مجلس حسيني ــ الجهل والحسد من اسباب اغتيال الامام الكاظم (ع) - الشيخ عبد الحافظ البغدادي

مجلس حسيني ــ الجهل  والحسد من اسباب اغتيال الامام الكاظم (ع)

الشيخ عبد الحافظ البغدادي


باب الحوائج جئت بابك ساعيا ....... وأنخت ما بين القبــــــاب رحاليا


وطفت التمس الدعاء بفضلكم ....... يا ســــــــيدي فيكم وجدت رجائيا


ووضعت وزري في حماك وأنني .... مــــــــــستيقن من انه يقضى ليا


يا ابن الأباة الطيـــــــبون وانتم    ....... شفــــعاء خلق الله حين يلاقيا


فاشفع لعبدك حين ينكشف الغطا ......  واحمله عني حين يعرض كتابيا


حين تمشي ليلا في طريق مليْ بالحفر والشقوق فأنت بحاجة للاضاءة  او أي نور يضيء لك الطريق والا ستقع في مطبات وحفر لانك تعيش في ظلام ولا تعرف بوضوح طريقك الصحيح . ولكن لو كان القمر في ليلة كماله . فانك سترى الطريق واضحا حتى تحدد مسار طريقك، لان نور القمر حين يكون بدرا يكفي لتحديد مسار الطريق وعدم التعثر والعراقيل. *** العلماء يقولون لا يكفي ان ترى ضوء القمر وتنبهر بنوره . لان النظر لوحده غير كافي , لانه قد يكون خيالك انبهر بنور القمر وصرت تمشي بذلك الطريق وانت لا تعرف مسيرك.. وربما يكون خيالك سارحا .هنا تتحقق المتعة النفسية فقط بذلك النور دون معرفة تفاصيل الطريق الذي تسير فيه وتتخذه سبيلا للوصول الى غايتك . وقد الضوء الى تيه لانك غير دارك تفاصيل الطريق بصورة تفصيلية .


هذا ينطبق تماما على ولاية اهل البيت (ع) فكثير من الناس يحبونهم ويعرفون فضلهم الذي رتبه الله لهم , ولكنهم لا يعرفون عن حياتهم وجهادهم ومواقفهم من الحكام المنحرفين . والان كثيرا ما تجد من يوالي عليا(ع) ويقوم بممارسة الشعائر الحسينية ولكنه يقف موقفا ضد اهل البيت (ع) اما ان يكون لصا او منحرفا او تاركا للصلاة . او ان صلاته لا تنهاه عن منكر . ولا يأمر بالمعروف , والاكثر من هذا وذاك حين يستغل  اعداء مذهب اهل البيت(ع) جهله ويصبح عدوا لمذهبه ورموز المذهب وهو يتوقع انه يصنع خيرا .  هؤلاء تكلم عنهم الامام الحسين(ع) في اليوم العاشر ووصفهم انهم اكثر اذى وخطرا من الاعداء التقليديين. قال: تَبّاً  لَكُم أيّتُها الجماعةُ وتَرَحاً ، أَحِينَ اسْتَصْرَختُمُونا  والِهينَ4 فأَصْرَخناكُم مَوْجِفين ، سَللتُم عَلينا سَيفاً كان لنا في أَيْمانِكم، وحَشَشْتُم  علينا ناراً اقْتدَحْناها  على عدوِّنا وعدوِّكُم، فأصبحتُم إلْباً  لأعدائِكُم على أوليائِكُم، بغيرِ عَدلٍ أفشَوْهُ فيكُم، ولا أمَلٍ أصبحَ لكُم فيهم ،فهَلاَّ -لكُمُ الوَيلاتُ تركْتُمونا، والسيفُ مَشِيْمٌ ، والجأشُ طامِنٌ، والرأيُ لَمَّا يُستَحْصَفْ ، ولكنْ أسرعتُم إليها كَطَيْرَةِ الدَّبَا ، وتهافتُّم عليها كتَهافُتِ الفَرَاشِ، ثمَّ‏ نَقَضْتُموها، فسُحقاً لكُم يا عَبيدَ الأُمَّةِ، وشُذَّاذَ الأحزابِ، ونَبَذَةَ الكِتابِ، ومُحرِّفي الكَلِمِ، وعُصْبَةَ الآثامِ، ومُطفِئي السُّننِ، وقَتَلةَ أولادِ الأنبياءِ، ويحكم أهؤلاء تعضدون وعنا تتخاذلون .؟ اجل والله غدر فيكم قديم وشجت عليه اصولكم وتفرعت فروعكم . فكنتم اخبث شجر للناظر واكلة للغاصب .. الخ.  القران الكريم يصف هذا النمط من الناس بقوله تعالى )لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أولئك هُمُ الْغَافِلُونَ) يصف القران هذه الشريحة باسوء وصفة انهم اضل من الحيوان , لان الحيوان يعرف مصلحته ويعرف مكان طعامه ومشربه, وهؤلاء لا يميزون بين الحق والباطل . جاء في الحديث الصحيح عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ الصادق{ع} يَقُولُ :( رَحِمَ اللَّهُ عَبْداً حَبَّبَنَا إِلَى النَّاسِ وَلَمْ يُبَغِّضْنَا إِلَيْهِمْ .أَمَا وَاللَّهِ لَوْ يَرْوُونَ مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَكَانُوا بِهِ أَعَزَّ وَمَا اسْتَطَاعَ أَحَدٌ أَنْ يَتَعَلَّقَ عَلَيْهِمْ بشيء ولَكِنْ أَحَدُهُمْ يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ فَيَحُطُّ إِلَيْهَا عَشْراً ) وكذلك قال نفس المضمون الامام الباقر (ع) .. و يؤيد هذا الحديث ما روي عن أبي جعفر الباقر{ع} أنه قال :   


{{ رحم الله عبدا من شيعتنا حببنا إلى الناس ولم يبغضنا إليهم}} . الكلام يقع في محورين :  المحور الأول : في الاساليب الناجحة الفعالة للتعريف بأهل البيت (ع)وإعطاء صورة مشرقة عن حياتهم وما يحملونه من أفكار و أخلاق و ما قدموه للأمة من خدمات جليلة و عظيمة طيلة حياتهم .ولا بد من التنبيه على بعض الأمور :


1 ـ ما يلفت النظر في بداية الحديث هو الدعاء من الإمام  لمن يقوم بهذا الواجب . بقوله رحم الله عبداَ من شيعتنا.. شرفه بكلمة عبد.


2 ـ أن الأئمة{ع}لم يعيشوا لأنفسهم وإنما لله و للدين ، فمحبتهم و الحديث عنهم إنما هو حديث عن الإسلام ، لذلك قدموا كل ما يملكونه بما فيه دماءهم وابناءهم لأجل الإسلام .


 المحور الثاني : الأئمة {ع} هم أئمة لعموم المسلمين و الإمام الكاظم {ع} إمام المسلمين و قد أشارت إلى ذلك جملة من الروايات ..


.النقطة الثانية : ولايتهم ولاية الله وعداوتهم عداوة لله وقد وردت احاديث كثيرة بهذا المضمون منها . ما رواه الخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد»   بسنده عن عبدالله بن مسعود قال: قال رسول الله (ص) :"من احبني فليحب علياً، ومن ابغض علياً فقد ابغضني، ومن ابغضني فقد ابغض الله عزوجل، ومن ابغض الله ادخله النار.ورواية اخرى عن ابن الاثير الجزري في «اسد الغابة»  بسنده عن معاوية  الحمداني قال : قال رسول الله (ص)  "ياعلي من احبك فقد احبني، ومن ابغضك فقد ابغضني ..وروى الحاكم النيشابوري في «المستدرك» عن عوف الهندي قال :قال رجل لسلمان : {ما أشد حبك لعلي ؟قال : سمعت رسول الله (ص) يقول : من احب علياً فقد احبني، ومن ابغض علياً فقد ابغضني. حديث صحيح .. ** كما ان الانتصار لأهل البيت ومعاناهتم من الحاسدين لشرفهم . وفي زماننا هذا تعددت اساليب الحرب على المذهب . وتم تجنيد عدد كبير من أبناءنا من المتعلمين ومن الهمج الرعاع الذين ينعقون مع كل ناعق.


**  فإنّ الله تعالى تكفّل بحفظ الدين ورعايته، من خلال بقاء أهل روايته ومن يعي القران والحديث . وخير وعاء يحفظ فيه العلم، وتصان فيه الامانة ، هم العلماء الصلحاء الأتقياء، قال تعالى: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ} .


**هؤلاء العلماء، وفضلهم تعليم العلم للناس . فما ظنك بمصيبة فراقهم، وفقدهم؟ هذا أظهر علامة لغياب الدين، وقبض العلم، كما صح عن النبي {ص}أنه قال: «إن الله لا يَقْبِضُ العلم انتزاعاً يَنْتَزِعُه من العِباد - ولكن يَقْبِضُ العلم بِقَبْضِ العلماء، حتى إِذا لم يُبْقِ عالماً: اتَّخَذ الناس رُؤوساً جُهَّالاً، فَسُئِلُوا، فأفْتَوْا بغير علم، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا»  فأي فاجعة أكبر من موت عالم، وهلاك فقيه، وموت جيلٍ يحمل الآثار؟ . لما مات الصحابي   زيد بن ثابت{رض}وقف ابن عباس على قبره، وقال: «هكذا يقبض العلم، لقد دفن اليوم علم كثير» . فكيف اذا  قام الحاكم الظالم المنحرف بقتل ذلك العالم كما قتل هارون العباسي منار العلم موسى بن جعفر{ع} .


عن سَلمان الفارسي{رض} قال: «لا يزال الناسُ بخير ما بقي الأول حتى يتعلَّم الآخِر، فإذا هلك الأوَّلُ قبل أن يتعلَّم الآخِر هلك الناس.. عن أبي الدرداء قال: «تعلَّموا العلمَ قبل أن يُقبض العلمُ، وقبضُه أن يُذهَب أصحابه ــ إلى أن قال: فما لي أراكم شباعاً من الطعام، جِياعاً من العلم ــ .


** اذن ذهاب العلم هو ذهاب وموت اهله يصف الاولون موت العالم كالنجم اذا طمس وكسر لا يجبر , وثلمة لا تسد ..


وموت العالم مرة تكون بخروج روحه من جسده . وفي زماننا هذا بسبب التواصل الاعلامي , وسعة المؤامرة والحرب على الاسلام , اصبح الحرب وموت العالم وهي حي روحه في جسده من خلال تسميم الافكار بوسائل عديدة . حتى وصل الحال ان يشتم ابناء المذهب العلماء ويعتبرونهم مقصرين ويحملونهم فوق طاقتهم ..


***قسم اخر يساعد على موت العالم وهي حي , ان يسمع كلام عدوه وعدو عقيدته من شخص يعرف تماما انه صاحب اجندات ومشاريع ليفرق بين ابناء الامة وابناء المذهب الواحد . فاصبح وجود العالم وعدم وجوده سواء عندهم لانهم ليسوا بحاجة لعلومه . هكذا خرجوا من رحم الافكار المعادية للمذهب وجاءوا بنظرية جديدة .. كلاب رقية .. وشتم المرجع الفلاني .. واصبح دينهم توزيع القيمة والمشي لزيارة الحسين (ع) وعلى المنابر معممين مخرفين يقولون اذهب لزيارة الحسين {ع} ولا تصلي. وملئوا عقول الشباب بالخرافات . واصبح المجتمع يحب سماع النواعي والصوت الحلوم اكثر من من معرفة أي حكم شرعي او تفسير لمصطلح قراني . يقولون للخطيب اختصر ويقولون للرادود اعد اعد . اما الخطباء الذين يتم نقل مجالسهم على الفضائيات لا تتعدى مجالسهم في الغالب سوالف دواوين وقصص مكررة وبعضها خرافة وكذب .


** انحراف الشيعة عن الائمة المعصومين : لو نظرت الى تاريخ الشيعة وانحرافهم عن اهل البيت{ع} لوجدت مواقف عدائية مغلفة باسم التشيع . اذكر لك بعضا منها . هناك مئات من العارفين بفضل وولاية علي بن ابي طالب(ع) وسمعوا احاديث النبي{ص} بحقه وبحق الزهراء{ع} ولكن حين تم اقصاءه سكتوا واثروا السلامة , واعتبروا الصراع مع اهل السقيفة صراعا سياسيا . ووقوفهم هذا ادى الى قتل الزهراء{ع} وذهاب حقها في فدك .. وتجاسر عمر ان وصلت به الحال ان قال عن الرسول {ص} انه يهجر وقال عن بيت علي وفاطمة{ عليهما السلام} احرقوا الدار ومن فيها .. فقالوا له فيها فاطمة .! قال : وأن .!!! ثم استمر التخاذل الى زمن الامام الحسن {ع} وقصته معروفة حين استبدل عبيد الله بن العباس مبلغا من المال بولاية اهل البيت (ع) واليوم كم شخص معمم وغير معمم باع اخرته بدنيا غيره . وقصة تخاذل من يسمونهم شيعة في نصرة الحسين{ع} معروفة ..


جاء رجل الى الامام زين العابدين{ع} قال له: يا ابن رسول الله انا محب لكم وحظرت الى كربلاء وشهدت المعركة ولكن لم انصر اباك .بالمقابل لم ارم بسهم ولم اشهر سيفي على احد .. فقال له الامام السجاد{ع} " تبوأ مقعدك من النار.. قال لماذا .؟ قال: لانك اكثرت السواد بوجه ابي يوم عاشوراء .. اليوم كم شيعي يقف مع جيش يزيد واكثر السواد علينا .؟.


*** الطبقة المثقفة والامامة :الحكام الأمويون ومن بعدهم؛ العباسيون وغيرهم يعلمون علم اليقين أن الخلافة الدينية من بعد رسول الله{ص}، والزعامة السياسية ليست لهم، إنما هي لعلي بن أبي طالب، والأئمة من ولده عليهم السلام ،وعندهم رصيد من المعرفة بهذا الراي , ويعرفون الآيات القرآنية الاحاديث التي تشير اليهم بالزعامة الدينية والسياسية .


ولذلك اجتمعت عوامل الحقد والعداوة في قلوبهم , لانهم لا يمكنهم ان يلغوا الحقائق الدينية والتاريخية والادلة العقلية بأحقية أهل البيت في تولي أمر الأمة، بهذا تكونت عندهم عقدة تسمى { عقدة الشرعية السياسية}، فلم يجدوا غير طريقة التأثير في النفوس من إشاعة الخوف والرعب واخذ البريء بتهم التآمر على النظام, ومن يتحدث عن فضائل ال محمد{ص} يعتبر مصدر خطر , كما الحال الان حين يتهم الاعداء التقليديون كل متدين بانه رجعي وظلامي وغير متحضر, وهذا كانت ولا زالت جريمةيدفع الموالي لال محمد{ص} ضريبة باهظة, اقلها القتل والتهميش والاقصاء وعدم منح الموالين حقوقهم في المواطنة..


لذلك عندما تولى الامام موسى بن جعفر{ع} مهام الإمامة، كانت الظروف السياسية والاجتماعية أشد خطورة على بني العباس، والأكثر ايجابية في التيار الشيعي ، حيث وصلت الى "درجة من القوة، واصبحت تشكل معها دولة داخل دولة، حتى ان كثيراً من اعوان هارون العباسي ووزرائه كانوا يرون الاحقية لأهل البيت {ع} دون هؤلاء الشواذ العباسيين، وكان كل ذلك يجري وفق تنظيم دقيق وسرية تامة"، (التاريخ الاسلامي- المرجع الديني السيد محمد تقي المدرسي).


**وجود هذه القاعدة الاجتماعية الواسعة، يعود الفضل فيها الى عهد الامام الصادق{ع}وما تركته جهوده العلمية والفكرية من تربية جيل واعي مثقف مؤمن بالرسالة، وعلى معرفة بالخط الفاصل بين الحق والباطل. ولو نظرنا الى فترة معاصرة الامام الكاظم، للحكام العباسيين، كانت الفترة الأطول مع هارون، وهي خمسة عشر سنة، قضى بعضها في مدينة جدّه رسول الله، قبل ان يعتقله وينقله الى البصرة مخفوراً ليبدأ رحلة السجن في الطوامير المظلمة، وكانت البداية من البصرة، ثم الى بغداد.


** هناك من يعتبر نفسه مثقفا ومطلعا وباحثا ولكنه في حقيقته ذليلا تابعا لحاكم طاغية فاسد بكل المعايير وهو هارون العباسي يكتب بعضهم عن فترته يسميها "العصر الذهبي" للدولة الاسلامية، بينما المنصفون يرون عكس ذلك لأنها انفردت بين عهود الحكام الأمويين والعباسيين بالإنفاق على مجالس اللهو والطرب والخلاعة وتبذير أموال المسلمين على موائد الخمور ،وجلب النساء من الاناضول ودول البلقان. والشعراء المتزلفين،   وبناء القصور الفارهة، فيما كان الامام الكاظم،{ع}، يصبّ كل اهتمامه على أوضاع المسلمين، فكانت تجبى له الاموال والحقوق الشرعية من جميع أنحاء البلاد الاسلامية، ويوزعها على المحتاجين والمستحقين، يكفي أن نعرف أنه ،كان خلال وجوده في المدينة يعيل خمسمائة عائلة يعيل معيشتهم برواتب مستمرة.


  قلق هارون  فقام بتأسيس اجهزة مراقبة على الامام الكاظم {ع} ومتابعة شيعته فعيون هارون تتابع تحركات التيار الرسالي وامتداداته وتعرف   الأموال الهائلة تحمل اليه، ولكن لم يثبت لهم انه يستغل الاموال لمصالحه الخاصة كما يفعل الخلفاء .ولا يبذرها للشعراء وامثالهم .فاتهموه انه يجمع سلاح للاستيلاء على الحكم .وتمكنت اجهزة السلطة ان تتعاون مع اقرب الناس للامام الكاظم {ع} ورد في كتاب أعيان الشيعة السيد محسن الأمين ج2 صفحة 12في بعض الروايات ان الذي وشى بالكاظم {ع} اخوه محمد بن جعفر ، روى الصدوق في العيون  ان محمد بن جعفر دخل على هارون   وسلم عليه بالخلافة ثم قال له {ما ظننت ان في الأرض خليفتين} حتى رأيت أخي موسى يسلم عليه بالخلافة.!....وممن سعى بموسى بن جعفر{ع} يعقوب بن داود ويمكن ان يكون كل منهم قد سعى به..


** مما زاد الخطر والخوف في اركان الدولة العباسية قيام دولة شيعية في المغرب بقيادة احد ابناء الامام الحسن المجتبى{ع} عام 173هـ , ثم اسس دولة الأدَارِسَة هي سلالة هاشمية حكمت المغرب، أسّسها إدريس بن عبد الله بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء{عليهم السلام}حيث  نجا وخادمه راشد البربري من المذبحة الرهيبة التي ارتكبها الجيش العباسي في موقعة فخ في مكة المكرمة، والتي أقامها العباسيون لأهل البيت قريبا من مكة , وقتل عدد كثير من آل البيت فيها. ولكن ادريس وخادمه فرا إلى مصر اولا ثم المغرب. وكان الأمازيغ غير راضين عن الحكم العباسي . اضافة الى وجود دولة الامويين في الاندلس ,حيث استخدم العباسيون القمع للناس لعزلهم عن الدولة الاموية , وكان خادم ادريس راشد من ابناء الامازيغ . فتمت مبايعة ادريس قائدا وأميرا وإماما من طرف قبائل الأمازيغ في المنطقة. ثم  وسع حدود مملكته حتى بلغ تلمسان{ وهي مدينة جبلية تقع في الشمال الغربي من الجزائر تبعد 600 كيلومتر عن الغرب  ، ثم بدأ في بناء  مدينة فاس. ووصلت الاخبار الى بغداد فقام العباسي هارون بتدبير اغتيال إدريس في المغرب.. وله ضريح الان يسمونه المغاربة { مولاي ادريس} وله مزارا مشهورا.هذا جعل هارون العباسي يحسب الف حساب للشيعة وقياداتهم , ولاجل القضاء على أي تمرد من قبلهم لا بد ان يقضي على الامام موسى بن جعفر {ع} فجاء لاعتقاله في المدينة وارسله مخفورا الى البصرة.


*** مراحل السجون التي مر بها الامام الكاظم {ع} اصبحت السجون لا تنسى اثره النوراني الذي كاد ان يقلب موازين الرأي العام من مكانه الذي ازداد شرفا بقدومه, فذاق ألم السجون والتعذيب ومحاولات الإطاحة بعصمته . واعتبر هارون العباسي الظالم ان الإمام الكاظم{ع} يسبب ثقلا على دولته وذلك لما للإمام من قوة في التأثير على الناس وتوجيههم وأصبح سببا في الامتداد الشيعي تلك الآونة، مما أدى إلى قلق هارون وخوفه على السلطة فتطاول على مقام الإمام{ع} ان اعتقله وهو يصلي عند رأس جده رسول الله{ص}  وقد ضيع على الناس أمر اعتقاله و أصبح الى حد انه ابعده بسجن البصرة .. ثو امر عيسى السجان أن يغتال الإمام   داخل السجن ولكنه أبى ذلك لخوفه من انقلاب الرأي عليه في البصرة  ، ولذا أمر هارون بنقل الامام إلى سجن بغداد، وكان هارون من شدة قلقه  انه يراقبه بنفسه عن كثب .وتم نقله من سجن الى سجن الى اودع في سجن السندي ابن شاهك.. وسمع الامام هناك كلاما ولاقى معاملة قاسية لم يتحملها كل شريف .. فكان يدعو ربه : الهي خلصني من سجن هارون،  ، يا مخلّص الشجر من بين رمل وطين، ويا مخلص اللبن من بين فرث ودم، ويا مخلّص الولد من بين مشيمة ورحم ، خلصني من سجن هارون .


قال علي بن سويد وهو من أصحاب الإمام جئت الى الإمام موسى بن جعفر (ع) وهو في طامورة السندي بن شاهك فسأله:سيدي متى الفرج لقد ضاقت صدورنا؟ قال له الإمام: إن الفرج قريب يا ابن سويد ،قال: متى قال: يوم الجمعة ضحىً  انتظروني على جسر بغداد.يقول علي بن سويد: ذهبت إلى بيوت الشيعة أطرقها بابا بابا ابشرهم بموعد خروج الإمام من السجن فلما جئنا يوم الجمعة إلى جسر الرصافة وإذا بجنازة يحملها اربعة من الحمالين وامامها خالد بن يحيى ينادي هذا إمام الرافضة مات في حتف  فوضعوه على الجسر.


يقول : علي  ابن سويد جئت انظر اليه واذا به مولاي موسى بن جعفر. فنادا إماماه، وا كاظماه، فبينما هو كذلك إذ مر به طبيب نصراني كانت بينهما صحبة فقال له ابن سويد:أقسمت عليك بالمسيح إلا ما رأيت ما سبب موت هذا المسجى؟قال: اكشف لي عن باطن كفه فكشف له عن باطن كف الإمام فأخذ ينظر فيها وهو يهز رأسه قال ابن سويد: اخبرني ما رأيت؟ قال: يا ابن سويد ألهذا الرجل من عشيرة؟قال: بلى هذا موسى بن جعفر سيد بني هاشم، قال: يا ابن سويد ابعث إلى أهله فليحضروا وليطلبوا بدمه فإن الرجل مات مسموماً.


 جابوه والحديد امزنجل برجليه ..... ولا واحد من عمامه كدر يوصل  ويحميه ..... خل هاشم تجي لبغداد وتشوفه  ... للجسر تتعناه محني الراس مكشوفه .... ابجوا عليه يشيعة واكثروا بالنوح ... مصيبتهم من تذكروها تفت الروح .....


هرعت جماهير بغداد الى تشييع الإمام فكان يوماً مشهوداً لم تر مثله في تاريخها  فقد خرج الجميع لتشييع جثمان الإمام{ع} والفوز بحمل جثمانه، وسارت المواكب وهي تجوب شوارع بغداد وتردد أهازيج الحزن واللوعة، متّجهة نحو مقابر قريش، وحفر له قبر فيها وأنزلوه ...


ولكن أبو عبد الله بقي ثلاثة أيام بدون غسل ولا كفن ... يا حفار كبره زين وسعه ... من تنزله بهيده لا تضعضعه ... من حيث مكسور ضلعه  ... بجدنا عليك الجفه رجعه ... ودور على المكطوع اصبعه ... يخفاك ضلع امه الزهرة ... ضلعها الاصل واحسين فرعه ...مطروح ضل محد يرفعه  


الشيخ عبد الحافظ البغدادي

6/2/2022

تعليقات