خطأ التفسير الميكانيكي للكون :
وأجاب المؤمنون عن الاعتراض الثاني ، وهو التفسير الميكانيكي والتولد الذاتي ، أجابوا بأن المادة جامدة عمياء لا روح فيها وشعور ، ولا وعي وادراك فكيف نظمت نفسها بنفسها ، وقدرت كل شيء في الكون تقديرا على سنن ثابتة ونواميس محكمة ؟ .
وحاول الماديون أو الكثير منهم حل هذه المشكلة بفرض ضروري عندهم حدسا وتخرصا ، وهو أنه - في بداية ذي بدء وقبل أن يوجد الكون على وضعه الحالي - كان هناك أثير ساكن راكد يملأ أطراف الفضاء . . ثم حدثت حركة قوية فجأة ومن باب الصدفة ، واستمرت ملايين السنين ، ومن هذه الحركة الدائبة وحتمية تطور المادة تألف هذا الكون الموجود الآن بأرضه وسمائه ، وجماله وبهائه ، وتخطيطه ونظامه وترتيبه وانسجامه .
وتساءل المؤمنون باللّه : من أين جاء العلم بوجود هذا الأثير الذي سبق وجود الكون مع القطع واليقين بأنه لم يقع تحت الحس ولا دلت عليه الآثار والقرائن ؟ ولو سلمنا جدلا بوجوده فمن الذي أوجده ؟ ثم من الذي حركه ؟ وهل الصدفة والحركة العشوائية الهوجاء تنتج هذا النظام البديع الشامل لأفلاكه وكواكبه وذراته ومجراته ؟ .