ماذا لو تركنا التقليد ؟

الحوار المعاصر : الشبهات حول التقليد ( الحلقة السابعة )
السيد محمد حسين العميدي 
 

أصناف الناس فيما لو تركوا التقليد

لو افترضنا أن هنالك من تأثر بهذه الشبهة وقرر أن يترك الرجوع إلى الفقهاء والعلماء في معرفة الأحكام الشرعية فما هو الحال الذي سيئول له هؤلاء وسيصبحون عليه؟

ملحظان قبل الجواب:

الأولى أن الجواب الصحيح يجب أن يلحظ الواقع وأن يكون على ضوء طبيعة الإنسان وطبيعة المجتمع، وألا يكون جوابا وهميا تنظيريا لا حقيقة فيه إلا الأماني والأحلام.
الثاني أن المقصود بالسؤال هو ترك التقليد وترك الاحتياط معا، وتعويل المتأثر بالشبهة على الرجوع إلى الروايات لمعرفة الأحكام الشرعية.

الجواب:

إن المتوقع أن الناس في تلك الحال سيكونون أصنافا خمسة: 

الصنف الأول: هو الذي سيترك الرجوع إلى الفقهاء، وفي مقابل ذلك فهو لن يرجع إلى الروايات لمعرفة الأحكام الشرعية، إما لعدم استعداده الثقافي والعلمي لذلك، أو لعدم رغبته في تحمل ذلك الجهد من القراءة والمراجعة، أو عدم تفرغه بسبب انشغاله في تفاصيل الحياة المعاشية وغيرها.
وهذا الصنف سيكون مئاله ونتيجته هو التيه والحيرة وترك الاعتماد على أي حجة أو مستند أو بينة في ممارسته للعبادات وإتيانه للمعاملات المختلفة.

الصنف الثاني: هو الذي سيترك الرجوع إلى الفقهاء، ويكتفي بالرجوع إلى نفسه في اختراع الأحكام الشرعية، اغترارا بعقله واعتدادا بنفسه وغرورا بقدراته التي تسول له أن له القدرة على معرفة الأحكام الشرعية وأن الأمر هين سهل، وهذا هو العمل بالرأي والقياس الذي ورد النهي عنه، وسيكونون مصداقا لقوله تعالى ( وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ ( النحل 116) ).
فسيكون من سوء توفيق هؤلاء أنهم فروا من التقليد بحجة الشبهة القائلة بأن الأئمة نهوا عن التقليد، فوقعوا فيما نهى عنه الأئمة عليهم السلام قطعا ويقينا وهو الأخذ بالرأي والقياس.

الصنف الثالث: هو الذي سيترك الرجوع إلى الفقهاء، وسيحاول الرجوع إلى الكتب الروائية وستسول له نفسه أنه يفهم الروايات أن له القدرة على استنباط الأحكام الشرعية منها، من غير استعداد حقيقي لذلك.
وهذا ناشئ من الجهل بالعلوم اللازمة لذلك، ولكنه لو اطلع على حقيقة الأمر كما سنبينه في الحلقات القادمة إن شاء الله تعالى فلعله سيتراجع إن كان منصفا وموضوعيا ومصداقا لقول أمير المؤمنين عليه السلام: رحم الله أمرؤ عرف قدره ولم يتعد طوره.

الصنف الرابع: هو الذي سيترك الرجوع إلى الفقهاء والعلماء يسيء الظن فيهم ولا يأخذ بإرشاداتهم ونصحهم وتحذيراتهم وتنبيهاتهم، ويقع فريسة الدعاوى الضالة المنحرفة، ومنها تلك الدعاوى الباطلة القائمة على وجود من له نسبة إلى الإمام المهدي عليه السلام زورا وبهتانا.
ويقوده هؤلاء الضالين إلى الضلالة وترك طريق الحق والهدى ولو بعد حين.
ومن الواضح لكل ذي بصيرة أن هذه الدعاوى المزيفة وحركات الضلال المختلفة لا يمكن أن تنمو وتتغلغل داخل صفوف الشيعة إلا بعد فك الارتباط الوثيق بين المؤمنين وبين العلم والعلماء الذين يحصنونهم عن هذه الدعاوى المنحرفة ويبصرونهم فيها.

الصنف الخامس: هو الذي سيترك الرجوع إلى الفقهاء، وسيحاول بشكل جاد الرجوع إلى الروايات، ولكنه في الواقع يجهل ما يتوقف عليه استنباط الحكم الشرعي من الروايات، وعلينا أن نبين له ما تتطلبه هذه العملية الشاقة من مقدمات وعلوم لابد أن يكون خبيرا فيها.

وهذا ما سنبينه في الحلقات القادمة إن شاء الله تعالى. 


تابع ايضاً :

  1. الحوار المعاصر الدورة الخاصة بالشبهات حول الاجتهاد والتقليد ( الحلقة الأولى )  .
  2. الحوار المعاصر الدورة الخاصة بالشبهات حول الاجتهاد والتقليد ( الحلقة الثانية )  .
  3. الحوار المعاصر الدورة الخاصة بالشبهات حول الاجتهاد والتقليد ( الحلقة الثالثة ) .
  4. الحوار المعاصر الدورة الخاصة بالشبهات حول الاجتهاد والتقليد (الحلقة الرابعة)  .
  5. الحوار المعاصر الدورة الخاصة بالشبهات حول الاجتهاد والتقليد (الحلقة الخامسة) .
  6. الحوار المعاصر الدورة الخاصة بالشبهات حول الاجتهاد والتقليد (الحلقة السادسة) .
  7.  الحوار المعاصر : الشبهات حول التقليد ( الحلقة السابعة ) .
  8. الحوار المعاصر الدورة الخاصة بالشبهات حول الاجتهاد والتقليد (الحلقة الثامنة) .
  9. الحوار المعاصر الدورة الخاصة بالشبهات حول الاجتهاد والتقليد (الحلقة التاسعة) .
  10. الحوار المعاصر الدورة الخاصة بالشبهات حول الاجتهاد والتقليد (الحلقة العاشرة) .
  11. الحوار المعاصر الدورة الخاصة بالشبهات حول الاجتهاد والتقليد (الحلقة الحادية عشرة) .
  
تعليقات