الشيخ عبد الحسين الأميني (قدس سره)

(1320 هـ – 1390 هـ)

اسمه ونسبه:

الشيخ عبد الحسين بن أحمد بن نجف قلي الأميني.

 ولادته:

ولد الشيخ الأميني في الخامس والعشرين من صفر 1320 هـ بمدينة تبريز في إيران.

 نشأته ودراسته:

نشأ الشيخ الأميني بمدينة تبريز في بيت علم وتقى، وتربّى على يد والده الزاهد المولع بالعلم والمغرم بالمعارف والكمال، وبين أُسرة محافظة على الطقوس الدينية، مواظبة على السنن الإسلامية، ومنذ نعومة أظفاره وكان على جانب كبير من الشوق إلى طلب العلم، وهو يتحلّى بنبوغ فكري، ويقظة ذهنية، وقوّة وقّادة في الحفظ، فقد بدأ أوّلياته عند والده ودرس عليه، ثمّ تتلمذ على آخرين بتردّده إلى مدرسة الطالبية، وهي من أهمّ مراكز الثقافة ومعاهد العلم المعروفة بتبريز، فقرأ مقدّمات العلوم، وأنهى سطوح الفقه والأُصول عند علماء تبريز.

 عبادته:

كان ولوعاً بقراءة القرآن والدعاء والصلوات المسنونة، إذا قرب الفجر قام إلى صلاة الليل وقرنها بفريضة الصبح، ثمّ جلس إلى قراءة القرآن حتّى ينهي جزءً كاملاً كلّ يوم، مرتّلاً آياته بتدبّر وإمعان، متزوّداً من حججه وبيّناته.

 وكان كثير الزيارة للحرم العلوي الشريف، يقصده في أوقات مختلفة، وكانت زيارته تستغرق ساعة من الوقت فأكثر، وكثيراً ما كان يقصد زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء راجلاً، طلباً لمزيد الأجر، ومعه ثلّة من خلّص أصدقائه، يقضي طريقه خلال ثلاثة أيّام أو أكثر، وهي لا تزيد عن 78 كيلو متراً، لا يفتر فيه عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والوعظ والإرشاد، وإلقاء مواعظ وتوجيهات دينية على أهل القرى والرساتيق التي يمرّ بها، حتّى يصل كربلاء المشرّفة.

 وكان إذا حلّ شهر رمضان المبارك عطّل جلّ أعماله، وتفرّغ للصيام والعبادة في النجف الأشرف، أو بكربلاء المشرّفة، وعند ذلك يلزم نفسه قراءة خمسة عشر ختمة من القرآن، يهدي ثواب أربعة عشر منها إلى المعصومين الأربعة عشر (عليهم السلام).

 كتاب الغدير:

انشغل الشيخ الأميني لأكثر من نصف قرن في تأليف كتابه القيّم الغدير، محتماً على نفسه الكتابة والمطالعة ستّ عشرة ساعة في الليل والنهار، حيث تطلب تأليفه المرور بعشرات الألوف من الكتب المطبوعة والمخطوطة، ومطالعة عشرات الآلاف من المجلّدات بجميع صحائفها، والتمحيص والتدقيق، وكذلك السفر للحصول على المصادر والوثائق، فقد سافر إلى بلدان كثيرة، منها بلاد الشام وإيران والهند والحجاز وتركيا، وبذل جلّ جهوده في سبيله، لذلك ترك البحث والتدريس، وغلق على نفسه باب التردّد على الأندية والمجتمعات، وجلس في داره معتكفاً بمكتبته الخاصّة، متفرّغاً للجهاد في هذا الميدان الديني المقدّس.

 وبلغ عدد المصادر التي اعتمدها وأسند إليها نصوص الحديث والوقائع التاريخية ومسائل الشعر والأدب آلاف الكتب خطّية ومطبوعة، ممّا جعل كتابه مرجعاً ضخماً وهامّاً يسهّل للباحث الوصول بكلّ يسر إلى ما يحتاجه في مجال التأليف والدراسات والأبحاث، دلّ كتاب الغدير الواسع على صبر المؤلّف ودقّته في أُصول البحث والدراسة والتقصّي، ذلك الصبر والجلد والدأب الذي جعل الموسوعة تتسع حتّى تشمل كلّ ما قيل وما ورد عن حديث الرسول الشريف، لتشمل أخيراً ما يقارب خمسة آلاف صفحة، بعيداً بعداً كاملاً عن التعصّب والتطرّف.

 ويروي الشيخ الأميني هذه القصّة كدليل على ما عاناه أثناء تأليف كتابه الغدير: حينما كنت أكتب الغدير احتجت إلى كتاب الصراط المستقيم تأليف زين الدين العاملي البياضي، وكان كتاباً مخطوطاً بأيدي أشخاص معدودين، فسمعت أن نسخة منه موجودة عند أحد الأشخاص في النجف، ذات ليلة وفي أوّل وقت المغرب رأيته واقفاً مع بعض أصدقائه في صحن العلوي الشريف، دنوت منه وبعد السلام والاحترام ذكرت له حاجتي للكتاب، ومجرّد المطالعة لأنقل منه في كتابنا الغدير، والعجيب أنّ الرجل فاجأني بالاعتذار، وهو أمر لم أكن أتوقّعه.

 قلت: إن لم تعطني إيّاه استعارة اسمح لي أن آتيك منزلك كلّ يوم في ساعة معيّنة، أجلس في غرفة الضيوف وأطالع في الكتاب، ولكنّه رفض وأبى.

 قلت: أجلس على الأرض في الممر أو خارج المنزل بحضورك إن خفت على الكتاب أو المزاحمة، إلاّ أنّه قال بصلافة أكثر: غير ممكن، وهيهات أن يقع نظرك على الكتاب.

 فتأثّرت بشدّة ولكن ليس لتصرّفه الجاهلي، بل كان تأثّري لشدّة مظلومية سيّدي ومولاي أمير المؤمنين (عليه السلام)، حيث أنّ مثل هؤلاء الجهلة بؤر التخلّف والرذيلة يدّعون التشيّع لمثل علي إمام المتّقين.

 تركته ذاهباً إلى الحرم، فوقفت أمام الضريح الشريف مجهشاً بالبكاء، وبينما أحدث الإمام (عليه السلام) مع نفسي بتألّم إذ خطر في قلبي: أذهب إلى كربلاء غداً في الصباح، وهكذا وصلت إلى كربلاء فذهبت إلى حرم الإمام الحسين (عليه السلام) رأيت هناك أحد العلماء المحترمين، تصافحنا بحرارة ثمّ قال: ما سبب مجيئك إلى كربلاء وسط الأسبوع، خيراً إن شاء الله ؟ قلت: جئت لحاجة.

 فإذا به يقول برجاء: أُريد أن أطلب منك أمراً، ورثت من المرحوم والدي كمّية من الكتب النفيسة، لا أستفيد منها في الوقت الحاضر، شرّفنا إلى المنزل وخذ ما ينفعك منها إلى أيّ وقت تشاء.

 وعندما قصدته في اليوم الثاني وضع الكتب بين يدي، وكان في طليعتها نسخة من كتاب الصراط المستقيم، ما إن وقع نظري عليه وأخذته بيدي حتّى انهمرت دموعي بغزارة، فسألني عن سبب بكائي، فحكيت له القصّة، فبكى هو الآخر، هكذا أخذت الكتاب واستفدت منه، وأرجعته إليه بعد ثلاث سنوات.

 أساتذته: نذكر منهم ما يلي:

1- السيّد محمّد بن عبد الكريم الموسوي.

2- السيّد مرتضى بن أحمد الحسيني الخسروشاهي.

3- الشيخ حسين بن عبد علي التوتنجي.

4- الشيخ محمّد محسن، المعروف بآقا بزرك الطهراني.

5- السيّد محمّد باقر الحسيني الفيروزآبادي.

6- السيّد أبو تراب الخونساري.

7- الشيخ علي بن عبد الحسين الإيرواني.

8- الشيخ أبو الحسن بن عبد الحسين المشكيني.

9- الشيخ علي أصغر ملكي التبريزي.

10- الشيخ محمّد حسين الغروي النائيني.

11- الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي.

12- السيّد أبو الحسن الموسوي الأصفهاني.

13- الشيخ محمّد حسين الغروي الأصفهاني، المعروف بالكمباني.

14- الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء.

15- السيّد علي الحسيني الشيرازي.

16- الشيخ علي بن إبراهيم القمّي.

 مؤلفاته: نذكر منها ما يلي:

1- الغدير في الكتاب والسنّة والأدب.

2- شهداء الفضيلة.

3- السجود على التربة الحسينية عند الشيعة الإمامية.

4- تفسير فاتحة الكتاب.

5- إيمان أبي طالب وسيرته.

6- سيرتنا وسنّتنا.

7- المقاصد العلية في المطالب السنية.

8- رجال آذربيجان.

9- ثمرات الأسفار.

10- العترة الطاهرة في الكتاب العزيز.

11- رياض الأنس.

 وفاته:

توفّي الشيخ الأميني (قدس سره) في الثامن والعشرين من ربيع الثاني 1390 هـ بمدينة طهران، ودفن بمقبرته الخاصّة في النجف الأشرف.

تعليقات