السيد محمد حسن الشيرازي المعروف بالشيرازي الكبير (قدس سره)
(1230 هـ – 1312 هـ)
اسمه ونسبه:
السيّد محمّد حسن الشيرازي، المعروف بالشيرازي الكبير.
ولادته:
ولد السيّد الشيرازي عام 1230 هـ ، بمدينة شيراز في إيران.
دراسته:
عندما بلغ عمره أربع سنوات وبسبب حدّة ذكائه أرسله خاله إلى معلّم خاص لتعلّم القراءة والكتابة، وبعد أن تعلَّم القراءة والكتابة تعلّم العلوم العربية، وأكمل مرحلة المقدّمات، وعمره لا يزال ثماني سنوات، وعندما بلغ عمره اثني عشر عاماً بدأ يحضر دروس الشيخ محمّد تقي في الفقه والأُصول، وذلك في مدينة شيراز.
وفي عام 1248 هـ سافر إلى مدينة إصفهان، ودخل مدرسة الصدر للعلوم الدينية، وشرع بكل جد ومثابرة في دراسة العلوم العقلية والنقلية ، وبقي هناك حوالي عشر سنوات، درس عند أساتذتها المعروفين آنذاك.
وفي عام 1259 هـ سافر إلى مدينة كربلاء المقدّسة لإكمال دراسته الحوزوية، ثمّ بعد ذلك بفترة قصيرة سافر إلى مدينة النجف الأشرف واستقر فيها، حتّى نال درجة الاجتهاد.
أساتذته : نذكر منهم ما يلي:
1- الشيخ مرتضى الأنصاري.
2- الشيخ محمّد حسن النجفي، المعروف بالشيخ الجواهري.
3- السيّد محمّد باقر الشفتي.
مرجعيته:
بعد وفاة الشيخ الأنصاري توجّهت أنظار المقلّدين إلى طلاّبه، وبعد أن اجتمعت مجموعة من طلاّب الشيخ الأنصاري وكان من ضمنهم السيّد الشيرازي، فأشار جميع الحاضرين في الجلسة بضرورة تصدِّيه، وبعد تأكيد وإصرار الحاضرين عليه وافق على التصدّي لهذه المسؤولية المقدّسة.
تلامذته : نذكر منهم ما يلي:
1- السيّد إبراهيم الدامغاني.
2- السيّد اسماعيل الصدر .
3- السيّد حسن الصدر.
4- الشيخ حسين السبزواري.
5- الشيخ حسين النوري الطبرسي.
6- الشهيد الشيخ فضل الله النوري.
7- الشيخ محمّد كاظم الخراساني، المعروف بالآخوند.
8- السيّد محمّد كاظم الطباطبائي اليزدي.
9- الشيخ محمّد تقي الشيرازي.
10- الشيخ هادي المازندراني.
11- السيّد محمّد الفشاركي.
12- الشيخ محمّد الكاشاني، المعروف بالآخوند الكاشي.
13- السيّد محمّد علي الشاه عبد العظيمي.
14- السيّد مهدي الحيدري.
15- الشيخ محمّد القمّي، المعروف بالأرباب.
16- السيّد عبد الحسين اللاري.
17- الشيخ محمّد كاظم الشيرازي.
18- الشيخ محمّد حسين الغروي النائيني.
صفاته وأخلاقه:
1- ذكاؤه: كان السيّد يتمتّع بذاكرة قوية وعجيبة، وينقل عنه أنّه كان يحفظ أكثر القرآن الكريم، وأدعية الأيّام ، وزيارات المشاهد المقدّسة، ولم ينقل عنه أنّه عندما كان يذهب للزيارة يصطحب معه كتاباً أو أي شيء آخر من كتب الزيارة.
2- هيبته ووقاره: يقول أحد أصدقائه : قضيت مع السيّد مدّة طويلة نتباحث سوية في الدروس، إلاّ أنّه لم تكن لدي الجرأة الكافية على النظر إلى وجهه، وعندما كنت أريد الدخول عليه كنت أحس بأنّ قلبي يأخذ بالاضطراب ، بالرغم من أنّه كان بشوشاً وسمحاً ولطيفاً.
3- مساعدته للمحتاجين: خصَّص السيّد جزءً من الأموال الشرعية لمساعدة المحتاجين والفقراء، وكان وكلاؤه يقومون بإيصال تلك المساعدات إلى أولئك المستحقين، عن طريق قوائم أعدَّت مسبقاً بأسمائهم.
4- احترامه للضيف: كان السيّد يبالغ في احترام ضيوفه، والمعروف عنه أنّه كان يتناول يومياً وجبة طعام واحدة، بينما نجده في الحالات التي يزوره فيها أحد أصدقائه ويبقى عنده يقوم بتناول ثلاث وجبات معه، إكراماً واحتراماً.
5- احترامه للعلماء والطلاّب: كان السيّد يعامل مع العلماء وطلاّب الحوزة العلمية معاملة الأب الرحيم، ولا يغفل عن متابعة أُمورهم، ويقابلهم بمُنتَهى الأدب والاحترام، حتّى لو كانوا حديثي عهد بالدراسة، فهو يسمع أقوالهم وشكاواهم ، ويقوم برفع احتياجاتهم، وهكذا كان حتّى مع الناس العاديين، فضلاً عن أفراد عائلته.
ومن المميزات الأُخرى له، قناعته وعدم إسرافه، وشعوره بالمسؤولية الملقاة على عاتقه، ودفاعه عن الحق في كل زمان ومكان.
خدماته الاجتماعية:
أوّلاً : جعل مدينة سامرّاء المقدّسة مدينة آمنة، بعد أن كان أغلب سُكَّان المدينة وضواحيها ـ قبل مجيء السيّد الشيرازي ـ يعيشون على السلب والنهب والفساد، بحيث أنّ الزوّار الذين كانوا يأتون لزيارة العتبات المقدّسة الموجودة فيها، لم يكونوا يشعرون بالأمن والاستقرار، ممّا لم يكن يشجّع الزوّار بالعودة إليها مرّة أُخرى.
وكانت هذه الأُمور من الأسباب الرئيسية التي دفعته للسفر إليها، واتخاذها محلاًّ دائماً لإقامته إلى آخر لحظات عمره الشريف ، وقد ظلَّت سامرّاء المقدّسة مركزاً علمياً لتحصيل العلوم الإسلامية، ومحلاً لتجمّع العلماء حتّى وفاته.
ثانياً: بنى مدرسة لطلبة العلوم الدينية في مدينة سامرّاء المقدّسة، وعُرفت فيما بعد بـ(مدرسة الشيرازي)، وتعتبر من أكبر المدارس العلمية الشيعية في العراق، وظلّت تلك المدرسة قائمة تحكي قصّة العصر الذهبي للفكر الشيعي، إلى أن جاء نظام صدام وقام بتخريب تلك المدرسة، تعبيراً عن حقده الدفين للإسلام وعلمائه.
ثالثاً: بنى جسراً في مدينة سامرّاء المقدّسة، وذلك لتسهيل وفود الزائرين والمسافرين إليها، بعدما كان الناس يستخدمون الزوارق للعبور إلى المدينة.
رابعاً: أمر بإعادة ترميم بناء المرقدين الشريفين للإمامين الهادي والعسكري (عليهما السلام)، وبنى إلى جانبهما حسينية وسوقاً كبيراً، مع حمَّامين لخدمة الزوار القادمين إلى المدينة.
حركة تحريم التبغ (التنباكو):
في زمن حكم الدولة القاجارية في إيران تمَّ التوقيع على عقد بين ناصر الدين الشاه القاجاري وبين بريطانيا، وذلك عام (1306 هـ)، وبموجب هذا العقد فإنّه يحق للإنجليز التصرّف بالتبغ (التتن) في داخل إيران وخارجها، وعلى أثر هذا الامتياز وصل إلى إيران أكثر من مائتي ألف أجنبي، قاموا باستغلال الناس واستضعافهم، وإشاعة المفاسد الاجتماعية والأخلاقية.
وقد أرسل السيّد الشيرازي برقية من مدينة سامرّاء المقدّسة إلى الشاه القاجاري حول هذا الموضوع، نقتطف منها ما يلي: (إنَّ تدخّل الأجانب في الأُمور الداخلية للبلاد، واختلاطهم بالمسلمين، وإشاعة الفساد تحت ستار امتياز التنباكو، يعتبر منافياً لصريح القرآن الكريم، والقوانين الإلهية، وبالتالي يؤدّي إلى ضعف الدولة، وعدم تمكُّنها من المحافظة على سيادتها واستقلالها، وهذا ممّا يزيد قلق المواطنين وقلقنا على مستقبل المسلمين).
أمّا موقف الحكومة القاجارية ضد هذه الفتوى فقد كان عنيفاً، لذلك بدأت بوادر النهوض والتحرّك عند الناس بقيادة العلماء ضد الحكومة، وبعد مراسلات ومحاورات جرت بين السيّد الشيرازي والحكومة، لم يتوصّل الطرفان إلى نتيجة، بسبب تصلّب مواقف السلطان القاجاري العميل للإنجليز، ممّا اضطر السيّد الشيرازي إلى إصدار فتواه المشهورة: (بسم الله الرحمن الرحيم، اليوم استعمال التنباكو والتتن بأي نحو كان ، يعتبر محاربة للإمام صاحب العصر والزمان صلوات الله وسلامه عليه).
ثمّ أعقبها بالفتوى الأُخرى، وهي: (إذا لم يُلغَ امتياز التنباكو بشكل كامل سأعلن الجهاد العام خلال ثمان وأربعين ساعة)، وعلى أثر ذلك حدثت اضطرابات وتظاهرات في أماكن متعدّدة، تطالب بإلغاء امتيازه بصورة كاملة، وأخيراً اضطرَّت الدولة وتحت ضغط الجماهير بقيادة العلماء إلى الإعلان عن إلغاء الامتياز كاملاً.
وبكلمة موجزة يمكن القول: بأنّ قضية التنباكو كانت في الواقع نهضة إسلامية ضد الأهداف الاستعمارية، قادها علماء الدين الأفاضل برعاية السيّد الشيرازي لنيل الحرية والاستقلال ، والحفاظ على الهوية الإسلامية للشعب الإيراني المسلم.
مؤلفاته: نذكر منها ما يلي:
1- كتاب في الطهارة.
2- رسالة في الرضاع.
3- كتاب في المكاسب.
4- رسالة في اجتماع الأمر والنهي.
5- ملخَّص لإفادات الشيخ الأنصاري في الأُصول.
6- رسالة في المشتق.
7- حاشية على حاشية الشيخ الأنصاري على رسالة نجاة العباد.
8- تعليقه على كتاب المعاملات للوحيد البهبهاني.
وفاته:
توفّي السيّد الشيرازي (قدس سره) في الرابع والعشرين من شعبان 1312 هـ بمدينة سامرّاء، ودفن بجوار مرقد الإمام علي (عليه السلام) في النجف الأشرف.