لماذا يكره البعض الشيعة؟ تحليل علمي وتاريخي للأسباب والدوافع
مقدمة
الشيعة هم إحدى الطوائف الإسلامية الكبرى التي تمتد جذورها إلى زمن النبي محمد ﷺ، ومع ذلك، نجد أن هناك موجة من العداء والتشويه ضدهم في بعض الأوساط، سواء من خلال الإعلام أو الفتاوى أو حتى وسائل التواصل الاجتماعي. فلماذا يكره البعض الشيعة؟ وما هي الأسباب الحقيقية وراء ذلك؟
في هذا المقال، سنسلط الضوء على الأسباب التاريخية، العقائدية، والسياسية التي أدت إلى هذه الظاهرة، مستندين إلى مصادر موثوقة وتحليل موضوعي.
١. الجذور التاريخية للعداء ضد الشيعة
أ. الخلاف حول الإمامة والخلافة
منذ وفاة النبي محمد ﷺ، وقع خلاف بين المسلمين حول من الأحق بالخلافة، فاعتقد الشيعة أن الإمام علي عليه السلام هو الخليفة الشرعي، بينما رأى الآخرون أن الأمر متروك للشورى. أدى هذا الخلاف إلى سلسلة من الحروب والصراعات، مثل معركة الجمل وصفين، مما ترك أثرًا طويل الأمد في العلاقة بين الطوائف الإسلامية.
ب. المذابح التاريخية ضد الشيعة
تعرض الشيعة على مر التاريخ إلى اضطهاد كبير، مثل:
- واقعة كربلاء (٦١هـ): حيث قُتل الإمام الحسين عليه السلام بطريقة وحشية.
- مجازر الدولة العباسية ضد العلويين: حيث تم تصفية الكثير من أتباع أهل البيت.
- اضطهاد الدولة الأموية للشيعة: مثل ملاحقة أنصار الإمام علي عليه السلام.
٢. الأسباب العقائدية وراء العداء
أ. الاختلاف في مفهوم التوحيد
ب. مفهوم العدالة الإلهية
يؤمن الشيعة بعدالة الله المطلقة، ويرفضون نظرية الجبر التي تقول إن الإنسان مُجبر على أفعاله، مما يضعهم في خلاف فكري مع بعض المدارس الفقهية الأخرى التي ترى أن كل شيء مقدر مسبقًا.
ج. العصمة والإمامة
يعتقد الشيعة أن الأئمة الاثني عشر معصومون من الخطأ، وهذا ما يرفضه البعض بدعوى أنه لا عصمة لأحد بعد النبي محمد ﷺ.
٣. الأسباب السياسية وراء كراهية الشيعة
أ. استغلال الأنظمة السياسية للفتنة المذهبية
العديد من الأنظمة السياسية عبر التاريخ استخدمت الخلاف الشيعي-السني كأداة لتثبيت حكمها، مثل الدولة العثمانية التي كانت تهاجم الشيعة لحشد التأييد الشعبي ضد الدولة الصفوية.
ب. دعم بعض القوى العالمية للخطاب الطائفي
بعض الدول الغربية والإقليمية تروج للانقسام بين المسلمين، لأن بقاء الصراع يخدم مصالحها، مثل التحكم في موارد النفط ومنع توحيد العالم الإسلامي.
ج. الإعلام المضلل
تلعب القنوات الفضائية المتطرفة دورًا رئيسيًا في نشر الأكاذيب عن الشيعة، مثل اتهامهم بتحريف القرآن، رغم أن القرآن عند الشيعة هو نفس القرآن عند السنة بلا أي تغيير.
٤. الأسباب الاجتماعية والثقافية
أ. الجهل بعقائد الشيعة
الكثير من الذين يكرهون الشيعة لم يقرأوا كتبهم أو يسمعوا حججهم، بل يعتمدون على ما يقال لهم دون تحقق.
ب. تأثير التربية الدينية المتشددة
بعض المدارس والمناهج الدينية تعتمد على تكفير الشيعة منذ الصغر، مما يخلق كراهية مبكرة يصعب التخلص منها.
٥. كيف نواجه هذه الظاهرة؟
- نشر الوعي والتعريف الصحيح بعقائد الشيعة عبر الكتب والمقالات والمواقع الإلكترونية.
- الحوار بين المذاهب لتوضيح نقاط الاتفاق والخلاف بطريقة علمية بعيدة عن التعصب.
- الوقوف ضد الإعلام المتطرف الذي يروج للفتنة بين المسلمين.
- إظهار المشتركات بين السنة والشيعة، مثل حب النبي محمد ﷺ وأهل بيته.
خاتمة
الكراهية ضد الشيعة ليست ظاهرة جديدة، لكنها ناتجة عن أسباب تاريخية وعقائدية وسياسية واجتماعية. وللتغلب عليها، يجب أن يكون هناك وعي أكبر وحوار أعمق بين المسلمين. فالإسلام دين رحمة ووحدة، وليس دين كراهية وتفرقة.