الكون أتى من صدفة ؟ خطأ التفسير الميكانيكي للكون

خطأ التفسير الميكانيكي للكون :

وأجاب المؤمنون عن الاعتراض الثاني ، وهو التفسير الميكانيكي والتولد الذاتي ، أجابوا بأن المادة جامدة عمياء لا روح فيها وشعور ، ولا وعي وادراك فكيف نظمت نفسها بنفسها ، وقدرت كل شيء في الكون تقديرا على سنن ثابتة ونواميس محكمة ؟ .

وحاول الماديون أو الكثير منهم حل هذه المشكلة بفرض ضروري عندهم حدسا وتخرصا ، وهو أنه - في بداية ذي بدء وقبل أن يوجد الكون على وضعه الحالي - كان هناك أثير ساكن راكد يملأ أطراف الفضاء . . ثم حدثت حركة قوية فجأة ومن باب الصدفة ، واستمرت ملايين السنين ، ومن هذه الحركة الدائبة وحتمية تطور المادة تألف هذا الكون الموجود الآن بأرضه وسمائه ، وجماله وبهائه ، وتخطيطه ونظامه وترتيبه وانسجامه .

وتساءل المؤمنون باللّه : من أين جاء العلم بوجود هذا الأثير الذي سبق وجود الكون مع القطع واليقين بأنه لم يقع تحت الحس ولا دلت عليه الآثار والقرائن ؟ ولو سلمنا جدلا بوجوده فمن الذي أوجده ؟ ثم من الذي حركه ؟ وهل الصدفة والحركة العشوائية الهوجاء تنتج هذا النظام البديع الشامل لأفلاكه وكواكبه وذراته ومجراته ؟ .

وإذا وجد الكون بما فيه ومن فيه من باب الصدفة فلماذا لا يكون هذا الزعم صادرا عن زاعمه صدفة وعن غير قصد . .
وكذلك قفز الانسان إلى القمر ، ووجود القرى والمدن ، والمصانع والمعاهد ، وجميع المخترعات ، والأسفار والأشعار ، كل ذلك وما اليه ما كان ويكون من باب الاتفاق والصدفة ! . .
وكيف ننسب الكون ونظامه العجيب إلى الصدفة ، ولا نترك لها نحن اتفه الأمور ؟ ثم هل يسوغ لنا أن نذم ونعاقب من أساء وأجرم ، ونمدح ونثيب من أحسن وأنعم ، ونحن نؤمن بنظرية الاحتمال وقانون الصدفة ؟ .
وهل يقبل العاقل الخبير العليم أن عقله وشعوره تولدا من مادة لا عقل لها ولا شعور ، وان سمعه وبصره أوجدهما ما لا يسمع ولا يبصر ؟ وأيضا هل يقبل عقل عاقل أن بصمات الأصابع وملامح الوجوه وروائح الأجسام قد اختلفت بين الملايين من أبناء البشر ، هل يقبل العقل ان كل ذلك حدث لمجرد الصدفة ؟ .

شبهات الملحدين والإجابه عنها، محمد جواد مغنية، ص ٢٥

تعليقات