الشيعة وتاريخهم: من البداية حتى العصر الحديث

الشيعة هم أحد المذاهب الكبرى في الإسلام، ويمثلون نسبة كبيرة من المسلمين حول العالم. يتسمون بعقائد وممارسات تختلف جزئيًا عن أهل السنة، ويعتمدون في الكثير من مفاهيمهم على المعتقدات التي تخص الأئمة عليهم السلام، الذين أوصى باتباعهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.

نشأة التشيع:

نشأ التشيع في زمان رسول الله (ص) حيث ظهرت العديد من الأحداث والتطورات التي شكلت التشيع، فكان الذين يتبعون علي بن ابي طالب (ع) يسمون شيعة علي، فكانوا في الواقع يتبعون رسول الله (ص) الذي أمر بذلك.

الشيعة في بداية الإسلام

البيعة لعلي بن أبي طالب: بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وآله، نشأت أولى الخلافات حول من يجب أن يخلفه في قيادة الأمة الإسلامية. فكانت الخلافة للأول فلتة، وكانت هناك فئة تعتبر أن علي بن أبي طالب هو الأحق بالخلافة. وكان هذا الاختلاف ناتجًا عن عدة عوامل، منها وصية النبي محمد صلى الله عليه وآله للمسلمين عن الامام علي في أكثر من مناسبة في ان يخلفه من بعده.

التحول بعد معركة كربلاء: الحدث الأكثر تأثيرًا في تاريخ الشيعة هو استشهاد الإمام الحسين بن علي في معركة كربلاء. الحسين، ابن علي، خرج على رأس ثورة ضد يزيد بن معاوية الذي اعتبرته الشيعة غير مؤهل للحكم. بعد استشهاد الحسين، أصبح المأساة التي وقعت في كربلاء حدثًا محوريًا في التاريخ الشيعي، وأصبح الحسين رمزًا للعدالة والمقاومة ضد الظلم.

الشيعة في العصور الإسلامية المبكرة

الدولة العباسية: رغم الاضطهاد الذي تعرض له الشيعة في فترة الخلافة الأموية، إلا أن الوضع تحسن نسبياً خلال الدولة العباسية. بدأت بعض الحركات الشيعية بالظهور خلال هذه الفترة، مثل حركة "الزيدية" التي قامت في مناطق مختلفة من العالم الإسلامي، أبرزها في اليمن.

الشيعة في فترة الغيبة: شهدت بداية العصر العباسي فترة مهمة في تاريخ الشيعة مع "الغيبة الكبرى" للإمام الثاني عشر، الإمام محمد بن الحسن العسكري. اعتبر الشيعة هذا الأمر من أصعب مراحلهم حيث غاب الإمام المهدي الغيبة الكبرى. وهذا الحدث أدى إلى تطور فكرة "الولاية" و"المرجعية" التي سادت في فترة ما بعد الغيبة.

الشيعة في العصر الحديث

التوسع في مناطق متعددة: في العصر الحديث، شهدت مناطق متعددة من العالم الإسلامي، مثل إيران والعراق ولبنان، انتشارًا ملحوظًا للمذهب الشيعي. في إيران، أسس الشاه إسماعيل الصفوي الدولة الصفوية في القرن السادس عشر، وأعلن المذهب الشيعي الإثني عشري هو المذهب الرسمي للدولة، مما أثر بشكل كبير على جميع مناطق العالم الشيعي.

الثورات والتحولات السياسية: في القرن العشرين، كان للشيعة دور محوري في العديد من التحولات السياسية الهامة. في إيران، قاد آية الله الخميني الثورة الإسلامية في عام 1979، والتي أسفرت عن قيام الجمهورية الإسلامية في إيران، وهي أول دولة شيعية في العصر الحديث تعتمد على مفهوم "ولاية الفقيه". كما أن للشيعة تأثير كبير في السياسة العراقية، خاصة بعد سقوط نظام صدام حسين في عام 2003.

الشيعة في العالم العربي: لم تقتصر أهمية الشيعة على إيران فقط، بل كان لهم دور بارز في العديد من الدول العربية. في لبنان، يشكل حزب الله القوة العسكرية والسياسية الشيعية المؤثرة في الساحة السياسية اللبنانية، بينما في البحرين والقطيف هناك تواجد شيعي هام له تأثير على السياسة المحلية.

عقائد الشيعة الرئيسية

الإيمان بالتوحيد: ان الله سبحانه وتعالى واحد ليس له شريك في الملك ولم يلد ولم يولد.

الإيمان بالعدل: وهو ان الله عادل لا يظلم احدا.

الإيمان بالنبوة: ان رسول الله صلى الله عليه وآله هو خاتم النبيين والمرسلين.

الإيمان بالأئمة: الشيعة يؤمنون بأن القيادة السياسية والدينية للمسلمين يجب أن تكون من نسل النبي محمد صلى الله عليه وآله، وتحديدًا من نسل علي بن أبي طالب وأبنائه. يعترفون بإثني عشر إمامًا.

الإيمان بالمعاد: وهو يوم القيامة.

خاتمة

الشيعة يمثلون جزءًا حيويًا من تاريخ الأمة الإسلامية، ويمتلكون إرثًا طويلًا ومعقدًا من الأحداث التي شكلت مذهبهم وعقائدهم. من بداية التأسيس بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وآله، مرورًا بمعركة كربلاء، وصولاً إلى العصر الحديث، ظلوا يتسمون بالتمسك بمعتقداتهم والدفاع عنها ضد التحديات السياسية والدينية. على الرغم من التحديات التي واجهوها عبر التاريخ، لا يزال الشيعة يشكلون جزءًا أساسيًا في مجتمعاتهم ودولهم، ويواصلون الحفاظ على ثقافتهم ودينهم.

تعليقات