❓ **السؤال:
✅ الجواب:
سنعرض لك الآن بيانًا مفصّلًا لعلة تعظيم هذا الشهر، وأساس الحزن الذي يسلكه أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام، مستندين إلى الأصول المعرفية التي يرتكز عليها مذهب أهل البيت (عليهم السلام).
🖋️ أولًا: ما هو شهر محرم ولماذا سُمّي بذلك؟
شهر محرم هو أول شهور السنة الهجرية، وسُمّي "محرمًا" لأن العرب كانت تُحرّم فيه القتال والسلب والنهب، وهو أحد الأشهر الحرم الأربعة المذكورة في القرآن:
﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا... مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ﴾ (التوبة: 36).
لكن بعد الإسلام، وعلى وجه الخصوص بعد واقعة كربلاء، أصبح محرم ليس فقط شهرًا يُمنع فيه القتال، بل شهرًا يُستذكر فيه أعظم مأساة عرفها تاريخ الرسالة: شهادة الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه في سبيل حفظ الدين.
📜 ثانيًا: ما سبب الحزن في شهر محرم؟
السبب الجوهري وراء الحزن، هو استشهاد الإمام الحسين بن علي عليه السلام، سبط رسول الله ﷺ، في يوم عاشوراء سنة 61 للهجرة، مع ثلة من أهل بيته وأصحابه، على أرض كربلاء.
وهذه الواقعة ليست حدثًا سياسيًا فقط، بل هي تجليٌ للفداء والتضحية من أجل بقاء الدين الإسلامي الأصيل، وموقف خالد ضد الظلم والانحراف.
فلا غرابة أن يحزن الشيعة على مثل هذا الإمام المظلوم، الذي قال عنه النبي ﷺ:
"حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينًا"(متواتر عند الفريقين).
فمن بكى على الحسين، إنما يبكي على الدين، على القرآن، على العدالة، على قيم الإسلام التي حاول يزيد بن معاوية أن يمحوها.
📚 ثالثًا: هل البكاء على الإمام الحسين عليه السلام مشروع؟
نعم، ليس فقط مشروعًا، بل مستحبٌ مؤكدٌ، ورد فيه النصوص الكثيرة من أهل البيت، منها:
✨ 1. قول الإمام الصادق عليه السلام:
"كل الجزع والبكاء مكروه، ما خلا الجزع والبكاء على الحسين عليه السلام."
✨ 2. قول الإمام الرضا عليه السلام:
"إن يوم الحسين أقرح جفوننا، وأسقط دموعنا، وأذل عزيزنا بأرض كرب وبلاء."
✨ 3. رواية البكاء في السماوات:
"بكت السماء على الحسين أربعين صباحًا دمًا."
كما أن النبي ﷺ بكى على الحسين، وأخبر عن شهادته قبل وقوعها، وفي رواية طويلة عندما زار الإمام الحسين وهو صغير، بكى وقال:
"ويحك يا حسين، تقتل وأنت مظلوم!"
🧠 رابعًا: لماذا نُحيي ذكرى عاشوراء كل عام؟
إحياء عاشوراء ليس من باب الطقوس الفارغة، بل هو إحياء لهدف الحسين، وثورته الإصلاحية الكبرى التي لخّصها بقوله:
"إني لم أخرج أشِرًا ولا بطرًا، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي."
نُحيي عاشوراء:
-
لنُبقي الوعي الديني حيًّا في نفوس الناس.
-
لنعلم أبناءنا معنى التضحية من أجل الحق.
-
لنقاوم الانحراف كما فعل الحسين.
-
لنُعلن رفضنا للظلم والاستبداد والفساد.
وقد روى الإمام الباقر عليه السلام:
"كان أبي إذا دخل شهر المحرم لا يُرى ضاحكًا، وكانت الكآبة تغلب عليه حتى تمضي عاشوراء."
🔍 خامسًا: هل هذا الحزن بدعة؟
كلا، ليس الحزن على الحسين بدعة، لأن:
-
البدعة ما لم يُشرّعه الله ورسوله.
-
البكاء على المظلوم مستحبٌ في كل الشرائع.
-
القرآن نفسه أمر بالحزن على الظالمين والمجرمين:
﴿ولا تحسبن الله غافلًا عمّا يعمل الظالمون﴾﴿فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط إن إبراهيم لحليم أواه منيب﴾
إذا كان القرآن يسجّل بكاء الأنبياء، فلمَ يُستنكر بكاء المؤمنين على ابن بنت النبي ﷺ؟
🕯️ خاتمة:
نسأل الله أن يجعلنا من الباكين على الحسين، والناهجين نهجه، والمستشهدين بين يديه في رجعته، إنه سميع مجيب.