مسلم بن عقيل

مسلم بن عقيل، (استشهاد 60 هـ) هو ابن عمّ الإمام الحسين عليه السلام وقد أرسله الى أهل الكوفة؛ لأخذ البيعة منهم، وهو أوّل من استشهد من أصحاب الحسين عليه السلام في الكوفة، وشهد مع عمه الإمام علي عليه السلام حرب صفين وكان أحد قادة جيشه.

ويحظى مسلم بمكانة مرموقة في الأوساط الشيعية؛ حيث يقيمون له مآتم العزاء في شهر محرّم من كلّ عام، وخصصت الليلة الخامسة من المحرم في المجتمعات العربية الشيعية بليلة مسلم بن عقيل.

نسبه، زوجته، أولاده: هو مسلم بن عقيل بن أبي طالب، وأمّه أم ولد و اختلف في اسمها، ففي مقاتل الطالبيين: "أنّها "حلية"، وكان عقيل اشتراها من الشام فولدت له مسلماً"، وقيل: إنّ اسمها "خليلة".

زوجته هي: ابنة عمّه، رقية بنت علي بن أبي طالب عليه السلام، ولدت له: عبد الله قتل بـالطف، وعلياً ومحمداً ابني مسلم.

شجاعته: جاء في كتب التاريخ أنّ مسلم بن عقيل كان محارباً قوياً و بطلاً شجاعاً. ويقول الدينوري في شجاعته: "وخرج ولد عقيل مع الحسين بن عليّ بن أبي طالب، فقتل منهم تسعة نفر. وكان مسلم بن عقيل أشجعهم. وكان على مقدّمة الحسين فقتله عبيد الله بن زياد صبراً".

وذكر أحمد الكوفي في كتابه الفتوح: أن عبيد الله بن زياد وأرسل إلى مسلم ثلاثمئة رجل بقيادة محمّد بن الأشعث، فسمع مسلم وقع حوافر الخيل فتبسّم و قال: "يا نفس! أخرجي إلى الموت الذي ليس منه محيص".

وخرج مسلم في وجوه القوم كأنه أسد مغضب، فجعل يضاربهم بسيفه حتى قتل منهم جماعة، فبلغ ذلك عبيد الله بن زياد، فأرسل إلى محمد بن الأشعث وقال: سبحان الله! بعثناك إلى رجل واحد تأتينا به، فأثلم في أصحابي ثلمة عظيمة. فأرسل إليه محمد بن الأشعث: أيّها الأمير! أما تعلم أنّك بعثتني إلى أسد ضرغام، وسيف حسام، في كفّ بطل همام، من آل خير الأنام.

سيرته: لم تذكر المصادر حول سيرة مسلم بن عقيل قبل أن يُرسل من قبل الإمام الحسين عليه السلام إلى الكوفة إلا اليسير، منها مشاركته في فتوحات أفريقيا، ومعركة صفين.

المشاركة في فتوحات أفريقيا: مما يُذكر بشأن الأحداث التي واجهها مسلم في بعض المصادر التاريخية، هو مشاركته في فتوحات شمال أفريقيا سنة 21 للهجرة. حيث شارك مسلم بن عقيل مع بعض إخوانه كجعفر وعلي في فتح مدينة بهنساء.

حضوره في معركة صفين: مما يُذكر أيضاً في بعض المصادر التاريخية هو حضوره في معركة صفين.

وصوله إلى الكوفة: أقبل مسلم حتى وصل الكوفة فنزل في دار المختار بن أبي عبيد وهي التي تُدعى اليوم دار مسلم بن المسيب،[11] وقيل: إنه نزل في بيت هاني بن عروة.

عدد أنصاره في الكوفة: يقول القرشي في كتابه حياة الإمام الحسين: "قد اختلف المؤرخون في عدد مَن بايعه، وهذه بعض الأقوال:

أربعون ألفاً.

ثلاثون ألفا ومن بينهم حاكم الكوفة النعمان بن بشير.

ثمانية وعشرون ألفاً.

ثمانية عشر ألفاً، حسب ماجاء في رسالة مسلم إلى الحسين يقول فيها : (وقد بايعني من أهل الكوفة ثمانية عشر ألفاً فعجل الإقبال).

اثنا عشر ألفاً... ".

أحداث شهادته: صورة تمثيلية لمسلم بن عقيل عليه السلام في مسلسل المختار الثقفي

جاء في "اللهوف" لابن طاووس: لما قُتل هاني بن عروة بلغ خبره مسلم بن عقيل فخرج بمن بايعه إلى حرب عبيد الله بن زياد، فتحصن منه بقصر دار الإمارة، واقتتل أصحابه وأصحاب مسلم، وجعل أصحاب عبيد الله الذين معه في القصر يتشرفون منه ويحذرون أصحاب مسلم، ولكي يفرّقوا أنصاره من حوله أخذوا يتوعدونهم بأجناد الشام، فلم يزالوا كذلك حتى جاء الليل.

بعد ذلك جعل أصحاب مسلم يتفرقون عنه، ويقول بعضهم لبعض: ما نصنع بتعجيل الفتنة أن نقعد في منازلنا وندع هؤلاء القوم حتى يصلح الله ذات بينهم، فلم يبق معه سوى عشرة أنفس، فدخل مسلم المسجد ليصلي المغرب فتفرق العشرة عنه، ولمّا رأى مسلم ذلك خرج وحيداً في دروب الكوفة حتى وقف على باب امرأة يقال لها طوعة، فطلب منها ماءً فسقته، ثمّ استجارها فأجارته، فعلم به ولدها فوشى الخبر بطريقة إلى ابن زياد، فأحضر محمد بن الأشعت وضم إليه جماعة وأنفذه لاحضار مسلم.

وعندما وصلوا الى دار طوعة، وسمع مسلم وقع حوافر الخيل لبس درعه وركب فرسه وجعل يحارب أصحاب عبيد الله حتى قتل منهم جماعة، فناداه محمد بن الأشعث وقال: يا مسلم لك الأمان. فقال مسلم: وأي أمان للغدرة الفجرة؟! ثمّ أقبل يقاتلهم ويرتجز:

أقسمـــــــت لا أقتل إلا حراً وإن رأيت الموت شيئاً نُكرا

أكره أن أخــــــــــــدَع أو أغرّا أو أخلط البــــــــارد سخناً مرّا

كلّ امرئ يوماً يلاقى شرّا أضربكم ولا أخـــــــــــــاف ضرّا

وتكاثروا عليه، وقد أثخن بالجراح، فطعنه رجل من خلفه، فخرّ إلى الأرض، فأُخذ أسيراً".

حواره مع عبيد الله بن زياد:

لما أدخل على عبيد الله لم يسلم عليه، فقال له الحرس: سلّم على الأمير.

فقال له: أسكت، ويحك، والله ما هو لي بأمير.

فقال ابن زياد: لا عليك، سلمت أم لم تسلم فإنك مقتول.

فقال له مسلم: إن قتلتني فلقد قتل مَن هو شرّ منك مَن هو خير منّى، وبعد فإنك لا تدع سوء القتلة وقبح المثلة وخبث السريرة ولؤم الغلبة لا أحد أولى بها منك.

فقال ابن زياد: يا عاق يا شاق خرجت على إمامك وشققت عصا المسلمين وألحقت الفتنة.

فقال مسلم: كذبت يا بن زياد! إنّما شقّ عصا المسلمين معاوية وابنه يزيد، وأمّا الفتنة فإنّما ألحقها أنت وأبوك زياد بن عبيد عبد بنى علاج من ثقيف، وأنا أرجو أن يرزقني الله الشهادة على يدي شرّ بريته.

فقال ابن زياد: منتك نفسك أمراً حال الله دونه وجعله لأهله.

فقال له مسلم: ومن يا ابن مرجانة؟

فقال أهله يزيد بن معاوية.

فقال مسلم: الحمد لله رضينا بالله حكماً بيننا و بينكم.

فقال له ابن زياد: أتظن أنّ لك في الأمر شيئاً.

فقال له مسلم: والله ما هو الظن ولكنه اليقين.

فقال ابن زياد: أخبرني يا مسلم بماذا أتيت هذا البلد وأمرهم ملتئم فشتّت أمرهم بينهم وفرقت كلمتهم.

فقال مسلم: ما لهذا أتيت، ولكنكم أظهرتم المنكر ودفنتم المعروف وتآمرتم على الناس بغير رضى منهم، وحملتموهم على غير ما أمركم الله به، وعملتم فيهم بأعمال كسرى وقيصر، فأتيناهم لنأمر فيهم بالمعروف، وننهى عن المنكر، وندعوهم إلى حكم الكتاب والسنة، وكنا أهل ذلك.

فجعل زياد يشتمه ويشتم علياً والحسن والحسين عليهم السلام.

فقال له مسلم: أنت وأبوك أحقّ بالشتيمة، فاقض ما أنت قاض يا عدو الله.

فأمر ابن زياد بكير بن حمران أن يصعد به إلى أعلى القصر فيقتله، فصعد به وهو يسبح الله تعالى ويستغفره ويصلّى على النبي صلی الله عليه وآله وسلم، فضرب عنقه". 

أمّا تاريخ شهادته ففي الإرشاد: كانت شهادته في التاسع من ذي الحجة "يوم عرفة"، ثمّ إنّ ابن زياد نصب رأس مسلم بن عقيل على الخشب بالكوفة وهو أول رأس نصب في الإسلام.

مكان قبره: إنّ قبر مسلم بن عقيل هو مشهده الآن، وهو في مسجد الكوفة، و هذا ما اتّفت عليه كتب الأخبار، مضافاً إلى تسالم النّاس عليه من عصر إلى عصر ولم يخالف أحد في ذلك، وحوله اليوم شباك فضّي، وله رواق مبلّط بالقاشاني، وعليه قبّة شامخة. يتوافد على ضريحه الزائرون من شتّى أنحاء العالم. ورد اسمه في زيارة الشهداء ، والسلام علي، ولعن قاتله.

تعليقات