تنبيهات البراءة واثرها في الاستنباط الفقهي المعاصر

سماحة الشيخ عباس السراج

الفصل الأوّل

وفيه مبحثان :

الأوّل : تنبيهات البراءة .

الثاني: أثر تنبيهات البراءة في الاستنباط الفقهيّ المعاصر.


المبحث الأوّل : تنبيهات البراءة

وفيه مطالب أربعة :

الأوّل : اشتراط جريان البراءة بعدم وجود أصل موضوعيّ .

الثاني : الاحتياط في مورد جريان البراءة .

الثالث: جريان البراءة في الشبهات الموضوعيّة التحريميّة.

الرابع : شرط حسن الاحتياط في مورد جريان البراءة .

 

المطلب الأوّل : اشتراط جريان البراءة بعدم وجود أصل موضوعيّ


وفيه مقاصد ثلاثة :


الأوّل : المراد من الأصل الموضوعي        ّ .


الثاني : جريان البراءة مع وجود الأصل الموضوعي        ّ .


الثالث : أصالة عدم التذكية .


المقصد الأوّل: المراد من الأصل الموضوعي


المراد من الأصل الموضوعيّ كلّ أصل مقدّمٌ على البراءة (+)، سواء كان الأصل:


1 – جارياً في الموضوع، كما لو علم بخمريّة مائع ثمَّ شكَّ في انقلابه خلاًّ، فإنَّ استصحاب خمريّة المائع يرفع موضوع أصالة البراءة عن حرمة شربه ؛ لفرض أنَّ موضوع الأصل العمليّ – ومنه البراءة – هو الشكّ، ومع جريان الاستصحاب فلا يبقى شكٌّ في المقام، وبالتالي فإنَّ جريان الاستصحاب في مورد يستلزم رفع موضوع البراءة – وهو الشكّ –.


2 – أو يكون الأصل جارياً في الحكم، كما إذا شكَّ في جواز وطئ الحائض بعد انقطاع الدم وقبل الاغتسال، فإنَّ جريان استصحاب الحرمة السابقة يمنع من التمسّك بأصالة البراءة ([1]).


ويشهد بذلك ما أفاده الشيخ الأنصاري بقوله: (استصحاب الحرمة حاكمةٌ على أصالة الحرمة) ([2]).


وقد عُبّر عن هذا الأصل بـ (الأصل الموضوعيّ) باعتبار أنّه رافعٌ لموضوع الأصل الآخر، وليس المراد منه خصوص الأصل الجاري في الموضوع.


ولعلّ وجه التعبير بالأصل الموضوعيّ هو التسالم بين الأصوليّين على جريان الاستصحاب في الموضوع، ووقوع الخلاف في جريان الاستصحاب في الأحكام.


وقد فسّر المحقّق النائينيّ مراد الشيخ الأنصاريّ والآخوند الخراسانيّ من الأصل الموضوعيّ بأنّه كلُّ أصل متكفّل لتنزيل مؤدّاه منزلة الواقع بحسب الجري العمليّ، سواء كان المؤدّى:


أ – موضوعاً خارجيّاً.


ب – أو حكماً شرعيّاً ([3]).


 


المقصد الثاني: جريان البراءة مع وجود الأصل الموضوعي


المعروف بين الأصوليين عدم جريان البراءة العقليّة والشرعيّة مع وجود الأصل الموضوعيّ (الاستصحاب)، وأنَّ الاستصحاب يتقدّم على البراءة في مورده ؛ لأنَّ موضوع البراءة العقليّة هو عدم البيان، كما أنَّ موضوع البراءة الشرعيّة هو الشكّ وعدم العلم، وعليه فكلُّ ما يكون بياناً ورافعاً للشكِّ – ولو تعبّداً كالاستصحاب – يتقدّم على البراءة.


وتجدر الإشارة إلى أنَّ الأصل الموضوعيّ في المقام على صورتين:


الأولى: أنْ يكون موافقاً للبراءة، كما إذا اقتضى الاستصحاب خلّيّة مائع شُكَّ في انقلابه خمراً المستلزم لحلّيّة شربه.


الثانية: أنْ يكون مخالفاً للبراءة، كما إذا اقتضى الاستصحاب خمريّة سائل ما المقتضي لحرمة شربه.


ففي كلتا الصورتين لا تجري البراءة، أمّا في الصورة الثانية فواضحٌ ؛ لفرض التنافي بين مفاد البراءة المقتضية لحلّيّة الشرب وبين مؤدّى الاستصحاب المستلزم لاستصحاب حرمة الشرب.


وأمّا في الصورة الأولى فإنَّ الاستصحاب وإنْ كان موافقاً مع البراءة في النتيجة وهو حلّيّة وجواز الشرب، إلاَّ أنّه مع ذلك لا تجري البراءة فيها ؛ لما تقدّم أعلاه من أنَّ الاستصحاب رافعٌ لموضوع البراءة ([4]).


فالنتيجة: أنَّ الاستصحاب يتقدّم على البراءة مطلقاً، ولو كان موافقاً لها.


 


المقصد الثالث: أصالة عدم التذكية


تمهيد: المراد من معنى التذكية


قد ذُكر في معنى التذكية محتملات، منها:


الأوّل: أنَّ التذكية عبارة عن المجموع المركّب من:


أ – الأمور الخارجيّة كفري الأوداج الأربعة بالحديد على القبلة مع التسمية وكون الذابح مسلماً.


ب – قابليّة المحلّ (الحيوان) للتذكية، فالحشرات مثلاً لا قابليّة لها لذلك.


فتكون القابليّة جزءً من معنى التذكية.


الثاني: أنَّ التذكية عبارةٌ عن خصوص الأمور الخارجيّة الصادرة من الفاعل مشروطاً بورودها على المحلّ القابل للتذكية. فتكون القابليّة خارجةً عن مفهوم التذكية ومأخوذةً بنحو الشرطيّة لا الجزئيّة (خلافاً للاحتمال الأوّل) ؛ إذ لا تطلق التذكية على الأمور الخارجيّة ما لم ترد على المحلّ القابل للتذكية.


الثالث: أنَّ التذكية عبارةٌ عن خصوص الأمور الخارجيّة الصادرة من الفاعل مطلقاً، سواء وردت على المحلّ القابل أم لا، غاية الأمر أنَّ تأثير تلك الأمور الخارجيّة في الطهارة والحلّيّة مشروطٌ بقابليّة الحيوان، فلا تكون القابليّة:


أ – داخلةً في مفهوم التذكية بنحو الجزئيّة (خلافاً للاحتمال الأوّل).


ب – ولا شرطاً في تحقّق التذكية (خلافاً للاحتمال الثاني).


بل القابليّة شرطٌ في تأثيرها في الطهارة والحلّيّة.


وهذا الاحتمال هو الأقرب إلى كلمات الآخوند الخراسانيّ ([5])، واختاره أيضاًُ كلٌّ من المحقَّقين النائينيّ ([6]) والعراقيّ ([7]).


الرابع: أنَّ التذكية عبارةٌ عن معنى بسيط وحدانيّ يتحصّل من:


أ – الأفعال الخاصّة.


ب – وقابليّة الحيوان.


الخامس: أنَّ التذكية عبارةٌ عمّا يساوق النزاهة والنظافة والطهارة، فتكون التذكيّة من الاعتبارات الشرعيّة المتحقّقة بالأفعال الخاصّة الخارجيّة، وهو ظاهر كلام المحقّق الأصفهانيّ ([8]).


السادس: أنّها عبارةٌ عن أمر وجوديّ هو إزهاق الروح بفري المسلم الأوداج الأربعة متوجّهاً للحيوان إلى القبلة ذاكراً اسم الله تعالى مع قابليّة الحيوان للتذكية، فتكون التذكية اسماً للمسبّب عن فري الأوداج بشرائطه، وهو إزهاق الروح، وتكون القابليّة مأخوذةً بنحو الشرطيّة، واختاره السيّد روح الله الموسويّ الخمينيّ ([9]).


وبعد هذا التمهيد نقول:


إنَّ المعروف أنَّ أصالة عدم التذكية إنّما تجري في بعض موارد الشكِّ في ذكاة الحيوان ويمنع عن جريان أصالة البراءة فيه، أي أنَّ أصالة البراءة (الحلّيّة) لا تجري في بعض موارد الشكِّ في ذكاة الحيوان. وقد عبّر الشيخ الأنصاريّ عن هذا الأصل – أي أصالة عدم التذكية – :


·       بـ (الأصل الموضوعيّ)؛ باعتبار أنّه رافعٌ لموضوع البراءة، وقد تقدّم في المقصد الأوّل أنَّ كلَّ أصل يرفع موضوع الأصل الآخر يسمّى بـ (الأصل الموضوعيّ).


·       أو استصحاب عدم تحقّق التذكية والذبح الشرعيّ، فيتقّدم على أصالة البراءة.


وقد ذُكرت في المبحث التمهيديّ وجه ودليل التقديم واختلاف الأصوليّين في ذلك.


وصور أصالة عدم التذكية كثيرةٌ، فتارة تكون في الشبهة الحكميّة، وأخرى في الشبهة الموضوعيّة.


ونذكر في المقام صورتين للشبهة الحكميّة وصورتين للشبهة الموضوعيّة:


جريان أصالة عدم التذكية في الشبهة الحكميّة، وفيها صورتان:


الصورة الأولى: أنْ يكون الشكُّ في حلّيّة الحيوان أو طهارته لأجل الشكّ في أصل قابليّة الحيوان للتذكية، فلا يُعلم هل أنَّ الحيوان الموجود يقبل التذكية أو لا ؟.


مثاله: الحيوان المتولّد من الشاة والخنزير من دون أنْ يصدق عليه اسم أحدهما، فيشكّ في حلّيّته وطهارته ؛ لأجل الشكّ في قابليّة الحيوان الجديد (المتولّد) للتذكية.


مثال آخر لهذه الصورة: الحيوان المتولّد من الأرنب والكلب من دون أنْ يصدق عليه اسم أحدهما، فيشكّ في طهارته ؛ لأجل الشكّ في قابليّته للتذكية ([10]).


حكم هذه الصورة: المعروف بين الأصوليّين جريان أصالة عدم التذكية، واتّفقوا أيضاً على الحكم بحرمة لحمه، إلاَّ أنّهم اختلفوا في الحكم بنجاسته على قولين:


1 – ما عليه الشيخ الأنصاريّ، والآخوند الخراسانيّ ([11])، والسيّد محسن الحكيم (ت 1390 هـ) ([12])، والسيّد محمّد سعيد الحكيم ([13])، وآخرون من الحكم بنجاسة لحمه.


الدليل: إنَّ وجود أصالة عدم التذكية (الأصل الموضوعيّ) يستلزم عدم جريان أصالة الحلِّ، أي عدم وقوع التذكية المعتبرة شرعاً على هذا الحيوان ؛ إذ أنَّ من شرائط التذكية قابليّة المحلّ (الحيوان) للتذكية، والمفروض أنّنا نشكّ في قابليّة الحيوان للتذكية فيحصل الشكُّ في وقوع التذكيّة المعتبرة عليه فيستصحب عدم التذكية.


وبعبارة أخرى: إنَّ هذا الحيوان عندما كان حيّاً لم يكن مذكّى قطعاً، وبعد أنْ ذُبح باستثناء شرط قابليّة المحلّ للتذكية نشكّ هل صار مذكّى أو لا ؟ فنستصحب عدم التذكية، فإذا جرى هذا الأصل الموضوعيّ اندرج الحيوان في عنوان (ما لم يذكّ)، ومعه لا مجال لأصالة الحلِّ ؛ لأنَّ موضوعها الجهل بحكم اللحم، فإذا جرى الأصل الموضوعيّ اندرج اللحم في غير المذكّى وصار معلوم الحكم وهو الحرمة إجماعاً، كما إذا مات حتف أنفه، فيرتفع موضوع أصالة الحلِّ وهو الجهل، فلا يبقى مجالٌ لجريان أصالة الحلِّ ([14]).


2 – ما عليه السيّد الخوئيّ ([15])، وبعض تلامذته كالسيّد محمّد باقر الصدر([16])، والسيّد محمّد الحسينيّ الروحانيّ               (ت 1418 هـ) ([17])، والسيّد السيستانيّ ([18])، والشيخ الفيّاض ([19])، والسيّد محمّد صادق الروحانيّ (معاصر) ([20])، وآخرين من الحكم بطهارة لحمه.


وسبب الحكم بطهارة اللحم ظاهراً من الحيوان المشكوك التذكية أنَّ النجس هو خصوص الميتة، وهي عنوانٌ وجوديٌّ، فإذا احتمل التذكية – ولو احتمالاً ضعيفاً (+) – جرى استصحاب عدم التذكية، وهو لا يثبت عنوان الميتة إلاَّ على القول بحجّيّة الأصل المثبت، وسيأتي في الفصل الثالث أنّه لا يكون حجّة.


فالمرجع حينئذٍ أصالة الطهارة ([21]).


الصورة الثانية: أنْ يُعلم بقابليّة الحيوان التذكيّة، والشكّ في هذه الصورة يقع في حالتين:


الحالة الأولى: أنَّ يُشكّ في أنّها هل تترتّب على التذكية جميع آثارها من:


أ – الطهارة.                                                                                           


ب – الحلّيّة.


أو تترتّب عليها بعض آثارها كالطهارة فقط دون الحلّيّة ؟.


مثال هذه الحالة: ما إذا علمنا أنَّ هذا الحيوان قابلٌ للتذكية ولكن لا نعلم هل أنّه من قبيل الثعلب المحرّم الأكل فتترتّب على تذكيته بعض أثارها وهي الحلّيّة فقط أو أنَّ الحيوان من قبيل الغنم المأكول اللحم فتترتّب جميع آثار التذكية وهي الطهارة والحلّيّة معاً، أي علمنا بقابليّة الحيوان للتذكية وشككنا في حلّيّة لحمه من جهة الشكِّ في أنّه من قبيل المأكول اللحم أو المحرّم الأكل.


حكم هذه الحالة: يحكم على الحيوان ها هنا بـ:


1 – طهارته استناداً إلى التذكية.


2 – حلّيّة لحمه استناداً إلى أصالة الحلِّ ؛ لقوله (A): ((كلّ شيء فيه حلالٌ وحرامٌ فهو لك حلال أبداً حتّى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه)) ([22]) ؛ فإنّه حين العلم بقبول التذكية وصيرورته طاهراً بها يحصل الشكُّ في أنَّ هذا الحيوان المذكّى حلالٌ أم حرام، ولا أصل فيه إلاَّ الإباحة والحلّيّة كسائر ما شُكَّ في أنّه من الحلال أو الحرام فإنَّ المرجع فيه أصالة الحلِّ ([23]).


 


والمحقّق الأصفهانيّ أورد على الحكم المذكور (الطهارة + الحلّيّة) بما حاصله:


إنَّ القابليّة المفروضة في الحيوان تختلف باختلاف بحسب الموارد، وعلى أقسام ثلاثة:


الأوّل: أنْ يكون الحيوان له قابليّة للحلّيّة والطهارة معاً فتؤثّر التذكية فيهما، كما في تذكية الحيوان المأكول اللحم.


الثاني: أنْ يكون الحيوان له قابليّة للطهارة فقط فتؤثّر التذكية فيها فقط، كما في تذكية الحيوان غير المسوخ ممّا لا يؤكل لحمه كالسباع ونحوها.


الثالث: أنْ يكون الحيوان له قابليّة للحلّيّة فقط فتؤثّر الحلّيّة فيها فقط، كما في السمك، فإنَّ ميتته طاهرة ولا ترتبط طهارته بتذكيته.


ومن خلال استعراض الأقسام الثلاثة نصل إلى نتيجة مفادها: أنَّ القابليّة المؤثّرة في بعض الحيوانات غير القابليّة المؤثّرة في غيرها، وعليه فمع الشكّ في حلّيّة الحيوان لا تجري في المقام أصالة الحلِّ، بل تجري أصالة عدم القابليّة المستتبع عدم التذكية المؤثّرة في حلّيّته ([24]).


 


ويبدو أنَّ ما ذكره المحقّق الأصفهانيّ أقرب إلى الواقع والأحرى بالقبول ؛ إذ لا إشكال في اختلاف الحيوانات في قابليّتها للتذكية، والأثر المترتّب عليها، فربّما تؤثّر التذكية في الحلّيّة والطهارة في بعض الحيوانات، وربّما الحلّيّة فقط، وربّما الطهارة فقط.


الحالة الثانية: أنْ يكون الشكُّ في بقاء قابليّة الحيوان للتذكية من جهة الشكِّ في مانعيّة شيء عن بقاء تأثير التذكية، وأنَّ الشيء الموجود هل هو مانعٌ عن تأثير التذكية من الطهارة أو هو مانعٌ من تأثير التذكية في الطهارة والحلّيّة معاً ؟


 مثال هذه الحالة: ما إذا علمنا أنَّ هذا الحيوان قابلٌ للتذكية وشككنا في بقاء قابليّته لها من جهة الشكِّ في كون الحيوان الحامل للجنين هل يمنع عن تأثير التذكية فيه فيرتفع قابليّته لها أو لا ؟.


حكم هذه الحالة: جريان الأصل الموضوعيّ، فيستصحب قابليّة الحيوان للتذكية، ويحكم على الحيوان بـ:


أ – طهارة لحمه.                                                                              


ب – حلّيّة لحمه.


بتقريب: حصول العلم لنا بقابليّة الحيوان للتذكية وشككنا في ارتفاع القابليّة بالحمل الحاصل للحيوان فنستصحب بقاء القابليّة، فهذا الأصل الموضوعيّ – أي استصحاب بقاء القابليّة – بما أنّه موافقٌ لأصالة الحلِّ فيكون مانعاً من جريان:


1 – أصالة الحلِّ ؛ لما تقدّم في المقصد الثاني من أنَّ جريان الاستصحاب يمنع من جريان سائر الأصول، ولو كانت موافقةً له في النتيجة.


2 – أصالة عدم التذكية ؛ لأنَّ منشأ الشكِّ في التذكية ليس في أصل القابليّة حتّى تجري أصالة عدم التذكية، بل منشأ الشكِّ من جهة بقاء القابليّة بعد العلم بوجودها، فنستصحب بقاءها. ومع أصالة (استصحاب) بقاء القابليّة الثابتة للحيوان قبل الحمل لا مجال لجريان أصالة عدم تحقّق التذكية ؛ لتقدّم استصحاب القابليّة عليها، فيقال: كان هذا الحيوان قبل الحمل إذا ذُبح على الوجه الشرعي يطهر ويحلّ، ومقتضى أصل الاستصحاب أنّه طاهرٌ وحلالٌ بعد الحمل أيضاً إذا ذُبح على الوجه الشرعيّ ([25]).


 


جريان أصالة عدم التذكية في الشبهة الموضوعيّة، وفيها صورتان:


الصورة الأولى: ما إذا حصل الشكّ بتوفّر شرائط التذكية وأنّه حال التذكية هل كانت جميع الشرائط والأمور المعتبرة في التذكية موجودةً كإسلام الذابح واستقبال القبلة بمقاديم الحيوان ونحوهما أو لم تكن موجودةً ؟


حكم هذه الصورة: المعروف بين الأصوليّين جريان أصالة عدم التذكية، واتّفقوا أيضاً على الحكم بحرمة لحمه، إلاَّ أنّهم اختلفوا في الحكم بنجاسته على قولين تقدّم ذكرهما في الصورة الأولى في الشبهة الحكميّة.


الصورة الثانية: ما إذا حصل الشكّ بارتفاع قابليّة الحيوان للتذكية بعد العلم بوجودها سابقاً.


مثال هذه الصورة: كالشاة - مثلاً - المعلومة التذكية ولكن شككنا في أنّه هل طرأ عليها عنوانٌ يمنع من قبولها التذكية كاحتمال كون الشاة موطوءة إنسان أو ارتضاعها من لبن الخنزير.


حكم هذه الصورة: إنَّ أصالة قبول التذكية جاريةٌ في المقام ؛ لأنَّ جميع أجزائها محرزةٌ غاية الأمر أنَّ بعض أجزائها محرزٌ بالوجدان كفري الأوداج الأربعة وكون الذابح مسلماً وقد ذبحه إلى القبلة، والبعض الآخر وهو بقاء القابليّة محرزٌ بالتعبّد، أي باستصحاب بقاء القابليّة ([26]).


هذه أهمّ الصور الواردة في أصالة عدم التذكية.


المطلب الثاني : حسن الاحتياط شرعاً وعقلاً في مورد جريان البراءة


وفيه مقاصد ثلاثة :


 


الأوّل : الدليل على حسن الاحتياط  في مورد جريان البراءة .


الثاني : الإشكال في جريان الاحتياط في العبادات ، وجوابه .


الثالث : قاعدة التسامح في أدلّة السنن         .


 


 


المقصد الأوّل: الدليل على حسن الاحتياط في مورد جريان البراءة


اختلفت كلمات الأصوليّين في جريان البراءة أو الاحتياط في الشبهات الحكميّة التحريميّة، مثاله ما إذا شككنا بحرمة التدخين ولم يرد فيه دليلٌ على الترخيص ولا الحرمة فما هو الأصل العمليّ الجاري في المقام ؟ على قولين:


الأوّل: ما تبنّاه مشهور الإخباريّين من جريان أصالة الاحتياط في المورد، ولزوم الاجتناب عن التدخين في المثال المذكور.


الثاني: ما عليه عامّة الأصوليّين من جريان البراءة في المورد المذكور ؛ لعموم أدّلة البراءة كحديث الرافع: ((رُفع عن أمتي تسعة:... ما لا يعلمون...)) ([27]) الشامل للشبهات الحكميّة التحريميّة.


وعلى القول الثاني – أي ما ذكره الأصوليّون – من جريان البراءة وعدم لزوم الاحتياط فهل يكون الاحتياط حسناً في المورد أو لا ؟


المعروف بين الأصوليّين حسن الاحتياط عقلاً وشرعاً في العبادات والمعاملات.


الدليل على حسن الاحتياط عقلاً: وذلك لرجحان حفظ الواقع عقلاً مهما أمكن، ولو مع الأمن من العقاب.


الدليل على حسن الاحتياط شرعاً: وذلك لوجود كثير من الأخبار الآمرة بالتوقّف ممّا كان ظاهرها الاستحباب والرجحان دون الحتم والإلزام.


ومن الأخبار الآمرة بالتوقّف والتي تُحمل على استحباب الاحتياط في مورد الشبهة الحكميّة التحريميّة:


منها: مقبولة عمر بن حنظلة عن أبي عبد الله (A): ((... فإنَّ الوقوف عند الشبهات خيرٌ من الاقتحام في الهلكات)) ([28]).


ومنها: ما روي عن الإمام الرضا (A): ((أنَّ أمير المؤمنين A قال لكميل بن زياد: أخوك دينك، فاحتط لدينك بما شئت)) ([29]).


فالنتيجة: أنَّ الاحتياط حسنٌ في مورد جريان البراءة مطلقاً، سواء في العبادات أم المعاملات.


كما لا ينبغي الشكِّ في استحقاق الثواب فيما إذا احتاط المكلّف وأتى بالفعل في الشبهات الوجوبيّة بداعي احتمال الأمر والوجوب، كما لو كان شاكّاً في وجوب الدعاء عند رؤية الهلال في أوّل الشهر، فبما أنّه شكٌّ في أصل التكليف فلا إشكال في جريان البراءة في المقام إلاَّ أنّه لو احتاط وأتى بالفعل (بالدعاء) حسب الفرض فلا شبهة في استحقاقه الثواب على فعله.


كما لا ينبغي الشكِّ في استحقاق الثواب فيما إذا احتاط المكلّف وترك الفعل في الشبهات التحريميّة بداعي احتمال النهي والحرمة، كما لو كان شاكّاً في حرمة التدخين، فبما أنّه شكٌّ في أصل التكليف فلا إشكال في جريان البراءة في المقام إلاَّ أنّه لو احتاط وترك الفعل (التدخين) حسب الفرض فلا شبهة في استحقاقه الثواب على فعله.


وعُلّل استحقاق المكلّف للثواب في الفرضين – أي الاحتياط في الشبهات الوجوبيّة والتحريميّة – بأنَّ الاحتياط هو انقيادٌ لأمر المولى وتخضّعٌ له، فيحصّل الثواب على هذا الانقياد.


قد ذكر الفقهاء لهذا المورد أمثلة (تطبيقات) فقهيّة كثيرة منها فتوى الفقهاء بالاحتياط الاستحبابيّ في الموارد التي تجري فيها البراءة.


وبعبارة أخرى: فتوى غير واحد من الفقهاء باستحباب أفعال لم يقم نصٌّ على استحبابها ؛ وذلك من جهة رجحان الاحتياط حتّى في مورد جريان البراءة.


والأمثلة على ذلك كثيرة، نذكر نماذج منها:


1 – جملة من سنن ومستحبّات ومكروهات تغسيل الميّت كوضع الميّت على مرتفع، وأنْ يكون تحت الظلال ونحو ذلك ([30]).


2 – جملة من آداب الطعام كشرب الماء مصّاً لا عبّاً، وأنْ لا ينتظر أحداً بعد وضع الخبز ونحو ذلك ([31]).


3 – جملة من آداب المعاشرة الزوجيّة كمقاربة المرأة في أيّام وأوقات وأوضاع مخصوصة ([32]).


المقصد الثاني: الإشكال في جريان الاحتياط في العبادات، وجوابه


تقدّم في المقصد السابق حُسن الاحتياط عقلاً وشرعاً مطلقاً في العبادات والمعاملات، إلاَّ أنَّ الشيخ الأنصاريّ قد تعرّض لإشكال في جريان الاحتياط في العبادات في خصوص دوران الأمر في الشبهات الوجوبيّة بين الوجوب وغير الاستحباب من الكراهة والإباحة ([33]).


وقبل تقريب الإشكال نذكر مقدّمة مفادها:


إنَّ مورد الشبهات الوجوبيّة يتصوّر على أحد احتمالات ثلاثة:


1 – دوران الأمر بين أنْ يكون الشيء المشكوك إمّا واجباً أو مستحبّاً.


2 – دوران الأمر بين أنْ يكون الشيء المشكوك إمّا واجباً أو مباحاً.


3 – دوران الأمر بين أنْ يكون الشيء المشكوك إمّا واجباً أو مكروهاً.


هذه الاحتمالات الثلاثة فقط هي مورد الشبهات الوجوبيّة، وأمّا دوران الأمر بين كون الشيء واجباً أو حراماً فلا يدخل تحت الشبهة الوجوبيّة بل يكون مندرجاً تحت مسألة (دوران الأمر بين المحذورين).


وبعد هذه المقدّمة نقول: إنَّ الإشكال يرد في الاحتمالين الثاني والثالث، أي حسن الاحتياط وجريانه في العبادات في خصوص دوران الأمر في الشبهات الوجوبيّة بين الوجوب وغير الاستحباب من الكراهة والإباحة. أي هل يكون الاحتياط حسناً فيما إذا دار أمر العبادة بين كونها:


أ – إمّا واجبة أو مباحة.


ب – إمّا واجبة أو مكروهة.


وعليه فالإشكال المذكور يرد في الحالتين (أ + ب) فقط، ولا يرد فيما إذا دار أمر العبادة بين كونها إمّا واجبة أو مستحبّة.


وبعبارة أخرى: لا يرد الإشكال عند دوران الأمر بين الوجوب والاستحباب ؛ للعلم بوجود الأمر المصحّح لنيّة القربة، وأمّا دوران الأمر بين الوجوب والحرمة فيدخل تحت عنوان (دوران الأمر بين المحذورين) – كما تقدّم – وهي مجرى لأصالة التخيير، ولا معنى للاحتياط فيها لا وجوباً ولا استحباباً ([34]).


 


تقريب الإشكال: يبتني على ذكر مقدّمات ثلاث ونتيجة:


المقدّمة الأولى: أنَّ من المُسلّم به عند الأصوليّين أنَّ العبادة تتوقّف على إتيانها بقصد القربة من قِبل المكلّف.


المقدّمة الثانية: أنَّ الإتيان بالعبادة بقصد القربة يتوقّف العلم واليقين بأنَّ الشارع المقدّس قد أمر بها:


أ – إمّا إجمالاً كالأمر المتعلّق بإحدى الصلوات الأربع عند اشتباه القبلة ؛ إذ نعلم إجمالاً بأنَّ الشارع قد أمر بها.


ب – أو تفصيلاً كالأمر المتعلّق بوجوب صلاة الظهر بجميع الأجزاء والشرائط – أي العلم التفصيليّ بها –.


المقدّمة الثالثة: مع الشكّ في الأمر فلا علم لنا بوجود أمر من الشارع ؛ إذ المفروض أنَّ الحال يدور بين الوجوب والكراهة، أو بين الوجوب والإباحة.


فالنتيجة: أنّه لا يحصل عندنا علمٌ ويقينٌ وإحرازٌ بأمر الشارع، فلا يتمشَ منه حينئذٍ قصد القربة إلاَّ مع إحراز الأمر بالعبادة . وبعبارة أخرى: إنَّ قصد القربة المعتبر في العبادة فرع وجود العلم بالأمر بها، والمفروض عدم العلم به ؛ لاحتمال أنْ تكون مباحةً أو مكروهةً ([35]).


 


 


الجواب عن إشكال الاحتياط في العبادات


وقد أجيب عن هذا الإشكال بعدّة أجوبة منها:


الجواب الأوّل: للشيخ الأنصاريّ وحاصله:


إنَّ في الأوامر الدالّة على الاحتياط – والتي وردت في الأخبار –، وقد ذكرنا قسماً منها في المقصد السابق على وجهين:


الأوّل: أنْ يكون المراد من الاحتياط المأمور به هو الاحتياط بمعناه الحقيقيّ، وهو إتيان العمل بجميع ما يعتبر فيه من الأجزاء والشرائط بما فيها قصد التقرّب وقصد الأمر.


الثاني: أنْ يكون المراد من الاحتياط المأمور به هو الاحتياط بمعناه المجازيّ، وهو إتيان العمل بجميع ما يعتبر فيه من الأجزاء والشرائط باستثناء قصد التقرّب وقصد الأمر.


والتحقيق أنَّ الإشكال يلزم على الوجه الأوّل، إلاَّ أنّه غيرُ مراد قطعاً.


وأمّا على الوجه الثاني – وهو المراد من الاحتياط بمعناه المجازيّ في الأخبار الآمرة به – فلا يلزم الإشكال ؛ إذ لا يكون قصد القربة (قصد الأمر) دخيلاً في موضوع الأمر بالاحتياط، بل كان موضوعه مجرّد إتيان الفعل بجميع أجزائه وشرائطه باستثناء قصد القربة، وعليه فيمكن تحقّق عنوان الاحتياط في العبادة بالإتيان بالعمل بتمام أجزائه وشرائطه باستثناء قصد القربة، ولو مع الجهل بتعلّق الأمر به، بل يكفي احتمال الأمر به شرعاً.


فالنتيجة: أنّه يمكن للمكلّف أنْ يقصد التقرّب بهذا العمل بنفس الأمر بالاحتياط ([36]).


تعقيب ومناقشة


ويمكن أنْ يلاحظ على كلام الشيخ الأنصاريّ بأمرين:


الأوّل: عدم وجود الدليل على حسن الاحتياط بهذا المعنى في العبادات ؛ لأنَّ الإتيان بالفعل العبادي مجرّداً عن قصد القربة ليس باحتياط حقيقةً، بل هو لو دلَّ عليه دليلٌ كان مطلوباً نفسيّاً عباديّاً، والمفروض أنَّ الاحتياط مطلوبٌ غيريٌّ إرشاديٌّ، فما ذكره الشيخ الأنصاريّ من معنى الاحتياط أجنبيٌّ عن واقع الاحتياط وحقيقته.


الثاني: إنَّ صرف الاحتياط عن معناه الحقيقيّ إلى المعنى الذي ذكره الشيخ الأنصاريّ التزامٌ منه بإشكال الاحتياط في العبادات ؛ وذلك لأنَّ تجريد الفعل عن قصد (نيّة) القربة دليلٌ على عدم إمكان الاحتياط بمعناه الحقيقيّ في العبادات، وأنَّ معنى الاحتياط الحقيقيّ لا يجري في العبادات إلاَّ بتجريده عن قصد القربة، وهو ممّا لا يمكن الالتزام به ؛ إذ هو مورد فتوى المشهور بجريان الاحتياط في العبادات.


 


الجواب الثاني: للآخوند الخراسانيّ ([37])، وتبعه في ذلك أكثر مَنْ تأخّر عنه كالمحقّق العراقيّ ([38])، والسيّدين            الخوئيّ ([39]) والخمينيّ ([40])، وحاصله:


إنَّ الإشكال مبتنٍ على كون قصد القربة المعتبرة في العبادة ممّا يتعلّق بها الأمر شرعاً كسائر الأجزاء مثل الركوع والسجود ونحوهما، والشرائط كالطهارة والستر والاستقبال ونحو ذلك، فحينئذٍ يلزم الإشكال المذكور. إلاَّ أنَّ الصحيح أنَّ اعتبار قصد القربة في العبادة إنّما يكون بحكم العقل ؛ لأنّه من الأمور المحصِّلة لغرض المولى فيحكم العقل باعتباره.


فالنتيجة: أنّه لا مانع من جريان الاحتياط في العبادة، غاية الأمر أنّه لا بدَّ أنْ يُؤتى به على نحوٍ لو كان مأموراً به واقعاً كان مقرّباً، وذلك يحصل في أحد موردين:


1 – إمّا بداعي احتمال الأمر.


2 – أو بداعي احتمال محبوبيّته.


وعليه فإنْ كان مأموراً به واقعاً كان امتثالاً للأمر، وإنْ لم يكن مأموراً به كان انقياداً للمولى، فهو على كلِّ حالٍ يستحقّ الثواب:


أ – إمّا على الطاعة – على تقدير وجود الأمر واقعاً –.


ب – أو على الانقياد – على تقدير عدم وجود الأمر واقعاً –.


والظاهر أنَّ الجواب الثاني هو الأحرى بالقبول.


المقصد الثالث: قاعدة التسامح في أدلّة السنن


إذا ورد خبر ضعيف غير جامع لشرائط الحجّيّة فدلّ على ترتّب الثواب على فعلٍ من الأفعال، فلا إشكال في ترتّب الثواب على ذلك الفعل إذا أتى به:


·        بقصد تحصيل ذلك الثواب.


·        أو برجاء احتمال المطلوبيّة.


وأمّا الحكم باستحباب ذلك الفعل ورجحانه شرعاً ففيه اختلافٌ بين الأصوليّين، فقال بعضهم بالاستحباب وآخرون بعدمه.


وقد عبّروا عن هذا الحكم الكلّيّ بـ (قاعدة التسامح في أدلّة السنن)، ويعنون بذلك ثبوت التسامح والتساهل شرعاً في الحكم بالثواب أو الاستحباب وحصولهما بورود خبرٍ في هذا الباب، ولو لم يكن حجّةً في سائر الأبواب ([41]).


أو قل: يستثنى من شرطيّة الأخذ بخبر الثقة، الأخبار الضعيفة الدالّة على:


1 – المستحبّات.


2 – مطلق الأوامر والنواهي غير الإلزاميّة.


على اختلاف بين الأصوليّين في ذلك، فيقال: بأنَّ خبر الثقة حجّةٌ في إثبات الاستحباب أو الكراهة ما لم يعلم ببطلان مفادها.


فيتحصّل أنَّ في المقام صوراً ثلاث:


الأولى: العلم بأنَّ خبر غير الثقة قد دلَّ على المستحبّات أو المكروهات.


وحكمها أنّها حجّة في دلالتها على ذلك.


الثانية: العلم ببطلان مفاد خبر غير الثقة في المستحبّات أو المكروهات.


وحكمها عدم التعويل عليها.


الثالثة: عدم العلم بذلك. وهنا فقط تجري قاعدة التسامح في أدلّة السنن ([42]).


 


وقد وردت بعض الأخبار الدالّة على استحباب العمل الذي بلغ عليه الثواب وإنْ كان الخبر الدالّ على ترتّب الثواب ضعيفاً ولم يقله النبيّ (r) ([43]).


وتسمّى هذه الأخبار بـ (أخبار مَنْ بلغ)، وهي أخبارٌ مستفيضةٌ، بل لا يبعد تواترها ([44]).


منها: صحيحة هشام بن سالم عن أبي عبد الله الصادق (A) قال: ((مَنْ بلَغَه عن النبيّ (r) شيءٌ من الثواب فعَمِلَهُ كان أجرُ ذلك له، وإنْ كان رسول الله (r) لم يَقُله)) ([45]).


ومنها: ما رُوي عن صفوان عن أبي عبد الله (A) أنّه قال: ((مَنْ بلغه شيءٌ من الثواب على شيءٍ من الخير فعمل به كان له أجر ذلك، وإنْ كان رسول الله (r) لم يقله)) ([46]).


ومنها: خبر محمّد بن مروان ] الأوّل [ عن أبي عبد الله (A) قال: ((مَنْ بلغه عن النبيّ (r) شيءٌ من الثواب ففعل ذلك طلَبَ قول النبيّ (r) كان له ذلك الثواب، وإنْ كان النبيّ (r) لم يقله)) ([47]).


ومنها: خبر محمّد بن مروان ] الآخر [، قال سمعت أبا جعفر ] الباقر [ (A) يقول: ((مَنْ بلغه ثوابٌ من الله على عمل فعمل ذلك العمل التماس ذلك الثواب اُوتيه، وإنْ لم يكن الحديث كما بلغه)) ([48]).


والمحتمل في مفاد صحيحة هشام بن سالم وغيرها من أخبار (مَنْ بلغ) وجوهٌ كثيرةٌ، والمهمّ منها سبعة:


الوجه الأوّل: أنْ يكون مفاد أخبار (مَنْ بلغ) جعل الحجّيّة للخبر الضعيف بالنسبة إلى الاستحباب، سواء قام على وجوب الشيء أو على استحبابه، فعليه يثبت الاستحباب بكلِّ خبرٍ ضعيفٍ لم يكن موثوق الصدور. وهذا الوجه هو المناسب لما اشتهر في كلمات العلماء من القول بـ (التسامح في أدلّة السنن) ([49])، فظاهر فتوى المشهور بالاستحباب بمجرّد ورود الخبر الضعيف الدالّ على وجوب الفعل أو استحبابه هو هذا الوجه حتّى اشتهر تعليل ذلك بـ (التسامح في أدلّة السنن) ؛ إذ لولا استفادتهم من الأخبار المذكورة ذلك لم يكن وجهٌ لإفتاء العاميّ بالاستحباب بمجرّد عثور المجتهد على الخبر وعدم عثور العاميّ عليه.


الوجه الثاني: أنْ يكون مفاد أخبار (مَنْ بلغ) إسقاط شرائط حجّيّة الخبر – من الوثاقة أو العدالة – في باب المستحبّات، فلا يعتبر في الخبر الواحد القائم على استحباب الشيء ما يعتبر في الخبر الواحد القائم على وجوب الشيء، فيكون مفاد أخبار (مَنْ بلغ) أنَّ الشرائط المعتبرة في حجّيّة خبر الواحد من الإيمان والعدالة وغيرهما تختلف بالنسبة إلى الأحكام الإلزاميّة كالوجوب والحرمة وغيرها كالاستحباب والكراهة، فتكون هذه الأخبار تخصيصاً للأدلّة الدالّة على اعتبار هذه الشرائط في حجّيّة خبر الواحد، فإذا دلَّ خبرٌ ضعيفٌ على وجوب شيء فلا يثبت به وجوبه، وأمّا لو دلَّ على استحباب شيء فيثبت به استحبابه من جهة تلك الأخبار الدالّة على عدم اعتبار تلك الشرائط فيما كان المُخبر به حكماً غير إلزاميّ ([50]). وهذا الوجه قوّاه المحقّق النائينيّ بعد ما نسبه إلى المشهور ([51]).


الوجه الثالث: أنْ يكون مفاد أخبار (مَنْ بلغ) استحباب العمل بوصف كونه ممّا بلغ عليه الثواب، بحيث يكون بلوغ الثواب جهة تقييديّة ودخيلاً في موضوع الحكم، فيكون المستحبّ هو العمل المأتيّ به برجاء الثواب عليه. وهذا ما يظهر من كلمات الشيخ الأنصاريّ([52])، واختاره أيضاً السيّد حسن البجنورديّ(ت 1395 هـ)([53]).


واُستدلّ لهذا الوجه: أنَّ الظاهر من هذه الأخبار هو العمل المأتيّ به بداعي البلوغ والثواب، وذلك بقرينة كلمة (فاء) التفريع في قوله (A): (فعمله) ؛ إذ فرّع الإمام (A) العمل على البلوغ، وهذا يدلّ على أنَّ الداعي إلى العمل هو بلوغ الثواب، فيكون الثواب على العمل المأتيّ به بداعي بلوغ الثواب لا نفس العمل بما هو هو .


ويؤيّده تقييد العمل في غير واحدٍ من تلك الأخبار – كخبر محّمد بن مروان الأوّل – بطلب قول النبيّ (r)، والتماس الثواب الموعود – كخبر محّمد بن مروان الآخر – على ما يستفاد من قوله (A) في بعض الأخبار " فعمله " التماس ذلك الثواب، أو طلب قول النبيّ (r) ؛ إذ دلّت تلك الأخبار على ترتّب الثواب على العمل بداعي طلب النبيّ (r)، وبرجاء الثواب الموعود لا على العمل بما هو هو، فليس المقام نظير مَنْ سرّح لحيته أو صام وصلّى فله كذا من الثواب الذي يكون ترتّب الثواب فيه على نفس تسريح اللحية ونفس الصوم والصلاة ([54]).


مناقشة وتعقيب


إنَّ فاء التفريع وإنْ اقتضت تفريع العمل على البلوغ، وكون البلوغ هو الداعي إلى العمل إلاّ أنَّ ذلك لا يوجب كون الثواب مترتّباً على العمل بداعي البلوغ وبرجاء كونه مطلوباً وبعنوان الاحتياط، فإنَّ الداعي إلى الفعل ممّا لا يوجب للفعل وجهاً وعنواناً يؤتى به بذلك الوجه والعنوان ؛ ضرورة أنَّ الداعي جهةٌ تعليليّةٌ للعمل وخارجةٌ عن حقيقته وليس جهةً تقييديّةٌ حتّى يكون جزءً من موضوع الحكم بإعطاء الثواب على العمل.


وبالجملة: إنَّ داعي البلوغ والتماس الأجر والثواب لا يوجب وجهاً وعنواناً للعمل ؛ لأنّه جهةٌ تعليليّةٌ، والموجب للوجه والعنوان هو الجهة التقييديّة، وهي مفقودةٌ في المقام.


الوجه الرابع: أنْ يكون مفاد أخبار (مَنْ بلغ) استحباب نفس العمل الذي بلغ الثواب عليه، فإذا بلغ ثوابٌ على عملٍ في رواية صحَّ الحكم باستحباب ذلك العمل، وعليه يكون بلوغ الثواب من جهة تعليليّة للحكم باستحباب نفس العمل. وهذا الوجه اختاره الآخوند الخراسانيّ ([55])، ووافقه أيضاً – تلميذه – المحقّق الأصفهانيّ ([56]).


الوجه الخامس: أنْ يكون مفاد أخبار (مَنْ بلغ) هو الإرشاد إلى حكم العقل بحسن الاحتياط والانقياد وترتّب الثواب على إتيان العمل الذي بلغ عليه الثواب برجاء الثواب عليه، سواء كان محتمل الوجوب فأتاه حفظاً للواجب، أم كان محتمل الندب فأتاه حفظاً للمندوب، فيكون مفادها أنَّ الانقياد في ترتّب الثواب مثل الإطاعة غاية الأمر ثواب الإطاعة بالاستحقاق وثواب الانقياد بالتفضّل، بمعنى أنّه ولو لم يأتِ بما هو واجبٌ أو مستحبٌّ ولكنّه بعد ما عمله عقيب قيام الحجّة التماس ذلك الثواب فالله تبارك وتعالى يتفضّل عليه بإعطاء الأجر، ولو أخطأت الحجّة.


وبعبارة أخرى: إنَّ عمله وتعبه لا يذهب سدى عند خطأ الحجّة.


وهذا الوجه تبنّاه المحقّق العراقيّ ([57])، ووافقه – من المعاصرين – أيضاً السيّد الخمينيّ ([58]).


الوجه السادس: أنْ يكون مفاد أخبار (مَنْ بلغ) الإخبار عن فضل الله تعالى يتفضّل على العامل بإعطاء الثواب بما بلغه وأتاه. وهذا الوجه اختاره السيّد الخوئيّ ([59]).


الوجه السابع: أنْ يكون مفاد أخبار (مَنْ بلغ) إرشاداً إلى حكم العقل بحسن الاحتياط واستحقاق المحتاط للثواب، ووجود وعد مولويّ للمكلّف في هذه الأخبار لمصلحةٍ في نفس الوعد، ولو كانت هذه المصلحة هي الترغيب في الاحتياط باعتبار حسنه عقلاً. وهذا الوجه تبنّاه السيّد محمّد باقر الصدر ([60]).


الأثر النظريّ والعمليّ لهذه الاحتمالات


أوّلاً: الأثر النظريّ لهذه الاحتمالات


أنَّ البحث عن مفاد أخبار (مَنْ بلغ) يكون مسألة:


1 – أصوليّة على الوجه الأوّل والثاني.


2 – فقهيّة على الوجه الثالث والرابع.


3 – كلاميّة على الوجه والخامس والسادس والسابع([61]).


ثانياً: الأثر العمليّ لهذه الاحتمالات


جواز الإفتاء بالاستحباب في الاحتمالات الأربعة الأولى، ولا يجوز ذلك في الاحتمالات الثلاثة الأخيرة ([62]).


وتجدر الإشارة إلى أنَّ قاعدة التسامح في أدلّة السنن ثابتةٌ عند المشهور ([63]).


وأمّا السيّد محسن الحكيم ([64])، والسيّد الخوئيّ ([65])، وأكثر تلامذته كالسيّد محمّد باقر الصدر ([66])، والسيّد محمّد الحسينيّ الروحانيّ ([67])، والسيّد السيستانيّ ([68])، والشيخ الفيّاض ([69])، والشيخ الوحيد الخراسانيّ (معاصر)([70])، وظاهر كلٍّ من السيّد محمّد سعيد الحكيم ([71])، والسيّد عليّ الحسينيّ الخامنئيّ (معاصر) ([72])، وآخرين، فيرون عدم ثبوتها.


ويتفرّع على ما ذُكر ( من عدم ثبوت قاعدة التسامح ) لزوم إتيان العبادة التي لم يثبت استحبابها شرعاً إلاَّ وفق قاعدة التسامح بعنوان (رجاء المطلوبيّة)، وكذا الحال في المكروهات فتترك برجاء المطلوبيّة.


ومن العبادات المندوبة التي ثبتت وفق قاعدة التسامح، والتي يلزم – فتوى أو احتياط – إتيانها بعنوان رجاء المطلوبيّة:


أ: دعاء السمات الذي يستحبّ قراءته في آخر ساعة من يوم الجمعة ([73]).


ب: صلاة الغفيلة – التي تُؤدّى ما بين صلاة المغرب والعشاء – على رأي بعض الأعلام كالسيّد محمّد رضا الكلبايكانيّ (ت 1414 هـ) ([74]). ونحو ذلك.


 


 


 


 


 


 


المطلب الثالث: جريان البراءة في الشبهات الموضوعيّة التحريميّة


 


وفيه مقصدان وتمهيد :


 


المقصد الأوّل : الأقوال في جريان البراءة في الشبهات الموضوعيّة التحريميّة .


المقصد الثاني : أدلّة الأقوال .


 


 


\\تمهيد


قسّم الأصوليّون الشبهات إلى قسمين:


الأوّل: الشبهات الحكميّة: وهي ما إذا كان الشكُّ في الحكم المتعلّق بأمر ما، أي هو الاشتباه فيما إذا كان حكم شيء إمّا حلالاً أم حراماً، أو واجباً أم مستحبّاً، طاهر أم نجس، وهكذا ([75]). وسمّيت شبهة حكميّة ؛ لأنَّ الشكَّ في نفس الحكم الشرعيّ، لا في موضوعه ([76])، فيكون منشؤها عدم العلم بالجعل ([77]).


الثاني: الشبهات الموضوعيّة: وهي ما إذا كان الشكُّ في أنْ يكون الشيء هو بعينه أو شيء آخر، أي التردّد في أنْ يكون هذا أو يكون ذاك ([78])، فإذا علمنا الحكم الشرعيّ واشتبه علينا موضوعه في الخارج فتكون الشبهة موضوعيّةً.


وسمّيت بذلك ؛ لأنَّ الشكَّ حصل في تشخيص موضوع الحكم، لا في الحكم نفسه، كما هي الحال في الشبهة الحكميّة ([79])، فيكون منشؤها عدم العلم بالموضوع، فيرجع الشكّ إلى الشكّ في فعليّة الحكم مع العلم بالجعل ([80]).


 مثالها كالاشتباه في ثوب الصلاة طاهرٌ أم نجسٌ، وأيضاً أنْ ترى المرأة حمرة ولم تعلم هل هي دم حيض أو استحاضة أو جرح أو غيرها ([81]) ؟ وكما لو علمنا أنَّ الشارع حرّم الخمر وأباح الخلَّ، ثمَّ اشتبه هذا المائع الخاصّ هل هو خمر أو خلّ ([82]) ؟


والمثال الذي يجمع الشبهتين معاً: ما إذا علمنا بانتهاء النهار باستتار قرص الشمس مثلاً، وشككنا في تحقّق الاستتار وعدمه، أو على نحو الشبهة الحكميّة، كما إذا لم نعلم أنَّ انتهاء النهار هو استتار قرص الشمس، أو ذهاب الحمرة المشرقيّة ([83]).


وذكر الأصوليّون أيضاً الشبهة المصداقيّة وفسّروها بأنّها: ما إذا كان الشكِّ في دخول فرد من أفراد العامّ في الخاصّ مع وضوح مفهوم هذا الخاصّ ([84])، كما إذا علم المكلّف معنى الغناء – مثلاً – ولكنّه شُكَّ في أنَّ هذا الصوت من أفراد الغناء أو ليس من أفراده، فهذه تعدُّ شبهة مصداقيّة. والمعروف عدم الحكم بحرمة الغناء في المثال المذكور ([85]).


والمعروف أنَّ كل شبهة مصداقيّة هي شبهة موضوعيّة ولا عكس، أي ليس كلُّ شبهة موضوعيّة شبهة مصداقيّة ([86])؛ لاحتمال كون الشكّ في مفهوم الموضوع ([87]).


فالنتيجة: أنّ الشكّ الّذي عليه مدار أغلب الأصول العمليّة:


أ – إمّا في أصل التكليف.


ب – أو في المكلّف به.


وعلى تقديري الشكّ في التكليف والشكّ في المكلّف به:


·       فإمّا أنْ يكون الشكُّ لشبهة حكميّة إذا استند الشكّ إلى أمر يرجع إلى الشارع.


·       أو يكون الشكُّ لشبهة موضوعيّة إذا استند إلى أمر خارج لا مدخل للشارع فيه، من اشتباه كما في اشتباه القبلة والمائع المردّد بين الخلّ والخمر، أو عدم تمييز كما في الإنائين المشتبهين، وغيرهما من فروض الشبهة المحصورة.


وضابط الفرق بينهما: أنّ كلَّ شبهة يكون رفعها من وظيفة الشارع ويرجع في رفعها إلى الأدلّة الشرعيّة المسوقة للأحكام الشرعيّة الكلّيّة فهي شبهة حكميّة، وكلّ شبهة رفعها ليس من وظيفة الشارع بل يرجع فيها إلى الأمارات المشخّصة للموضوعات الخارجيّة التي منها قول أهل الخبرة فهي شبهة موضوعيّة.


وبعبارة أخرى: إنَّ الشبهة الحكميّة ما يكون بيان المشكوك فيه من شأن الشارع، ويكون الشكّ في موارده إذ لا يزول إلاّ ببيانه، بخلاف الشبهة الموضوعيّة ؛ لكون الشكّ فيها ناشئاً عن أمر لا مدخل للشارع فيه.


 


وعليه فصور الشبهة ثمان، وهي:


1 – الشبهة الوجوبيّة الحكميّة في التكليف.


2 – الشبهة الوجوبيّة الحكميّة في المكلّف به.


3 – الشبهة الوجوبيّة الموضوعيّة في التكليف.


4 – الشبهة الوجوبيّة الموضوعيّة في المكلّف به.


5 – الشبهة التحريميّة الحكميّة في التكليف.


6 – الشبهة التحريميّة الحكميّة في المكلّف به.


7 – الشبهة التحريميّة الموضوعيّة في التكليف.


8 – الشبهة التحريميّة الموضوعيّة في المكلّف به.


 


وبعبارة أخرى: إنَّ الشبهات الحكميّة (+) في التكليف تنقسم إلى قسمين:


الأوّل: الشبهات الحكميّة الوجوبيّة: وهي ما إذا دار حكم الشيء بين كونه واجباً أو لا ؟


مثاله: الشكّ في وجوب الدعاء عند رؤية الهلال في أوّل الشهر مثلاً، أو الشكّ في وجوب صلاة العيد في زمن الغَيبة ؛ فإنَّ هذا الشكَّ ناتجٌ عن عدم العلم بالجعل الشرعيّ ([88]).


الثاني: الشبهات الحكميّة التحريميّة: وهي ما إذا دار حكم الشيء بين كونه حراماً أو لا ؟


مثاله: الشكّ في حرمة التدخين ؛ إذ يدور أمره بين كون حكمه الحرمة أو لا، أو أنّه من المفطّرات للصوم أو لا، أو الشكّ في نجاسة العصير العنبيّ إذا غلى قبل ذهاب ثلثيه ([89]).


 


 


والشبهات الموضوعيّة في التكليف بدورها تنقسم إلى قسمين:


الأوّل: الشبهات الموضوعيّة الوجوبيّة: وهي ما إذا دار أمر الشيء في الخارج هل هو مصداق وفرد من أفراد موضوع الواجب أو لا ؟ مثاله: كما إذا ورد: (أكرم العالم)، وكان مفهوم العالم واضحاً عند المكلّف إلاَّ أنّه شكَّ في المصداق الموجود في الخارج هو فرد من أفراد العلماء حتّى يجب إكرامه أو لا ؟ أو الشكّ في وجوب الحجِّ لعدم العلم بتوفّر الاستطاعة ؛ فإنَّ هذا الشكَّ لم ينشأ من عدم العلم بالجعل الشرعيّ ؛ لأنّنا جميعاً نعلم أنَّ الشارع جعل وجوب الحجِّ على المستطيع، وإنّما نشأ من عدم العلم بتحقّق موضوع الحكم – أي الاستطاعة – ([90]).


الثاني: الشبهات الموضوعيّة التحريميّة: وهي ما إذا دار أمر الشيء في الخارج هل هو مصداق وفرد من أفراد موضوع الحرام أو لا ؟ مثاله: الشكّ في السائل الموجود في الخارج هل هو خمرٌ فيلزم اجتنابه أو خلٌّ فيجوز شربه ([91]) ؟.


وتجدر الإشارة إلى أنّه لا يجوز للمقلّد إجراء أصالة البراءة أو الطهارة أو الاستصحاب في الشبهات الحكميّة ؛ لأنّها مشروطةٌ بالفحص عن مدارك الأحكام والتكاليف وعدم الظفر بالدليل على الحكم والتكليف في موارد إجرائها، وبما أنَّ العاميّ (المقلِّد) لا يتمكّن من هذا الفحص وإحراز عدم الدليل على التكليف، فلا يتمّ في حقّه الموضوع – وهو الشكّ – لاعتبار تلك الأصول .وهذا بخلاف الشبهات الموضوعيّة الصرفة فيجوز – بعد أنْ قلّد المجتهد في حجّيّتها – للمقلِّد إجراؤها – بعد أنْ قلّد المجتهد في جواز إجرائها –، كما إذا شكَّ في أنَّ هذا الماء هل لاقى نجساً أو لا ؟ فيبني على الطهارة إلى أنْ يعلم نجاسته ؛ إذ أنَّ المجتهد قد أفتى – مثلاً – بجريان قاعدة الطهارة أو البراءة في الشبهات الموضوعيّة، والمقلّد يطبّق هذه القاعدة في الخارج ([92]).


المقصد الأوّل: الأقوال في جريان البراءة في الشبهات الموضوعيّة التحريميّة


المعروف بين الأصوليّين جريان البراءة في الشبهات الوجوبيّة، حكميّة كانت أم موضوعيّة، واختلفوا في جريانها في الشبهات الحكميّة التحريميّة على رأيين:


الأوّل: ما ذهب إليه أصوليّو الإماميّة من جريان البراءة في المورد.


الثاني: ما عليه الإخباريون من عدم جريان البراءة في المقام، والأصل الجاري هنا هو الاحتياط (الاشتغال).


هذا في الشبهات الحكميّة التحريميّة.


وأمّا الشبهات الموضوعيّة التحريميّة فالأقوال فيها ثلاثة:


القول الأوّل: ما اختاره السيّد حسين الطباطبائيّ البروجرديّ من عدم جريان البراءة في المورد، والأصل الجاري في المقام هو الاحتياط . قال مقرّر أبحاث السيّد البروجرديّ: (... ولكن بناءً على ما هو التحقيق في معنى النهي من أنّه عبارة عن الزجر عن الفعل كما هو مختار السيّد الأستاذ] البروجرديّ [، فلا محالة ينحلّ الحكم إلى أحكام ] متعدّدة [، وإنْ لم يلاحظ الطبيعة مرآتاً للأفراد، بل لوحظت بما هي هي ؛ وذلك لأنَّ الزجر عن الطبيعة باعتبار مبغوضيّتها مستلزمٌ عقلاً للزجر عن كلِّ فرد من الطبيعة ؛ لأنَّ كلَّ فرد منها يكون نفس الطبيعة مع مشخّصات زائدة عليها ليس لها دخلٌ في المبغوضيّة فيكون كلُّ فرد بهذا الاعتبار مبغوضاً، وإنْ لم يكن ملحوظاً ولو بمرآته) ([93]).


القول الثاني: ما عليه الشيخ الأنصاريّ([94])، والمحقَّقين العراقيّ([95]) والأصفهانيّ([96])، والسيّدين الخوئيّ([97]) والخمينيّ([98])، تبعاً للمشهور – بل كاد أنْ يكون اتّفاقاً ([99]) – من جريان البراءة فيها.


قال الشيخ الأنصاريّ: (المسألة الرابعة: دوران الحكم بين الحرمة وغير الوجوب، مع كون الشكّ في الواقعة الجزئيّة لأجل الاشتباه في بعض الأمور الخارجيّة، كما إذا شكَّ في حرمة شرب مائع وإباحته للتردّد في أنّه خلٌّ أو خمرٌ، و] كما إذا شكَّ [في حرمة لحم للتردّد بين كونه من الشاة أو من الأرنب. والظاهر: عدم الخلاف ] حتّى من الإخباريّين [ في أنَّ مقتضى الأصل ] العمليّ الجاري [ فيه الإباحة) ([100]).


فنلاحظ أنَّ الشيخ الأنصاريّ قد نفى الخلاف بين الأصوليّين في جريان أصل البراءة والإباحة في المقام.


القول الثالث: ما تبنّاه الآخوند الخراسانيّ([101])وبعض تلامذته كالشيخ عبد الكريم الحائريّ([102])من التفصيل:


 أ – بين كون النهي بمعنى طلب ترك الشيء في زمان أو مكان على نحو يكون المطلوب فيه مجموع التروك من جهة المجموع إذ لو أتى بالشيء المنهي عنه في ذاك الزمان أو المكان، ولو مرّة واحدة لم يمتثل أصلاً، كما إذا نُهي عن الإجهار بالصوت في زمان خاصّ أو مكان خاصّ، فإذا أجهر آناً ما لم يحصل الغرض، ولم يمتثل للنهي أصلاً، بمعنى أنَّ النهي يكون حكماً واحداً متعلّقاً بترك الطبيعة رأساً، إذ لو وجد فرد من الطبيعة لما حصل الامتثال أصلاً ؛ لأنَّ إيجاد فرد منها إيجادٌ للطبيعة المنهي عنها.


ب – أو يكون النهي انحلاليّاً، بمعنى أنْ يكون كلُّ فرد من أفراد الموضوع محكوماً بحكم مستقلّ، فكلُّ فرد من أفراد الموضوع مطلوب تركه على حدة، فيكون قوله: " لا تشرب الخمر " بمنزلة قوله: " لا تشرب هذا الخمر ولا تشرب ذلك الخمر وهكذا ".


قال الآخوند الخراسانيّ: (أنّه لا يخفى أنَّ النهي عن شيء إذا كان بمعنى طلب تركه في زمان أو مكان، بحيث لو وجد في ذاك الزمان أو المكان – ولو دفعة – لما امتثل أصلاً، كان اللازم على المكلّف إحراز أنّه تركه بالمرّة ولو بالأصل، فلا يجوز الإتيان بشيء يشكّ معه في تركه، إلاَّ إذا كان مسبوقاً به ليستصحب مع الإتيان به. نعم، لو كان بمعنى طلب تركه كلّ فرد منه على حدة، لَما وجب إلاَّ ترك ما عُلم أنّه فردٌ، وحيث لم يُعلم تعلّق النهي إلاّ بما عُلم أنّه مصداقه، فأصالة البراءة في المصاديق المشتبهة محكَّمةٌ) ([103]).


 


 


 


المقصد الثاني: أدلّة الأقوال


أوّلاً: دليل القول الأوّل (أي عدم جريان البراءة في الشبهة الموضوعيّة التحريميّة)


اُستدلّ للقول الأوّل بأنَّ الشكَّ فيها ليس شكّاً في التكليف كي تجري فيها قاعدة قبح العقاب بلا بيان أو يُرجع إلى حديث الرفع ؛ فإنَّ وظيفة الشارع جعل الحكم بنحو الكلّيّ مثل: (الخمر حرام)، و (الصلاة واجبة)، ونحوهما، والمفروض أنّه معلومٌ للمكلّف، وإنّما الشكُّ نشأ في مقام الامتثال والتطبيق ؛ إذ يُشكّ أنَّ هذا المائع الخارجيّ هل ينطبق عليه متعلّق الحرمة وهو الخمر أو لا ؟ فالمتعيّن هو الرجوع إلى قاعدة الاشتغال ؛ لأنَّ اشتغال الذمّة اليقيني يستدعي الفراغ اليقينيّ ([104]).


وبعبارة أخرى: إنَّ وظيفة الشارع المقدّس هي جعل الحكم الكلّيّ، وقد بيّنه ووصل إلى المكلّف، وحينئذٍ:


أ – لا تجري قاعدة قبح العقاب بلا بيان (البراءة العقليّة) ؛ لعدم تحقّق موضوعها إذ البيان موجود.


ب – ولا يجري حديث الرفع ؛ لأنّه يرفع ما كان وضعه بيد الشارع، ومن الواضح أنَّ ما يكون وضعه بيده هو الحكم الكلّيّ لا الصغريات في المقام ([105]).


 


ثانياً: دليل القول الثاني (أي جريان البراءة في الشبهة الموضوعيّة التحريميّة) (+)


استدلّ أصحاب القول الأوّل بأنَّ الأحكام الشرعيّة مجعولةٌ بنحو القضايا الحقيقيّة التي يُحكم فيها على الأفراد المقدّر وجودها، فهي – أي الأحكام – تنحلّ إلى أحكام متعدّدة بتعدّد أفراد الموضوع، فكلُّ فردٍ من أفراد الموضوع حكمٌ مستقلٌّ.


وعليه فلو شُكَّ في كون شيءٍ مصداقاً للموضوع كان الشكُّ في الحقيقة في ثبوت الحكم له، فيكون بالنتيجة والمآل شكّاً في التكليف، والمرجع فيه البراءة لا الاشتغال ([106]).


 


ثالثاً: دليل القول الثالث (أي التفصيل في جريان البراءة في الشبهة الموضوعيّة التحريميّة)


تقدّم أنَّ الآخوند الخراسانيّ يفصّل في المسألة بين كون النهي انحلاليّاً فتجري البراءة وبين ما إذا لم يكن النهي كذلك – أي لم يكن انحلالياً – فلا تجري البراءة، والأصل الجاري في المقام هو قاعدة الاشتغال.


أمّا الدليل على جريان الاشتغال فيما إذا لم يكن النهي انحلاليّاً ؛ فلأنَّ تعلّق التكليف بترك الطبيعة رأساً معلومٌ، ولا يحرز امتثاله إلاَّ بترك كلِّ ما يحتمل انطباق الطبيعة عليه، فإذا شُكَّ في صوتٍ ما بنحو الشبهة الموضوعيّة أنّه هل هو إجهارٌ أو لا ؟ كما إذا كان في سمعه خللٌّ لا يميّز الجهر من غيره وجب حينئذٍ تركه، إلاَّ إذا كان مسبوقاً بترك الإجهار فيستصحب الترك مع الإتيان بالفرد المشكوك، أي يكون الامتثال حينئذٍ محرزاً بالتعبّد.


أمّا الدليل على جريان البراءة فيما إذا كان النهي انحلاليّاً ؛ فلكون الشكّ في المقام في انطباق الموضوع على شيءٍ شكّاً في ثبوت التكليف والمرجع هو البراءة، أي يقتصر في الترك على الأفراد المعلومة الانطباق، وأمّا الأفراد المشكوكة فتجري البراءة عن حرمتها.


وبعبارة أخرى: إنَّ مجرّد العلم بتحريم شيءٍ لا يوجب لزوم الاجتناب عن أفراده المشتبهة في صورتين:


الأولى: فيما إذا كان المطلوب بالنهي طلب ترك كلِّ فردٍ على حدة – أي كان النهي انحلالياً – ؛ لجريان البراءة عن حرمة الإتيان بالأفراد المشتبهة.


الثانية: فيما إذا المطلوب بالنهي طلب ترك الطبيعة – أي لم يكن النهي انحلالياً – مع سبق الترك ؛ لأنَّ ترك الطبيعة يحرز بالاستصحاب مع الإتيان بالفرد المشتبه.


وأمّا إذا كان المطلوب بالنهي طلب ترك الطبيعة ولم تكن مسبوقةً فالترك فلابدَّ من لزوم الاجتناب عن الأفراد  عقلاً ؛ لتحصيل الفراغ قطعاً، فكما يجب فيما عُلم وجوب شيءٍ إحراز إتيانه إطاعة لأمره، فكذلك يجب فيما عُلم حرمته إحراز تركه وعدم إتيانه امتثالاً لنهيه.


غاية الأمر كما أنَّ إحراز الواجب:


أ – تارة يكون بالوجدان. ب – وأخرى بالتعبّد (بالاستصحاب).


كذلك يحرز ترك الحرام تارة بالوجدان وأخرى بالتعبّد ([107]).


 


ويبدو أنَّ الرأي الراجح هو الثاني الذي تبنّاه المشهور ؛ فإنَّ الأصل في النهي أنْ يكون انحلاليّاً، وكونه على خلاف ذلك ممّا يحتاج إلى دليل.


 


 


 


 


 


المطلب الرابع : شرط حسن الاحتياط في مورد جريان البراءة


وفيه مقاصد ثلاثة :


 


الأوّل : الدليل على الاشتراط .


الثاني : حكم الاحتياط في المورد مع استلزامه الإخلال بالنظام .


الثالث : جواز التبعيض في الاحتياط إذا استلزم الإخلال بالنظام .


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


المقصد الأوّل: الدليل على الاشتراط


تقدّم في المقصد الثاني حسن الاحتياط في مورد جريان البراءة عقلاً ونقلاً – أي شرعاً –، ولا يخفى أنَّ الاحتياط مطلقاً كذلك – أي حسن عقلاً ونقلاً – في:


1 – الأحكام: كما إذا كان هناك دليلٌ على عدم الوجوب أو دليلٌ على عدم الحرمة، كما إذا فُرض قيام دليل على عدم وجوب الدعاء عند رؤية الهلال في أوّل الشهر – مثلاً –، هذا في الشبهات الوجوبيّة، أو قيام دليل على عدم حرمة التدخين في الشبهات التحريميّة.


2 – الموضوعات: كما إذا قامت أمارة معتبرة – كخبر الثقة مثلاً – على أنَّ الفرد المشتبه ليس فرداً للواجب، هذا في الشبهات الوجوبيّة، أو قامت الأمارة المعتبرة على أنّه ليس فرداً للحرام، كما إذا دلَّ خبر الثقة أنَّ السائل الخارجيّ ليس خمراً، وهذا في الشبهات التحريميّة.


ولا ريب في حسن الاحتياط أيضاً في الموردين المتقدّمين عقلاً وشرعاً ؛ فإنّه مع قيام دليل على نفي التكليف – وجوباً كان أم حرمة – لا ينفي موضوع حسن الاحتياط وهو احتمال وجود التكليف واقعاً ؛ فإنَّ احتمال ثبوت التكليف في الواقع كافٍ في حسن الاحتياط لأجل تدارك المصلحة الواقعيّة على تقدير وجودها.


وحسن الاحتياط مقيّدٌ (مشروطٌ) بعدم استلزامه اختلال النظام فعلاً، فإذا بلغ حدّ الإخلال بالنظام لم يكن الاحتياط حسناً ؛ لأنَّ ما يوجب الإخلال:


1 – قبيحٌ عند العقلاء.                                                         2 – مبغوضٌ عند الشارع المقدّس.


وعليه فالاحتياط قبل الإخلال بالنظام العامّ يكون حسناً مطلقاً، سواء كان في الأمور المهمّة بنظر الشرع كالدماء والفروج أم غير المهمّة، وسواء كان احتمال التكليف قويّاً أم ضعيفاً، وسواء كان هناك دليلٌ على نفي التكليف أم لا([108]).


فحسن الاحتياط باقٍ على حاله من الحسن، ولكن بشرطين:


الأوّل: ما لم يصل العمل بالاحتياط إلى الوسوسة.


الثاني: لم يعارض الاحتياط أهمّ منه شرعاً وعقلاً ([109]).


فالنتيجة: أنَّ في المقام صوراً ثمان حاصلة من ضرب 2 × 2 × 2، والاحتياط حسن في جميع هذه الصور ما لم يستلزم الإخلال بالنظام، وهي:


1 – أنَّ يكون المورد الذي يراد الاحتياط فيه من الأمور المهمّة في نظر الشرع (ويعبّر عنه بقوّة المحتمل)، مع كون احتمال التكليف به قويّاً (ويعبّر عنه بقوّة الاحتمال)، وقد قام دليلٌ على نفي التكليف به.


2 – أنَّ يكون المورد الذي يراد الاحتياط فيه من الأمور المهمّة في نظر الشرع، مع كون احتمال التكليف به قويّاً، ولم يقم دليلٌ على نفي التكليف به.


3 – أنَّ يكون المورد الذي يراد الاحتياط فيه من الأمور المهمّة في نظر الشرع، مع كون احتمال التكليف به ضعيفاً (ويعبّر عنه بضعف الاحتمال)، وقد قام دليلٌ على نفي التكليف به.


4 – أنَّ يكون المورد الذي يراد الاحتياط فيه من الأمور المهمّة في نظر الشرع، مع كون احتمال التكليف به ضعيفاً، ولم يقم دليلٌ على نفي التكليف به.


5 – أنَّ يكون المورد الذي يراد الاحتياط فيه من الأمور غير المهمّة في نظر الشرع (ويعبّر عنه بضعف المحتمل)، مع كون احتمال التكليف به قويّاً، وقد قام دليلٌ على نفي التكليف به.


6 – أنَّ يكون المورد الذي يراد الاحتياط فيه من الأمور غير المهمّة في نظر الشرع، ويعبّر عنه بقوّة المحتمل، مع كون احتمال التكليف به قويّاً، ولم يقم دليلٌ على نفي التكليف به.


7 – أنَّ يكون المورد الذي يراد الاحتياط فيه من الأمور غير المهمّة في نظر الشرع، ويعبّر عنه بقوّة المحتمل، مع كون احتمال التكليف به ضعيفاً، وقد قام دليلٌ على نفي التكليف به.


8 – أنَّ يكون المورد الذي يراد الاحتياط فيه من الأمور غير المهمّة في نظر الشرع، ويعبّر عنه بقوّة المحتمل، مع كون احتمال التكليف به ضعيفاً، ولم يقم دليلٌ على نفي التكليف به.


 


فالنتيجة: أنَّ الاحتياط في الصور المتقدّمة حسنٌ ما لم يستلزم إخلالاً في النظام، كما أنَّ الاحتياط الموجب لاختلال النظام لا يكون حسناً مطلقاً، أي في جميع الصور المتقدّمة.


 


المقصد الثاني: حكم الاحتياط في المورد مع استلزامه الإخلال بالنظام


تقدّم آنفاً أنّه لا يعتبر في حُسن الاحتياط شيءٌ أصلاً، بل يحسن الاحتياط على كلِّ حالٍ، وبه يحرز الواقع ([110])، إلاَّ إذا كان الاحتياط موجباً لاختلال النظام، فلا يكون حسناً ([111]) ؛ إذ مع كونه مخلاًّ بالنظام لا يصدق عنوان الاحتياط لكونه مبغوضاً للمولى، وذلك يختلف باختلاف الأشخاص، واختلاف الحالات الطارئة لهم([112]).


وكلمات الأصوليّين في المستثنى – أي في الاحتياط الموجب لاختلال النظام – مختلفةٌ على أقوال:


الأوّل: ما اختاره الشيخ الأنصاريّ ([113])، وظاهر السيّد محمّد الشيرازيّ (ت 1418 هـ) ([114])، من أنَّ الاحتياط حسنٌ إلاَّ إذا كان موجباً لاختلال النظام بما يلزم منه الحرام.


قال الشيخ الأنصاريّ ما يأتي: (فالأولى: الحكم برجحان الاحتياط في كلِّ موضع لا يلزم منه الحرام)([115]).


الثاني: ما نقله الشيخ الأنصاريّ من دون أنْ ينسبه لقائلٍ معيّن من أنَّ رجحان واستحباب الاحتياط بصورة لزوم اختلال النظام العسر.


وقد ناقشه الشيخ الأنصاريّ: بأنَّ ذلك يقدح في وجوب الاحتياط لا حسنه ([116])، أي إذا كان هناك عسرٌ فوجوب الاحتياط لا يرفع حسنه واستحبابه ؛ لأنَّ أدلّة العسر والحرج لا تجري في الأحكام غير الإلزاميّة كالاستحباب في المورد، بعد عدم تضمّن الأحكام غير الإلزاميّة التكليف والمسؤولية والضيق، فأيُّ شيءٍ ترفعه أدلّة نفي الحرج والعسر ([117]) ؟


الثالث: ما تبنّاه المحقّق النائينيّ من استثناء رجحان الاحتياط ما إذا كانت الشبهة مقرونةً بالعلم الإجماليّ، وكان هناك حجّة ودليل شرعيّ محرز على خلاف الاحتياط، وتمكّن المكلّف من الامتثال التفصيليّ بواسطة الدليل الشرعيّ، ففي هذه الحالة يجب على المكلّف أنْ يعمل أوّلاً بمؤدّى الدليل الشرعيّ ثمَّ يعقّبه بالعمل على خلاف ما اقتضاه الدليل ؛ إحرازاً للواقع ([118]).


الرابع: ما ذهب إليه السيّد محسن الحكيم من أنَّ الاحتياط حسنٌ باستثناء ما إذا خالف الاحتياط من جهة أخرى، أو انطبق على العمل بالاحتياط عنوانٌ مكروهٌ أو حرامٌ، أو أدّى العمل بالاحتياط إلى عنوان مكروه ([119]).


المقصد الثالث: جواز التبعيض في الاحتياط إذا استلزم الإخلال بالنظام


تقدّم آنفاً أنَّ الاحتياط لا يكون حسناً مع استلزامه اختلال النظام، إلاَّ أنَّ الأصوليّين قد ذكروا أنَّ الراجح للمكلّف الملتفت من أوّل الأمر إلى أنَّ الاحتياط التامّ يؤدّي إلى اختلال النظام أنَّ يبعّض في الاحتياط، بمعنى ترجيح بعض الاحتياطات على بعض . والتبعيض في الاحتياط يكون بأحد وجهين:


الأوّل: ترجيح بعض الأطراف بحسب قوّة المحتمل


فإنْ كان المورد ممّا قد أهتمّ به الشارع كالدماء والفروج، بل مطلق حقوق الناس بالنسبة إلى حقوق الله تعالى ([120])، وقدّمه على غيره، سواء كان احتمال التكليف قويّاً أم ضعيفاً، فالموارد المهمّة على هذا الوجه أولى بالاحتياط من غيرها، ولا عبرة بقوّة الاحتمال وضعفه حينئذٍ.


ويدلّ على هذا: جميع ما ورد من التأكيد في أمر النكاح، وأنّه شديدٌ، وأنّه منه الولد، وقد قال الإمام أبو عبد الله (A): ((إنَّ النكاح أحرى وأحرى أنْ يحتاط فيه وهو فرج ومنه يكون الولد...)) ([121])، بلحاظ أنَّ التنبيه على الاحتياط في النكاح، والتشديد عليه وإغفاله في غيره من الشبهات الموضوعيّة قد يدلّ على أهمّيّته ورجحانه على غيره ([122])، فيحتاط في المحتمل من الأمور المهمّة في نظر الشارع كالدماء والفروج وحقوق الناس لا في غيرها ([123]).


الثاني: ترجيح بعض الأطراف بحسب قوّة الاحتمال


فإذا كان هناك تكاليف متعدّدة محتملة فبعضها مظنون وبعضها مشكوك أو موهوم أُخذ بالمظنون وترك الاحتياط في غيره، فقوّي الاحتمال في هذا الوجه أولى بالاحتياط من ضعيفه، ولا عبرة بقوّة المحتمل حينئذٍ، سواء كان من الأمور المهمّة أم لا ([124]). ويدلّ على هذا: حكم العقل بعد ملاحظة حسن الاحتياط مطلقاً واستلزام كلّيّته اختلال النظام ([125]).


مناقشة وتعقيب


المعروف أنَّ الشارع قد أوجب الاحتياط في الأمور المهمّة بمقتضى كثير من الأدلّة الدالّة على ذلك، فيكون ترجيح بعض الاحتياطات على بعض واجباً ولازماً لا أنّه راجحٌ ومستحبٌ.


محل الاستفادة من هذا المبحث


وتجدر الإشارة إلى أنَّ الأمثلة (التطبيقات) الشرعيّة لهذا المبحث – حسن الاحتياط في مورد جريان البراءة مشروطٌ بما لم يخلّ بالنظام العامّ – كثيرة:


منها: اهتمام الشارع بالاحتياط في الأمور المهمّة كالدماء والفروج بل مطلق حقوق الناس بالنسبة إلى حقّ الله تعالى، وتقديم حقّ الناس على حقّ الله تعالى في مقام المزاحمة، وما ذلك إلاَّ من جهة أنَّ الاحتياط بتقديم حقّ الله تعالى يستلزم الاختلال بالنظام العامّ ([126]).


وتجدر الإشارة إلى أنَّ عنوان (حفظ النظام) من العناوين الثانويّة، وقد بنى الفقهاء على اعتبار حفظ النظام من العناوين التي تُحمل إلزاماً وجوبيّاً على كلِّ فعل يؤدّي إليه . ومن تطبيقات هذا العنوان الثانوي ما سيأتي في مسألة الاستنساخ البشريّ، والذي هو جائزٌ بعنوانه الأوّليّ (في حد نفسه)، إلاَّ أنه لابدَّ من ملاحظة العناوين الثانويّة كالإخلال بالنظام، وذلك فيما لو وزِّعت اللُقيحة إلى عدّة أجنّة، واُستعملت في وقت واحد ضمن عدّة أرحام، فأوجب ذلك عدم التشخيص بين التوائم، بينما التمايز والاختلاف بين أبناء البشر ضرورة للمجتمعات الإنسانيّة اقتضتها حكمة الله سبحانه وتعالى ([127]). كما يحرم وضع ما يضرّ المارّة في الطرقات والشوارع من قاذورات أو مواد بناء ونحو ذلك، ويجوز معاقبة الفاعل بتغريمه مبلغاً من المال لردعه، ولحفظ المصالح العامّة ([128]).


ومن تطبيقات مراعاة حفظ النظام العامّ أيضاً ما يتعارف في المجال الطبّيّ من منع دارسي الطبّ من الحضور إلى المستشفى قبل يومين من موعد الامتحانات السريريّة ؛ لكي لا يكتشفوا الحالات الموجودة في المستشفى، فإنَّ الذهاب إليه في هذه الأيّام لمعرفة الحالات الموجودة أو القيام بسؤال الأطبّاء الموجودين هناك وإنْ كان جائزاً في حدّ نفسه إلاَّ أنّه إذا كان خلاف النظام فحينئذٍ يُراعى النظام العامّ ([129]).


ومن هذا التنبيه يمكن استفادة بعض الموارد في نظرية الحقِّ بلزوم تقديم حقّ الناس على حقِّ الله تعالى لأهميّته، وكون الاحتياط بتقديم حقّ الله تعالى على حقّ الناس يستلزم الاختلال بالنظام العامّ في كثير من الموارد.


وتجدر الإشارة إلى أنَّ مكتب السيّد السيستانيّ قد قام مؤخّراً – وتحديداً في أواخر شهر ربيع الثاني من هذه السنة – بإصدار بيان أشبه بالوثيقة يتضمّن نصائح وتوجيهات للمقاتلين في ساحات الجهاد، بيّن وبشكل مفصّل حقوق أطراف النزاع كافّة من الأهالي، والأعداء، والمشاركين في القتال – من الطرفين – والمساندين لهم ([130]).


 


 


 


 


 


المبحث الثاني : أثر تنبيهات البراءة في الاستنباط الفقهيّ المعاصر


 


وفيه مطلبان :


 


الأوّل : أثر تنبيهات البراءة في المجال الطبّي         المعاصر .


الثاني : أثر تنبيهات البراءة في  المجالات المعاصرة غير الطبّيّة .


 


 


 


 


 


المطلب الأوّل : أثر تنبيهات البراءة في المجال الطبّي  المعاصر


وفيه مسائل :


 


ت


عنوان المسألة


ت


عنوان المسألة


1


حقن الزوجة بالسائل المنوي لزوجها  ( التلقيح الصناعيّ )


14


الأبحاث الطبّيّة على الحيوانات


2


زرع البويضة المنتزعة من امرأة في رحم حيوان أو نحوه


15


إجراء العمليات التجميليّة


3


المنع من الحمل


16


تشريح جسد المشكوك إسلامه


4


الحكم الشرعيّ التكليفيّ للتصرّفات في مجال الهندسة الوراثيّة


17


استعمال السونار لمعرفة جنس الوليد


5


الاستنساخ البشريّ


18


استعمال الخيوط الجراحيّة المصنّعة من غير مأكول اللحم


6


زرع أعضاء الكافر في بدن المسلم


19


إجراء الولادة القيصريّة مع إمكانيّة الوضع الطبيعيّ


7


تزريق دم المرأة الأجنبيّة للرجل الأجنبيّ 


20


استعمال العقاقير لتأجيل الدورة الشهريّة


8


تغيير جنس الإنسان


21


العلاج بطرق خطرة لتأخير الموت


9


استخراج قطعة البلاتين من بدن المسلم الميّت


22


استعمال الخلايا  الجذعيّة للأغراض العلاجيّة


10


تشريح الميّت لاكتشاف شيء جديد في علم الطبّ ونحوه


23


استعمال جهاز الكي الكهربائيّ لختان الأطفال


11


زرع الشعر في الرأس


24


استعمال المخدّر الطبّيّ في الحدّ الشرعيّ


12


نظر المتعلّمين في المجال الطبّيّ إلى بدن الغير


25


دراسة وممارسة الطبيب الرجل التخصّصات النسائيّة


13


التحقيق بمعالجة المرضى بالموسيقى والكهرباء ونحوهما


26


التحوير الجينيّ على جنين الإنسان


 


 


 


المسألة الأولى: حقن الزوجة بالسائل المنوي لزوجها (التلقيح الصناعيّ)


المعروف أنَّ التلقيح الصناعيّ على أنواع:


1 – التلقيح داخل الرحم: وهو الأوسع انتشاراً، وطريقته أنْ يقوم الزوج بإنزال سائله المنَوي في زجاجة ذات عنق واسع، ثمَّ يتمّ سحب السائل في حقنة طبّيّة ويزرق في الرحم عن طريق إدخال الحقنة في المهبل.


2 – التلقيح داخل قناة فالوب: وطريقته أنْ تؤخذ الحيامن من السائل المنَوي للزوج بعد إنزاله في الزجاجة الطبّيّة، ثمَّ يستعمل مجسّ خاصّ يمكّن الأخصائيّ من إدخالها عن طريق المهبل والرحم باتّجاه قناة فالوب لتُحقن فيها.


3 – التلقيح داخل الحويصلة المبيضيّة: بحقنها بالحيامن المنتزعة من السائل المنَوي؛ وذلك عندما تكون الحيامن في حالة من الضعف الشديد لا تكون معه قادرةً على الوصول إلى البويضة واختراقها بغير ذلك.


والظاهر أنّه لا إشكال في جواز حقن الزوجة بمني زوجها في حدّ ذاته إذا اتّفقا على ذلك، وحصل رضا الطرفين، وحكم الولد منه حكم سائر أولادهما بلا فرق أصلاً ([131])، وتترتّب على ذلك جميع الآثار الحقوقيّة والحكميّة عليه؛ إذ أنّه ولد شرعاً وعرفاً ([132])، فيلحقه حكم جميع الأبناء من قبيل الإرث والنفقة ونحوهما ([133]).


فلا فرق في الحكم بالجواز بين ما إذا كان تلقيح البويضة في الرحم – سواء كان بطريق الوطئ أو بإدخال المني من دون وطئ – وبين ما إذا كان التلقيح خارج الرحم ([134]) إذا أُخذ المني بآلة وأدوات متعارفة ([135])، ولا يجوز أنْ يكون المباشر غير الزوج إذا كان ذلك موجباً للنظر إلى العوْرة أو مسّها ([136]). نعم إذا كان تلقيح البويضة بعد وفاة الزوج فإنَّ الجنين المتولّد من هذه العمليّة لا يرث منه في هذه الصورة، وإنْ كان منتسباً إليه ([137]).


ولو فرض الشكُّ في جوازه فالمرجع أصالة البراءة بناءً على جريان البراءة في الشبهات البدويّة التحريميّة – كما عليه المشهور – حتّى ما يتعلّق منها بالفروج ([138])، ولا بأس به ويلحق الولد بالأبوين، والطفل في جميع الأحوال ابن حلال.


إلاَّ أنّه يحرم كشف العورة لذلك – كما تقدّم – إلاَّ أنْ يكون ترك الولد:


·      حرجيّاً عليهما، ولا يكفي في الحكم بالجواز مجرّد رغبة الزوجين في الإخصاب (الإنجاب) ([139]).


·      ضرريّاً عليهما فيما إذا كان عدم إجراء العمليّة موجباً لتعريض الحياة الزوجيّة للخطر، أو إصابة المرأة – عند تركها الإنجاب – بالأمراض ونحوها ([140]).


كما أنّه لا يجوز (يحرم) استمناء الزوج؛ لغرض إخراج المني في العمليّة إلاَّ في الحالتين المتقدّمتين ([141]).


وبناءً على جواز الحقن فلا مانع شرعاً من تحديد جنس المولود – ذكراً كان أم أنثى – عن طريق التلقيح الصناعيّ([142])؛ للبراءة من حرمة ذلك . نعم، يبقى في المقام تساؤل مفاده: إذا كان الزوج قد احتفظ ببعض سائله المنَوي أو أنّه أنزل عند المقاربة في القفّاز الواقي (الفلاش لاذر) فهل يجوز للزوجة أنْ تأخذ منه فتستعمله لغرض الإنجاب – إنْ صلح لذلك – من دون أذنه أو لا يجوز ذلك ؟. ويبدو من السيّد الخوئيّ في بعض استفاءاته أنّه يجوز لها ذلك ([143])، ولعلّ الوجه فيه ما أفاده في موضع آخر من أنَّ المني كما أنّه ليس بمالٍ ليس بمملوك لأحد؛ إذ هو فضلة كسائر فضلاته ([144]).


وتنظّر تلميذه السيّد محمّد رضا السيستانيّ (معاصر) في ذلك بما حاصله: إنَّ مجرّد كون المني من الفضلات لا يمنع من كونه مملوكاً لصاحبه، ولو سُلّم أنّه ليس مملوكاً له بالملكيّة الاعتباريّة القانونيّة فهو مملوكٌ له بالملكيّة الذاتيّة – حسب تعبيرات السيّد الخوئيّ في نظائر المورد ([145]) – والمقصود بها ما لا يحتاج تحقّقه إلى:


·      أمر خارجيّ تكوينيّ.


·      أو أمر اعتباريّ.


والدليل على ذلك هو بناء العقلاء على تسلّط الشخص على نفسه وشؤونه وعدم السماح للغير بمزاحمته فيها، ولا أقلّ من كون المني متعلّقاً لحقِّ الزوج من قبيل حقِّ الاختصاص فيما لا يُملك.


وعليه كيف يسوغ للزوجة التصرّف في المني من دون إذنه ([146]) ؟!.


 


تفريع: حكم حقن المرأة المتوفّى عنها زوجها بسائله المنَوي


ما تقدّم في صورة حقن الزوجة من مني زوجها في حياته وتحت عصمته، وتبيّن أنّه جائزٌ في حدّ نفسه، إلاَّ أنَّ في المقام تساؤلاً مفاده: إذا مات الزوج وخلّف كميّة من السائل المنَوي صالحةً للاستعمال (+) فهل يجوز لزوجته أنْ تحقن نفسها بسائله المنَوي وتحمل منه أو لا يجوز لها ذلك أو أنَّ فيه تفصيلاً ؟


والجواب عن هذا السؤال يبتني على أحد الوجوه الثلاثة الآتية:


1 – أنَّ المرأة هل تخرج عن عصمة زوجها بمجرّد موته وتعدّ أجنبيّةً عنه ؟


2 – أو أنَّ ذلك منوطٌ بانقضاء عدّتها ؟


3 – أو أنّها تبقى زوجة له حتّى بعد انقضاء العدّة ؟


فبناءً على الوجه الأوّل لا يجوز لها أنْ تُلقّح صناعيّاً بمني زوجها المتوفّى عنها مطلقاً.


وعلى الوجه الثاني فالتفصيل بين ما إذا كان التلقيح في العدّة فيجوز لها التلقيح، وإلاَّ فلا يجوز لها ذلك.


وأمّا على الوجه الثالث فيجوز مطلقاً.


فإنْ قام دليل على أحد الوجوه الثلاثة أُخذ بمقتضاه، وأمّا مع عدم نهوض دليل على أيّ منها وبقاء الأمر بشأن استمرار زوجيّة المتوفّى عنها زوجها مشكوكاً ففيه احتمالان:


الأوّل: استصحاب جواز الحقن الثابت للزوجة حال حياته؛ إذ أنّنا نعلم بجوازه حال الحياة، ونشكُّ في بقاء الجواز بعد الموت فنستصحب بقائه (+).


تعقيب ومناقشة


يبدو أنَّ هذا الاحتمال قابلٌ للمناقشة؛ فإنَّ الزوجيّة قد أُخذت في موضوع الحكم بالجواز، فمع الشكّ لا يُحرز اتّحاد القضيّة المتيقّنة والمشكوكة، وفي مثله لا يجري الاستصحاب – كما سيأتي تفصيله في الفصل الثالث، وأنَّ من أركان الاستصحاب وحدة (اتّحاد) القضيّة المتيقنّة والمشكوكة –.


الثاني: الرجوع إلى أصالة البراءة عن حرمة الحقن – بناءً على عدم الالتزام بأصالة الاحتياط في الشبهات البدويّة التحريميّة حتّى المتعلّقة منها بالفروج – ([147]).


والاحتمال الثاني هو الراجح في المقام بعد كون المورد داخلاً تحت الشكّ في الشبهات البدويّة التحريميّة، وقد تقدّم في المباحث السابقة أنَّ المشهور يرى جريان البراءة فيها ، وبالتي يجوز الحقن في المقام.


وعليه فمع الشكّ في بقاء علقة الزواج بعد الوفاة لا مانع من الرجوع إلى أصالة البراءة عن حرمة حقن المرأة بمني زوجها المتوفّى.


وتجدر الإشارة إلى أنَّ السيّد السيستاني([148])، والشيخ ناصر مكارم الشيرازيّ ([149])، والشيخ محمّد إسحاق الفيّاض ([150]) قد احتاطوا (+ +) في المسألة.


فقد ذكر السيّد السيستانيّ أنّه (يجوز تلقيح المرأة صناعيّاً بمني زوجها ما دام حيّاً، ولا يجوز ذلك بعد وفاته على الأحوط لزوماً ...) ([151])، وبالتالي (يشكل جواز تلقيح ذلك في رحم زوجته بعد وفاته) ([152])، بل إذا كان طلب التلقيح وارداً في وصيّة الميّت فلا يلزم تنفيذها؛ إذ لا تكون الوصيّة نافذةً في الأمور غير المشروعة، ويجب على المرأة رفض الوصيّة وعدم تنفيذها ([153]).


بينما منع (حرّم) السيّد محمّد سعيد الحكيم إجراء مثل هذه العمليّة؛ لانقطاع العصمة بين الزوجين بالموت – وإنْ جاز النظر من أحدهما للآخر –، ويحرم وضع نطفة الإنسان في رحم غير الزوجة والمملوكة ([154])، وأمّا حكم الولد المتولّد من هذه العمليّة فـ (الأحوط وجوباً كونه ولداً شرعيّاً لهما، بمعنى أنّه يجب الاحتياط في أمر ميراثه منهما وميراثه منه. نعم إذا وقع التلقيح غفلةً عن الحرمة المذكورة وبتخيّل جوازه شرعاً لحقه حكم ولد الشبهة في كونه ولداً شرعيّاً وارثاً وموروثاً) ([155])، ولا يترتّب عليه أحكام ولد الزنا ([156]).


خلافاً للسيّد عليّ الخامنئيّ القائل بجوازه بلا فرق بين ما إذا كان التلقيح في أثناء العدّة أم بعدها، وبين ما إذا تزوّجت بعد ذلك أم لم تتزوّج، نعم لو كان الزوج الثاني حيّاً فلابدَّ أنْ يكون ذلك بإجازة وإذن منه ([157]).


وتجدر الإشارة إلى أنّه يجوز للشخص الذي أُخذت منه مادّة منَوية، وبعد ذلك تزوّج امرأة من تلقيحها بمادّته المنَوية المأخوذة منه قبل الزواج ([158])؛ لعدم الدليل على الحرمة والأصل البراءة.


 


المسألة الثانية: زرع البويضة المنتزعة من امرأة في رحم حيوان أو نحوه


إنَّ هذه العمليّة لم تُطبّق إلى اليوم، نعم هناك حالات قام بها الخبراء بتخصيب البويضة بالحويمن في الأنبوبة الطبّيّة، ثمَّ زرعوها في رحم حيوان لمدّة من الوقت كبديل عن رحم المرأة إذا لم تكن صالحةً لاستقبال البويضة المخصّبة في أيّامها الأولى، فإذا صار جنيناً أخرجوه من رحم الحيوان بعمليّة جراحيّة ثمَّ أعادوا زرعه في رحم المرأة، وأمّا إبقاء الجنين في رحم الحيوان إلى حين الولادة فلم يحدث فيما مضى، وكذلك إبقاء البويضة المخصّبة في رحم صناعيّة إلى حين أنْ يصبح إنساناً كاملاً (+).


وعمليّة زرع البويضة المخصّبة خارج رحم المرأة يمكن أنْ تقع على أنحاء، وفيما يأتي نحوان منها:


الأوّل: زرع البويضة المنتزعة من الزوجة بعد تخصيبها بحويمن الزوج في رحم حيوان أو ما يشابهها.


وحكمه: الجواز مطلقاً سواء على القول:


1 – بانتساب الوليد إلى صاحبة البويضة عرفاً وشرعاً، وصاحب الحويمن شرعاً كما هو منتسبٌ إليه عرفاً.


دليل الجواز: عدم وجود ما يمنع من إجراء العمليّة المذكورة؛ إذ أقصى ما تقتضيه هو أنْ تصبح المرأة أمّاً من غير حمل، ويصبح الزوج أباً من غير أنْ تحمل زوجته بولده، ولا ضير في ذلك كلّه.


وعليه فلا يوجد ما يصلح للمنع من إجراء العمليّة المذكورة، والأصل البراءة.


2 – بنفي انتساب الوليد إلى صاحبة البويضة عرفاً، أو نفي انتسابه إلى صاحب الحويمن شرعاً، كما هو ظاهر السيّد محسن الحكيم ([159]).


الثاني: زرع البويضة المنتزعة من الزوجة بعد تخصيبها بحويمن غير الزوج في رحم حيوان أو ما يشابهها.


وحكمه: الجواز أيضاً؛ إذ أقصى ما يستشكل في إجراء العمليّة في هذا الفرض أحد أمرين:


1 – إنَّ إجراء العمليّة المذكورة يتسبّب في تكوين – ولا أقلّ عرفاً – إلى شخصين ليس بينهما علقةٌ تبيح النكاح، بل ربّما لا يمكن تحقيق هذه العلقة بينهما كما إذا كانت صاحبة البويضة ممَّنْ تحرم على صاحب الحويمن بنسبٍ أو رضاعٍ أو غيرهما.


2 – إنَّ صاحبة البويضة إنْ كانت:


أ – متزوّجةً، فالعمليّة المذكورة تؤدّي إلى صيرورتها أمّاً لطفل من غير زوجها، وهو ينافي حفظ فرجها المستفاد من قوله تعالى: [ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ] ([160])، كما ينافي حفظ الزوج في نفسها.


ب – خليّةً، فمضافاً إلى منافاتها لحفظ فرجها يمكن أنْ يدّعى استقباح العرف صيرورة المرأة غير المتزوّجة أمّاً ([161]).


تعقيب ومناقشة


إنَّ هذه الكلّيّة بالمنع من إجراء العمليّة لا تتمّ، نعم يشترط أنْ لا تكون صاحبة البويضة من المحارم النسبيّة لصاحب الحويمن لئلاّ يؤدّي إلى خلط الأنساب بما لا يظنّ أنْ يرضى به الشارع المقدّس.


 


تفريع: حكم إتلاف البويضات المخصّبة الفائضة عن الحاجة


يقوم الطبيب في عمليات التخصيب الخارجيّة – أي تخصيب بويضة المرأة بحويمن الرجل في الأنبوبة الطبّيّة – بإعطاء المرأة في البداية دواءً منشّطاً للإباضة، ثمَّ يسحب البويضات الناضجة في مبيضها من خلال منظار يخترق جدار البطن وإبرة تشخّص البويضات الناضجة وتلتقطها، ثمَّ يقوم بتخصيب البويضات المنتزعة بالحيامن المأخوذة من مني الرجل قبل أنْ ينتقي ثلاثة أو أربعة ليتمّ زرعها في رحم المرأة.


فيقع السؤال عن:


أوّلاً: جواز تخصيب الطبيب من البويضات المنتزعة أزيد من تلك التي يعود فيزرعها في الرحم. وكذلك جواز إعادة تجزئة البويضة المخصّبة الواحدة عدّة مرّات لتنتج عدّة جزيئات قابلة للرشد والنمو أزيد ممّا يعيد زراعتها في الرحم، مع علم الطبيب المسبق بأنَّ مصير الفائض من البويضات المخصّبة والجزيئات المستحصلة إلى الذبول والتلف، وهل تترتّب عليه ديّة التالف منها على تقدير قيامه بذلك أو لا ؟


والجواب عن ذلك: أنّه لا دليل على المنع ([162])، والأصل جريان البراءة فيه.


ثانياً: جواز المبادرة إلى إتلاف البويضات المخصّبة في أنبوبة الاختبار أو الجزيئات المستحصلة من تجزئة البويضة المخصّبة الواحدة في صورة تيسّر زرعها في رحم أصليّة أو صناعيّة بصورة مشروعة.


والجواب عنه: أنّه لا بأس بإتلاف تلك الأجنّة؛ فإنَّ قتل الجنين المحرّم إنّما هو فيما إذا كان في الرحم، وأمّا في الخارج فلا دليل على حرمة إتلافه ([163])، والأصل جريان البراءة فيه، ولا سيّما مع عدم تيسّر زرعها في رحم صالحة، كما لا ديّة في ذلك على المتِلف.


فالنتيجة: أنَّ ما يتوقّف عليه عمليات التخصيب الخارجيّة من تلقيح بويضات فائضة على مقدار الحاجة، والتسبّب في تلفها ليس ممّا يحرم شرعاً، ولا يقف ذلك عائقاً شرعيّاً أمام إجراء مثل هذه العمليات؛ فلا بأس بقتل هذه الأجنّة ما لم تلج فيها الروح. نعم الاحوط وجوباً وضع ما يمكن وضعه في رحم الأمّ إذا رضيت بذلك ([164])، من غير أنْ يلحق ضرراً بليغاً بها.


 


تفريع: حكم بيع وشراء بويضة المرأة


يجوز بيع وشراء بويضة المرأة ([165]) سواء لإجراء التجارب الطبّيّة عليها أو تلقيحها وزرعها في رحم آخر ونحو ذلك بشرط أنْ لا يستلزم كشف العوْرة المحرّم ([166])؛ للبراءة من حرمة ذلك.


 


المسألة الثالثة: المنع من الحمل


للمنع من الحمل طرقٌ مختلفةٌ فيما يأتي بيان جملة منها مع حكمها الشرعيّ:


1 – الإخصاء، ويمكن أنْ نستدلّ على حرمته بأنّه إضرارٌ مهمٌّ بالنفس، وهو محرّم.


2 – العزل، وحكمه الجواز على كراهة عند مشهور الفقهاء المعاصرين.


ويشمل هذا المورد استعمال العازل الطبّيّ (الفلاش لاذر – الكبوت) عند الجماع؛ للحدِّ من الإنجاب، وحكمه الجواز؛ للبراءة من حرمته، والأحوط وجوباً أخذ موافقة الزوجة عند استعماله من قِبْل الزوج ([167]).


3 – أخذ الحبوب الرائجة (+). وهو أيضاً جائزٌ بعذر أو بدون عذر ([168])؛ لأصالة الحلّيّة و البراءة، ولا فرق في جواز أخذه بين الزوج والزوجة. وأمّا إذا استلزم ضرراً فإن:


أ – كان جزئيّاً، فهو غير حرام.


ب – كان مهمّاً، فلا يجوز أخذها من هذه الجهة.


4 – 5 – جعل شيءٍ في الرحم أو في الآلة الذكوريّة أو عليها أو في الجهاز التناسلي للمرأة يمنع عن الحمل


مؤقّتاً، كاللولب (I. U. D) ونحوه ([169]). وهو أيضاً جائزٌ عملاً بأصالة البراءة إذا لم يعلم أنّه يقتل البويضة بعد التخصيب. نعم قد يحرم من أجل نظر الأجنبيّ أو الأجنبيّة إلى العورة ومسّها، وكذا نظر الأجنبيّ إلى بدن المرأة، فإنْ:


أ – كان منع الحمل واجباً شرعيّاً ؛ لضرر على صحّة المرأة أو حياتها، فلا مانع من النظر ومسّ العورة أو بدن الأجنبيّة أو الأجنبيّ على الأجنبيّة؛ فإنَّ حرمتها ترتفع.


ب – لم يكن واجباً فلا يجوز؛ لعدم رفع الحرمة الشرعيّة لمجرّد الراحة عن مشقّة الحمل.


ج – وأمّا إذا كان الحمل أو الولادة حرجيّة لها؛ لجهات زائداً على ما هو المتعارف فلا يبعد القول بجوازه.


فالنتيجة: جواز استعمال موانع الحمل المؤقّتة كحبوب الحمل والإبر والشراب واللولب – ما لم يعلم أنّه يقتل البويضة بعد التخصيب – إذا لم يستلزم ضرراً بليغاً بصحّة المرأة ([170])، ولا معنى للسؤال عن العلّة والسبب في الجواز؛ فإنَّ التحريم هو الذي يحتاج للدليل والعلّة ([171])، وأنَّ ما ذُكر من محدّدات النسل لا بأس بها في حدّ نفسه([172])، فيجوز اتّباع كلّ الوسائل لمنع انعقاد النطفة على أنْ لا تكون مستلزمةً للضرر البدنيّ([173])، أو محرّم آخر.


كما لا يجب على المرأة أخذ رضا الزوج بذلك – إذا لم يستلزم الخروج من البيت بلا إذنه – في تناول موانع الحمل المؤقّتة؛ إذ الواجب على المرأة إطاعة زوجها في الاستمتاع بها فقط، فيلزمها تمكين الزوج متى شاء ([174]) – ما لم يلزم منعٌ منه كالحيض مثلاً –، وأمّا أكثر من ذلك – كالإنجاب في مفروض المسألة – فلا يلزمها ما لم يشترط عليها في العقد، ولو ارتكازاً.


6 – 7 – جعل الشيء في بدن المرأة أو الرجل ليمنع من الحمل دائماً كربط أنابيب مرور البويضة ونحو ذلك، فإنَّ:


أ – استلزم حراماً آخر من النظر واللمس فلا يجوز لغير ضرورة أو حرج ([175]).


ب – وإنْ لم يستلزم الضرورة أو الحرج، ففي المسألة قولان:


·      فقد حرّمه بعض فقهائنا كالسيّد الخوئيّ ([176])، والشيخ الفاضل اللنكرانيّ (ت 1428 هـ) ([177])، وآخرين ([178]) بنحو الفتوى، وحرّمه السيّد محمّد سعيد الحكيم([179])، والشيخ ناصر مكارم الشيرازيّ ([180]) بنحو الاحتياط الوجوبيّ (+)؛ ولعلّه لحرمة الإضرار بالنفس، إلاَّ تهدّدت صحّة المرأة بخطرٍ معتدٍّ به فيجوز عقد الرحم حينئذٍ.


قال السيّد الحكيم: (الاحوط وجوباً عدم القيام بعملية عقد الرحم المؤدّية إلى عدم القدرة على الإنجاب حتّى في المستقبل، ولا تجب طاعة الزوج لو أمر بها. ومع القيام بها لا يترتّب عليه إلاَّ الاستغفار والتوبة) ([181])، هذا إذا استلزم عقد الرحم عدم الإنجاب بصورة نهائيّة (وأمّا إذا كان موجباً لمنع الحمل مؤقّتاً ولفترة معيّنة فلا بأس به) ([182]).


·      وقد أجازه في حدّ نفسه بعض الأعلام كالسيّد السيستانيّ ([183])، والشيخ الفيّاض ([184])، وآخرين ([185])، إذا لم يتوقّف على شيءٍ من اللمس والنظر المحرّمين، سواء أمكن فتح الأنابيب لاحقاً أم لا؛ لأصالة البراءة.


ولا يشترط فيه إذن الزوج من حيث كونه موجباً لعدم الإنجاب، نعم ربّما يشترط فيه إذنه من بعض النواحي الأخرى، كلزوم الاستئذان منه للخروج من الدار ونحو ذلك ([186]).


 


وتجدر الإشارة إلى أنّه هناك طريقة أمريكيّة لتحديد وتنظيم النسل: وهي عبارة عن بعض الأجسام الصغيرة ذات أشكال معيّنة مثل مستدير أو على شكل عقدة توضع داخل الرحم فتمنع الحمل.


وهذه الطريقة ليست وليدة الأيّام المتأخّرة بل هي شائعة منذ عهد أرسطو طاليس (384 – 322 ق م) ، فقد كان يروي كيف كان الجمّالون يضعون أجساماً غريبة في رحم الناقة كي لا تحمل. لكن هذه الطريقة فشلت عندما طُبّقت على الإنسان. وكان أوّل طبيب نجح في تجربة مماثلة هو طبيب ألماني الأصل ابتكر حلقات خاصّة من الحرير تطوّرت فيما بعد وأصبحت تصنع من الفضة، وبما أنّهم وجدوا أنَّ مضار هذه الطريقة أكثر من فوائدها تركوها.


وبعد فترة من الزمن جدّد أحد المكتشفين اليابانيّين طريقة أسلافه فوجد أنّها تنجح، وفي الإمكان ترك هذه الأدوات التي توضع في الرحم لمدّة عشرين عاماً دون أنْ تأتي بأيّ تأثير على مستعملها، وكُلّلت التجربة بالنجاح الكامل، وأجريت دراسات من هذا النوع على تسعة عشر ألف امرأة، واستولى الأمريكيون بعد ذلك على هذه الطريقة، وأدخلوا عليها بعض التحسينات الخاصّة، وفي النهاية وجدوا أنّه قلّما تتمّ ولادة خطأ، وهذا يعني أنَّ النجاح كان حليفهم، كما وأنّهم وجدوا أنّه باستعمال هذه الطريقة قلّما يصاب الأطفال بتشويه أو بعاقبة خطرة ولا يدخل الرحم أيّ تركيب كيمياويّ، ويمكن حدوث الحمل بعد سحب الجسم الخاصّ من الرحم بشهرين، وهذه العمليّة محكومةٌ بالإباحة حتّى تثبت الحرمة ([187]). نعم يبقى تساؤل عن حكم استعمال المرأة لموانع الحمل من دون إذن زوجها. وهل يجوز لها أنْ تخفي عليه ذلك أو لا ؟


وأفتى السيّد السيستانيّ بجواز ذلك؛ للبراءة من وجوب الإخبار، خلافاً للسيّد محمّد سعيد الحكيم القائل بأنّ المورد (لا يخلو عن إشكال، والأحوط وجوباً إستئذانه. إلاَّ أنْ تخشى الضرر من الحمل، فلا يجب عليها استئذانه، بل يجوز أنْ تخفيه) ([188])، كما لا يحقّ للزوج أنْ يجبر زوجته على عدم الإنجاب وهي تريده، كأنْ يجبرها على استعمال دواء أو إجراء عمليّة ليمنع الإنجاب عندها ([189]).


ومن المسائل ذات الشأن إفتاء غير واحد من الفقهاء بجواز التحكّم في جنس الجنين في حدّ نفسه ما لم يستلزم محرّماً آخر؛ اعتماداً على أصالة البراءة. نعم، إذا فُرض أنّه يستلزم الاختلال بالتوازن العامّ الموجود بين الجنسين فيحكم بحرمته؛ فإنّه يترتّب عليه مفاسد ([190]).


 


 


المسألة الرابعة: الحكم الشرعيّ التكليفيّ للتصرّفات في مجال الهندسة الوراثيّة


إنّ هذه المسألة مستجدّةٌ لم يكن فيها نصٌّ بخصوصها، وحينئذٍ قد يقال بدخولها تحت النصّ القائل: ((كلُّ شيءٍ هو لك حلالٌ حتّى تعلم أنّه حرامٌ بعينه فتدعه)) ([191]) وأمثاله، أو تحت البراءة من العقاب عند الشكِّ في الحرمة والحلِّ استناداً إلى البراءة الشرعيّة لقوله (9): ((رُفع عن أمّتي... ما لا يعلمون)) ([192])، أو البراءة العقليّة (قاعدة قبح العقاب بلا بيان) المعروفة بين الأصوليّين.


 


 


إشكال على جريان الحلّيّة والبراءة


ولكن قد يقال: إنّ قاعدة حلّيّة كلِّ شيء (+)، وجريان البراءة وأدلّتها متوقّفٌ على عدم وجود نصّ شرعيّ يحرّم التصرّف في هذا المجال.


وهنا إذا كان التصرّف في الجينات – في مجال الهندسة الوراثيّة بإزالة الجين المريض أو وضع جين صحيح – متوقّفاً على كشف العورة المحرّم عند الأخذ من الرجل أو المرأة أو الوضع في الرحم فهو عملٌ محرّمٌ لا يجوز إلاّ في حالة المرض، وبما أنّ الأمر في هذه الحالة ليس فيه مرضٌ الآن فهو أمرٌ غير جائز.


جواب الإشكال


ولكن الصحيح أنّ حاجة الزوجين لمعرفة الجين المريض من كليهما وإزالته ووضع جين آخر صحيح إذا كانت هي حاجة عقلائيّة؛ لأجل إنجاب جنين يفترض فيه كمال الصحّة والوقاية من الأمراض المحتملة فيجوز النظر إلى العورة من المماثل، والدليل عليه النصوص الشرعيّة التي تؤمَر فيها النساء بالنظر إلى عورات النساء لمجرّد وجود حاجة عقلائيّة تستوجب النظر.


وأمّا إذا كانت التصرّفات في مجال الهندسة الوراثيّة غير مشتملة على المحرّمات المتقدّمة – كما إذا كان الزوج هو الذي يأخذ خليّة المرأة الجنسيّة ليفحصها – فهو أمرٌ جائزٌ بلا أيّ إشكال، يستفاد منه علميّاً لأجل سلامة الجنين من المرض أو ما يطرأ عليه من بلايا، ووضع العلاج المبكّر له لأجل تخفيف آلامه أو زوالها، كما في قراءة الجينوم البشري الذي يهدف إلى معرفة أسباب الأمراض الوراثيّة وقابليّة حدوثها وعلاجها، وهي كثيرة جدّاً أهمّها: سرطان الثدي، وسرطان المبيض ونحوهما. وهذا البحث العلميّ إذا لم يكن مشتملاً على محرّم آخر فلا إشكال فيه، ولا نزاع في مشروعيّته ([193]) إذا لم يكن له مضاعفات جانبيّة ([194])، وتجري البراءة عن حرمته.


ولو فُرض أنَّ هناك حيواناً قابل للتذكية قد تصرّفوا في هندسته الوراثيّة حتّى أصبح دمه مشابهاً لدم الإنسان، ثمَّ ذُبح هذا الحيوان فحرمة هذا الحيوان وحلّيّته تتّبع صدق عنوان واسم الحيوان، فما دام أنّه غنمٌ – مثلاً – فدمه المتخلّف بعد تذكيته طاهرٌ، ويحلّ لحمه وحليبه وهكذا، ولا يضرّ تغيّر الأجزاء – كالدم حسب الفرض – في الحكم ما دام اسم وعنوان الحيوان المحلّل صادقاً عليه ([195]).


ويمكن ذكر تطبيق فقهيّ له من خلال إفتاء بعض الأعلام بجواز تناول الفواكه والخضار وبعض المواد الغذائيّة المحوّرة جينيّاً باستخدام الهندسة الوراثيّة ([196])، وتحسين الجنس البشريّ بواسطة علم الهندسة الوراثيّة من خلال التأثير على الجينات وذلك بـ:


أ – رفع القُبْح في الشكل (المظهر).


ب – وضع مواصفات جميلة بديلة.


ج – كلا الأمرين معاً ([197]).


المسألة الخامسة: الاستنساخ البشريّ


عُرّف الاستنساخ البشريّ بأنّه عبارة عن تخليق كائن حيّ أو أكثر بزرع نواة مأخوذة من خليّة جذعيّة – غير جينيّة – في خليّة منزوعة النواة ([198])، فهو عبارة أخرى عن دمج نواة خليّة جسديّة مع سايتوبلازم بيضة منزوعة النواة ليأتي جنينٌ بدون عمليّة جنسيّة، قيل إنّه يطابق صاحب النواة تماماً ([199]).


ومورد هذه العمليّة ما إذا كان الزوج فاقداً للحويمن القادر على تخصيب بويضة زوجته حتّى طلائع الحيامن المسماة بـ (Spermatid)، فيتعذّر حملها منه إلاَّ بهذه الطريقة التي تعرف بـ (الاستنساخ)، وقد طبّقها علماء البيولوجيا في بعض أنواع الحيوان كالضفدع والغنم، ويقولون إنَّ بالإمكان – نظريّاً – تطبيقها في الإنسان أيضاً ([200])، ‏وقد سمّيت هذه العملية بـ (الاستنساخ الجينيّ) ([201]).


وقد يقال بمنع هذه العملية لأمور منها:


الأوّل: بقياس حاصله:                                                                  إنّ هذه العمليّة تغييرٌ لخلق الله. (صغرى)


وكلّ تغيير خلق الله حرامٌ؛ لأنّه ممّا يأمر به الشيطان كما حكاه تعالى عنه: [ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ] ([202]). (الكبرى)


إنَّ هذه العمليّة حرام. (النتيجة)


تعقيب ومناقشة


يبدو أنَّ هذا القياس قابلٌ للمناقشة؛ فإنّه لا يحتمل أنْ يكون المقصود بخلق الله تعالى في الآية الكريمة مطلق خلق الله، وبالتغيير طبيعيّ التغيير على إطلاقه وسريانه، وإلاَّ لاقتضى ذلك حرمة الكثير من التصرّفات التي لا إشكال في جوازها. وعليه فالأنسب في تفسيره هو ما ورد منسوباً إلى الإمام الباقر (A) من أنَّ المراد بخلق الله هو دين الله ([203])، وهذا التفسير اختاره جمعٌ من المفسّرين منهم الشيخ الطوسيّ (ت 460 هـ) ([204]).


الثاني: إنَّ هذه العمليّة تؤدّي إلى أنْ يكون الوليد نسخة طبق الأصل عن صاحب الخليّة الجسديّة، مع أنَّ مقتضى الحكمة وجود التمايز والاختلاف بين أبناء البشر منعاً للكثير من المشاكل والمفاسد المترتّبة على التماثل والتشابه؛ فإنّه مظنّة الالتباس والتشابه في مجالات الحياة المختلفة، وقد تصدّى لمعارضة هذه العمليّة حتّى المتحلّلون من الالتزام الدينيّ؛ وذلك للأخطار الاجتماعيّة التي تنطوي عليها ([205]).


وعليه فهذه العمليّة لا تخلو من الإشكال الشرعيّ، والأحوط وجوباً (+) الاجتناب عنها.


مضافاً لترتّب إشكال آخر على إجراء مثل هذه العمليّات يتمثّل بالنظر واللمس الحرام عند زراعة الخليّة المشابهة في رحم الإنسان ([206]).


تعقيب ومناقشة


يبدو أنَّ هذا الأمر قابلٌ للمناقشة أيضاً؛ وذلك لوجوه:


1 – إنَّ هذا المقدار لا يكفي دليلاً على المنع؛ فإنَّ وجود موارد قليلة من التشابه التامّ بين الشخصين – كما يحصل أحياناً بين بعض التوائم – لا يتسبّب في مفاسد مهمّة يعلم بعدم رضا الشارع المقدّس بوقوعها.


2 – مضافاً إلى أنَّ التشابه بين الوليد وصاحب الخليّة مهما كان كبيراً فهو لا يلغي التفاوت بينهما في العمر الذي يكفي مانعاً عن الالتباس والاشتباه.


3 – ناهيك عن أنَّ آخر التقارير الصادرة من علماء البيولوجيا يتحدّث عن أنَّ فرضيّة المماثلة التامّة بين الوليد وصاحب الخليّة قد ثبت خلافها خارجاً فيما أُجريت من عمليات الاستنساخ في الحيوانات، فقد تبيّن بمرور الوقت أنَّ هناك فروقاً عديدة تظهر في الصفات والمميّزات تظهر تدريجيّاً بين المستنسخ والمستنسخ منه، وليس الأمر كما ظنّه العلماء في البداية من التشابه التامّ بينهما ([207]).


وفي ضوء جميع ما تقدّم فإنَّ القول بجواز هذه العمليّة هو الأرجح والأحرى بالقبول؛ للبراءة من حرمته.


وقد استدلّ غير واحد من الفقهاء على جواز الاستنساخ البشري بالعنوان الأوّليّ ما لم يكن فيه محذورٌ                 عرضيٌّ بـ (أنَّ الاستنساخ بحدّ ذاته مع قطع النظر عمّا يترتّب عليه من الآثار ليس من العناوين المحرّمة في الشرع الإسلاميّ... فسيكون القول بالحرمة محتاجاً إلى دليل، فإنْ لم يكن فلا محالة نرجع إلى الأصل الذي يدلّ على             الإباحة ] والبراءة [) ([208])، فـ (يجوز شرعاً تخصيب بيضة المرأة بخلايا من نفس المرأة... ويجوز الدخول في هذا البحث ونحوه من البحوث في نواميس الكون واستكشاف قدرة الله تعالى وعجيب خلقه استزادة في تثبيت الحجّة. وقال تعالى: [ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ] ([209])...) ([210]).


ويشمل الحكم بالجواز عمليّة استنساخ الحيوانات، ولا مانع منه في حدّ نفسه ([211]).


نعم، إذا ترتّب على إجراء عمليّة الاستنساخ في الإنسان مفاسد اجتماعيّة نوعيّة فتحرم بعنوان ثانويّ ([212])، كما إذا كان إجراء مثل هذه العمليات يؤثّر في توازن المجتمع، ويؤدّي إلى اختلاله وتدنيه اقتصاديّاً وثقافيّاً وعلميّاً وصحّيّاً، وبالتالي يوجب سقوط المجتمع وانهياره وحينئذٍ لا يجوز إجرائها ([213]).


كلُّ ذلك من باب حفظ النظام العامّ الذي ذكرناه في نهاية المقصد الرابع في المبحث الأول من الفصل الأوّل.


وتجدر الإشارة إلى أنَّ الشيخ ناصر مكارم الشيرازيّ قد استشكل بإجراء مثل هذه العمليّة؛ معللاًّ ذلك بترتّب مفاسد كثيرة، وأنّه تصدّى لمعارضته حتّى المتحلّلون من الالتزام الدينيّ؛ وذلك للأخطار الاجتماعيّة التي تنطوي على إجرائها ([214]).


وبعد بيان معنى الاستنساخ والهندسة الوراثيّة يتّضح الفرق الهامّ بينهما، فالهندسة الوراثيّة في الحيوان والنبات تهدف إلى التعرّف على الموروثات وعلاقتها بالأمراض الوراثيّة، ومن ثَمَّ معالجتها. كما أنّه يمكن بواسطة الهندسة الوراثيّة الحصول على عقاقير جديدة ومفيدة للإنسان، كالأنسولين البشريّ الذي تمّ الحصول عليه وغيره من الأدوية            كـ (السوماتاستاتين + الأنترفيرون) المستعمل في علاج السرطان والأمراض الفيروسيّة وغيرها ([215]).


 


 


المسألة السادسة: زرع أعضاء الكافر في بدن المسلم


نتيجة للتقدّم الهائل في علم الطبّ فقد غدت عمليات زراعة الأعضاء السمّة البارزة في هذا المجال، وخصوصاً أنّها تجري في بعض البلدان المتقدّمة طبّيّاً، وصار بإمكان الأطباء أخذ الأعضاء من الشخص المتوفّى وفاة طبيعيّة وزرعها في أجسام مَنْ يحتاجها من المرضى المشرفين على الموت أو يقاسون في حياتهم بشدّة.


فيجري السؤال عن حكم الجزء المزروع في بدن المسلم إذا أُخذ من الكافر بناءً على رأي مشهور الفقهاء من الحكم بنجاسة بدنه (فمقتضى القاعدة الأوّلية كونه نجساً... وعلى فرض الشكّ في طهارته لا يجري الاستصحاب فيه ; لعدم بقاء الموضوع على حاله بعد لحوقه ببدن المسلم، فتجري فيه أصالة الطهارة) ([216]).


وتترتّب على الجزء المقطوع بعد الإلحاق وحلول الحياة فيه أحكام بدن المسلم؛ لصيرورته جزءً منه، وتترتّب عليه أحكام بدن الحيّ ([217])، وبالتالي فهو عضوٌ حيٌّ؛ فإنَّ العضو المقطوع:


·      إمّا لا يصدق عليه أنّه ميّتٌ أصلاً.


·      أو يصدق عليه الموت مدّة قليلة ثمَّ الرجوع إلى الحياة باتّصاله بجسم آخر ([218]).


وأمّا استعمال الأعضاء المزروعة المصنوعة في بلاد المسلمين لمسلمي البلاد الإسلاميّة الأخرى فلا إشكال فيه              أصلاً ([219])، بل قد تجب مثل هذه العمليات إذا توقّفت عليها إنقاذ شخص آخر.


ويجوز أيضاً إلحاق بعض أعضاء الحيوان – كقلبه – ببدن المسلم، وإنْ كان الحيوان نجس العين كالخنزير، ويُصبحُ بعد الإلحاق وحلول الحياة فيه جزءً من بدن المسلم ([220])، وتترتّب عليه أحكام بدن الإنسان، وتجوز الصلاة فيه ([221])؛ للبراءة عن الحكم بنجاسته وحرمته، والأصل في الأشياء الطهارة والإباحة.


تفريع: حكم زرع الأعضاء التناسليّة


لقد نجح علماء البيولوجيا في استنساخ بعض الأعضاء البشريّة كالجلد ونحوه في المختبرات، ولو نجحوا مستقبلاً – كما يتنبّؤون – في استنساخ الأعضاء الرئيسيّة ومنها الأعضاء التناسليّة لفتح ذلك باباً عظيماً أمام التوسّع في عمليات زرع الأعضاء؛ إذ يستغنى عندئذٍ عن البحث عمَّنْ يتبرّع بالعضو السليم أو يمكن أنْ يؤخذ منه من الأموات، وهو من أهمّ العوائق أمام انتشار هذه العمليات.


ومهما يكن فما يجري تنفيذه من عمليات زرع الأعضاء التناسليّة في العصر الراهن ينحصر فيما يأتي:


الأوّل: زرع قناة فالوب للمرأة، وهي القناة التي توصل المبيض بالرحم، ويمرّ عبرها البويضة.


الثاني: زرع الحبل المنَوي للرجل، وهي القناة التي توصل الخصية بالقناة الدافعة في القضيب، ويمرّ عبرها الحيامن المنَويّة.


الثالث: زرع المهبل للمرأة، وهو عبارة عن أنبوبة تتّصل بظاهر الفرج من جهة وبعنق الرحم من جهة أخرى.


فلو حملت المرأة من زوجها بعد استبدال رحمها أو نفيرها أو مهبلها فلا إشكال على حملها في ذلك بوجه، وكذلك لو قارب الرجل زوجته بعد استبدال حبله المنَوي، أو زرع قضيب له فحملت بتلك المقاربة فإنَّ حملها يكون مشروعاً بكلِّ تأكيد.


ولكن ربّما يستشكل في نفس عمليّة الزرع لو كان العضو المزروع مأخوذاً من إنسان آخر، كما ربّما يستشكل في المقاربة بالقضيب المزروع إذا كان منقولاً من رجلٍ ثانٍ .والمهم هنا البحث عن نوعين من عمليات زرع الأعضاء التناسليّة يمكن أنْ يستشكل في مشروعيّة الحمل الحاصل بسببهما وهما:


أ – نقل المبيض من امرأة إلى امرأة أخرى.                                        ب – نقل الخصية من رجل إلى رجل آخر.


ومبنى الإشكال فيهما أمور منها:


1 – إنَّ نقل عضو من جسم شخص إلى جسم آخر لا يوجب قطع صلته بالشخص الأوّل وصيرورته جزءً من بدن الثاني، بل يبقى منتسباً إلى المنقول منه وعضواً من بدنه، وإنْ كان يعمل في بدن المنقول إليه من دون أنْ ينتسب إليه حقيقة.


تعقيب ومناقشة


يبدو أنَّ هذا الأمر قابلٌ للمناقشة من جهة أنَّ العضو المزروع في بدن شخص يعدّ عرفاً جزءً من بدنه بعد حلول الحياة فيه .ولو سلّمنا بقاء العضو المزروع منتسباً إلى الشخص المنقول منه، إلاَّ أنَّ ذلك لا يعني أنَّ ما تفرزه الخصية من السائل المنَوي أو ينتجه المبيض من البويضات بعد عمليّة النقل يكون تابعاً أيضاً للمنقول منه، بل يمكن أنْ يقال: إنَّ حال المني والبويضة حال البول، فكما أنّه لو زُرعت كلية شخص في جسم شخص آخر يعدّ البول النازل بعد عمليّة الزرع منتسباً إلى المنتقل إليه لا المنتقل منه، كذلك الحال في نقل الخصية والمبيض.


ويؤيّد ذلك ما ذُكر في تفسير قوله تعالى: [ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ] ([222])، من أنَّ المراد خروج المني من بين صلب الرجل وترائبه ([223])، وفي بعض الروايات أنَّ المني ينزل من فقار الظهر، وفي بعضها أنّه يخرج من جميع البدن ([224]).


2 – إنَّ نقل عضو من شخص إلى آخر وإنْ كان موجباً لقطع انتسابه إلى الشخص الأوّل (المنقول عنه) وصيرورته جزءً من بدن الثاني (المنقول إليه) بحلول الحياة فيه – على خلاف ما مرّ في الأمر الأوّل – إلاَّ أنَّ الثابت علميّاً أنَّ المبيض المنقول من امرأة إلى أخرى لا يتكوّن فيه بويضات بعد النقل، وإنّما ينتج ما لديه من البويضات المخزونة، فنقل المبيض من امرأة إلى أخرى إنّما هو نقل له بما يحتوي عليه من بويضات ابتدائيّة، ومن هنا يصحّ القول بأنَّ البويضة الناضجة التي يفرزها المبيض بعد عمليّة النقل إنّما هي بويضة المنقول عنها، ولا علاقة لها بالمنقول إليها.


تعقيب ومناقشة


يبدو أنَّ هذا الأمر قابلٌ للمناقشة أيضاً؛ فإنَّ ما ذُكر وإنْ كان صحيحاً بالنظر الدقيق العلميّ إلاَّ أنَّ هذا غير منظور لدى العرف، وغير ملحوظ لهم في مرحلة الانتساب، فهم يعدّون السائل المنَوي الخارج بعد عمليّة زرع الخصية – بما يحويه من الحيامن المنَويّة – منتسباً إلى المنقول إليه لا المنقول عنه، وكذلك البويضة التي يفرزها المبيض بعد عمليّة زرعه تعدّ عرفاً تابعةً للمنقول إليها لا المنقول عنها ([225]).


وبصيرورة المبيض جزءً من جسم المنتقل إليها من خلال الربط الكامل، فكلُّ ما يولد منه يخصّ المرأة المنتقل إليها، ولا علاقة له بالمرأة المنتقل منها ([226]).


فالنتيجة: أنَّ الأحكام الشرعيّة المتعلّقة بعنوان الأم والأب والابن والبنت وغيرها من العناوين الفرعيّة تتّبع صدق هذه العناوين بحسب النظر العرفيّ.


 


فالمتحصّل من جميع ما تقدّم أنَّ عمليّة نقل المبيض من امرأة إلى أخرى، ونقل الخصية من رجل إلى آخر لا تسبّب إشكالاً في شرعيّة الحمل الحاصل بعدها، كما هو الحال في سائر زرع الأعضاء التناسليّة، والعملية المذكورة جائزةٌ في نفسها، ومع الشكِّ فيها فتجري أصالة البراءة .


 


نعم إذا استلزمت كشف العورة ولمسها من قبل الطبيب المعالج فلا يجوز الإقدام عليها إلاَّ مع الضرورة الملزمة لذلك، هذا من جهة. ومن جهة أخرى تعود أبوة الولد للثاني الذي انتقلت له الخصية السليمة.


وعليه فيجوز استنساخ جميع الأعضاء حتّى في التناسليّة منها، ويجوز النظر إليه؛ لعدم كون نسبتها على حدّ النسبة التي هي المعيار في التحريم، فإنَّ النسبة التي هي المعيار في التحريم هي نسبة الاختصاص الناشئة من كونها جزءً من بدن المرأة أو الرجل مثل يدهما أو رجلهما، والمتيقّن من الحرمة حينئذٍ حالة اتّصال هذه الأعضاء بالبدن، أمّا مع انفصالها فلا تخلو الحرمة عن‏ إشكال. أمّا نسبة الاختصاص في المقام فهي ناشئةٌ من كون أصلها من خليّته، ولا دليل على كونها معياراً في الحرمة ([227])، ومع الشكِّ فالأصل الجاري في المقام هو البراءة .


وتجدر الإشارة إلى أنَّ بعض المواقع الإخباريّة الالكترونيّة قد أشارت بتمكّن فريق من الأطبّاء الجراحين في جنوب إفريقيا من زراعة عضو تناسليّ بنجاح لشاب في الحادية والعشرين من عمره، الأمر الذي يمنح الأمل لكثير من الذكور الذين فقدوا أجهزتهم التناسلية لأيِّ سبب من الأسباب، خصوصاً المصابين بنوع محدّد من السرطان، أو نتيجة الحوادث الحربيّة.


واستعاد الشاب وظائف عضوه التناسلي كاملة في غضون أربعة شهور من العملية الجراحية التي استغرقت تسع ساعات بأحد مستشفيات مدينة كيب تاون بجنوب إفريقيا ([228]).


واعتقد الأطبّاء أن َّالمريض الذي كان قد فقد عضوه التناسليّ إثر خطأ في عملية ختان لن يستعيد وظائفه كافّة إلاَّ بعد عامين على الأقلّ، لكنّه تمكّن من ذلك بعد أربع شهور، الأمر الذي يمنح الأمل لعدد كبير ممَّنْ فقد أعضاءه جراء عمليات ختان فاشلة أو الإصابة في الحوادث العسكريّة ونحوهما.


وقال أندريه فان درميرميو كبير الجراحين في جامعة ستيلينبوس ومستشفى تيغربيرغ: " لقد أدهشتنا سرعة شفاء المريض "، وأوضح الجرّاح أنَّ الزراعة اعتمدت على الجراحة الميكروسكوبيّة لوَصل الأوعية الدمويّة الدقيقة والأعصاب ([229]).


وعليه فنصل إلى نتيجة مفادها (أنَّ الشريعة الإسلاميّة المقدّسة حيث إنّها شريعة أبديّة لكلِّ البشر على وجه هذه الكرة الأرضيّة طول التاريخ وإلى الأبد، فهي تستبطن حلولاً ملائمةً لكافّة مشاكل الإنسان الكبرى في كلِّ عصر من المشاكل الاجتماعيّة والفرديّة، والماديّة والمعنويّة، وهكذا) ([230]).


 


المسألة السابعة: تزريق دم المرأة الأجنبيّة للرجل الأجنبيّ


اتّفقت كلمات الفقهاء على الحكم بنجاسة الدم، وأنّه أحد مصاديق النجاسة الخبثيّة، والمعروف فقهيّاً جواز التبرّع بالدم لإنقاذ مريض آخر، بل قد يجب إذا توقّف الإنقاذ عليه، ولا يفرق الحكم بين كون التبرّع من الرجل إلى المرأة وبالعكس، وسواء كانوا من المحارم أم لا (ولا دليل على حرمة تزريق دم المرأة الأجنبيّة للرجل الأجنبي; لعدم دخوله تحت شيءٍ من أدلّة الحرمة. ولو شُكّ في شيء من ذلك من جانب الطهارة أو الصلاة أو أصل جواز التزريق، فالمرجع فيه أصالة الإباحة والبراءة) ([231])، ولا يجري الاستصحاب هنا؛ لتبدّل الموضوع، وعدم وحدة القضيّة المتيقّنة والمشكوكة، والمعروف بين الأصوليّين أنّه يشترط في جريان الاستصحاب وحدة القضيّة المتيقّنة – موضوعاً ومحمولاً – مع القضيّة المشكوكة. نعم، إذا خيف انتقال الأمراض فلا يجوز حينئذٍ ([232]).


 


 


 


المسألة الثامنة: تغيير جنس الإنسان


استدلّ غير واحد من الفقهاء على جواز تغيير جنس الإنسان من الذكر إلى الأنثى وبالعكس بـ (أنّه من باب تبدّل عنوان بعنوان آخر من دون حاجة إلى مقدّمات محرّمة، ومقتضى أصالة الحلّيّة وأصالة البراءة هو الجواز ] ما لم يكن فيه محذور عرضيّ [...) ([233])، ولا بأس في العمليّة الجراحيّة المذكورة، فيما إذا كانت لكشف وإظهار الجنسيّة الواقعيّة، كما إذا كان الشخص له ميولٌ نفسيّةٌ إلى الجنس المخالف ([234])، شريطة أنْ لا يستلزم فعل محرّم، ولا تسبّب في ترتّب مفسدة.


ويجب على المرأة التستّر أمام مَنْ غيّر جنسه بعمليّة وصار رجلاً، وأمّا إذا كان رجلاً ثمَّ غير جنسيّته وصار أنثى


واقعاً بعد العمليّة فلا يجب على المرأة التستّر منه ([235]).


كما لا مانع من إجراء العمليّة الجراحيّة لإلحاق الخنثى بالمرأة أو الرجل في حدّ نفسه ([236])، ولكن يجب التحرّز عن المقدّمات المحرّمة ([237]) من النظر إلى العوْرة ولمسها. نعم، إذا كان عدم تغيير الجنس يوقع المكلّف في الحرج الشديد الذي لا يتحمّل عادةً، فلا بأس بإجراء عمليّة التغيير وإنْ استلزمت النظر واللمس المحرّم ([238]).


وتجدر الإشارة إلى أنَّ الشيخ ناصر مكارم الشيرازيّ قد قسّم تغيير الجنس إلى صورتين:


الأولى: التغيير الظاهريّ (الصوريّ)، بمعنى أنْ لا يكون في الشخص آلة الجنس المخالف، وبسبب عمليّة جراحيّة صوريّة يكون له شبيه آلة الجنس المخالف.     وحكمها: عدم جواز مثل هذه العمليّة.


الثانية: التغيير الواقعيّ (الحقيقيّ)، أي يظهر العضو المخالف بعد إجراء العمليّة الجراحيّة. وهذا الشيء يحصل لدى الخنثى عادة. وحكمها: جواز مثل هذه العمليّة، وليس فيها محذورٌ شرعيٌّ، وخاصّة إذا ظهرت على الشخص علامات الجنس المخالف، بل قد يجب إجراءها. ولكن بما أنَّ مثل هذه العمليات تستلزم النظر وأحياناً اللمس المحرّمين فلا يجوز إجراءها إلاَّ عند الضرورة ([239]). والظاهر أنَّ ما ذكره الشيخ الشيرازيّ هو الأولى بالقبول، والأقرب إلى الواقع .


 


 


المسألة التاسعة: استخراج قطعة البلاتين من بدن المسلم الميّت


أفتى بعض الأعلام كالسيّد عليّ الخامنئيّ بجواز استخراج قطعة البلاتين – لقيمتها وندرتها – من بدن المسلم الميّت بتشريح الجسد قبل الدفن مع مراعاة عدم هتكه ([240])؛ للبراءة من حرمة هذا الفعل.


 


المسألة العاشرة: تشريح الميّت لاكتشاف شيء جديد في علم الطبّ ونحوه


الظاهر جواز تشريح جسد الميّت في الجنين السقط أم غيره في حالتين:


·     ما إذا كان ذلك لغرض اكتشاف شيء جديد في علم الطبّ.


·       ما إذا كان ذلك لغرض الحصول عل معلومات بشأن مرض يهدّد حياة الناس؛ للبراءة من حرمة ذلك.


ولكن يجب مع الإمكان عدم الاستفادة من جسد الميّت المسلم ([241])، فلا يجوز تشريح المسلم لغرض التعلّم ونحوه ما لم يتوقّف عليه إنقاذ حياة مسلم أو ما بحكمه ولو في المستقبل ([242])، كاكتشاف الجريمة لإحقاق حقٍّ أو دفع مفسدة كبيرة ونزاع عظيم ، وبعض موارد الضرورة ([243]). وأمّا ثبوت ديّة الميّت على المباشر فقد احتاط بها السيّد محمّد سعيد               الحكيم ([244])، وأمّا السيّد محمود الهاشميّ فقد ذهب إلى عدم ثبوتها ([245]).


 


المسألة الحادية عشر: زرع الشعر في الرأس ونحوه


الظاهر جواز زرع الشعر في الرأس والحاجب وسائر مواضع البدن في حدّ نفسه بشرط أنْ:


أ – يكون من شعر حيوان محلّل الأكل، أو من شعر إنسان ([246]).


ب – لا يستلزم عملاً محرّماً معيّناً ([247]). ومستند الجواز البراءة من حرمة ذلك.


وبعد إجراء عمليّة زرع الشعر تحصل عندنا صورتان:


·       أنْ يصبح الشعر المزروع كالشعر الطبيعيّ. وحكمه عدم المنع منه؛ فإنّه بعد الزرع يصبح الشعر الجديد (المزروع) جزءً من البدن كسائر عمليات الترقيع، فيترتّب عليه أحكامه في الوضوء والغسل.


·       أنْ لا يعدّ كالشعر الطبيعيّ. وحكمه عدم جوازه من جهة أنّه مانعٌ عن الوضوء والغسل؛ إذ يكون مانعاً من وصول الماء إلى البشرة بمقداره ([248]).


بينما استشكل كلٌّ من الشيخ الفاضل اللنكرانيّ، والشيخ محمد تقي بهجت (ت 1430 هـ)، والشيخ الصافي الكلبايكانيّ (معاصر) – على ما نُسب إليهم – بعملية زرع الشعر، وأنّه خلاف الاحتياط الوجوبيّ، وفي حال تمَّ زرعه فيجب نزعه، وإنْ لم يمكن نزعه فالأحوط (+) الجمع بين الوضوء أو الغسل وبين التيمّم ([249]).


 


 


تفريع: لبس الباروكة : لا مانع من استعمال الباروكة، والصلاة فيها – ولو كانت متّخذة من شعر حقيقيّ لنساء غير مسلمات – ؛ للبراءة من حرمة ذلك . نعم لا يجوز المسح عليها في الوضوء ([250]).


 


المسألة الثانية عشر: نظر المتعلّمين في المجال الطبّيّ إلى بدن الغير


يشاهد الطلبة الجامعيّون في الفرع الطبّيّ خلال الدراسة صوراً وأفلاماً مختلفة من مواضع البدن، بهدف التعلّم فيقع التساؤل عن حكمه ؟


والجواب: أنّه لا مانع من النظر إلى الأفلام والصور في حدّ نفسه؛ للبراءة من حرمته.


والجواز مشروطٌ بأمرين:


الأوّل: أنْ لا يكون النظر بقصد التلذّذ.


الثاني: لم يكن فيه خوفُ ارتكاب الحرام ([251]).


بل يجوز النظر إلى الرجل والمرأة عاريين تماماً حينما يكون ذلك بداعٍ علميّ بشرط أنْ لا يكون بشهوة، مع مراعاة تقديم نظر الطبيب والطبيبة إلى مماثله مع الإمكان ([252]).


كما يجوز النظر إلى الصور العارية الموجودة في الكتب الطبّيّة التعليميّة الضروريّة بشرطين:


·       أنْ لا يكون النظر بريبة أو تلذّذ.


·       أنْ يكون النظر عند الضرورة فقط، وبمقدار الضرورة ([253])؛ فإنَّ الضرورات تقدّر بقدرها.


 


تفريع: الاستفادة من الأجهزة التناسليّة المجسّمة في المجال الطبّيّ


خلال الدراسة الجامعيّة يُستفاد من الأجهزة التناسليّة المجسّمة (مصنوعة على شكلها من مواد بلاستيكيّة) فحكمها جواز النظر إليها ولمسها، بشرطين:


الأوّل: أنْ لا يكون ذلك بقصد الريبة والتلذّذ.


الثاني: أنْ لا يستلزم ذلك تحريك الشهوة.


وليس حكمها حكم العورة الأصليّة ([254])؛ ومستند الجواز هو التمسّك بأصالة البراءة.


 


المسألة الثالثة عشر: التحقيق بمعالجة المرضى بالموسيقى والكهرباء ونحوهما


هناك أبحاث تدور ضمن التحقيقات التي يقوم بها بعض المراكز البحثيّة الغربيّة حول تسكين الألم عن طريق الأساليب الآتية:


أ – المعالجة بالموسيقى.


ب – المعالجة باللمس.


ج – المعالجة بالرقص.


د – المعالجة بالدواء.


هـ – المعالجة بالكهرباء.


وقد أثمرت أبحاثهم – كما يقال – عن بعض النتائج، فيقع التساؤل عن حكم القيام بمثل هذا التحقيق ؟


والجواب: أنّه لا مانع شرعاً من التحقيق المذكور، واختبار مدى تأثيره في علاج الأمراض، بشرط أنْ لا يستلزم ذلك التورّط في أعمال محرّمة عليه شرعاً ([255])؛ ومستند الجواز هو التمسّك بأصالة البراءة .


 


المسألة الرابعة عشر: الأبحاث الطبّيّة على الحيوانات


تجري بعض الأبحاث الطبّيّة على الحيوانات، وفي النهاية تُتلف تلك الحيوانات – وبصرف النظر عن الضمان – فيقع التساؤل عن جواز ذلك من أجل التقدّم في الحقل الطبّيّ ؟


والجواب: أنّه لا مانع من ذلك في حدّ نفسه ([256])، ولكن يجب أنْ لا يؤدّي إلى أذيّة الحيوان أو تعذيبه ([257]) ما أمكن، وإلاَّ فلا بأس به، خصوصاً وأنْ الهدف من إجراء التجارب اكتشاف أدوية جديدة ونحو ذلك لخدمة الإنسان وتقليل معاناته من الأمراض ([258])؛ ومستند الجواز هو التمسّك بأصالة البراءة .


 


تفريع: أخذ الأموال مقابل إجراء تجارب دوائيّة


 تقوم بعض الشركات الدوائيّة بإجراء التجارب السريريّة للأدوية المصنّعة على بعض المرضى، فيقع السؤال عن حكم إعطاء (أخذ) الأموال بإزاء (مقابل) إجراء تجارب طبّيّة لاكتشاف عقاقير جديدة وتجربتها بعد تصنيعها وتجربتها مختبريّاً على الحيوانات ؟


والجواب: جواز ذلك؛ لعدم الدليل على الحرمة، والأصل البراءة. إلاَّ أنَّ الجواز مشروطٌ بأمرين:


·       أنْ تكون التجارب بسيطة لا تؤدّي إلى ضرر معتدٍّ به، أو موت المريض.


·        أنْ يكون إجرائها بموافقته وإجازته ([259]).


 


المسألة الخامسة عشر: إجراء العمليات التجميليّة


تقوم بعض المراكز التي تُعنى بالعمليات التجميليّة بإجراء الجراحة على الأنف أو الأذن لغرض التجميل، أو تقوم أحياناً بعمليات تكبير الشفاه والخدود عن الحدّ الطبيعيّ؛ بسبب إتّباع الموضة.


وحكم الجميع أنّه لا مانع من ذلك في حدّ نفسه، ولكن بشروط:


الأوّل: أنْ لا يؤدّي إجراءها إلى ضرر معتنى (معتدّ) به.


الثاني: أنْ لا تظهره المرأة أمام الأجنبيّ إذا عدَّ زينةً عرفاً ([260]).


الثالث: أنْ لا يستلزم إجراءها أمراً محرّماً، ويمكنها إجراء العمليّة عند المرأة الطبيبة ([261]).


فإجراء عمليات التجميل بحدّ ذاتها جائزٌ في الحدِّ المعقول والمنطقيّ ([262]).


ومستند الجواز هو التمسّك بأصالة البراءة .


 


المسألة السادسة عشر: تشريح جسد المشكوك إسلامه


لا مانع من تشريح جثّة (جسد) الشخص المشكوك إسلامه إذا لم يكن هناك سبيلٌ للحكم بإسلامه ([263])، كما إذا لم تكن أمارةً على كونه محقون الدم ([264])، بلا فرق في ذلك بين البلاد الإسلاميّة وغيرها ([265])؛ للبراءة من حرمة ذلك. بل إنَّ تشريح جثة المسلم وإنْ كان حراماً إلاَّ أنّه لا يحرم على الطلاب أو العمّال مساعدة أستاذ التشريح عند تشريح الجثة من خلال إحضار الأجهزة والأدوات اللازمة في عمليّة التشريح طالما لم يكونوا مشتركين معه في العمليّة ([266])، فالحرمة على تقدير وجودها إنّما تكون على المباشر فعلاً.


 


 


المسألة السابعة عشر: استعمال السونار لمعرفة جنس الوليد


لا بأس بالفحص الطبّيّ لكشف أنَّ الجنين من جنس الذكر أو الإناث، ولا حرمة فيه ولا منع منه؛ للبراءة من حرمة ذلك.


وأمّا التوصّل بالأدوية والمأكولات وغير ذلك لتغيير جنس الجنين فلا واقعيّة له أصلاً كما كشف ذلك الطبّ الحديث ([267]).


وتجدر الإشارة إلى أنَّ الحكم بجواز الفحص الطبّيّ بالسونار لغرض معرفة جنس الجنين مشروطٌ بما لا يستلزم محرّم آخر كالنظر واللمس المحرّمين ([268]).


 


المسألة الثامنة عشر: استعمال الخيوط الجراحيّة المصنّعة من غير مأكول اللحم


لا إشكال في استعمال الخيوط الجراحيّة – من قبل المختصّ طبيباً كان أم غيره – المصنّعة من الحيوانات غير المأكولة اللحم كالسباع ونحوها ([269])؛ إذ لا دليل على المنع منه، والأصل البراءة.


 


المسألة التاسعة عشر: إجراء الولادة القيصريّة مع إمكانيّة الوضع الطبيعيّ


تقوم بعض الحوامل من اللواتي يتمكّنّ من الوضع الطبيعيّ بطلبهنّ أنْ تُجرى لهنَّ الولادة القيصريّة للتخلّص من الآلام الشديدة الناتجة من الوضع الطبيعيّ، وهذا العمل لا مانع منه إذا لم يترتّب عليه ضررٌ على الأمّ أو الطفل ([270])؛ إذ لا دليل على المنع منه، والأصل البراءة.


 


المسألة العشرون: استعمال العقاقير لتأجيل الدورة الشهريّة


يجوز للمرأة استعمال الأدوية والعقاقير التي تؤجّل الدورة الشهريّة عن وقتها؛ لغرض إتمام بعض الواجبات – كالصيام ومناسك الحجِّ وزيارات العتبات المقدّسة ونحوها – بشرط أنْ لا يلحق بها ضرراً بليغاً ([271])، ولا دليل على المنع منه، والأصل البراءة.


بل قد يجب في بعض الموارد فيما إذا توقّف إتيان الواجب المشروط بالطهارة – كالطواف والصلاة ونحوهما – على نقائها من الدم، ولم يكن في تناولها لهذه العقاقير أيُّ مضاعفات صحّيّة ولو في المستقبل.


ولو تناولت المرأة الأدوية وبقيت طاهرةً صحّت أعمالها المشروطة بالطهارة على كلِّ حال ([272]).


 


 


المسألة الواحد والعشرون: العلاج بطرق خطرة لتأخير الموت


إذا عُلم أو اُحتمل أنَّ المريض سيموت عاجلاً بسبب مرض عضال مثل ابيضاض – سرطان – الدمّ (اللوكيميا)، أو انبثاث السرطان إلى بقيّة أنحاء الجسم، أو بعض أنواع السرطانات والأورام الأخرى، فلا إشكال في جواز تعريض المريض لأنواع شديدة الخطر من العلاج كالعلاج الكيمياويّ، الذي يكون أغلب أعراضه الجانبيّة أشدّ بكثير من أعراض نفس المرض؛ وذلك من أجل إطالة عمر المريض ولو لبضعة أشهر ([273])، ولا دليل على المنع منه، والأصل البراءة . بل قد يجب في بعض الموارد.


 


المسألة الثانية والعشرون: استعمال الخلايا الجذعيّة للأغراض العلاجيّة


قام بعض العلماء باستخدام الخلايا الجذعيّة المستخرجة من الأجنّة البشريّة قبل استقرارها في جدار الرحم؛ للأغراض العلاجيّة، وتجدر الإشارة إلى أنَّ مراكز الأبحاث تقوم بتأمين حاجتها من تلك العيّنات من الأجنّة التي تفيض عن حاجة مراكز التلقيح الصناعيّ (I. V. F)، ولا مانع من إجرائها؛ إذ المنطق الذي يعتمد عليه الفقهاء الشيعة هو منطق الدين والعقل من اهتمام الدين بالحفاظ على حياة الإنسان والعلاج من الأمراض المستعصية وغيرها، وهذه القيم الأخلاقيّة والمُثل الإنسانيّة التي يحكم عليها منطق العقل والدين ([274]).


وعليه فهذه العمليّة جائزةٌ في حدّ نفسه ([275])؛ إذ لا دليل على حرمته، والأصل البراءة.


وفي مقابل ذلك ذهب السيّد محمّد سعيد الحكيم إلى حرمة إجراء مثل هذه العمليات، معللاَّ ذلك بلزوم احترام الجنين بمجرّد انعقاد النطفة وتلقيحها للبويضة؛ للنصِّ الدالّ على وجوب الديّة بقتله، ولا تكون الديّة إلاَّ


 لاحترامه. مضافاً إلى لزوم الكفّارة على قتله، وهي لا تكون لولا ترتّب الذنب على قتله، فيحرم من هذه الناحية ([276]).


والظاهر أنَّ ما ذكره بعض الأعلام من جوازه مطلقاً، وما ذكره السيّد محمّد سعيد الحكيم من منعه مطلقاً قابلٌ للمناقشة، والصحيح هو التفصيل بين ما إذا أُخذت الخلايا الجذعيّة من إنسان غير محترم – كالكافر – فيكون القول الأوّّل (الجواز) تامّاً، بخلاف ما إذا أُخذت من إنسان محترم الدم فلا يجوز حينئذٍ، ويكون القول الثاني (المنع وعدم الجواز) هو الأحرى بالقبول.


ولعلّ مَنْ يراجع النصوص وفتاوى الأعلام يفهم من خلال مذاق الشارع الوجه في هذا التفصيل.


 


المسألة الثالثة والعشرون: استعمال جهاز الكي الكهربائيّ لختان الأطفال


لا مانع من استعمال جهاز الكي الكهربائي لختان الأطفال بشرط أنْ لا يترتّب على استعماله ضررٌ على الأطفال – ولو في المستقبل – حسب تشخيص أهل الخبرة من خلال استعمال الجهاز المذكور ([277])، خصوصاً وأنّه يستعمل منذ وقت ليس بالقصير.


 


 


المسألة الرابعة والعشرون: استعمال المخدّر الطبّيّ في الحدّ الشرعيّ


إذا وجب على الشخص الحدّ – كقطع اليد في حالة السرقة مثلاً – فيمكنه الطلب من الطبيب تخدير العضو المحدود على نفقته، حتّى لا يحسّ بالألم، ولا دليل على المنع ولزوم الإيلام؛ لإمكان كون غرض الشارع المقدّس من القطع التنكيل دون الإيلام، وإنْ حصل معه غالباً.


نعم، لا يجب على الطبيب الاستجابة، فضلاً عن تحمّل نفقات المخدّر، أو على حساب بيت المال؛ لعدم الدليل على ذلك بعد استلزام القطع نوعاً الإيلام، بنحوٍ لا مجال لحمل دليله على خصوص ما لا إيلام فيه، والأصل البراءة.


ولا فرق في ذلك بين قصاص الطرف والنفس كما إذا وجبت عليه عقوبة القتل، فيمكنه استعمال المخدّر؛ لما تقدّم آنفاً من عدم المنع منه، والأصل البراءة.


نعم، لا مجال لذلك في حدِّ الرجم؛ لظهور بعض الأخبار في ابتنائه على الإحساس بألم العذاب، كما يناسبه ما في غير واحد من الروايات من الأمر برميه بأحجار صغار ([278])، وأنّه إذا أصابه ألم الحجارة فلا يُردّ إلى الحفرة، وإنْ لم يكن أصابه ألم الحجارة رُدَّ ([279])، نحو ذلك ممّا فيه دلالة على شعور المحدود (المرجوم) بالألم([280]).


 


المسألة الخامسة والعشرون: دراسة وممارسة الطبيب الرجل التخصّصات النسائيّة


يجوز للأطباء من الرجال الدراسة والتخصّص بالأمراض النسائيّة والتوليد، ولا بأس به في نفسه إلاَّ إذا كانت عمليّة التخصّص بذلك ودراسته توجب مزاولة الأعمال المحرّمة شرعاً في أثنائها كالنظر إلى فرج المرأة ومسّها وتشريحها، فعندئذٍ لا يجوز إلاَّ في حالات خاصّة، كما إذا توقّف ذلك على الطبيب الرجل.


نعم لا يجب على الطبيب المتخصّص في الأمراض النسائيّة والتوليد ترك عمله إذا كان واثقاً ومطمئناً من نفسه أنّه إذا زاول عمله بالطبابة يقدم خدمة للمجتمع وينقذ حياة نفوس عديدة من الوقوع في المهلكة أو الحرج، ولا سيّما إذا كان المجتمع بأمس الحاجة إلى مثل هذا الطبيب ([281]).


 


المسألة السادسة والعشرون: التحوير الجينيّ على جنين الإنسان


لا مانع من إجراء التعديلات الجينيّة على جنين الإنسان في سبيل تحسين النوع، أو إبراز الصفات المرغوب بها، كاختيار لون البشرة أو رفع مستوى الذكاء، وما شاكل ذلك ([282])، ولا دليل على المنع منه ما لم يستلزم ذلك مفسدة، والأصل البراءة .


 


 


 


 


 


المطلب الثاني : أثر تنبيهات البراءة في  المجالات المعاصرة غير الطبّيّة


وفيه مسائل :


 


ت


عنوان المسألة


ت


عنوان المسألة


1


تطبيقات معاصرة في فقه الصلاة


11


شراء الكتب والمجلاّت والصحف الصادرة من شركات يملكها يهود


2


تطبيقات معاصرة في فقه الصوم


12


حقوق المؤلِّف والناشر


3


تطبيقات معاصرة في فقه الحج


13


اكتشاف الخطأ في الدراسات النظريّة العلميّة


4


             أكل الأجبان ، ونحوها المستوردة من البلدان غير الإسلاميّة


14


ممارسة ومشاهدة الألعاب الرياضيّة ، والأتاري ونحوه


5


طهارة وحلّيّة ماء الشعير المتداول الآن في الأسواق


15


تعلّم وتعليم فنّ الموسيقى المحلَّلة


6


الذبح بالأجهزة الحديثة


16


التصوير الفوتوغرافيّ


7


الانخراط في الجامعات والمعاهد المختلطة


17


الاتصال بشبكة الانترنيت


8


لبس ربطة العنق والقبّعة


18


أخذ الفوائد من المصارف غير الإسلاميّة


9


سرقة النظريات والأفكار العلميّة الغربيّة


19


تعليم المعاملات المتضمّنة على القرض الربويّ


10


بيع وشراء وتدخين التبغ


20


صبغ المرأة شعرها ( المعروف الآن بالميش )


 


 


 


المسألة الأولى: تطبيقات معاصرة في فقه الصلاة: وفيه


 


أوّلاً: الصلاة والصوم في القطبين (+)


في بعض مناطق الأرض يطول الليل والنهار أكثر من المتعارف، ولعلّه يبلغ كلٌّ منهما ستّة أشهر في بعضها، فيقع التساؤل عن حكم الصلاة والصوم في مثله ؟


والمحتمل فيه ستّة:


1 – ملاحظة البلدان المتعارفة المتوسِّطة، ثمَّ التخيير بين أوقاتها. واستقرب هذا الاحتمال السيّد محمّد كاظم الطباطبائيّ اليزديّ (ت 1337 هـ) ([283]).


2 – ملاحظة أوقات البلد الذي كان يستوطنه سابقاً.


3 – سقوط التكليف بالصلاة والصوم.


4 – التفصيل بين الصوم فيسقط وجوبه وبين الصلاة فيُكتفى بصلاة يوم واحد وليلة واحدة – أي إتيان خمس صلوات من الصبح والظهرين والعشائين فقط –. وتبنّى هذا الاحتمال كلٌّ من المحقّق العراقيّ ([284])، وآخرين كالشيخ باقر الإيروانيّ ([285]).


5 – أنَّ المدار على أقرب المناطق إلى القطبين، واحتاط كلٌّ من السيّد السيستانيّ ([286])، والسيّد محمود الهاشميّ ([287]) في هذا الاحتمال.


قال السيّد السيستاني: (إذا فُرض كون المكلّف في مكان نهاره ستّة أشهر وليله ستّة أشهر مثلاً، فالأحوط لزوماً (+) في الصلاة ملاحظة أقرب الأماكن التي لها ليل ونهار في كلِّ أربع وعشرون ساعة، فيصلّي ] الفرائض [ الخمس على حسب أوقاتها بنيّة القربة المطلقة، وأمّا الصوم فيجب عليه الانتقال إلى بلدٍ يتمكّن فيه من الصيام إمّا في شهر رمضان أو بعده، وإنْ لم يتمكّن من ذلك فعليه الفدية بدل الصوم) ([288]).


وقريب منه ما ذكره السيّد محمود الهاشميّ ([289]).


6 – وجوب الهجرة من تلك المناطق إنْ أمكن، وإلاَّ فيُؤتى بالصلوات الخمس في كلِّ أربع وعشرين ساعة احتياطاً. وهذا الاحتمال قوّاه السيّد الخوئيّ ([290]).


أدلّة الاحتمالات المتقدّمة


الدليل على الاحتمال الأوّل: وذلك لرجوع غير المتعارف إلى المتعارف، كما في تحديد مقدار الوجه الواجب غسله في الوضوء، وأنّه ما دارت عليه الإبهام والوسطى، وكذلك تحديد مقدار حجم الكرّ بالأشبار ونحو ذلك.


تعقيب ومناقشة


الظاهر أنَّ الحوالة على المتعارف في الموارد المذكورة أعلاه ونحوها من جهة الإطلاق المقاميّ، وهو مفقودٌ في المقام؛ فإنَّ الشارع قد حدّد للصلاة أوقاتاً معيّنة مفقودةٌ في الفرض، فكيف تجب في غيرها ؟!!


 


الدليل على الاحتمال الثاني: وذلك لاستصحاب الحالة السابقة (+).


تعقيب ومناقشة


الظاهر أنَّ جريان الاستصحاب في المورد بلا وجه لتغيّر وتبدّل الموضوع في القضيّتين – أي عدم الاتّحاد بين القضيّة المتيقّنة والمشكوكة –؛ للانتقال إلى بلد آخر له مشرق ومغرب آخران، بل إنَّ التكليف قد تبدّل عند المرور بالبلدان الواقعة في طريق المكلّف، فلو جرى الاستصحاب لكان المناسب مراعاة آخر البلدان التي مرَّ بها دون بلده السابق؛ للانتقاض باليقين الجديد.


 


الدليل على الاحتمال الثالث: وذلك لأنَّ الوقت من شرائط الوجوب (مقدّمة وجوبيّة)، ومن المعلوم سقوط وانتفاء المشروط (التكليف من الصلاة والصوم) بسقوط وانتفاء الشرط (الوقت حسب الفرض).


تعقيب ومناقشة : يبدو أنَّ هذا الدليل بإطلاقه قابلٌ للمناقشة؛ من جهة أنَّ سقوط التكليف بالصلاة بعد كونها ممَّا بُني الإسلام عليه ([291]) أمرٌ بعيدٌ عن الذوق الفقهيّ العامّ، بل إنَّ سقوط حتّى صلاة يوم واحد وليلة واحدة – كما هو الاحتمال الرابع – بلا مبرّر.


الدليل على الاحتمال الخامس: ولعلّه من جهة الميسور لا يسقط بالمعسور.


تعقيب ومناقشة : الظاهر أنَّ هذا لاحتمال مجرّد استحسان لا شاهد عليه.


الدليل على الاحتمال السادس: وذلك لأنَّ الصلاة والصوم لا يحتمل سقوطه، ولا دليل على التبعيّة لبلد آخر – كما اتّضح من مناقشة الاحتمالين الثاني والخامس –، فتجب الهجرة؛ تحفّظاً على التكليف من الضياع.


نعم، إذا لم يتمكّن من الهجرة فالإتيان بالصلاة في كلِّ أربع وعشرين ساعة أمرٌ موافقٌ للاحتياط (+ +).


تعقيب ومناقشة : يبدو أنَّ سقوط التكليف بالصلاة رأساً وإنْ كان بعيداً – كما في مناقشة الاحتمال الثالث –،          إلاَّ أنَّ سقوطه فيما زاد على خمس صلوات في مجموع السنة ليس بعيداً؛ إذ التكليف يكون باقياً ولكن في حدود خمس صلوات، والزائد يكون مجرى للبراءة (+ + +).


 


ومن جميع ما تقدّم يتّضح أنَّ المناسب هو الاحتمال الرابع وهو الأحرى بالقبول؛ لموافقته لدليل التوقيت بالأوقات الخمسة، بل هو المتعيّن بعد اختصاص الاستبعاد بسقوط الصلاة رأساً.


هذا بالنسبة إلى الصلاة


وأمّا الصوم فالمناسب سقوط وجوبه، وإنْ كان ممّا بُني الإسلام عليه؛ لاشتراطه بالقدرة المفقودة في تلك المناطق بسبب انعدام الموضوع (أي وجود ليل ونهار في شهر رمضان)، وتقدّم رأي السيّد السيستانيّ عن حكم الصوم عند الحديث عن الاحتمال الخامس.


تتميم: ثمَّ إنّه بما تقدّم يُعرف حال المسافر إلى الفضاء كالقمر ونحوه، فيلزم أنْ يأتي بالصلاة بمقدار الأيّام المتصوّرة في حقّه، فإذا كان اليوم وليلة عنده يعادل شهراً كفاه أداء الصلاة بهذا المقدار، ولا يجب عليه الصوم، ويلزمه قضاؤه  بعد ذلك ([292]).


 


 


ثانياً: الصلاة في وسائل النقل الحديثة


قد يصادف أنْ يحين وقت الصلاة في الطائرة أو السيّارة أو القطار نحوها من وسائل النقل الحديثة ممّا يستدعي توجّه التكليف بالصلاة، فيقع التساؤل عن حكم أداء الصلاة في هذه الوسائل ؟


والمعروف جواز الصلاة فيها، ولو مع سعة الوقت ما دام يمكن الإتيان بها مع شروطها كلّها.


ولا تضرّ الحركة التبعيّة؛ وذلك للتمسّك بأصل البراءة عن المانعيّة المحتملة بعد عدم الدليل عليها، بل لا تصل النوبة إلى الأصل بعد وجود روايات ([293]) تدلّ على جواز الصلاة في السفينة ([294])، ولا يضرّ أيضاً عدم استقبال القبلة في الصلاة في المركبة الفضائيّة فيما إذا لم يحرزها ولو ظنّاً، فيصلّي إلى أيِّ جهة شاء ([295]).


وقد يشكل على جواز الصلاة في هذه الوسائل بما يأتي:


الإشكال الأوّل: إنَّ من طبيعة هذه الوسائل الحركة، والتي قد تستدعي الانحراف عن القبلة، ومن المعلوم عدم صحّة الصلاة عند عدم استقبال القبلة في جميع أفعال الصلاة الواجبة، بل إنَّ حديث لا تعاد (+) لا يشمل الإخلال بالقبلة في صورة الجهل القصوريّ أو النسيان فضلاً عن علم والعمد والجهل التقصيريّ.


جواب الإشكال: إنَّ الانحراف لا يخلو من أحد احتمالين:


1 – أنْ يشكَّ فيه، فيستصحب عدمه (+ +).


2 – أنْ نجزم ونقطع به. وهنا صورتان:


الأولى: التمكّن من الانحراف تجاه القبلة كلّما انحرفت وسيلة النقل عنها.


وحكمه لزوم ذلك والحكم بصحّة صلاته.


الثانية: عدم التمكّن من الانحراف تجاه القبلة. وحكمه سقوط وجوب الاستقبال.


 


 


تعقيب ومناقشة


يبدو أنَّ الصورة الثانية تختصّ بحالة ضيق الوقت بقرينة الأخبار الدالّة على ذلك منها صحيحة حمّاد بن عيسى: سمعت أبا عبد الله (A) يُسأل عن الصلاة في السفينة فيقول: ((إنْ استطعتم أنْ تخرجوا إلى الجَدَد (+) فاخرجوا، فإنْ لم تقدروا فصلّوا قياماً، فإنْ لم تستطيعوا فصلّوا قعوداً وتحرّوا القبلة)) ([296])، فالمقصود من الاستطاعة الكناية عن سعة الوقت لأداء الصلاة التامّة على الساحل، ومفهومه أنّه مع السعة لا يجوز أداء الصلاة الناقصة – كفقد استقبال القبلة – في السفينة ونحوها.


الإشكال الثاني: إنَّ وسيلة النقل قد ترتفع أو تنخفض أحياناً، وهذا يستلزم تفويت الطمأنينة التي هي شرطٌ في صحّة الصلاة كما لا يخفى.


جواب الإشكال: إنَّ الارتفاع والانخفاض لا يخلو من أحد احتمالين:


1 – أنّه لا يوجب تحرّك المصلّي عن مكانه. وهو لا يضرّ؛ لما تقدّم آنفاً من جريان البراءة عن المانعيّة من هذه الناحية، بل قد يستفاد اغتفار ذلك من روايات السفينة كصحيح جميل بن درّاج قال لأبي عبد الله (A): تكون السفينة قريبة من الجدّ فأخرج وأصلّي ؟ فقال: ((صلِّ فيها، أمَا ترضى بصلاة نوح)) ([297])، وغيرها.


2 – أنّه يوجب تحرّك المصلّي عن مكانه. فيلزمه السكوت عن القراءة والأذكار حتّى يعود الاستقرار ([298]) – ما لم تكن الحركة ماحيةً لصورة الصلاة ([299]) –؛ لموثّقة السكوني عن أبي عبد الله (A): الرجل يصلّي في موضع ثمَّ يريد أنْ يتقدّم، قال: ((يكفُّ عن القراءة في مشيه حتّى يتقدّم إلى الموضع الذي يريد ثمَّ يقرأ)) ([300]).


وتجدر الإشارة إلى أنَّ السيّد السيستاني قد أفتى بجواز ركوب الطائرة ونحوها اختياراً قبل دخول الوقت وإنْ علم أنّه سيضطر إلى أداء الصلاة فيها فاقداً لشرطي الاستقبال والاستقرار (الطمأنيّنة) ([301])، خلافاً لأستاذه السيّد الخوئيّ من أنّه (إذا سافر جوّاً وأراد الصلاة فيها، فإنْ تمكّن من الإتيان بها إلى القبلة واجدةً لسائر الشرائط صحّت، وإلاَّ لم تصحّ إذا كان في سعة الوقت بحيث يتمكّن من الإتيان بها إلى القبلة بعد النزول من الطائرة) ([302])، بينما يستظهر من كلمات السيّد محمّد الصدر (ت 1419 هـ) الاحتياط الوجوبيّ في المسألة ([303]).


 


 


ثالثاً: الصلاة في الشركات ودوائر الدولة ونحوهما


تشغّل الشركات الخاصّة والدوائر العامّة في الدول الإسلاميّة والغربيّة مجاميع من الموظّفين والعاملين في تلك الدوائر، وهم لا يعلمون شيئاً عن ملكيّة المكان.  


وحكمهم: أنّه لا مانع من الصلاة فيها، والوضوء بمياهها، ما لم يعلم غصبها من محترم المال، فكلُّ ما نشكّ في حليّته نبني على الحلّيّة؛ لأصالة الحلّيّة والبراءة عن حرمته ([304]).


 


رابعاً: الصلاة في الجلود المستوردة من البلدان غير الإسلاميّة


من البنطلونات المنتشرة هذه الأيّام، بنطلون الجينز المصنوع في بلدان غير إسلاميّة، حيث توضع عليه قطعة جلد مكتوب عليها اسم الشركة ولا نعلم أنّه جلدٌ طبيعيٌّ أم صناعيٌّ.


وحكمه: جواز الصلاة به ([305])؛ لأصالة البراءة.


نعم إذا أحرز أنّه جلدٌ طبيعيّ وشكَّ في كونه من الحيوان المذّكى أو لا، فحكمه:


·      أنّه محكومٌ بالطهارة؛ لما سيأتي في تطبيقات الاستصحاب (+) من أنَّ الحكم بنجاسته مبنيٌّ على القول بالأصل المثبت، والمعروف أنّه لا يكون حجّة.


·      عدم جواز الصلاة به؛ لعدم إحراز أنّه من الحيوان المذكّى، والأصل عدمه؛ لأصالة عدم التذكية ([306]).


 


تفريع: صلاة الرجال في المنسوجات الحريريّة المشكوكة


يجوز للرجال لبس المنسوجات الحريريّة المشكوكة التي لم يجزموا بكونها من الحرير الطبيعيّ أو الصناعيّ، كما يجوز لهم الصلاة بها حينئذٍ. وعليه فمع الشكِّ يجوز لبسها والصلاة فيها.


ويجوز لهم أيضاً لبس الحرير الطبيعيّ الممزوج بغيره من المنسوجات الأخرى كالقطن والنايلون ونحوهما إذا كان المزيج بمقدار لا يصدق عليه الحرير الخالص، وكذا المشكوك بكونه ممزوجاً بها كذلك، وتجوز لهم الصلاة فيه ([307])،            ولا يجب على المكلّف الفحص والبحث للتأكّد من حالها، ويحقّ له لبسها ([308])؛ لأصالة البراءة .


 


 


المسألة الثانية: تطبيقات معاصرة في فقه الصوم: وفيه


1 – استعمال البخاخ في الصوم


يستعمل بعض مرضى حساسيّة الصدر جهازاً يساعدهم على التنفّس المريح يسمّى بـ (البخاخ)، يرسل هذا الجهاز بعد ضغطه في الفم ما يشبه الغاز المضغوط.


وحكمه جواز استعماله حال الصيام، ولا يضرّ بصحّة صومه ([309])، ويبقى الصائم – عند استعماله هذا


الجهاز – على صومه إذا لم يعلم بوصول الدواء إلى المعدة ([310])، ولم يدخل في الحلق على شكل مائع ([311])؛ إذ لا دليل على المنع منه، والأصل البراءة .


 


تفريع: حكم المضغوطة التي توضع تحت اللسان


يقوم بعض المرضى بوضع مضغوطة (حبّة) تحت اللسان، خصوصاً المرضى الذين يعانون من الضغط، فتذوب هذه المضغوطة في لعاب الفمّ تدريجيّاً وتنزل إلى الجوف.    حكمها: أنّها مبطلةٌ الصوم، إلاَّ إذا كانت الجزئيّات الدوائيّة تنجذب من خلال الغدد الموجودة تحت اللسان، ولا تختلط بلعاب الفمّ ويدخل الحلق فلا يبطل الصوم بها حينئذٍ ([312]).


 


2 – استعمال المغذي في الصوم


المغذي أو المصل عبارة عن كيس من البلاستيك يحتوي – عادةً – ماء وسكر وبعض الأدوية، يُعطى للمريض بواسطة الإبرة في الدم عن طريق الوريد مباشرة، من دون أنْ يصل لمعدته شيءٌ منه، لمرض أو بدونه كأنْ يُعطى للتغذية، فيزيل إحساسه بالجوع ويغطي حاجة الجسم للغذاء.


واختلف أنظار الأعلام في جواز استعماله في الصوم على رأيين:


الأوّل: ما اختاره كلٌّ من السيّد الخوئيّ والميرزا التبريزيّ من التفصيل بين ما إذا كان المغذي يقوم مقام الطعام للجسم ويزيل الإحساس بالجوع فالأحوط وجوباً (+) الاجتناب عنه وإنْ لم يدخل في المعدة، وبين ما إذا لم يقم مقام الطعام في إزالته الإحساس بالجوع، ولم يصل إلى الجوف ولا إلى المعدة، فلا يجب الاجتناب عنه (+ +)، ويجوز للصائم استعماله (+ + +) ([313]).


وتجدر الإشارة إلى أنَّ السيّد الخوئيّ قد أشار في موضع آخر إلى رأي مفاده (إنَّ كان] المغذي [مثل ما يعالج في هذه الأيّام، في المستشفيات الحاضرة، لم يضرّ بصومه) ([314]).


وأشار في موضع آخر أيضاً إلى رأي مفاده إنَّ (المفطّر هو الأكل والشرب، وبما أنَّ المغذي يذهب الجوع عمَّنْ يتغذّى به الذي يتبادر إلى الذهن أنّه مناسب لملاك النهي عن الأكل والشرب فالأحوط وجوباً تركه) ([315]).


الثاني: ما تبنّاه السيّد السيستانيّ ([316])، والسيّد صادق الحسينيّ الشيرازيّ (معاصر) ([317])،


وظاهر السيّد محمّد سعيد الحكيم ([318]) من جواز استعماله حال الصيام (+)، وإذا تمكّن المريض من الصوم مع استعمال المغذي وجب الصوم ([319])، والمغذي ليس أكلاً وشرباً، ولا يصدق عليه أنّه طعامٌ وشرابٌ قد وصل إلى الجوف – الذي يكون مستقر الطعام والشراب – .


وعليه فلا يكون مضرّاً بصحّة الصوم ([320])، ولا دليل على المنع منه، والأصل البراءة.


الثالث: ما ذهب إليه السيّد الخامنئيّ ([321])، والشيخ ناصر مكارم الشيرازيّ ([322])، وآخرون من الاحتياط                الوجوبيّ (+ +) من استعماله، فإنّه (لا إشكال في ]جواز[ الحقن بالإبرة للصائمين إلاَّ المغذي منها، فالأحوط ]وجوباً[ اجتنابه أثناء الصوم) ([323]).


 


تفريع: حكم الحقن بالإبرة – بغير المغذي – أثناء الصيام


المعروف والمشهور بين الفقهاء المعاصرين جواز زرق العلاج بالإبرة في العضلة أو الوريد ([324])؛ إذ لا دليل على المنع، والأصل البراءة .


 


خلافاً لرأي بعض الأعلام كالسيّد عليّ الخامنئيّ ([325])، والشيخ ناصر مكارم الشيرازيّ من الإشكال (الاحتياط الوجوبيّ) في زرق الإبرة سواء أكان للعلاج أم للتقوية على الصيام ونحو ذلك، إلاَّ التزريق الموضعيّ لغرض تخدير العضو، أو كدواء للجرح والجراحات وتسكين الألم فلا بأس.


ويشمل الحكم بالاحتياط الوجوبيّ صورة زرق الدم في الجسم أثناء الصيام فالاحتياط (+ + +) يقتضي إكمال صوم ذلك اليوم ثمَّ قضاؤه ([326]).


 


 


المسألة الثالثة: تطبيقات معاصرة في فقه الحج: وفيه


أوّلاً: استعمال الرجل المحرم للمصعد الكهربائيّ


المعروف بين فقهاء الإماميّة أنَّ حرمة التظليل على الرجل المحرم في الظلّ (التستّر) التي يتحرّك بحركة الراكب أو الماشي أفقيّاً كما في راكب السيّارة، واختلفوا في حرمة التظليل بالمتحرّك عموديّاً كالمصعد.


فقد ذهب أكثر الفقهاء – منهم السيّد الخوئي ([327])، والميرزا التبريزيّ ([328])، والسيّد السيستانيّ ([329]) – إلى عدم حرمته على الرجل المحرم؛ لجريان البراءة في المورد . بينما ذهب آخرون إلى حرمته على الرجل المحرم في الطريق بين الميقات ومكّة المكرّمة منهم السيّد كاظم الحسينيّ الحائريّ ([330])، والشيخ الفيّاض ([331]).


وقال آخرون بالتفصيل كالشيخ محمّد أمين زين الدين فـ (ركوب المحرم في المصعد الكهربائيّ:


·      فإذا كان الموضع الذي جُعل فيه المصعد الكهربائيّ من العمارة مستوراً عن الشمس وعن الحرّ والبرد والمطر، ولو بسبب تعدّد طبقات العمارة وكثرتها، وضيق الموضع الذي نصب المصعد فيه من العمارة، فلا تتسلّط الشمس            ولا المطر على نفس المصعد، لم يكن الوقوف في المصعد وقوفاً في مظلّة، ولا الكون فيه كوناً تحت ظل، فيجوز للمحرم الوقوف والصعود والهبوط فيه ] لأصالة البراءة [.


·        وإذا كان الموضع ] الذي جُعل فيه المصعد الكهربائيّ من العمارة [بارزاً للشمس وللحرّ والبرد وصدق على الواقف في المصعد أنّه متظلّلٌ بسقفه عن الشمس أو عن الحرّ أو البرد أو عن المطر في أوقات المطر، لم يجز للمحرم الوقوف فيه في تلك الساعات، ولزمته الكفّارة إذا وقف واستظلّ به) ([332]).


 


تفريع: حكم وضع الجوّال أثناء الإحرام


المعروف عند الفقهاء حرمة ستر الرأس بالنسبة الرجل المحرم؛ للحديث المروي من قِبْل الفريقين: ((إحرام الرجل في رأسه، وإحرام المرأة في وجهها)) ([333]).


واختلفت أنظار فقهاء الإماميّة في جواز تغطية الأذن، وخصوصاً في هذا الزمان بعد اختراع جهاز الموبايل (الجوّال)، فيقع التساؤل عن حكم وضع الجوّال (تغطية الأذن بالجوّال) على أذن الرجل حال إحرامه ؟


وأفتى جملةٌ من الأعلام كالشيخ الفيّاض ([334])، والسيّد الخامنئيّ ([335]) بجوازه؛ للبراءة من حرمة ذلك .


بينما احتاط بعض الفقهاء وجوباً (+) في المسألة كالسيّد السيستانيّ ([336])، وألزم احتياطاً دفع كفّارة شاة بوضع الموبايل على الأذن.


 


 


ثانياً: السعي في السرداب (البدروم)


استحدث الحكومة السعوديّة في العام 1432 هـجري مسعى جديد تحت الطابق الأرضي تماماً، ويسمّى بـ (السرداب)، وقد اختلفت كلمات الفقهاء في جواز السعي به على أقوال أبرزها.


ما ذهب أكثر المعاصرين – منهم السيّد السيستاني ([337])، والسيّد الحكيم ([338])، والشيخ الفيّاض ([339]) – إلى جواز السعي به؛ لأنّه واقع بين الصفا والمروة ([340]).


وفي مقابل ذلك ذهب الشيخ الوحيد الخراساني ([341]) إلى التوقّف في جواز السعي به، وأنَّ الأحوط وجوباً (+ +) عدم الاجتزاء بالسعي به، وقد علّل ذلك أنَّ السعي في السرداب الحالي إنّما يكون سعياً بين جذري الجبلين – الصفا والمروة – لا أنّه سعيٌ بين نفس الجبلين.


 


 


ثالثاً: التقصير في الحجّ في المكائن الحديثة


يعدّ التقصير العمل الأخير في عمرة التمتّع، وبه يتحقّق الإحلال من إحرام العمرة.


وتعدّ مسألة التقصير بآلات الحديثة، كالماكنة الكهربائيّة هي أبرز المسائل المستحدثة في هذا الباب؛ إذ يعمد بعض الحجاج إلى التقصير بإزالة الشعر بواسطة هذه الماكنة.


والمعروف بين الفقهاء جوازه بشرطين:


الأوّل: أنْ يكون ذلك بنحو التقصير لا حلق الرأس بتمامه؛ إذ أفتى جميع الفقهاء المعاصرين – بحسب التتبّع – إلى عدم الاجتزاء بالحلق بديلاً عن التقصير ([342]).


الثاني: أنْ تقوم الآلة الكهربائيّة إلى قصّ وقطع الشعر لا إلى نتفه؛ إذ أفتى جميع الفقهاء المعاصرين – بحسب التتبّع – إلى عدم الاجتزاء بالنتف بديلاً عن القصّ ([343]).


 


المسألة الرابعة: أكل الأجبان ، ونحوها المستوردة من البلدان غير الإسلاميّة


ينشأ المسلمون – عادةً – في بيوتهم وسط مدنهم وقراهم، وبين ذويهم ومع أسرهم، يتناولون أصنافاً من الطعام وألواناً من الشراب ألفوها، فأحبّوها، وعرفوا محتوياتها، فهي خالية من كلِّ ما ترفضه عقيدتهم، ويأباه دينهم، وتنأى عنه قيمهم وتقاليدهم الإسلاميّة القويمة، وحين قُدّر لبلداننا استيراد أصنافاً وألواناً من الأطعمة والأشربة والأدوية – خصوصاً في السنوات الأخيرة – من البلدان غير الإسلاميّة واجهتهم مشكلة تناولها، فلا الطعام هو ما ألفوه وأحبّوه واستساغوه، ولا محتوياته هي ما عرفوها وتطبّعوا عليها واعتادوها، ذلك أنَّ الطعام ونحوه قد صُنّع وأُعدّ في مجتمع له قيمه الخاصّة به، وأعرافه وتقاليده التي منها بالطبع عدم التزامه في طعامه وشرابه حدود الشريعة الإسلاميّة وأحكامها، فإذا رغب المسلم أنْ يتناول من الطعام شيئاً منها واجهته مشكلة حلّيّة الأكل وحرمته، وجواز الأكل وعدمه، وطهارة المأكول ونجاسته، وغير هذه وتلك من المسائل والاستفسارات.


وقد وردت إلى الفقهاء مجموعة أسئلة حول جملة من هذه الأمور منها على سبيل المثال لا الحصر:


جواز أكل الجليّ، وخصوصاً أنَّ هناك شبهة حول صناعته وأنّه مأخوذٌ من جلد وعظام الحيوانات، ومن المعلوم أن هذه المادّة مصنوعة في البلدان غير الإسلاميّة، فلا يُعلم من أيّ الحيوانات مأخوذة، وعلى تقدير أنّه مأخوذٌ من الحيوانات المحلّلة كالبقر ونحوه فهل أنّها مذكّاةٌ أو لا ؟


والجواب: أنّه لا بأس بأكلّه ما دام لم يعلم باشتماله على مادّة محرّمة ([344])؛ لأصالة الحلّيّة والبراءة عن حرمة أكله. نعم لو عُلم أنّه مأخوذٌ من الحيوان غير المذّكى فلا يجوز أكله ([345]).


ويشمل الحكم بجواز الأكل والاستعمال كلّ المواد الغذائيّة – غير اللحوم والشحوم ومشتقّاتهما – إذا شُكَّ باشتمالها على مواد محّرمة، كالأندومي (السباستيكي)، والبسكت، والمربيات، ونحو ذلك.


بل ويشمل هذا الحكم تناول كبسولة الدواء المشتملة على غلاف يُشكّ باحتوائها على مواد محرّمة، وربّما تكون هذه من أهمّ المسائل الابتلائيّة في الوقت الحاضر؛ إذ ما من مريض إلاَّ وقد يحتاج إلى تناول الكبسول، ومن المعلوم أنَّ جل الكبسول – لولا الكلّ – تكون مصنوعةً في البلدان غير الإسلاميّة، خصوصاً أنّها على أقسام ثلاثة:


1 – فبعضها مصنوعة من الحيوانات المشكوكة التذكية، ويدخل في تركيبتها مواد حيوانيّة.


وحكمها: عدم جواز تناولها.


2 – وأخرى مصنوعة من بعض المواد الصناعيّة أو النباتيّة.  وحكمها: جواز تناولها بلا إشكال.


3 – وأخرى يُشكّ في أنّها من القسم الأوّل أم الثاني – وهي الحالة الغالبة –.


وهنا تجري أصالة الحلّيّة والبراءة عن حرمتها ([346])، ولا يجب الفحص والتأكّد من حالها وأنّها من أيِّ قسم ([347]).


وأمّا حكم أكل الأجبان المستوردة من دول غير إسلامية ولم تعرف طريقة صناعتها أو محتواها، وأنّها هل تكون مشتملةً على مادّة محرّمة أو لا؟ فكذلك يجوز أكلها؛ للسبب المتقدّم، أي جريان أصالة الحلّيّة والبراءة ([348]).


وتجدر الإشارة إلى أنَّ الأجبان لا يدخل في تركيبها دهن الخنزير – كما يتوهّم البعض –، ولكن في عمليّة التجبين يمكن أنْ تُستعمل الأنفحة (+)، وهي على أنواع:


 1 – أنفحة الخنزير، وهي محرّمة.


2 و 3 – أنفحة البقر أو العجل غير المذكّى أو الميتة، وهي بذاتها طاهرة، ويمكن استعمالها، ولكنّ الظرف (الكرش) تتنجّس بملاقاتها لرطوبة سائر أعضاء الحيوان، فإنْ:


أ – علم وأحرز المكلّف بأنَّ الظرف المتنجّس قد استعمل في التجبين.


وفي هذه الحالة لا يجوز تناول الجبن.


ب – لم يعلم (شكّ) المكلّف بأنَّ الظرف المتنجّس قد استعمل في التجبين، وهي الحالة الشائعة والمعروفة.


وفي هذه الحالة لا مانع من تناول الجبن ([349])، للبراءة من حرمته.


فالنتيجة: أنّه يجوز أكل الجبن الذي أُضيف إليه أنفحة العجل مع العلم أنَّ الجبن مستوردٌ من بلدان إسلاميّة ما لم يعلم اشتماله على مادّة محرّمة أو نجسة ([350]). وكذلك يجوز تناول جبن كرافت ونحوه الموجود في الأسواق عند الشكِّ باشتماله على مادّة محرّمة ([351])؛ لأصالة البراءة عن حرمته.


وتجدر الإشارة إلى وجود أنواع أخرى من المستحضرات – غير الأنفحة – تُستعمل عادةً في التجبين، ومنها ما هو من أصل نباتيّ، ومنها الكيماويّ (أنزيم ميكروبيّ)، ولا شكَّ في حلّيّة وطهارة هذين النوعين؛ لجريان أصالة الحلّيّة والبراءة والطهارة.


وإذا شكَّ في المادّة المستعملة في تجبين هذا النوع من الجبن :


·      بين الأنفحة الطبيعيّة المحرّمة أو غير الطاهرة.


·      وبين المستحضرات المحلّلة –.


فيبني في ذلك على الحلّيّة ([352])، أي عند الشكِّ يبنى على الحلّيّة والطهارة ([353])؛ للسبب المتقدّم.


ويشمل الحكم المتقدّم تناول جبن الكرافت المستورد من الخارج ([354]).


وكذا لا مانع من أكل الشيبس ( رقائق البطاطا )المصنوع في الدول غير الإسلاميّة مع اشتماله على بعض النكهات، كنكهة الجبن والخلّ والطماطم ونحوه، دون نكهة الخمر فينبغي تركه ([355]).


وبعبارة أخرى (قاعدة عامّة): يجوز للشخص أكل المنتجات – غير اللحوم والشحوم ومشتقّاتهما – المستوردة من البلدان غير الإسلاميّة، ولا يجب الفحص عن محتوياتها، ولا يجب النظر إلى تركيبتها ما لم تشتمل على مادّة محرّمة ([356]).


ويشمل ذلك أكل المرطبات وشرب العصائر والمشروبات الغازيّة غير الكحوليّة كالبيبسي والكوكا كولا والسفن آب وكندا دراي، وكذا تناول الجيلاتين النباتيّ (+) ونحوه كالمعلّبات والعسل ([357]) المستورد من البلدان غير الإسلاميّة؛ لعدم العلم باشتمال المذكورات على مواد محرّمة شرعاً ([358]).


وكذلك يجوز تناول الدهون والزيوت المستوردة من البلدان غير الإسلاميّة إذا شُكَّ في كونها نباتيّة أو حيوانيّة ([359])؛ لأصالة الحلّيّة والبراءة، فيجوز أكل الكرزات والحبوب المقلاة بدهن غير معلوم (مشكوك)


أنّه نباتيّ أو حيوانيّ والمستوردة من البلدان غير الإسلاميّة ([360])، كما يشمل هذا الحكم تناول زيت السمك المشتبه أنّه من السمك المحلّل أو المحرّم ([361]).


ويشمل الحكم بالجواز أيضاً استعمال الخميرة في الطعام التي توضع على الطحين لصنع العجين، وإنْ وضع على الخميرة كميّة من السكر واستحالت بعد ذلك إلى مادّة حامض الكربونات، ما لم تشتمل على مادّة محرّمة ([362])؛ للحلّيّة والبراءة .


 


 


 


تفريع: إضافة مواد حافظة للأطعمة والأشربة


يُلزَم صانعو الأغذية والمعلّبات والحلويات بذكر محتويات البضاعة التي تُباع للمستهلك، وبما أنَّ الأغذية معرّضةٌ للفساد فإنّهم يضيفون إليها مواد حافظة قد يكون أصلها حيوانيّاً، ويرمزون لها بحرف (E) مقترناً بأعداد مثل (E 450)  و (E 472) وهكذا، فيقع التساؤل عن الحكم في الحالات الآتية:


1 – عدم علم المكلّف حقيقة هذه المكونات ؟


والجواب: حلّيّة المأكولات المشتملة عليها؛ لأصالة الحلّيّة والبراءة .


2 – الشكُّ في كونها حيوانيّة أو صناعيّة ؟


والجواب: إذا لم يحرز كونها من أصل حيوانيّ – وإنْ اُدّعي – جاز أكلها؛ لأصالة الحلّيّة والبراءة .


وكذا يجوز الأكل فيما إذا أحرز أنّها حيوانيّة ولم يحرز كونها من الميتة النجسة وكان ما يضاف منها إلى الأطعمة بمقدار مستهلك فيها عرفاً.


3 – العلم باستحالتها (تبدّل صورتها النوعيّة) إلى مادّة أخرى ؟


والجواب: لا إشكال في الطهارة والحلّيّة مع صدق الاستحالة بتغيّر الصورة النوعيّة، وعدم بقاء شيء من مقوّمات الحقيقة السابقة بالنظر العرفيّ ([363]).


 


 


المسألة الخامسة: طهارة وحلّيّة ماء الشعير المتداول الآن في الأسواق


بعد انفتاح السوق العراقيّة – خصوصاً بعد سقوط النظام البائد – لاستقبال مختلف البضائع، وخصوصاً الغذائيّة منها، اجتاحت الأسواق شراب يعرف بـ (ماء الشعير، أو البيرة الإسلاميّة)، وقد وجّه استفتاء لمكاتب الأعلام منها مكتب السيّد السيستانيّ ([364])، والسيّد محمّد سعيد الحكيم ([365])، والشيخ الفيّاض ([366])، وغيرهم في حكم شرب ماء الشعير المتداول الآن في الأسواق الذي يُشكّ في طهارته وحرمته، وكذلك حكم بيعه وشرائه.


فكان الجواب: يجوز شربه إذا لم يستلزم ذلك النشوة – أي الدرجة الخفيفة من السُكر – ([367])؛ تطبيقاً لجريان البراءة في موارد الشبهات الموضوعيّة التحريميّة .


وكذلك أفتوا بجواز بيعه وشرائه.                                    


وفتواهم بحلّيّة شربه في هذه الصورة معناه جواز الإقدام على إتيان وفعل وارتكاب الشبهات الموضوعيّة التحريميّة؛ إذ نحن نشكّ في كون ماء الشعير المتداول في الأسواق هل يصدق عليه أنّه فقاعٌ (بيرة) فيكون محرّماً أو لا ؟ فتجري البراءة عن حرمة شربه ما لم يُعلم بكونه فقاعاً (حراماً).


 


 


المسألة السادسة: الذبح بالأجهزة الحديثة


نتيجة للتقدّم الهائل في شتى المجالات وخصوصاً في المجال الغذائيّ، فقد شهدت الحقبة السابقة – ولا يزال – استعمال الأجهزة الحديثة في عمليات ذبح الحيوانات الأهليّة كالبقر والغنم والدجاج ونحوها، وعلى هذا فإذا أتى العامل الذي يدير الآلة بجميع ما ثبت اعتباره من القيود دون ما شُكَّ فيه، فلا محالة يحصل عندنا شكٌّ في تحقّق التذكية، وفي حلّيّة أكل لحم ذلك الحيوان، فهل يجري هناك أصل عدم التذكية في المقام ونحكم بعدم كونه مذكّى ويلزمنا اجتنابه أو لا يجري الأصل ونتمسّك بأصالة الحلّ والبراءة ؟


والأصول المتوهّم جريانها أربعة:


1 – أصالة عدم التذكية، ونتيجتها عدم الحلّيّة.


2 – أصالة البراءة عن اعتبار ما شكّ في اعتباره، ونتيجتها الحلّيّة.


3 – استصحاب الحرمة الثابتة في حال الحياة، ونتيجتها عدم الحلّيّة.


4 – أصالة الحلِّ، ونتيجتها الحلّيّة.


والظاهر عدم جريان الأولى (أي أصالة عدم التذكية)؛ فإنَّ موضوع الحكم أي ما رتّب الحلّيّة والطهارة عليه، ليس هو مجموع الأجزاء والقيود بما هي كذلك، فلا يصحّ أنْ يقال: إنَّ المجموع لم تكن متحقّقةً والآن يشكّ في تحقّقها فيستصحب العدم، بل الموضوع ذوات الأجزاء المجتمعة، وتحقّق ما علم اعتباره معلوم، وما شكَّ في اعتباره مفروض العدم، فلا شيء يجري فيه أصل العدم.


كما أن الظاهر عدم جريان الثانية أيضاً (أي أصالة البراءة عن اعتبار ما شكّ في اعتباره ونتيجتها الحلّيّة)؛ فإنَّ إثبات حكم الشارع بسببية الفاقد ليس شأن أدلة البراءة؛ فإنّها رافعةٌ للحكم لا مثبتة له.


والظاهر أيضاً عدم جريان استصحاب الحرمة الثابتة في حال الحياة؛ لعدم جريان الاستصحاب في الأحكام الكلّيّة، ولتبدّل الموضوع.


فيتعيّن الرجوع إلى الرابعة، و هي أصالة الحلِّ، فإنّه بعد الذبح بدون ذلك القيد يشكّ في حلّيّة أكل اللحم وعدمها فيرجع إلى أصالة الحلّ.


فالمتحصّل أنّه لو شكَّ في اعتبار شيءٍ في الذبح، ولم يدلّ دليلٌ عليه يُبنى على عدم اعتباره ([368])، ونحكم بحلّيّة الذبيحة، وبراءة الذمّة من حرمة أكلها .


 


 


المسألة السابعة: الانخراط في الجامعات والمعاهد المختلطة


لا مانع من انخراط الرجال والنساء في الجامعات والمعاهد والمراكز التعليميّة في حدِّ نفسه؛ للتعليم والتعلّم، ولكن يجب على المرأة حفظ الحجاب ومراعاة الحشمة، وعلى الرجال الامتناع عن النظر إلى ما لا يجوز لهم النظر إليه، ويجب اجتناب الطرفين (الرجال والنساء) من الاختلاط الموجب لخوف الوقوع في الفتنة والفساد ([369])، ومراعاة الحشمة والأدب والوقار ([370]).


فمع الوثوق بتمكّنها من الحفاظ على سلامة دينها والقيام بالتزاماتها الشرعيّة ومنها الحجاب والتجنّب عن النظر واللمس المحرّمين، وعدم التأثّر بما يحيط بها من أجواء التحلّل والانحراف، فلا بأس به على كراهة ([371])، وإلاَّ لم يجز ([372]). كما يجوز للمرأة التعلّم والتعليم في الكلّيّات والمعاهد مع عدم الوقوع في الحرمة .كما يجوز للمرأة العمل مع الرجل في الأماكن المختلطة كالشركات والوزارات ([373])؛ والدليل على الجواز هو أصالة البراءة .


 


تفريع: تعلّم المرأة السياقة بمعونة رجل أجنبيّ


لا مانع من تعلّم المرأة قيادة السياقة بمعونة وإرشادات رجل أجنبيّ ينفرد بها مع المحافظة والمواظبة على الحجاب والعفاف، والأمن عن المفاسد ([374])، والالتزامات الشرعيّة الأخرى ([375])، وعدم استلزامه محرّماً آخر كالتكشّف أمام الرجال بالمقدار الزائد عن المرخّص فيه شرعاً ([376]). ولكن مع ذلك فالأولى لها أنْ ترافق أحد محارمها معها، بل الأولى أنْ يكون تعلّمها بواسطة امرأة أو أحد محارمها مكان الرجل الأجنبيّ ([377]).


فالنتيجة: أنّه يجوز للمرأة أنْ تتعلّم قيادة السيارة مع رجل أجنبيّ عنها بشرط أنْ لا يستلزم ذلك الوقوع في الحرام، أو الفتنة والريبة. كما يجوز لها ركوب سيّارات الأجرة، وتكون هي والسائق لا ثالث لهما إذا كان ركوبها معه لا يؤدّي إلى فعل محرّم ([378])؛ للبراءة من حرمته. نعم يكون مكروهاً ؛ إذ لا يصدق عليه عنوان الخلوة المحرّمة إذا كان المكان منكشفاً بزجاج ونحوه بحيث يطّلع عيه الآخرون ([379]).


 


 


المسألة الثامنة: لبس ربطة العنق والقبّعة


أفتى بعض الأعلام كالسيّد السيستانيّ ([380])، والشيخ الفيّاض ([381])، وظاهر السيّد الخوئيّ والميرزا جواد                   التبريزيّ ([382])، بجواز ارتداء ربطة العنق وشبهها كالقبعة؛ للبراءة من حرمته.


وفي مقابل ذلك أفتى البعض الآخر كالسيّد عليّ الخامنئيّ ([383])، والشيخ الصافي الكلبيايكانيّ ([384])، وآخرين ([385]) بحرمته؛ وقد علّل السيّد الخامنئيّ ذلك بكونه من لباس وزيّ غير المسلمين، بحيث يؤدّي إلى نشر الثقافة الغربيّة                 المعادية ([386])، وكلُّ ما يعدّ ترويجاً لثقافة غير المسلمين المعادين فيه إشكال ([387]).


 والظاهر أنَّ رأي السيّد السيستانيّ هو الأحرى بالقبول؛ إذ لا دليل على حرمة ارتداء ولبس ما يلبسه غير المسلمين مطلقاً .


 


المسألة ا لتاسعة: سرقة النظريات والأفكار العلميّة الغربيّة


المعروف تاريخيّاً أنَّ الغرب قام بسرقة الكثير من النظريات العلميّة من العلماء المسلمين، وبنى بموجبها حضارته العلميّة وتطوّره التقنيّ في عالم الطبّ والصيدلة والميكانيك والفلك والفضاء وغيرها من المجالات الأخرى، فيقع التساؤل عن حكم سرقة الدول الإسلاميّة للنظريات والأفكار العلميّة في شتى مجالات العلم والمعرفة من العلماء والمفكّرين الغربيّين ومن ثَمَّ تطويرها والاستفادة منها لما يخدم الأمّة والحضارة الإسلاميّة ؟


والجواب: أنّه يجوز للدول الإسلاميّة القيام بذلك، أي سرقة النظريات والأفكار العلميّة من الدول الغربيّة بكلِّ الوسائل المتاحة، بل هي ضروريّة في هذا العصر لغاية تطوّر المجتمع الإسلاميّ ووصوله إلى مجتمع حضاريّ ذي تقنية عالية في شتى المجالات العلميّة كعلوم الطبّ والهندسة والاقتصاد والفضاء ونحوها ([388]).


 


المسألة العاشرة: بيع وشراء وتدخين التبغ


لا بأس ببيع وشراء التبغ، وكذا استعماله في نفسه ما لم يستلزم ضرر معتنى (معتدّ) به على الشخص ([389])؛ للبراءة من حرمته، وإلاَّ فلا يجوز له تناوله وكذا بيعه وشرائه ([390])، وتشخيص كونه يُلحق ضرراً معتدّاً به أم لا من خلال الرجوع إلى أهل الخبرة، أي الأطباء الاختصاصيّين المتدّينين عادة ([391]).


وتجدر الإشارة إلى أنّه لا فرق في الحكم بالجواز بين التدخين الابتدائيّ أم الاستمراريّ ([392])، نعم إذا علم بأنّه إذا شرع في التدخين سوف يتضرّر منه ضرراً معتدّاً به لاحقاً (مستقبلاً) فلا يجوز له التناول في هذه الصورة ([393])، فإذا أكّد أهل الخبرة بوجود ضرر مهم كالأمراض المهلكة نتيجة التناول فيحرم حينئذٍ ([394]).


 


المسألة الحادية عشر: شراء الكتب والمجلاّت والصحف الصادرة من شركات يملكها يهود


لا مانع من شراء الكتب والمجلاّت والصحف الأجنبيّة التي تصدر من شركات يملكها يهود، ولا سيّما إذا كان الشراء بغرض صحيح عقلائيّ كمعرفة ما يكتبه أعداء الإسلام والأمّة الإسلاميّة، وبالتالي معرفة ما يفكّرون فيه من باب " مَنْ عرف لغة قوم أمن من شرّهم " ([395])، ومع الشكِّ في الجواز فالأصل البراءة .


بحث ذي صلة: حكم شراء اليهود الصهاينة في العراق


تداول في الأوساط العامّة قيام بعض اليهود الصهاينة بالدخول إلى العراق بعد الاحتلال الأمريكيّ، وأنّهم يسعون في عمليّة منظّمة إلى شراء الفنادق والمراكز التجاريّة والدور وقطع الأراضي في بغداد والمحافظات، ويبذلون بإزائها أسعاراً خياليّة.


وقد رُفع استفتاء إلى السيّد السيستانيّ بهذا الخصوص في 20 / ربيع الثاني / 1424 هـ، أي بعد شهر ونصف تقريباً من سقوط النظام السابق . وكان جوابه بأنّه (لا يجوز البيع والثمن سحت) ([396])، وكذا يحرم التعامل مع الشركات الصهيونيّة أو الشركات التي تخصّص بعض أرباحها لدعم الكيان الصهيونيّ ([397]).


 


المسألة الثانية عشر: حقوق المؤلِّف والناشر


المعروف بين أوساط المؤلِّفين والناشرين أنَّ هناك حقّاً متعارف عليه في جميع وزارات الإعلام ودوائر الطبع في مختلف الدول، ويندرج ضمن قوانين حقوق المؤلِّف وحقّ الابتكار، فيقع التساؤل عن حكم الالتزام به ؟


والجواب: أنّه لم يثبت حقّ النشر للمؤلِّف والناشر شرعاً، وإنْ كان ثابتاً لدى العقلاء على أساس أنّه لا طريق لنا إلى إحراز إمضاء الشارع المقدّس للحقوق المستحدثة بين العرف والعقلاء في الأزمنة المتأخّرة عن أزمنة التشريع ([398])،            فلا يجب الالتزام شرعاً بهذا الحقِّ ([399])، ويجوز طبع الكتاب بصورة تجاريّة من دون إذن المؤلِّف أو ناشره بعد الطبعة الأولى ([400]).


وبعبارة أخرى: إنَّ هذا الحقّ العقلائيّ وإنْ كان ثابتاً في العصر الحالي، إلاَّ أنّه لم يكن ثابتاً في زمن المعصومين (D) من جهة عدم ثبوت موضوعها حتّى يمكن استكشاف إمضائهم لها من عدم ورود الردع منهم عنها ([401])، وعند الشكِّ في الالتزام به فالأصل الجاري في المقام هو البراءة عن وجوب الالتزام به.


 


 


 


تفريع: فكّ رموز حماية الأسطوانات (الأقراص المدمجة)


ويتفرّع على ما ذكر آنفاً أنّه لا مانع من فكِّ رموز الحماية للأسطوانات ثمَّ تكثيرها وبيعها والاستفادة منها، وهذا           لا يوجب ضرراً مالياً على الشركات التي أصدرت هذه الأسطوانات، وإنّما يمنعها عن الانتفاع بها أكثر فأكثر ([402]).


وتجدر الإشارة إلى أنَّ السيّد محمّد سعيد الحكيم قد ذهب إلى تفصيل حاصله: إنَّ إنتاج البرامج الكمبيوتريّة:


·      إذا رجع ذلك إلى اشتراط عدم الاستنساخ في عقد بيع البرنامج أو هبته فيحرم استنساخ هذه البرامج على المشتري والموهوب له، كما لا يصحّ لهما الإذن في الاستنساخ لغيرهما وتمكينهما منه؛ عملاً بالشرط المذكور من دون فرق بين المؤسسات الشيعيّة وغيرها إذا كانت محترمة المال. بل وإنْ لم تكن محترمة المال؛ لأنَّ الشرط المذكور من سنخ العهد الذي يجب الوفاء به في حقِّ كلّ أحد.


·      وإنْ لم يرجع ذلك للاشتراط، بل لمجرّد بيان ثبوت هذا الحقِّ قانون، فلا يحرم الاستنساخ، ولا واقع لهذا            الحقّ ([403])، ومع الشكِّ فالأصل البراءة عن وجوب الالتزام به.


 


 


المسألة الثالثة عشر: اكتشاف الخطأ في الدراسات النظريّة العلميّة


يقوم بعض الباحثين بنشر دراسة نظريّة علميّة معيّنة من دراساته في كتاب أو مجلّة أو صحيفة، فيكتشف لاحقاً وجود خطأ فيها، فيقع التساؤل عن تكليفه الشرعيّ تجاه هذا الخطأ ؟


والجواب: أنّه لا يجب عليه التنبيه والتنويه إلى وجود الخطأ العلميّ ([404])؛ للبراءة عن وجوب ذلك. إلاَّ إذا كان الخطأ في المسائل العمليّة كما إذا أخطأ الفقيه في الفتوى بأنْ أفتى بجواز شيءٍ وكان في الواقع حكماً إلزاميّاً – من وجوب أو حرمة –، أو أفتى بوجوب شيءٍ وكان في الواقع حراماً أو بالعكس، فيلزمه حينئذٍ التنبيه والإعلام بخطئه – إذا أمكن –، دون ما إذا أفتى بوجوب أو حرمة شيءٍ وكان في الواقع مباحاً فلا يجب عليه الإعلام والتنبيه على الخطأ ([405]).


ويتفرّع على ما تقدّم حكم الطبيب إذا أخطأ وعلم أنَّ خطأه يؤدّي إلى ضرر معتدّ به أو إلى هلاك المريض فيجب عليه التدارك والتنبيه ([406]).


 


المسألة الرابعة عشر: ممارسة ومشاهدة الألعاب الرياضيّة، والأتاري ونحوه


تجوز ممارسة الألعاب الرياضيّة الكرويّة، ككرة القدم والسلّة والطائرة والمنضدة وكرة اليد وغيرها.


كما يجوز مشاهدتها في الملاعب الرياضيّة أو على شاشات العرض المختلفة بدفع مالٍ أو بدونه بشرطين:


1 – أنْ لا يستلزم ذلك حراماً كالنظر بشهوة.


2 – أنْ لا يستلزم ترك واجب كالصلاة ونحوها.


ويجوز التكسّب بكرة القدم وغيرها من الألعاب الرياضيّة ([407])، كما تجوز ممارسة المصارعة والملاكمة بدون رهان إذا لم تؤدِّ إلى وقوع ضرر بدنيّ بليغ ([408]) معتدّ به ([409]) إذا كان المشتركون من الرجال دون النساء ([410]) – التي هي في معرض رؤية الأجنبيّ لها كاشفةً لما يحرم كشفه عليها –. ودليل الجواز أصالة البراءة .


كما يجوز ممارسة بعض الألعاب الالكترونيّة التي تظهر على التلفاز بواسطة جهاز يسمّى بـ (الأتاري)، ويلعب بها بواسطة أزرار وهي للتسلية ([411]) ؛ لعدم المنع منه والأصل البراءة .


نعم لا يجوز أخذ الرهن عليها ([412]).


 


 


تفريع (1): مشاهدة المرأة أجساد الملاكمين والمصارعين


جرت عادة الملاكمين والمصارعين على خلع ثيابهم أثناء النزالات (الجولات)، وارتداء ملابس خاصّة تُظهر بعض الجسد ممّا لا يتعارف إظهاره كالفخذين ونحوهما، وفيه صورتان:


الأولى: ما إذا كان النظر بدون ريبة وتلذّذ.


وحكمها: ما ذهب إليه السيّد السيستانيّ ([413])، وآخرون ([414])، من الاحتياط الوجوبيّ (+) بترك مشاهدة النساء لأجسادهم. خلافاً للسيّد محمّد سعيد الحكيم ([415]) القائل بجواز ذلك (+ +)؛ للبراءة من حرمته.


الثانية: ما إذا كان النظر بريبة وتلذّذ.


وحكمها: لا إشكال في حرمته عليهنَّ ([416])؛ فإنّه عملٌ لا يليق بالمسلمين ([417]).


ويشمل هذا الحكم مشاهدة النساء أجساد الرجال الذين يخلعون ثيابهم أثناء عزاء الإمام أبي عبد الله الحسين بن عليّ (C) ([418]).


تفريع (2): أخذ جوائز المسابقات الرياضيّة ونحوها


لا مانع من أخذ الجوائز الخاصّة ببعض المسابقات الرياضيّة ونحوها، سواءً للفائزين أم غيرهم بشروط:


1 – أنْ تكون المسابقات مشروعة، وليس لها ترويجٌ للباطل.


2 – أنْ لا تؤخذ الجوائز من أحد الطرفين أو كلاهما.


3 – أنْ لا يشترط إعطاء الهدية لطرف – كالفائز مثلاً – دون طرف آخر – كالخاسر مثلاً – ([419]).


 


المسألة الخامسة عشر: تعلّم وتعليم فنّ الموسيقى المحلَّلة


الموسيقى فنٌّ من الفنون الإنسانيّة كثر انتشارها هذه الأيّام، وبعض أنواع هذا الفنِّ محلّلٌ، وبعضه الآخر محرّمٌ، فالمحلّل منه يجوز الاستماع له، والمحرّم لا يجوز الاستماع له.


والموسيقى المحلّلة: هي الموسيقى غير المناسبة لمجالس اللهو واللعب.


وأمّا المحرّمة فما كانت تناسب مجالس اللهو واللعب ([420])، وليس المهم أنْ تكون سائدةً في أوساط أهل الفسوق في الوقت الحاضر، إنّما المهمّ أنْ تكون ألحانها مبتنيةً على هزّ مشاعر النفس وإبعادها عن الواقع الحاضر إلى نحو من العبث واللهو، وتنبيه غرائزها وإثارة رغبتها في المزيد من الابتهاج أو الغرام أو الحزن والتفجّع أو نحو ذلك ([421])، ولا فرق على الأحوط في حرمة الغناء بين وقوعه في مجالس اللهو والفجور أو في الأعراس أو غيرها ([422])، ما دام يصدق عليه عنوان الغناء المحرّم ([423]).


وتجدر الإشارة إلى أنّه ليس المقصود من عبارة (مناسبة الموسيقى أو الغناء لمجالس اللهو واللعب) هو كون الموسيقى أو اللحن الغنائيّ موجباً لترويح النفس، أو تغيير الجوّ النفسيّ، فإنَّ ذلك مفيدٌ، ولكنَّ المقصود بها أنَّ السامع للموسيقى أو للحن الغنائيّ – خصوصاً إذا كان خبيراً بهذه الأمور يميِّز أنَّ هذا اللحن – مستعملٌ في مجالس اللهو واللعب، أو أنّه مشابهٌ للألحان المستعملة فيه.


وعليه فيجوز:


1 – تعلُّم فنّ الموسيقى المحلَّلة من قِبْل الكبار والصغار على السواء في المعاهد الموسيقيّة المعدّة لذلك أو غيرها من الأماكن الأخرى، والمنتشرة في البلدان الإسلاميّة وغيرها، بشرط أنْ لا يؤثّر ارتيادهم لتلك الأماكن سلباً على تربيتهم وتنشئتهم الدينيّة. والدليل على الجواز أصالة البراءة .


2 – ارتياد الأماكن العامّة التي تُعزف فيها الموسيقى غير المناسبة لمجالس اللهو واللعب.


وكذلك يجوز سماع الموسيقى المناسبة لمجالس اللهو واللعب بشرط عدم الإصغاء المتعمّد لها، كصالات               استقبال الزائرين، والقاعات المخصّصة للضيوف والحدائق العامّة، والمطاعم والمقاهي وأمثالها – إنْ كانت الموسيقى  التي تُعزف فيها مناسبة لمجالس اللهو واللعب – ؛ إذ لا مانع من أنْ تسمع الأُذن الألحان المحرّمة من دون أنْ تقصد الإصغاء لما تسمع ([424]).


وأمّا السيّد محمّد سعيد الحكيم فقد ذهب إلى حرمة سماع الموسيقى الاجنبيّة التي تسمّى الكلاسيكيّة ([425]).


وتجدر الإشارة إلى أنَّ الحكم المتقدّم بحلّيّة استعمال الموسيقى غير المناسبة لمجالس اللهو واللعب، وحرمة المناسبة منها لمجالس اللهو واللعب يشمل حتّى الألحان المستعملة في مجالس العزاء الحسينيّ. فإذا كانت تلك الألحان لا تناسب مجالس أهل اللهو واللعب جاز استعمالها، وأمّا إذا علم أنّها تناسب تلك المجالس فلا يجوز استعمالها على الأحوط وجوباً ([426])، وخصوصاً تلك التي تقام في المساجد والحسينيّات ونحوهما ([427]).


 


المسألة السادسة عشر: التصوير الفوتوغرافيّ


المعروف بين المعاصرين جواز التصوير الفوتوغرافيّ، سواءً للمصوِّر أو المصوّر، ولا دليل على حرمته ([428])، والعمل به وأخذ الأجرة عليه جائزٌ ([429])، والأصل البراءة عند الشكِّ في حرمته.


والمحرّم هو تصوير (تصنيع) الأصنام ([430])، وأمّا اقتناء الصور ]المجسمة[ فهو جائزٌ على كراهة ([431]).


 


المسألة السابعة عشر: الاتصال بشبكة الانترنيت


يجوز الاتّصال بشبكة الانترنيت؛ لعدم الدليل على المنع وللبراءة من حرمته، إلاّ في حالتين:


الأولى: أنْ يترتّب الحرام من الاطّلاع على ما يُعرض في الشبكة، كما لو كان المعروض ضلالاً يتأثّر به الشخص الذي يطّلع عليه، أو خلاعة يتفاعل معها الشخص المذكور. ولو خيف من حصول ذلك حرم عقلاً الإقدام عليه؛ دفعاً للضرر المحتمل.


الثانية: أنْ يكون في الاتّصال بالموقع تشجيع على الباطل والحرام أو ترويج لهم، كما لو كان الشخص ذا مكانة اجتماعيّة أو كلمة مسموعة – ولو عند مجموعة قليلة من الناس – بحيث يكون اتّصاله بالموقع الذي يعرض الباطل ويبثّه مشجّعاً على الاتّصال به لغيره ممَّنْ يُخشى حصول الحرام له بالاتّصال به، أو يكون اتّصال الشخص المذكور سبباً لارتفاع شأن ذلك الموقع واعتماده عند المؤمنين ([432]).


كما أنَّ مشاركة النساء في المنتديات عبر المحادثة في الانترنيت وردّها على الرجال المواضيع معهم جائزٌ ما لم تكن مثيراً للفتنة والريبة والشهوة والتلذّذ، ولا يقصد بها ذلك. كما لا مانع من فتح مكتب لتوزيع الانترنيت، نعم يشترط صاحب المكتب على المسِتخدم استعماله في الأمور المحلّلة ([433]).


 


 


تفريع: صناعة الفيروسات الخاصّة بأجهزة الحواسيب والانترنيت ونحوهما


لا يحرم صناعة الفيروسات في حدّ نفسه؛ للبراءة من حرمة ذلك. نعم، يحرم استعمالها للإضرار بمسلم؛ لحرمة ماله ودمه، كما يحرم تمكين الغير استعمالها في ذلك؛ لأنّه إعانة الظالم في ظلمه الذي لا إشكال في حرمته ([434]).


 


المسألة الثامنة عشر: أخذ الفوائد من المصارف غير الإسلاميّة


لا مانع من إيداع الأموال لدى المصارف الأجنبيّة غير الإسلاميّة، وإنْ كان الإيداع لغرض الاستثمار والفائدة والربح فضلاً عمّا إذا كان لغرض الحفظ والتوفير، وأمّا الفائدة فيأخذها بقصد الاستنقاذ ([435]).


وعليه فيجوز للمسلم فتح الحساب في هذه المصارف من أجل الفائدة سواء كان المصرف:


·      أهليّاً لا يشترك في رأس ماله مسلم.


·      أو حكوميّاً.


ولكن في الثاني – أي الحكوميّ – لابدَّ من إجراء وظيفة مجهول المالك على المال المأخوذ منه سواء كان فيه فائدة              أم لا ([436]). وتجدر الإشارة إلى أنَّ السيّد السيستانيّ ([437]) وغيره من الأعلام ([438]) قد أجازوا للمؤمنين الأخذ.


والدليل على الجواز التمسّك بقاعدة البراءة عن حرمة ذلك.


 


 


المسألة التاسعة عشر: تعليم المعاملات المتضمّنة على القرض الربويّ


هناك بعض الدروس في الحسابات الماليّة وتدقيقها، ومن جملة التدريس يتطرّق المدرّس إلى بعض الدروس المتعلّقة بالقرض الربويّ والمحاسبة عليها.


وحكمها: جواز ذلك تكليفاً ووضعاً، أي لا يحرم الفعل في نفسه، كما يجوز أخذ الأجرة عليه ([439]).


 


                     


المسألة العشرين: صبغ المرأة شعرها (المعروف الآن بالميش)


يجوز للمرأة صبغ شعرها بما يسمّى اليوم بـ (الميش)، ولا يكون مبطلاً للطهارة من الحدث في الغسل والوضوء؛ للبراءة من حرمته ([440]).



(+) تقدّم في المبحث التمهيدي أنَّ الاستصحاب هو الأصل المقدّم على البراءة ؛ للحكومة بناءً على رأي المشهور.


) [1]) ظ الخراسانيّ، الآخوند محمّد كاظم: كفاية الأصول، 3 / 58.


) [2]) فرائد الأصول، 2 / 127.


) [3]) ظ الكاظميّ، الشيخ محمّد عليّ: فوائد الأصول (تقريرات بحث المحقّق النائينيّ)، 3 / 380. ظ الخوئيّ، السيّد أبو القاسم: أجود التقريرات (تقريرات بحث المحقّق النائينيّ)، 2 / 193.


) [4]) ظ الخراسانيّ، محمّد كاظم: كفاية الأصول، 3 / 58. ظ المروّج، محمّد جعفر: منتهى الدراية في توضيح الكفاية، 5 / 411.


) [5]) ظ كفاية الأصول، 3 / 61.


) [6]) ظ الكاظميّ، الشيخ محمّد عليّ: فوائد الأصول (تقريرات بحث المحقّق النائينيّ)، 3 / 382. ظ الخوئيّ، السيّد أبو القاسم: أجود التقريرات (تقريرات بحث المحقّق النائينيّ)، 2 / 194.


) [7]) ظ البروجرديّ، الشيخ محمّد تقي: نهاية الأفكار (تقريرات المحقّق العراقيّ)، 3 / 257.


) [8]) ظ نهاية الدراية في شرح الكفاية، 2 / 512.


) [9]) ظ كتاب الطهارة، 3 / 525.


) [10]) ظ آل الشيخ راضي، الشيخ محمّد طاهر: بداية الوصول، 6 / 286. ظ الشيرازيّ، السيّد محمّد: الأصول (مباحث الحجج والأصول العمليّة)، ط الأولى، نشر دار الهدى، مطبعة قدس، قم – إيران، 1413 هـ، 2 / 161 – 162.


) [11]) ظ كفاية الأصول، 3 / 59 – 60.


) [12]) ظ منهاج الصالحين، دار المعارف للمطبوعات، بيروت – لبنان، 1410 هـ، 1 / 148.


) [13]) للتفصيل ينظر: منهاج الصالحين، ط الأولى، دار الصفوة، بيروت – لبنان، 1415 هـ، 1 / 136. مرشد المغترب (توجيهات وفتاوى)، ط الرابعة، دار الهلال، قم – إيران، ص 267. الحكيم، السيّد عبد الهادي: حواريات فقهيّة (فتاوى السيّد الحكيم)، ط الأولى، مطبعة ياران، 1416 هـ، ص 311.


) [14]) ظ الخراسانيّ، الآخوند محمّد كاظم: كفاية الأصول، 3 / 59 – 60.


) [15]) للتفصيل ينظر: منهاج الصالحين، ط الواحد والثلاثون، مؤسسة إحياء آثار الإمام الخوئيّ، قم – إيران، 1424 هـ، 1 / 108. منية السائل، جمع وترتيب: موسى مفيد الدين عاصي، 1412 هـ، ص 18. صراط النجاة، تعليقة: الميرزا جواد التبريزي، ط الأولى، دار الاعتصام للطبعة والنشر، مطبعة مهر، قم – إيران، 1417 هـ، 1 / 31 – 32.


) [16]) ظ الفتاوى الواضحة، مطبعة الآداب، النجف الأشرف، ص 217 – 218. ظ تعليقة على منهاج الصالحين، 1 / 148.


) [17]) ظ منهاج الصالحين ، ط الثانية ، نشر مكتبة الألفين ، الكويت ، 1414 هـ ، 1 / 24.


) [18]) ظ منهاج الصالحين، ط الثامنة عشر، دار المؤرّخ العربي، بيروت – لبنان، 1434 هـ، 1 / 137. ظ الحكيم، السيّد عبد الهادي: الفقه للمغتربين (فتاوى السيّد السيستانيّ)، ط السادسة، دار المؤرّخ العربيّ، بيروت، 1435 هـ، ص 94.


) [19]) للتفصيل ينظر: منهاج الصالحين، ط الأولى، مطبعة أمير، قم ، 1 / 170. الاستفتاءات الشرعيّة (المعاملات)، ط الأولى، دار البذرة ، مطبعة الكلمة الطيّبة، 1435 هـ، ص 326. المسائل المنتخبة، دار البذرة، مطبعة الكلمة الطيّبة، ص 37 و 326.


) [20]) ظ منهاج الصالحين، قم – إيران، 1404 هـ، 1 / 115.


(+) بشرط أنْ يكون الاحتمال أكثر من 2 %، وإلاَّ صار اطمئنانٌ بعدم التذكية، ومن المعروف أنَّ الاطمئنان (العلم العادي – العقلائيّ) يعامل معاملة العلم الحقيقيّ، وبالتالي يكون هناك علم وإحراز عدم التذكية، فيحكم بنجاسته بلا إشكال.


وبعبارة أخرى: إذا كان احتمال كون اللحم مذكّى موهوماً لا يعتني به العقلاء كاحتمال 2 % فاللحم محكومٌ بالنجاسة، وأمّا إذا زاد على ذلك فيبنى على طهارته ؛ لقاعدة الطهارة.


ظ الحكيم، السيّد عبد الهادي: الفقه للمغتربين (فتاوى السيّد السيستانيّ)، ص 94.


) [21]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: الاستفتاءات الشرعيّة (المعاملات) ص 326.


) [22]) الحرّ العامليّ، الشيخ محمّد بن الحسن: وسائل الشيعة، 12 / 59.


) [23]) ظ الخراسانيّ، الآخوند محمّد كاظم: كفاية الأصول، 3 / 62.


) [24]) ظ نهاية الدراية في شرح الكفاية، 2 / 514.


) [25]) ظ الخراسانيّ، محمّد كاظم: كفاية الأصول، 3 / 62. ظ المروّج، محمّد جعفر: منتهى الدراية في توضيح الكفاية، 5 / 426 .


) [26]) ظ آل شيخ راضي، الشيخ محمّد طاهر: بداية الوصول في شرح كفاية الأصول، 7 / 13 – 14.


) [27]) الكلينيّ، محمّد بن يعقوب: الكافي، تح عليّ أكبر الغفّاري، دار الكتب الإسلاميّة، طهران، 1388 هـ، 2 / 463. الصدوق، الشيخ محمّد بن عليّ ابن بابويه: مَنْ لا يحضره الفقيه، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، 1406 هـ، 1 / 59.


) [28]) الحرّ العامليّ، الشيخ محمّد بن الحسن: وسائل الشيعة، 18 / 75 – 76.


) [29]) المجلسيّ، الشيخ محمّد باقر: بحار الأنوار، مؤسسة الوفاء، بيروت – لبنان، 1403 هـ، 2 / 258.


) [30]) للتفصيل ينظر: النراقيّ، محمّد مهدي: معتمد الشيعة في أحكام الشريعة، تح مؤسسة العلاّمة الوحيد البهبهانيّ، ط الأولى، مطبعة مؤسسة النشر الإسلاميّ، قم – إيران، 1422 هـ، ص 372. العامليّ، السيّد محمّد جواد: مفتاح الكرامة، تحقيق وتعليق محمّد باقر الخالصيّ، مؤسسة النشر الإسلاميّ، قم – إيران، 1419 هـ، 3 / 509 – 510. السبزواريّ، السيّد عبد الأعلى: مهذب الأحكام في بيان الحلال والحرام، ط الرابعة، مطبعة ياران، 1413 هـ، 4 / 16.


) [31]) للتفصيل ينظر: الطوسيّ، محمّد بن الحسن: النهاية في مجرّد الفقه والفتاوى، انتشارات قدس محمّدي، قم، ص 593. ابن البرّاج: المهذّب، مؤسسة النشر الإسلاميّ، المطبعة العلميّة، قم، 1406 هـ، 2 / 434. ابن إدريس: السرائر، ط الثانية، مؤسسة النشر الإسلاميّ، قم، 1410 هـ، 3 / 135. الشهيد الثاني: مسالك الإفهام، مؤسسة المعارف الإسلاميّة، ط الأولى، مطبعة باسدار إسلام، قم، 1417 هـ، 12 / 131. النمازي: مستدرك سفينة البحار ، مؤسسة النشر الإسلاميّ، قم ، 1419 هـ، 6 / 540.


) [32]) للتفصيل ينظر: الحرّ العامليّ، الشيخ محمّد بن الحسن: هداية الأمّة إلى أحكام الأئمّة، ط الأولى، مجمّع البحوث الإسلاميّة، مطبعة مؤسسة الطبع والنشر التابعة للآستانة الرضويّة المقدّسة، مشهد – إيران، 1413 هـ، 7 / 116 – 121. البار، محمّد عليّ: إمام عليّ رضا ورسالته في الطبّ النبويّ، دار المناهل للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، ص 178. الأصفهانيّ، السيّد محمود: رمز الصحّة، نشر مكتبة الداوري، مطبعة الآداب، النجف الأشرف، 1403 هـ، ص 128 – 129.


) [33]) ظ فرائد الأصول، 2 / 10 – 151.


) [34]) ظ الشيرازيّ، السيّد محمّد: الأصول (مباحث الحجج والأصول العمليّة)، 2 / 164.


) [35]) ظ الأنصاريّ، الشيخ مرتضى: فرائد الأصول، 2 / 150 – 151.


) [36]) ظ فرائد الأصول، 2 / 152 – 153.


) [37]) ظ الخراسانيّ، الآخوند محمّد كاظم: كفاية الأصول، 3 / 68.


) [38]) ظ البروجرديّ، الشيخ محمّد تقي: نهاية الأفكار (تقريرات المحقّق العراقيّ)، 3 / 40 – 41.


) [39]) ظ البهسوديّ، السيّد محمّد سرور الواعظ: مصباح الأصول (تقرير بحث السيّد الخوئيّ)، 2 / 316.


) [40]) ظ أنوار الهداية، 2 / 125.


) [41]) ظ المشكينيّ، الشيخ عليّ: اصطلاحات الأصول، ط الخامسة، قم، نشر وطبع: دفتر نشر الهادي، 1413 هـ، ص 189.


) [42]) ظ الصدر، السيّد محمّد باقر: دروس في علم الأصول، 1 / 294.


) [43]) ظ الحكيم، السيّد عبد الصاحب الطباطبائيّ: منتقى الأصول (تقرير بحث السيّد محمّد الروحانيّ)، 4 / 518.


) [44]) ظ السبزواريّ: وسيلة الوصول إلى حقائق الأصول (تقرير بحث السيّد أبو الحسن الأصفهانيّ)، ص 614. ظ المروّج، السيّد محمّد جعفر: منتهى الدراية في توضيح الكفاية، 5 / 508.


) [45]) البرقيّ، أحمد بن محمّد بن خالد: المحاسن، تح السيّد جلال الدين الحسينيّ، قم – إيران، دار الكتب الإسلاميّة، 1 / 25. المجلسيّ، الشيخ محمّد باقر: بحار الأنوار، 2 / 256.


) [46]) الحرّ العامليّ، الشيخ محمّد بن الحسن: وسائل الشيعة، 1 / 59.


) [47]) م. ن، 1 / 60.


) [48]) الكليني، الشيخ محمّد بن يعقوب: الكافي، 2 / 87.


) [49]) ظ البجنورديّ، السيّد حسن: منتهى الأصول، 2 / 212. ظ الصدر، السيّد محمّد باقر: دروس في علم الأصول، 1 / 262 .


) [50]) ظ البهسوديّ، السيّد محمّد سرور: مصباح الأصول (تقرير بحث السيّد الخوئيّ)، 2 / 319.


) [51]) ظ الكاظمي: فوائد الأصول (تقرير بحث النائينيّ)، 3 / 415 . ظ الخوئيّ: أجود التقريرات (تقرير بحث النائينيّ)، 2 / 207.


) [52]) ظ فرائد الأصول، 2 / 155.


) [53]) ظ القواعد الفقهيّة، 3 / 295 – 297.


) [54]) ظ الخراسانيّ، محمّد كاظم: كفاية الأصول، 3 / 73 – 74. ظ البجنورديّ، حسن: منتهى الأصول، 2 / 213.


) [55]) ظ كفاية الأصول، 3 / 71 – 74.


) [56]) ظ نهاية الدراية في شرح الكفاية، 2 / 530 – 540.


) [57]) ظ مقالات الأصول، 2 / 207 و 211. ظ البروجرديّ، محمّد تقي: نهاية الأفكار (تقرير بحث المحقّق العراقيّ)، 3 / 278 .


) [58]) ظ أنوار الهداية، 2 / 132. ظ السبّحانيّ، الشيخ جعفر: تهذيب الأصول (تقرير بحث السيّد الخمينيّ)، 2 / 294.


) [59]) ظ البهسوديّ، السيّد محمّد سرور الواعظ: مصباح الأصول (تقرير بحث السيّد الخوئيّ)، 2 / 319.


) [60]) ظ دروس في علم الأصول، 1 / 294 – 295 و 2 / 176.


) [61]) ظ الحكيم، محسن: حقائق الأصول، 2 / 268. ظ الحكيم، محمّد سعيد: المحكم في أصول الفقه، 4 / 140 – 141.


) [62]) ظ الصدر، السيّد محمّد باقر: دروس في علم الأصول، 2 / 176.


) [63]) ظ الروحانيّ، السيّد محمّد صادق: منهاج الصالحين، 1404 هـ، 1 / 15.


) [64]) ظ منهاج الصالحين، 1 / 17.


) [65]) ظ منهاج الصالحين، 1 / 12.


) [66]) ظ تعليقة على منهاج الصالحين، 1 / 17.


) [67]) ظ منهاج الصالحين ، 1 / 8 .


) [68]) ظ منهاج الصالحين، 1 / 19.


) [69]) ظ منهاج الصالحين، 1 / 21.


) [70]) ظ منهاج الصالحين، 1 / 17.


) [71]) ظ منهاج الصالحين، 1 / 10.


) [72]) ظ أجوبة الاستفتاءات (المعاملات)، منشورات مكتب السيّد الخامنئيّ في بيروت، 1433 هـ، ص 514.


) [73]) ظ الخوئيّ، السيّد أبو القاسم: صراط النجاة، تعليقة: الميرزا جواد التبريزي، 1 / 467. ظ منية السائل، ص 224.


) [74]) ظ هداية العباد، ط الأولى، دار القرآن الكريم، قم – إيران، 1413 هـ، 1 / 222.


) [75]) للتفصيل ينظر: المصطلحات: إعداد مركز المعجم الفقهي، ص 1452. فتح الله، الدكتور أحمد: معجم ألفاظ الفقه الجعفريّ،  ط الأولى، مطابع المدوخل، الدمّام، 1415 هـ، ص 240. المظفّر، الشيخ محمّد رضا: أصول الفقه، ص 597.


) [76]) ظ مغنية، الشيخ محمّد جواد: فقه الإمام جعفر الصادق (A)، 6 / 117.


) [77]) ظ العامليّ، ياسين عيسى: الاصطلاحات الفقهيّة في الرسائل العمليّة، ط الأولى، دار البلاغة ، بيروت ، 1413 هـ، ص 114.


) [78]) ظ المصطلحات: إعداد مركز المعجم الفقهي، ص 1452.


) [79]) ظ الصدر، محمّد باقر: المعالم الجديدة للأصول، ص 180. ظ مغنية، محمّد جواد: فقه الإمام جعفر الصادق (A)، 6 / 117.


) [80]) ظ العاملي، الشيخ ياسين عيسى: الاصطلاحات الفقهيّة في الرسائل العمليّة، ص 114.


) [81]) ظ فتح الله، الدكتور أحمد: معجم ألفاظ الفقه الجعفري، ص 240.


) [82]) ظ مغنية، الشيخ محمّد جواد: فقه الإمام جعفر الصادق (A)، 6 / 117.


) [83]) ظ الأنصاريّ، الشيخ محمّد عليّ: الموسوعة الفقهيّة الميسّرة، 2 / 438.


) [84]) ظ المصطلحات: إعداد مركز المعجم الفقهي، ص 1452.


) [85]) ظ الحكيم، السيّد عبد الهادي: الفقه للمغتربين (فتاوى السيّد السيستانيّ)، ص 49.


) [86]) ظ فتح الله، الدكتور أحمد: معجم ألفاظ الفقه الجعفري، ص 240.


) [87]) ظ العاملي، الشيخ ياسين عيسى: الاصطلاحات الفقهيّة في الرسائل العمليّة، ص 114.


(+) إنَّ الشبهة الحكميّة بأقسامها الأربع إمّا أنْ تكون ناشئةً من:


أ – فقد النصّ.         ب – أو إجمال النصِّ.              ج – أو تعارض النصّين.    ظ القزوينيّ: تعليقة على معالم الأصول، 6 / 11.


) [88]) ظ الصدر، السيّد محمّد باقر: المعالم الجديدة للأصول، 176 – 180.


) [89]) ظ المظفّر، الشيخ محمّد رضا: أصول الفقه، ص 597.


) [90]) ظ الصدر، السيّد محمّد باقر: المعالم الجديدة للأصول، 176 – 180.


) [91]) ظ النورانيّ، الشيخ مصطفى الأردبيليّ: قواعد الأصول، مؤسسة مكتب أهل البيت (D)، 1380 هـ.ش، 3 / 61.


) [92]) ظ التبريزيّ، الميرزا جواد: دروس في مسائل علم الأصول، 5 / 314.


) [93]) حجّتيّ: حاشية على كفاية الأصول (تقرير بحث السيّد حسين البروجرديّ)، 2 / 255.


) [94]) ظ فرائد الأصول، 2 / 155.


) [95]) ظ مقالات الأصول، 2 / 216. ظ البروجرديّ، الشيخ محمّد تقي: نهاية الأفكار (تقرير بحث العراقيّ)، 3 / 268.


) [96]) ظ نهاية الدراية في شرح الكفاية، 2 / 548 – 553.


) [97]) ظ البهسوديّ، السيّد محمّد سرور الواعظ: مصباح الأصول (تقرير بحث السيّد الخوئيّ)، 2 / 325.


) [98]) ظ أنوار الهداية، 2 / 149 – 150.


) [99]) ظ السبّحانيّ، الشيخ محمّد جعفر: رسالة في اللباس المشكوك، ص 25.


) [100]) فرائد الأصول، 2 / 155.


) [101]) ظ كفاية الأصول، 3 / 74 – 78.


) [102]) ظ درر الفوائد (درر الأصول)، طبع ونشر: مكتبة 22 بهمن، 2 / 111.


) [103]) كفاية الأصول، 3 / 75- 76.


) [104]) ظ الحكيم، السيّد محمّد سعيد: التنقيح (تعليقة موسَّعة على فرائد الأصول للشيخ الأنصاريّ)، ط الأولى، مؤسسة الحكمة للثقافة الإسلاميّة، 1431 هـ، 3 / 195.


) [105]) ظ التبريزي، الميرزا جواد: كفاية الأصول دروس في علم الأصول، 4 / 339.


(+) ويعدّ هذا الدليل مناقشة للدليل الأوّل والثالث أيضاً.


) [106]) ظ الأنصاريّ، الشيخ مرتضى: فرائد الأصول، 2 / 119 و 121 – 122. ظ الحكيم، السيّد محمّد سعيد: التنقيح (تعليقة موسَّعة على فرائد الأصول للشيخ الأنصاريّ)، 3 / 195 – 196.


) [107]) ظ الخراسانيّ: كفاية الأصول، 3 / 76 – 77. ظ الحائريّ، عبد الكريم: درر الفوائد (درر الأصول)، 2 / 111.


) [108]) ظ الخراسانيّ، الآخوند محمّد كاظم: كفاية الأصول، 3 / 79 – 80.


) [109]) ظ الشيرازيّ، السيّد محمّد: الأصول (مباحث الحجج والأصول العمليّة)، 2 / 164.


) [110]) ظ الشيرازيّ، السيّد محمّد: الأصول (مباحث الحجج والأصول العمليّة)، 2 / 164.


) [111]) ظ الخراسانيّ، الآخوند محمّد كاظم: كفاية الأصول، 3 / 145.


) [112]) ظ النجفيّ، الشيخ بشير حسين: مرقاة الأصول (بحوث تمهيديّة في أصول الفقه)، ط الرابعة، مؤسسة الأنوار النجفيّة للثقافة والتنمية، دار الضياء للطباعة والتصميم، النجف الأشرف، ص 191.


) [113]) ظ فرائد الأصول، 2 / 139.


) [114]) ظ الأصول (مباحث الحجج والأصول العمليّة)، 2 / 164.


) [115]) فرائد الأصول، 2 / 139.


) [116]) م ، ن .


) [117]) ظ الحكيم، السيّد محمّد سعيد: التنقيح (تعليقة موسَّعة على فرائد الأصول للشيخ الأنصاريّ)، 3 / 225.


) [118]) ظ الكاظميّ، الشيخ محمّد عليّ: فوائد الأصول (تقريرات بحث المحقّق النائينيّ)، 4 / 265 – 269.


) [119]) ظ مستمسك العروة الوثقى، مطبعة الآداب، النجف الأشرف، 1391 هـ، 1 / 448.


) [120]) ظ الأنصاريّ، الشيخ مرتضى: فرائد الأصول، 2 / 138.


) [121]) الحرّ العامليّ، الشيخ محمّد بن الحسن: وسائل الشيعة، 14 / 193.


) [122]) ظ الحكيم، السيّد محمّد سعيد: التنقيح (تعليقة موسَّعة على فرائد الأصول للشيخ الأنصاريّ)، 3 / 224.


) [123]) ظ النورانيّ، الشيخ مصطفى الأردبيليّ: قواعد الأصول، 3 / 24.


) [124]) ظ الخراسانيّ، الآخوند محمّد كاظم: كفاية الأصول، 3 / 80.


) [125]) ظ الأنصاريّ، الشيخ مرتضى: فرائد الأصول، 2 / 137.


) [126]) للتفصيل ينظر: الهمدانيّ، أقا رضا: حاشية على المكاسب ، ط الأولى، الناشر: المؤلّف، قم، 1420 هـ، ص 73. ظ اليزدي، محمّد كاظم: العروة الوثقى ، ط الأولى، مؤسسة النشر الإسلاميّ، قم، 1417 هـ، 2 / 333 و 349. منجزات المريض (طبعة حجريّة)، مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع، قم، 1378 هـ، ص 34. العراقيّ: تعليقة استدلاليّة على العروة الوثقى، ط الأولى، مؤسسة النشر الإسلاميّ، قم – إيران، 1410 هـ، ص 91. المقدّس النجفيّ، محمّد هادي: تقريرات الحدود والتعزيرات (تقرير بحث الكلبايكانيّ)، نسخة مخطوطة حجريّة، 2 / 143. التبريزيّ، جواد: أسس الحدود والديات، ط الأولى، مطبعة مهر، قم، 1417 هـ، ص 128. الفيّاض، محمّد إسحاق: تعاليق مبسوطة، انتشارات محلاتي، مطبعة أمير، قم، 6 / 259. بني فضل، الشيخ مرتضى: مدارك تحرير الوسيلة، تحقيق ونشر: مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخمينيّ، مطبعة مؤسسة العروج، قم – إيران، 1422 هـ، 2 / 406. المدني الكاشانيّ، آقا رضا: براهين الحجِّ للفقهاء والحجج، نشر: المدرسة العلميّة للمولِّف، كاشان – إيران، 1 / 272.


) [127]) ظ البجنورديّ، السيّد محمّد حسن الموسويّ: القواعد الفقهيّة، نشر دار الهادي، قم – إيران، 1419 هـ، 1 / 222. ظ الموسويّ، السيّد عليّ عبّاس: فقه المسائل المستحدثة، ص 178.


) [128]) ظ السيستانيّ ، السيّد علي المستحدثات من المسائل الشرعيّة، منشورات مؤسسة الإمام عليّ (A)، لندن، 1416 هـ، 2 / 342.


) [129]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: المسائل الطبّيّة، ص 90.


) [130]) ظ نصائح وتوجيهات للمقاتلين في ساحات الجهاد، دار البذرة، مطبعة الكلمة الطيّبة، 1436 هـ.


) [131]) ظ الخوئيّ، السيّد أبو القاسم: منهاج الصالحين، 1 / 428. ظ الحكيم، السيّد عبد الهادي: الفتاوى الميسّرة (فتاوى السيّد السيستانيّ)، ط الحادية عشرة، دار المؤرّخ العربيّ، بيروت، 1434 هـ، ص 433.


) [132]) ظ الصفّار، الشيخ فاضل: فقه الأسرة، ط الأولى، مركز الفقاهة للدراسات والبحوث الفقهيّة، 1427 هـ، ص 368.


) [133]) ظ الشيرازيّ، الشيخ ناصر مكارم: أحكام النساء، إعداد: أبو القاسم عليان نجادي، ط الأولى، نشر: مدرسة الإمام عليّ بن أبي طالب (A)، مطبعة سليمان زاده، 1426 هـ، ص 243.


) [134]) ظ الحكيم، السيّد محمّد سعيد: فقه المرأة المسلمة، ط الخامسة، دار الهلال، مطبعة ستاره، 1431 هـ، ص 77.


) [135]) ظ الشيرازيّ، الشيخ ناصر مكارم: أحكام النساء، ص 243.


) [136]) ظ الهاشميّ، السيّد محمود: منهاج الصالحين، 1 / 445.


) [137]) ظ السيستانيّ، السيّد عليّ: المسائل المنتخبة، دار المؤرّخ العربيّ، بيروت، 1433 هـ، ص 414. ظ منهاج الصالحين، 1 / 428.


) [138]) ظ السيستانيّ، السيّد محمّد رضا: وسائل الإنجاب الصناعيّة (دراسة فقهيّة)، ط الثالثة، دار المؤرّخ العربيّ، بيروت، 1433 هـ، ص 18 – 20.


) [139]) ظ الحكيم، السيّد محمّد سعيد: الفتاوى (أسئلة وأجوبة)، دار الهلال، قم، 1391 هـ.ش، ص 406.


) [140]) ظ الشيرازيّ، الشيخ ناصر مكارم: الفتاوى الجديدة، ص 469.


) [141]) ظ الحكيم، السيّد محمّد سعيد: الفتاوى (أسئلة وأجوبة)، ص 406.


) [142]) ظ الخامنئيّ، السيّد عليّ: أجوبة الاستفتاءات (المعاملات)، ص 74.


) [143]) ظ المسائل الشرعيّة (أجوبة استفتاءات السيّد أبو القاسم الخوئيّ)، ط الثالثة، 1416 هـ، 2 / 320.


) [144]) ظ الخوئيّ، السيّد محمّد تقي: مباني العروة الوثقى (تقرير بحث السيّد الخوئيّ)، الطبعة النجفيّة، 2 / 85.


) [145]) ظ التوحيديّ، الشيخ محمّد عليّ: مصباح الفقاهة (تقرير بحث السيّد الخوئيّ)، 2 / 5.


) [146]) ظ وسائل الإنجاب الصناعيّة (دراسة فقهيّة)، ص 23.


(+) كما يحدث ذلك في العصر الحاضر في البلاد المتطوّرة طبّيّاً عندما يموت الرجل وقد احتفظ بمقدار من منيه في أجهزة التبريد الخاصّة المعدَّة لهذا الغرض.


(+) بناءً على صحّة هذا الاحتمال فتعدّ هذه المسألة من تطبيقات باب الاستصحاب.


) [147]) ظ السيستانيّ، السيّد محمّد رضا: وسائل الإنجاب الصناعيّة (دراسة فقهيّة)، ص 40 – 41.


) [148]) المسائل المنتخبة، ص 414. منهاج الصالحين، 1 / 428.


) [149]) ظ أحكام النساء، ص 244.


) [150]) ظ المسائل الطبّيّة، ص 24.


(+ +) بناءً على هذا القول فتعدّ هذه المسألة من تطبيقات باب الاحتياط.


) [151]) المسائل المنتخبة، ص 414. منهاج الصالحين، 1 / 428.


) [152]) الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: المسائل الطبّيّة، ص 24.


) [153]) م ، ن .


) [154]) ظ مسائل معاصرة في فقه القضاء، ط الثانية، دار الهلال، مطبعة فاضل، قم، 1427 هـ، ص 216.


) [155]) الفتاوى (أسئلة وأجوبة)، ص 410.


) [156]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: المسائل الطبّيّة، ص 25.


) [157]) ظ أجوبة الاستفتاءات (المعاملات)، ص 74.


) [158]) ظ الحكيم، السيّد محمّد سعيد: مرشد المغترب (توجيهات وفتاوى)، ص 373.


(+) وتجدر الإشارة إلى أنَّ بعض الباحثين قد أفاد بأنّه سمع تقريراً ذُكر فيه بأنَّ الأطباء أجروا تجارب حكموا في ضوئها بإمكانيّة زرع البويضة المخصّبة في الجدار الخارجيّ لبعض أمعاء الرجل – كما تُزرع في الجدار الداخليّ لرحم المرأة – فإذا تكامل الجنين أمكن إجراء عمليّة جراحيّة لإخراجه فيعيش كأيّ طفل آخر.


ظ السيستانيّ، السيّد محمّد رضا: وسائل الإنجاب الصناعيّة (دراسة فقهيّة)، ص 120.


) [159]) ظ منهاج الصالحين، 2 / 215.


) [160]) سورة المؤمنون: 5.


) [161]) ظ السيستانيّ، السيّد محمّد رضا: وسائل الإنجاب الصناعيّة (دراسة فقهيّة)، ص 120 – 122.


) [162]) ظ الخامنئيّ، السيّد عليّ: أجوبة الاستفتاءات (المعاملات)، ص 95. ظ السيستانيّ، السيّد محمّد رضا: وسائل الإنجاب الصناعيّة (دراسة فقهيّة)، ص 266.


) [163]) ظ الخوئيّ، السيّد أبو القاسم: المسائل الشرعيّة، 2 / 319. ظ الحكيم، السيّد عبد الهادي: الفقه للمغتربين، (فتاوى السيّد السيستانيّ)، ص 257. ظ الشيرازيّ، الشيخ ناصر مكارم: الفتاوى الجديدة، ص 470.


) [164]) ظ الحكيم، السيّد محمّد سعيد: الفتاوى (أسئلة وأجوبة)، ص 403.


) [165]) ظ الحكيم، السيّد عبد الهادي: الفقه للمغتربين (فتاوى السيّد السيستانيّ)، ص 318.


) [166]) ظ الحكيم، السيّد محمّد سعيد: فقه المرأة المسلمة، ص 105.


) [167]) ظ الحكيم، السيّد عبد الهادي: الفتاوى الميسّرة (فتاوى السيّد السيستانيّ)، ص 429. ظ الفقه للمغتربين، (فتاوى السيّد السيستانيّ)، ص 296 – 297.


وتجدر الإشارة إلى أنَّ بعض الأعلام كالشيخ ناصر مكارم الشيرازيّ ذهب إلى أنّه لا يشترط موافقة الزوجة فيه، ولكن يكره ذلك بدون موافقتها. ظ الفتاوى الجديدة، ص 472.


وقريب منه ما ذهب إليه الشيخ محمّد إسحاق الفيّاض. ظ المسائل المنتخبة، ص 284.


(+) إنَّ الحبوب المانعة للحمل التي تُبلع عن طريق الفم تعمل على خفض مستوى هورمونيّ (LH , FSH) اللذين تفرزهما الغدّة النخاميّة، وتعملان على تحفيز المبيضين على إنتاج البويضة، وبانخفاض مستواهما عن التركيز المطلوب في مدّة الإباضة – التي تقع في منتصف الدورة الطمثيّة عادةً – يصاب المبيضان بالكسل، ولا ينتجان البويضة طيلة مدّة استعمال الحبوب، ولذلك لا يحدث الحمل لدى المرأة، وتصاب بالعقم بصورة مؤقّتة؛ إذ يتعطّل مبيضها عن عمله الأساس وهو الإباضة. ظ القبانيّ، الدكتور صبري: أطفال تحت الطلب، بيروت، 1978 م، ص 215.


) [168]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: المسائل المنتخبة، ص 284. ظ السيستانيّ، السيّد محمّد رضا: وسائل المنع من الإنجاب (دراسة فقهيّة)، ط الأولى، دار المؤرّخ العربيّ، بيروت، 1427 هـ، ص 36.


) [169]) للتفصيل ينظر: أيوب، الدكتور عبد السلام: دليل العقم والإنجاب، دار الراتب الجامعيّة للطباعة والنشر والتوزيع، 2002 م، ص 11. الخامنئيّ، السيّد عليّ: أجوبة الاستفتاءات، ص 90 و 100. الحكيم، عبد الهادي: الفتاوى الميسّرة (فتاوى السيّد السيستانيّ)، ص 429. الحكيم، السيّد محمّد سعيد: الفتاوى (أسئلة وأجوبة)، ص 401 و 406. الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: المسائل الطبّيّة، ص 21. الشيرازيّ، الشيخ ناصر مكارم: أحكام النساء، ص 235.


 


وتجدر الإشارة إلى أنَّ السيّد السيستانيّ – وآخرين كالسيّد محمّد سعيد الحكيم في الجملة – قد ذكروا أنَّ جواز وضع اللولب منوطٌ بما إذا لم يثبت للمرأة بأنَّ استعماله يستتبع تلف البويضة بعد تخصيبها، وإلاَّ فلو ثبت أنَّ وضع اللولب يستتبع تلف البويضة بعد تخصيبها فالأحوط لزوماً الاجتناب عنه مطلقاً.


فإذا تبيّن أنَّ وضع يستتبع تلف البويضة بعد تخصيبها فتكون المسألة من تطبيقات أصالة الاحتياط.


للتفصيل ينظر: السيستانيّ، السيّد عليّ: المسائل المنتخبة، ص 415. منهاج الصالحين، 1 / 428. الحكيم، السيّد عبد الهادي: الفتاوى الميسّرة (فتاوى السيّد السيستانيّ)، ص 429. الحكيم، السيّد محمّد سعيد: مرشد المغترب، ص 383.


 


وأمّا الشيخ محمّد إسحاق الفيّاض فقد ذهب في المسائل المنتخبة إلى الاحتياط الوجوبيّ بعدم استعماله ما لم تكن هناك ضرورة. وعليه فيعدّ وضع اللولب عند سماحته من تطبيقات أصالة الاحتياط. ظ المسائل المنتخبة، ص 285.


بينما ذهب (K) في الاستفتاءات الشرعيّة إلى عدم المنع منه؛ معللاًّ ذلك إلى أنّه في صورة الشكِّ أنَّ اللولب يقتل البويضة قبل أو بعد التلقيح، فيكون المورد داخلاً في الشبهة الموضوعيّة، ولا مانع من وضع اللولب من هذه الناحية.


ظ الاستفتاءات الشرعيّة، ص 529.


وأنَّ الموجود في الاستفتاءات الشرعيّة وإنْ كان مطابقاً لمبانيه الأصوليّة من جريان البراءة في الشبهات الموضوعيّة التحريميّة وفاقاً للمشهور، إلاَّ أنّه من خلال سؤال مكتب سماحته اتّضح أنَّ رأيه الشريف ما موجود في المسائل المنتخبة.


) [170]) للتفصيل ينظر: الحكيم، محمّد سعيد: مرشد المغترب، ص 384. الحكيم، عبد الهادي: حواريات فقهيّة (فتاوى محمّد سعيد الحكيم)، ص 346. الشيرازيّ، ناصر مكارم: الفتاوى الجديدة، ص 472. أحكام النساء، ص 236.


) [171]) ظ الحكيم، السيّد محمّد سعيد: الفتاوى (أسئلة وأجوبة)، ص 411.


) [172]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: المسائل الطبّيّة، ص 99.


) [173]) ظ الشيرازيّ، الشيخ ناصر مكارم: أحكام النساء، ص 234.


) [174]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: الاستفتاءات الشرعيّة، ص 525.


) [175]) ظ المحسنيّ، الشيخ محمّد آصف: الفقه والمسائل الطبّيّة، ط الأولى، مطبعة ياران، قم، ص 81 – 82.


) [176]) ظ صراط النجاة، 3 / 356.


) [177]) ظ جامع المسائل، 1 / 488.


) [178]) ظ المحموديّ، السيّد محسن: أحدث الفتاوى (وفق فتاوى السيّد السيستانيّ، والسيّد الخامنئيّ، والميرزا التبريزيّ، والفاضل اللنكرانيّ، والشيخ محمّد تقي بهجت، والصافي الكلبايكانيّ، والشيخ ناصر مكارم الشيرازيّ)، تعريب: لجنة التعريب والتحقيق في الدار الإسلاميّة، دار الباقر، بيروت، 1425 هـ، ص 237 – 239.


) [179]) ظ الفتاوى (أسئلة وأجوبة)، ص 405 و 408. ظ فقه المرأة المسلمة، ص 77.


) [180]) ظ الفتاوى الجديدة، ص 472 و 474. ظ أحكام النساء، ص 235 و 237.


وتجدر الإشارة إلى أنَّ الشيخ ناصر مكارم الشيرازيّ قد ذكر في بعض كلامه ما يُفهم منه أنّه يفتي بالحرمة.


ظ أحكام النساء، ص 235 و 238.


(+) بناءً على هذا القول فتكون المسألة من تطبيقات أصالة الاحتياط.


) [181]) الفتاوى (أسئلة وأجوبة)، ص 405 و 408.


) [182]) فقه المرأة المسلمة، ص 77.


) [183]) للتفصيل ينظر: المسائل المنتخبة، ص 415. منهاج الصالحين، 1 / 428 – 429. الحكيم، السيّد عبد الهادي: الفتاوى الميسّرة (فتاوى السيّد السيستانيّ)، ص 416.


) [184]) ظ الاستفتاءات الشرعيّة، ص 526 – 527.


) [185]) ظ المحموديّ، السيّد محسن: أحدث الفتاوى (وفق فتاوى مجموعة من الأعلام)، ص 237 – 239.


) [186]) ظ الحكيم، السيّد عبد الهادي: الفقه للمغتربين، (فتاوى السيّد السيستانيّ)، ص 285.


) [187]) ظ الروحانيّ، محمّد صادق: المسائل المستحدثة، ط الرابعة، مؤسسة دار الكتاب، مطبعة فروردين، قم، 1414 هـ، ص 145 .


) [188]) الفتاوى (أسئلة وأجوبة)، ص 408.


وتجدر الإشارة إلى أنَّ هذا القول إنْ صحَّ فتكون المسألة عنده من تطبيقات أصالة الاحتياط.


) [189]) ظ الحكيم، السيّد عبد الهادي: حواريات فقهيّة (فتاوى السيّد محمّد سعيد الحكيم)، ص 354.


) [190]) ظ المحسنيّ، الشيخ محمّد آصف: الفقه والمسائل الطبّيّة، ص 114.


) [191]) الكليني، الشيخ محمّد بن يعقوب: الكافي، 5 / 313.


) [192]) الصدوق، محمّد بن عليّ: التوحيد، تصحيح وتعليق: هاشم الحسينيّ الطهرانيّ، مؤسسة النشر الإسلاميّ، قم، ص 353.


(+) أصالة الإباحة التي هي في مقابل أصالة الحظر.


) [193]) ظ الجواهريّ، حسن: بحوث في الفقه المعاصر، ط الأولى، مجمع الذخائر الإسلاميّة، مطبعة معراج، قم، 1422 هـ، 3 / 173 .


) [194]) ظ الحكيم، السيّد عبد الهادي: الفقه للمغتربين، (فتاوى السيّد السيستانيّ)، ص 254.


) [195]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: الاستفتاءات الشرعيّة (المعاملات)، ص 445.


) [196]) ظ الخامنئيّ، السيّد عليّ: أجوبة الاستفتاءات (المعاملات)، ص 104.


) [197]) ظ الحكيم، السيّد عبد الهادي: الفقه للمغتربين، (فتاوى السيّد السيستانيّ)، ص 254.


) [198]) ظ الموسويّ، محمّد جواد: الاستنساخ البشريّ بين الفقهاء وعلماء التجربة، ط 1، الرافد للمطبوعات، قم، 1431 هـ، ص 10.


) [199]) ظ الموسويّ، عليّ عبّاس: فقه المسائل المستحدثة، ص 175. ظ البرزنجيّ، الأستاذ الدكتور منذر طيّب، والعادليّ، شاكر غني: عمليات أطفال الأنابيب والاستنساخ البشريّ، مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، 2001 م، ص 217.


) [200]) ظ السيستانيّ، السيّد محمّد رضا: وسائل الإنجاب الصناعيّة (دراسة فقهيّة)، ص 40 – 41.


) [201]) ظ الحكيم، محمّد سعيد: فقه الاستنساخ البشريّ وفتاوى طبّيّة، ط السادسة، دار الهلال، قم، 1434 هـ، ص 19.


) [202]) سورة النساء، 119.


) [203]) ظ السمرقندي، محمّد بن مسعود بن عيّاش: تفسير العيّاشيّ، تح هاشم الرسوليّ المحلاتيّ، المطبعة العلميّة، قم، 1 / 276.


) [204]) ظ التبيان في تفسير القرآن، تح أحمد حبيب قصير العامليّ، مكتبة الأمين، النجف الأشرف، 3 / 334.


) [205]) للتفصيل ينظر: مجلّة مكتب الإسلام، العدد 50، السنة 37، سنة 1376 هـ.ش.


(+) بناءً على هذا القول فتعدّ هذه المسألة من تطبيقات باب الاحتياط.


) [206]) ظ الشيرازيّ، الشيخ ناصر مكارم: الفتاوى الجديدة، ص 475 – 476. ظ أحكام النساء، ص 247.


) [207]) ظ السيستانيّ، السيّد محمّد رضا: وسائل الإنجاب الصناعيّة (دراسة فقهيّة)، ص 98 – 102.


) [208]) السبزواريّ، عليّ: الاستنساخ بين التقنية والتشريع، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، 1423 هـ، ص 144.


) [209]) سورة فصّلت: 53.


) [210]) الحكيم، السيّد محمّد سعيد: فقه الاستنساخ البشريّ وفتاوى طبّيّة، ص 22.


) [211]) ظ الخامنئيّ، السيّد عليّ: أجوبة الاستفتاءات (المعاملات)، ص 105.


) [212]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: الاستفتاءات الشرعيّة، ص 444.


) [213]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: المسائل الطبّيّة، ص 31. ظ الاستفتاءات الشرعيّة، ص 531.


) [214]) ظ الفتاوى الجديدة، ص 475 – 476. ظ أحكام النساء، ص 247.


) [215]) ظ الأنصاريّ، محمّد حسين: الاستنساخ ومنه البشريّ أحكامه التكليفيّة منها والوضعيّة، ط الأولى، مكتبة النجاح، طهران – إيران، 1427 هـ، ص 15.


) [216]) الشيرازيّ، الشيخ ناصر مكارم: بحوث فقهيّة مهمّة، ط الثانية، نشر مدرسة الإمام عليّ بن أبي طالب (A)، مطبعة سليمان زاده، 1428 هـ، ص 334.


) [217]) ظ الخوئيّ، السيّد أبو القاسم: منهاج الصالحين، 1 / 426. ظ الفيّاض، محمّد إسحاق: المسائل الطبّيّة، ص16.


) [218]) ظ الموسويّ، السيّد عليّ عبّاس: فقه المسائل المستحدثة، ص 106.


) [219]) ظ الشيرازيّ، الشيخ ناصر مكارم: الفتاوى الجديدة، ص 465 – 466 و 476.


) [220]) للتفصيل ينظر: السيستانيّ، السيّد عليّ: المسائل المنتخبة، ص 413. منهاج الصالحين، 1 / 426.


) [221]) ظ المحموديّ، السيّد محسن: أحدث الفتاوى (وفق فتاوى مجموعة من الأعلام)، ص 150.


) [222]) سورة الطارق: 6 – 7.


) [223]) ظ القرطبيّ، محمّد بن أحمد الأنصاريّ: الجامع لأحكام القرآن، دار الكتاب العربيّ، القاهرة، 1387 هـ، 30 / 7.


) [224]) المجلسيّ، الشيخ محمّد باقر: بحار الأنوار، 6 / 363 و 10 / 207.


) [225]) ظ السيستانيّ، السيّد محمّد رضا: وسائل الإنجاب الصناعيّة (دراسة فقهيّة)، ص 126 – 128.


) [226]) ظ الشيرازيّ، الشيخ ناصر مكارم: الفتاوى الجديدة، ص 247.


) [227]) ظ الحكيم، السيّد محمّد سعيد: مرشد المغترب (توجيهات وفتاوى)، ص 371 – 372 و 375.


) [228]) ظ موقع:.http://www.alsumaria.tv/news. www.khabaar.net/index.php/permalink/43875.html‏


) [229]) ظ موقع:. http://www.skynewsarabia.com/web/home. https://maktoob.news.yahoo.com


) [230]) الفيّاض، محمّد إسحاق: البنوك، ط الخامسة، دار البذرة، مطبعة الكلمة الطيّبة، النجف الأشرف، 1432 هـ، ص 288.


) [231]) الشيرازيّ، الشيخ ناصر مكارم: بحوث فقهيّة مهمّة، ص 334 – 336.


) [232]) ظ الشيرازيّ، الشيخ ناصر مكارم: الفتاوى الجديدة، ص 477.


) [233]) الخرازيّ، السيّد محسن: البحوث الهامّة في المكاسب المحرّمة، ط الأولى، مؤسسة وليّ عصر (عج)، قم، 1426 هـ، 3 / 119.


) [234]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: المسائل الطبّيّة، ص 92.


) [235]) ظ الخامنئيّ، السيّد عليّ: أجوبة الاستفتاءات (المعاملات)، ص 96.


) [236]) ظ الشيرازيّ، الشيخ ناصر مكارم: أحكام النساء، ص 247.


) [237]) ظ الخامنئيّ، السيّد عليّ: أجوبة الاستفتاءات (المعاملات)، ص 74.


) [238]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: المسائل الطبّيّة، ص 92.


) [239]) ظ أحكام النساء، ص 247.


) [240]) ظ أجوبة الاستفتاءات (المعاملات)، ص 76.


) [241]) م، ن. ص 75 – 76.


) [242]) للتفصيل ينظر: السيستانيّ، السيّد عليّ: المسائل المنتخبة، ص 412. منهاج الصالحين، 1 / 425.


) [243]) ظ المحموديّ، السيّد محسن: أحدث الفتاوى (وفق فتاوى مجموعة من الأعلام)، ص 229.


) [244]) ظ الفتاوى (أسئلة وأجوبة)، ص 404.


) [245]) ظ منهاج الصالحين، 1 / 443.


) [246]) ظ الخامنئيّ، السيّد عليّ: أجوبة الاستفتاءات (المعاملات)، ص 76.


) [247]) ظ الشيرازيّ، الشيخ ناصر مكارم: الفتاوى الجديدة، ص 476.


) [248]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: المسائل الطبّيّة، ص 93.


(+) بناءً على هذا القول فتعدّ هذه المسألة من تطبيقات باب الاحتياط.


) [249]) ظ المحموديّ، السيّد محسن: أحدث الفتاوى (وفق فتاوى مجموعة من الأعلام)، ص 15.


) [250]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: الاستفتاءات الشرعيّة، ص 89.


) [251]) ظ الخامنئيّ، السيّد عليّ: أجوبة الاستفتاءات (المعاملات)، ص 84 – 85.


) [252]) ظ الحكيم، السيّد محمّد سعيد: فقه المرأة المسلمة، ص 85.


) [253]) ظ الشيرازيّ، الشيخ ناصر مكارم: أحكام النساء، ص 234.


) [254]) ظ الخامنئيّ، السيّد عليّ: أجوبة الاستفتاءات (المعاملات)، ص 85.


) [255]) م ، ن .


) [256]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: المسائل الطبّيّة، ص 106.


) [257]) ظ الخامنئيّ، السيّد عليّ: أجوبة الاستفتاءات (المعاملات)، ص 86.


) [258]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: المسائل الطبّيّة، ص 106.


) [259]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: المسائل الطبّيّة، ص 58.


) [260]) ظ الخامنئيّ، السيّد عليّ: أجوبة الاستفتاءات (المعاملات)، ص 86 + استفتاء شفويّ لمكتب السيّد السيستانيّ.


) [261]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: الاستفتاءات الشرعيّة، ص 459.


) [262]) ظ الشيرازيّ، الشيخ ناصر مكارم: الفتاوى الجديدة، ص 477.


) [263]) ظ الخامنئيّ، السيّد عليّ: أجوبة الاستفتاءات (المعاملات)، ص 98.


) [264]) للتفصيل ينظر: السيستانيّ، السيّد عليّ: المسائل المنتخبة، ص 412. منهاج الصالحين، 1 / 425.


) [265]) ظ الخوئيّ، السيّد أبو القاسم: منهاج الصالحين، 1 / 426.


) [266]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: المسائل الطبّيّة، ص 64.


) [267]) ظ الخامنئيّ، السيّد عليّ: أجوبة الاستفتاءات (المعاملات)، ص 101.


) [268]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: المسائل الطبّيّة، ص 100.


) [269]) ظ الخامنئيّ، السيّد عليّ: أجوبة الاستفتاءات (المعاملات)، ص 103.


) [270]) م . ن ، ص 104.


) [271]) للتفصيل ينظر: السيستانيّ، السيّد عليّ: المسائل المنتخبة، ص 416. منهاج الصالحين، 1 / 429. الحكيم، السيّد عبد الهادي: الفتاوى الميسّرة (فتاوى السيّد السيستانيّ)، ص 429. السرّاج، عبّاس: أخطاء الحاجّ والمعتمر، ط الخامسة، نشر دار البذرة، مطبعة الكلمة الطيّبة، النجف الأشرف، 1435 هـ، ص 82.


) [272]) ظ الزنجانيّ، السيّد موسى الحسينيّ: مناسك الحجِّ، ط الأولى، نشر فقاهت، مطبعة ستاره، قم، 1429 هـ، ص 164.


) [273]) ظ الخامنئيّ، السيّد عليّ: أجوبة الاستفتاءات (المعاملات)، ص 104.


) [274]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: المسائل الطبّيّة، ص 134 و 144.


) [275]) ظ الخامنئيّ، السيّد عليّ: أجوبة الاستفتاءات (المعاملات)، ص 105.


) [276]) ظ فقه الاستنساخ البشريّ والخلايا الجذعيّة وفتاوى طبّيّة، ص 127.


) [277]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: المسائل الطبّيّة، ص 94.


) [278]) الحرّ العامليّ، الشيخ محمّد حسن: وسائل الشيعة، 18 / 14.


) [279]) الصدوق، محمّد بن عليّ: مَنْ لا يحضره الفقيه، 4 / 34. الفيض الكاشانيّ، محمّد بن محسن: الوافي، 15 / 266.


) [280]) ظ الحكيم، السيّد محمّد سعيد: مسائل معاصرة في فقه القضاء، ص 115 – 116.


) [281]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: المسائل الطبّيّة، ص 36.


) [282]) ظ الخامنئيّ، السيّد عليّ: أجوبة الاستفتاءات (المعاملات)، ص 105.


(+) عدُّ ذلك من الفقه المعاصر والمسائل المستحدثة باعتبار أنَّ ابتلاء المسلمين بتلك المناطق حدث متأخّراً.


ظ الإيروانيّ، الشيخ باقر: الفقه الاستدلاليّ، ط الثانية، نشر دار البذرة، 1435 هـ، 1 / 297.


) [283]) ظ العروة الوثقى، 2 / 652.


) [284]) ظ هامش العروة الوثقى، 2 / 653.


) [285]) ظ الفقه الاستدلاليّ، 1 / 299 – 300.


) [286]) للتفصيل ينظر: المسائل المنتخبة، ص 420. منهاج الصالحين، 1 / 434. الحكيم، السيّد عبد الهادي: الفقه للمغتربين، (فتاوى السيّد السيستانيّ)، ص 100.


) [287]) ظ منهاج الصالحين، 1 / 450.


(+) بناءً على صحّة هذا الاحتمال بل القول فيكون المقام من تطبيقات باب الاحتياط.


) [288]) المسائل المنتخبة، ص 420. منهاج الصالحين، 1 / 434. الحكيم، السيّد عبد الهادي: الفقه للمغتربين، (فتاوى السيّد السيستانيّ)، ص 100.


) [289]) ظ منهاج الصالحين، 1 / 450.


) [290]) ظ منهاج الصالحين، 1 / 432.


(+) بهذا اللحاظ يمكن عدّ هذه المسألة من تطبيقات باب الاستصحاب.


) [291]) الحرّ العامليّ، الشيخ محمّد بن الحسن: وسائل الشيعة، 1 / 13.


(+ +) بهذا اللحاظ يمكن عدّ هذه المسألة من تطبيقات باب الاحتياط.


(+ + +) بهذا اللحاظ يمكن عدّ هذه المسألة من تطبيقات باب البراءة.


) [292]) ظ السيستانيّ، السيّد عليّ: المسائل المنتخبة، ص 419. ظ منهاج الصالحين، 1 / 433.


) [293]) الحرّ العامليّ، الشيخ محمّد بن الحسن: وسائل الشيعة، 4 / 320.


) [294]) ظ الإيروانيّ، الشيخ باقر: الفقه الاستدلاليّ، 1 / 300.


) [295]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: الاستفتاءات الشرعيّة، ص 81.


(+) ونصّ الحديث: قال أبو جعفر الباقر (A): ((لا تعاد الصلاة إلاَّ من خمسة: الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود)). الحرّ العامليّ، الشيخ محمّد بن الحسن: وسائل الشيعة، 3 / 227.


(+ +) بهذا اللحاظ يمكن عدّ هذه المسألة من تطبيقات باب الاستصحاب.


(+) الجَد: شاطئ النهر، والجَدَد: الأرض الصلبة التي يسهل المشي عليها.


للتفصيل ينظر: الفراهيديّ، الخليل بن أحمد: العين، تح الدكتور مهدي المخزوميّ والدكتور إبراهيم السامرائيّ، ط الثانية، مؤسسة دار الهجرة، 1410 هـ، 6 / 8. الأهوازيّ، ابن السكيت: ترتيب إصلاح المنطق، ترتيب وتقديم وتعليق: الشيخ محمّد حسن بكائيّ، ط الأولى، مجمع البحوث الإسلاميّة، مشهد – إيران، 1412 هـ، ص 106. ابن الأنباريّ، محمّد بن القاسم بن محمّد بن بشّار: الزاهر في معاني كلمات الناس، تح الدكتور يحيى مراد، ط الأولى، دار الكتب العلميّة، بيروت – لبنان، 1424 هـ، ص 644.


) [296]) الحرّ العامليّ، الشيخ محمّد بن الحسن: وسائل الشيعة، 4 / 323.


) [297]) الصدوق، الشيخ محمّد بن عليّ: مَنْ لا يحضره الفقيه، 1 / 457.


) [298]) ظ السراج، عباس: أخطاء الحاجّ والمعتمر، ص 36.


) [299]) ظ السيستانيّ، السيّد عليّ: المسائل المنتخبة، ص 120.


) [300]) الحرّ العامليّ، الشيخ محمّد بن الحسن: وسائل الشيعة، 6 / 96.


) [301]) للتفصيل ينظر: المسائل المنتخبة، ص 419. منهاج الصالحين، 1 / 433. الحكيم، السيّد عبد الهادي: الفقه للمغتربين، (فتاوى السيّد السيستانيّ)، ص 98 – 99 و 106 – 107.


) [302]) منهاج الصالحين، 1 / 430.


) [303]) ظ فقه الفضاء، مؤسسة الثقلين الثقافيّة، كربلاء المقدّسة، ص 19.


) [304]) ظ الحكيم، السيّد عبد الهادي: الفقه للمغتربين، (فتاوى السيّد السيستانيّ)، ص 108.


) [305]) م . ن ، ص 109 و 173. ظ الشيرازيّ، الشيخ ناصر مكارم: الفتاوى الجديدة، ص 17 – 18.


(+) في المسألة الأولى في المبحث الثاني من الفصل الرابع.


) [306]) ظ الفيّاض، محمّد إسحاق: الاستفتاءات الشرعيّة ط الأولى، دار البذرة، مطبعة الكلمة الطيّبة، 1434 هـ، ص 88 و 95.


) [307]) ظ الحكيم، السيّد عبد الهادي: الفقه للمغتربين، (فتاوى السيّد السيستانيّ)، ص 174.


) [308]) ظ الحكيم، السيّد عبد الهادي: حواريات فقهيّة، (فتاوى السيّد محمّد سعيد الحكيم)، ص 342.


) [309]) للتفصيل ينظر: الحكيم، عبد الهادي: الفتاوى الميسّرة (فتاوى السيّد السيستانيّ)، ص 402. الفقه للمغتربين، (فتاوى السيّد السيستانيّ)، ص 118. الساخن، محمّد: 444 مسألة شرعيّة (فتاوى السيّد صادق الحسينيّ الشيرازيّ)، ط الأولى، 1426 هـ، ص 61.


) [310]) ظ الحكيم، السيّد عبد الهادي: حواريات فقهيّة (فتاوى السيّد محمّد سعيد الحكيم)، ص 336.


) [311]) ظ المحموديّ، السيّد محسن: أحدث الفتاوى (وفق فتاوى مجموعة من الأعلام)، ص 35.


) [312]) ظ السيستانيّ، السيّد عليّ: الصيام جُنّة من النار، نشر دار البذرة، مطبعة الكلمة الطيّبة، ص 32.


(+) بناءً على الرأي تكون المسألة من تطبيقات باب الاحتياط.


(+ +) وتجدر الإشارة إلى أنَّ الشيخ حسن الجواهريّ قد نسب إلى السيّد الخوئيّ القول بالاحتياط الوجوبيّ في المسألة مع أنّه (H) يذهب إلى التفصيل المذكور أعلاه. ظ بحوث في الفقه المعاصر، 2 / 430.


(+ + +) بناءً على الرأي تكون المسألة من تطبيقات باب البراءة.


) [313]) ظ صراط النجاة (تعليقة الميرزا التبريزيّ)، 2 / 140.


) [314]) م . ن، 3 / 103.


) [315]) م . ن ، 5 / 96.


) [316]) للتفصيل ينظر: الصيام جُنّة من النار، ص 32. الحكيم، السيّد عبد الهادي: الفتاوى الميسّرة (فتاوى السيّد السيستانيّ)،                ص 403. الفقه للمغتربين (فتاوى السيّد السيستانيّ)، ص 118. استفتاءات السيّد السيستاني (القرص الليزري لمكتبة أهل البيت – الإصدار الثاني)، ص 188.


) [317]) ظ الساخن، السيّد محمّد: 444 مسألة شرعيّة (فتاوى السيّد صادق الحسينيّ الشيرازيّ)، ص 61.


) [318]) للتفصيل ينظر: منهاج الصالحين، 1 / 331. الفتاوى (أسئلة وأجوبة)، ص 99. الحكيم، السيّد عبد الهادي: حواريات فقهيّة (فتاوى السيّد محمّد سعيد الحكيم)، ص 312 و 336.


(+) بناءً على الرأي تكون المسألة من تطبيقات باب البراءة.


) [319]) للتفصيل ينظر: الحكيم، السيّد محمّد سعيد: منهاج الصالحين، 1 / 331. الحكيم، السيّد عبد الهادي: حواريات فقهيّة (فتاوى السيّد محمّد سعيد الحكيم)، ص 312 و 336.


) [320]) ظ الجواهريّ، الشيخ حسن: بحوث في الفقه المعاصر، 2 / 450.


) [321]) ظ أجوبة الاستفتاءات، 1 / 235 و 246.


) [322]) ظ الفتاوى الجديدة، ص 106.


(+ +) بناءً على هذا الرأي تكون المسألة من تطبيقات باب الاحتياط.


) [323]) الخامنئيّ، السيّد عليّ: أجوبة الاستفتاءات، 1 / 235 و 246.


) [324]) ظ الحكيم، السيّد محمّد سعيد: منهاج الصالحين، 1 / 331. ظ الساخن، السيّد محمّد: 444 مسألة شرعيّة (فتاوى السيّد صادق الحسينيّ الشيرازيّ)، ص 62.


) [325]) ظ بور، الشيخ محمّد رضا مشفقيّ: تعليم الأحكام (وفق فتاوى السيّد عليّ الخامنئيّ)، ط الثانية، دار الهادي للطباعة والنشر، بيروت – لبنان، 1429 هـ، ص 65.


(+ + +) بناءً على هذا الرأي تكون المسألة من تطبيقات باب الاحتياط.


) [326]) ظ الفتاوى الجديدة، ص 105 – 106.


) [327]) ظ منية السائل، جمع وترتيب: موسى مفيد الدين عاصي، ص 86. ظ صراط النجاة، 1 / 225 و 4 / 139.


) [328]) ظ صراط النجاة، 1 / 225 و 4 / 139.


) [329]) ظ مناسك الحجِّ وملحقاتها، نشر دار البذرة، مطبعة الكلمة الطيّبة، النجف الأشرف، 1433 هـ، ص 143.


) [330]) ظ مناسك الحجِّ، ص 63.


) [331]) ظ مناسك الحجِّ، ط الأولى، نشر دار البذرة، مطبعة الكلمة الطيّبة، النجف الأشرف، 1432 هـ، ص 151. ظ تعاليق مبسوطة، ط الأولى، مطبعة أمير، قم – إيران، 1418 هـ، 10 / 256.


) [332]) كلمة التقوى، ط الأولى، مؤسسة اسماعيليان، قم – إيران، 1413 هـ، 3 / 334.


) [333]) الكليني، الشيخ محمّد بن يعقوب: الكافي، 4 / 345. الصدوق، محمّد بن عليّ: مَنْ لا يحضره الفقيه، 2 / 219. الدارقطنيّ، أبو الحسن عليّ بن عمر: سنن الدارقطنيّ، 2 / 294. ابن قدامة، عبد الله: المغني، دار الكتاب العربيّ للنشر والتوزيع، بيروت – لبنان، 3 / 302. ابن قدامة، عبد الرحمن: الشرح الكبير، دار الكتاب العربيّ للنشر والتوزيع، بيروت – لبنان، 3 / 280.


) [334]) ظ مناسك الحجِّ، ص 150. ظ الاستفتاءات الشرعيّة، ص 211.


) [335]) ظ أجوبة الاستفتاءات (العبادات)، ص 530 – 531.


(+) بناءً على الرأي تكون المسألة من تطبيقات باب الاحتياط.


) [336]) ظ مناسك الحجِّ وملحقاتها، ص 135 – 136.


) [337]) ظ مناسك الحجِّ وملحقاتها، ص 210 + استفتاء موجّه لمكتب سماحة السيّد السيستاني.


) [338]) استفتاء شفوي موجّه لمكتب سماحته.


) [339]) ظ مناسك الحجِّ، ص 204.


) [340]) ظ السراج، عباس: أخطاء الحاجّ والمعتمر، ص 40.


) [341]) استفتاء شفوي موجّه لمكتب سماحته.


(+ +) بناءً على هذا الرأي تكون المسألة من تطبيقات باب الاحتياط.


) [342]) ظ السراج، عباس: جامع مناسك الحجِّ، ط الثالثة، نشر دار البذرة، مطبعة الكلمة الطيّبة، 1434 هـ، ص 272.


) [343]) ظ السيستاني، السيّد عليّ: مناسك الحجِّ، ص 218. ظ الحكيم، السيّد محمّد سعيد: مناسك الحجِّ والعُمرة، ط الثالثة عشر، مؤسسة الحكمة للثقافة الإسلاميّة، دار الهلال للطباعة والنشر والتوزيع، النجف الأشرف، 1434 هـ، ص 259. ظ الصدر، السيّد محمّد: مناسك الحجِّ، دار ومكتبة البصائر للطباعة والنشر، بيروت – لبنان، 1431 هـ، ص 174.


) [344]) للتفصيل ينظر: الخوئيّ، أبو القاسم: منية السائل، ص 175. الحكيم، عبد الهادي: الفتاوى الميسّرة (فتاوى السيستانيّ)، ص 413 – 414. الفقه للمغتربين (فتاوى السيستانيّ)، ص 383. الحكيم، محمّد سعيد الفتاوى (أسئلة وأجوبة)، ص 336.


) [345]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: الاستفتاءات الشرعيّة، ص 328.


) [346]) ظ الحكيم، السيّد عبد الهادي: الفتاوى الميسّرة (فتاوى السيّد السيستانيّ)، ص 415.


) [347]) ظ الحكيم، السيّد عبد الهادي: حواريات فقهيّة (فتاوى السيّد محمّد سعيد الحكيم)، ص 345. ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: الاستفتاءات الشرعيّة، ص 463 و 466.


) [348]) ظ الخوئيّ، السيّد أبو القاسم: منية السائل، ص 176 + استفتاء شفويّ مقدّم لمكتب السيّد السيستانيّ.


(+) الأنفحة: هي عبارة عن مستحضر يستخرج من معدة الحيوانات (البقر، والعجل، والخنزير)، ويعبّر عن الأنفحة في اللغة الانجليزيّة بـ (Rennet)، (Renin)، (Pepsin)، وفي الفرنسيّة بـ (Presure).


ظ غالب، أدوار: الموسوعة في علوم الطبيعة، بيروت – لبنان، 1965 م، 1 / 2.


) [349]) ظ الحكيم، السيّد عبد الهادي: الفقه للمغتربين (فتاوى السيّد السيستانيّ)، ص 372. ظ الحكيم، السيّد محمّد سعيد الفتاوى (أسئلة وأجوبة)، ص 336.


) [350]) ظ الخامنئيّ، السيّد عليّ: أجوبة الاستفتاءات (العبادات والمعاملات)، ص 85 – 86 و 508.


) [351]) ظ الحكيم، عبد الهادي: الفقه للمغتربين (فتاوى السيستانيّ)، ص 159 + استفتاء شفويّ مقدّم لمكتب السيّد السيستانيّ.                        ظ الفيّاض ، الشيخ محمّد إسحاق : الاستفتاءات الشرعيّة ، ص 465 .


) [352]) ظ الحكيم، السيّد محمّد سعيد: مرشد المغترب (توجيهات وفتاوى)، ص 271.


) [353]) ظ الحكيم، السيّد عبد الهادي: الفقه للمغتربين (فتاوى السيّد السيستانيّ)، ص 372 – 373.


) [354]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: الاستفتاءات الشرعيّة، ص 465.


) [355]) استفتاء شفويّ مقدّم لمكتب سماحة السيّد السيستانيّ.


) [356]) ظ الحكيم، السيّد عبد الهادي: الفقه للمغتربين (فتاوى السيّد السيستانيّ)، ص 150 – 151 و 155. ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: الاستفتاءات الشرعيّة، ص 463.


(+) الجيلاتين (Gelatine): وهي مادّة تستخلص من النباتات أو من المصادر الحيوانيّة، فإذا كان المصدر نباتيّاً فذكرنا أعلاه أنّه لا إشكال في حلّيّته، وأمّا إذا كان حيوانيّاً وغير مذكّى فحكمه عند:


·        السيّد الخوئيّ هو حلّيّة الأكل؛ لجريان الاستحالة عليه.


·        السيّد السيستانيّ هو حرمة الأكل؛ لأنّه يشترط في الاستحالة عدم بقاء المقوّمات الأصليّة.


ظ الحكيم، السيّد عبد الهادي: الفقه للمغتربين (فتاوى السيّد السيستانيّ)، ص 382 – 383.


 


وتجدر الإشارة إلى أنَّ السيّد محمّد سعيد الحكيم قد ذكر أنَّ (الجيلاتين ليس مبايناً لأصله، ولا يكون تحوّل أصله له من باب الاستحالة المطهّرة، بل هو نظير تميّز المواد الدهنيّة بالحرارة والغليان. نعم إذا كان الجيلاتين مأخوذاً من العظام فهو طاهرٌُ؛ لأنَّ العظم ممّا لا تحلّه الحياة عرفاً، فهو طاهرٌ وإنْ كان من الميتة. فيحلّ‏ أكله إذا كان مأخوذاً من حيوان محلّل الأكل. غاية الأمر أنّه لابدَّ من إحراز تطهير العظام المأخوذ منه بغسلها بالماء إذا كان ظاهرها محكوملً بالنجاسة؛ لملاقاة اللحم المحكوم بعدم التذكية). مرشد المغترب (توجيهات وفتاوى)، ص 273. الفتاوى (أسئلة وأجوبة)، ص 51.


) [357]) ظ الحكيم، السيّد محمّد سعيد: مرشد المغترب (توجيهات وفتاوى)، ص 271.


) [358]) ظ الخامنئيّ، السيّد عليّ: أجوبة الاستفتاءات (العبادات والمعاملات)، ص 85 – 86 و 508 – 509.


) [359]) ظ الحكيم، السيّد عبد الهادي: الفقه للمغتربين (فتاوى السيّد السيستانيّ)، ص 371. ظ الحكيم، السيّد محمّد سعيد الفتاوى (أسئلة وأجوبة)، ص 336.


) [360]) ظ الحكيم، السيّد محمّد سعيد: مرشد المغترب (توجيهات وفتاوى)، ص 271.


) [361]) ظ النائينيّ، المحقّق محمّد حسين: الفتاوى، ط الأولى، تنظيم وتعليق: الشيخ جعفر النائينيّ، نشر دار الهدى، مطبعة ظهور، قم – إيران، 1429 هـ، 3 / 400. ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: الاستفتاءات الشرعيّة، ص 466.


) [362]) ظ الخامنئيّ، السيّد عليّ: أجوبة الاستفتاءات (المعاملات)، ص 510.


) [363]) ظ الحكيم، السيّد عبد الهادي: الفقه للمغتربين (فتاوى السيّد السيستانيّ)، ص 163 – 164.


) [364]) استفتاء شفويّ مقدّم لمكتب سماحته.


) [365]) ظ الفتاوى (أسئلة وأجوبة)، ص 43.


) [366]) ظ الاستفتاءات الشرعيّة، ص 467.


) [367]) للتفصيل ينظر: الخامنئيّ، السيّد عليّ: أجوبة الاستفتاءات (المعاملات)، ص 509 – 510. ظ الحكيم، السيّد عبد الهادي: الفقه للمغتربين (فتاوى السيّد السيستانيّ)، ص 162.


) [368]) ظ الروحانيّ، السيّد محمّد صادق: المسائل المستحدثة، ص 132 – 133. ظ الحكيم، السيّد عبد الهادي: الفقه للمغتربين (فتاوى السيّد السيستانيّ)، ص 158.


) [369]) ظ الخامنئيّ، السيّد عليّ: أجوبة الاستفتاءات (المعاملات)، ص 112 – 113.


) [370]) ظ اليعقوبيّ، الشيخ محمّد: فقه الجامعات حوار وسؤال، مجموعة محاضرات مستنسخة، ص 11 و 36.


) [371]) ظ الحكيم، السيّد محمّد سعيد: فقه المرأة المسلمة، ص 92.


) [372]) ظ الحكيم، السيّد عبد الهادي: الفقه للمغتربين (فتاوى السيّد السيستانيّ)، ص 319.


) [373]) ظ الحكيم، السيّد محمّد سعيد: فقه المرأة المسلمة، ص 81.


) [374]) ظ الحكيم، السيّد عبد الهادي: الفقه للمغتربين (فتاوى السيّد السيستانيّ)، ص 315.


) [375]) ظ الشيرازيّ، الشيخ ناصر مكارم: أحكام النساء، ص 251.


) [376]) ظ الحكيم، السيّد محمّد سعيد: فقه المرأة المسلمة، ص 81.


) [377]) ظ الخامنئيّ، السيّد عليّ: أجوبة الاستفتاءات (المعاملات)، ص 113.


) [378]) ظ الحكيم، السيّد عبد الهادي: حواريات فقهيّة (فتاوى السيّد محمّد سعيد الحكيم)، ص 348 و 355.


) [379]) ظ الحكيم، السيّد محمّد سعيد: الفتاوى (أسئلة وأجوبة)، ص 264.


) [380]) ظ الحكيم، السيّد عبد الهادي: الفقه للمغتربين (فتاوى السيّد السيستانيّ)، ص 163.


) [381]) ظ الاستفتاءات الشرعيّة، ص 90 و 459.


) [382]) ظ صراط النجاة، 3 / 407.


وتجدر الإشارة إلى الحكم بجواز لبس وبطة العنق عند السيّد الخوئيّ وتلميذه الميرزا التبريزيّ مشروطٌ بعدم كونها من الحرير الخالص، خلافاً للسيّد السيستانيّ القائل بجواز لبسها ولو كانت مصنوعة من الحرير الخالص؛ معللاَّ ذلك بأنّها ممّا لا يمكن أنْ يُستر بها العورة.


 


والظاهر أنَّ ما ذكره السيّد الخوئيّ هو الأحرى بالقبول بعد كون أدلّة حرمة لبس الحرير مطلقةً وشاملةً للبس ما لا يكون ساتراً للعورة فضلاً عن الساتر لها.


) [383]) ظ أجوبة الاستفتاءات (المعاملات)، ص 125. ظ منتخب الأحكام، إعداد: حسن فيّاض، ص 172.


) [384]) ظ مجمع المسائل، ص 251.


) [385]) ظ المحموديّ، السيّد محسن: أحدث الفتاوى (وفق فتاوى مجموعة من الأعلام)، ص 283 – 284.


) [386]) ظ أجوبة الاستفتاءات (المعاملات)، ص 125. ظ منتخب الأحكام، إعداد: حسن فيّاض، ص 172.


) [387]) ظ مجلّة النصيحة، العدد 149، السنة الحادية والثلاثون، رجب، 1433 هـ، ص 45.


) [388]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: المسائل المستحدثة، ص 46.


) [389]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: الاستفتاءات الشرعيّة، ص 283 و 427.


) [390]) ظ الخامنئيّ، السيّد عليّ: أجوبة الاستفتاءات (المعاملات)، ص 131.


) [391]) ظ الشيرازيّ، الشيخ ناصر مكارم: الفتاوى الجديدة، ص 181 و 322 – 323.


) [392]) ظ الحكيم، السيّد عبد الهادي: الفتاوى الميسّرة (فتاوى السيّد السيستانيّ)، ص 416 – 417. ظ الحكيم، السيّد محمّد سعيد: الفتاوى (أسئلة وأجوبة)، ص 337.


) [393]) ظ الخامنئيّ، السيّد عليّ: أجوبة الاستفتاءات (المعاملات)، ص 133.


) [394]) ظ المحموديّ، السيّد محسن: أحدث الفتاوى (وفق فتاوى مجموعة من الأعلام)، ص 271 – 272.


) [395]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: المسائل المستحدثة، ص 13. ظ مائة سؤال وسؤال حول الكتابة والكتاب والمكتبات وجوابها، منشورات العزيزيّ، بيروت – لبنان، ص 12.


) [396]) الخفّاف، حامد: النصوص الصادرة عن سماحة السيّد السيستانيّ (K) في المسألة العراقيّة، ط الخامسة، دار المؤرّخ العربيّ، بيروت – لبنان، 1435 هـ، ص 380 و 397.


) [397]) ظ موقع السيّد السيستانيّ، الاستفتاءات الفقهيّة. ظ كاشف الغطاء، الشيخ الدكتور عبّاس: المسائل المستحدثة في المدرسة النجفيّة، مجلّة بحوث ودراسات إسلاميّة، العدد الثاني، السنة الأولى، جمادى الأولى 1429 هـ، ص 92.


) [398]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: المسائل المستحدثة، ص 9 و 16.


) [399]) ظ الحكيم، السيّد محمّد سعيد: الفتاوى (أسئلة وأجوبة)، ص 386.


) [400]) ظ كاشف الغطاء، الشيخ الدكتور عبّاس: المسائل المستحدثة في المدرسة النجفيّة، مجلّة بحوث ودراسات إسلاميّة، العدد الثاني، السنة الأولى، جمادى الأولى 1429 هـ، ص 95.


) [401]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: مائة سؤال وسؤال حول الكتابة والكتاب والمكتبات وجوابها، ص 30.


) [402]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: المسائل المستحدثة، ص 30.


) [403]) ظ مرشد المغترب (توجيهات وفتاوى)، ص 344. ظ الفتاوى (أسئلة وأجوبة)، ص 386.


) [404]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: مائة سؤال وسؤال حول الكتابة والكتاب والمكتبات وجوابها، ص 63.


) [405]) ظ الغرويّ، الميرزا عليّ: التنقيح في شرح العروة الوثقى – كتاب الاجتهاد والتقليد (تقريرات بحث السيّد الخوئيّ)، دار أنصاريان للطباعة والنشر، مطبعة صدر، قم – إيران، 1410 هـ، ص 370 – 374.


) [406]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: المسائل المستحدثة، ص 63.


) [407]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: الاستفتاءات الشرعيّة، ص 283 و 417.


) [408]) ظ الحكيم، السيّد عبد الهادي: الفقه للمغتربين (فتاوى السيّد السيستانيّ)، ص 298.


) [409]) ظ الحكيم، السيّد عبد الهادي: حواريات فقهيّة (فتاوى السيّد محمّد سعيد الحكيم)، ص 358.


) [410]) ظ الصدر، السيّد محمّد: فقه الأدب والفنّ، إعداد السيّد محسن الموسويّ، ط الأولى، مؤسسة بقيّة الله لنشر العلوم الإسلاميّة، النجف الأشرف، ص 219.


) [411]) ظ الحكيم، السيّد عبد الهادي: حواريات فقهيّة (فتاوى السيّد محمّد سعيد الحكيم)، ص 359.


) [412]) ظ الحكيم، السيّد محمّد سعيد: الفتاوى (أسئلة وأجوبة)، ص 154.


) [413]) ظ الحكيم، عبد الهادي: الفقه للمغتربين (فتاوى السيستانيّ)، ص 320 + استفتاء شفويّ مقدّم لمكتب السيّد السيستانيّ.


) [414]) ظ المحموديّ، السيّد محسن: أحدث الفتاوى (وفق فتاوى مجموعة من الأعلام)، ص 67 و 115 و 197. ظ النائينيّ، المحقّق محمّد حسين: الفتاوى، 3 / 202 – 203.


(+) بناءً على هذا الرأي فتكون المسألة من تطبيقات باب الاحتياط.


) [415]) ظ الفتاوى (أسئلة وأجوبة)، ص 254. ظ فقه المرأة المسلمة، ص 82 – 83.


(+ +) بناءً على هذا الرأي فتكون المسألة من تطبيقات باب البراءة.


) [416]) ظ الحكيم، عبد الهادي: الفقه للمغتربين (فتاوى السيستانيّ)، ص 320 + استفتاء شفويّ مقدّم لمكتب السيّد السيستانيّ.


) [417]) ظ الشيرازيّ، الشيخ ناصر مكارم: الفتاوى الجديدة، ص 175.


) [418]) ظ الحكيم، عبد الهادي: الفقه للمغتربين (فتاوى السيستانيّ)، ص 320 + استفتاء شفويّ مقدّم لمكتب السيّد السيستانيّ.


) [419]) ظ المحموديّ، السيّد محسن: أحدث الفتاوى ، ص 153 – 154. ظ اللنكرانيّ، الشيخ فاضل: جامع المسائل، 1 / 374.


) [420]) استفتاء شفويّ مقدّم لمكتب السيّد السيستانيّ. ظ الحكيم، السيّد محمّد سعيد: الفتاوى (أسئلة وأجوبة)، ص 150 – 153.


) [421]) ظ الحكيم، السيّد عبد الهادي: حواريات فقهيّة (فتاوى السيّد محمّد سعيد الحكيم)، ص 360.


) [422]) ظ الهاشميّ، السيّد محمود: منهاج الصالحين، 2 / 11.


) [423]) ظ المحموديّ، السيّد محسن: أحدث الفتاوى (وفق فتاوى مجموعة من الأعلام)، ص 83 و 87 و 89 و 91 – 95.


) [424]) ظ الحكيم، السيّد عبد الهادي: الفقه للمغتربين (فتاوى السيّد السيستانيّ)، ص 326 – 327.


) [425]) ظ الفتاوى (أسئلة وأجوبة)، ص 154.


) [426]) ظ السيستانيّ، السيّد عليّ: استفتاءات مختارة حول الشعائر الحسينيّة، دار البذرة، مطبعة الكلمة الطيّبة، ص 14.


) [427]) ظ المحموديّ، السيّد محسن: أحدث الفتاوى (وفق فتاوى مجموعة من الأعلام)، ص 99 – 101.


) [428]) ظ الشيرازيّ، الشيخ ناصر مكارم: الفتاوى الجديدة، ص 179.


) [429]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: الاستفتاءات الشرعيّة، ص 283.


) [430]) ظ الهاشميّ، السيّد محمود: منهاج الصالحين، 2 / 11.


) [431]) ظ المدنيّ، فهد إبراهيم العصاريّ: الفقه الميسّر (فتاوى محمّد سعيد الحكيم)، ط الثانية، دار الهلال، مطبعة ستاره، 1431 هـ، ص 149. ظ مدرسة دار الحكمة للعلوم الإسلاميّة: فقه المعاملات، مطبعة الكلمة الطيّبة، 1436 هـ، ص 6.


) [432]) ظ الحكيم، السيّد محمّد سعيد الحكيم: مرشد المغترب (توجيهات وفتاوى)، ص 346.


) [433]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: الاستفتاءات الشرعيّة، ص 439 و 441 و 443.


) [434]) للتفصيل ينظر: الحكيم، السيّد محمّد سعيد الحكيم: من فقه الكمبيوتر والانترنيت، ط الثالثة، مؤسسة المرشد للطباعة والنشر، بيروت – لبنان، 1424 هـ، ص 27. المرجعيّة الدينيّة وقضايا أخرى (الحلقة الأولى والثانية)، ط العاشرة، مؤسسة الحكمة للثقافة الإسلاميّة، النجف الأشرف، 1432 هـ، ص 122.


) [435]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: الاستفتاءات الشرعيّة، ص 139.


) [436]) ظ الحكيم، السيّد محمّد سعيد: الفتاوى (أسئلة وأجوبة)، ص 164.


) [437]) استفتاء شفويّ مقدّم لمكتب سماحته.


) [438]) ظ الفيّاض، الشيخ محمّد إسحاق: الاستفتاءات الشرعيّة (المعاملات)، ص 139.


) [439]) ظ الحكيم، السيّد محمّد سعيد: الفتاوى (أسئلة وأجوبة)، ص 180 – 181.


) [440]) م. ن، ص 253. ظ فقه المرأة المسلمة، ص 80 – 81.


تعليقات