّد حسين الكاظمي.
3- الشيخ محمّد الإيرواني، المعروف بالفاضل الإيراوني.
4- الشيخ لطف الله المازندراني.
5- الملاّ حسين قلي الهمداني.
تدريسه:
منذ وصوله إلى مدينة لار، قام السيّد بتشكيل حوزة علمية، وأخذ يلقي دروسه فيها، وبدأ بتربية وإعداد الطلاّب، ولم يمضِ على تشكيل هذه الحوزة إلاّ أيّام معدودات، حتّى تقاطر عليها الشباب من جميع أنحاء محافظة شيراز، وكذلك كرمان وسيرجان وغيرها، حتّى بلغ عدد الطلاّب الذين درسوا على يديه خمسمائة طالب على ما قيل.
تلامذته: نذكر منهم ما يلي:
1- السيّد عبد الباقي الموسوي الشيرازي.
2- السيّد عبد المحمّد الموسوي اللاري.
3- السيّد محمّد حسين المجتهد اللاري.
4- السيّد أحمد المجتهد الفال اسيري.
5- السيّد عبد المحسن المهري.
6- السيّد أسد الله الأصفهاني.
7- السيّد محمّد علي الجهرمي.
8- الشيخ محمّد حسين اللاري.
صفاته وأخلاقه: نذكر منها ما يلي:
1- عبادته: كان السيّد اللاري متمسّكًا بالنوافل اليومية، وقراءة الأدعية والزيارات، وتلاوة القرآن الكريم، وقد أعطى أهمّية خاصّة لصلاة الليل، وكان يوصي أقرباءه ومعارفه بعدم تركها.
2- زهده: كان السيّد بمنتهى الزهد، ولم يتعلَّق قلبه يومًا ما بزخرف من زخارف الدنيا الزائلة، وإنّما كان همّه الوحيد هو إرشاد الناس إلى الشريعة الإسلامية، ونشر أحكامها، وبالرغم من كثرة الأموال التي كانت تحت تصرّفه، لم تُحدِّثه نفسه يومًا بصرف شيء منها في حاجاته الشخصية.
3- قضاؤه حوائج الناس: كان السيّد يتابع بنفسه أمور الناس، وإنجاز طلباتهم، وفي أيّام عيد الأضحى المبارك كان يذبح الأغنام بنفسه، ويوزّعها على الفقراء والمتحاجين، وكان يوزّع بنفسه مرتبات الأيتام والمساكين والمقعدين، وقام ببناء كثير من المساجد والحمّامات في القرى والأرياف، وكان يوصي معارفه دائمًا بإرسال أصحاب الحاجات والمشكلات إلى بيته في أي وقت، حتّى في منتصف الليل، ولأجل ذلك عيَّن كثير من الممثّلين له في مناطق مختلفة، للنظر في مشكلات الناس، والعمل على حلِّها.
4- نفوذ كلامه: ولم يكن السيّد اللاري يأمر الناس بشيء إلاّ وقد طبَّقه على نفسه، لذلك نجد أنصاره وأتباعه كانوا يتخذونه قدوة لهم ويطيعونه، ويتبعون مواقفه ضد الشاه وأعوانه.
5- عشقه لأهل البيت (عليهم السلام): كان السيّد كثير التعلّق بأهل البيت (عليهم السلام) وعشقه لهم، وبالخصوص للإمام المهدي (عليه السلام)، وقد أشار في كتابه (المعارف السلمانية) إلى كثير من الشواهد على حبّه وتعلّقه بهم (عليهم السلام)، ونظم في ديوانه بعض القصائد الشعرية باللُّغة العربية، التي تناولت ذكر مناقبهم ومصائبهم (عليهم السلام).
6- شجاعته: كان السيّد شجاعًا منذ الشباب، وقد شهدت له تقارير وزارة الخارجية البريطانية بذلك، والفضل ما شهدت به الأعداء.
7- إقامته للحدود الشرعية: أقام السيّد الحدود الشرعية الإسلامية في مدينة لار كمظهر من مظاهر العدالة الاجتماعية في الحكومة الإسلامية على جميع أفراد المجتمع، لا فرق في ذلك بين القريب والبعيد.
مواقفه السياسية:
للسيّد مواقف سياسية كثيرة مشهودة، وقفها ضد الأنظمة الشاهنشاهية المستبِدَّة والعميلة للاستعمار البريطاني، نذكر منها ما يلي:
الأوّل: من الأمور المهمّة التي يعتمدها الاستعمار في كل مكان هو تغيير ثقافة الشعوب التي ترزخ تحت سيطرته واحتلاله، وإبدالها بثقافته، وصولاً إلى هدفه النهائي، وهو الهيمنة على الثروات واستغلالها، وقد اعتمد المستعمرون الإنجليز هذه الطريقة عندما احتلّوا جنوب إيران، فبدأوا بتنفيذ سياستهم بشكل خاص في شيراز، عن طريق إرسال رجال المخابرات الإنجليزية بعنوان مبشِّرين يدعون إلى الدين المسيحي، وزوَّدوهم بكثير من الكتب التبشيرية، ووصل كثير منهم إلى مدينة لار.
وهذه الدسائس والمؤامرات لم تكن خافية على السيّد اللاري، فأصدر على الفور أوامره بإخراجهم من المدينة، ومنعهم من الذهاب إلى المدن الأخرى، وأمر بجمع كتبهم وألقائها في الآبار، وقد كان هذا العمل الشجاع من قبل السيّد لطمة للاستعمار البريطاني، وإراقةً لماء وجهه في المنطقة.
الثاني: كان السيّد اللاري يعتقد بمسألة وجوب إقامة الحكومة الإسلامية بالنسبة للفقيه الجامع للشرائط، لغرض إقامة العدل، وانتزاع السلطة من أيدي الأشرار والظلمة، ولأجل ذلك أصدر بكل شجاعة واقتدار فتواه المعروفة: (تبديل السلطة الأموية القاجارية إلى دولة إسلامية عادلة واجب شرعي).
فأعلن من جانبه عن تشكيل الحكومة الإسلامية في مدينة لار، ولغرض الدفاع عن هذه الحكومة الفتية لا بُدَّ من إعداد جيش مدرَّب على السلاح سمّاه: (مقاتلوا السيد اللاري)، ولا بُدَّ لهذا الجيش من سلاح للدفاع عن هذه الدولة الفتية، فقام ببناء مصنع لإنتاج السلاح، وافتتح دائرة بريد لغرض إجراء المراسلات، وأصدر طابعًا بريديًا كتب عليه (بريد الأمَّة الإسلامية).
وعيّن أئمّة لصلاة الجمعة والجماعة في المدن الأخرى، وكلَّفهم بإقامة الحدود الشرعية الإسلامية، والعمل على مصادرة أموال المستبدِّين والمفسدين والأشرار، والامتناع عن دفع الضرائب للحكومة القاجارية الكافرة.
الثالث: اندلعت نيران الحرب العالمية الأُولى عام 1332 هـ، فقامت القوات البريطانية بإنزال قوّاتها في ميناء بوشهر، واستطاعت احتلال المدينة في الثالث والعشرين من ربيع الثاني 1333 هـ، ووضعت عليها حاكمًا عسكريًا، فلمَّا سمع السيّد اللاري بذلك أعلن الجهاد والتعبئة العامّة، فهبَّ أنصاره ومجاهدوه للدفاع عن المدينة ببسالة، أمّا السيّد فذهب مع مجموعة من مقاتليه إلى قرية (كورده)، وتحصَّنوا فيها ضدّ هجمات الإنجليز.
وبسبب التآمر الذي جرى بين الإنجليز و(قوام الملك)، بالتنسيق مع حاكم مدينة شيراز، تمَّت محاصرة القرية المذكورة باثني عشر ألف جندي بريطاني، ثمّ أغاروا عليها ودمّروها، وفتحوا النار على المسجد الذي كان يصلّي فيه السيّد، وكذلك محرابه، وأسَّروا أفراد عائلته، وأرسلوهم إلى شيراز بعد تلك الحوادث المؤلمة بشكل سري.
واستمرَّت تجاوزات الإنجليز على الأموال والحرمات بشكل سافر، ممّا أدَّى إلى قيام السيّد اللاري بإصدار فتوى الجهاد جاء فيها: (على جميع الأفراد الذكور من الإيرانيين الجهاد ضد الكُفَّار الإنجليز، ومن يُقتل في سبيل ذلك يعتبر شهيدًا في سبيل الله، ويستحقُّ الجنّة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته).
أقوال العلماء فيه: نذكر منها ما يلي:
1- قال السيّد الشيرازي الكبير: السيد السند، والحَبر المعتمد، الفاضل الكامل الأوحد، والورع التقي المهذَّب الممجَّد، المنزَّه من كل شَين، سيّدنا عبد الحسين، بذل عمدة عمره في تهذيب الأخلاق، وتكميل النفس، وتحصيل العلوم.
2- قال الشيخ آقا بزرك الطهراني: كان السّيد عبد الحسين عالمًا كبيرًا، ومجاهدًا فاضلاً، وورعًا متّقيًا.
مؤلفاته: نذكر منها ما يلي:
1- المعارف السلمانية.
2- آيات الظالمين.
3- قانون المشروطة المشروعة.
4- حاشية على المكاسب.
5- كتاب في علم أُصول الفقه.
6- حاشية على رسائل الشيخ الأنصاري.
7- شرح حول القرعة والخيرة.
8- حاشية على كتاب الرياض.
9- حاشية على كتاب القوانين.
10- طريق النجاة.
وفاته:
توفّي السيّد اللاري (قدس سره) في اليوم الرابع من شوال 1342 هـ، ودفن بمدينة جهرم جنوب إيران، وقبره معروف يزار.