الأصول العمليّة

المصدر : تنبيهات الأصول العمليّة وأثرها في الاستنباط الفقهيّ المعاصر : سماحة عبّاس فاضل عبّاس السرّاج

المطلب الأوّل: تعريف الأصول العمليّة، ومورد جريانها

وفيه مقصدان

المقصد الأوّل: تعريف الأصول العمليّة

عُرّفت الأصول العمليّة بعدّة تعريفات، أهمّها:

أنّها الوظائف المقرّرة شرعاً للشاكّ (عند الشكِّ) والمتحيّر في الحكم الشرعيّ، والتي تجري في كلٍّ من الشبهات الموضوعيّة والحكميّة، وتعمّ بها البلوى وتطرد (وتجري) في جميع أبواب الفقه ([1])، فينتهي إليها المجتهد بعد الفحص واليأس عن الظفر بالدليل ([2]) على الحكم الواقعيّ ([3])، عندما يكون جاهلاً بالأحكام التي لا حجّة له عليها ([4])، فيتّجه البحث في هذه الحالة إلى محاولة تحديد الموقف العمليّ تجاه الحكم المجهول بدلاً عن اكتشاف نفس الحكم ([5])، وتصل إليها النوبة في مقام العمل بعد الفحص والبحث عن الأدلّة والأمارات ([6]).
فالأصل العمليّ لا ينظر إلى الحكم الواقعيّ، ولا يريد تشخيصه، وإنّما يشخّص الوظيفة العمليّة اتّجاهه، فأصل البراءة – مثلاً – يقول: إنَّ وجوب صلاة الجمعة في زمن الغَيبة ما دام مجهولاً فوظيفتك العمليّة اتّجاهه ليست هي الاحتياط بل البراءة، ولا يقول: إنَّ صلاة الجمعة حكمها واقعاً هو الوجوب أو عدم الوجوب ([7]).

فالنتيجة: أنَّ الأُصول العمليّة هي التي ينتهي إليها المجتهد بعد الفحص واليأس عن الظفر بالدليل، وتلك الوظائف المقرّرة للجاهل في مقام العمل تسمّى بـ (الأُصول العمليّة)، و (الأدلّة الفقاهتيّة) أيضاً، في قبال الأدلّة الاجتهاديّة ([8])، فلا تعدو عن كونها قواعد وظيفتها تحديد وتشخيص الموقف العمليّ تجاه التشريع ([9])، وللفقيه قواعدٌ عامّةٌ (أصول عمليّة) يعمل بها، ويفتي على طبقها – إنْ كانت حكميّة – ([10]).

 وعليه فترتيب الأدلّة في مقام الاستنباط:

1 – اليقين، المُقدّم على كلِّ دليل.

2 – الدليل الاجتهاديّ، ويسمّى أيضاً بـ (الأمارات)، أو (الأدلّة الظنيّة المعتبرة)، أو (الأدلّة الاجتهاديّة)، كخبر الثقة ونحوه.

3 – الأصل العمليّ، ويسمّى أيضاً بـ (الأدلّة الفقاهتيّة)، أو (الوظائف العمليّة).

وتجدر الإشارة إلى أنَّ الترتيب بين هذه الأدلّة ترتيبٌ طوليٌّ ([11])، لا يُصار إلى المرتبة المتأخّرة إلاَّ بعد فقد المرتبة المتقدّمة، فمع وجود القطع (المرتبة الأولى) لا تصل النوبة إلى الأمارات المعتبرة (المرتبة الثانية)، وكذلك مع وجود الأمارة – فضلاً عن القطع – لا تصل النوبة إلى الأصل العمليّ.

المقصد الثاني: مورد جريان الأصول العمليّة

تحصّل ممّا تقدّم أنَّ مورد جريان الأصول العمليّة (موضوع الأصول العمليّة) – شرعيّة كانت أم عقليّة – هو الشكّ في الحكم الشرعيّ بعد الفحص والبحث عنه في مظانه (+) وعدم العلم به، فيجري الأصل العمليّ في كلِّ ما لا يمكن الوصول إلى الحكم الشرعيّ بعد الفحص عنه، سواء كان ذلك ناشئاً من فقد الدليل أم إجماله أم تعارض الدليلين وتساقطهما (+ +)، مع ملاحظة أنَّ الأصول العمليّة في طول الأدلّة الاجتهاديّة، فلا تجري ولا تصل النوبة إليها مع وجود دليل اجتهاديّ من أمارة ونحوها.

وبهذا البيان ظهر الوجه في دخول الشكّ في موضوع هذه الأصول العمليّة الأربعة ؛ فإنّ مؤدّيات هذه الأصول أحكامٌ كلّيّةٌ مجعولةٌ جعلها الشارع للشاكّ بوصف كونه شاكّاً، ولأجل هذا جرت عادتهم بتسمية هذه الأحكام بـ (الأحكام الظاهريّة) . لكن ينبغي أنْ يُعلم أنّ الشكّ هاهنا لا يراد منه خصوص مصطلح المنطقيّ – وهو الاحتمال المساوي –، بل ما يعمّه والظنّ غير المعتبر ؛ فإنّ حكم الظنّ غير المعتبر في مجاري الأصول العمليّة بل مطلقاً حكم الشكّ.

فالأصل العمليّ في الاصطلاح هو الجاري في الشبهة في الحكم الكلّيّ الناشئة من عدم الدليل أو إجماله أو تعارضه([12])، فتأُسس لدى المكلّف الشاكّ المتحيّر وظيفة عمليّة مجعولة بعد الفحص عن الدليل واليأس عن الظفر به عندما لا يجد دليلاً على الحكم الشرعيّ أو على موضوعه ([13]).

وعليه فبحوث الأصول العمليّة تدرس نوعيّة القواعد الأصوليّة والعناصر المشتركة التي يجب على الفقيه الرجوع إليها لتحديد موقفه العمليّ إذا لم يجد دليلاً على الحكم وبقي الحكم الشرعيّ مجهولاً لديه ([14])، ومرحلة البحث عن الأصل العمليّ التي يعمل الفقيه على البحث عنها كمرحلة ثانية بعد مرحلة البحث عن الدليل ([15]).

المطلب الثاني: دخول الأصول العمليّة في مسائل علم الأصول

المعروف بين الأصوليّين أنَّ الضابط في دخول مسألة ما في علم الأصول هو وقوعها في طريق استنباط الحكم الشرعيّ، فكلًّ مسألة وقعت في طريق استنباط الحكم الشرعيّ كانت من مسائل علم الأصول وإلاَّ فلا، وقبل البت بأنَّ الأصول العمليّة هل تكون داخلةً في مسائل علم الأصول أو أنّها قواعد فقهيّة ؟ لابدَّ أنَّ نتعرّف على وجه الفرق بين القاعدة الأصوليّة والقاعدة الفقهيّة ؛ ليتسنّى لنا تحديد ومعرفة البحث في الأصول العمليّة، وأنّها من مسائل أيّ علم.

وهناك فروق بين القاعدة الأصوليّة والقاعدة الفقهيّة، منها:

1 – الجانب النظريّ: فإنَّ القاعدة الأصوليّة والتي يُعبّر عنها بـ (أصول الاستنباط) تكون محوراً لنظر المجتهد حصراً، ولا حظَّ لغيره – كالعامي – فيها. بخلاف القاعدة الفقهيّة فإنّها في مقام عمل غير المجتهد أيضاً، ولا يفرّق بين المجتهد وغيره في مقام العمل بها. وقد أشار إلى ذلك المحقّق محمّد حسين النائينيّ (ت 1355 هـ) بما حاصله: إنَّ القاعدة الأصوليّة تختصّ بالمجتهد، وأمّا القاعدة الفقهيّة لابدَّ وأنْ تكون بحيث يلقى نتيجتها بنفسها إلى المكلّفين – بما فيهم المجتهد –، ويوكل أمر تطبيقها إلى نظرهم – مجتهداً كان أم غيره – ([16]).

2 – الجانب العمليّ (التطبيقيّ): فإنَّ الدور العمليّ للقاعدة الأصوليّة هو التوسّط والتوسيط في استنباط الأحكام الشرعيّة.

بينما يكون دور القاعدة الفقهيّة هو تطبيق القاعدة الكلّيّة على الموارد الجزئيّة (مصاديقها).

 مثاله: قاعدة الطهارة – بناءً على رأي مَن يقول أنّها قاعدة فقهيّة – المستفادة من قول الإمام أبي عبد الله الصادق (A): ((كلُّ شيءٍ لك نظيفٌ حتّى تعلم أنّه قذرٌ، فإذا علمت فقد قذر، وما لم تعلم فليس عليك)) ([17])، وقوله (A): ((كلُّ شيءٍ لك طاهرٌ حتّى تعلم أنّه قذر)) ([18])، فتطبّق هذه القاعدة في كلِّ مورد (مصداق – فرد) شُكَّ في طهارته، وبما أنَّ التطبيق على المصداق – وهو الشكّ في طهارة شيء حسب الفرض – يكون جزئيّاً، فتكون نتيجة القاعدة الفقهيّة جزئيّة.

بخلاف القاعدة الأصوليّة فإنّها ممّا تقع واسطة في استنباط الأحكام الشرعيّة (الفرعيّة)، كاستنباط وجوب الصلاة من قوله تعالى: [ وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ ] ([19]) بواسطة دلالة صيغة الأمر (أقيموا) على الوجوب ([20]).

وقد أشار السيّد أبو القاسم الخوئيّ (ت 1413 هـ) إلى هذا المعنى بما حاصله: إنَّ القاعدة الأصوليّة ممّا يستفاد منها الأحكام الشرعيّة من باب الاستنباط والتوسيط لا من باب التطبيق كما هو حال القاعدة الفقهيّة ([21]).

3 – من جهة النتائج: فإنَّ نتيجة القاعدة الأصوليّة أحكامٌ كلّيّةٌ، كوجوب المقدّمة عند وجوب ذيها، وأنَّ الأمر بالشيء – كإزالة النجاسة من المسجد – يقتضي النهي عن ضدّه المزاحم له – كالصلاة – ونحو ذلك.

بينما تكون نتيجة القاعدة الفقهيّة أحكاماً جزئيّة، كما في مثال الطهارة المتقدّم ([22]).

وبعد بيان وجه الفرق بين القاعدة الأصوليّة والقاعدة الفقهيّة، وبيان الضابط في كلٍّ منهما يتّضح أنَّ الأصول العمليّة داخلةٌ في مباحث ومسائل علم الأصول ؛ لتوفّر ضابطة المسألة (القاعدة) الأصوليّة فيها في ضوء ما تقدّم، وأنَّ مضامينها وإنْ كانت بنفسها أحكاماً مستنبطة:

·       كإثبات الإباحة الشرعيّة أو رفع الحكم الشرعيّ، أو جعل الحكم المماثل لما أيقن به.

·       أو كانت اعتبارات شرعيّة أو عقليّة غير منتهية إلى حكم تكليفيّ شرعيّ كالبراءة العقليّة.

·       أو رفع المؤاخذة شرعاً أو المنجزيّة العقليّة أو الشرعيّة، ولو بجعل اليقين السابق منجّزاً للحكم في الزمان اللاحق.

إلاَّ أنَّ تعريف علم الأصول يكون شاملاً لها من جهة أنّها ممّا ينتهي إليه المجتهد بعد الفحص عن الدليل على حكم العمل ([23])، وبما أنَّ الأصول العمليّة ممّا ينتهي إليه أمر المجتهد بعد الفحص عن الدليل فلا محالة تختصّ بالمجتهد ؛ إذ ليس ممَّنْ شأنه الفحص عن الدليل إلاَّ المجتهد.

فبهذه الخصوصية تمتاز الأصول العمليّة عن القواعد الفقهيّة، وتختصّ بالمجتهد دون غيره ([24]).

مضافاً لجريان الأصول العمليّة في كلِّ أبواب الفقه ؛ فإنَّ شأنَّ القاعدة الأصوليّة هو جريانها في جلّ أو كلِّ الأبواب الفقهيّة من كتاب الطهارة إلى الحدود والديّات، وهذا العنصر أساسيٌّ في القاعدة الأصوليّة، ويتوفّر في الأصول العمليّة ؛ إذ ما من باب فقهيّ إلاّ وتجري فيه الأصول العمليّة (الأربعة) المعروفة.

وعليه فالمدار في كون المسألة أصوليّة أنْ تكون نتيجة البحث عنها تقع كبرى في قياس يُستنتج منها الحكم الكلّيّ الشرعيّ الفرعيّ، ولو كانت النتيجة – أي الحكم المستَنتج من ذلك القياس – وظيفة عمليّة كما هو كذلك في باب جريان الأصول العمليّة، ولا شك في أنَّ الاستصحاب في الأحكام الكلّيّة – تكليفيّة كانت أم وضعية – نتيجة البحث عنه تقع كبرى في قياس يُستَنتج منها الحكم الشرعيّ الكلّيّ الفرعيّ.

مثاله: إنَّ الفقيه في مسألة بقاء نجاسة الماء المتغيّر أحد أوصافه الثلاثة (الطعم واللون والرائحة) بالنجس بعد زوال التغيّر من قِبْل نفسه – لا بوصول المطهّر إليه – يثبت نجاسته بالاستصحاب. وهكذا إذا شكّ في بقاء حلّيّة شرب العصير التمريّ أو الزبيبيّ بعد الغليان وقبل أنْ يذهب ثلثاه يُستنتج بقاء حلّيّته بالاستصحاب، إلى غير ذلك من الموارد الكثيرة في جميع أبواب الفقه ([25]).

فالنتيجة: أنَّ الأصول العمليّة تدخل في نطاق علم الأصول ؛ لأنّها عناصرٌ مشتركةٌ ومستعملةٌ من قِبْل الفقيه كأدلّة على الجعل الشرعيّ الكلّيّ ([26])، وأنّها لمّا كانت من القواعد المختصّة بالمجتهد ؛ لأنَّ موردها الشبهة الحكميّة، فإنَّ المجتهد هو الذي يشكّ في أصل الحكم بعد الفحص عن الدليل فيجري البراءة مثلاً، وهو الذي يشكّ في المكلّف به فيجري الاحتياط والاشتغال، وهو الذي يكون عنده الدوران بين المحذورين (الوجوب والحرمة) فيجري التخيير بينهما، وهو الذي يعدّ يقينه السابق وشكّه اللاحق في الحكم الكلّيّ فيجري الاستصحاب.

ولمّا كانت الأصول العمليّة عامّةً لجميع أبواب الفقه كانت ممّا ينبغي أنْ يُبحث عنها في الأمور العامّة التي يُبنى عليها العمل في جميع الفقه، فلذلك كانت الأصول العمليّة من مسائل علم الأصول دون مسائل علم الفقه ([27]).

المطلب الثالث: أهمّيّة الأصول العمليّة

لا شكَّ في أنَّ كلَّ متشرّع يعلم علماً إجماليّاً بأنَّ لله تعالى أحكاماً إلزاميّة من نحو الوجوب والحرمة يجب على المكلّفين امتثالها يشترك فيها العالم والجاهل بها.

وهذا العلم الإجماليّ منجّزٌ لتلك التكاليف الإلزاميّة الواقعيّة، فيجب على المكلّف – بمقتضى حكم العقل بوجوب تفريغ الذمّة ممّا علم اشتغالها به من تلك التكاليف – أنْ يسعى إلى تحصيل المعرفة والعلم بها بالطرق المؤمِّنة له التي يعلم بفراغ ذمّته بإتّباعها.

ومن أجل هذا ذهب الفقهاء إلى القول بوجوب المعرفة ووجوب الفحص من الأدلّة والحجج المثِبتة لتلك الأحكام حتّى يستفرغ المكلّف وسعه في البحث ويستنفذ مجهوده الممكن له.

وحينئذٍ، فإذا فحص المكلّف :

·       وتمّت له إقامة الحجّة على جميع الموارد المحتملة كلّها فذاك هو المطلوب، وهو أقصى ما يرمي إليه المجتهد الباحث ويُطلب منه. ولكن هذا فرضٌ (احتمال) لم يتّفق حصوله لواحدٍ من المجتهدين، بأنْ تحصل له الأدلّة على الأحكام الإلزاميّة كلّها ؛ لعدم توفّر الأدلّة على الجميع.

·       ولم تتمّ له إقامة الحجّة إلاَّ على جملة من الموارد وبقيت لديه موارد أخرى يحتمل فيها ثبوت التكليف، ويتعذّر فيها إقامة الحجّة – لأيّ سبب كان – فإنَّ المكلّف يقع لا محالة في حالة من الشكِّ تجعله في حيرة من أمر تكليفه.

وهنا تكمن أهمّيّة الأصول العمليّة؛ إذ أنَّ الشارع المقدّس قد جعل له وظائف عمليّة يرجع إليها عند الحاجة ويعمل بها لتطمينه من الوقوع في العقاب، فيحصل له اليقين بوظيفته التي يجب عليه أنْ يعمل بها عند الشكِّ والحيرة.

وهذه الوظيفة أو الوظائف هي التي تسمّى عند الأصوليّين بـ‍ (الأصل العمليّ)، أو (القاعدة الأصوليّة)، أو (الدليل الفقاهتيّ) ([28]). ففي مورد عدم حصول الفقيه على دليل يدلّ على الحكم الشرعيّ وبقاء الحكم مجهولاً لديه، فيتّجه البحث في هذه الحالة إلى محاولة تحديد الموقف العلميّ تجاه ذلك الحكم المجهول بدلاً عن اكتشاف نفس الحكم، فالأصول العمليّة وظائف عمليّة يقرّرها العقل حين يعجز عن الانتهاء إلى حكم شرعي بشأن الواقعة المشتبهة والمشكوكة ([29]).

ومثال ذلك: حالة الفقيه تجاه حكم التدخين، فإنَّ التدخين نحتمل حرمته شرعاً منذ البدء، ونتّجه أوّلاً إلى محاولة الحصول على دليل يعيّن حكمه الشرعيّ، فلا نجد دليلاً من هذا القبيل ويبقى حكم التدخين مجهولاً لدينا فلا نعلم أحرمة هو أم إباحة ؟ وحينئذٍ نسأل ما هو الموقف العمليّ الذي يتحتّم علينا أنْ نسلكه تجاه ذلك الحكم المجهول، هل يتحتّم علينا أن نحتاط فنجتنب عن التدخين ؛ لأنَّ من المحتمل أنْ يكون التدخين حراماً أو لا يجب الاحتياط بل نكون في سعة ما دمنا لا نعلم بالحرمة ([30]) ؟

هذا هو السؤال الأساسيّ الذي يعالجه الفقيه في هذه الحالة، ويجيب عليه في ضوء الأصول العمليّة بوصفها عناصر مشتركة في عملية الاستنباط ([31]).

فمنهج الاستنباط في الفقه الإماميّ قد اعتمد على افتراض مرحلتين للاستنباط:

·       يُطلب في أوّلاهما الدليل على الحكم الشرعيّ.

·       ويُطلب في الثانية تشخيص الوظيفة العمليّة تجاهه تنجيزاً أو تعذيراً.

ففي المرحلة الأولى يفتّش الفقيه عن الدليل على الحكم الشرعيّ، فإنْ وجد دليلاً مشروعاً على الحكم أخذ به، وإلاَّ لم يفكَّر في التعويض عن الدليل المشروع بنطاق أوسع من الأدلَّة من الأمارات، أو التخمينات والترجيحات، بل انتقل إلى المرحلة الثانية وهي الأخذ بما هو مقتضى الوظيفة العمليّة في مقام الخروج عن عهدة التكليف المحتمل ([32]).

والقواعد التي تقرّر في المرحلة الثانية هي التي تسمّى بـ (الأصول العمليّة) ؛ لأنّها تشخّص الموقف العمليّ (الوظيفة العمليّة) تجاه التشريع من دون أنْ تشخّص الحكم الواقعيّ نفسه، هذه المنهجيّة يتميّز به الفقه الإماميّ عن فقه المذاهب الأخرى الّذي يتّجه إلى إثبات الحكم الشرعيّ دائماً – المرحلة الأولى –، فإنْ لم يمكن إثباته بالأدلّة القطعيّة أو المفروغ عن دليليتها شرعاً تحوّل إلى طرف أضعف في مقام الإثبات من الأمارات والظنون القائمة على أساس اعتبارات ومناسبات واستحسانات، فهو يتوسّل بكلِّ وسيلة إلى إثبات الحكم الشرعيّ مهما أمكن.

بينما في الفقه الإماميّ كلّما لم تقم عند الفقيه الأدلّة القطعيّة أو الشرعيّة المفروغ عنها انتقل إلى المرحلة الثانية، وهي تشخيص الوظيفة المقرّرة عند الشكِّ ولو عقلاً دون أنْ يتّجه إلى ألتماس الأدلّة والأمارات الناقصة لإثبات الحكم الشرعيّ الواقعيّ، ومن هنا نجد أنَّ الفقه الإماميّ توسّع في بحث الأصول العمليّة وأقسامها وشرائط كلٍّ منها، بينما فقه المذاهب الأخرى لم يتعرّض لتلك البحوث ([33]).

وبعبارة أخرى: إنَّ عمليّة الاستنباط والتطبيق تقع في مرحلتين طوليّتين:

الأولى: تطبيق القواعد العامّة على عناصرها الخاصّة كدليل على تشخيص الحكم وجعله في الشريعة المقدّسة.

الثانية: تطبيق القواعد العامّة على مصاديقها الخاصّة كدليل على تشخيص الوظيفة العمليّة وتعيينها تجاه الحكم الشرعيّ تنجيزاً أو تعذيراً.

والقواعد التي تقرّر في المرحلة الأولى تسمّى بـ (الدليل الاجتهاديّ) المتمثّل في الأمارات الشرعيّة كخبر الثقة وظواهر الألفاظ ونحوهما. والقواعد التي تقرّر في المرحلة الثانية تسمّى بـ (الأصول العمليّة) المتمثّلة في الاستصحاب وأصالة البراءة الشرعيّة ونحوهما ؛ فإنّها تعيّن الموقف العمليّ تجاه الحكم الواقعيّ الشرعيّ بدون أنْ تشخّص الحكم وتحدّده في الواقع، بينما الأمارات الشرعيّة – أي المرحلة الأولى – تشخّص الحكم الشرعيّ وتحدّده ([34]).

فالأمارة رافعةٌ لستار الواقع تعبّداً، والأصول العمليّة وظيفة في ظرف الاستتار، وعدم انكشاف الواقع، فكم فرق بين أنْ يقول المولى: "يا أيها المكلّف عند الجهل بالواقع وعدم العلم به، جعلت خبر الثقة طريقاً لك إلى الواقع"، وبين أنْ يقول: "عند عدم العلم بالواقع فوظيفتك العمل بالحالة السابقة ؛ إذ لا حكم لك ظاهراً" ([35]) ؟.

وعليه فلا غنى للفقيه عن علم الأصول في عمليّة الاستنباط، وخصوصاً الأصول العمليّة، وربّما يكون استنباط المسائل المعاصرة (المستحدثة) من أولويّات استفادة الفقيه منها، والتي تنعكس بصورة ايجابيّة على تطوّر مسائل علم الأصول، وتحرّكها نحو التطوّر والتفريع ([36]).

المطلب الرابع: الفرق بين الأمارة والأصل العمليّ

قسّم الأصوليّون الأحكام الفقهيّة إلى قسمين:

الأوّل: الأحكام الواقعيّة: وتسمّى أيضاً بـ (الضروريّة – القطعيّة) كوجوب الصلاة والصوم ونحوهما، وهي قليلة جدّاً، ولا تحلّ مشاكل الإنسان اليوميّة ؛ إذ أنَّ نسبتها إلى مجموع الأحكام الفقهيّة لا تتجاوز 6 % بنسبة تقريبيّة ([37]).


الثاني: الأحكام الظاهريّة: وتسمّى أيضاً بـ (الأحكام النظريّة) كوجوب الذكر في الصلاة، ومفطّرية الاحتقان بالمائع في الصوم ونحو ذلك ([38]). ومعظم الأحكام الفقهيّة ظاهريّة (نظريّة).


والأحكام الظاهريّة عموماًَ في طول الأحكام الواقعيّة، أي لا يُصار إلى الأحكام الظاهريّة مع وجود الأحكام الواقعيّة ؛ فإنَّ موضوع الحكم الظاهري هو الشكِّ (عدم العلم – الجهل) بالحكم الواقعيّ.


والمعروف أنَّ الأحكام الظاهريّة على نحوين:


الأوّل: الأمارات المعتبرة شرعاً، كخبر الثقة ونحوه. وهي على نوعين:


1 – ما كانت متكفّلةً للأحكام اللزوميّة – الوجوب والحرمة –، وهي أحكامٌ ظاهريّةٌ طريقيّةٌ الغرض من جعلها إثبات تلك الأحكام تنجيزاً عند مطابقة الواقع وتعذيراً عند المخالفة.


2 – ما كانت متكفّلةً للأحكام الترخيصيّة – ما عدا الوجوب والحرمة –، والغرض من جعلها التسهيل بالنسبة إلى نوع المكلّف.


الثاني: الأصول العمليّة: وهي على نوعين أيضاً:


1 – ما كانت متكفّلةً للأحكام اللزوميّة، كإيجاب الاحتياط والاستصحاب المثبت للتكليف ونحوهما، وهي أحكامٌ ظاهريّةٌ طريقيّةٌ الغرض من جعلها إثبات تلك الأحكام تنجيزاً عند مطابقة الواقع وتعذيراً عند المخالفة.


2 – ما كانت متكفّلةً للأحكام الترخيصيّة، كأصالة البراءة الشرعيّة واستصحاب الحكم الترخيصيّ (الاستصحاب النافي للتكليف)، وتكون ناشئةً عن المصلحة النوعيّة، وهي المصلحة التسهيليّة ([39]).


فالنتيجة: أنَّ جهة الاشتراك بين الأمارات والأصول العمليّة أنَّ كلاً منهما أحكام ظاهريّة لا واقعيّة، وتكون متكفّلةً إمّا للأحكام الإلزاميّة أو الترخيصيّة، ولا فرق بينهما عند الأصوليّين من هذه الناحية أصلاً.


وأمّا جهة الافتراق بينهما، فقد اختلفت أنظار الأعلام على أقوال، منها:


الأوّل: ما تبنّاه المحقّق النائينيّ ([40])، والسيّد الخوئيّ ([41])، من أنَّ الفرق بينهما في سنخ المجعول، وأنَّ سنخ المجعول في باب الأمارات غير سنخ المجعول في باب الأصول العمليّة.


بتقريب: إنَّ المجعول شرعاً في باب الأمارات الطريقيّة والعلم التعبّدي، ولهذا تكون الأمارات طريقاً إلى الواقع وعلماً به تعبّداً. بينما المجعول في باب الأصول العمليّة الجري العمليّ على طبقها خارجاً في ظرف الشكِّ والجهل من دون نظر إلى الواقع، ولا تحكي عن الواقع مطلقاً حتّى بالنسبة للأصول المحرزة كالاستصحاب فضلاً عن غيره.


وعليه فالمجعول في باب الطرق والأمارات هو الكاشفيّة والطريقيّة بتتميم الكشف، بمعنى أنَّ الشارع يعتبر الكشف الناقص (وهو خبر الثقة مثلاً) كاشفاً تامّاً، والأمارة غير العلميّة علماً.


تعقيب ومناقشة


يبدو أنَّ ما ذكره المحقّق النائينيّ من المسلك المعروف عنه وهو مسلك العلميّة والطريقيّة والكاشفيّة (+) في الأمارات قابلٌ للمناقشة ؛ إذ لا دليل عليه، فإنَّ سيرة العقلاء الممضاة شرعاً هي عمدة الدليل على حجّيّة الأمارات كأخبار الثقة وظواهر الألفاظ، ومن الواضح أنَّ لسان السيرة ليس لسان الجعل والاعتبار، بل هي عبارة عن عملهم بها خارجاً ؛ لأقربيتها إلى الواقع نوعاً من غيرها. كما أنَّ لسان الإمضاء الشرعيّ ليس لسان الجعل أيضاً ؛ إذ يكفي في الإمضاء سكوت المولى وعدم صدور الردع عنه.


الثاني: إنَّ الأصل العمليّ يفترق عن الأمارة في مقام الجعل في أخذ الشكِّ في موضوع الأصل دون الأمارة.


بتقريب: إنَّ الأصل العمليّ جُعل في مقام الجعل والتشريع حجّةً في حالة الشكِّ في الحكم الواقعيّ، فالشاكّ في الحكم الواقعيّ هو الذي جُعل الأصل العمليّ في حقّه حجّةً. بينما حجّيّة الأمارة لم تُجعل في حقِّ الشاكِّ في الحكم الواقعيّ بل هي منصبّة على ذات المكلّف ([42]).


وبعبارة أخرى: إنَّ الشكَّ في الحكم الواقعيّ أُخذ موضوعاً في حجّيّة الأصل العمليّ دون حجّيّة الأمارة.


تعقيب ومناقشة


يبدو أنَّ هذا القول قابلٌ للمناقشة أيضاً ؛ إذ أنَّ الشكَّ في مقام الإثبات وإنْ كان مأخوذاً في لسان دليل حجّيّة الأصول العمليّة دون لسان دليل حجّيّة الأمارات، إلاَّ أنَّ من الواضح أنّه لا أثر لهذا المقدار من الفرق بينهما، ولا يترتّب عليه ما هو المطلوب منه وهو حجّيّة مثبتات الأمارات الشرعيّة دون مثبتات الأصول العمليّ ؛ فإنَّ الشكَّ في مقام الثبوت مأخوذٌ في موضوع حجّيّة كلٍّ من الأمارات والأصول العمليّة ؛ إذ لا يعقل أنْ يكون موضوع حجّيّة الأمارات مطلقاً وغير مقيّد بالشكِّ في الواقع، وإلاَّ فلازمه جعل الحجّيّة للأمارات مطلقاً حتّى للعالم بالواقع، وهذا ممّا لا يمكن الالتزام به من أحد ([43]).


الثالث: إنَّ الفرق بينهما في مقام الإثبات والدلالة دون مقام الثبوت والواقع.


بتقريب: إنَّ الأصل العمليّ لا يفترق عن الأمارة في مقام الجعل في أخذ الشكِّ في موضوع كلٍّ من الأصل والأمارة، فالمولى بحسب عالم الجعل والثبوت قد صبَّ الحجّيّة على كلٍّ من الأصل والأمارة.


بَيْد أنَّ الذي يصل إلينا في مقام الإثبات:


1 – تارةً يكون قد أُخذ في لسانه وألفاظه الشكّ، فيكون الحكم الظاهريّ حينذاك أصلاً عمليّاً.


2 – وأخرى لم يُؤخذ في لسانه وألفاظه الشكّ، فيكون الحكم الظاهريّ أمارة ([44]).


تعقيب ومناقشة : يبدو أنَّ هذا القول قابلٌ للمناقشة أيضاً ؛ للإشكال نفسه الوارد على القول الثاني، وأنَّ كلا القولين (أي الثاني والثالث) لا يجديان في تحقيق الهدف المنشود، وهو الفرق بين الأمارات والأصول العمليّة.


الرابع: ما اختاره السيّد محمّد باقر الصدر (ت 1400 هـ) من أنَّ منشأ جعل الأحكام الظاهريّة في مورد الأمارات والأصول العمليّة إنّما هو علاج التزاحم الحفظيّ في مقابل التزاحم الملاكيّ والتزاحم الامتثاليّ.


بتقريب: إنَّ التزاحم على أقسام ثلاثة:


1 – التزاحم الملاكيّ: كما إذا فرض وجود ملاكين في فعل واحد في مرحلة المبادئ، فإنّه يقع التزاحم بينهما في هذه المرحلة.


والترجيح في هذا القسم إنّما يكون بيد المولى ؛ إذ لا طريق لنا لإحراز ملاكات الأحكام الشرعيّة في الواقع.


2 – التزاحم الامتثاليّ: ومنشأه عدم قدرة المكلّف على امتثال أكثر من تكليف في آن واحد، كما إذا وقع التزاحم بين إتيان الصلاة في المسجد وإزالة النجاسة عنه، والمكلّف غير قادر على الجمع بينهما في مقام الامتثال في زمن واحد.


والترجيح في هذا القسم بالرجوع إلى مرجّحات باب التزاحم بتقديم الأهمّ (الأقوى ملاكاً) على المهمّ.


3 – التزاحم الحفظيّ: ومنشأه الاشتباه والتردّد بين الواجب والمباح، أو بين الحرام والمباح.


وعلاج هذا التزاحم (الحفظي) إنّما بيد المولى على أساس الترجيح:


·       إمّا بقوّة الاحتمال.


·       أو بأهمّيّة المحتمل.


وبما أنَّ جعل الحجّيّة للأمارات إنّما هو على أساس الترجيح بقوّة الاحتمال، فتكون حقيقة الأمارة وروحها متمثّلةً في قوّة الاحتمال والكاشفيّة عن الواقع.


وأمّا جعل الحجّيّة للأصول العمليّة الشرعيّة، فبما أنّه على أساس أهمّيّة المحتمل، فتكون أهمّيّة المحتمل هي حقيقة الأصل العمليّ وروحه.


وعلى هذا فتكون مثبتات الأمارة حجّة ؛ لأنَّ الأمارة بقوّة كاشفيّتها عن المؤدّى تكشف عن لوازمه بنفس هذه الدرجة ([45]).


تعقيب ومناقشة : يبدو أنَّ هذا القول قابلٌ للمناقشة أيضاً ؛ فإنَّ منشأ جعل الأحكام الظاهريّة ليس جعل التزاحم الحفظيّ على أساس الترجيح بقوّة الاحتمال – في الأمارات –، أو بأهمّيّة المحتمل – في الأصول العمليّة –، بل منشأ جعلها في الأحكام الظاهريّة الترخيصيّة هو المصلحة النوعيّة المترتّبة عليها وهي مصلحة التسهيل.


كما أنَّ منشأ الأحكام الظاهريّة اللزوميّة هو اهتمام المولى بالحفاظ والتحفّظ على الأحكام الواقعيّة بما لها من الملاكات حتّى في مورد الاشتباه والشكِّ، لا أنَّ منشأ جعلها علاج التزاحم الحفظيّ.


 


وحسناً ما فعله السيّد محمّد تقي الحكيم (ت 1424 هـ) في مقام التفريق بين الاستصحاب والأمارة والأصل (فالأمارة تحكي عن الواقع، والشارع بلسان جعله يقول: إنَّ مؤدّاها هو الواقع. والاستصحاب لا يقول بلسان جعله: أنّه الواقع، وإنّما يأمرك باعتباره واقعاً. أمّا الأصل فلا يزيد عن كونه مجعولاً كوظيفة عند اختفاء الواقع بجميع مراحله، فهو لا يزيد على طلب الجري والسلوك العمليّ وفق مؤدّاه) ([46]).


تقدّم الأمارات على الأصول العمليّة


اتّفقت كلمات الأصوليّين على تقدّم الأمارات على الأصول العمليّة، بل اُدّعى أنَّ التقديم بالضرورة ([47])، وأنّه            لا خلاف فيه بين الأصوليّين ([48]). واختلفوا في نكتة التقديم على أقوال:


الأوّل: ما تبنّاه الشيخ مرتضى الأنصاريّ (ت 1281 هـ) ([49])، ووافقه عليه أكثر مَنْ تأخّر عنه كالمحقَّقين النائينيّ ([50]) وضياء الدين العراقيّ (ت 1361 هـ) ([51])، والسيّد حسن بن علي أصغر الموسويّ البجنورديّ (ت 1379 هـ) ([52])، والسيّد حسين الطباطبائيّ البروجرديّ (ت 1380 هـ) ([53])، والسيّد محسن الطباطبائيّ الحكيم (ت 1390 هـ) ([54])، والسيّد الخوئيّ([55])، والسيّد محمّد تقي الحكيم ([56]) وآخرين ، من أنَّ التقديم من باب الحكومة (+)، أي أنْ الدليل الدال على حجّيّة الأمارات حاكمٌ على دليل الأصل العمليّ.


وقد نُسب هذا القول إلى المشهور ([57]).


 


الثاني: ما اختاره الآخوند الخراسانيّ (ت 1329 هـ) ([58]) في مبحث الاستصحاب من كتابه الشهير كفاية الأصول من أنَّ التقديم من باب الورود (+ +)، وأنّه بقيام الأمارة المعتبرة يرتفع موضوع الأصل العمليّ (وهو الشكّ) حقيقةً بواسطة التعبّد الشرعيّ.


الثالث: ما يظهر من كلمات الآخوند الخراسانيّ ([59]) في مبحث التعارض من كتابه كفاية الأصول من أنَّ التقديم من باب الجمع العرفيّ، وقوّاه أيضاً كلٌّ من السيّد محمّد باقر الصدر ([60])، والسيّد محمّد سعيد الحكيم (معاصر) ([61]).


بتقريب: إنَّ من موارد التوفيق والجمع العرفيّ ما إذا وفّق العرف بين الدليلين بالتصرّف في أحدهما المعيّن كما في مورد تقدّم الأمارة على الأصل العمليّ ؛ فإنَّ أهل العرف لا يتحيّرون بينهما بعد ملاحظتهما، فيقدّمون الأمارات على الأصول العمليّة من باب النصّيّة والأخصّيّة ؛ فإنّه من المقطوع به شمول دليل حجّيّة الأمارة لمورد اجتماع الأمارة مع الأصل العمليّ المخالف لها.


مثلاً إذا أخبرنا الثقة بحرمة التدخين – والمفروض أنَّ أصل البراءة يقتضي الحلّيّة – فلا إشكال في أنَّ العقلاء يأخذون بخير الثقة، بخلاف دليل الأصل العمليّ فإنّا لا نقطع بشمول دليله لمورد الاجتماع مع الأمارة المخالفة له، فلعلّ دليل البراءة – مثلاً – يختصّ بالبراءة التي لا تكون مخالفةً لأمارة من الأمارات ([62]).


 


وفي ضوء ما تقدّم يبدو أنَّ الرأي الثالث هو الأحرى بالقبول ؛ فإنَّ مَنْ يلاحظ أدلّة حجّيّة الأمارات وأدلّة الأصول العمليّة المخالفة لها في المؤدّى يرى بوضوح أنَّ أدلّة الأمارات بعمومها أو إطلاقها يشمل مورد جريان الأصل العمليّ المخالف لها، وهذا يعني أنَّ الأمارة بعمومها وشمولها تشمل مورد جريان الأصل العمليّ المخالف لها، بخلاف جريان الأصل العمليّ في مورد الاجتماع.


فالقطع بشمول دليل حجّيّة الأمارة لمورد الاجتماع بخلاف دليل حجّيّة الأصل العمليّ هو المقصود من أنَّ دليل الأمارة مقدّمٌ على دليل الأصل العمليّ عند اجتماعه معه من باب النصّيّة، وكذا الحال في الأخصّيّة.


المطلب الخامس: العلاقة بين الأصول العمليّة بعضها مع بعض


المعروف أنَّ الأصول العمليّة ليست بالمستوى نفسه من جهة القوّة، فإنَّ بعضها يتقّدم على الآخر فيما إذا حصلت بينها معارضة، بل التقدّم – أحياناً – ولو لم تحصل معارضة، كما سيأتي لاحقاً – في الفصل الأوّل المبحث الأوّل –، وذلك في صورة جريان الاستصحاب فلا تجري معه البراءة الموافقة له فضلاً عن المخالفة.


ويمكن بيان حالة التعارض بينها على أنحاء ثلاثة:


الأوّل: معارضة الاستصحاب للأصول العمليّة الأخرى.


الثاني: معارضة الاستصحاب لاستصحاب أخر.


الثالث: معارضة البراءة مع الاحتياط.


الكلام في النحو الأوّل (معارضة الاستصحاب للأصول الأخرى) وحاصله:


اتّفقت كلمات الأصوليّين على أنَّ الاستصحاب مقدّمٌ على بقيّة الأصول العمليّة (البراءة والاحتياط) ([63])، واختلفوا في منشأ (نكتة) التقديم على أقوال:


1 – إنَّ الاستصحاب يتقدّم من باب الحكومة. وهذا القول تبنّاه المشهور ([64]).


فالاستصحاب مقدّمٌ على كلٌّ من البراءة والاحتياط من جهة حكومته عليهما ؛ فإنّه بناءً على كون المجعول في الاستصحاب الطريقيّة والعلميّة والكاشفيّة يصير الاستصحاب من الأصول المحرزة، أي يحرز لنا بقاء الوجوب – مثلاً – تعبّداً، ويحصل العلم التعبّديّ بذلك، وينفي الشكّ الذي هو موضوع كلٍّ من البراءة والاحتياط.


فالنتيجة: أنَّ الاستصحاب حاكمٌ على بقيّة الأصول العمليّة من جهة نفيه لموضوعها – وهو الشكّ – تعبّداً.


تعقيب ومناقشة


يبدو أنَّ هذا القول قابلٌ للمناقشة ؛ إذ أنَّ تماميّته تتوقّف على أنَّ المستفاد من دليل الاستصحاب كصحيحة زرارة الأولى: ((.. لا تنقض اليقين أبداً بالشكِّ..)) ([65])، كون الاستصحاب بمنزلة القطع الموضوعيّ ليكون حاكماً وناظراً لموضوع بقيّة الأصول. وأمّا إذا كان المستفاد من دليل الاستصحاب كونه بمنزلة القطع الطريقيّ، وأنَّه لا يستفاد منه أكثر من تنزيل الاستصحاب منزلة القطع الطريقيّ في المنجّزيّة والمعذّريّة، فلا معنى للقول بحكومة الاستصحاب على بقيّة الأصول ؛ إذ أنَّ الاستصحاب بناءً على ذلك لا يقتضي إلاَّ التنجيز والتعذير من دون ملاحظته ونظره لغيره.


والظاهر أنَّ دليل الاستصحاب لا يستفاد منه إلاَّ الثاني (أي كونه بمنزلة القطع الطريقيّ لا الموضوعيّ) ؛ للقصور في دليله في استفادة أكثر من كونه منجّزاً ومعذّراً، وليس حال الاستصحاب بأحسن من حال الأمارة التي لا نستفيد من دليلها – كالسيرة العقلائيّة – إلاَّ التنجيز والتعذير، وكونها بمنزلة القطع الطريقيّ.


2 – أنَّ الاستصحاب يتقدّم من باب الورود، وهو مختار الآخوند الخراسانيّ في مبحث الاستصحاب ([66]).


بتقريب: إنَّ رفع اليد عن البراءة بسبب جريان الاستصحاب في موردها ليس لارتفاع موضوع البراءة تنزيلاً كما هو مفاد دليل الحكومة المتقدّم، بل برفع موضوعها رفعاً حقيقيّاً تعبّدياً، فبقيام الاستصحاب يرتفع موضوع البراءة وهو الشكّ حقيقةً لا تنزيلاً، فيكون الاستصحاب وارداً على البراءة ([67]).


تعقيب ومناقشة


يبدو أنَّ هذا القول قابلٌ للمناقشة أيضاً ؛ لنفس ما تقدّم في مناقشة القول الأوّل.


3 – التفصيل الذي اختاره المحقّق النائينيّ:


·       بين نسبة الاستصحاب مع الأصول العقليّة فيكون الاستصحاب وارداً عليها.


·        وبين الأصول الشرعيّة فيكون الاستصحاب حاكماً عليها.


 واستدلّ على ذلك: بأنَّ الاستصحاب من الأصول المحرزة المتكفّلة للتنزيل، ولذلك يقوم مقام القطع الطريقيّ، فيكون الاستصحاب رافعاً لموضوع الأصول العقليّة حقيقة بالورود، ولموضوع الأصول الشرعيّة بالحكومة ([68]).


تعقيب ومناقشة


يبدو أنَّ هذا القول قابلٌ للمناقشة أيضاً؛ إذ لا دليل على هذا التفصيل لنفس ما تقدّم في مناقشة القول الأوّل والثاني.


4 – التفصيل الذي تبنّاه المحقّق العراقيّ وحاصله:


أمّا تقدّم الاستصحاب على الأصول العمليّة العقليّة فيكون بالورود (وبذلك يتوافق مع المحقّق النائينيّ).


وأمّا الأصول الشرعيّة فتقدّم الاستصحاب عليها منشأه الخلاف في مفاد دليل الاستصحاب من أن قوله (A) في صحيحة زرارة: ((.. لا تنقض اليقين أبداً بالشكِّ..)) ([69]) هل يكون ناظراً إلى:


أ – إثبات اليقين بالواقع في ظرف الشك ؟


فيتعيّن تقديم الاستصحاب عليها بمناط الحكومة.


ب – أو إثبات المتيقّن بإثبات كونه هو الواقع، ولو بتوسيط اليقين بجعله في القضية مرآتاً إلى المتيقّن ؟


فلابدَّ وأنْ يكون تقديم الاستصحاب على تلك الأصول بمناط الورود، أو التخصيص.


·       فعلى القول بأنَّ الغاية فيها عبارةٌ عن العلم بمطلق الحكم أعمّ من الحكم الواقعيّ والظاهريّ.


 فيكون الاستصحاب وارداً عليها لا محالة.


·       وأمّا على القول بانَّ الغاية فيها عبارةٌ عن العلم بخصوص الحكم الواقعيّ، فلا محيص من أنْ يكون تقديم الاستصحاب عليها بمناط التخصيص دون الورود ودون الحكومة ([70]).


تعقيب ومناقشة


يبدو أنَّ هذا القول قابلٌ للمناقشة أيضاً ؛ إذ لا دليل على هذا التفصيل لنفس ما تقدّم في مناقشة الأقوال السابقة.


5 – ما ذكره السيّد محمّد باقر الصدر من أنَّ التخريج الصحيح لتقدّم الاستصحاب على بقيّة الأصول العمليّة هو أنَّ الاستصحاب أظهر في الشمول لمادّة الاجتماع والتعارض.


وهذه الأظهريّة ناشئةٌ من كلمة (أبداً) المذكورة في روايات الاستصحاب ؛ فإنّها موضوعةٌ لإفادة العموم، فيكون دليل الاستصحاب أظهر في الشمول لمورد الاجتماع من دليل البراءة ؛ إذ أنَّ أدلّة البراءة لا تشتمل على كلمة (أبداً) ليكون ظهورها مساوياً لظهور الاستصحاب في شمول مادّة الاجتماع ([71]).


ويظهر من السيّد محمّد سعيد الحكيم أيضاً أنَّ التقّدم من باب الجمع العرفيّ بين أدلّة الاستصحاب وأدلّة سائر الأصول العمليّة ([72]).


وفي ضوء ما تقدّم يبدو أنَّ الرأي الخامس الذي تبنّاه السيّد محمّد باقر الصدر هو الأحرى بالقبول، والأقرب إلى مفاد أدلّة الأصول العمليّة، بعد الملاحظات والمؤاخذات على الأقوال السابقة المتقدّمة.


 


الكلام في النحو الثاني (معارضة الاستصحاب لاستصحاب آخر) وحاصله:


اتّفقت كلمات الأصوليّين في تقديم الأصل السببيّ على الأصل المسبّبيّ (+)، وإنّما الكلام في وجه تقديمه عليه في كونه للورود، أو الحكومة، أو التخصيص بعد الفراغ عن كون كلٌّ من السبب والمسبّب مورداً للاستصحاب ومشمولاً لعموم ما دلّ على حرمة نقض اليقين بالشكِّ.


وقبل بيان الأقوال في المسألة لابدَّ من بيان المراد من الأصل السببيّ والمسبّبيّ ليتّضح المقصود من البحث هنا.


ونذكر له مثالاً نتعرّف من خلاله على معناهما: فإذا كان لدينا ماءٌ معلوم الطهارة في الزمان السابق ثمَّ شككنا في بقاء الطهارة في الزمان اللاحق، وبعدها غسلنا به ثوباً معلوم النجاسة، فسوف يحصل عندنا شكٌّ في حصول الطهارة للثوب ؛ لاحتمال كون الماء الذي غسلنا به الثوب نجساً.


 وفي هذه الحالة يجري استصحابان متعارضان:


1 – استصحاب الطهارة في الماء، وهو يقتضي حصول الطهارة للثوب. ويسمّى بـ (الاستصحاب السببيّ).


2 – استصحاب النجاسة في الثوب. ويسمّى بـ (الاستصحاب المسبّبيّ).


ووجه التسمية واضحٌ ؛ فإنَّ الشكَّ في طهارة الماء بما أنّه سببٌ للشكِّ في نجاسة الثوب فالاستصحاب الجاري في طهارة الماء يكون استصحاباً سببيّاً، وبما أنَّ الشكَّ في نجاسة الثوب مسبَّبٌ عن الشكِّ في طهارة الماء فالاستصحاب الجاري في نجاسة الثوب يكون استصحاباً مسبّبيّاً ([73]).


والأقوال في المقام عديدة منها:


1 – ما تبنّاه المشهور من أنَّ الاستصحاب السببيّ مقدّمٌ على الاستصحاب المسبّبيّ بالحكومة، فيجري استصحاب طهارة الماء وتثبت بذلك طهارته، ومن ثَمَّ طهارة الثوب بلا معارضة باستصحاب نجاسة الثوب.


فبجريان استصحاب طهارة الماء يحصل:


·       العلم التعبّديّ بطهارة الماء.


·       العلم بجميع آثار طهارة الماء، والتي منها طهارة المغسول به – وهو الثوب –.


وبذلك يزول الشكّ في نجاسة الثوب – الذي هو موضوع الاستصحاب المسبّبيّ –، ويحصل العلم التعبّديّ بالطهارة. فلا يبقى موضوعٌ للأصل المسبّبيّ ([74]).


فالنتيجة: أنَّ الأصل (الاستصحاب) السببيّ مقدّمٌ على الأصل (الاستصحاب) المسبّبيّ للحكومة، وأنَّ الأصل السببي يرفع موضوع الأصل المسبّبيّ تعبّداً.


تعقيب ومناقشة


يبدو أنَّ هذا القول قابلٌ للمناقشة ؛ إذ أنَّ تماميّته تتوقّف على أنَّ المستفاد من دليل الاستصحاب كصحيحة زرارة الأولى: ((.. لا تنقض اليقين أبداً بالشكِّ..)) ([75])، كون الاستصحاب بمنزلة القطع الموضوعيّ ليكون حاكماً وناظراً لموضوع بقيّة الأصول.


وأمّا إذا كان المستفاد من دليل الاستصحاب كونه بمنزلة القطع الطريقيّ، وأنَّه لا يستفاد منه أكثر من تنزيل الاستصحاب منزلة القطع الطريقيّ في المنجّزيّة والمعذّريّة – كما تقدّم تفصيله آنفاً – فلا يصحّ الاستدلال المذكور.


والظاهر أنّه بالنحو الثاني (أي بمنزلة القطع الطريقيّ) لا القطع الموضوعيّ كما تقدّم آنفاً في النحو الأوّل.


2 – ما تبنّاه السيّد محمّد باقر الصدر ([76])، وظاهر كلٍّ من الشيخ عبد النبيّ النجفيّ العراقيّ (ت 1385 هـ) ([77])، والسيّد روح الله الخمينيّ (ت 1409 هـ) ([78])، والشيخ حسين عليّ المنتظريّ (ت 1410 هـ) ([79])، من أنَّ النكتة الصحيحة في تقدّم الأصل السببيّ على المسبّبيّ هي أنَّ الأصل السببيّ يعالج – أي يثبت أو يرفع – موضوع الأصل المسبّبيّ، والمرتكز في ذهن العقلاء والعرف " أنَّ كلَّ أصل يعالج موضوع الأصل الآخر فهو مقدّمٌ عليه ولا تحصل المعارضة بينهما ".


مثال ذلك: إذا شكَّ في مجيء زيد من جهة الشكِّ في حياته، فالعرف يجري استصحاب الحياة ويحكم ببقائه حيّاً ومن ثَمَّ يحكم بمجيئه، بدون أنْ يُعارض ذلك باستصحاب عدم المجيء ؛ إذ أنَّ أخبار الاستصحاب ناظرةٌ إلى المرتكزات العرفيّة، ويكون المستفاد منها جريان الأصل السببيّ دون الأصل المسبّبيّ ([80]).


وفي ضوء ما تقدّم يبدو أنَّ الرأي الثاني هو الأحرى بالقبول ؛ فإنَّ نفس كون أحد الأصلين يعالج موضوع الأصل الآخر يستلزم أنْ يكون بمثابة النكتة العرفيّة لتقدّمه قبل أنْ تصل النوبة إلى كون أحد الأصلين (وهو الأصل السببيّ) ملغياً للشكِّ المأخوذ في موضوع الأصل الآخر (وهو الأصل المسبّبيّ).


 


الكلام في النحو الثالث (معارضة البراءة مع الاحتياط) وحاصله: أمّا معارضة البراءة العقليّة مع الاحتياط الشرعيّ فلا إشكال في تقدّم الثاني (أي الاحتياط الشرعيّ) على الأوّل (البراءة العقليّة) للورود ؛ فإنَّ ما دلّ على وجوب الاحتياط كما ورد عن الإمام أبي الحسن الرضا (A) أنّه قال: ((إنَّ أمير المؤمنين A قال لكميل بن زياد: أخوك لدينك، فاحتط لدينك ما شئت)) ([81])، ونحوه من أخبار الاحتياط يكون رافعاً لموضوع البراءة العقليّة وهو عدم البيان ؛ فإنّه كافٍ في البيانيّة على التكليف المحتمل. هذا بالنسبة إلى معارضة البراءة العقليّة مع الاحتياط.


وأمّا معارضة البراءة الشرعيّة مع الاحتياط فالمعروف تقدّم البراءة على الاحتياط لوجهين:


الأوّل: إنَّ أخبار البراءة أخصّ موضوعاً من أخبار الاحتياط (أي لأخصّيّة أخبار البراءة من أخبار الاحتياط).


بتقريب: إنَّ ما دلَّ على البراءة – من حديث الرفع ([82])، وحديث الحلِّ ([83])، وحديث السعة ([84]) – إنّما يختصّ بالشبهات بعد الفحص، دون الشبهات قبل الفحص ؛ إذ لا خلاف بلزوم ووجوب الاحتياط فيها.


وأمّا ما دلّ على وجوب الاحتياط كقوله (A): ((.. فعليكم بالاحتياط..)) ([85])، وقوله (A): ((.. فاحتط لدينك..)) ([86])، فيدلّ على وجوب الاحتياط مطلقاً، قبل الفحص وبعده . وعليه فيكون ما دلَّ الاحتياط عامّاً، وما دلَّ على البراءة خاصّاً. وحينئذٍ يجب تخصيص العامّ (أي أدلّة الاحتياط) بالخاصّ (أي أدلةّ البراءة).


الثاني: إنَّ أخبار الاحتياط ظاهرةٌ في وجوب الاحتياط ؛ لأنّها مستفادةٌ من صيغة الأمر بالاحتياط الظاهرة في الوجوب. وأمّا أخبار البراءة فهي على قسمين:


1 – منها ما كان أظهر من أخبار الاحتياط كحديث الرفع وحديث السعة.


2 – ومنها ما كان نصّاً في الدلالة على الحلّيّة – كحديث الحلِّ –.


ومن المعلوم أنَّ النصَّ والأظهر مقدّمٌ على الظاهر ([87]).


فالنتيجة: أنَّ الاحتياط يتقدّم على البراءة العقليّة ؛ للورود، بينما تتقدّم البراءة الشرعيّة على الاحتياط ؛ للنصّيّة والأخصّيّة.


المطلب السادس: أقسام الأصول العمليّة


قسّم المشهور الأصول العمليّة إلى أقسام أربعة:


1 – أصالة البراءة العقليّة والنقليّة (الشرعيّة).


2 – أصالة الاشتغال والاحتياط العقليّ والنقليّ.


3 – أصالة التخيير العقليّ والنقليّ.


4 – الاستصحاب ([88]).


وتقدّم – في المطلب الأوّل – أنَّ مورد جريان الأصول العمليّة هو الشكِّ في التكليف. وهنا صورتان:


الأولى: أنْ يكون الشكُّ في التكليف مسبوقاً بحالة سابقة متيقّنة، وقد اعتبرها ولاحظها الشارع المقدّس. وهو مورد لقاعدة الاستصحاب ([89]).


الثانية: أنْ لا يكون الشكُّ في التكليف مسبوقاً بحالة متيقّنة سابقة، فهو مورد الأصول العمليّة الأخرى (البراءة والاحتياط والتخيير).


وللصورة الثانية حالتان:


1 – أنْ يكون الشكُّ في التكليف غير مقرون بالعلم الإجماليّ، المعبّر عنه بـ (الشكّ البدويّ)، أو (الشكُّ في أصل التكليف)، كالشكِّ في حرمة التدخين. وهذا مورد أصالة البراءة.


2 – أنْ يكون الشكُّ في التكليف مقروناً بالعلم الإجماليّ (أي الشكُّ في المكلّف به). وهذه الحالة لها نحوان:


الأوّل: أنْ لا يتمكّن المكلّف من الاحتياط، كما في دوران الأمر بين الوجوب والحرمة (دوران الأمر بين المحذورين). وفي هذا النحو تجري أصالة التخيير بينهما.


الثاني: أنْ يتمكّن المكلّف من الاحتياط. وفي هذا النحو موردان:


·       أنْ يكون متعلّق التكليف مردّداً بين المتباينين، كما لو فرض العلم بثبوت وجوب الصلاة يوم الجمعة وشكَّ في تعلّقه بصلاة الظهر أو الجمعة. وهذا المورد يسمّى بـ (دوران الأمر بين المتباينين في الشبهة المحصورة) ؛ فإنَّ صلاة الظهر تباين صلاة الجمعة. والمعروف بين الأصوليّين جريان الاحتياط في هذا المورد ([90]).


·       أنْ يكون متعلّق التكليف مردّداً بين الأقلّ والأكثر، كما لو علم بوجوب صلاة الصبح – مثلاً – وشكَّ في أنَّ أجزائها عشرة – بحيث تكون السورة جزءً أيضاً – أو تسعة من غير السورة، فأصل الوجوب معلومٌ ولكن لا يُعلم تعلّقه بعشرة أو تسعة. وهذا المورد يسمّى بـ (دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر) ؛ فإنَّ صلاة الصبح مع السورة تكون أكثر منها بدون السورة، وأنَّ نسبة التسعة إلى العشرة نسبة الأقلّ إلى الأكثر.


وهذا المورد على نوعين:


1 – الأقلّ والأكثر الاستقلاليّان. كما لو علم أنَّ ذمّته مشغولة بقضاء أيّام من شهر رمضان، وشكَّ – مثلاً – في أنّها ثلاثة أو أربعة أيّام. ولا خلاف بين الأصوليّين في انحلال العلم الإجماليّ فيهما، وجريان البراءة عن الزائد، ولا يلزمه إتيان الزائد المشكوك ([91])، ولا يجب عليه صيام اليوم الرابع في المثال المذكور.


2     – الأقلّ والأكثر الارتباطيّان.


ويكون على أقسام ثلاثة:


الأوّل: الشكُّ في الجزئيّة، كما في مثال صلاة الصبح المتقدّم المردّدة بين تسعة أو عشرة أجزاء.


واختلف الأعلام في الزائد (الجزء العاشر المشكوك) في جريان البراءة أو الاحتياط على قولين، والمشهور جريان البراءة ([92]).


الثاني: الشكُّ في الشرطيّة، كالشكُّ في أنَّ الطمأنينة هل هي شرطٌ في الصلاة أو لا ؟ فعلى تقدير كونها شرطاً صارت الصلاة مكوّنةً من عشرة – مثلاً –، بينما لو لم تكن شرطاً صارت الصلاة مكوّنةً من تسعة.


والمشهور جريان البراءة في هذا القسم أيضاً، خلافاً للمحقّق العراقيّ القائل بالتفصيل بين بعض الشروط فتجري البراءة لنفيه، وبين الشروط الأخرى فلا تجري البراءة لنفيه.


بتقريب: إنَّ الشروط على نحوين:


·        ففي بعض الشروط لو فرض أنَّ المكلّف أتى بالتكليف فاقداً للشرط أو أراد أنْ يأتي به لم يقع منه لغواً رأساً بل لزمه تكميله. مثال ذلك: الإيمان بالنسبة إلى الرقبة، فإنّه لو كان شرطاً وفُرض أنَّ المكلّف أراد عتق الرقبة الكافرة، لم يقع عتقه لغواً بل يقال له: " حاول جعلها مؤمنة ثمَّ اعتقها ".


·       وفي بعضها الآخر لو أتى المكلّف بفاقد الشرط وقع منه لغواً رأساً.


مثاله: لو قيل له: " أطعم الفقير الهاشميّ "، فلو فرض أنَّ المكلّف أطعم أو أراد أنْ يطعم الفقير غير الهاشميّ فلا يقال له: " يلزمك تكميل ما أتيت به بجعل الفقير غير الهاشميّ هاشميّاً ؛ فإنَّ هذا غير ممكن، ويقع ما أتى به أو أراد الإتيان به – من إطعام غير الهاشميّ – لغواً رأساً.


ثمَّ استطرد القول: بأنَّ الشرط إنْ كان من النحو الأوّل جرت البراءة لنفي وجوب التكميل، وأمّا لو كان من قبيل النحو الثاني لم تجر البراءة لنفيه ([93]).


تعقيب ومناقشة


يبدو أنَّ هذا التفصيل قابلٌ للمناقشة ؛ إذ أنَّ المحقّق العراقيّ لاحظ عالم الخارج والتطبيق فأشار إلى الرقبة الكافرة خارجاً وقال: " إنَّ هذه واجدةٌ لطبيعيّ العتق المطلوب، ويُشكُّ في وجوب تكميلها بالإيمان ".


وفي المثال الآخر كان يشير إلى الفقير غير الهاشميّ ويقول: " إنَّ إطعام هذا واجدٌ لطبيعيّ الإطعام المطلوب، والتكميل بالهاشميّة لا يحتمل وجوبه حتّى يُنفى بالبراءة ".


ولكن الصحيح ملاحظة عالم جعل الوجوب والعهدة، وبملاحظة هذا العالم يكون الشكُّ في كلا النحوين شكّاً في أصل التكليف فيُنفى بالبراءة ؛ فإنَّ الوجوب ممّا يجزم بجعله على طبيعيّ العتق وطبيعيّ إطعام الفقير، والتقييد بالإيمان والهاشميّة ممّا يُشكّ في جعل الوجوب عليه فيُنفى بالبراءة.


وعليه فالرأي الأوّل (أي جريان البراءة) الذي قال به المشهور هو الأحرى بالقبول.


الثالث: دوران الأمر بين التعيين والتخيير، وهو على ضربين:


·       دوران الأمر بين التعيين والتخيير العقليّ. والحاكم بالتخيير فيه العقل، كما لو قال المولى: " أعتق رقبة "، كان للرقبة أفرادٌ ومصاديقٌ متعدّدة، ولم يحدّد المولى مصداقاً معيّناً منها، فالتخيير بينها عقليٌّ ؛ إذ العقل يحكم بالتخيير بين تلك المصاديق، ويقول: " ما دام المولى لم يحدّد مصداقاً معيّناً منها فأنت بالخيار في اختيار أيّ فرد شئت ". والمعروف جريان البراءة في هذا النوع ([94]).


·       دوران الأمر بين التعيين والتخيير الشرعيّ. والحاكم بالتخيير فيه الشارع، كما في خصال كفّارة الإفطار في شهر رمضان ؛ فإنَّ الحاكم بالتخيير بين الإطعام والعتق والصيام هو الشارع. وفيه قولان:


1 – ما تبنّاه كلٌّ من الآخوند الخراسانيّ ([95])، والمحقَّقين النائينيّ ([96]) والعراقيّ ([97])، وآخرين من لزوم الاحتياط في المورد.


2 – ما اختاره كلٌّ من السيّد الخوئيّ ([98])، والسيّد محمّد باقر الصدر ([99])، وآخرين من جريان البراءة في المقام. وقوّى السيّد الخوئيّ أنَّ التخيير الشرعيّ لا يختلف عن التخيير العقليّ بل هو هو، فكما تجري البراءة في التخيير العقليّ كذلك تجري البراءة في التخيير الشرعيّ.


وفي ضوء جميع ما تقدّم فإنَّ في المقام تفصيلاً حاصله:


إنّ المكلّف بالقياس إلى واقعة معيّنة:


1 – إمّا أنْ يكون غافلاً صرفاً.


2 – أو يكون ملتفتاً إليها طالباً لمعرفة حكمها.


والأوّل خارجٌ عن موضوع البحث ؛ فإنَّ المكلّف بالقياس إلى الواقعة المغفول عنها بقاعدة (قبح تكليف الغافل) لا تكليف عليه في تلك الواقعة.


والثاني بعد استفراغ الوسع والفحص:


أ – إمّا أنْ يحصل له القطع بحكم الواقعة.


ب – أو يحصل له الظنّ به.


ج – أو لا يحصل شيء منهما بل يبقى على شكّه ويستقرّ له ذلك الشكّ.


والأوّل خارج عن محلِّ البحث ؛ لأنّ وظيفته حينئذٍ إتّباع قطعه.


والثاني هو موضوع حجّيّة الظنّ – أي الأمارات – الذي عُقد له بابٌ على حدة.


والثالث مجرى الأصل العمليّ، وحينئذٍ:


·        فإمّا أنْ يكون الشكّ المفروض له بحيث يلاحظ معه حالة سابقة. وهو مجرى الاستصحاب.


·       أو لم يلحظ معه حالة سابقة. وهو:


* إمّا لا يمكن فيها الاحتياط ؛ لدوران الأمر بين المحذورين ؛ لشبهة موضوعيّة أو حكميّة.


وهو مجرى أصالة التخيير.


** أو يكون الواقعة بحيث يمكن فيها الاحتياط. وهو:


+ إمّا أنْ يكون الشكُّ في التكليف. وهو مجرى أصل البراءة.


++ أو يكون الشكُّ في المكلّف به الّذي لا يؤول إلى الشكّ في التكليف.


وهو مجرى أصالة الاشتغال ([100]).


فتلخّص ممّا سبق:


1 – أنَّ للاستصحاب شرطاً واحداً وهو:


ملاحظة الحالة السابقة فيه، سواء كان الشكُّ في التكليف أم المكلَّف به.


2 – وأنَّ للبراءة شرطين، وهما:


أ – عدم ملاحظة الحالة السّابقة فيها.


ب – كون الشكّ فيها في أصل التكليف.


3 – وأنَّ للتّخيير شروطاً ثلاثة:


أ – عدم ملاحظة الحالة السّابقة فيه.


ب – كون الشكّ فيه في المكلّف به.


ج – عدم إمكان الاحتياط فيه.


4 – وأنَّ للاحتياط أيضاً شروطاً ثلاثة أيضاً:


أ – عدم ملاحظة الحالة السّابقة فيه.


ب – كون الشّكّ فيه في المكلَّف به.


ج – إمكان الاحتياط فيه.


وهذه الشروط شروطٌ لتمييز موارد الأصول إجمالاُ وإلاَّ فإنَّ لها شروطاً أخرى مقرّرة في محلَّها ([101]).


حصر الأصول العمليّة بالأربعة


ذهب الشيخ الأنصاريّ([102]) تبعاً إلى المشهور إلى حصر الأصول العمليّة بأربعة، وهي البراءة والاحتياط والتخيير والاستصحاب، ووافقه عليه أكثر مَنْ تأخّر عنه ([103]).


والظاهر أنّ الَّذي يطَّلع على تاريخ المسألة يعرف النكتة في الاقتصار على هذه الأصول الأربعة في تاريخ علم الأصول، فإنّ فكرة الأصل العمليّ لم تنشأ بهذا النحو الكامل منذ وجد علم الأصول، وإنّما الأصول العمليّة نشأت شُعبة من شُعب الأدلَّة العقليّة، وفقهاء الإماميّة الذين كانوا يتمسّكون بالأصل العمليّ كانوا يتمسّكون بالأصول العمليّة العقليّة، ويعتبرونها من الأدلَّة العقليّة، حتى أنّ الاستصحاب كانوا يحكمون بحجّيّته من باب العقل، ولم يذكر أحدٌ منهم الاستدلال بالأخبار على حجّيّة الاستصحاب إلاَّ المتأخّرون، وأوّل مَنْ ذكر الاستدلال بها على ذلك الشيخ حسين بن عبد الصمد والد الشيخ البهائي (ت 984 هـ).


بل إنَّ البراءة أُلحقت بالاستصحاب؛ لأنَّ الحالة الأصليّة براءة الذمّة قبل الشرع، وهي تثبت بالاستصحاب، وسمّوه بـ (استصحاب حال العقل)، ووصفوه بـ (الدليل العقليّ القطعيّ)، مع أنّه ليس دليلاً على الحكم فضلاً عن كونه قطعيّاً، نعم يُقطع ببراءة وتفريغ الذمّة به ([104]).


فالعقل في نظرهم تارة يستقلّ:


·       بالبراءة.


·       وأخرى بالاحتياط.


·       وثالثة بالتخيير.


·       ورابعة بالاستصحاب.


وحتى حينما حقّقت فكرة الأصل العمليّ وميّز ما بينها وبين فكرة الأمارة على يد الشيخ الوحيد البهبهانيّ بقي أيضاً تصنيف علم الأصول بهذا النحو، وكانت تذكر الأصول الأربعة تحت عنوان الدليل العقليّ.


وأوّل مَنْ غيّر تصنيف الأصول العمليّة وأقامه على أساس هذه الفكرة الجديدة للأصل العمليّ هو الشيخ الأنصاريّ.


ولمّا غيّر التصنيف لم يكثّر في العدد، بل اتّبع نفس طريقتهم، فالاقتصار على هذه الأربعة مرتبطٌ بتأريخ المسألة، وتطوّر الفكر العمليّ للمسألة، وغير مربوط بنكتة من النكات الدقيقة لنبحث عنها إلى أنْ نكتشفها ([105]).


وبعبارة أخرى: إنَّ التصنيف المتّبع الآن في الأصول العمليّة وليد الفترة المتأخّرة ؛ (فإنَّ تشييد الوحيد البهبهانيّ ومَنْ لحقه لنظريات كبرى في مسألة الأصل العمليّ، وتحليله، والعلاقة بينه وبين الأمارة، أدّى في خاتمة المطاف إلى ظهور فرز جديد لهذا العلم على يد الشيخ الأنصاريّ مع ما صارت تستدعيه طبيعة ومستوى الموضوعات) ([106]).


قاعدة الطهارة


وقع خلافٌ بين الأصوليّين في عدّ قاعدة الطهارة أصوليّة أو فقهيّة (خارجة عن علم الأصول). وفي المسألة قولان:


الأوّل: ما تبنّاه كلٌّ من الآخوند الخراسانيّ ([107])، والسيّد الخوئيّ ([108])، والسيّد محمّد باقر الصدر ([109])، وآخرين إلى أنّها خارجةٌ عن علم الأصول.


بتقريب: إنَّ قاعدة الطهارة بما أنّها مسلّمةٌ لدى الكلّ، ولا نزاع ولا خلاف فيها بين الأعلام حتّى الإخباريّين منهم، فلذلك لا تكون من المسائل الأصوليّة ؛ لعدم النزاع فيها كبرويّاً، والمفروض في المسألة الأصوليّة وجود الخلاف فيها، ولو في الجملة (إجمالاً) ([110]).


وبعبارة أخرى: إنَّ أيَّ مسألة تكون مسلّمةً وواضحةً عند الأصوليّين فلا حاجة لذكرها في مباحث علم الأصول، كما في قاعدة الطهارة ومسألة حجّيّة الظواهر الذي لا خلاف في حجّيّتها عند الجميع ([111]).


فالنتيجة: أنَّ أصالة الطهارة معناها بحسب الروح أصالة حلَّيّة خصوص الأكل والشرب، وجواز الوضوء والصلاة مثلاً، وهذا يعني أنّها ليست من قبيل دلالة الأمر على الوجوب عنصراً مشتركاً، بل تختصّ ببعض المواد دون بعض ([112]).


الثاني: أنّها مسألة أصوليّة. وصرّح بذلك الشيخ محمّد إسحاق الفيّاض (معاصر) ([113])، وظاهر كلٍّ من السيّد مصطفى الخمينيّ (ت 1398 هـ) ([114])، وميرزا هاشم الآملي (ت 1412 هـ) ([115])، وآخرين.


بتقريب: إنَّ ضابط القاعدة الأصوليّة وقوعها الحدّ الأوسط في مقام عمليّة الاستنباط لإثبات الجعل الشرعيّ الكلّيّ أو الجزئيّ. وعليه فكلُّ مسألة توفّر فيها هذا الضابط تكون أصوليّة، والمفروض وقوع قاعدة الطهارة كذلك ؛ إذ لا شبهة في أنّها قاعدةٌ كلّيّةٌ تنطبق على مصاديقها وعناصرها في الفقه، غاية الأمر أنَّ عناصرها محصورةٌ في باب واحد وهو الطهارة، وهذا الحصر لا يضرّ بكلّيّة هذه القاعدة ([116]).


ويبدو أنَّ القول الثاني أحرى بالقبول، وأنّ قاعدة الطهارة أصوليّة لا فقهيّة ؛ فإنَّ كون المسألة مسلّمةً عند الكلِّ لا يقتضي خروجها عن علم الأصول، مضافاً إلى ما يقال من أنّها غير مسلّمة الجريان عند الكلِّ.


فتحصّل من جميع ما تقدّم أنَّ الأصول العمليّة على قسمين:


الأوّل: ما يختصّ جريانه بباب دون باب آخر، نظير:


أ – أصالة الطهارة المختصّة بباب الطهارة والنجاسة.


ب – أصالة الحلّيّة المختصّة بباب الشكِّ في خصوص الحلال والحرام.


 


الثاني: ما يجري في الأبواب الفقهيّة كافّة، وهو حسب استقراء الأعلام أربعة:


أ – البراءة.                  ب – التخيير.                ج – الاشتغال (الاحتياط).            د – الاستصحاب.


المطلب السابع: أهمّيّة تنبيهات الأصول العمليّة.


دأب الأصوليّون – بعد الفراغ من بحث الأصول العمليّة – على ذكر تنبيهات، واشتهرت عندهم باسم (تنبيهات الأصول العمليّة) ([117])،


وأطلق عليها السيّد محمّد باقر الصدر بـ (تطبيقات الأصول العمليّة) ([118]).


فصار لها شأنٌ كبير عند الأصوليّين، وأضحت موضع عنايتهم ؛ لما لأكثرها من الفوائد الكبيرة في الفقه، ولما لها من المباحث الدقيقة الأصوليّة ([119])، وغدت من أهمّ المباحث التي تشغل بال الأصوليين من جهة توقّف عمليّة استنباط الحكم الشرعيّ على كثير منها.


وتجدر الإشارة إلى أنَّ الأصوليّين في بحثهم للأصول العمليّة يقسّموه إلى أقسام ثلاثة:


الأوّل: أدلّة الأصل العملي وسعة مدلوله.


الثاني: أركان الأصل العمليّ وشروطه العامّة ما يناسب ذلك.


الثالث: تنبيهات الأصل العمليّ.


ويعدّ البحث الثالث (أي: تنبيهات الأصل العمليّ) من أهمّ هذه المباحث، وقد وصفت التنبيهات بأنّها زينة الأصول العمليّة.


وعدَّ بعض الأعلام تنبيهات الأصول العمليّة أنّها تتضمّن مطالب هامّة لا يسع الباحث في علم الفقه الراغب في الوصول إلى الحكم الشرعي إهمالها والغضّ عنها ([120]) ؛ كون الاستنباط يتوقّف على جلّها لولا كلّها.


ويعدّ الشيخ الأنصاريّ رائداً – بل ومجدّداً – لكثير من أبحاث علم الأصول العمليّة – كما تقدّم في المقدّمة والمطلب السابق –، وخصوصاً مباحث تنبيهات الأصول العمليّة، وغدت أبحاثه ومطالبه مثار البحث لعامّة الأصوليّين ممّنْ تأخّر عنه ([121])، فلا يخلو مؤلَّف في علم الأصول إلاَّ ويسلّط الضوء على هذه التنبيهات ؛ لحاجة الفقيه لها في مجال معرفة واستنباط كثير من الأحكام الشرعيّة.


وتعدّ تنبيهات الاستصحاب الأوسع فيها، وربّما عُدّ تنبيه الأصل المثبت الأبرز فيها، والأكثر دقّة، مضافاً للتنبيهات الأخرى كاستصحاب عدم النسخ، والاستصحاب التعليقيّ، واستصحاب الكلّيّ، ونحو ذلك كما سيأتي الكلام فيها مفصّلاً في الفصلين الثالث والرابع .



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

) [1]) ظ الكاظميّ، محمّد عليّ: فوائد الأصول (تقريرات بحث النائينيّ)، مؤسسة النشر الإسلاميّ، قم، 1414 هـ، 3 / 328 .


) [2]) ظ الخراسانيّ، محمّد كاظم: كفاية الأصول، تحقيق وتعليق: عبّاس الزارعي ، ط الأولى، قم، نشر جماعة المدرّسين، 1426 هـ، 3 / 7. ظ الشهرضائيّ، محمّد عليّ الإسماعيل بور: مجمع الأفكار ومطرح الأنظار (تقرير بحث ميرزا هاشم الآملي)، 3 / 234.


) [3]) ظ القدسي، الشيخ أحمد: أنوار الأصول (تقرير بحث الشيخ ناصر مكارم الشيرازي)، ط الثالثة، دار نشر الإمام عليّ بن أبي طالب (A)، مطبعة سليمان زاده، قم، 1432 هـ، 3 / 9.


) [4]) ظ الحكيم، السيّد محمّد سعيد: المحكم في أصول الفقه، ط الأولى، مؤسسة المنار، مطبعة جاويد، 1414 هـ، 4 / 9. ظ الكافي في أصول الفقه، ط الثانية، مطبعة ستارة، قم، 1422 هـ، 2 / 166.


) [5]) ظ الغنّاميّ، سعد: شرح الحلقة الأولى (تقرير دروس كمال الحيدريّ)، دار المرتضى للطباعة ، بيروت، 1432 هـ، ص 287.


) [6]) ظ الأصفهانيّ، محمّد حسين: نهاية الدراية في شرح الكفاية، مطبعة سيّد الشهداء (A)، قم، 1374 هـ.ش، 2 / 512.


) [7]) ظ الإيروانيّ، الشيخ باقر: الحلقة الثالثة في أسلوبها الثاني، ط الأولى، الناشر: المحبّين للطباعة والنشر، مطبعة قلم، قم، 3 / 9.


) [8]) للتفصيل ينظر: السبزواريّ: وسيلة الوصول إلى حقائق الأصول (تقرير بحث السيّد الأصفهانيّ)، مؤسسة النشر الإسلاميّ،   ط الأولى، قم، 1419 هـ، ص 567. آل الشيخ راضي، الشيخ محمّد طاهر: بداية الوصول في شرح كفاية الأصول، تصحيح محمّد البكّاء، نشر: أسرة آل شيخ راضي، مطبعة ستاره، 1425 هـ، 6 / 283 – 284. المظفّر، الشيخ محمّد رضا: أصول الفقه، تح عباس عليّ الزارعي السبزواريّ، ط الثانية، مؤسسة بوستان كتاب، مطبعة مكتب الإعلام الإسلاميّ، 1424 هـ، ص 597 – 598.


) [9]) ظ الموسويّ، عليّ عبّاس: فقه المسائل المستحدثة، ط الأولى، مركز العلوم والثقافة الإسلاميّة، مطبعة الباقريّ، قم، 1430 هـ، ص 119. ظ الفريجيّ، جبار: المخصّص المجمل وأثره في التمسّك بالعامّ ، ط الأولى، النجف الأشرف، 2013 م، ص 73.


) [10]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: المسائل الطبّيّة، ص 145.


) [11]) ظ السبّحانيّ، جعفر: الوسيط في أصول الفقه، ط الأولى، دار جواد الأئمّة (A) للطباعة ، بيروت، 1432 هـ، 2 / 94.              ظ الموجز في أصول الفقه، ط الأولى، دار جواد الأئمّة (A) للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، 1432 هـ، ص 178.


(+) وهي مصادر التشريع الأربعة عند الإماميّة: الكتاب العزيز، وسنّة المعصوم (A)، والإجماع، والعقل.


(+ +) بناءً على التساقط بين المتعارضين المتساويين في المزايا، لا التخيير بينهما.


) [12]) ظ الحكيم، السيّد محسن: حقائق الأصول، ط الخامسة، قم، مطبعة الغدير، 1408 هـ، 2 / 221 – 222.


) [13]) ظ البجنورديّ، السيّد حسن بن الموسويّ: منتهى الأصول، 2 / 160 و 375. ظ الهاشميّ ، السيّد محمود: بحوث في علم الأصول (تقرير بحث محمّد باقر الصدر)، ط الثالثة، مؤسسة دائرة المعارف الفقه الإسلاميّ، مطبعة محمّد، 1426 هـ، 1 / 21.


) [14]) ظ الصدر، السيّد محمّد باقر: المعالم الجديدة للأصول، ط الثانية، طهران ، إصدار مكتبة النجاح، 1375 هـ، ص 94 – 95.             ظ الجواهريّ، الشيخ حسن: بحوث في الفقه المعاصر، ط الأولى، مجمع الذخائر الإسلاميّة، مطبعة معراج، قم، 1422 هـ، 3 / 342.


) [15]) ظ الموسويّ، السيّد عليّ عبّاس: فقه المسائل المستحدثة، ص 119.


) [16]) ظ الخوئيّ، أبو القاسم: أجود التقريرات (تقريرات بحث النائينيّ)، ط الثانية، مطبعة أهل البيت ، قم، 1410 هـ، 2 / 211.


) [17]) الحرّ العامليّ، الشيخ محمّد بن الحسن: وسائل الشيعة، المكتبة الإسلاميّة، طهران – إيران، 1403 هـ، 1 / 256.


) [18]) النوريّ، الميرزا حسين الطبرسيّ: مستدرك الوسائل، مؤسسة آل البيت (D) لإحياء التراث، بيروت، 1408 هـ، 2 / 583.


) [19]) البقرة: 43.


) [20]) ظ وحدة تأليف الكتب الدراسيّة: القواعد الفقهيّة، ط 1 ، المنظّمة العالميّة للحوْزات والمدارس الإسلاميّة، 1421 هـ، ص 16.


) [21]) ظ الفيّاض، محمّد إسحاق: محاضرات في أصول الفقه (تقرير بحث الخوئيّ)، دار الهادي للمطبوعات، قم، 1410 هـ، 1 / 13.


) [22]) ظ الخوئيّ، السيّد أبو القاسم: أجود التقريرات (تقريرات بحث المحقّق النائينيّ)، 2 / 211.


) [23]) ظ الخراسانيّ، الآخوند محمّد كاظم: كفاية الأصول، 1 / 26.


) [24]) ظ الأصفهانيّ، الشيخ محمّد حسين: نهاية الدراية في شرح الكفاية، 2 / 406.


) [25]) ظ البجنورديّ، السيّد حسن بن عليّ أصغر الموسويّ: منتهى الأصول، 2 / 375 – 376.


) [26]) ظ الهاشميّ الشاهروديّ، السيّد محمود: بحوث في علم الأصول (تقرير بحث السيّد محمّد باقر الصدر)، 1 / 34.


) [27]) ظ آل الشيخ راضي، الشيخ محمّد طاهر: بداية الوصول في شرح كفاية الأصول، 6 / 284 – 285.


) [28]) ظ المظفّر، الشيخ محمّد رضا: أصول الفقه، ص 597 – 598.


) [29]) ظ الهاشميّ، السيّد محمود: بحوث في علم الأصول (تقرير بحث السيّد محمّد باقر الصدر)، 1 / 21.


) [30]) ظ الصدر، السيّد محمّد باقر: دروس في علم الأصول، ط الثانية، بيروت، دار الكتاب اللبنانيّ، 1406 هـ، 1 / 115.


) [31]) ظ الصدر، السيّد محمّد باقر: المعالم الجديدة للأصول، ص 76 – 77.


) [32]) ظ الحائريّ، كاظم: مباحث الأصول (تقرير بحث محمّد باقر الصدر)، ط 1، مكتب الإعلام الإسلاميّ، قم، 1407 هـ، 3 / 19.


) [33]) ظ الهاشميّ، السيّد محمود: بحوث في علم الأصول (تقرير بحث السيّد محمّد باقر الصدر)، 5 / 9 – 10.


) [34]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: المباحث الأصوليّة، ط الأولى، مطبعة ظهور، قم، 1428 هـ، 9 / 6 – 7.


) [35]) ظ الطباطبائيّ، محمّد رضا: تنقيح الأصول (تقرير بحث العراقيّ)، المطبعة الحيدريّة، النجف الأشرف، 1371 هـ، ص 45.


) [36]) ظ الناصر، الشيخ غالب: تجديد المنهج في كفاية الأصول، مركز الهدى للدراسات الحوْزويّة، 1430 هـ، ص 16.


) [37]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: المسائل المستحدثة، منشورات العزيزيّ، بيروت، ص 7.


وتجدر الإشارة إلى أنَّ هذا القسم من الأحكام مشتركٌ بين المجتهد وغيره، ولا يرجع غير المجتهد في تلك الأحكام إليه ؛ لأنَّ الرجوع إلى المجتهد والتقليد منه إنّما هو الأحكام الفقهيّة النظريّة فقط، ولا موضوع للتقليد في الأحكام الضروريّة أو القطعيّة. نعم يلزم التقليد أو الاجتهاد في القسم الثاني (الأحكام الظاهرية – النظريّة).


) [38]) ظ الصدر، السيّد محمّد باقر: دروس في علم الأصول، 2 / 24.


) [39]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: المباحث الأصوليّة، 9 / 7 – 8.


) [40]) ظ الكاظميّ، الشيخ محمّد عليّ: فوائد الأصول (تقريرات بحث المحقّق النائينيّ)، 4 / 602 و 4 / 481 – 488. ظ الخوئيّ، السيّد أبو القاسم: أجود التقريرات (تقريرات بحث المحقّق النائينيّ)، 2 / 416.


) [41]) ظ البهسودي، محمّد سرور الواعظ: مصباح الأصول (تقرير بحث السيّد الخوئيّ)، المطبعة العلميّة، قم، 1417 هـ، 2 / 181.


(+) العلميّة والطريقيّة والكاشفيّة ألفاظٌ مترادفةٌ لمعنى واحد عند المحقّق النائينيّ .


) [42]) ظ الإيروانيّ، الشيخ باقر: الحلقة الثالثة في أسلوبها الثاني، 3 / 13.


) [43]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: المباحث الأصوليّة، 9 / 14.


) [44]) ظ الأنصاريّ، الشيخ مرتضى: فرائد الأصول، نشر مجمع الفكر الإسلاميّ، قم، 1419 هـ، 4 / 481.


) [45]) للتفصيل ينظر: الصدر، محمّد باقر: دروس في علم الأصول، 2 / 24 . الحائريّ، كاظم: مباحث الأصول (تقرير بحث محمّد باقر الصدر)، 3 / 25 – 29. الهاشميّ، محمود: بحوث في علم الأصول (تقرير بحث السيّد محمّد باقر الصدر)، 5 / 12 – 13.


) [46]) الأصول العامّة للفقه المقارن، ط الأولى، نشر ذوي القربى، مطبعة سليمان زاده، 1428 هـ، ص 436.


) [47]) ظ الخمينيّ، السيّد مصطفى: تحريرات في الأصول، ط الأولى، الناشر: مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخمينيّ، مطبعة مؤسسة العروج، 1418 هـ، 7 / 7.


) [48]) ظ الإيروانيّ، الشيخ باقر: الحلقة الثالثة في أسلوبها الثاني، 4 / 367.


) [49]) ظ فرائد الأصول، 4 / 13.


) [50]) ظ الكاظميّ، الشيخ محمّد عليّ: فوائد الأصول (تقريرات المحقّق النائينيّ)، 3 / 326 – 327 و 4 / 591 – 601.


) [51]) ظ مقالات الأصول، تح محسن العراقيّ و منذر الحكيم، ط الأولى، قم، الناشر: مجمع الفكر الإسلاميّ، مطبعة باقري، 1414 هـ، 2 / 142. ظ البروجرديّ، محمّد تقي: نهاية الأفكار (تقريرات العراقيّ)، مؤسسة النشر الإسلاميّ، قم، 1405 هـ، 3 / 196.


) [52]) ظ منتهى الأصول، 2 / 161 – 162 و 375.


) [53]) ظ حجّتيّ: حاشية على كفاية الأصول (تقرير بحث السيّد حسين البروجرديّ)، 2 / 261.


) [54]) ظ حقائق الأصول، 2 / 533.


) [55]) ظ البهسودي، السيّد محمّد سرور: مصباح الأصول (تقرير بحث الخوئيّ)، 3 / 254. ظ الصافي الأصفهانيّ، حسن: الهداية في الأصول (تقريرات بحث الخوئيّ)، مؤسسة صاحب الأمر (A)، قم، 1417 هـ، 3 / 209. ظ الهاشميّ، السيّد عليّ: دراسات في علم الأصول (تقرير بحث السيّد الخوئيّ)، مؤسسة دائرة المعارف في الفقه الإسلاميّ، قم، 1419 هـ، 2 / 307 و 3 / 172.


) [56]) ظ الأصول العامّة للفقه المقارن، ص 436.


(+) الحكومة: هي تقدّم أحد الدليلين على الآخر تقديم سيطرة وقهر من ناحية أدائيّة، ولذا سمّيت بـ (الحكومة). فيكون تقديم الدليل الحاكم على المحكوم ليس من ناحية السند ولا من ناحية الحجّيّة، بل هما على ما هما عليه من الحجّيّة بعد التقديم، أي أنّهما بحسب لسانهما وأدائهما لا يتكاذبان في مدلولهما، فلا يتعارضان.


ظ المظفّر، الشيخ محمّد رضا: أصول الفقه، ص 554.


) [57]) ظ السبّحانيّ، الشيخ جعفر: تهذيب الأصول (تقرير بحث السيّد الخمينيّ)، ط الثالثة، قم، انتشارات دار الفكر، مطبعة جاب قدس، 1367 هـ.ش، 2 / 205.


) [58]) ظ كفاية الأصول، 3 / 277 – 279.


(+ +) الورود: هو كون أحد الدليلين متضمّناً لخروج فردٍ عن موضوع دليل آخر حقيقةً بواسطة التعبّد الشرعيّ، بحيث لولا جريانه لكان المورود جارياً. ظ تعليقة المحقّق الشيخ عباس الزارعي السبزواريّ على كفاية الأصول، 3 / 277. ظ البروجرديّ، الشيخ محمّد تقي: نهاية الأفكار (تقريرات المحقّق العراقيّ)، 4 ق2 / 16. ظ الحكيم، السيّد محسن: حقائق الأصول، 2 / 532.


) [59]) ظ كفاية الأصول، 3 / 296.


) [60]) ظ دروس في علم الأصول، 3 / 240 – 242.


) [61]) ظ الكافي في أصول الفقه، 2 / 557 – 558.


) [62]) ظ الإيروانيّ، الشيخ باقر: الحلقة الثالثة في أسلوبها الثاني، 4 / 372 – 373. ظ الهاشميّ الشاهروديّ، السيّد محمود: بحوث في علم الأصول (تقرير بحث السيّد محمّد باقر الصدر)، 6 / 349 – 350.


) [63]) ظ الصدر، السيّد محمّد باقر: المعالم الجديدة للأصول، ص 191. ظ دروس في علم الأصول، 1 / 134.


) [64]) ظ الإيروانيّ، الشيخ باقر: الحلقة الثالثة في أسلوبها الثاني، 4 / 379. ظ السرّاج، عبّاس: دروس تمهيديّة في علم الأصول (شرح الحلقة الأولى)، دار البذرة للطباعة والنشر، مطبعة الكلمة الطيّبة، 1435 هـ، ص 40.


) [65]) الطوسيّ، الشيخ محمد بن الحسن: تهذيب الأحكام، مكتبة الصدوق، طهران – إيران، 1417 هـ، 1 / 7 – 8.


) [66]) ظ كفاية الأصول، 3 / 58 و 278 و 281.


وتجدر الإشارة إلى أنَّ الآخوند الخراسانيّ قد ذكر في مبحث التعادل والتراجيح ما ينافي قوله أعلاه ؛ إذ بنى على أنَّ تقدّم الاستصحاب على بقيّة الأصول العمليّة – ومنها البراءة – من باب الجمع العرفي لا الورود. ظ كفاية الأصول، 3 / 296 – 297.


) [67]) ظ درر الفوائد، مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلاميّ، طهران، 1410 هـ، ص 390.


) [68]) ظ الكاظميّ، الشيخ محمّد عليّ: فوائد الأصول (تقريرات بحث المحقّق النائينيّ)، 4 / 680.


) [69]) الطوسيّ، الشيخ محمّد بن الحسن: تهذيب الأحكام، 1 / 7 – 8.


) [70]) ظ البروجرديّ، الشيخ محمّد تقي: نهاية الأفكار (تقريرات المحقّق العراقيّ)، 4 ق 2 / 108 – 110.


) [71]) ظ دروس في علم الأصول، 1 / 426 و 3 / 243. ظ الإيروانيّ، لشيخ باقر: الحلقة الثالثة في أسلوبها الثاني، 4 / 380 – 381.


) [72]) ظ الكافي في أصول الفقه، 2 / 561.


(+) يُعدّ الشيخ مرتضى الأنصاريّ صاحب أوّل فكرة تقدّم الأصل السببيّ على المسبّبيّ، وتبعه على ذلك جميع مَنْ تأخّر عنه تقريباً.  ظ اللجنة العلميّة في مؤسسة الإمام الصادق (A): موسوعة طبقات الفقهاء (مقدّمة الشيخ جعفر السبّحانيّ)، ط الأولى، الناشر: مؤسسة الإمام الصادق (A)، مطبعة اعتماد، قم، 1418 هـ، 2 /435.


) [73]) للتفصيل ينظر: الحائريّ، الشيخ مرتضى: شرح العروة الوثقى، ط الأولى، مؤسسة النشر الإسلاميّ، قم، 1425 هـ، 1 / 379. الخمينيّ، السيّد روح الله: الرسائل، مؤسسة اسماعليان، قم، 1368 هـ.ش، 1 / 171. كتاب البيع، ط الأولى، مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخمينيّ، طهران – إيران، 1421 هـ، 4 / 39. الخوئيّ، السيّد أبو القاسم: كتاب الطهارة، ط الثانية، مؤسسة آل البيت (D) للطباعة والنشر، قم، 1 / 418. التبريزيّ، الميرزا جواد: تنقيح مباني العروة (كتاب الاجتهاد والتقليد والطهارة)، ط الثانية، دار الصدّيقة الشهيدة (B)، مطبعة نكين، 1429 هـ، 1 / 518. الأنصاريّ، الشيخ محمّد عليّ: الموسوعة الفقهيّة الميسّرة، ط الأولى، مؤسسة الهادي، مجمع الفكر الإسلاميّ، 1418 هـ، 3 / 490 – 492. الخراسانيّ الحائريّ، الشيخ يوسف: مدارك العروة، مطبعة النعمان، النجف الأشرف، 1381 هـ، 2 / 58 – 59.


) [74]) للتفصيل ينظر: المروّج ، السيّد جعفر: هدى الطالب إلى شرح المكاسب، ط الثانية، انتشارات دار المجتبى (A)، قم، 1383 هـ.ش، 1 / 489. مغنية، محمّد جواد: فقه الإمام الصادق (A)، ط الثانية، مؤسسة أنصاريان ، قم، 1421 هـ، 4 / 69. العلويّ، السيّد عادل: القول الرشيد في الاجتهاد والتقليد (تقرير بحث السيّد شهاب الدين المرعشيّ النجفيّ)، ط الأولى، مطبعة ستاره، 1422 هـ، 1 / 287. البروجرديّ، مرتضى: المستند في شرح العروة الوثقى – كتاب الصلاة (تقرير بحث السيّد الخوئيّ – موسوعة السيّد الخوئيّ)، ط الثانية، مؤسسة إحياء الإمام الخوئيّ، قم، 1426 هـ، 12 / 251. التوحيدي، الشيخ محمّد عليّ: مصباح الفقاهة (تقرير بحث السيّد الخوئيّ)، ط الأولى المحقّقة، مكتبة الداوري، قم، 2 / 154. الأراكي، الشيخ محمّد عليّ: كتاب البيع، مؤسسة أنصاريّان للطباعة والنشر، قم، 1415 هـ، 1 / 47. كتاب الطهارة، مؤسسة أنصاريان للطباعة والنشر، قم، 1415 هـ، 1 / 282.


) [75]) الطوسيّ، الشيخ محمد بن الحسن: تهذيب الأحكام، 1 / 7 – 8.


) [76]) ظ الهاشميّ، السيّد محمود: بحوث في علم الأصول (تقرير بحث السيّد محمّد باقر الصدر)، 6 / 356.


) [77]) ظ المعالم الزلفى في شرح العروة الوثقى، المطبعة العلميّة، قم، 1380 هـ، ص 321.


) [78]) ظ الرسائل، 1 / 67 و 171. ظ الاجتهاد والتقليد، ط الأولى، مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخمينيّ، مطبعة مؤسسة العروج، قم، 1418 هـ، ص 165. ظ الخلل في الصلاة، مطبعة مهر، قم، ص 244.


) [79]) ظ دراسات في المكاسب المحرّمة، ط الأولى، الناشر: تفكّر، مطبعة القدس، قم، 1415 هـ، 2 / 94 – 95.


) [80]) ظ الإيروانيّ، الشيخ باقر: الحلقة الثالثة في أسلوبها الثاني، 4 / 377 – 378.


) [81]) الحرّ العامليّ، الشيخ محمّد بن الحسن: وسائل الشيعة، 18 / 123.


) [82]) الصدوق: الخصال، مؤسسة النشر الإسلاميّ، قم، 2 / 417. التوحيد، مؤسسة النشر الإسلاميّ، قم، ص 353.


) [83]) الفيض الكاشانيّ، الشيخ محمّد محسن: الوافي، تحقيق ونشر: مركز التحقيقات الدينيّة في مكتبة الإمام أمير المؤمنين (A)،             ط الأولى، مطبعة أفست نشاط، أصفهان – إيران، 1414 هـ، 19 / 98.


) [84]) الحرّ العامليّ، الشيخ محمّد بن الحسن: وسائل الشيعة، 17 / 372.


) [85]) الطوسيّ، الشيخ محمد بن الحسن: تهذيب الأحكام، 5 / 467.


) [86]) الحرّ العامليّ، الشيخ محمّد بن الحسن: وسائل الشيعة، 18 / 123.


) [87]) ظ الخراسانيّ، الآخوند محمّد كاظم: كفاية الأصول، 3 / 48.


) [88]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: المباحث الأصوليّة، 9 / 42.


) [89]) ظ المظفّر، الشيخ محمّد رضا: أصول الفقه، ص 599.


) [90]) ظ التبريزيّ، ميرزا موسى: أوثق الوسائل في شرح الرسائل، الناشر: محمّد عليّ التبريزيّ، ص 3.


) [91]) ظ الإيروانيّ، الشيخ باقر: الحلقة الثالثة في أسلوبها الثاني، 3 / 426 – 427.


) [92]) ظ الصدر، السيّد محمّد باقر: دروس في علم الأصول، 1 / 294.


) [93]) ظ البروجرديّ، الشيخ محمّد تقي: نهاية الأفكار (تقريرات المحقّق العراقيّ)، 3 / 375.


) [94]) ظ الإيروانيّ، الشيخ باقر: الحلقة الثالثة في أسلوبها الثاني، 3 / 436.


) [95]) ظ كفاية الأصول، 3 / 127 – 130.


) [96]) ظ الخوئيّ، السيّد أبو القاسم: أجود التقريرات (تقريرات بحث المحقّق النائينيّ)، 3 / 374.


) [97]) ظ البروجرديّ، الشيخ محمّد تقي: نهاية الأفكار (تقريرات بحث المحقّق العراقيّ)، 3 / 373 – 375.


) [98]) ظ بحر العلوم، السيّد علاء الدين: مصابيح الأصول (تقرير بحث السيّد الخوئيّ)، تح السيّد محمّد عليّ بحر العلوم، ط الثالثة، دار الزهراء للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، 1431 هـ، 3 / 248 – 258.


) [99]) ظ دروس في علم الأصول، 2 / 188 – 190.


) [100]) للتفصيل ينظر: القزوينيّ، السيّد عليّ الموسويّ: تعليقة على معالم الأصول، تح عليّ العلويّ القزوينيّ، ط الثانية، مؤسسة النشر الإسلاميّ، قم، 1430 هـ، 6 / 3 – 4. الكاظميّ، محمّد عليّ: فوائد الأصول (تقرير بحث النائينيّ)، 3 / 4 – 5 و 25 – 26. البروجرديّ، الشيخ محمّد تقي: نهاية الأفكار (تقريرات العراقيّ)، 3 / 200. البجنورديّ، حسن: منتهى الأصول، 2 / 163 – 164. حجّتيّ: حاشية على كفاية الأصول (تقرير بحث السيّد حسين البروجرديّ)، 2 / 201.


) [101]) ظ التبريزيّ، ميرزا موسى: أوثق الوسائل في شرح الرسائل، ص 4.


) [102]) ظ فرائد الأصول، 2 / 13.


) [103]) للتفصيل ينظر: الشهرستانيّ، السيّد محمّد حسين: غاية المسؤول في علم الأصول (طبعة حجريّة)، 1 / 283. الخراسانيّ، محمّد كاظم: كفاية الأصول، 3 / 7. الخوئيّ، السيّد أبو القاسم: أجود التقريرات (تقريرات بحث المحقّق النائينيّ)، 2 / 162. السبزواريّ: وسيلة الوصول إلى حقائق الأصول (تقرير بحث السيّد الأصفهانيّ)، ص 567 – 568. المظفّر، الشيخ محمّد رضا: أصول الفقه، ص 599. الحكيم، السيّد محسن: حقائق الأصول، 2 / 221. ظ آل الشيخ راضي، الشيخ محمّد طاهر: بداية الوصول في شرح كفاية الأصول، 6 / 285. الحائريّ، كاظم: مباحث الأصول (تقرير بحث السيّد محمّد باقر الصدر)، 3 / 49 – 50.               


) [104]) ظ الجواهريّ، الشيخ حسن: القواعد الأصوليّة، ط الأولى، العارف للمطبوعات، بيروت، 1431 هـ، 3 / 151.


) [105]) ظ الحائريّ، السيّد كاظم: مباحث الأصول (تقرير بحث السيّد محمّد باقر الصدر)، 3 / 54.


) [106]) حبّ الله، حيدر: دراسات في الفقه الإسلاميّ المعاصر، ط الأولى، 1432 هـ، 2 / 163.


) [107]) ظ كفاية الأصول، 3 / 8 – 10.


) [108]) ظ الصافي الأصفهانيّ، الشيخ حسن: الهداية في الأصول (تقريرات بحث السيّد الخوئيّ)، 3 / 261.


) [109]) ظ الحائريّ، السيّد كاظم: مباحث الأصول (تقرير بحث السيّد محمّد باقر الصدر)، 3 / 52 – 53.


) [110]) ظ البهسودي، السيّد محمّد سرور الواعظ: مصباح الأصول (تقرير بحث السيّد الخوئيّ)، 2 / 249.


) [111]) ظ بحر العلوم، السيّد علاء الدين: مصابيح الأصول (تقرير بحث السيّد الخوئي)، 3 / 9.


) [112]) ظ الحائريّ، السيّد كاظم: مباحث الأصول (تقرير بحث السيّد محمّد باقر الصدر)، 3 / 52.


) [113]) ظ المباحث الأصوليّة، 9 / 43 – 47.


) [114]) ظ تحريرات في الأصول، 7 / 6.


) [115]) ظ الشهرضائيّ، محمّد عليّ الإسماعيل بور: مجمع الأفكار ومطرح الأنظار (تقرير بحث هاشم الآملي)، 3 / 239.


) [116]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: المباحث الأصوليّة، 9 / 46 – 47.


) [117]) للتفصيل ينظر: المامقانيّ، الشيخ عبد الله: نهاية المقال في تكملة غاية الآمال، المطبعة الرضويّة، النجف ، 1345 هـ، ص 86. الخوانساري، موسى: منية الطالب في شرح المكاسب (تقرير بحث النائينيّ)، تح ونشر: مؤسسة النشر الإسلاميّ، ط الأولى، قم، 1418 هـ، 1 / 146 و 3 / 199 و 245. السبّحانيّ، محمّد حسين: أحكام الصلاة (تقرير بحث شيخ الشريعة الأصفهانيّ)، نشر مكتبة الإمام أمير المؤمنين (A) العامّة، المطبعة العلميّة، قم، 1404 هـ، ص 303. الكاشانيّ، عليّ فريدة الإسلام: مجمع الفرائد في الأصول، تح عبد الكريم الهاشميّ البهشهري، ص 181. حسن سعيد: دليل العروة الوثقى (تقرير بحث الشيخ حسين الحلّيّ)، مطبعة النجف الأشرف، 1379 هـ، 1 / 100 و 314 و 2 / 73 و 609. الآشتيانيّ، الميرزا محمّد حسن: بحر الفوائد في شرح الفوائد (الطبعة الحجريّة)، مكتبة آية الله السيّد المرعشيّ، قم، 1403 هـ، 3 / 9. الكاظميّ، الشيخ محمّد عليّ: كتاب الصلاة (تقرير بحث المحقّق النائينيّ)، تح ونشر: مؤسسة النشر الإسلاميّ، ط الأولى، قم، 1411 هـ، 1 / 208. العراقيّ، أقا ضياء الدين: شرح تبصرة المتعلّمين، تح الشيخ محمّد الحسّون، مؤسسة النشر الإسلاميّ، ط الأولى، قم، 1414 هـ، 1 / 254. الشهيدي التبريزيّ، ميرزا فتّاح: هداية الطالب إلى أسرار المكاسب، ط الثانية، مؤسسة دار الكتاب للطباعة والنشر، مطبعة نمونه، قم، 1375 هـ، ص 250 و 263. النجفيّ العراقيّ، الشيخ عبد النبيّ المعالم الزلفى في شرح العروة الوثقى، ص 408. الآملي، الشيخ محمّد تقي: مصباح الهدى في شرح العروة الوثقى، ط الأولى، مطبعة فردوسي، قم، 1381 هـ، 4 / 98. ظ مغنية، الشيخ محمّد جواد: الفقه على المذاهب الخمسة، ط الخامسة، مؤسسة الصادق للطباعة والنشر، مطبعة شريعت، قم، 1427 هـ، 2 / 568. البروجرديّ، الشيخ مرتضى: مستند العروة الوثقى (موسوعة الإمام الخوئيّ – كتاب الصوم)، ط الثانية، مؤسسة إحياء آثار الخوئيّ، قم، 1426 هـ، 21 / 438. الغرويّ، الشيخ عليّ: تنقيح العروة الوثقى (موسوعة الإمام الخوئيّ – كتاب الطهارة)، مؤسسة إحياء آثار الإمام الخوئيّ، قم، 1426 هـ، 2 / 335 و 10 / 163. الصدر، رضا: الاجتهاد والتقليد، تح السيّد باقر خسرو شاهي، ط الأولى، مركز انتشارات دفتر تبليغ إسلاميّ، مطبعة قدس، قم، 1420 هـ، ص 150. البجنورديّ، حسن: القواعد الفقهيّة، قم، مؤسسة اسماعليان، 3 / 71. الخمينيّ، السيّد روح الله: أنوار الهداية، ط الأولى، مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخمينيّ، قم، 1413 هـ، 2 / 44 و 97. كاشف الغطاء، الشيخ عليّ: النور الساطع في الفقه النافع، مطبعة الآداب، النجف الأشرف، 1384 هـ، 2 / 392. التبريزي، الميرزا جواد: كفاية الأصول دروس في علم الأصول، ط الثانية، دار الصدّيقة الشهيدة ، قم، 1429 هـ، 2 / 311 و 5 / 208 و 6 / 297 و 299. الحيدريّ، السيّد عليّ نقي: أصول الاستنباط في أصول الفقه وتاريخه بأسلوب جديد، لجنة إدارة الحوزة العلميّة بقم المقدّسة، قم، ص 279 و 296. الميلانيّ، السيّد عليّ: تحقيق الأصول (تقريرات بحث الوحيد الخراسانيّ)، ط الأولى، مطبعة صداقت، قم، 1425 هـ، 2 / 93 و 4 / 420. القمّيّ، الشيخ محمّد المؤمن: تسديد الأصول، ط الأولى، مؤسسة النشر الإسلاميّ، قم، 1419 هـ، 2 / 410. الروحانيّ، محمّد صادق: زبدة الأصول، ط الأولى، نشر مدرسة الإمام الصادق (A)، مطبعة قدس، 1412 هـ، 1 / 331 .الفيروز آباديّ، مرتضى: عناية الأصول في شرح كفاية الأصول، ط السابعة، قم، منشورات الفيروز آباديّ، 1385 هـ، 1 / 274 و 2 / 126 و 3 / 401 و 4 / 96 و 145 و 194 و 243 و 264 و 5 / 24 و 51 و 6 / 282. الحكيم، السيّد عبد الصاحب: منتقى الأصول (تقرير بحث السيّد الروحانيّ)، ط الثانية، مطبعة الهادي، 1416 هـ، 1 / 194 و 6 / 151 و 344. المروّج، السيّد محمّد جعفر: منتهى الدراية في توضيح الكفاية، ط السادسة، مؤسسة دار الكتاب، مطبعة غدير، 1415 هـ، 2 / 537 و 4 / 40 و 5 / 411 و 6 / 52 و 188 .


) [118]) للتفصيل ينظر: دروس في علم الأصول، 2 / 112. الإيروانيّ، الشيخ باقر: الحلقة الثالثة في أسلوبها الثاني، 3 / 289. السالم، علاء: الدروس – شرح الحلقة الثانية (تقرير درس السيّد كمال الحيدريّ)، ط الأولى، دار فراقد للطباعة والنشر، مطبعة ستاره، قم، 1428 هـ، 4 / 215 و 231 و 345. الرفاعيّ، الشيخ عبد الجبّار: محاضرات في أصول الفقه – شرح الحلقة الثانية، ط الثانية، مؤسسة دار الكتاب الإسلاميّ، مطبعة السرور، قم، 1424 هـ، 2 / 346. البحرانيّ، الشيخ محمّد صنقور عليّ: شرح الأصول من الحلقة الثانية، ط الثانية، الناشر: نقش، مطبعة عترت، 1424 هـ، 2 / 379.


) 1) ظ المظفّر، الشيخ محمّد رضا: أصول الفقه، ص 648.


 


 


) [120]) ظ المروّج، السيّد محمّد جعفر: منتهى الدراية في توضيح الكفاية، 7 / 303.


) [121]) ظ الحكيم، السيّد محمّد جعفر: تاريخ وتطوّر الفقه والأصول في حوْزة النجف الأشرف العلميّة، ط الرابعة، العارف للمطبوعات، بيروت، 1431 هـ، ص 265 – 268.


تعليقات