مفهوم الشريعة في اللغة والاصطلاح

الشريعة لها معنيان، أحدهما لغوي والآخر اصطلاحي، وفيما يأتي بيان ذلك، ثم بيان العلاقة بينهما:

1- الشريعة في اللغة:

 مصدر (شَرع) ومشتقة منه وتطلق لغة ويراد بها احد معنيين:

أ-الشريعة بمعنى الطريقة المستقيمة، وفي هذا المعنى ورد قوله تعالى:ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنْ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ.

وقد ورد في معجم مفردات ألفاظ القرآن أن الشرع نهج الطريق الواضح ثم استعير للطريقة الإلهية في الدين، من حيث أن من شرع فيها على الحقيقة المصدوقة.

قال تعالى: لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً، أي دينا وطريقاَ واضحاً، وكذلك هي الظاهر المستقيم من المذاهب، وجمعها شرائع.

ب- بمعنى مشرعة الماء، أو مورد الماء الجاري الذي تستقي منه الناس، لهم ولدوابهم، ومنه قول العرب: شرعت الأبل إذا وردت شريعة الماء.

وجاء في القاموس: شرع مأخوذ من الشريعة وهي مورد الناس للاستسقاء سميت بذلك لوضوحها وظهورها.

وفي لسان العرب: الشريعة والشراع والمشرعة المواضع التي ينحدر الماء منها والعرب لا تسميها شريعة حتى يكون الماء عداً كثير لا انقطاع فيها.

فالشرع والشريعة: "ما اظهره الله تعالى لعباده من الدين وحاصله الطريقة المعهودة الثابتة من النبي عليه الصلاة والسلام".

2- الشريعة في الاصطلاح:

يعد لفظ الشريعة أهم وأشمل مفهوم في الإسلام على المستوى العملي والنظري، وهناك تعريفات كثيرة منها:

أ-"الطريقة الممهدة لأمة من الأمم أو لنبي من الأنبياء الذين بعثوا بها، كشريعة نوح وشريعة ابراهيم، وشريعة موسى، وشريعة عيسى، وشريعة محمد (k)".

ب-"عبارة عن الأحكام والقوانين التي سنت للمصلحة سواء أكانت للفرد أم للمجتمع، وسواء أكانت متعلقة بالأفعال أم بالعقائد أو تهذيب النفس".

ج-"تتمثل بمجموعة النصوص المؤسسة للنظم القانونية التي تستمد أولاً من الوحي، وهو النص الموحى بلفظه ومعناه، والنص الموحى بلفظه دون معناه وروايات المعصومين، ثم من الاجتهاد المستفاد من النص أو الموجه به".

د-"مجموعة الأحكام الإلهية الفرعية القطعية الموحاة إلى الرسول(k) لتبليغها إلى المكلفين بها".

هـ- "الناموس الإلهي الذي يستند إلى كتاب منزل".

ويبدو لي بأن الشريعة الإسلامية مجموعة الأحكام التي سنها الله سبحانه وتعالى في العقائد، والأخلاق والأحكام العملية الفقهية ونظم الحياة بنواحيها كافة؛ لتحقيق السعادة في الدنيا والاخرة، ومناسبة المعنى الاصطلاحي للمعنى اللغوي ظاهرة، فالأحكام التي أنزلها الله سبحانه وتعالى سميت شريعة لاستقامتها، فهي كالطريق المستقيم لا إلتواء فيه، وكذلك هي تشبه مشرعة الماء، إذ إنّ كلاً منهما سبيل للحياة، فكما أن الماء سبيل لإحياء النفوس والأبدان نجد الشريعة الإسلامية سبيلاً لإحياء النفوس والعقول.


المبادئ العامة في الشريعة الإسلامية وأثرها في الاستنباط عند فقهاء الإمامية - رافد ياسين جاهل
تعليقات