السؤال:
السلام عليكم،
أنا خالد من مدينة الرياض في السعودية، وأتابع موقعكم منذ فترة. لدي سؤال حول العقيدة الشيعية: لماذا تؤمنون بضرورة وجود إمام معصوم بعد النبي (ص)؟ وهل هناك أدلة من القرآن أو السنة على هذا؟
جزاكم الله خيرًا.
الإجابة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.
مرحباً بك أخي الكريم خالد في موقع "شيعة ويب"، ونشكرك على تواصلك وثقتك بنا، ونسأل الله أن يزيدك توفيقاً في طلب الحق والمعرفة. أسئلتك محل ترحيب دائماً، فلا تتردد في طرح أي استفسار، فالحوار الهادئ هو جسرٌ للفهم المشترك.
أما عن سؤالك حول أدلة ضرورة الإمام المعصوم بعد النبي (ص)، فإليك التفصيل:
الدليل الأول: الحكمة الإلهية
إن الله تعالى حكيمٌ لا يترك الأمَّة بدون قائدٍ مُلهَمٍ يهديها إلى الصراط المستقيم، خاصةً بعد انقطاع الوحي. فكما أن النبي (ص) كان ضرورياً لتبليغ الرسالة، فالإمام المعصوم ضرورةٌ لـ:
تفسير القرآن دون تحريف.
تطبيق السنَّة النبوية بدقة.
مواجهة الانحرافات الفكرية والسياسية.
وهذا ما يُعرف في المنطق العقائدي بـ "دليل اللطف"، حيث يُوجب العقل وجود قائد معصوم لِتمام هداية البشر.
الدليل الثاني: النصوص القرآنية والحديثية
القرآن الكريم:
قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ﴾ (النساء: 59).
فـ"أولي الأمر" عند الشيعة هم الأئمة المعصومون، لأن الله لا يأمر بطاعة مَن يُخطئ.
آية التبليغ: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ﴾ (المائدة: 67)، والتي نزلت في غدير خمّ عندما نصب النبي (ص) الإمام علياً (ع) خليفةً.
السنة النبوية:
حديث الثقلين: «إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي، لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض». (رواه مسلم).
حديث الاثني عشر خليفة: «يكون بعدي اثنا عشر خليفةً كلهم من قريش». (رواه البخاري).
الدليل الثالث: دور الإمام في حفظ الدين
الإمام ليس مجرد حاكم، بل هو:
خليفة الله في الأرض، ووارث علوم الأنبياء.
حصنٌ ضد التحريف، كما قال الإمام الصادق (ع): «لو ترك الناس حديثنا لضلّوا».
قدوةٌ في الأخلاق والجهاد، كموقف الإمام الحسين (ع) في كربلاء لإحياء الإسلام.
الدليل الرابع: العقل والفطرة
لا يُعقل أن يترك الله الناس دون مرجعيةٍ معصومةٍ بعد النبي (ص)، خاصةً مع اختلاف الآراء وتعدّد المذاهب. فالإمام هو الامتداد الطبيعي للوحي، وغيابه (كما في عصر الغيبة) لا ينفي ضرورته، بل يُوجب الرجوع إلى علماءٍ مستندين إلى تعاليمه.
ختاماً:
شكراً مجدداً أخي خالد على سؤالك القيّم، ونؤكد أن باب الحوار مفتوحٌ لك ولإخوتنا من كل المذاهب. نسأل الله أن يهدينا جميعاً إلى صراطه المستقيم.
✋ هل لديك سؤال آخر؟ شاركنا إياه في التعليقات، أو اكتب لنا عبر صفحة "اتصل بنا".
{ مَّنْ هَدَى اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ } (الكهف: 17).