حكم الزواج عبر الهاتف أو الفيسبوك او الإنستغرام أو غيرهما


السؤال: عندي صديق كلّفني أن أسأل له هذا السؤال، فهو قد تعرّف على أرملة عن طريق الفيسبوك، وهي لا تسكن في نفس مدينته، ولم يقابلها، ولم يقابلوا بعضهم، أي لم يروا حتى صُوَر بعضهم، ورغم ذلك تزوّجوا عرفيّاً، بقولها له: زوجتك نفسي، وهو أجاب بكلمة: قبلت، وذلك حتى يستطيعوا أن يتسامروا مع بعض، ويتحدّثوا مع بعض بكلّ حرّية، وربما بعد مدّة غير معروفة يسافرون مع بعض مثلاً، هل يجوز هذا؟ وهل صحيح من الناحية الشرعيّة؟ وهل يعتبرون الآن أزواج؟

الجواب: يصحّ الزواج ولو عبر وسائل الاتصال الحديثة شرط معرفة الطرفين ببعضهما بشكل صحيح، بأن لا يكون الطرف الآخر ذكراً وهو يكذب عليه بأنّه أنثى مثلاً، فإذا علما ببعضهما وحقّقا الشروط اللازمة لعقد النكاح والمذكورة في كتب الفقه صحّ هذا العقد، وهذا الزواج هو زواج شرعي، ولا داعي لتسميته بالزواج العرفي. كما أنّه إذا كان هذا العقد عقداً دائماً فهو صحيح ويثبت للمرأة مهر المثل، وإن كان عقداً منقطعاً، فيحكم ببطلانه إذا وقع بالصورة التي ذكرتموها في سؤالكم؛ لأنّه لا يوجد فيها ذكر للمهر، وعقد المتعة باطلٌ إذا لم يذكر فيه المهر على خلاف العقد الدائم حيث يصحّ في هذه الحال ويثبت مهر المثل. وكذلك الحال في عدم ذكر المدّة حسب الصيغة التي ذكرتموها، فإنّ الأفضل ذكرها لأنّ الفقهاء مختلفون في أنّه لو لم تذكر المدّة في العقد المنقطع، فهم بين قائل بانقلابه عقداً دائماً، وقائل ببطلانه، فالأفضل الاحتياط في مثل هذه الحالات. كما أنّ إيقاع عقد الزواج عبر وسائل التواصل الاجتماعي يجب فيه التنبّه لعدم كون العقد بالكتابة، فإنّ كثيراً من الفقهاء لا يجيزون ولا يصحّحون عقد النكاح إذا كان بالكتابة، بل لابدّ فيه من التلفّظ عندهم، فلو كان العقد عبر كتابة الصيغتين فلا يحكم بصحّته عندهم، بل لابدّ أن يكون صوتيّاً، فليتنبّه لهذا أيضاً. ولأجل المشاكل التي تصاحب إيقاع العقد بالانترنت عادةً وجدنا بعض الفقهاء ـ وهو الشيخ جواد التبريزي رحمه الله (صراط النجاة 10: 341) ـ متحفّظاً في هذا العقد، مشيراً إلى خصوصيّة الملابسات التي تقع والمشاكل التي تصاحب هذا الموضوع عادةً.

وعلى أيّة حال، فلا أنصح بالعقد الدائم بهذه الطريقة ولا العقد المنقطع طويل الأجل ما لم تتخذ إجراءات وقائيّة، إذ في هذه الحالات لا يدري الإنسان ما يقع عليه، فقد يأتي لهذه المرأة خاطبٌ وينقطع التواصل بينها وبين ذلك الشخص، لا سيما إذا كانت لا تعرف معلومات وافية للوصول إليه، فينبغي التنبّه لمثل هذه المشاكل الفرعية التي تنجم عن مثل هذه الزيجات، والأفضل إذا كان ولابدّ أن يصار إلى إعلام طرف ثالث بالموضوع وجعله وكيلاً في الطلاق أو ما شابه ذلك من الوسائل التي يتفادى بها بعض النتائج السلبيّة لمثل هذه العقود.

سماحة الشيخ حيدر حب الله

تعليقات