مجلس حسيني – ولادة النبي عيسى {ع} واحتفالات الكريسماس
الشيخ عبد الحافظ البغدادي
بسم الله الرحمن الرحيم
{ إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ }] آل عمران 45[
من هو الملك الذي نزل على السيدة مريم؟ هل هو ملك عام أو جبريل {ع} أم لا نعلم تحديدا من هو؟ وهل تكون بذلك نبيه، لأن جبريل{ع} ينزل على الأنبياء فقط؟ وهل هناك نسوة نزلت عليهن ملائكة ..؟ علما بعض العلماء يعتبرون أي شخص ينزل عليه ملك او جبرائيل انه نبي سواء رجل أو امرأة, منهن سارة ام إسحاق عندما بشرتها الملائكة بغلام ؟ وهل كانت الملائكة في صورة بشر؟ . هناك قضية جاءت في تراث الشيعة , ان فاطمة الزهراء{ع} تسمى عندهم " المحدثة" أي تحدثها الملائكة ..
فهل كانت الملائكة تحدثها ام جبرائيل .. وهناك قول ان جبرائيل انقطع عن النزول إلى الأرض بعد وفاة رسول الله {ص} فمن حدث الزهراء {ع} ..؟ ومن حدث سارة حينما قال لها زمي الماء , فسمي بئر زمزم , ومن كلم أم موسى حين قال لها ارميه في اليم ..ومن كلم مريم {ع} ..؟
الآية التي أخبرت عن الكلام بين الملك ومريم واضحة هو جبريل {ع}الروح الأمين، قال تعالى:" فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا". فهل هي نبيه ..؟.هناك آراء لعلماء منهم البخاري يقولون بنبوتها{في كتاب دلائل النبوة للشيخ أبي العباس جعفر المستغفري.} قال البلقيني: ، هذا يظهر أنها عند البخاري نبية، الصحيح أنها ليست نبية، وإنما ترجم البخاري عليها لأنها من توابع زكريا، قال المفسرون من دلائل النبوة: {كرامات الأولياء حق بكتاب الله } أما قوله {كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا،}أي كان يُرى عندها فاكهة الصيف في الشتاء، وبالعكس(ومريم"ع" لم تكن نبية بالإجماع).
هذه حجة على من ينكر كرامات الأولياء . أما القرطبي هو أشهر من انتصر لنبوة مريم ولكن هل تثبت نبوة مريم أو تنفيها، فما وجدت دليل من السنة في هذا المسألة.
روى عن رسول الله{ص}قال:خير نساء الجنة مريم بنت عمران ،وخديجة بنت خويلد اهـ ..وهذه الخيرية لا تدل على نبوتها لأنه قرنها بنساء اخريات وهن بالإجماع لسن نبيات، كخديجة وفاطمة.وقال {ص}: كمل من الرجال كثير، ومن النساء أربعة . مريم وآسية وخديجة وفاطمة . وهذا حديث مشهور متواتر.
سؤال : هل هناك روايات تقول بأنّ الملائكة نزلت على فاطمة الزهراء (ع)؟ وهل الروايات صحيحة ,كالتي تقول بأنّ الملائكة نزلت عليها ؟ وهل أنّ قول الرسول:أنّ الوحي سينقطع من بعده ، هل كان يقصد به الوحي النبوي ؟.او عامة نزول الوحي.؟...الجواب : لا توجد روايات تنفي نزول الملائكة على الزهراء {ع},بل العكس هناك روايات تثبت نزول الملائكة عليها وتكلّمها معها ،ورد أنّ من ألقابها محدّثة ، أي أنّ الملائكة كانت تحدّثها بعد وفاة أبيها {ص} هذا ليس بعيد ،نقل القرآن نماذج من النساء تحدّثن مع الملائكة ،لسن نبيّات ، وإنّما كنّ وليّات من أولياء الله ، منهن :
1ـ مريم (ع) :{ وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ } .2ـ سارة (ع) ، قال تعالى : { وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَـذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ } .
3ـ أُمّ موسى (ع) قال تعالى:{وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ } والاعتقاد بنزول الملائكة على فاطمة الزهراء (ع) لا يعدّ غلوّاً ، ولا مبالغة في فضلها ، فهي (ع) سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين ، وهي أفضل من مريم بنت عمران ، ومن سارة امرأة إبراهيم (ع) ، ومن أُمّ موسى (ع) وقد ثبت بالنصوص القرآنية مشاهدتهن للملائكة وتكليمهن لهم ، فأيّ غلوّ في نسبة ذلك لمن هي أفضل منهن ؟ ثم ان الله اوحى إلى النحل قال تعالى:{ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا }. واوحى الى الحواريين ـ أصحاب عيسى(ع) ـ قال تعالى:{ وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي} واوحى للسماوات ..واوحى الى الارض قال{ بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا }.. يظهر من هذه الآيات: أنّ الوحي ليس مختصّ بالأنبياء فقط ، بل يتعدّى إلى أولياء الله تعالى ،{ ولكن الوحي هنا لا يعني نفس المفهوم في إبلاغ الرسالات إلى الأنبياء }.، بل هو شأن آخر.قال تعالى :{ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ}..
ولا أدري، لماذا تقوم القيامة إذا قلنا أنّ الزهراء (ع) يوحي لها ، وقد أوحى الله إلى السماوات والأرض والحشرات ,فما وجه نفي الوحي عن الزهراء (ع) وهي أفضل البشر قاطبة حبيبة الرسول وشفيعة المذنبين!.
ـــــــ نعود الى قصة عيسى • النبي عيسى ومريم العذراء (ع).هناك شقيقتان هما{ حنة وأشياع } تّزوجت حنة (عمران) أحد زعماء بني إسرائيل٬ والأخرى تزوجت (زكريا) .. مضت سنوات على زواج (حنة) لم ترزق مولوًدا. وفي أحد الأيام كانت جالسة تحت شجرة٬ رأت طائًرا يطعم أفراخه. فأشعل المشهد نار في قلبها٬ فتوجهت إلى الله بكل قلبها طالبًة منه أن يرزقها مولوًدا٬ فاستجاب الله دعاءها بعد مدة طويلة حملت...واوحى. الله إلى (عمران) أنه سيهبه ولًدا مبارًكا يشفي المرضى الميئوس من شفائهم٬ ويحي الموتى بإذن الله٬ سوف يرسله نبّياً إلى بني إسرائيل. فأخبر عمران زوجته (حنة) وعندما حملت ظّنت أّن في بطنها ولد سيكون محرر أي خادم في (بيت المقدس) ذلك الزمان يطلقون على الأبناء المعّينين للخدمة في المعبد اسم محرر عملهم تنظيف وخدمات بيت المقدس ويصلون فيه وقت فراغهم. كان ذلك مدعاة لافتخارهم.
و الصبيان القادرين على الخدمة كانوا يخدمون بإشراف الأبوين إلى سّن البلوغ٬ وحين يبلغ ٬ إذا اراد ان يبقى او يترك الخدمة. ولكن المولودة كانت انثى :{ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَىٰ} القرآن يبين حال أم مريم بعد ولادتها٬راحت تخاطب الله قائلة: إّنها أنثى٬ وأنت تعلم أّن الذكر ليس كالأنثى في تحقيق النذر٬ لانها لا تستطيع أن تؤدي واجبها في الخدمة كما يفعل الذكر فالبنت بالبلوغ لها عادة شهرية لا يمكنها دخول المسجد٬ مضاًفا إلى أن قواها البدنية ضعيفة ٬وكذلك المسائل المربوطة بالحجاب والحمل وغير ذلك. وليس الذكر كالأنثى. حنة لم تصدق إمكان قبول الأنثى خادمة في بيت الله٬ لذلك كانت تتمّنى أن تلد ذكًرا ٬ولم يسبق أن اختيرت أنثى لهذا العمل. .. لكن القرآن يقول إّن الله فبل هذه الأنثى الطاهرة بالخدمة لأّول مّرة. يقول بعض المفسرين: سبب قبولها أّنها لم تكن ترى العادة الشهرية أثناء خدمتها في بيت المقدس حتى لا تضطر ترك الخدمة٬ وحضور طعامها كل يوم من الجنة إلى محرابها دليل على قبولها.
واختار الله زكريا ان يتكفل مريم ٬لان أباها عمران ودع الحياة قبل ولاتها. سمتها بهذا الاسم عند ولادتها. (مريم) بلغتهم تعني (العابدة).هذا يظهر اشتياق الأم الطاهرة لخدمة بيت الله. وطلبت من الله أن يحفظها ونسلها من الشياطين٬ وأن يرعاها بحمايته ولطفه ﴿ِوإِّني أُعيُذَهاِ بَكَ وُذِّرَّيَتَهاِ مَن الَّشْيَطاِن الَّرِجيِم﴾. بعد أن وضعتها لفتها في قطعة قماش وأتت بها إلى المعبد وخاطبت علماء بني إسرائيل وأشرافهم بقولها: هذه المولودة قدُ نذرت لخدمة بيت الله٬ فليتعهد أحدكم بتربيتها. واسرتها معروفة من (آل عمران)٬فتنافس علماء بني اسرائيل بكفالتها ..أخيًرا اتفقوا على إجراء قرعة بينهم٬ فجاءوا إلى نهر معهم أقلام وعصي .يكتب كل واحد منهم اسمه على قلمه وألقوها في الماء٬ فكل قلم غطس في الماء خسر صاحبه ٬ والرابح من يطفو قلمه: طفا القلم الذي كتب عليه اسم زكريا ٬فأصبحت مريم في كفالته٬ وهو أجدرهم لأنه نبي وزوج خالة مريم.
ـــ** كبرت مريم تحت رعاية زكريا٬ وكانت غارقة في العبادة ٬عندما بلغت التاسعة من عمرها ,تصوم النهار وتقوم الليل٬ كانت تقية وتعرف الله حتى فاقت الأحبار وعلماء زمانها. كان زكريا يزورها في محراب عبادتها ليلبي لها حاجاتها. فيجد عندها طعاًما ٬ يأخذه العجب سألها يوًما: ﴿َياَ مْرَيُم أَّنى لِكَ هَذاَ قاَلْتُ هَوِ مْنِ عند الله إَّنَّ اللهَ يْرُزُقَ من يَشاءِ بغير حساب﴾ القرآن لم يذكر نوع الطعام وكيف جاء٬ لكّن الأحاديث تفيد أنه من الجنة .
ورد عن الإمام الباقر (ع) أن رسول الله (ص) دخل يوًما على ابنته فاطمة الزهراء (ع) وهو يعلم أنها لم تكن تملك طعاًما منذ أيام٬ فوجد عندها طعاًما كثيرا فسألها عنه٬ فقالت: هو من عند الله إّن الله يرزق من يشاء بغير حساب. .فقال(ص) لعلي (ع): ألا أحدثك بمثلك ومثلها؟ قال: بلى٬ قال:لما دخل زكريا على مريم المحراب وجد عندها رزًقا٬ قال: يا مريم أنى لك هذا؟ قالت: هو من عند الله٬ إّن الله يرزق من يشاء بغير حساب.
** البشارة: الملائكة يبشرون مريم:﴿َقاَلِت اْلَملاَئَكُةَ ياَ مْرَيُم إِّنَّ الله اْصَطَفاِك وَطَّهَرِك واْصَطَفاِكَ على نساء اْلَعاَلِميَن﴾. بدأت البشارات اختارها الله من بين جميع نساء العالم وطهرها وفضلها بسبب تقواها وإيمانها وكلمة "اصطفاك" تكررت مرتين , في المرة الأولى كانت لبيان الاصطفاء والثانية إشارة إلى أفضليتها على سائر نساء العالم المعاصرين لها ذلك الوقت في الارض كلها قالوا لها: اشكري الله بالركوع والسجود والخضوع له اعترافاً بهذه النعمة العظمى. .
** بداية ولادة المسيح(ع): يقول القرآن عن ولادة المسيح (ع):كانت مريم تبحث عن مكان خال من الضوضاء حتى لا يشغلها شيء عن مناجاتها ويصرفها عن ذكر الله ,فاختارت مكانا في شرق بيت المقدس٬ وهو معبد كبير مكاناً لولادتها ,ربما كان أنظف وهو مقابل أشعة الشمس ضوءها.
في هذه الأثناء وهي تناجي ربها {جاءها ملك عظيم } تجسد لمريم على شكل إنسان { بشرا سويا } هنا اعترتها حالة من الرعب حين شاهدت دخول رجل أجنبي محل خلوتها! فاستعاذت بالله .﴿قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا﴾،لأنها تعرف التقوى اقوى رادع يردع الإنسان من ارتكاب الذنوب، لأنَّ التقي وإنْ كان تجمح به رغبته للذنب إلا انَّه إذا ذُكِّر بتقواه أحجم وتراجع، رُوي عن أمير المؤمنين (ع) قال: "علمتْ أنَّ التقي ينهاه التُقى عن المعصية" ﴿َوَكاَن أمرا مقضيا﴾..ما هو المراد من روح الله؟:... إّن كل المفسرين فسروا الروح هنا بأّنه جبرائيل {ع} والتعبير عنه بالروح لأّنه روحاني٬
** ولكن من سيقتنع بأّن امرأة لا زوج لها تحمل دون أن تكون قد تلوثت بالرذيلة؟ سيلوكها الاتهام؟ ومن المؤلم لفتاة تعتبر نموذًجا للطهارة والعفة وكان زهاد بني إسرائيل يفتخرون بكفالتها ٬ وتربت في النبي زكريا .أن تشعر أن كل هذا الرصيد من الشرف مهدد بالخطر٬ والتهائم بأسوأ اتهام٬ كانت هذه هي المصيبة الثالثة التي وقعت لها. وقف شرفها وسمعتها امام عينيها .. كان صراعا عظيما في نفسها ..أثقل كاهلها إلى الحد الذي تكلمت بلا إرادة﴿َقاَلْتَ ياَ لْيَتِنيِ مُّتَ قْبلَ هَذاَ وُكنُتَ نسيا منسيا﴾.يتساءل البعض كيف مريم المؤمنة التقية التي رأت كل اللطف الإلهي٬ قالت هذه الجملة على لسانها {ياَ لْيَتِنيِ مُّتَ قْبلَ هذا وكنت نسيا منسيا﴾ لأنها متأكدة ستتعرض لاتهام بشرفها .. وفعلا حدث ما كان متوقعا منها .فطرق سمعها صوت ﴿فناداها من تْحِتَها أَّلاَ تْحَزِنيَ قْدَ جَعلَ رُّبِكَ تْحَتِك سِرًّيا﴾ وانظري إلى الأعلى كيف أن هذا الجذع اليابس تحول إلى نخلة مثمرة ﴿َوُهِّزي إليك بجذع النخلة تساقط عَلْيِك رَطًباَ جِنًّيا /َفُكلِيَ واشربي وقري عْيًنا﴾ بالمولود الجديد ﴿فإما ترين مَن اْلَبَشِر أحدا فقولي إني نذرت لِلَّرْحَمِنَ صوما فلن اَكِّلَم اْلَيْوَم إِنِسًّيا﴾وهذا الصوم هو المعروف بصوم السكوت. وخلاصة الأمر٬ إِنك لا تحتاجين إلى الدفاع عن نفسك٬ فإِن الذي وهبك هذا الوليد قد تعهد بمهمة الدفاع عمك .. بعدها بدات سيل التهائم : لم تسلم من لسانهم .
**قالوا { يا مريم لقد جئت شيئا فريا} أي أمراً عظيماً،{ يا أخت هارون} يا شبيهة هارون في العبادة، { ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا} {فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا} سكتت ولم ترد عليهم . هنا جاء الفرج لها. افحمت واذهلت العلماء حين تكلم رضيعها. قَالَ:{إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا * وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا }.
** نحن المسلمين نعتقد أن المسيح عيسى ابن مريم {ع} لم يُصلَب ولم يُقتَل؛ كما قال تعالى :﴿وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ).. ولكن تعلم بعض المسلمين الاحتفال بولادة السيد المسيح . ويشاركون في احتفال ولادته بشكل يوحي انهم يمارسون طقوسا دينية . فما حقيقة الاحتفال بولادة عيسى وما هي شجرة الكريسميس , ومن هو بابا نوئيل, وما حقيقة الاحتفال بذلك ..
هناك مسالة تاريخية هي :انه غير معروف على وجهِ الدقَّة تاريخُ ميلاد المسيح{ع} اختلف النصارى بجميع طوائفهم في ذلك؛ مثلا عند الكاثوليك والبروتستانت في (25من شهر 12 كل عام)، وعند الأرثوذكس في{يوم السابع من الشهر الاول كل عام). اذن من حدد تاريخ ميلاد المسيح؟.
**قيل :الذي حدَّد ميلاد المسيح راهبٌ من "(شمال البحر الأسود)بعد 530 سنة من ولادة المسيح. ولا يعرفون سبب هذا التحديد، لذا تحتفل الكنائس الشرقية يوم 7 يناير الاول من كل عام .بينما الاحتفال في راس السنة . "اعتبار الأول من شهر كانون الثاني بداية لعام جديد لا علاقة له بالدين المسيحي. فهذا أمر يتعلق بالتقويم السنوي الذي اعتمدته دول العالم . أما دينياً تحتفل الكنيسة بهذا اليوم لأنه عيد تسمية يسوع، حيث طلب الملاك من أبيه يوسف تسميته بهذا الاسم وهو يعني المخلص" .اذن ولادة المسيح يوم 25 من الشهر 12 وليس يوم الاول من كل عام .
يقول احد الباحثين النصارى , جريجوري": "إن (الكريسماس) كان عيدًا وثنيًّا، اتُّخِذ للاحتفال بمَولِد المسيح في منتصف القرن الرابع الميلادي؛ يقول:ما نصه: "لا نجدُ أي رابطٍ بين حدثِ الميلاد وشجرة الميلاد،ونحن نتساءل من أين جاءتْ هذه العادة ومتى بدأتْ؟...
بالرجوع إلى إحدى الموسوعات العلمية، نلاحظ أن الفكرة ربما قد بدأتْ في القرون الوسطى بألمانيا، الغنية بالغابات الصَّنَوْبَرِية كانتِ العادةُ لبعض القبائل الوثنية التي تعبد الإله (ثور)إلهَ الغابات والرعد أن تزيِّن الأشجار، ويقدم لاحداها ضحيةٌ بشرية .وفي عام722م أوفد إليهم قسيس ليبشِّرهم بالمسيحية ، وحصل أن شاهدهم يقيمون حفلَهم تحت إحدى أشجار البَلُّوط، وقد ربطوا طفلاً وهَمُّوا بذبحِه ضحيةً لإلههم (ثور)؛ فأقنعهم وخلَّص الطفل من أيديهم، وخاطبهم مبينًا أن الإلهَ الحي هو إله السلام والرِّفق والمحبة، الذي جاء ليخلِّص لا ليُهلِك،ثم قام بقطع تلك الشجرة، وشاهد شجرة (التَّنُّوب) وهي (شجرة الكريسماس الحالية)، فقال لهم: " إنها تمثِّل الطفلَ يسوع" ، هكذا بدأت الفكرة وانتقلت في القرن السادس عشر في ألمانيا في كاتدرائية "ستراسبورج" عام 1539م، فقصة ميلاد المسيح الفعلية ليس بها ذِكْر لأي شجرة، {قال احد القساوسة}: إن الصلة واضحة تمامًا؛ في شجرة الميلاد بمصابيحها المتلألئة - أو قديمًا بشمعاتها المتوهجة - إلا العليقة التي رآها موسى النبي في البرية، وهي مشتعلة نارًا ولا تحترق،وهي التي جاءت في القران:{ إِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ}. وهذه العليقة هي شعار دولة اسرائيل الان ومعلقة في الكنيست الاسرائيلي.
** اما بابا نويل مَن هو؟: يقال له: "القديس نيقولاوس"، ويتمثَّل في رجلٍ عجوز مَرِح، ذو لحية بيضاء طويلة، وملابس حمراء يقولون: إن أصله يرجع إلى القديس (نيكولاس)الذي عاش في أوروبا في القرن الرابع الميلادي،وكان يعطف على الأطفال ويوزع عليهم هدايا الميلاد"، وانتشر بابا نويل في الكنائس في احتفالِها برأس السنة الميلادية، وصار رمزًا للاحتفال بالعام الجديد. .وأصبح رمزا لميلاد المسيح* نحن المسلمين نعتقد أن المسيح عيسى ابن مريم {ع} لم يُصلَب ولم يُقتَل؛ كما قال تعالى :﴿وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ).
ــــــــ عن حُذَيفة بن اليمان قال: قال رسول الله {ص} ( في حديث حول الظهور): « فَيلتفِتُ المهديّ وقد نزل عيسى{ع} كأنّما يقطر مِن شعره الماء، فيقول المهدي: تقدّم صلِّ بالناس، فيقول عيسى: إنّما أُقيمت الصلاة لك. فيصلّي عيسى خلف رجلٍ من وُلدي. ثم يجلس عيسى في المقام، فيبايع المهدي{عج}(رواه الگنجي الشافعي في: ـ البيان في أخبار صاحب الزمان:وابن حجر الهيثمي في: ـ الصواعق المحرقة:164، والسيوطي الشافعي في: ـ الحاوي 81:2.. وغيرهم ).هكذا الأديان إذا سَلِمت من التحريف، فإنّها ستلتقي على دين الإسلام ومفاهيمه وعقائده، والولاء لأهل البيت {ع} يقول أنطون بارا في كتاب{الحسين في الفكر المسيحي } لم يُسجِّل التاريخ شبيهاً لاستشهاد الحسين في كربلاء ، فاستشهاده عنوانٌ صريحٌ لقيمة الثبات على المبدأ، واخذ العقيدة منه وغدا حبه واجباً علينا كبَشَر، وغدا حبُّ الحسين الشهيد جزءاً من الامنا وحسرة لما جرى عليه. وقصة وهب بن حباب الكلبي النصراني الشهيد المدفون مع الحسين {ع} في كربلاء تحت القبة الشريفة .وقصة زوجته التي منعته اولا , ثم تبعته الى ميدان القتال وصاحت بأعلى صوتها " وهب قاتل دون الطيبين عترة محمد رسول رب العالمين. ثم امه التي خرجت بعد ان استشهد ولدها فناداها الحسين {ع} جزيتم من اهل بيت نبيكم خيرا الرجعي الى الخيمة. وهذا دعاء عظيم شرفهم به ابو عبد الله. هذه الدلالات والذكريات الأليمة، ترسبت في نفوس شيعة آل البيت {ع} نال المسيحيون احترام حين شاركوا بدمائهم واموالهم في اقامة المواكب كونهم أقرب الناس مودة وهم منذ البداية أولوا لهذه الفاجعة في مشاركتهم الفعلية .
قال وهب قبل ساعة كنتي تنهيني عن القتال والان جئتي تقاتلين معي. فقالت يا وهب لا تلمني ان واعية الحسين كسرت قلبي. قال فما الذي سمعتيه منه. قالت رايته واقفا ببا الخيمة ينادي واقلة ناصراه .
تنادي يخويه ومالك معين. وكومك على الغبرة مطاعين/ انا منين اجيب المرتضى منين/ عن كربلا بويه غبت وين/ ندري لامية عليك اكو دين/ يطلبون ثار ابدر وحنين/ فزعوا فرد فزعه على حسين:
شيخان والعوجة اعدلوها // وارواحهم كلهم فدوها // لريحانه الهادي ابذلوها // لجن يا حيف زينب ما احضروها // من يوم للطاغي خذوها // وتسمع باذنها شتم ابوها // وينك يبو فاضل يخوها .
الشيخ عبد الحافظ البغدادي
24/12/2022