تقديس المعممين المشهورين!

 (تقديس المعممين المشهورين!)

سماحة الشيخ مرتجى الدجيلي

ظاهرة خطيرة جدا صارت تتوسع بشكل مخيف؛ حيث نرى كل معمم (مشهور) له أنصاره الذين يحبونه ويعشقونه ويدافعون عنه باستماتة! بل ينتقصون من كل من يخالفه في الرأي! ولا يسمحون بنقده من أي كان!

ومن مظاهر ذلك: أن تجد مجموعة أو قناة أو صفحة باسم (محبي الشيخ الفلاني)! (عشاق فلان الفلاني)! (طلاب المربي الفلاني)!


والجانب الأخطر في هذه القضية أن اتباع وتقديس هؤلاء المعممين لا يكون على الضوابط؛ فإن الناس يتبعون كل من ارتقى المنبر وتكلم بالأمور الدينية وكان كلامه مؤثرا فيهم ومحركا لعواطفهم؛ فيؤدي بهم ذلك إلى حبه بل عشقه! وبالتالي يتقوقعون في أفكاره ومعتقداته!

وقد نصحت المرجعية الدينية منذ سنين طويلة (قبل اشتهار مثل هذه القضايا) المؤمنين: «بأن لا يعتمدوا إلاّ على من يثقون بعلمه وورعه وتقواه والتزامه التام بتوجيهات المرجع الذي يقلّدونه».  (مكتب السيد السيستاني / النجف الأشرف ٢٩/ ربيع الثاني /۱٤۲٤).

وقد وضعت بهذه النصيحة القيمة: (الضابطة الدقيقة) في الاعتماد وعدمه؛ فمن لا دليل لنا على علمه وورعه وتقواه والتزامه بتوجيهات المرجعية، لا يصح بحال من الأحوال أن نعتمد عليه.

فهل التزمنا بذلك؟!

هل نعلم مدى علمية من نستمع إليه؟

هل نعلم كم درس في الحوزة؟ أو هل درس أصلا؟

هل نعلم عند من درس؟

هل نعلم بأنه يتورع عن الحرام ويتقي الله تعالى؟

أم أخذتنا المظاهر والشهرة فقط؟!

ولو فرض أننا علمنا بكل ذلك.. فلا يصح بحال من الأحوال أن نقدسه! ونجعله خارج إطار النقد والخطأ والاشتباه! فالمقدس الذي لا يخطئ هو المعصوم فقط وفقط!

 لكن صارت القداسة تعطى لكل من هب ودب! لمجرد أنه (يبجي الناس عالحسين)! حتى لو كان يكذب على أهل البيت (عليهم السلام) ويسيء إلى الشخصيات الدينية وأصحاب الأئمة (عليهم السلام) بل ويخالف القرآن الكريم والسنة الشريفة!

والله قد اقشعر بدني عندما سمعت أحد هؤلاء (المقدسين) ينسب فعل كبار القبائح (كالرقص والغناء) لأحد أنصار الحسين (عليه السلام) ليبرر للعاصين عصيانهم وأنهم مقبولون عند الإمام (عليه السلام)! ومع ذلك لم تتحرك غيرة واحد ممن يجلس تحت منبره وينتفض لينزله من منبر سيد الشهداء!

هل صار المعمم مقدما على المذهب والدين والشرع والقرآن؟!

انحراف ما بعده انحراف!

عن الإمام الصادق (عليه السلام): «من أخذ دينه من أفواه الرجال أزالته الرجال، ومن أخذ دينه من الكتاب والسنة زالت الجبال ولم يزل».

وعنه (عليه السلام): «مَنْ رَكِبَ مِنَ الْقَبَائِحِ وَالْفَوَاحِشِ مَرَاكِبَ فَسَقَةِ الْعَامَّةِ فَلَا تَقْبَلُوا مِنَّا عَنْهُ شَيْئاً وَلَا كَرَامَةَ.

وَإِنَّمَا كَثُرَ التَّخْلِيطُ فِيمَا يُحْتَمَلُ عَنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ لِذَلِكَ لِأَنَّ الْفَسَقَةَ يَتَحَمَّلُونَ عَنَّا فَيُحَرِّفُونَهُ بِأَسْرِهِ بِجَهْلِهِمْ وَيَضَعُونَ الْأَشْيَاءَ عَلَى غَيْرِ وَجْهِهَا لِقِلَّةِ مَعْرِفَتِهِمْ وَآخَرُونَ يَتَعَمَّدُونَ الْكَذِبَ عَلَيْنَا لِيَجُرُّوا مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا مَا هُوَ زَادُهُمْ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ وَمِنْهُمْ قَوْمٌ نُصَّابٌ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى الْقَدْحِ فِينَا يَتَعَلَّمُونَ بَعْضَ عُلُومِنَا الصَّحِيحَةِ فَيَتَوَجَّهُونَ بِهِ عِنْدَ شِيعَتِنَا وَيَنْتَقِصُونَ بِنَا عِنْدَ نُصَّابِنَا ثُمَّ يُضِيفُونَ إِلَيْهِ أَضْعَافَهُ وَأَضْعَافَ أَضْعَافِهِ مِنَ الْأَكَاذِيبِ عَلَيْنَا الَّتِي نَحْنُ بِرَاءٌ مِنْهَا فَيَتَقَبَّلُهُ الْمُسْتَسْلِمُونَ مِنْ شِيعَتِنَا عَلَى أَنَّهُ مِنْ عُلُومِنَا فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا!

وَهُمْ أَضَرُّ عَلَى ضُعَفَاءِ شِيعَتِنَا مِنْ جَيْشِ يَزِيدَ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع وَأَصْحَابِهِ فَإِنَّهُمْ يَسْلُبُونَهُمُ الْأَرْوَاحَ وَالْأَمْوَالَ وَهَؤُلَاءِ عُلَمَاءُ السَّوْءِ النَّاصِبُونَ الْمُتَشَبِّهُونَ بِأَنَّهُمْ لَنَا مُوَالُونَ وَلِأَعْدَائِنَا مُعَادُونَ وَيُدْخِلُونَ الشَّكَّ وَالشُّبْهَةَ عَلَى ضُعَفَاءِ شِيعَتِنَا فَيُضِلُّونَهُمْ وَيَمْنَعُونَهُمْ عَنْ قَصْدِ الْحَقِّ الْمُصِيب‏».

تعليقات