مجلس حسيني ــ الاعلام الحسيني ودور العقيلة زينب{ع}

 مجلس حسيني ــ الاعلام الحسيني ودور العقيلة زينب{ع}


الشيخ عبد الحافظ البغدادي


تيهي جلالاً يا بقاع  الراوية ............... وتطاولي شرفا بمثوى  الزاكية


أدريت من حلت رباك فطهرت..............تلك الربوع من الكلاب العاوية


تلك العقيلة  تنــــــــــمى إلى ............شرف يطول على السماء السامية


وتحدثي عن ذي القصور ولهوها.........والصافنات  مضت وأين اللاهية


وسكوتهم عار الشنار بخطبة ..........     حتى هووا أعجاز نخل خاوية


 


ما هو الدور الاعلامي الذي قامت به العقيلة زينب {ع} في الثورة الحسينية .؟ نحن نعلم ان التاريخ العربي سواء منه المزيف او الروايات الحقيقية كتبها ذكور.!! والذكر يأنف ان يعطي المرأة دورا رياديا. ليس العرب فقط بل جميع الذكور يأنفون تقديم المرأة على انها بطلة تفوقت على الرجال. وخير من قدم المراة وموقافها على الرجال هو النبي محمد{ص} الذي ميزها باحاديث تقدمت بها على كثير من الرجال .!!


مثال: في جميع الاحاديث النبوية الشريفة{ لم يذكر النبي "ص" رجلا حصرا الا علي بن ابي طالب"ع" حين قال للمسلمين هل يبارزه أحد ؟ فبرز إليه عليّ (ع) فقال: أنا له يا رسول الله، فأجلسه النبيّ، وللمرّة الثانية والثالثة طالب عمرو المبارزة فلم يكن يجيبه إلاّ عليّ [ع] ثم أذن النبيّ لعليّ بعد أن عمّمه بعمامته وقلّده بسيفه وألبسه درعه، ثمّ رفع يديه وقال: اللّهم إنّك أخذت عبيدة يوم بدر وحمزة يوم اُحد وهذا عليّ أخي وابن عمّي فلا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين. وبرز عليّ (ع) إلى ساحة المعركة بعد أن فقال رسول الله (ص): برز الإيمان كلّه إلى الشرك كلّه . تذكر بعض مصادر جمهور المسلمين ان هذا القول غير صحيح . لحقد متوارث في قلوبهم .. انهم يعاندون انفسهم في كل مكرمة لعلي{ع} والا هذه مصادر القوم : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 19 / 61 ، ينابيع المودة: باب الثالث والعشرون ،الدميري في حياة الحيوان : 1 / 248.


** اما عن النساء فلم يذكرهن بالفضل والمواقف العظيمة الا خديجة الكبرى{ع} وروى في تفسير قوله تعالى «وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى»أن الله من على نبيه وأغناه بأموال خديجة(ع). وقد وردت الأخبار عن العامة والخاصة في كثرة أموال خديجة، قال المجلسي في المجلد 6 من بحار الأنوار أنه "كان لخديجة في كل ناحية عبيد ومواش، حتى قيل: إن لها أزيد من ثمانين ألف جمل متفرقة في كل مكان"(البحار ج16/ ص22) كانت خديجة أميرة عشيرتها وسيدة قومها ووزيرة صدق لرسول الله(ص)، فكانت كأنها الملكة في الحجاز وأطرافها، لكثرة ما كانت تملكه من المواشي والخدم والحشم والأملاك والأموال والعبيد الجواهر والذهب والفضة، قدمتها جميعا -وهي في غاية الرضا والامتنان- خصوصا في فترة حصار شعب مكة، الذي استمر ثلاث سنوات منعت قريش القوت والإمداد عن بني هاشم ، فكانت خديجة لوحدها تغدق عليهم سخاء، تنفق على الرجال والنساء من بني هاشم وغيرهم من الذين كانوا مع الرسول (ص)، كان الربيع بن العاص صهر خديجة على بنتها يحمل الحنطة والتمر على الإبل ويبعثها إليهم تحت جنح الظلام، حتى نفذت ذخائرها ولم يبق لها شيء، وآل أمرهم إلى أن قنعوا بثوب واحد يستر عوراتهم. هكذا كانت خديجة(ع) مۆمنة حقا، بالنبي{ص} بالقلب واللسان والمال والجنان.     ** اما جهاد الزهراء {ع} فتاريخها واضح وجلي انها قضت حياتها تجاهد في سبيل الاسلام المحمدي الاصيل. ولنتابع بعض المفردات من حياة الزهراء {ع} جهاد الزهراء (ع) يقول المؤرخون ان الزهراء (ع)  كانت رائدة في الجهاد بالمعنى الأعم،{أي الجهاد الذي كان عليها} مثل الجهاد في الشعب، حين حصر المشركون الرسول (ص) وأهله في شعب أبي طالب (ع) ثلاث سنوات، وهو أعظم جهاد، تلفحهم الشمس نهاراً ويؤذيهم البرد ليلاً. وينخر الجوع بطونهم وتحملوه صبرا في سبيل الله.


**واشتركت فاطمة الزهراء (ع) أيضاً في الهجرة بأتعابها ومشقتها،  ورد في قصة الهجرة النبوية: أن رسول الله (ص) قال لعلي {ع} إني استخلفك على فاطمة ابنتي ومستخلف ربي عليكما، وأمره أن يبتاع رواحل له وللفواطم ومن يهاجر معه من بني هاشم، وقال له: إذا ما أمرتك فكن على أهبة الاستعداد للهجرة إلى الله ورسوله وسر إليّ لقدوم كتابي عليك.انطلق رسول الله (ص) نحو المدينة... فنزل بقبا وأرادوه على الدخول إلى المدينة فقال: ما أنا بداخلها حتى يقدم ابن عمي وابنتي.وكتب النبي (ص) إلى علي (ع) يأمره بالتوجه إليه، فلما وصله الكتاب تهيأ للهجرة وخرج بالفواطم: فاطمة بنت محمد(ص)، وفاطمة بنت أسد أمه، وفاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب، ومعه ايمن مولى رسول الله (ص) وجماعة من ضعفاء المؤمنين، ولحقهم جماعة من قريش فقتل (ع) منهم فارساً وعادوا عنه.. {كشف الغمة: ج1 ص405}.. **غزوة أحد وساهمت (ع) في معركة أحد، من خلال تواجدها بعد المعركة مباشرة قبل دفن الشهداء. حين جاءت إلى جسد عمّها  الشهيد حمزة (ع) الذي قتل في معركة أحد . وكانت عضدا ومساعدة لرسول الله{ص}  الى وقت حجة الوداع: فشاركت الزهراء(ع) مع أبيها في حجة الوداع، كانت معه، في تلك السفرة . ومن الحج توجهت معه الى المدينة الى ان نتزل قوله تعالى :{ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ  وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ  إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67 المائدة). فكان يوما عظيما في تاريخ الاسلام واهل البيت {ع} هو المسمى يوم الغدير.. وقد ساهمت الزهراء(ع) في يوم الغدير، حيث كانت حاضرة مع رسول الله (ص).


** وبعد وفاة ابيها{ص} اختلفت  حالة الجهاد . بما اوجبه الله عليها في الدفاع عن ولاية اهل البيت{ع} فشاركت بكل قوة وبثقلها الايماني وشخصيتها كسيدة نساء العالمين من الاولين والاخرين فكان موقفها  يوم الهجوم على دارها وما تحملته من نتائج كسر ضلعها.  ولكن هذه الاصابة لم تثنيها من القيام بدورها فتوجهت الى عقر دار الامارة الجديدة فدخلت المسجد وحين شاهدها القوم خيم سكون تام على المتآمرين على ولاية امير المؤمنين {ع} فخطبت في المسجد، وكانت الخطابة أمام الظالمين جهاداً كبيراً، دافعت عن امامها وتحملت ما تحملت اضافة لاُسقط جنينها واُنبت المسمار في صدرها، وكسر ضلعها ، واحمرار وجهها من اللطم، بقيت الآثار إلى يوم شهادتها ...


** وهناك خطبة اخرى تسمى خطبة الدار القتها بحضور المهاجرين والأنصار الذين زاروها بعد وفاة رسول الله (ص) في قصة مشهورة، كانت الخطبة جهادية، {كذلك خطبت في نساء المهاجرين والأنصار لما زاروها في مرضها الذي توفّيت فيه} شهيدة مظلومة.


** المرحلة الثالثة: الجهاد بالبكاء: البكاء سلاح ذو حدين , استخدمه الانبياء والاولياء . الْبَكَّائونَ خَمْسَة  كلهم معصومون ثلاثة منهم أنبياء ، اشتهروا بكثرة بكائهم ،وهم :الاول النبي آدم أبو البشر ( ع) الثاني النبي يعقوب (ع) ،هو إبن إسحاق بن إبراهيم تُوفي بمصر و دُفن بأرض كنعان الثالث النبي يوسف (ع) وجعل الله فيه النبوة والمُلك . الرابع مولاتنا الزهراء (ع) بنت رسول الله{ص}قبرها غير معلوم بناءً على وصيتها لأمير المؤمنين{ع} الخامس زين العابدين {ع}كل هؤلاء معصومون , وهذا يدلل على حلية البكاء .. لولا البكاء والدموع لماتت قلوبنا حزنا وهمّا مما يعصف بنا من نوائب الدهر.. خاصة اننا نعيش في اوطان اشبعتنا قهرا، فالبكاء أسلوب ناجع لرفع الضيق عن النفس اذ تستجيب العين للمشاعر الانسانية بدموع منهمرة، فتغسل الآلام القابعة في النفس، رغم انها لا تشفي الجراح ولكن تسّكنها، وتفتح للروح آفاقا للرقيّ وملامسة ومعايشة الحدث الذي يبكينا فنحصل على الأجر والثواب . ولذا نجد في تاريخ فاطمة الزهراء{ع} انها بكت ليل نهار بسبب فراق رسول الله(ص)، وقصدها من هذا الجهاد ان تفضح الذين آذوها، وغصبوا حقّ بعلها، وارتقوا منبر رسول الله (ص) بغير حق. فكانت تذهب إلى أقصى البقيع تحت ظلّ شجرة تندب أباها ، ثم في بيت الأحزان المشهور الذي بناه أمير المؤمنين (ع) ظلاً لها عن الشمس.لكن الذين آذوها أرسلوا من قطع الشجرة وهدم ذلك البيت في قصّة معروفة. فكانت الحلقة الاخيرة في جهادها .طلبها إخفاء قبرها .. هنا يسمى هذا الجهاد {السلبي} مع أعدائها  حيث وصت بإخفاء قبرها وبقي قبرها مخفياً إلى هذا اليوم، حتّى يظهر صاحب الزمان (عج) ويكشف عن هذه الحقيقة.عند ظهور الإمام المهدي (عج) تعود الزهراء(ع) إلى الحياة، كما يعود الرسول وعلي والحسن والحسين وسائر الأئمة (ع) وهو ما دلّت عليه روايات الرجعة،في حديث للصادق{ع}قال: ان قوله تعالى :(إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ ءَامَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ويوم يقوم الاشهاد )هو في الرجعة إذا رجع رسول الله (ص) والأئمة الاطهار(عليهم السلام)..


 بعد هذه الجولة في حياة النساء العظيمات في التاريخ الاسلامي ودورهن المشرف نلج الى دور اللبؤة جبل الصبر مولاتنا زينب الكبرى{ع} .


أول عمل خارج التنسيق بينها وبين الحسين {ع} إنها وقفت أمام الجلاوزة حين وصلوا المخيم , لأخذ الإمام زين العابدين {ع} للقتل ، أصبحت حياة الإمام في خطر حقيقي، هنا تدخلت السيدة زينب لتمارس دورها في حماية الإمام وإنقاذ حياته ، تركت الدنيا وما فيها ,اعتنقته لتمنع الجلاوزة من أخذه ، ثم التفتت إلى ابن سعد  قائلة : حسبك يا بن سعد من دمائنا ما أبقيت أحداً غير هذا ؟ فإن أردت قتله فاقتلني قبله . أي شجاعة هذه ؟.


  وفي الكوفة , أحبطت محاولة ابن زياد حيث اضطر للتراجع عن قرار قتل الإمام أيضا ، {قال متعجباً }: دعوه لها ، يا للرحم ودت إنها تقتل معه . هذا اول دور زينبي حمت الإمامة من الاجتثاث ,كانت فدائية بمعنى الكلمة , وصلت الذروة حين تطلب الأمر الشهادة فقدمت نفسها من اجل أمام زمانها .. الا ترى في موقفها البطولي تشابه كبير بموقف ابيها يوم الخندق ..؟ ويوم الهجرة حين نام في فراش ابن عمه .؟.!!


 الدور الاعلامي لوزارة  الثورة الحسينية: تنقسم معركة كربلاء من الناحية الدينية والتبليغية الى قسمين.. القسم الاول تكفل به الامام الحسين{ع} وكانت ضريبته الدم والشهادة والعطاء. والقسم الثاني الاعلام الذي وقف بوجه المد الاعلامي الاموي وتكفل به مولانا الامام زين العابدين ومولاتنا زينب بنت علي{ع}حملت زينب مسؤولية التبليغ الثوري والإعلام للثورة الحسينية لم يكن سهلا في تلك الظروف ومقابل المد الاعلامي المدعوم من السلطة الاموية التي زيفت اغلب اغحاكم الدين وتدخلت في رسم صورة التفسير القراني .. وقفت زينب امام دولة اعتمدت أسوء حالات الإعلام والتزوير والخداع دولة تستبيح الكعبة وتعتدي على المهاجرين والانصار وتقتل 700 من صحابة رسول الله وتفض بنات المسلمين . وتهدم بيوت ممن يوالي عليا امير المؤمنين {ع}.   


  جاءوا بالدجالين واكلي السحت الحرام ليكتبوا كل ما يتوافق مع النهج الأموي ويبينوه انه هو الاسلام .. ساندهم الشعراء واهل الحديث ..بهذه السياسة الأموية في تضليل الناس وخداعهم كان  لابد له من التفكير في مستقبل الثورة المقدسة، وكيفية حمايتها من تأثير الإعلام الأموي الحاكم . ** فالأمويون لن يكتفوا بقتل الإمام الحسين ، وهم يعلمون بمكانته لدى الأمة ، بل سيلجؤون لتشويه ثورته إسقاط شخصيته بمختلف وسائلهم   الماكرة كما صنعوا مع أبيه من قبل .  فكيف يفشل الإمام الحسين مخططهم الإعلامي المضاد ؟ كيف يجهض محاولاته في تشويه صورة الثائرين ؟ .


  وكيف يوصل أهداف ثورته إلى أسماع الجمهور المسلم ؟ . كانت إجابة الإمام الحسين على هذه التساؤلات إجابة حكيمة قوية هي استعانته بأخته السيدة زينب لتقوم بذلك الدور العظيم .كان يعرف إمكانياتها التربوية وموقفها وشجاعتها , يعرف كل التفاصيل عنها فما وجد أفضل منها أن تحمل ثورة كربلاء في ضميرها ولسانها ...كان الإمام عارفا تماما بأهمية الإعلام . فتصدى بنفسه للقيام بالمهمة الإعلامية يوم كان في المدينة المنورة وحين انتقل إلى مكة المكرمة والتقى بجموع الحجيج ، وأثناء سيره إلى العراق ، وفي أرض كربلاء يوم العاشر الى شهادته بلحظات كان يخاطب الجيش الأموي محرضاً وموجهاً . .   لكن حاجة الثورة إلى الإعلام بعد شهادته ستكون أشد وأكبر ، لأن الأمويين ستأخذهم نشوة الانتصار الظاهري، وسيجعلون من سحق المعسكر الحسيني مثلاً وعبرة لإرهاب من يفكر في معارضتهم والوقوف أمام بغيهم وفسادهم .  فالإعلام بعد الشهادة أكثر أهمية منه قبلها .ومن غير السيدة زينب تُسند أليه هذه المهمة الخطيرة ؟ . من سواها يجيد القيام بهذا الدور العظيم ؟ . ولما حملت أسيرة من كربلاء صباح يوم الحادي عشر من المحرم مثقلة بما لا تتحمله الجبال الرواسي من الهموم والأحزان ، كانت لأول مرة تسافر دون أن يحيط بها اخوتها وحماة خدرها ، وقد رزئت بأفجع مصيبة تحل بإنسان ، فقدت أكثر من سبعة عشر بطلاً من أهلها ما على وجه الأرض ليس لهم شبيه ،إضافة إلى سبعين من أنصارهم ، شاهدت مصارعهم على بوغاء كربلاء بتلك الصورة الفظيعة . كان اليوم الذي سبق سفرها إلى الكوفة من أصعب واشد الساعات التي مرت عليها في حياتها ، حيث أحرق الظالمون خيامها ، وهجموا عليها مع باقي نساء ويتامى اخوتها  ،سلبوا كل ما لديهن ممن له قيمة مادية . ثم دخلت الكوفة صباح اليوم الثاني عشر من المحرم تحيطها الهموم  ، وتثقل كاهلها المصائب والأحزان . . .


  من جهة أخرى فقد خطط حاكم الكوفة عبيد الله بن زياد للاستفادة من وصول سبايا الحسين{ع} في إظهار قوة السلطة وتصميمها على سحق أي محاولة تمرد أو معارضة ، وأن يجعل من قدوم السبايا تظاهرة لإدانة حركة الإمام الحسين.. وتم الاحتفال الزائف على ثورة الحق والعدل .


 . في غمرة هذه الأجواء دخلت السيدة زينب الكوفة مع السبايا دخلت مدينة كان أبوها حاكما فيها قبل 20 سنة .فلابد وأن تستعيد في نفسها صور تلك الأيام ، وأن تثور في قلبها ومخيلتها الذكريات . ففي تلك المحلة كانت تقيم ، وذاك محراب أبيها علي ومنبره في مسجد الكوفة .هذه الأزقة كان يسلكها أبوها علي . . وهذا باب دارها الذي كان يقصده السائلون وتتوالى الصور والذكريات في مخيلة السيدة زينب لكن سياط الواقع الأليم تنتزعها من تلك الذكريات انتزاعاً . .


  عن حذلم بن كثير..  قال : قدمت الكوفة سنة 61 هـ عند مجيء علي بن الحسين من كربلاء الى الكوفة ومعه النسوة ، وقد أحاط بهم الجنود ، وقد خرج الناس للنظر أليهم ، وكانوا على جمال بغير وطاء ، فجعلن نساء أهل الكوفة يبكين ويندبن . رأيت علي بن الحسين قد أنهكته العلة ، وفي عنقه الجامعة ، ويده مغلولة إلى عنقه ، وهو يقول بصوت ضعيف : تبكون وتنوحون من أجلنا فمن قتلنا ؟ ! .  قال : ورأيت زينب بنت علي ، ولم أر خفرةً  أنطق منها كأنها تفرغ عن لسان أبيها أمير المؤمنين ، وقد أومأت إلى الناس أن أسكتوا ، فارتدت الأنفاس ، وسكنت الأصوات ، فقالت :   أما بعد : يا أهل الكوفة يا أهل الختل والغدر . أتبكون ؟ فلا رقأت الدمعة ، ولا هدأت الرنة  او الزفرا. .   إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا . تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم . ألا وهل فيكم الا الصلف والنطف ، وملق الأماء وغمز الأعداء .أو كمرعى على دمنة ، أو كقصة على ملحودة .  ألا ساء ما قدمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون . أتبكون وتنتحبون ؟ ! . أي والله فابكوا كثيراً واضحكوا قليلاً .   فلقد ذهبتم بعارها وشنارها ، ولن ترحضوها بغسل بعدها أبداً .  وأنى ترحضون قتل سليل خاتم النبوة ، ومعدن الرسالة ، وسيد شباب أهل الجنة ، وملاذ خيرتكم ، ومفزع نازلتكم ، ومنار حجتكم ،ومدرة سنتكم  ألا ساء ما تزرون ! وبعداً لكم وسحقاً ، فلقد خاب السعي ، وتبت الأيدي ، وخسرت الصفقة ، وبؤتم بغضب من الله ورسوله وضربت عليكم الذلة والمسكنة . .


  ويلكم يا أهل الكوفة ! .أتدرون أي كبد لرسول الله فريتم ؟ . وأي كريمة له أبرزتم ؟ . وأي دم له سفكتم ؟ . وأي حرمة له انتهكتم ؟ . لقد جئتم بها خرقاء ، شوقاء ، كطلاع الأرض ، وملء السماء ، أفعجبتم أن مطرت السماء دماً ؟ ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون . فلا يستخفنكم المهل ، فإنه لا يحفزه البدار ، ولا يخاف فوت الثأر ، وإن ربكم لبالمرصاد . .  قال الراوي : فوالله لقد رأيت الناس حيارى يبكون ، قد وضعوا أيديهم في أفواههم ، ورأيت شيخاً واقفاً الى جنبي يبكي حتى اخضلت لحيته بدموع عينيه وهو يقول : بأبي أنتم وأمي كهولكم خير الكهول ، وشبابكم خير الشباب ، ونساؤكم خير النساء ، ونسلكم خير النسل ، لا يبور ولا يخزي أبداً .هذا اول بيان للثورة بعد شهادة الحسين ..خطاب السيدة زينب في الكوفة أول تصريح وتعليق على واقعة كربلاء بعد حدوثها يصدر من الثوار في كربلاء ، تلقيه زينب في شوارع الكوفة وامام جمع كبير.


 وكانت لها مواقف مع ابن زياد . عرته امام الناس حين تشفى بها ليغيضها بقوله. الحمد لله الذي قتلكم واكذب احدوثتكم واراح البلام من رجالكم ومكن امير المؤمنين يزيد منكم . فقالت: انمتا يفتضح الكاذب ويفجر الفاجر وهو غيرنا يا عدو الله ..!  فقال كيف رايتي فعل الله باخيك والعصاة من ال بيتك .؟ فقالت ما رايت الا جميلا هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا الى مضاجعهم وسيجمع الله بينك وبينهم فانظر لمن الفلج ثكلتك امك يومئذ يا ابن مرجانة .


 ولها موقف يوم رات يزيد يضرب راس الامام وثغره ..وضعت يدها على راسها ونادت : واحسيناه , يا حبيب رسول الله , يا ابن مكة ومنى يا ابن زمزم والصفا ..ـــــــــــ خويه يا ريت انجتل واروح وياك .. ولا شوفتي مخضوب بدماك , ولا اشوف الرجس يضرب ثناياك .. يا ريت اليتامه ما عدمناك .. وشافه هضمنا ما جرى على احد وشافه , برى بينا العدو جرحه وشافه , على راس السبط تلعب وشافه , عصى يزيد ويسب حامي الحمية يخوية تعلم بحالي وداري .. انا اساجف عن يتاماكم وداري.. سمية دورهم تزهي وداري.. ضلت عكب عينك خلية ..


الشيخ عبد الحافظ البغدادي


8/2/2023

تعليقات