السيد محمد هادي الحسيني الميلاني (قدس سره)
(1313 هـ – 1395 هـ)
اسمه ونسبه:
السيّد محمّد هادي بن السيّد جعفر بن السيّد أحمد الحسيني الميلاني.
ولادته:
ولد السيّد الميلاني في السادس من المحرّم 1313 هـ بمدينة النجف الأشرف.
دراسته:
بدأ الدراسة في سنِّ الطفولة، فأكمل المقدّمات عند أساتذة الحوزة العلمية في مدينة النجف الأشرف، وهكذا السطوح والبحث الخارج في الفقه والأُصول.
أساتذته: نذكر منهم ما يلي:
1- السيّد جعفر الأردبيلي.
2- الشيخ علي الإيرواني.
3- الشيخ إبراهيم السالياني.
4- الشيخ غلام علي القمّي السامرائي.
5- الشيخ أبو القاسم المامقاني.
6- الشيخ فتح الله الأصفهاني، المعروف بشيخ الشريعة.
7- الشيخ ضياء الدين العراقي.
8- السيّد حسين البادكوبي.
9- الشيخ محمّد حسين الغروي الأصفهاني، المعروف بالكمباني.
10- الشيخ علي القاضي.
11- الشيخ محمّد جواد البلاغي.
12- السيّد أبو القاسم الخونساري.
13- السيّد أبو الحسن الموسوي الأصفهاني
مكانته العلمية:
بالنظر لاستعداداته القوية فقد استطاع هذا العالِم الكبير الإحاطة بآراء وتقريرات أساتذته الثلاثة، الذين كانوا محور الحوزة العلمية في مدينة النجف الأشرف آنذاك، وهم: الشيخ محمّد حسين الغروي النائيني، والسيّد أبو الحسن الموسوي الأصفهاني، والشيخ ضياء الدين العراقي، وحاز على درجة الاجتهاد وهو لم يتجاوز العقد الرابع من عمره الشريف، وأصبح فيما بعد موضع اهتمام العلماء والفضلاء بسبب دقَّة نظره واهتمامه بالتحقيق.
وقد قال فيه الشيخ محمّد حسين الغروي الأصفهاني: كان السيّد الميلاني من أدق تلامذتي، ولهذا دعاه السيّد حسين القمّي للمجيء إلى الحوزة العلمية في مدينة كربلاء المقدّسة لغرض تقوية أركانها، فأجاب الدعوة، ورحل إليها، وأقام فيها بضع سنوات.
تدريسه:
بدأ بإلقاء دروسه عندما كان في مدينة النجف الأشرف، وبعد ذهابه إلى مدينة كربلاء المقدّسة أخذ يلقي الدروس في حوزتها العلمية الفتية، وشيئًا فشيئًا أخذ عدد الطلاّب الذين كانوا يحضرون دروسه بالازدياد، ولما ذهب إلى مدينة مشهد المقدّسة لزيارة الإمام الرضا (عليه السلام) طلب منه فضلاء الحوزة هناك الإقامة فيها، للاستفادة من دروسه، فقبل دعوتهم بعد أن استخار الله، وأخذ يدرّس الفقه والأُصول، وقد طبعت تلك الدروس على شكل كتاب مستقل بعنوان: محاضرات في فقه الإمامية.
أمّا عن طريقته في التدريس فقد كان يحدّد المسألة المراد بحثها، ثمّ يقوم بذكر الروايات المتعلّقة بها، ويأخذ بالتدقيق وإمعان النظر فيها بشكل يجمع فيه بين النظرة العرفية، والدقّة العقلية، وكان للسيّد الميلاني اعتناءً خاصًّا بدروس التفسير، فكان يلقيها أيّام إقامته في مدينة كربلاء المقدّسة، وقد استفاد طُلاّبه كثيرًا من التوضيحات المفيدة التي كان ينبِّههم عليها، وكانوا يدوِّنونها في دفاترهم، حتّى أنَّ أحد بحوثه حول سورتي الجمعة والتغابن قد طُبِع بشكل كتاب مستقل، وأصبح موضع اهتمام طلاّب العلوم الدينية.
وأمّا عن طريقته في كيفية التعامل مع طلاّبه، فقد كان يجيب على جميع أسئلتهم واستفساراتهم بكل رحابة صدر، بل وحتّى الأسئلة التي لم تكن لها علاقة بموضوع الدرس، وكان يُثني على الطلاّب الذين يطرحون الأسئلة الموضوعية والمنطقية، ويشجّعهم ويكافئهم.
تلامذته: نذكر منهم ما يلي:
1- الشيخ حسين وحيد الخراساني.
2- السيّد علي الحسيني الخامنئي.
3- السيّد عباس الصدر.
4- السيّد محمّد باقر حجّت الطباطبائي.
5- السيّد حسين الشمس.
6- الشيخ محمّد رضا الدامغاني.
7- الشيخ محمّد تقي الجعفري.
8- ابنه، السيّد نور الدين الميلاني.
9- الشهيد السيّد حبيب حسينيان.
10- السيّد محمّد الحسيني الشيرازي.
11- السيّد محمّد حسين المصباح الموسوي.
12- الشيخ محمّد الهاجري.
13- السيّد إبراهيم علم الهدى.
14- الشيخ محمّد جواد الغروي العلياري.
15- حفيده، السيّد علي الحسيني الميلاني.
16- السيّد صادق الحسيني الشيرازي.
صفاته وأخلاقه: نذكر منها ما يلي:
1- إِلمامه بعلم الحديث: بالإضافة إلى سعة اطلاع السيّد الميلاني بعلوم الفقه، والأُصول، والكلام، والفلسفة، فقد كان متبحّرًا بعلم الحديث، وقد كانت له مباحثات في هذا العلم مع الشيخ علي القمّي، ولمدّة ثماني سنوات.
2- تعلُّقه بالأدب والشعر: كان السيّد الميلاني واسع الإطلاع بالأدب الفارسي والعربي، ويمتلك في الوقت نفسه خطًّا جميلاً، وإنشاءً جذّابًا، وله أشعار لطيفة جدًّا.
3- احترامه لأساتذته: كان السيّد الميلاني يحترم أساتذته احترامًا كبيرًا، ويتواضع لهم جميعًا، وعلى الأخص أستاذه الشيخ محمّد حسين الغروي، فقد كان عندما يلاقيه يُسارع إلى تقبيل يده، ويمشي خلفه، ويقتدي به في صلاة الجماعة.
4- تواضعه: كان يتواضع لجميع الناس، العالِم منهم والعامي، العالي منهم والداني، القريب منهم والبعيد، وعندما كانت تأتيه أعداد كثيرة من الزوّار يقوم باستقبالهم والترحيب بهم، ولكن نتيجة لكثرتهم أحيانًا يغفل عن الاهتمام ببعضهم، فنراه يقصدهم ويقدّم اعتذاره لهم بكلام لين عذب لطيف.
5- وقاره وأدبه: كان ملتزمًا بالآداب، ولم يُنقل عنه أنّه في يوم من الأيّام تكلّم مع أحد من الناس بصوت عالٍ، أو كان يضحك بقهقهة، وكان على الدوام يوصي طُلاَّبه والمقرَّبين منه بضرورة التمسّك بالوقار، وفي إحدى المرّات قال لأحد أبنائه: أنا أعشق الوقار.
6- إخلاصه لله سبحانه: كان السيّد مبتعدًا عن التظاهر والرياء، لا يُحب الزعامة ولا يسعى إليها، ومن وصاياه التي كان يوصي بها المبلِّغين الذين كانوا يذهبون للإرشاد والتبليغ، والتي تعبِّر عن مَدى صدقه وإخلاصه لله سبحانه، هي عدم ذكر اسمه في المناطق التي يبلِّغون فيها.
7- ذوبانه في أهل البيت (عليهم السلام): لا نستطيع وصف شدَّة تعلّقه بالأئمّة الطاهرين (عليهم السلام)، فقد كان يعايشهم في أحواله كافّة عند زيارته للمراقد المقدّسة، وفي مجالس العزاء، وفي الأعياد الدينية، وفي المحاضرات والمراسلات، وفي إحدى الرسائل التي أرسلها إلى أحد أحفاده جاء فيها: لاستكمال الفضائل لا بُدَّ من أربع: المعارف، والتقوى، والفقه وأُصوله، ومكارم الأخلاق، ولكي تصل إلى هذه الأركان الأربعة لا بُدَّ لك من وسيلة تصل بها إلى ذلك، والوسيلة المضمونة إن شاء الله هي: التوسّل بأهل البيت (عليهم السلام)، والتعلّق بالحجّة المنتظر أرواحنا لِمَقدَمِه الفداء.
ومن مميزاته الأُخرى: الحلم، والصبر، والعفو عند المقدرة، والابتعاد عن الإسراف والتبذير، والبساطة في العيش، والاكتفاء بالضروري.
مواقفه من نظام الشاه:
كان السيّد الميلاني من العلماء البارزين الذين أخذوا على عاتقهم مهمّة التصدّي لممارسات الشاه التعسفية، وعلى الأخص عندما قام مجلس الأمّة الشاهنشاهي بالتصويت على قانون الانتخابات العامّة والمحلّية، ذلك القانون الجائر الذي تصدّى له علماء الدين، ومنهم السيّد الميلاني، الذي أرسل برقية شديدة اللهجة إلى رئيس الوزراء آنذاك، وحذَّره فيها من عواقب إصدار هذه اللائحة القانونية.
ويمكن إيجاز مواقفه الأُخرى بما يأتي:
1- قام بكتابة رسالة إلى العلماء بمناسبة الحوادث المؤلمة التي جَرَت في المدرسة الفيضية بمدينة قم المقدّسة، والتي قُتل وجرح فيها كثير من طلبة العلوم الدينية.
2- بتاريخ 2 / 5 / 1342 هـ ش (1963 م) أصدرَ بيانًا إلى أبناء الشعب كافّة، استنكر فيه اعتقال الإمام الخميني، وفضح فيه المواقف الخيانية لنظام الشاه.
3- في ردِّه على استفسارات المواطنين حول المشاركة بانتخابات الدورة الحادية والعشرين لمجلس الأمّة آنذاك، أجاب قائلاً: المشاركة في الانتخابات حرام، ومعارضتها واجب شرعي.
4- بعد أن ضيَّق عليه النظام، ووضعه تحت الإقامة الجبرية في طهران بسبب مواقفه المتصلِّبة، أُجبِر على ترك العاصمة والرجوع إلى مدينة مشهد المقدّسة، وبعد رجوعه أصدر بيانًا تحدَّث فيه عن الممارسات اللاإنسانية للنظام ضد علماء الدين، وعلى رأسهم الإمام الخميني.
مشاريعه الخيرية: نذكر منها ما يلي:
1- تأسيس أربع مدارس في مدينة مشهد المقدّسة لدراسة العلوم الدينية.
2- بناء المدرسة المنتظرية (الحقّاني) في مدينة قم المقدّسة.
3- إرسال المبلِّغين إلى مناطق البلاد المختلفة لغرض إرشاد الناس إلى الأحكام الشرعية.
4- ترميم العديد من المدارس الدينية في مختلف أنحاء إيران.
5- المساهمة في بناء الكثير من المدارس الدينية والمشاريع الخيرية في خراسان وفي مناطق أُخرى من إيران.
6- بناء العديد من المساجد والحمَّامات في القُرى والأرياف.
7- دعم وإسناد المبلِّغين والكُتَّاب الإسلاميين المقيمين خارج إيران، وعلى الخصوص المتواجدين في أوربا، وذلك عن طريق تقديم المساعدات المادّية وغيرها.
8- إنجاز المراحل الأخيرة من بناء مسجد هامبورغ في ألمانيا، الذي أمر ببنائه السيّد حسين البروجردي.
مؤلفاته: نذكر منها ما يلي:
1- قادتنا كيف نعرفهم.
2- مائة وعشر أسئلة.
3- محاضرات في فقه الإمامية.
4- تفسير سورة الجمعة والتغابن.
5- حاشية على العروة الوثقى.
6- نخبة المسائل.
7- مختصر الأحكام.
8- مناسك الحج.
وفاته:
توفّي السيّد الميلاني (قدس سره) في التاسع والعشرين من رجب 1395 هـ بمدينة مشهد المقدّسة، ودفن بجوار مرقد الإمام الرضا (عليه السلام).