استصحاب الكلّيّ

سماحة الشيخ عباس السراج


 وفيه مطالب أربعة وتمهيد :

المطلب الأوّل : القسم الأوّل من استصحاب الكلّيّ .وفيه :

المقصد الأوّل : مورد جريانه ، وحجّيّته.

المقصد الثاني  : في كفاية استصحاب الفرد عن استصحاب الكلّي


المطلب الثاني : القسم الثاني من استصحاب الكلّيّ .وفيه :

المقصد الأوّل : مورد جريانه ، والأقوال في حجّيّته وأدلّتها.

المقصد الثاني  : الإشكالات في جريان الاستصحاب فيه ، وجوابها .


المطلب الثالث : القسم الثالث من استصحاب الكلّيّ .وفيه :

المقصد الأوّل : مورد جريانه ، والأقوال في حجّيّته وأدلّتها.

المقصد الثاني  : استثناء بعض الموارد عن عدم حجّيّة الاستصحاب فيه .


المطلب الرابع : القسم الرابع من استصحاب الكلّيّ  .وفيه :

المقصد الأوّل : مورد جريانه .

المقصد الثاني  : الفرق بين هذا القسم والأقسام السابقة .

المقصد الثالث : الأقوال في حجّيّته ، وأدلّتها.


تمهيد

إنَّ المتيقّن السابق – أعني به المستصحب – على نحوين:

الأوّل: أنْ يكون جزئيّاً.                                                                     الثاني: أنْ يكون كلّيّاً.

ومثال المستصحب الجزئيّ كاستصحاب حياة زيد من الموضوعات، أو استصحاب أحد الأحكام كاستصحاب وجوب صلاة الجمعة – مثلاً –. ولا إشكال عند القائلين بحجّيّة الاستصحاب – وهم مشهور الأصوليّين – في جريان الاستصحاب في الجزئيّ – حكماً كان أم موضوعاً –. وأمّا استصحاب الكلّيّ فعند الشيخ الأنصاريّ ومشهور مَنْ تأخّر عنه أنّه على أقسام ثلاثة، وقد أضاف السيّد الخوئيّ ([1]) له قسماً رابعاً، فصارت أربعة أقسام.

ولا يخفى أنَّ محل النزاع في هذا المبحث هو ما إذا كان الأثر الشرعيّ مترتّباً على نفس الجامع (الكلّيّ) بلا دخل للخصوصيّات الفرديّة فيه كحرمة مسّ الكتاب المجيد المترتّبة على عنوان المحدث كما قيل باستفادته من قوله تعالى:            [ لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ] ([2])؛ لظهور تعليق الحكم الترخيصيّ على الأمر الوجوديّ في حرمة مسّه على غير المتطهّر (أعني المحدث)، سواء أكان محدثاً بالحدث الأكبر أم الأصغر، فلو علم بالحدث وشكَّ في ارتفاعه بالوضوء فقط جرى استصحاب الكلّيّ على تفصيل سيأتي بيانه.

وإذا كان الأثر للخصوصيّة كـ:


·    حرمة المكث في المسجد المترتّبة على الحدث الأكبر.


·    والعبور عن المسجدين (الحرام والنبويّ) المترتّب على الحدث الأكبر.


فاللازم استصحاب الخصوصيّة؛ لكون موضوع الحكمين المتقدّمين المحدث بالحدث الأكبر فقط.


نعم إذا شكَّ المجنب في ارتفاع حدثه وأراد الدخول في الصلاة فعليه استصحاب الجامع (الكلّيّ)؛ لعدم ترتّب هذا الأثر على الخصوصيّة. وبالجملة: فاللازم في جريان الاستصحاب في الكلّيّ والفرد مراعاة ما هو موضوع الأثر ([3]).


فالشكُّ في بقاء الكلّيّ:


· تارة ينشأ من احتمال ارتفاع الفرد المعيّن الذي وجد الكلّيّ في ضمنه، كما إذا علم بوجوب صلاة الجمعة مثلاً وشكَّ في ارتفاعه زمان الغَيْبة، فإنَّ الشك في بقاء الطلب الجامع بين وجوب صلاة الجمعة وغيرها ناشٍ من الشكِّ في بقاء فرده المعلوم حدوثه وهو وجوب صلاة الجمعة. وهذا هو القسم الأوّل.


· وأخرى ينشأ من تردّد الفرد الذي وجد الكلّيّ في ضمنه بين معلوم البقاء إنْ كان طويل العمر وبين معلوم الارتفاع إنْ كان قصير العمر، كما إذا فرض أنَّ الوجوب إنْ كان متعلّقاً بالجمعة فقد ارتفع بعد مضي ساعة من الزوال، وإنْ كان متعلّقاً بالظهر فهو باقٍ إلى غروب الشمس، فالشكُّ في بقاء طبيعيّ الوجوب ناشٍ من تردّد الوجوب الحادث بين ما هو معلوم البقاء وبين ما هو معلوم الزوال. وهذا هو القسم الثاني.


· وثالثةً ينشأ من احتمال حدوث فرد آخر من أفراد الكلّيّ مقارناً لوجود فرده الذي علم بحدوثه وارتفاعه، أو مقارناً لارتفاعه، فالشكُّ في بقاء الكلّيّ ناشٍ عن احتمال حدوث فرد آخر غير الفرد المعلوم حدوثاً وارتفاعاً. ففي هذا القسم لا شكَّ في ناحية الفرد المتيقّن؛ إذ أنّه معلوم الحدوث والزوال، فالشكُّ في بقاء الكلّيّ حينئذٍ ناشٍ عن احتمال حدوث فرد آخر من أفراد الكلّيّ. وهذا هو القسم الثالث.


المطلب الأوّل: القسم الأوّل من استصحاب الكلّيّ: وفيه


 


المقصد الأوّل: مورد جريانه، وحجّيّته


أوّلاً: مورد جريانه: أنْ يكون الشكُّ في بقاء الكلّيّ من جهة الشكِّ في بقاء الفرد الذي كان الكلّيّ متحقّقاً في ضمنه، كما إذا علم بوجود الإنسان في ضمن زيد، ثمَّ شكَّ في بقاء الإنسان من جهة الشكِّ في بقاء زيد.


وبعبارة أخرى: أنْ يحصل العلم بوجود الكلّيّ (الإنسان مثلاً) في ضمن فرد معيّن (كزيد مثلاً)، ثمَّ حصل شكٌّ في بقاء الكلّيّ من جهة الشكِّ في بقاء ذلك الفرد.


والمثال الشرعيّ لهذا القسم: ما إذا أجنب الشخص وتيقّن بالجنابة وبتبع ذلك تيقّن بكلّيّ الحدث ثمَّ شكَّ في رفع الجنابة ([4]).


ثانياً: حجّيّته: لا إشكال في هذا القسم في جريان:


1 – استصحاب الفرد، فيستصحب وجود زيد في المثال الأوّل، كما تستصحب الجنابة في المثال الثاني ([5]).


2 – استصحاب الكلّيّ، فيستصحب وجود كلّيّ الإنسان في المثال الأوّل وترتيب أثره – إذا كان الأثر مترتّباً على الكلّيّ –، كما يستصحب كلّيّ الحدث في المثال الثاني، ومقتضى ذلك عدم صحّة الصلاة وكلّ ما هو مشروط بالطهارة – كالطواف ونحوه – ([6]).


فالنتيجة: أنّه لا إشكال في هذا القسم من جريان استصحاب:


·  الفرد.


·  والكلّيّ.


وترتيب جميع الآثار الشرعيّة عليهما.


المقصد الثاني: في كفاية استصحاب الفرد عن استصحاب الكلّي


اختلفت أنظار الأعلام في أنَّ استصحاب الفرد هل يغني ويكفي عن استصحاب الكلّيّ مطلقاً أو لا يكفي كذلك (أي مطلقاً) أو فيه تفصيل ؟ والاحتمالات في المقام أربعة:


الاحتمال الأوّل: كفاية استصحاب الفرد عن استصحاب الكلّيّ. واختاره الشيخ ناصر مكارم الشيرازي (معاصر) بعد ما نسبه إلى أكثر المحقّقين ([7]). واُستدل عليه: بأنَّ الكلّيّ متّحدٌ مع فرده في الخارج، وأنَّ وجود الطبيعيّ في الخارج عين وجود أفراده، فيكفي استصحاب الفرد – كزيد مثلاً – لترتّب جميع آثار الكلّيّ – وهو الإنسان في المثال –.


وعليه فالكلّيّ لا يفترق في هذا القسم عن فرده؛ لما تقرّر في علم المنطق من اتّحاد الكلّيّ الطبيعيّ مع أفراده، وأنَّ وجود الطبيعيّ عين وجود أفراده، وحينئذٍ فآثار الكلّيّ تترتّب على فرده، فمَنْ تيقّن بالجنابة ثمَّ شكَّ في الطهارة عنها يستصحب بقاء الجنابة، ويرتّب عليها:


أ – عدم المكث في المسجد، الذي هو من آثار فرد الجنابة.


ب – عدم صحة الصلاة التي هي من آثار مطلق الحدث.


الاحتمال الثاني: عدم كفاية استصحاب الفرد عن استصحاب الكلّيّ، وتبنّاه المحقّق الأصفهانيّ.


واستدل عليه: باختلاف الحيثيّتين؛ فإنَّ حيثيّة الفرد – الجنابة مثلاً – تغاير وتباين حيثيّة الكلّيّ – كلّيّ الحدث في المثال –، فالفرد والكلّيّ عنوانان متباينان ومتغايران عقلاً، ولكلِّ واحد منهما آثار غير آثار الآخر، والتعبّد بشيٍ لا معنى له إلاَّ التعبّد بنفس آثاره، ولا يعقل أنْ يعبّدنا الشارع بشيء ومن ثَمَّ التعبّد بأثر غيره ([8]).


تعقيب ومناقشة : يبدو أنَّ ما ذكره الأصفهانيّ قابلٌ للمناقشة، فإننا وإنْ سلّمنا أنَّ هناك تباين وتغاير بين الفرد والكلّيّ بالدقّة العقليّة، ولكنّهما – أي الفرد والكلّيّ – واحدٌ بنظر العرف؛ فإنَّ العرف يرى وحدة بين حيثيّة الفرد – الجنابة – وحيثيّة الكلّيّ – الحدث –، ولا إشكال في أنَّ المعتبر في الاستصحاب إنّما هو الوحدة العرفيّة لا العقليّة الدقّيّة.


وعليه فالفرد هو عين الكلّي، والكلّيّ هو عين الفرد في الخارج، لا أنّهما شيئان متباينان ومتغايران.


الاحتمال الثالث: التفصيل بين الفرد الساري (+) فيكفي استصحاب الفرد عن استصحاب الكلّيّ، وبين صرف الوجود (+ +) [9] فلا يكفي استصحاب الفرد عن استصحاب الكلّيّ.


واُستدل له: بأنَّ المستصحب الكلّيّ إذا كان وجوده سارياً في أفراده مثل كلّيّ الحدث في قولنا: (إنْ كنت محدثاً فلا تصلِّ) – إذ أنَّ الحكم بعدم جواز الصلاة تعلّق بكلّيّ الحدث ومنه سرى إلى أفراده – فإنّه يكون حينئذٍ من قبيل القضيّة الحقيقيّة، وهذا معناه أنَّ الكلّيّ متّحدٌ مع فرده، فاستصحاب فرده مغنٍ عن استصحاب نفسه.


وأمّا إذا كان من قبيل صرف الوجود كمقدار النصاب في الزكاة أي عشرين مثقالاً مثلاً – إذ أنَّ الزكاة تجب بمجرّد تحقّق صرف الوجود من هذا المقدار – أي يكون لا بشرط بالنسبة إلى الأكثر من صرف الوجود، فلا يكفي استصحاب الفرد عن استصحاب الكلّيّ.


تعقيب ومناقشة : تبيّن من خلال مناقشة الاحتمال الثاني أنَّ وجود الكلّيّ عين وجود فرده عرفاً، والتعدّد بين الفرد والكلّيّ إنّما هو في الوجود الذهنيّ والتحليل العقليّ، سواء كان الكلّيّ من قبيل الوجود الساري أو صرف الوجود، لا أنَّ التعدّد في الخارج.


الاحتمال الرابع: التفصيل بين الاستصحاب في الشبهة الحكميّة فيكفي استصحاب الفرد عن استصحاب الكلّيّ، وبين الاستصحاب في الشبهة الموضوعيّة فلا يكفي استصحاب الفرد عن استصحاب الكلّيّ.


واُستدل له: بأنَّ الشارع المقدّس في الشبهة الحكميّة جعل حكماً مماثلاً للواقع، ففي مورد استصحاب وجوب صلاة الجمعة – مثلاً – جعل وجوباً ظاهريّاً مماثلاً لوجوبها الواقعيّ، ولا إشكال في أنَّ الحكم المجعول كوجوب صلاة الجمعة يكون مصداقاً للفرد ولكلّيّ الطلب معاً، فيكفي استصحاب الوجوب عن استصحاب كلّيّ الطلب، بخلاف الشبهة الموضوعيّة كالجنابة؛ إذ أنَّ حيثيّة الجنابة تغاير وتباين حيثيّة الحدث.


تعقيب ومناقشة : تبيّن من خلال مناقشة الاحتمالين الثاني والثالث أنَّ وجود الكلّيّ عين وجود فرده عرفاً، والتعدّد بين الفرد والكلّيّ إنّما هو في الوجود الذهنيّ والتحليل العقليّ لا في الخارج، سواء كانت الشبهة حكميّة أو موضوعيّة. وفي ضوء ما تقدّم فالاحتمال بل القول الأوّل هو الأحرى بالقبول .


المطلب الثاني: القسم الثاني من استصحاب الكلّيّ


وفيه:


المقصد الأوّل: مورد جريانه، والأقوال في حجّيّته، وأدلّتها


أوّلاً: مورد جريانه: فيما إذا علم بوجود الكلّيّ في ضمن فرد مردّد بين طويل البقاء وقصير البقاء فيشكّ في بقاء الكلّيّ بعد مضيّ (انتهاء) زمان الفرد القصير.


والمثال الشرعيّ لهذا القسم: ما إذا علم بخروج سائل مردّد بين البول والمنيّ، فإنّه يحصل له اليقين بحدوث كلّيّ الحدث المردّد بين الأصغر والأكبر، فإذا توضّأ فسوف يحصل له الشكّ في بقاء الحدث الكلّيّ؛ إذ لو كان السائل الذي خرج منه بولاً فحدثه أصغر وقد ارتفع بالوضوء جزماً، وإنْ كان السائل الذي خرج منه منيّاً فحدثه أكبر باقٍ ولم يرتفع بالوضوء قطعاً.


 


ثانياً: الأقوال في حجّيّته، وأدلّتها


اختلفت أقوال الأصوليّين في جريان استصحاب الكلّيّ في هذا القسم على قولين:


الأوّل: ما يظهر من المحقّق أبو القاسم القمّيّ من عدم جريان استصحاب:


أ – الكلّيّ في هذا القسم.


ب – الفرد فيه.


قال في القوانين: (إنَّ الاستصحاب يتّبع الموضوع وحكمه في مقدار قابلية الامتداد وملاحظة الغلبة فيه، فلابدَّ من التأمّل في أنّه كلّيٌّ أو جزئيٌّ، فقد يكون الموضوع الثابت حكمه أوّلاً مفهوماً كلّيّاً مردّداً بين أمور، وقد يكون جزئيّاً حقيقيّاً معيّناً، وبذلك يتفاوت الحال؛ إذ قد يختلف أفراد الكلّيّ في قابلية الامتداد ومقداره، فالاستصحاب حينئذٍ ينصرف إلى أقلّها استعداداً للامتداد... أنّا إذا علمنا أنَّ في الدار حيواناً، لكن لا نعلم أنّه أيُّ نوع هو، من الطيور أو البهائم أو الحشار أو الديدان ؟ ثمَّ غِبنا عن ذلك مدّةً، فلا يمكن لنا الحكم ببقائه في مدّة يعيش فيها أطولُ الحيوان عمراً، فإذا احتمل كون الحيوان الخاصّ في البيت عصفوراً أو فأرة أو دود قَزٍّ، فكيف يحكم – بسبب العلم بالقدر المشترك – باستصحابها إلى حصول زمان ظنّ بقاء أطول الحيوانات عمراً)([10]).


الثاني: ما تبنّاه الشيخ الأنصاريّ ([11]) تبعاً إلى المشهور، ووافقه عليه مَنْ تأخّر عنه من التفصيل بين استصحاب الكلّيّ فيجري دون استصحاب الفرد ([12]).


والدليل على جريان استصحاب الكلّيّ: تماميّة أركان الاستصحاب من:


أ – اليقين بالحدوث.                                                                           ب – والشكّ في البقاء.


ويترتّب على هذا الاستصحاب آثار كلّيّ الحدث مثل حرمة مسّ المصحف، وعدم جواز الدخول في الصلاة ونحوهما ([13]).


وأمّا آثار الفرد كآثار خصوص الحدث الأكبر (الجنابة)، أو الأصغر (البول) فلا تترتّب: مثل حرمة دخول المسجد المترتّبة على خصوص الحدث الأكبر، فلا يحرم قبل الغسل ما يحرم على الجنب من دخول المساجد وقراءة العزائم الأربعة، فالجنابة (الفرد) لا يجري استصحابها؛ لعدم اليقين بحدوثها، كما أنَّ الحدث الأصغر (الفرد) لا يجري استصحابه؛ لعدم اليقين بحدوثه ([14])، وأنَّ كلَّ فرد منهما بحكم تردّده غير متيقّن فلا يكون موضعاً لروايات باب الاستصحاب ([15]).


والظاهر أنَّ ما ذكره الشيخ الأنصاريّ من التفصيل بين الكلّيّ فيجري فيه الاستصحاب دون فرده هو الأحرى بالقبول .


 


المقصد الثاني: الإشكالات في جريان الاستصحاب في القسم الثاني، وجوابها


تقدّم أنَّ استصحاب الكلّيّ جارٍ في هذا القسم على رأي المشهور، إلاَّ أنّه قد يرد إشكالات على جريانه منها:


الإشكال الأوّل: إنَّ المراد من الكلّيّ في المقام هو الكلّيّ الطبيعيّ الموجود بوجود أفراده بحيث ينتفي بانتفاء فرده إمّا وجداناً أو تعبّداً، ومن الواضح أنَّ الفرد الذي وجد الكلّيّ في ضمنه مردّدٌ بين:


أ – ما هو متيقّن الارتفاع، وهو الحدث الأصغر.


ب – وما هو مشكوك الحدوث من الأوّل (البداية)، وهو الحدث الأكبر.


فإنْ كان الفرد الذي وجد الكلّيّ في ضمنه:


1 – بولاً، فلا شكَّ في عدم بقائه بسبب الوضوء، وبالتالي أنخرم الركن الثاني من الاستصحاب وهو الشكّ في البقاء.


2 – منيّاً، فلا يقين بحدوثه من الأوّل، والأصل يقتضي عدمه؛ لأنَّ الأصل عدم حدوثه، وبالتالي أنخرم الركن الأوّل من الاستصحاب وهو اليقين بالحدوث.


فالنتيجة: أنَّ الكلّيّ يكون مرتفعاً:


1 – إمّا وجداناً إذا كان الفرد الذي تحقّق في ضمنه قصيراً (بولاً).


2 – أو بالأصل (تعبّداً) إذا كان الفرد الذي تحقّق في ضمنه طويلاً (منيّاً).


وعليه فلا شكَّ في بقاء الكلّيّ حتّى يُستصحب ([16]).


جواب الإشكال


إنَّ تردّد الفرد لا يضرّ باستصحاب الكلّيّ المتحقّق في ضمن ذلك الفرد؛ وذلك لعدم إخلال ذلك التردّد باليقين بحدوث الكلّيّ والشكّ في بقائه، فيجري استصحاب الكلّيّ؛ لاجتماع أركانه من اليقين السابق والشكّ اللاحق ([17]).


وبعبارة أخرى: إنَّ ما هو معلوم الارتفاع – إمّا وجداناً أو تعبّداً – هو الحصّة من الكلّيّ بما لها من الخصوصيّات والتعيّن الخاصّ، التي لا يقين بحدوثها أيضاً، فلا يتحقّق في الحصّة الركنان الأوّل والثاني معاً، وأمّا ذات الكلّيّ الطبيعيّ لا بما لها من التعيّن الخاصّ بهذا الفرد أو ذاك الفرد فمتيقّنة الحدوث في الزمان الأوّل ومشكوكة البقاء في الزمان الثاني؛ إذ لا علم لنا بارتفاعها، بل يشكُّ في ارتفاعها وبقائها من جهة القطع واليقين بزوال الفرد القصير واحتمال بقائها في ضمن الفرد الطويل، وارتفاع الفرد – القصير – لا يقتضي إلاَّ ارتفاع الحصّة المتعيّنة به ([18]).


فالتردّد بين الفردين إنّما يضرّ باستصحاب نفس الفرد؛ وذلك لإخلال هذا التردّد باليقين الذي هو أحد أركان الاستصحاب؛ لأنَّ كلَّ فرد من الفردين مشكوك الحدوث في نفسه؛ إذ لا يقين بوجود هذه الحصّة الخاصّة (أي الفرد)، ولا يقين بوجود تلك الحصّة الخاصّة، فيختلّ اليقين بالحدوث الذي هو أحد أركان الاستصحاب، فلا يجري استصحاب أيّ من الفردين ([19]).


تطبيق فقهيّ : وفي ضوء ما تقدّم فيجب رعاية التكاليف المعلومة إجمالاً المترتّبة على الفردين، ولكن لا من باب استصحاب أحد الفردين، بل من باب العلم الإجماليّ بوجود تلك التكاليف الموجبة لتنجّزها، فإذا فرض أنَّ للبول أثراً يختصّ به كالغسل مرّتين، كما أنَّ للجنابة أثراً يختصّ بها من حرمة اللبث في المساجد وعدم قراءة العزائم، فحينئذٍ يجب غسل موضع ملاقاة المائع المردّد بين البول والمني مرّتين؛ لاحتمال كونه بولاً، ولا يجب الاجتناب عن اللبث في المساجد وقراءة العزائم؛ لاحتمال كونه منيّاً ([20]).


 


الإشكال الثاني: إنَّ استصحاب الكلّيّ وإنْ كان جارياً في حدّ نفسه؛ لتوفّر أركانه، لكنّه مُبتلى بالحاكم عليه؛ وذلك لأنَّ الشكَّ في بقاء الكلّيّ ناشئٌ ومسببٌ عن الشكِّ في حدوث الفرد الطويل، ففي المثال المتقدّم الشكّ في بقاء كلّيّ الحدث مسبّبٌ عن الشكِّ في حدوث المنيّ؛ لفرض أنَّ المكلّف توضّأ ولم يغتسل، فشكّه يكون من جهة احتمال أنَّ السائل الذي خرج منه منيٌّ، فلأجل احتمال حدوث المنيّ نحتمل بقاء الحدث الكلّيّ، فإذا استصحبنا عدم حدوث المنيّ فلا يبقى مجالٌ لاستصحاب كلّيّ الحدث؛ لأنَّ استصحاب عدم حدوث المنيّ أصلٌ سببيٌ، واستصحاب كلّيّ الحدث أصلٌ مسبّبيٌ، والأصل السببي حاكمٌ على الأصل المسبّبي؛ إذ بأصالة عدم حدوث المنيّ يثبت عدم حدوث المنيّ ويحصل العلم تعبّداً بعدم بقاء كلّيّ الحدث، ومعه لا يجري استصحاب كلّيّ الحدث؛ لارتفاع موضوعه وهو الشكّ في البقاء وتبدّله إلى العلم بعدم البقاء ([21]).


 


جواب الإشكال


أوّلاً: إنَّ الشكَّ في بقاء الكلّيّ وارتفاعه ليس مسبّباً عن الشكِّ في حدوث الفرد الطويل وعدم حدوثه، بل مسبّبٌ عن الشكِّ في خصوصيّة الفرد الحادث وأنّه هل الفرد القصير ليكون مرتفعاً قطعاً أو الفرد الطويل ليكون باقياً جزماً ؟ وبما أنّه لا أصل يعيّن كيفيّة الحادث؛ لعدم وجود حالة سابقة، فلا مانع من جريان استصحاب الكلّيّ ([22]).


وبعبارة أخرى: إنَّ الشكَّ في بقاء الحدث الكلّيّ وارتفاعه ليس مسبّباً عن الشكِّ في حدوث المنيّ وعدم حدوثه كي إذا اقتضى الأصل عدم حدوث المنيّ ثبت ارتفاع كلّيّ الحدث، بل إنَّ الحدث الكلّيّ مسبّبٌ عن الشكِّ في كون الحادث المعلوم بالإجمال هو المنيّ المتيقّن البقاء أو البول المتيقّن الارتفاع، ومن الواضح أنّه لا أصل لنا يعيّن حال الحدث وأنّه منيّاً ليترتّب عليه البقاء، أو بولاً ليترتّب عليه الارتفاع ([23]).


تعقيب ومناقشة : إنَّ الجواب المتقدّم مبتنٍ على عدم جريان الأصل في العدم الأزليّ، وأمّا مع القول بجريانه            – كما هو مختار بعض الأصوليّين منهم السيّد الخوئيّ ([24]) – فلا مانع من جريان أصل عدم كون الحادث طويلاً .


 


ثانياً: إنَّ بقاء الحدث الكلّيّ عين بقاء المنيّ؛ فإنَّ الكلّيّ عين الفرد لا أنّه من لوازمه ومسبّبٌ عنه فلا تكون هناك سببيّة ومسبّبيّة؛ لأنَّ السببيّة الموجبة لتقدّم الأصل السببي على المسبّبي إنّما تكون بين الملزوم ولوازمه، وفي المقام فإنَّ الكلّيّ عين أفراده، وليس له وجودٌ منحازٌ عن وجود أفراده، فكيف يكون من لوازمه ([25]) ؟!!.


 


 


تعقيب ومناقشة : إنَّ أصالة عدم حدوث الفرد الطويل لو كانت مانعةً عن استصحاب الكلّيّ بناءً على السببيّة فهي مانعةٌ بطريق أولى على القول إنَّ الفرد عين الكلّيّ.


ثالثاً: إنَّ الأصل السببي المفروض في المقام مُبتلى بالمعارض؛ وذلك لمعارضة أصالة عدم حدوث المنيّ بأصالة عدم حدوث البول، فيسقطان بالتعارض وتصل النوبة إلى الأصل المسبّبي فيجري؛ لعدم نهوض ما يصلح للحكومة عليه ([26]).


تعقيب ومناقشة


إنَّ دوران الأمر بين الفرد الطويل والقصير يتصوّر على وجهين:


الأوّل: أنْ يكون لكلِّ من الفردين أثرٌ مختصٌّ به، ويكون لهما أثرٌ مشتركٌ أيضاً، فحينئذٍ وإنْ كان ما ذكر من تعارض الأصلين صحيحاً، إلاَّ أنّه لا فائدة في جريان الاستصحاب في الكلّيّ؛ لتنجّز الآثار الشرعيّة بواسطة العلم الإجماليّ، فيجب رعاية الاحتياط وترتيب آثار الكلّيّ.


الثاني: أنْ يكون للفردين القصير والطويل أثرٌ مشتركٌ، ويكون للفرد الطويل فقط أثرٌ مختصٌّ به، من دون أنْ يكون للفرد القصير أثرٌ مختصٌّ به، فحينئذٍ يكون أصالة عدم حدوث الفرد الطويل – وهو الأصل السببي – بلا معارض، فيكون حاكماً على استصحاب الكلّيّ؛ لعدم جريان الأصل في الفرد القصير، إذ لا يترتّب أثرٌ عليه ([27]).


رابعاً: أنّه لو سُلّم كون بقاء الكلّيّ مسبّباً عن الشكِّ في حدوث المنيّ، إلاَّ أنَّ مجرّد السببيّة لا تكفي في حكومة الأصل السببي على الأصل المسبّبي؛ إذ الحكومة تتوقّف على أنْ يكون اللزوم والسببيّة شرعيّةً ناشئةً من جعل الشارع أحد الأمرين أثراً للآخر، ومن الواضح أنَّ الملازمة بين بقاء كلّيّ الحدث وحدوث المنيّ لو سلّمت فهي عقليّة لا شرعيّة، فتكون أصلاً مثبتاً، وقد تقّدم أنّه لا يكون حجّة؛ فإنَّ الشارع لم يجعل كلّيّ الحدث من آثار حدوث المنيّ، فدعوى الحكومة غير صحيحة ([28]).


 


فتحصّل من جميع ما تقدّم أنَّ ما ذُكر من جواب عن الإشكال لا تخلو من مناقشة ما خلا الجواب الرابع، وعليه فهذا الإشكال (الثاني) لا واقع له، ولا يرجع إلى معنى محصّل .


المطلب الثالث: القسم الثالث من استصحاب الكلّيّ


وفيه:


المقصد الأوّل: مورد جريانه، والأقوال في حجّيّته، وأدلّتها


أوّلاً: مورد جريانه: ما إذا علم بوجود الكلّيّ في ضمن فرد معيّن ثمَّ علم بزوال ذلك الفرد وشكَّ في بقاء الكلّيّ؛ لاحتمال حدوث فرد آخر:


أ – إمّا في ظرف وجود الفرد الأوّل.                                         ب – أو مقارناً لارتفاع الفرد الأوّل.


مثاله: ما لو علم بوجود الإنسان في الدار في ضمن زيد ثمَّ علم بخروج زيد من الدار واحتمل دخول عمرو فيها: إمّا في ظرف وجود زيد فيها، أو مقارناً لخروجه منها.


فتحصّل أنَّ هذا القسم من استصحاب الكلّيّ فيه صورتان:


الأولى: أنْ يحتمل حدوث الفرد الآخر (عمرو) في ظرف وجود الفرد الأوّل (زيد)، كما إذا علمنا بوجود الإنسان في الدار للعلم بوجود زيد فيها، ثمَّ علم بخروج زيد من الدار واحتمل دخول عمرو فيها قبل خروج زيد منها.


الثانية: أنْ يحتمل حدوث الفرد الآخر – عمرو – مقارناً لارتفاع الفرد الأوّل.


 


ثانياً: الأقوال في حجّيّته، وأدلّتها: إنَّ في حجّيّة الاستصحاب في هذا القسم أقوال ثلاثة:


القول الأوّل: عدم الحجّيّة مطلقاً، وهو المشهور والمعروف بين الأصوليّين، واختاره أيضاً الآخوند الخراسانيّ ([29])، والمحقِّقين النائينيّ ([30]) والعراقيّ ([31]) والأصفهانيّ ([32])، والسيّدين الخوئيّ ([33]) والخمينيّ ([34]).


دليل هذا القول: إنَّ الوجود المتيقّن للكلّيّ قد علم بارتفاعه، والمشكوك هو وجود فرد آخر غير الوجود الأوّل؛ فإنَّ وجود الكلّيّ وإنْ كان بوجود فرده إلاَّ أنَّ وجود الكلّيّ في ضمن المتعدّد من أفراده ليس من نحو وجود واحد للكلّيّ الطبيعيّ حتّى يجري الاستصحاب باعتبار هذا الوجود الواحد، بل يتعدّد وجود الكلّيّ بتعدّد وجود أفراده، باعتبار أنَّ الكلّيّ الطبيعيّ يكون موجوداً ضمن أفراده بنحو الحصص لا بنحو الوجود الواحد الموجود ضمن الكثير، ففي كلِّ فرد من أفراده توجد حصّة منه، وتكون نسبته إلى أفراده نسبة الآباء المتعدّدين إلى الأبناء المتعدّدين، وليس نسبة الأب الواحد إلى الأبناء المتعدّدين (+).   قال الحكيم ملاّ هادي السبزواريّ (ت 1289 هـ):


ليس الطبيعيّ مع الأفراد كالأب                                                        بل آباء مع الأولاد ([35])


فالشكُّ في الحقيقة ليس شكّاً في بقاء ما هو المتيقّن بل شكّاً في الحادث، وفي مثله لا يجري الاستصحاب؛ باعتبار أنَّ الحصّة من الإنسان الموجودة في ضمن زيد يعلم بارتفاعها فلا يمكن جريان استصحابها، والحصّة من الإنسان ضمن عمرو يشكّ في أصل حدوثها، فلا يمكن جريان استصحابها أيضاً ([36]).


القول (الوجه) الثاني: الحجّيّة مطلقاً، وقد وصف الشيخ ناصر مكارم الشيرازيّ هذا الوجه بأنّه (لا نعرف مَنْ يقول به بالاسم والعنوان) ([37]).


القول الثالث: التفصيل بين الصورة الأولى فيجري استصحاب الكلّيّ فيها، وبين الصورة الثانية فلا يجري الاستصحاب. وتبنّى الشيخ الأنصاريّ هذا التفصيل.


دليل هذا القول: إنَّ الصورة الأولى يحتمل أنْ يكون الثابت في الزمان اللاحق هو عين ونفس الموجود سابقاً بخلاف الصورة الثانية فلا يحتمل فيه ذلك، فيجري الاستصحاب في الصورة الأولى دون الثانية.


وإلى ذلك أشار الشيخ الأنصاريّ بقوله: (... لاحتمال كون الثابت في الآن اللاحق هو عين الموجود سابقاً، فيتردّد الكلّيّ المعلوم سابقاً بين أنْ يكون وجوده الخارجي على نحو لا يرتفع بارتفاع الفرد المعلوم ارتفاعه، وأنْ يكون على نحوٍ يرتفع بارتفاع ذلك الفرد، فالشكُّ حقيقة إنّما هو في مقدار استعداد ذلك الكلّيّ، واستصحاب عدم حدوث الفرد


المشكوك لا يثبت تعيين استعداد الكلّيّ) ([38]).


تعقيب ومناقشة : يبدو أنَّ ما ذكره الشيخ الأنصاريّ قابلٌ للمناقشة من جهة أنَّ المتيقّن إنّما هو وجود كلّيّ الإنسان ضمن وجود زيد، وأمّا المشكوك فهو وجود كلّيّ الإنسان ضمن عمرو، فلا يكون هناك اتّحاد بين موضوع القضيّة المتيقّنة وبين موضوع القضيّة المشكوكة؛ لأنَّ الكلّيّ الطبيعيّ في ضمن فرد (زيد) يغاير الكلّيّ الطبيعيّ في ضمن فرد آخر (عمرو)، واتّحاد موضوع القضية المتيقّنة والمشكوكة – موضوعاً ومحمولاً – يكون شرطاً في جريان الاستصحاب . وعليه فلو قُطع بارتفاع ما علم وجوده من الأفراد لحصل عندنا قطعٌ بارتفاع وجود الكلّيّ، وإنْ شكَّ في وجود فرد آخر مقارن لوجود ذاك الفرد المعلوم الارتفاع، أو مقارن لارتفاعه، سواء أكان الشكُّ في:


أ – وجود الفرد نفسه دون ملاكه، كما إذا علم بارتفاع الوجوب وشُكَّ في حدوث الاستحباب مقارناً لوجوده أو ارتفاعه.


ب – أم كان الشكُّ في ملاكه، كما إذا علم بارتفاع الوجوب وشكَّ في حدوث ملاك الاستحباب – لا نفس الاستحباب – مقارناً لوجوده أو ارتفاعه.


فتحصّل من جميع ما تقدّم أنَّ ما ذكره المشهور من عدم جريان الاستصحاب مطلقاً في هذا القسم هو الأحرى بالقبول .


المقصد الثاني: استثناء بعض الموارد عن عدم حجّيّة الاستصحاب فيه


استثنى بعض الأعلام منهم الشيخ الأنصاريّ ([39])، والمحقِّقين النائينيّ ([40]) والعراقيّ ([41]) والأصفهانيّ ([42])، ما يتسامح فيه العرف، فيعدّون الفرد اللاحق مع الفرد السابق كالمستمرّ الواحد، وهو ما إذا كان الفردان من قبيل المرتبة الشديدة والمرتبة الضعيفة من شيءٍ واحد.      والأمثلة على ذلك كثيرة منها:


1 – كما إذا علم بثبوت كلّيّ السواد في ثوب؛ لاتّصافه بمرتبة شديدة منه، ثمَّ علم بزوال تلك المرتبة الشديدة وشكَّ في تبدّلها إلى مرتبة ضعيفة منه أو زوالها بالمرّة وحدوث لون آخر، فإنّه يستصحب السواد ([43]).


2 – ما إذا كان الشخص في مرتبة من كثرة الشكِّ – في الصلاة أو الطهارة ونحوهما –، ثمَّ شكَّ – سواء كان من جهة اشتباه المفهوم أم المصداق – في زوال صفة كثرة الشكِّ أو تبدّلها إلى مرتبة دونها.


3 – ما إذا علم إضافة المائع وأنّه من أقسام الماء المضاف، ثمَّ شكَّ في زوال صفة الإضافة أو تبدّلها إلى فرد آخر من المضاف ([44]). وبعبارة أخرى: من ملاحظة الأمثلة المتقدّمة فإنَّ العبرة في جريان الاستصحاب عدُّ الموجود السابق مستمرّاً إلى الزمان اللاحق بنظر العرف، ولو كان مغايراً معه بالدقّة العقليّة ([45]).


 


المطلب الرابع: القسم الرابع من استصحاب الكلّيّ. وفيه:


المقصد الأوّل: مورد جريانه


ما إذا علمنا بوجود فرد معيّن، وعلمنا بارتفاع هذا الفرد، ولكن علمنا بوجود فرد معنون بعنوان:


أ – يحتمل انطباقه على الفرد الذي علمنا ارتفاعه.                  ب – كما يحتمل انطباقه على فرد آخر أيضاً.


فلو كان العنوان المذكور منطبقاً على الفرد المرتفع (فرع أ) فقد ارتفع الكلّيّ.


وإنْ كان منطبقاً على غيره (فرع ب) فالكلّيّ باقٍ.


مثاله: ما إذا علمنا بوجود زيد في الدار، وعلمنا بوجود متكلّم فيها، ثمَّ علمنا بخروج زيد منها، ولكن احتملنا بقاء الإنسان فيها؛ لاحتمال أنْ يكون عنوان المتكلّم منطبقاً على فرد آخر.


ومثاله في الشرعيّات: ما إذا علمنا بتحقّق الجنابة ليلة الخميس – مثلاً –، واغتسلنا منها، ثمَّ رأينا المني في يوم الجمعة – مثلاً –، ولكن نحتمل أحد أمرين:


أ – أنْ يكون هذا المني من الجنابة التي اغتسلنا منها.                              ب – أنْ يكون من غيرها ([46]).


المقصد الثاني: الفرق بين هذا القسم والأقسام السابقة


1 – الفرق بين هذا القسم والقسم الأوّل واضحٌ؛ فإنَّ القسم الأوّل هو الذي علمنا فيه بوجود الكلّيّ بسبب وجود أحد أفراده، ثمَّ شككنا في بقاء الكلّيّ؛ لشكّنا في بقاء فرده. وأمّا في القسم الرابع فنعلم فيه مضافاً إلى ذاك بوجود عنوان آخر – غير العنوان المرتفع – نحتمل انطباقه على الفرد المرتفع، أو على فرد آخر ([47]).


2 – الفرق بين هذا القسم والقسم الثاني أنّه ليس هناك شكٌّ في بقاء ما حدث؛ لأنَّ أحد الفردين المحتملين مشكوك الحدوث من الابتداء وأحدهما مقطوع الارتفاع، بخلاف هذا القسم؛ إذ أنَّ ما علمنا بحدوثه محتمل البقاء، ولا علم لنا بارتفاعه.


3 – الفرق بين هذا القسم والقسم الثالث، أنّه في القسم الثالث يعلم بزوال ما حدث قطعاً، ويشكُّ في قيام فردٍ آخر مقامه، وأمّا في القسم الرابع فلا علم له بارتفاع ما حدث، بل يحتمل بقاء ما علم بتحقّقه كما يحتمل ارتفاعه ([48]).


 


المقصد الثالث: الأقوال في حجّيّته، وأدلّتها


اختلفت أنظار الأعلام في حجّيّة جريان الاستصحاب فيه وعدمها على أقوال ثلاثة:


الأوّل: أنَّ الاستصحاب جارٍ مطلقاً ولكنّه مبتلى بالمعارض غالباً، وهذا ما ذهب إليه السيّد الخوئيّ ([49]).


دليله: تماميّة أركان الاستصحاب؛ فإنَّ أحد العنوانين وإنْ ارتفع يقيناً إلاَّ أنَّ لنا يقيناً بوجود الكلّيّ في ضمن عنوان آخر، فنشكّ في ارتفاعه؛ لاحتمال انطباقه على فرد آخر غير الفرد المرتفع يقيناً، فإذا علمنا بأنَّ زيداً كان في الدار، ثمَّ سمعنا قراءة القرآن من الدار واحتملنا أنَّ القارئ هو زيد أو غيره، ثمَّ خرج زيد عن الدار فحينئذٍ نقول: العلم بوجود كلّيّ الإنسان كان حاصلاً والآن نشكّ في بقائه؛ لاحتمال تعدّد الفردين:


أ – زيد.                                                                                           


ب – وقارئ القرآن.


فبعد اليقين بوجود الكلّيّ المشار إليه والشكّ في ارتفاعه فلا مانع من جريان الاستصحاب فيه.


 نعلم قد يُبتلى هذا الاستصحاب بالمعارض، كما إذا علمنا بتحقّق الجنابة ليلة الخميس – مثلاً –، واغتسلنا منها، ثمَّ رأينا المني في يوم الجمعة – مثلاً –، ولكن نحتمل أنْ يكون هذا المني من الجنابة التي اغتسلنا منها كما يحتمل أنْ يكون من غيرها ([50])، فاستصحاب كلّيّ الجنابة مع إلغاء الخصوصيّة وإنَّ كان جارياً في نفسه، إلاَّ أنّه معارضٌ باستصحاب الطهارة الشخصيّة، فإنّه على يقين بالطهارة حينما اغتسل من الجنابة، ولا يقين بارتفاعها؛ لاحتمال كون ذلك الأثر من تلك الجنابة، فيقع التعارض بينه وبين استصحاب الجنابة فيتساقطان، ولابدَّ من الرجوع إلى أصل آخر.


وأمّا في ما لا معارض له كما إذا علمنا بوجود زيد في الدار وبوجود متكلّم فيها يحتمل انطباقه على زيد وعلى غيره، فلا مانع من جريان استصحاب وجود كلّيّ الإنسان فيها، مع القطع بخروج زيد عنها إذا كان للكلّيّ أثرٌ شرعيٌّ.


وبالجملة: محلّ الكلام إنّما هو في جريان استصحاب الكلّيّ في نفسه مع قطع النظر عن المعارض، والمفروض جريانه؛ لتماميّة أركانه. وأمّا عدم الجريان من جهة الابتلاء بالمعارض، فهو مشتركٌ فيه بين هذا القسم والأقسام الآخر؛ فإنَّ الاستصحاب فيها أيضاً قد يُبتلى بالمعارض فلا يكون جارياً وقد لا يُبتلى بالمعارض ([51]).


فالنتيجة: جريان استصحاب بقاء الكلّيّ المحتمل انطباقه على الفردين، ويحكم بوجوب غسل الجنابة على مَنْ علم أنَّ هذا المني منه، وشكَّ في أنّه من جنابة سابقة اغتسل منها أو جنابة أخرى لم يغتسل لها؛ لتماميّة أركان الاستصحاب من اليقين والشكِّ .


الثاني: عدم جريان الاستصحاب في المقام، والحكم بعدم وجوب الغسل عليه في المثال المذكور آنفاً، وهو ظاهر أكثر الفقهاء ([52]).


دليله: التمسّك بعموم حديث: ((.. لا تنقض اليقين أبداً بالشكِّ..)) ([53]) في الشبهة المصداقيّة؛ فإنَّ المعروف عدم التمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة، فإنّه ممّا يحتمل أنْ يكون رفع اليد عن اليقين السابق من قبيل نقض اليقين باليقين؛ فإنَّ احتمال انطباق هذا الأثر – أي وجود المنيّ – على الجنابة المعلوم ارتفاعها بالغسل مساوقٌ لاحتمال تحقّق اليقين بارتفاع الجنابة الحادثة عند حدوث هذا الأثر.


وبعبارة أخرى: أنّه لابدَّ في جريان الاستصحاب من إحراز صدق عنوان نقض اليقين بالشكِّ على رفع اليد عن اليقين السابق، وفى المقام لم يُحرز هذا؛ لأنّه بعد اليقين بارتفاع الفرد المتيقّن واحتمال انطباق العنوان الآخر عليه، يحتمل أنْ يكون رفع اليد عن اليقين به من نقض اليقين باليقين، فلا يصحّ التمسّك بحرمة نقض اليقين بالشكِّ؛ فإنّه من التمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة، وهو ممّا لا يمكن القول به.


تعقيب ومناقشة


يبدو أنَّ احتمال الانطباق إنّما هو في نفس العنوان لا بوصف أنّه متيقّن؛ فإنّه بهذا الوصف يستحيل انطباقه على الفرد الأوّل بالضرورة، ففي المثال المتقدّم إنّما تحتمل انطباق نفس عنوان المتكلّم على زيد، إلاَّ أنّه بوصف أنّه متيقّنٌ لا يحتمل أنْ ينطبق عليه، فبعد اليقين بوجود المتكلّم في الدار لا يرتفع هذا اليقين باليقين بخروج زيد عنها، بل الشكّ في بقائه فيها موجودٌ بالوجدان، فلا مانع من جريان الاستصحاب فيه.


الثالث: التفصيل بين ما إذا علم بوجود فردين وشكَّ في تعاقبهما وعدمه فيجري فيه الاستصحاب، وبين ما إذا لم يعلم بوجود فردين، بل علم بوجود عنوانين يحتمل انطباقهما على فردين أو على فرد واحد فلا يجري فيه الاستصحاب. وتبنّى هذا التفصيل المحقّق رضا الهمدانيّ (ت 1322 هـ) ([54]).


دليله: يمكن التمثيل للحالة الأولى ما إذا علم أحدٌ بوضوئين وبحدث، ولكن لا يدري أنَّ الوضوء الثاني كان تجديديّاً ليكون الحدث بعدها وباقياً فعلاً، أو أنَّ الوضوء الثاني كان رافعاً للحدث ليكون متطهّرا فعلاً، فالوضوء الأوّل في هذا الفرض قد انتقض بالحدث يقيناً، وإنّما الشكُّ في بقاء الطهارة حين الوضوء الثاني؛ لاحتمال كونه بعد الحدث، إذ أنَّ هذا الشخص متيقّنٌ بالطهارة حينه:


أ – إمّا بسببيّة الوضوء الأوّل لو كان تجديديّاً.


ب – أو بسببيّّة الوضوء الأوّل لو كان رافعاً للحدث، وشاكٌّ في ارتفاعها. فلا مانع من استصحابها.


وكذا الحال فيما إذا علم بالجماع مثلاً مرّتين وبغسل واحد، لكن لا يدري أنَّ الجماع الثاني وقع:


أ – بعد الاغتسال حتّى يكون جنباً بالفعل.                              


ب – أو قبله ليكون متطهّراً بالفعل.


فهو يعلم بارتفاع الجنابة الحاصلة بالجماع الأوّل بالغسل، ويشكُّ في بقاء الجنابة حال الجماع الثاني؛ لاحتمال حدوثه بعد الغسل، وبما أنّه يعلم بجنابته حين الجماع الثاني ويشكّ في ارتفاعها، فلا مانع من استصحابها.


وهذا بخلاف الصورة الثانية، وهي ما إذا لم يعلم بوجود فردين، ولكنّه يعلم بعنوانين يحتمل انطباقهما على فرد واحد، كمَنْ رأى في ثوبه منياً واحتمل أنّه من جنابة أخرى غير التي اغتسل منها، فإنّه لا يجري فيه الاستصحاب؛ لأنَّ الجنابة المتيقّنة قد ارتفعت يقيناً، والجنابة الأخرى مشكوكة الحدوث من الأوّل ([55]).


تعقيب ومناقشة


يبدو أنَّ الاستصحاب جارٍ في الصورتين، والفرق الذي ذكره المحقّق الهمدانيّ ليس بفارق فيما هو ملاك الاستصحاب من تعلّق اليقين والشكّ بأمر واحد؛ وذلك لأنَّ الكلّيَّ متيقنٌ حين اليقين بوجود العنوان الثاني، وارتفاعه مشكوكٌ فيه؛ لاحتمال انطباق العنوان الثاني على فرد آخر غير الفرد المرتفع يقيناً، وما ذكره – من أنَّ أحد الفردين مرتفعٌ يقيناً والفرد الآخر مشكوك الحدوث – إنّما يقدح في جريان الاستصحاب في الفرد دون الكلّيّ؛ لتماميّة أركانه من اليقين في الحدوث والشكّ في البقاء بالنسبة إلى الكلّيِّ.


وعليه فلا مانع من جريان استصحاب بقاء الكلّيّ في هذا القسم، وتبيّن أنَّ قول السيّد الخوئيّ هو الأحرى بالقبول .


 



) [1]) ظ البهسوديّ، السيّد محمّد سرور: مصباح الأصول (تقرير بحث السيّد الخوئيّ)، 3 / 103 – 104 و 118 – 119.


) [2]) الرحمن: 79.


) [3]) ظ المروّج، السيّد محمّد جعفر: منتهى الدراية في توضيح الكفاية، 7 / 334.


) [4]) ظ المروّج، السيّد محمّد جعفر: منتهى الدراية في توضيح الكفاية، 7 / 337.


) [5]) ظ الشيرازيّ، السيّد محمّد: الأصول (مباحث الحجج والأصول العمليّة)، 2 / 288.


) [6]) ظ الخراسانيّ، محمّد كاظم: كفاية الأصول، 3 / 216. ظ الحكيم، السيّد محمّد تقي: الأصول العامّة للفقه المقارن، ص 453.


) [7]) ظ القدسيّ، الشيخ أحمد: أنوار الأصول (تقرير بحث الشيخ ناصر مكارم الشيرازي)، 3 / 339.


) [8]) ظ نهاية الدراية في شرح الكفاية، 5 / 136.


(+) المراد من الفرد الساري: هي الأفراد الداخلة تحت العموم الاستغراقيّ، فإنَّ حكم الجنابة عامٌّ يسري في جميع أفرادها.


(+ +) كما في الاستطاعة للحجِّ والنصاب في الزكاة ونحوهما، فإنَّ صرف وجود الاستطاعة يكفي لوجوب الحجِّ، كما أنَّ صرف وجود النصاب يكفي لوجوب الزكاة . ظ القدسيّ، أحمد: أنوار الأصول (تقرير بحث الشيخ ناصر مكارم الشيرازي)، 3 / 339.


) [10]) قوانين الأصول (الطبعة الحجريّة)، 1324 هـ، 2 / 69 – 73.


) [11]) ظ فرائد الأصول، 3 / 191 – 194.


) [12]) ظ الحكيم، السيّد محمّد تقي: الأصول العامّة للفقه المقارن، ص 453.


) [13]) ظ المروّج، السيّد محمّد جعفر: منتهى الدراية في توضيح الكفاية، 7 / 355.


) [14]) ظ الخراسانيّ، الآخوند محمّد كاظم: كفاية الأصول، 3 / 216.


) [15]) ظ الحكيم، السيّد محمّد تقي: الأصول العامّة للفقه المقارن، ص 453.


) [16]) ظ الأنصاريّ، الشيخ مرتضى: فرائد الأصول، 3 / 192. ظ الخراسانيّ، محمّد كاظم: كفاية الأصول، 3 / 217.


) [17]) ظ المظفّر، الشيخ محمّد رضا: أصول الفقه، ص 649 – 651.


) [18]) ظ الأصفهانيّ، الشيخ محمّد حسين: نهاية الدراية في شرح الكفاية، 3 / 168.


) [19]) ظ المروّج، السيّد محمّد جعفر: منتهى الدراية في توضيح الكفاية، 7 / 356.


) [20]) ظ الخراسانيّ، الآخوند محمّد كاظم: كفاية الأصول، 3 / 217 – 218.


) [21]) ظ الأنصاريّ، الشيخ مرتضى: فرائد الأصول، 3 / 193. ظ الكاظميّ، الشيخ محمّد عليّ: فوائد الأصول (تقرير بحث المحقّق النائينيّ)، 4 / 324. ظ الشيرازيّ، السيّد محمّد: الأصول (مباحث الحجج والأصول العمليّة)، 2 / 288.


) [22]) ظ الأنصاريّ، الشيخ مرتضى: فرائد الأصول، 3 / 193.


) [23]) ظ الخراسانيّ، الآخوند محمّد كاظم: كفاية الأصول، 3 / 218.


) [24]) ظ البهسوديّ، السيّد محمّد سرور الواعظ: مصباح الأصول (تقرير بحث السيّد الخوئيّ)، 48 / 126.


) [25]) ظ الخراسانيّ، الآخوند محمّد كاظم: كفاية الأصول، 3 / 218 – 219.


) [26]) ظ الكاظميّ، الشيخ محمّد عليّ: فوائد الأصول (تقرير بحث المحقّق النائينيّ)، 4 / 418.


) [27]) ظ البهسوديّ، السيّد محمّد سرور الواعظ: مصباح الأصول (تقرير بحث السيّد الخوئيّ)، 48 / 127 – 128.


) [28]) ظ الخراسانيّ، الآخوند محمّد كاظم: كفاية الأصول، 3 / 219.


) [29]) ظ كفاية الأصول، 3 / 220 – 221.


) [30]) ظ الكاظميّ، الشيخ محمّد عليّ: فوائد الأصول (تقرير بحث المحقّق النائينيّ)، 4 / 424.


) [31]) ظ البروجرديّ، الشيخ محمّد تقي: نهاية الأفكار (تقرير بحث المحقّق العراقيّ)، 4 / 134.


) [32]) ظ نهاية الدراية في شرح الكفاية، 3 / 177 – 178.


) [33]) ظ البهسوديّ، السيّد محمّد سرور الواعظ: مصباح الأصول (تقرير بحث السيّد الخوئيّ)، 3 / 114 – 116.


) [34]) ظ الرسائل، 1 / 132 – 133.


(+) بناءً على مختار الشيخ الرئيس ابن سينا وكلّ مَنْ تأخّر عنه من أنَّ العلاقة بين الكلّيّ الطبيعيّ وأفراده كالعلاقة بين الآباء المتعدّدين والأبناء المتعدّدين، خلافاً لما نسبه إلى الرجل الهمدانيّ من أنَّ العلاقة بينهما كالعلاقة بين الأب الواحد والأبناء المتعدّدين. ظ المظفّر، الشيخ محمّد رضا: أصول الفقه، ص 653.


) [35]) ظ شرح المنظومة، قسم الفلسفة، ص 99. ظ الطباطبائيّ، محمّد حسين: بداية الحكمة، ص 78. ظ نهاية الحكمة، ص 93.


) [36]) ظ الخراسانيّ، محمّد كاظم: كفاية الأصول، 3 / 220. ظ المروّج، السيّد محمّد جعفر: منتهى الدراية ، 7 / 356.


) [37]) القدسيّ، الشيخ أحمد: أنوار الأصول (تقرير بحث الشيخ ناصر مكارم الشيرازي)، 3 / 348.


) [38]) فرائد الأصول، 3 / 196.


) [39]) ظ فرائد الأصول، 3 / 196.


) [40]) ظ الكاظميّ، الشيخ محمّد عليّ: فوائد الأصول (تقرير بحث المحقّق النائينيّ)، 4 / 424.


) [41]) ظ البروجرديّ، الشيخ محمّد تقي: نهاية الأفكار (تقرير بحث المحقّق العراقيّ)، 4 / 134.


) [42]) ظ نهاية الدراية في شرح الكفاية، 3 / 177 – 178.


) [43]) ظ الأنصاريّ، مرتضى: فرائد الأصول، 3 / 196. ظ الكاظميّ، محمّد عليّ: فوائد الأصول (تقرير بحث النائينيّ)، 4 / 424.


) [44]) ظ الأنصاريّ، الشيخ مرتضى: فرائد الأصول، 3 / 196.


) [45]) ظ القدسيّ، الشيخ أحمد: أنوار الأصول (تقرير بحث الشيخ ناصر مكارم الشيرازي)، 3 / 349.


) [46]) ظ البهسوديّ، السيّد محمّد سرور الواعظ: مصباح الأصول (تقرير بحث السيّد الخوئيّ)، 3 / 118 – 120. ظ الشيرازيّ، السيّد محمّد: الأصول (مباحث الحجج والأصول العمليّة)، 2 / 288.


) [47]) ظ القطيفيّ، ضياء السيّد عدنان الخبّاز: مشكاة الأصول (تقرير بحث السيّد حسين الشمس الخراسانيّ)، ص 275.


) [48]) ظ الخراسانيّ، الآخوند محمّد كاظم: كفاية الأصول (مقتبس من تعليقة المحقّق)، 3 / 220. ظ بحر العلوم، السيّد علاء الدين: مصابيح الأصول (تقرير بحث السيّد الخوئيّ)، 4 / 125.


) [49]) ظ البهسوديّ، السيّد محمّد سرور الواعظ: مصباح الأصول (تقرير بحث السيّد الخوئيّ)، 3 / 119.


) [50]) ظ الشيرازيّ، السيّد محمّد: الأصول (مباحث الحجج والأصول العمليّة)، 2 / 288.


) [51]) ظ بحر العلوم، السيّد علاء الدين: مصابيح الأصول (تقرير بحث السيّد الخوئيّ)، 4 / 126 – 127.


) [52]) للتفصيل ينظر: النجفيّ، محمّد حسن: جواهر الكلام،3 / 18 – 19. اليزدي، محمّد كاظم: العروة الوثقى (الطبعة المحشّاة بتعليقات الأعلام)، 1 / 501.ظ الحكيم، السيّد محسن: مستمسك العروة الوثقى، 3 / 25.


) [53]) الطوسيّ، محمد بن الحسن: تهذيب الأحكام، 1 / 7 – 8. الحرّ العامليّ، محمّد بن الحسن: وسائل الشيعة، 1 / 174 – 175.


) [54]) ظ مصباح الفقيه (الطبعة الحجريّة)، مكتبة الصدر، 1 / 223.


) [55]) م. ن. وللتفصيل ينظر: البهسوديّ، محمّد سرور: مصباح الأصول (تقرير بحث السيّد الخوئيّ)، 3 / 119 – 120. القدسيّ، الشيخ أحمد: أنوار الأصول (تقرير بحث الشيخ ناصر مكارم الشيرازي)، 3 / 353 – 354.

تعليقات