مفهوم القواعد لغة واصطلاحا

1- القواعد لغة: 

جمع قاعدة وهي أساس الشيء وأصله وكل ما يرتكز عليه الشي فهو قاعدة، وقواعد البيت أساسه، لقوله سبحانه تعالى: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، وقال تعالى: فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ،فالقواعد هي الأسس والأصل لما فوقه، ويقال: قاعدة الجبل، أي أصله، ومعناه مأخوذ من القعود، أي الثبات والاستقرار في المكان، ومنه قوله تعالى: فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ، وبناءً على ما تقدم سترجع هذه المعاني المتعددة إلى معنى واحد يجمعها، وهو الأساس والأصل، فقواعد كل شيء أسسه وأصوله التي ينبني عليها ذلك الشيء، سواء كان حسياً، كقواعد البيت، أم كان معنوياً كقواعد الدين، ودعائمه، وقواعد العلوم، وغير ذلك.

2- القواعد اصطلاحاً:

عرف الفقهاء القاعدة بتعاريف عديدة، وإن اختلفوا في اللفظ، إلاّ أن المعنى واحد، ومن هذه التعريفات:

أ-ما ذكره فخر المحققين(ت771هـ) أن القاعدة: "أمر كلي يبنى عليه غيره ويستفاد حكم غيره منه، فهو: كالكلي لجزئياته والأصل لفروعه".

ب-الشهيد الأول(ت786هـ) قال أن القاعدة هي: "أحكام كلية يندرج تحت كل منها مجموعة من المسائل الشرعية المتشابهة من أبواب شتى".

ت-وعرفها كاشف الغطاء(ت1228هـ): "هي التي تشتمل على حكم شرعي عام يستفاد من تطبيقها الحصول على أحكام شرعية جزئية هي مصاديق لذلك الحكم".

ث- في حين عرفها محمد تقي الحكيم(ت1423هـ): "هي كبرى قياس يجري في أكثر من مجال فقهي لاستنباط حكم شرعي فرعي جزئي أو وظيفة كذلك".

وإن البحث في القواعد الفقهية وما يترتب عليها من تفريعات ومسائل واحكام له فوائد عظيمة وكبيرة في جميع الجوانب، فهي تساعد وتسهل عمل الفقيه وتوسع نظراته الفقهية، وتجمع له العديد من الأحكام الفرعية والمسائل الجزئية المتناثرة في عبارات وجيزة، قال القرافي: "وهذه القواعد مهمة في الفقه عظيمة النفع، وبقدر الاحاطة بها يعظم قدر الفقيه ويشرف، ويظهر رونق الفقه ويعرف، وتتضح مناهج الفتاوى وتكشف فيها تنافس العلماء وتفاضل الفضلاء".

فهذه القواعد ثروة فقهية عظيمة وهي مهمة لعمل المشرع الوضعي لأنها تساعده وتسهل عمله وتمنحه فرصة الاطلاع على الفقه الإسلامي بروحه ومضمونه واهدافه وأسسه، وذلك لأن أكثر القواعد الفقهية هي موضع اتفاق عند أئمة المسلمين ومواضع الخلاف فيها يسيرة، والذي يبدو أن القواعد تمثل روح التشريع، وهي التعبير الحقيقي عن المبادئ العامة للشريعة الإسلامية.

3- مواطن الاتفاق والاختلاف بين مبادئ الشريعة الإسلامية والقواعد الفقهية والمسائل الأصولية:

أ-إن المبادئ هي منشأ التشريع وسببه وحكمته، أما القواعد فهي المشرَّعة، أي: المنشأ بالتشريع، وأما المسائل الأصولية فهي بين ممضاة وبين مشرعة ومؤسسة بما تقع نتيجتها في طريق الحكم الشرعي، فالمبادئ تكون علة أو حكمة للقواعد الفقهية والمسائل الأصولية من دون العكس.

ب-إن المبادئ العامة لو عرضت بالقواعد فإنها لا تتخصص بها وان كانت القواعد أخص مطلقاً، كما لا يصار إلى التوقف أو التخيير أو التساقط لو كانت النسبة بينهما من وجه، فالمبادئ توجب صرفها عن ظهورها، أما القواعد لو تعارضت فيعمل فيها حسب قواعد التعارض.

ت-المبادئ من المرجحات والتي يترجح بها أحد الدليلين المتعارضين على الآخر فهي كموافقة الكتاب أو مخالفته أو غيرهما من المرجحات، عكس القواعد.

ث-أمر مبادئ الشريعة بيد الشارع المشرّع، لحاظاً واعتباراً وأخذاً وتطبيقاً، وكذلك القاعدة الأصولية تستخدم من قبل المجتهد لاستخراج واستنباط الأحكام الفقهية من أدلتها، أما القاعدة الفقهية فهي جمع الأحكام المتناظرة للأحكام الجزئية المتشابهة ويمكن أن يجري العمل بها من قبل كل مكلف بتطبيقها على نفسه للعمل على وفقها.

ج-تُعد المبادئ العامة وسائط في عميلة الاستنباط، كالأصول اما القواعد فهي ليست بوسائط، وإنما هي كليات تنطبق على صغرياتها.

ح-مبادئ الشريعة الإسلامية يفهم منها أسرار الشريعة المقدسة وحكمها وكذلك القواعد الفقهية، أما القواعد الأصولية لا يفهم منها أسرار الشرع ولا حكمته لأنها أدوات للاستنباط والاجتهاد.


المبادئ العامة في الشريعة الإسلامية وأثرها في الاستنباط عند فقهاء الإمامية - رافد ياسين جاهل
تعليقات